واجب المسلم نحو منكوبي أزمة الزلازل - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         نزاهة الوالي العام عن المال العام النموذج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 3 )           »          الإخلاص (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الكهان الجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          سُرُجُ الهداية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          الجيش الصهيوني قتل 238 صحفياً فلسطينياً منذ 7 اكتوبر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          عظمة التدبير بين موعد الفرج وروعة اللطف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          أبناؤنا مع الصلاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          قواطع وآفات الاستقامة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          شيخ السبعين عاماً الذي كسر غرور نابليون على أسوار عكة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          أسد الأزهر الشريف…الشيخ جاد الحق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15-02-2023, 02:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,199
الدولة : Egypt
افتراضي واجب المسلم نحو منكوبي أزمة الزلازل

واجب المسلم نحو منكوبي أزمة الزلازل
الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي

الْخُطْبَةُ الْأُولَى
إنَّ الحمدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.


أمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ- عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.


عِبَادَ اللَّهِ؛ قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْقَيِّمِ -رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاهُ- مَا نَصُّهُ: "وَقَدْ يَأْذَنُ اللَّهُ لِلْأَرْضِ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ بِالتَّنَفُّسِ فَتَحْدُثُ فِيهَا الزَّلَازِلُ الْعِظَامُ، فَيَحْدُثُ مِنْ ذَلِكَ لِعِبَادِهِ الْخَوْفُ وَالْخَشْيَةُ، وَالْإِنَابَةُ وَالْإِقْلَاعُ عَنِ الْمَعَاصِي وَالتَّضَرُّعُ إِلَى اللَّهِ، وَالنَّدَمُ كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ، عِنْدَمَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ: إِنَّ رَبَّكُمْ يَسْتَعْتِبُكُمْ" انْتَهَى كَلَامُهُ. عِبَادَ اللَّهِ؛ إِنَّ اللَّهَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ فِيمَا يَقْضِيهُ وَيُقَدِّرُهُ، وَحَكِيمٌ عَلِيمٌ فِيمَا شَرَعَهُ وَأَمَرَ بِهِ، وَهُوَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ مِنَ الْآيَاتِ، وَيُقَدِّرُهَا تَخْوِيفًا لِعِبَادِهِ؛ وَتَذْكِيرًا لَهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّهِ، وَتَحْذِيرًا لَهُمْ مِنَ الشِّرْكِ بِهِ وَمُخَالَفَةِ أَمْرِهِ وَارْتِكَابِ نَهْيِهِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ: ﴿ وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ﴾ [الإسراء: 59]، وَقَالَ: ﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [فصلت: 53]، وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا نَزَلَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ ﴾ [الأنعام: 65]، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَعُوذُ بِوَجْهِكَ، قَالَ: ﴿ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ ﴾ [الأنعام: 65]، قَالَ: أَعُوذُ بِوَجْهِكَ. قَالَ مُجَاهِدٌ فِي تَفْسِيرِ ﴿ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ ﴾ [الأنعام: 65] قَالَ: "الصَّيْحَةُ وَالْحِجَارَةُ وَالرِّيحُ. أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ قَالَ: الرَّجْفَةُ وَالْخَسْفُ". وَلَا شَكَّ أَنَّ مَا حَصَلَ مِنَ الزَّلَازِلِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ فِي بَعْضِ البُلْدَانِ، هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْآيَاتِ الَّتِي يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهَا عِبَادَهُ. وَكُلُّ مَا يَحْدُثُ فِي الْوُجُودِ مِنَ الزَّلَازِلِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يَضُرُّ الْعِبَادَ وَيُسَبِّبُ لَهُمْ أَنْوَاعًا مِنَ الْأَذَى؛ كُلُّهُ بِأَسْبَابِ ذُنُوبِ الْبَشَرِ، وَخَاصَّةً الشِّرْكَ؛ وَمِنَ الذُّنُوبِ وَالمَعَاصِي، كَمَا قَالَ اللَّهُ: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ ﴾ [النساء: 79]، وَقَالَ تَعَالَى عَنِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ: ﴿ فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 40]. فَالْوَاجِبُ عَلَى جَمِيعِ الْمُكَلَّفِينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ، التَّوْبَةُ إِلَى اللَّهِ، وَالِاسْتِقَامَةُ عَلَى دِينِهِ، وَالْحَذَرُ مِنْ كُلِّ مَا نَهَى عَنْهُ مِنَ الشِّرْكِ وَالْمَعَاصِي، حَتَّى تَحْصُلَ لَهُمُ الْعَافِيَةُ وَالنَّجَاةُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ جَمِيعِ الشُّرُورِ، وَحَتَّى يَدْفَعَ اللَّهُ عَنْهُمْ كُلَّ بَلَاءٍ، وَيَمْنَحَهُمْ كُلَّ خَيْرٍ، كَمَا قَالَ: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الأعراف: 96]، وَقَالَ تَعَالَى فِي أَهْلِ الْكِتَابِ: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ﴾ [المائدة: 66]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [الأعراف: 97 - 99].. وَقَدْ زُلْزِلَتِ الْمَدِينَةُ فِيْ زَمَنِ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَخَطَبَهُمْ وَوَعَظَهُمْ، وَفِيْ الأَثَرِ الصَّحِيْحِ: (تَزَلْزَلَتْ الأَرْضُ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ فَقَالَ: يا أيُّها النّاسُ مَا كَانَتْ هَذِهِ اَلزَّلْزَلَةِ إِلَّا عَنْ شَيْءٍ أَحْدَثْتُمُوهُ، وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ عَادَتْ لَا أُسَاكْنِكْمْ فِيهَا أَبَدًا)؛ رَوَاهُ ابنُ أَبِي شَيْبَة بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ.

