|
|||||||
| ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
خطبة عن أنواع التوسل (1) د. رافع العنزي الخطبة الأولى[1] موضوع عظيم غلط وخلط فيه كثيرٌ من الناس، ووقع في محظور عظيم؛ ألا وهو موضوع التوسُّل، فأقول وبالله التوفيق:قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [المائدة: 35]. والوسيلة ما يُتقربُ بهِ إلى اللهِ تعالى منَ الأعمالِ الصالحةِ والعباداتِ الجليلةِ؛ ولذلكَ قَال: ﴿ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ ﴾ [الإسراء: 57]؛ أي: يطلبونَ ما يتقرَّبونَ به إلى اللهِ، وينالونَ به مَرضاتِه من الأعمالِ الصالحةِ المقرِّبةِ إليه. والتوسل ينقسم قسمين: القسم الأول: توسُّلٌ مشروعٌ: وهو التوسلُ بالوسيلةِ الصحيحـةِ المشروعةِ، والطريقُ الصحيحُ لمعرفةِ ذلك هو الرجوعُ إلى الكتابِ والسُّنَّةِ، ومعرفةُ ما وردَ فيهما عنه، فما دلَّ الكتابُ والسُّنَّةُ على أنه وسيلةٌ مشروعةٌ، فهو من التَّوسلِ المشروعِ، وما سوى ذلك فإنه تَوسُّلٌ ممنوعٌ لا يجوز فعله. والتوسُّلُ المشروعُ ثلاثةُ أنواعٍ اتفقَ العلماءُ عليها: النوع الأول: التوسُّل لله تعالى باسم من أسمائه الحسنى، أو بصفة من صفاته العليا؛ كأن يقول المسلم في دعائه: اللهم إني أسألك بأنك أنت الرحمن الرحيم، اللطيف الخبير أن تعافيني، أو يقول: اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن ترحمني وتغفر لي؛ قال الله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأعراف: 180]. ومنها ما رواه أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: كان النبي الأكرم- صلى الله عليه وسلم- إذا كربه أمر يقول: "يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث"؛ (رواه الترمذي). النوع الثاني من التوسل المشروع: التَّوسُّلُ إلى اللهِ بطلبِ الدعاءِ منَ الرجلِ الصالحِ؛ مثالُه: أنْ يذهبَ المسلمُ إلى رجلٍ حيٍّ يَرى فيه الصلاحَ والتقوى، والمحافظةَ على طاعةِ الله، فيطلب منه أن يدعوَ له ربَّه؛ كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو لأصحابه، وهو توسُّل بدعائه، وكما قال تعالى خبرًا عن أبناء يعقوب عليه السلام: ﴿ قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ * قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [يوسف: 97، 98]. الثالث من أنواع التوسل المشروع: التَّوسُّلُ إلى اللهِ بالعمل الصالح؛ مثالُه: أنْ يقولَ المسلمُ في دعائِه: اللهمَّ بإيماني بك، ومحبَّتي لك، واتِّباعي لرسولِك، اغفر لي، أو يقولَ: اللَّهم إنِّـي أسألكَ بحبِّي لنبيِّك محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وإيماني به، أن تفرِّجَ عني، أو يذكرَ الداعي عملًا صالحًا عظيمًا قامَ به، فيتوسَّل به إلى ربِّه. ودليلُ مَشْروعية التوسُّل إلى الله بالعمل الصالح: قَولُهُ تَعَالى: ﴿ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [آل عمران: 16]، فهذا توسُّل بالإيمان بالله وهو عمل صالح. وكما في حديث أصحاب الغار لما انطبقت عليهم الصخرة، فدعوا الله بأعمالهم الصالحة؛ ففرَّج الله عنهم، فأحدهم دعا الله ببره بوالديه، والآخر بعفَّتِه، والثالث بأمانته وحفظه مال الأجير. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. الخطبة الثانية وأما التوسل الممنوع: فهو التَّوسُّلُ إلى اللهِ بما لم يَثبتْ في الشرعِ أنَّه وسيلةٌ، ومقتضاهُ: أن كلَّ ما لم يثبتْ في الشريعةِ أنه وسيلةٌ إلى اللهِ تَعالى، فهو ممنوعٌ مُحرَّمٌ، وهو أنواعٌ بعضُها أشدُّ خطورةً من بعضٍ:النوعُ الأولُ: التوسُّلُ إلى اللهِ بجاهِ الأنبياءِ والصـالحينَ ومكانتِهم ومنـزلتِهم عند اللهِ، وهذا محرَّمٌ، بل هو من البِدَعِ المحدَثةِ؛ لأنه توسُّلٌ لم يُشـرِّعْهُ اللهُ، ولم يأذنْ بهِ؛ قال الله تعالى: ﴿ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ ﴾ [يونس: 59]، ولأن جاه الصالحين ومكانتهم عند الله إنما تنفعهم هم؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ﴾ [النجم: 39]. النوعُ الثاني: التوسُّلُ إلى اللهِ تعالى بدعاءِ الموتى والغائبينَ، والاستغاثةِ بهم، وسؤالِهم قضاءَ الحاجاتِ وتفريجَ الكُرُباتِ، ونحوَ ذلك، فهذا مـنَ الشركِ الأكبرِ الناقلِ من الملَّةِ؛ قال تعالى: ﴿ وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [يونس: 106]. ولقد ذكر الله تعالى عن أهل الجاهلية المشركين اتخاذهم الأصنام وسيلة إليه سبحانه؛ قال تعالى عن أهل الجاهلية: ﴿ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ﴾ [الزمر: 3]، وقال أيضًا عنهم أنهم يقولون: ﴿ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ ﴾ [يونس: 18]. وقد كان أصحاب نبيِّنا صلى الله عليه وسلم يُبتلون بأنواع البلاء بعد موته، فتارة بالجدب، وتارة بنقص الرزق، وتارة بالخوف وقوة العدو، ولم يكن أحد منهم يأتي إلى قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا قبر أحد من الأنبياء فيقول: نشكو إليك جدب الزمان أو قوة العدو، أو كثرة الذنوب، ولا يقول: سل الله لنا أو لأمتك أن يرزقهم أو ينصرهم أو يغفر لهم، بل هذا وما يشبهه من البدع المحدثة. النوع الثالث من أنواع التوسل الممنوع: التوسل إلى الله تعالى بالدعاء عند قبور الأنبياء أو الصالحين، وهذا بدعة منكرة، فإنه لم يفعله أحد من الصحابة أو التابعين، ويدل على ذلك أن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم يذهب إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم لكي يدعو الله تعالى عنده برفع البلاء عن المسلمين، ولكنه توسل إلى الله سبحانه بدعاء العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، فاستجاب الله لدعاء العباس رضي الله عنه. أيها المسلمون، توسلوا إلى ربكـم بكثرة الطاعات والقربات، وتوسلوا إليه بدعائه وتلاوة آياته، وتوسلوا إليه بإحسانكم إلى عباده؛ فإنه سبحانه يحب المحسنين، وببركم بآبائكم وأمهاتكم وصلتكم لأرحامكم؛ فإن الله يصل الواصلين، ويقطع القاطعين، وتوسلوا إلى بارئكم برجائه والخوف منه والتوكل عليه؛ فإنه يحب المتوكلين، وتوسلوا إلى الله بكمال الإخلاص للمعبود والمتابعة للرسل؛ لتدركوا كل مطلوب، وتحققوا كل مرغوب. واحذروا من التوسـل الممنوع بشتى صوره ومظاهره؛ فإن ذلك يخدش جناب التوحيد، ويفسد إيمان العبيد. وصلوا رحمكم الله... [1] مستفادة من خطب أخرى.
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |