الهدي النبوي في التعامل مع المخطئ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         المدونة الكبرى للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 59 - عددالزوار : 483 )           »          فقهُ الابتلاء في القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          نعمة الإيمان باليوم الآخر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          حال المؤمن مع الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          أحكام العقيقة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          اعتناق الإسلام سِرًّا طوال العمر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          حال المؤمن عند الشدائد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          من سيؤهل علماء المستقبل؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          {وما كان ربك نسيا} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          واحذرهم أن يفتنوك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 29-12-2025, 03:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,915
الدولة : Egypt
افتراضي الهدي النبوي في التعامل مع المخطئ

الهَدْيُ النبوي في التعامل مع المخطئ

عبدالعزيز أبو يوسف

الخطبة الأولى
الحمد لله، ذي الطَّول والإنعام، المُحسن بفضله إلى جميع الأنام، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، عبدالله ورسوله، وعلى آله وصحبه، والتابعين أولي الفضل والمكرُمات، وسلم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله، فتقواه هي الفلاح، والمنجاة يوم الفزع الأكبر: ﴿ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الزمر: 61].


أيها المسلمون: من هدايات السُّنة النبوية ما أخرجه الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، في حادثة تجهُّز النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم لفتح مكة، قال: ((بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم والزبير بن العوام وأبا مرثد الغنوي، وكلنا فارس، فقال: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ، فإن بها امرأةً من المشركين، معها صحيفة من حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين، قال: فأدركناها تسير على جمل لها، حيث قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: قلنا: أين الكتاب الذي معكِ؟ قالت: ما معي كتاب، فأنخنا بها، فابتغينا في رحلها فما وجدنا شيئًا، قال صاحباي: ما نرى كتابًا، قال: قلت: لقد علمتُ ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي يُحلف به، لتُخرجنَّ الكتاب أو لأجردنَّكِ، قال: فلما رأت الجِدَّ مني، أهوت بيدها إلى حجزتها، وهي محتجزة بكساء، فأخرجت الكتاب، قال: فانطلقنا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما حملك يا حاطبُ على ما صنعت؟ قال: ما بي إلا أن أكون مؤمنًا بالله ورسوله، وما غيَّرت ولا بدلت، أردت أن تكون لي عند القوم يدٌ يدفع الله بها عن أهلي ومالي، وليس من أصحابك هناك، إلا وله من يدفع الله به عن أهله وماله، قال: صدق، فلا تقولوا له إلا خيرًا، قال: فقال عمر بن الخطاب: إنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين، فدعني فأضرب عنقه، قال: فقال: يا عمر، وما يدريك؟ لعل الله قد اطَّلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم، فقد وجبت لكم الجنة، قال: فدمعت عينا عمر، وقال: الله ورسوله أعلم)).


أيها المؤمنون: تضمن هذا الحديث هداياتٍ مباركات، نقف معها بشيء من الاختصار:
أولى هدايات هذا الحديث: في قوله صلى الله عليه وسلم: ((انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ، فإن بها امرأةً من المشركين معها صحيفة من حاطب))، روضة خاخ هي موضع بين مكة والمدينة، وهذا القول من النبي صلى الله عليه وسلم صورة من صور معجزاته، بالإخبار عن شيء من المغيبات التي أطْلَعَهُ الله تعالى عليها، وإلا فالأصل أن الغيب لا يعلمه إلا الله عز وجل، وقد يُطلع أحدَ رسله بما شاء من الغيب لحِكمة؛ فهو القائل: ﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ ﴾ [الجن: 26، 27]، وأخرج البخاري في صحيحه أن جاريةً قالت تمدح النبي صلى الله عليه وسلم: ((وفينا نبيٌّ يعلم ما في غدٍ، فقال لها: لا تقولي هكذا))، فإذا كان النبي عليه الصلاة والسلام لا يعلم الغيب، وهو يُوحَى إليه، فكيف بغيره؟! وقد ظهر في زماننا من يدَّعي علم الغيب من العرَّافين والكهنة، ويسمون أنفسهم بمستشرفي المستقبل أو المتنبئين به، عبر القنوات والبرامج المختلفة، ممن يدَّعون علمَ ما سيكون في المستقبل القريب أو البعيد، فيحرُم إتيانهم أو سؤالهم، أو مشاهدتهم والاستماع إليهم، فأغلى ما يملك المرء دينه، فكيف يفسده بمشاهدة أمثال هؤلاء، ولو كان على سبيل الاطلاع والسماع دون التصديق؟ والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((من أتى عرَّافًا فسأله عن شيء، لم تُقبل له صلاة أربعين ليلة))؛ [رواه مسلم].