فَالْوَاجِبُ عِنْدَ الزَّلَازِلِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْآيَاتِ وَالْكُسُوفِ وَالرِّيَاحِ الشَّدِيدَةِ وَالْفَيَضَانَاتِ الْبَدَارُ بِالتَّوْبَةِ إِلَى اللَّهِ؛ وَالضَّرَاعَة إِلَيْهِ وَسُؤَاله الْعَافِيَةَ، وَالْإِكْثَار مِنْ ذِكْرِهِ وَاسْتِغْفَارِهِ كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ الْكُسُوفِ: (فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَدُعَائِهِ وَاسْتِغْفَارِهِ)؛ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ.

وَيُسْتَحَبَّ أَيْضًا رَحْمَة الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالصَّدَقَةُ عَلَيْهِمْ، وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ. ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ يَرْحَمُكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ، الرَّحِمُ شُجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلَهُ اللَّهُ وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعَهُ اللَّهُ).

رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ إِلَى أُمَرَائِهِ عِنْدَ وُجُودِ الزَّلْزَلَةِ أَنْ يَتَصَدَّقُوا. قَالَ اللَّهُ: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 71]، وَقَالَ اللَّهُ: ﴿ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴾ [الحج: 40، 41] ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 2، 3] ، وَالْآيَاتُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ، وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ)؛ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ)؛ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ. وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ.

وَقَدْ بَادَرَ وُلَاةُ أَمْرِنَا حَفِظَهُمُ اللَّهُ بِحِفْظِهِ وَهُمُ السَّبَّاقُونَ كَالْعَادَةِ لِذَلِكَ، بِمَدِّ جِسْرٍ جَوِّيٍّ لِإِغَاثَةِ الْمُتَضَرِّرِينَ بِتِلْكَ الْبُلْدَانِ؛ بَلْ وَبِفَتْحِ أَبْوَابِ الْإِغَاثَةِ، وَمَدِّ يَدِ الْعَوْنِ لِلْمُتَضَرِّرِينَ وَالْمَنْكُوبِينَ فِي تِلْكَ الْبُلْدَانِ الَّتِي أَصَابَتْهَا الزَّلَازِلُ عَنْ طَرِيقِ قَنَاةٍ رَسْمِيَّةٍ وَمُؤَسَّسَةٍ خَيْرِيَّةٍ تَعْمَلُ تَحْتَ أَنْظَارِ الدَّوْلَةِ، وَتُوَصِّلُ الْمُسَاعَدَاتِ إِلَى مُسْتَحِقِّيهَا؛ أَلَا وَهِيَ مِنَصَّةُ "سَاهِمْ"، فَعَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ الْمُبَادَرَةُ بِالتَّبَرُّعِ لَهُمْ عَنْ طَرِيقِهَا، فَإِنَّ فِي ذَلِكَ خَيْرًا عَظِيمًا، وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَلَى نَفْسِهِ، فَكُلٌّ يَتَصَدَّقُ بِحَسَبِهِ.

اللَّهُمَّ ارْحَمْ ضَحَايَا تِلْكَ الزَّلَازِلِ، وَأَنْزِلْهُمْ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ؛ وَاشْفِ مَرْضَاهُمْ، وَارْحَمْ ضَعْفَهُمْ، وَالْطُفْ بِهُمْ، وَاكْسُ الْعَارِينَ مِنْهُمْ، وَالْطُفْ بِعِبَادِكَ، وَارْبِطْ عَلَى قُلُوبِهِمْ، وَاكْلَأْهُمْ بِرِعَايَتِكَ، وَاخْلُفْ عَلَيْهِمْ خَيْرًا، وَاحْفَظْنَا بِحِفْظِكَ.

اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا، وَاخْتِمْ بِالصَّالِحَاتِ آجَالَنَا.

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا؛ أمَّا بَعْدُ:
عِبَادَ اَللَّهِ؛ اِتَّقُوا اَللَّهَ حَقَّ اَلتَّقْوَى، وَاعْلَمُوا بِأَنَّ اَلْمَسْؤُولِيَّةَ اَلْمُلْقَاةُ عَلَى عَوَاتِقِنَا عَظِيمَة، مَسْؤُولِيَّة حِمَايَةِ أَبْنَائِنَا، وَفَلَذَاتِ أَكْبَادِنَا مِنَ اَلِانْحِرَافَاتِ اَلْفِكْرِيَّةِ وَالْعَقَدِيَّةِ، وَمِنَ اَلِانْحِرَافَاتِ اَلْأَخْلَاقِيَّةِ، فَعَلَى كُلٍّ مِنَّا أَنْ يَقُومَ بِمَا أَمَرَهُ اَللَّهُ أَنْ يَقُومَ بِهِ، بِحِمَايَةِ هَذِهِ اَلنَّاشِئَةِ مِنْ جَمِيعِ اَلِانْحِرَافَاتِ اَلَّتِي تُؤَثِّرُ عَلَى أُمُورِ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ. أَوْ تَضُرُّ بِبِلَادِهِمْ، جَعَلَهُمْ رَبِّي قُرَّةَ أَعْيُنٍ لَنَا.

اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِحِفْظِكَ، وَوَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى؛ وَاحْفَظْ لِبِلَادِنَا الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ، وَالسَّلَامَةَ وَالْإِسْلَامَ، وَانْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى حُدُودِ بِلَادِنَا؛ وَانْشُرِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِنَا،اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا اسْتَعَاذَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنَّا، اللَّهُمَّ إِنِّا نَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ امْدُدْ عَلَيْنَا سِتْرَكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا النِّيَّةَ وَالذُرِّيَّةَ وَالْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْـمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَقُومُوا إِلَى صَلَاتِكمْ يَرْحَـمـْكُمُ اللهُ.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 54.65 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 53.01 كيلو بايت... تم توفير 1.63 كيلو بايت...بمعدل (2.99%)]