حقوق المتهم في الشريعة الإسلامية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 14736 - عددالزوار : 1079787 )           »          أنجبت من غير زوجي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          علاقة مؤذية لا أستطيع تجاوزها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          اعتداء تحت تأثير السحر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          اعتداءات جنسية من أقاربي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          ممارسة العادة السرية في سن العاشرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          هل لدي ميول شاذة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          التحرش بإمام مسجد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          أنا فتاة مسترجلة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          كيف أتخلص من العادة السرية؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-10-2023, 04:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,102
الدولة : Egypt
افتراضي حقوق المتهم في الشريعة الإسلامية

حقوق المتهم في الشريعة الإسلامية (١)


إن حقوق المتهم هي حقوق أصلية وليست عارضة، وهذه الحقوق مصدرها الشريعة الإسلامية التي قامت على العدل والإنصاف، وإعطاء كل ذي حق حقه مع كل الناس، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (المائدة: ٨)، بهذا نعلم أن الشريعة لم تغفل حقًّا لذي حق، بل جاءت كاملة مراعية للمقاصد محققة واجب الحفظ والزجر بما يضمن التأديب والإصلاح.
والحق للمتهم منه ما هو واجب مفروض له، ومنه ما هو أمر ثابت طبيعي له، فله إذًا حقوق في الحياة لأنه إنسان خلقه الله له ما له و عليه ما عليه.
  • أولاً: تعريف المتهم في اللغة
المُتَّهَمُ في اللغة: هو الذي وقعت عليه التهمة، وأَتْهَم الرجلُ، على أَفْعَل، إِذا صارت به الرِّيبةُ، وفي الحديث: أَنه حبس في تُهْمة وهي ما يتهم به الشخص وينسب إليه، وتأتي بمعنى الاتهام، يقال: أتَّهِمُ فلاناً بكذا، أي أدخل عليه التهمة فيه.
  • ثانيًا: تعريف المتهم في الاصطلاح
لا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغوي، فالمتهم في الاصطلاح هو الشخص الذي يثبت قيامه بارتكاب فعل مجرم بنص شرعي أو نظامي، وفي بعض المصطلحات القانونية: المتهم هو الطرف الثاني أو الخصم أو المدعى عليه في الدعوى الجنائية أي الشخص الذي يوجه إليه الاتهام منذ الوقت الذي تثار فيه أو تحرك فيه الدعوى الجنائية قبله، ومرورا بكل المراحل؛ حيث لا تسقط صفة الاتهام إلا بانقضاء هذه الدعوى التي يعد المتهم طرفا، فيها وذلك إما بصدور حكم باتٍّ أو بسبب آخر من أسباب الانقضاء.
  • ثالثًا: تعريف المتهم في القانون
تعددت التعريفات التي أعطيت للمتهم عند علماء القانون؛ فهناك من قال: المتهم هو كل شخص اتخذت سلطة التحقيق إجراء من إجراءات التحقيق في مواجهته، أو أقيمت الدعوة الجزائية عليه قانونًا، ويمكن أن يقال: هو كُلّ شخص اتّهم بجريمة أو عمل أو اشترك فيه، ويكون ذلك العمل مخالفا للقانون، فالمتهم إذا هو من نسبت إليه دعوى فعل محرم، يوجب عقوبته إذا ثبت عليه الدعوة.
  • أبرز ضمانات المتهم في الشريعة الإسلامية
يعد حق المتهم للدفاع عن نفسه في الشريعة الإسلامية من أهم عناصر إقامة العدل، الذي يعد من أعظم حقوق الإنسان المستمدة من الله-عز وجل- مباشرة؛ إذ قصر الله - سبحانه وتعالى- الحكم على نفسه فقال: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ} (الأنعام: ٥٧)، فالشريعة الإسلامية كفلت للمتهم حق الدفاع عن نفسه أمام مجلس القضاء، ومعنى هذا الحق، هو تمكين المتهم من دفع التهمة الموجهة إليه، بأن يأتي بدليل ينقض دليل التهمة، أو بإثبات عدم صحة ذلك الدليل. ولابد من تمكين المتهم من ممارسة هذا الحق تمكينًا تاما؛ لأنه إذا لم يسمح له ممارسة هذا الحق تحول الاتهام إلى إدانة، وكل ما ورد من المبادئ والأُسس التي تؤكد هذا الحق في إعلانات حقوق الإنسان وما جسد في الدساتير العالمية ما هي إلا أعمال كاشفة لما قررته الشريعة الإسلامية الصالحة لكل زمان ومكان. وإن كانت الشريعة الإسلامية لم تتعرض لحق المتهم في الدفاع عن نفسه بنفسه صراحة- كما هو في القانون الوضعي- فإن لهذا الحق في الشريعة الإسلامية مظاهر عديدة أهمها:
أولا- حق المتهم في الحضور
يعد حضور المتهم لإجراءات المحاكمة أمرا مهما؛ لذا يجب على القاضي ألا يحكم على المتهم الغائب؛ لأنه مهما قُدّم له من أدلة ضد المتهم فقد يأتي هذا الأخير بما يدحض هذه الأدلة، فحضور المتهم في المحكمة ومشاركته، تعطيه الفرصة بأن يكون لديه دور إيجابي في إجراءاتها، كما أن من شأن حضوره إتاحة الفرصة لهيئة المحكمة باستعمال سلطاتها التقديرية استعمالاً صائبًا، وهذا المبدأ ضروري لغايات تمكين الخصوم من إبداء آرائهم وأقوالهم.
المتهم الغائب لا يصح الحكم عليه
ويكاد الفقهاء يتفقون على أن المتهم الغائب لا يصح الحكم عليه من القاضي إلا بعد حضوره، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - لعلي – رضي الله عنه لما أرسله إلى اليمن-: « إذا أتاك الخصمان فسمعت أحدهما فلا تقضين بينهما حتى تسمع من الآخر، فإنه أثبت لك»، ولذلك يجب على المتهم والمدعى عليه تلبية نداء الحاكم أو القاضي والحضور إلى مجلس القضاء، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (النساء: ٥٩).
السماع للخصمين
وعن علي – رضي الله عنه -، قال: بعثني رسول الله - – صلى الله عليه وسلم - - إلى اليمن قال: فقلت يا رسول الله، تبعثني إلى قوم أسن مني، وأنا حدث لا أبصر القضاء؟ قال: فوضع يده على صدري وقال: «اللهم ثبت لسانه، واهد قلبه، يا علي، إذا جلس إليك الخصمان فلا تقض بينهما حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول، فإنك إذا فعلت ذلك تبين لك القضاء» قال: فما اختلف علي قضاء بعد، أو ما أشكل علي قضاء بعد، وقال عمر بن عبدالعزيز: إذا أتاك الخصم وقد فُقِئَت عينه، فلا تحكم له حتى يأتي خصمه.