ثانيًا: في قول عليٍّ رضي الله عنه حين لم يجدوا الكتاب في رحل المرأة: "لقد علمت ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم"، بيان لِما كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم من اليقين بصدقِ النبي صلى الله عليه وسلم، وعدم التردد في ذلك، ولو لم تقُم قرينة تدل على صدقه، وهذا معنى شهادة أن محمدًا رسول الله؛ وهي طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وألَّا يُعبد الله إلا بما شرع، فإذا كان هذا من لوازم الشهادة، فما بال أقوامٍ مسلمين يخالفون هَدْيَه وسُنته، ويزهدون فيها، ويقعون في نهيه وما زجر عنه من صغائر الذنوب وكبائرها، ويزعمون أنهم صادقون في اتباعه ومحبته عليه الصلاة والسلام؟!


ثالثًا: قوله صلى الله عليه وسلم حين سلَّمه عليٌّ والزبير وأبو مرثد رضي الله عنهم الكتابَ الذي كان مع المرأة: ((ما حملك يا حاطب على ما صنعت؟))، منهج قويم في التعامل مع الأخطاء وأصحابها، والاستماع من صاحب الخطأ أو الجُرم قبل إصدار أي حكم، أو إجراء يُتخذ ضده، فلعل له عذرًا يُلغي العقوبة، ويُوجب العفو، أو تخفيف العقوبة بحقه، ولهذا سمع من حاطب، وأتاح له الفرصة أن يبين حجته، والسبب الذي حمله على فعله، وهذا المنهج الذي يجب أن يكون حاضرًا في تعامل الأزواج مع زوجاتهم، والآباء مع أبنائهم، والمعلمين مع طلابهم، وكل من وليَ أمرًا ألَّا يستعجل في الحكم على الطرف الآخر المخطئ، ويُوقع به العقوبة قبل المناقشة والاستماع إليه، فلربما كان له عذرٌ أباح له هذا الفعل، أو يُوجب تخفيف العقوبة عنه.


رابعًا: في قول النبي صلى الله عليه وسلم، حين ذكر له حاطب رضي الله عنه ما دعاه للكتابة للمشركين بعزم النبي صلى الله عليه وسلم على فتح مكة: ((صدق، فلا تقولوا له إلا خيرًا))، الإنصاف والعدل مع من أخطأ واعترف بخطئه، وأن الخطأ الذي ارتكبه ليس مبررًا أو داعيًا لأن يُهان، أو يُرمى بأبشع الصفات التي توغِل صدره، أو تُنزل به عقوبة كبيرة، فربما جرَّأته ودَعَته لارتكاب ما هو أعظم من هذا الفعل في المستقبل، فالخطأ والتقصير صفة ملازمة لجميع البشر، إلا من عصمهم الله عز وجل من أنبيائه ورسله، والتماس الأعذار للصالحين وأصحاب سابقات الخير من شِيم الكرام، وعدم إعانة الشيطان عليهم؛ أخرج البخاري في صحيحه: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتي بسكران فأمر بضربه، فلما انصرف، قال رجل: ما له؟ أخزاه الله، فقال عليه الصلاة والسلام: لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم)).


خامسًا: في قول عمر رضي الله عنه: "إنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين، فدعني فأضرب عنقه"، لا شكَّ أن كلامه نابع من غَيرةٍ على دين الله تعالى، وبُغض لفعل حاطب رضي الله عنه، حتى طلب الأذن بقتله؛ نصرةً لدين الله تعالى في نظره، فليس كل ردة فعل نابعةً ودافعها الغَيرة تكون محمودةً، فلربما كانت ردة الفعل أعظم إثمًا من الفعل والذنب الذي وقع، ومن شروط إنكار المنكر ألَّا يكون إنكاره بفعلٍ أشدَّ نكارةً منه.


ثم إن في جواب النبي عليه الصلاة والسلام بقوله: ((وما يدريك؟ لعل الله قد اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة))، درس عظيم في حفظ سوابق الخير والفضل لمن أخطأ، فإنه وإن أخطأ في هذا الأمر والواقعة، إلا أن له حسناتٍ تغمر هذا الخطأ والزَّلَل، وتُوجِب مغفرته والتجاوز عنه، وهذا ما يجب أن يكون في التعامل بين المسلمين كافةً، في علاقة الزوجين معًا، والآباء مع الأبناء، والأقارب والجيران والأصحاب بعضهم مع بعض، ورب العمل مع العامل، بحفظ السوابق للخير والفضل، واستحضارها عند الخطأ أو الزَّلَل، وغمر هذا الخطأ في بحر سوابق الفضل من الطرف الآخر؛ لتكون خيرَ مُعين وداعٍ للعفو عن الزلل، أو التقصير، أو الخطأ.


سادسًا: عند وقوع خطأ ارتُكب بحقنا، أو خطأ عام، كثيرًا ما نسمع من آخرين مَن يدعونا للانتقام ورد السيئة بمثلها، والانتصار للنفس، أو إيقاع العقوبة العاجلة على ذلك المخطئ، وقد يرى ذلك الداعي للمعاجلة بالعقوبة أنه ناصح، وما ذكره هو الصواب في الحال التي وقعت، إلا أن التريث وتقليب الأمر، وطلب المشورة من ذوي الرأي قبل الاستعجال في اتخاذ القرار حيال الخطأ، هو الواجب لتَحسُنَ العاقبة للجميع.


بارك الله لي ولكم في الكتاب والسنة، ونفعنا بما فيهما من الآيات والحكمة، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه، وتوبوا إليه؛ إنه كان غفارًا.


الخطبة الثانية
الحمد لله عدد خلقه، ورضا نفسه، وزِنة عرشه، ومداد كلماته؛ أما بعد عباد الله:
فصلوا وسلموا على من أمرنا المولى بالصلاة والسلام عليه؛ فقال عزَّ من قائل عليمًا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمدٍ، صاحبِ الوجه الأنور والجبين الأزهر، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين، والأئمة المهديين؛ أبي بكر وعمر، وعثمان وعليٍّ، وعن سائر الصحب والآل، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم التنادِ، وعنا معهم بمنك وكرمك يا أكرم الأكرمين.


اللهم ارزقنا حسن الاتباع والاهتداء بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداءك أعداء الدين، وانصر عبادك الموحِّدين، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفِّق وليَّ أمرنا خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده لِما تحبه وترضاه من الأقوال والأعمال، اللهم مُدَّهما بعونك وتوفيقك، اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، وألِّف بين قلوبهم، وأصلح ذات بينهم، واهدِهم سُبل السلام، وجنِّبهم الفتن والمحن، ما ظهر منها وما بطن، اللهم اغفر لنا ولوالدينا، وللمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، اللهم أصلح نياتنا وذرياتنا، وبلغنا فيما يُرضيك آمالنا، وحرِّم على النار أجسادنا، اللهم إنا نسألك الهدى والتُّقى، والعَفاف والغِنى، ونسألك ربنا من الخير كله، عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله، عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم.


ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.


سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 72.76 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 71.03 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.37%)]