متى يجوز الحكم على الغائب؟
إلا أنه يشترط لتمتع المتهم بهذا الحق أن يكون هذا المتهم موجودًا في محل ولاية القاضي وغير متخف، أما إذا كان المتهم غير موجود في ولاية القاضي أو متخف فقد اختلف الفقهاء بشأنه، فقد رأى الأحناف عدم القضاء على الغائب حتى يحضر، بينما الإجماع قائم بين الفقهاء على جواز القضاء على الغائب، وكذا إذا كان حاضرا وامتنع من حضور مجلس الحكم فأجاز الشافعية ذلك، وأجازه المالكية القضاء على الغائب فيما ينقل، ولا يجوز القضاء عليه فيما لا ينقل من العقار، والحنابلة كذلك يرون القضاء على الغائب إذا غاب عن البلد أو عن مجلس القضاء، أو استتر عن القضاء، واستدلوا بقوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} (النساء: ١٣٥)، فقالوا إن الأمر بإقامة القسط يُفيد العموم، فيشمل الحاضر والغائب، فيصبح بذلك القضاء على الغائب كالحاضر، وقالوا أيضا إن القضاء على الغائب لا يخل بحق المتهم في الدفاع أمام القضاء؛ لأنه إذا حضر المتهم كانت حجة قائمة، ويمكن سماعها والعمل بها حتى ولو أدى ذلك نقض الحكم.
سماع الدعوى على المتهم
فالأصل ألا تسمع الدعوى على المتهم ولا يقضى عليه إلا في مواجهته وحضوره مادام ذلك ممكنا؛ إذ قد يوجد لدى المتهم عذر يمنعه من الحضور إلى مجلس القضاء، وذلك بأن يكون مريضًا، أو نزيل إحدى المستشفيات أو أحد السجون أو مخطوفًا، ولكن يجوز الحكم على الغائب كما هو الإجماع عند الفقهاء، وهذا ما نرجحه- والله أعلم - وذلك لما يأتي:
  • إن النبي – صلى الله عليه وسلم - حكم لهند أم معاوية زوجة أبي سفيان -رضي الله عنهما- وهو غائب، عندما قالت: إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني ما يكفينا وولدي؛ فهل علي جناح أن آخذ من ماله من غير علمه؟ فقال لها رسول الله – صلى الله عليه وسلم -:» خدي ما يكفيك وولدك بالمعروف»، ووجه الاستدلال به: أنه حكم على أبي سفيان وهو غائب.
  • أن عدم الحكم على الغائب يعرض حق الحاضر للضياع؛ لأن الغائب قد يموت، أو لا يقدم، فيضيع الحق.
  • أن عدم الحكم على الغائب يؤدي إلى التهرب بالغيبة من الحقوق.
  • أنه يمكنه التوكيل إذا شق أو تعذر عليه الحضور، فإذا لم يحضر ولم يوكل جاز الحكم عليه؛ لأنه يكون حينئذ متهربًا.
  • أنه لا ضرر عليه بالحكم عليه كلما تقدم في التوجيه بخلاف صاحب الدعوى فيتضرر بالتأخير، وتعريض حقه للضياع.
  • أنه يمكن الاحتياط للغائب إن اقتضى الأمر، بأخذ رهن أو كفيل مليء.
  • أنه لا ضرر على الغائب بالحكم عليه؛ لأنه إذا قدم كان على حقه فيرد إليه ماله أو يعوض عنه إذا ثبت أن ما حكم به عليه لا يلزمه، فلا يضيع عليه.
  • إن الحكم على الغائب يوافق مبدأ سد الذرائع، الذي يعمل به عند عامة الفقهاء على اختلاف بينهم في نسبة الأخذ به.
  • والغائب لا يفوت عليه حق؛ فإنه إذا حضر كانت حجته قائمة وتسمع ويعمل بمقتضاها ولو أدى إلى نقض الحكم؛ لأنه في حكم المشروط.


اعداد: محمد مالك درامي




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 06-10-2023, 03:32 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,102
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حقوق المتهم في الشريعة الإسلامية

حقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية

– شبهات حول حقوق الإنسان في الإسلا م


يحاول كثير من المشككين في الإسلام وشريعته وأحكامه، تشويه صورته بكل الوسائل والسبل، ومن ذلك إثارة الشبهات حول حقوق الإنسان في الإسلام؛ فاتهموا الإسلام بالعنصرية والطائفية والإرهاب، والهمجية، وأن الإسلام يقوم على قمع الحريات، ولقد اجتهد أهل الإسلام منذ القدم في رد تلك الشبه ونقضها بردود قوية مُحكمة، لكن الخوض في إثارة هذه الشبهات لم يتوقف إلى يومنا هذا، وسوف نعرض -بعون الله- من خلال هذه السلسلة بعض هذه الشبهات، والرد عليها.
الشبهة الأولى: حقوق الإنسان ذات مرجعية غربية بالأساس
روَّج الكثيرون من المشككين في الإسلام من المستشرقين وتلامذتهم من العلمانيين، أن الإسلام لم يعرف حقوق الإنسان إلا مؤخرًا، ويؤكدون أن حقوق الإنسان ذات مرجعية غربية بالأساس.
الرد على هذه الشبهة حقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية هبة من الله -تعالى- للإنسان؛ مما يجعل هذه الحقوق منوطة بالمفهوم الشرعي لها، وليست خاضعة لأي تفسير كائن من كان إلا ضمن الضوابط الشرعية المعتبرة، كما أنها فكرة أصيلة في الشريعة الإسلامية، ومصادرها الأساسية، ففي الإسلام، الشريعة هي مصدر حقوق الإنسان؛ فالحقوق مأخوذة منها سواء من نصوص خاصة أم من نصوص عامة أم من القواعد العامة للشريعة؛ فما تقرره فهو الحق، وما تنفيه فليس حقا وإن رآه الغرب حقا. والإسلام أقر احترام حقوق الإنسان وقدسها وحماها منذ أربعة عشر قرنًا، أي قبل هؤلاء الذين يشككون في حماية الإسلام لحقوق الإنسان، وتلك الحقوق أصيلة في الإسلام، فلا تقبل حذفًا ولا تعديلاً ولا نسخًا ولا تعطيلاً؛ لأنها حقوق ملزمة شرعها الخالق -سبحانه وتعالى.
ترتبط بوجود الإنسان نفسه وهذا بعكس ما جاء به الغرب من حقوق؛ فحقوق الإنسان في الإسلام ليست من حق بشر أن يعطلها أو يتعدى عليها، ولا تسقط حصانتها الذاتية لا بإرادة الفرد تنازلاً عنها، ولا بإرادة المجتمع ممثلاً فيما يقيمه من مؤسسات أيا كانت طبيعتها وكيفما كانت السلطات التي تخولها، كما أن فكرة حقوق الإنسان ترتبط مباشرة بوجود الإنسان نفسه، الذي خلقه الله -سبحانه وتعالى-، وأعطاه صفة التكريم.
تكريم الله -عز وجل- للإنسان والإسلام -منذ بزوغه- جاء بإعلان حقوق الإنسان، وقد دخلت هذه الحقوق حيز التنفيذ منذ معرفة وحدانية الله -سبحانه وتعالى-، الذي خلق البشر وكرمهم أفضل تكريم على جميع مخلوقاته يقوله -تعالى-: {ولقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} (الإسراء: ٧٠)، فالله -تعالى- هو من كرم الإنسان بدين الإسلام على يد رسول الله [، وحافظ على حقوقه كاملة، وسن عقوبات على من ينتهك تلك الحقوق، وجعل الإنسان المحور المركزي للمسيرة الإنسانية؛ بحيث تصب كل معطياتها وإنجازاتها وطموحاتها في محصلة نهائية هي خير هذا الإنسان وإعمار هذا الكون؛ لأن الإنسان هو أكرم ما في الوجود، وهو فعلا أكرم ما في الوجود.
مبادئ إسلامية أصلية ومما سبق يتبن أن فكرة حقوق الإنسان وحرماته لم تأت لنا من الغرب أو من كتابات مفكرين أو مما سجلته العهود والمواثيق الدولية، وإنما هي مبادئ أصلية سبقت بها الشريعة الإسلامية هذه العهود والمواثيق، ولكن الإسلام هو أول من قرر المبادئ الخاصة لحماية حقوق الإنسان في أكمل صورة، وأن ما كفله الإسلام من كرامة واحترام للإنسان لم يعرف من قبل في أمة من الأمم مهما سجلت من حضارات.
مفهوم الشريعة أساس الحق فالإسلام سبق القوانين الوضعية والمواثيق الدولية في حفظ حقوق الإنسان ورعايتها، على مفهوم الشريعة أساس الحق، وليس الحق أساس الشريعة، وقرر ذلك جليا قبل أكثر من أربعة عشر قرناً، والمسلمون يسمعون عن كرامة الإنسان، والتسوية، وتمتد حقوق الإنسان بجذورها إلى تاريخ بعيد، ترتبط مباشرة بوجود الإنسان نفسه، الذي خلقه الله -سبحانه وتعالى-، وأعطاه صفة التكريم.
الشبهة الثاني: جمود الشريعة الإسلامية
زعم بعضهم أن الشريعة الإسلامية جامدة، وأن تطبيقها يتعارض مع حقوق الإنسان، فلا تساير متطلبات العصر لتلبي مصالح الإنسان المتطور.
الرد على هذه الشبهة إن أحكام الإسلام أحكام عامة ومطلقة صالحة لكل زمان ومكان، ومن خصائص حقوق الإنسان في الإسلام أنها كاملة وغير قابلة للإلغاء، أو التبديل مع تغير الزمان وتبدل الظروف والأحوال؛ لأنها جزء من الشريعة الإسلامية، والإسلام دين ودنيا، وأنه كما اهتم بتنظيم علاقة الفرد بربه اهتم كذلك بعلاقة الفرد بأخيه الإنسان وبعلاقته بمجتمعه؛ وعليه فالأحكام الشرعية التي جاء بها الإسلام على نوعين:
  • الأول: ما يتعلق بعلاقة الفرد بربه من عقيدة وإيمان وعبادات وغيرها، فهذه ثابتة لا تتغير بتغير الزمان والمكان، ومن ثم جاءت أحكامها مفصلة، لا مجال للاجتهاد فيها، وهو ما يطلق عليه العبادات.
  • الثاني: ما يتعلق بين الناس بعضهم ببعض، وهو المعروف بالمعاملات، وهذا النوع متطور، ومتغير بتغير الزمان والمكان، بعضه ذو طابع اجتهادي، وهو يتميز بشيء من المرونة، ومن ثم جاءت أحكامها عامة مجملة غير مفصلة، تابعة للمصلحة العامة، حسبما يراه أهل الحل والعقد وأهل العلم، ومن ذلك مبدأ الشورى.
لم تفصل الشريعة كيفية ذلك، بل تركته وفقاً للمصلحة العامة بعد وضع أطره العامة؛ مما يدل على نزعة الشريعة الإسلامية إلى التيسير على الناس؛ لتكون شريعة الله صالحة لكل زمان ومكان.
الشبهة الثالثة: قسوة الحدود الشرعية
زعم بعض أعداء الإسلام والمشككين فيه، أن إقامة الحدود الشرعية في التشريع الجنائي في الإسلام عموما (من قتل وقطع ورجم وجلد) على المجرمين فيه من القسوة البالغة والوحشية التي لا تتناسب مع عصرنا الحاضر، وفيها امتهان لكرامة الإنسان، ومخالفة للمعايير التي تنادي بها المنظمات الدولية للحفاظ على الإنسان وحقوقه، وأن هذه الحدود عقوبات لا تتفق مع ما وصلت إليه الإنسانية والمدنية في عصرنا الحاضر.
الرد على هذه الشبهة من وجوه أن الذي شرع هذه الحدود هو الله -سبحانه وتعالى- خالق البشرية، وهو أدرى بما يصلحهم وما يصلح لهم، قال -تعالى-: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (الملك: ١٤)، فالله رؤوف بعبادة ورحيم بهم، قال -تعالى-: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ} (لنور: ٢٠)، هذه الحدود ثابتة في الشريعة الإسلامية لحكم عظيمة قد تظهر لقوم وتخفى على آخرين، فلا يضرنا -نحن المسلمين- أن عرفنا الحكمة أو جهلناها؛ فلله الحكمة البالغة في كل تشريع.
كل عقاب لابد فيه من شدة ومما هو مسلم به بين العقلاء أن كل عقاب لابد فيه من شدة وقسوة، حتى لو ضرب الرجل ولده مؤدبًا له لكان في ذلك نوع من القسوة، فالزعم بوجود عقاب دون شيء من القسوة مكابرة ظاهرة، فليسموها ما شاؤوا، وإذا لم تشتمل العقوبات على شيء من القسوة والشدة فكيف ستكون رادعة وزاجرة للمجرمين وضعاف النفوس؟ وكذلك نقول في قسوة الحدود، فحرصًا على سلامة المجتمع من الفساد والمرض، كان من الحزم والعقل القسوة على الجزء الفاسد منه، ليسلم باقي أعضاء المجتمع. كما أن إقامة الحدود الشرعية -حينما تصبح تشريعًا نافذًا يلتزم به الأفراد، ويطبقه المجتمع، ويصبح معلومًا للناس جميعًا أنه مَن قتل يُقتَل، وأن مَن سرق يُقطع، وهكذا- فإن كل شيء سيسير على النظام الذي يحقق الأمن والاستقرار، هذا إلى جانب التربية الإسلامية التي تُقوِّي الضمير، وتربط الفرد بالله -تعالى- على امتداد الأزمان والأماكن؛ فالتربية والتشريع الحدودي يرسمانِ للمجتمع الإسلامي الأمن والهدوء والاستقرار، وذلك أعز ما في هذه الحياة. والإسلام قبل أن يحكم على المجرم بالحد قدم له من وسائل الوقاية ما كان يكفي لإبعاده عن الجريمة التي اقترفها، لو كان له قلب حي وضمير، لكنه لما أغلق قلبه وألغى عقله ونزع من ضميره الرحمة، استحق أن يعاقب من جنس صنيعه.

اعداد: محمد مالك درامي




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 66.43 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 64.30 كيلو بايت... تم توفير 2.13 كيلو بايت...بمعدل (3.20%)]