|
|||||||
| ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
حفظ الأمانات ومحاربة الفساد عبادةٌ ومسؤوليةٌ مشتركة الشيخ أحمد إبراهيم الجوني الخطبة الأولى الحمدُ للهِ الذي أمرَ بالأمانةِ، ونهى عن الخيانة، وجعل الصدقَ والنزاهةَ سببًا لرفعة الأمم وصلاح المجتمعات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبدُ الله ورسولُه، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، ومن سار على نهجه إلى يوم الدين، أما بعد:فاتقوا الله عباد الله، فإن تقوى الله خيرُ زادٍ ليوم المعاد، واعلموا أنَّ للأمانة في الإسلام منزلةً عظيمةً، وهي صفةٌ أصيلةٌ من صفات عباد الله المؤمنين، يقول الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾ [المؤمنون: 8]. والأمانة ميزان لصلاح المجتمع وارتفاعه، أو فساده وانهياره، قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 58]. فهاتان الآيتان أصلٌ في حفظ الحقوق، وصيانة مقدرات الأمة، والقيام بالواجبات التي اؤتُمِن عليها العبدُ في نفسه ووظيفته وماله ومسؤوليّاته الخاصة والعامة. فالأمانة تشمل كل ما اؤتمنّا عليه: تشمل المال العام والخاص، وتشمل الوظائف والمسؤوليات العامة والخاصة، وتشمل الأسرار والعهود، وتشمل حتى الكلمة التي يخرجها الإنسان من فمه. والله جل وعلا أمرنا أن نكون قدوةً في النزاهة والصدق، وأن نكون حُرّاسًا للحق، قائمين بالقسط، بعيدين عن كل صورة من صور الفساد أو الاستغلال أو التلاعب بحقوق العباد. والكل- ولا شك- يعلم أنَّ الفساد الإداري والمالي آفة خطيرة تهدد المجتمعات، وتُبدِّد الثروات، وتُضيِّع الحقوق، وتنشر الظلم، وتمنع البركة. ولهذا جاء الإسلام يحارب الفساد بكل صوره وأشكاله وينهى عنه، قال تعالى: ﴿ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ﴾ [الأعراف: 56]. وأعظم الفساد: الاعتداء على المال العام، واستغلال الوظيفة للمصالح الخاصة، والتربح غير المشروع، والرشوة التي لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذها ومعطيها، كما ورد في حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: «لَعَنَ رَسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ»؛ رواه الترمذي (1337) وأبو داود (3580). ومن أخطر صور الفساد ما جاء التحذير الشديد منه في الحديث الصحيح، الذي جاء عن طريق خولة بنت قيس الأنصارية رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ في مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»؛ رواه البخاري (3118). فتأملوا عباد الله. في حال الذين يتخوَّضون في مال الله بغير حق، ويتصرفون فيه بالباطل، يعلن النبي صلى الله عليه وسلم أن النار لهم يوم القيامة! فيا لها من عقوبة عظيمة تدل على خطورة هذا الذنب. وفي هذا المقام الجليل أذكركم أيها المؤمنون بقول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 27]. فإنها آية عظيمة تُبيِّن أن خيانة الأمانة ليست مجرد خطأ عابر، بل هي خيانةٌ لله قبل كل شيء، وخيانةٌ لرسوله صلى الله عليه وسلم، وخيانةٌ للمجتمع الذي يعيش فيه الإنسان ويحمل بين يديه مصالحه وحقوقه. فمن ضيَّع الأمانة فقد عرَّض نفسه لسخط الله، ومن حافظ عليها فقد نال محبة الله وثناء الناس، وكتب الله له البركة في عمره ورزقه وعمله. أيها الأحبة في الله، الأمانة والنزاهة لا ينبغي أن تكون مجرد شعارات، بل هي واجبٌ ديني، وسلوك شرعي، تُحفَظ به الثروات، وتُصان به مقدرات الوطن، وتستقيم به حياة الناس. والنزاهة سببٌ لزيادة البركة في الأرزاق، واستمرار نعمة الأمن والرخاء، قال الله تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الأعراف: 96]. ألا فاتقوا الله يا عباد الله، وراقبوه في السر والعلن، واحفظوا ما اؤتمنتم عليه، كبيرًا كان أو صغيرًا، مالًا عامًّا كان أو خاصًّا، وتذكروا أن ما عند الله خيرٌ وأبقى، وأن ما يُدَّخر عنده لا يضيع، وأن من ترك شيئًا لله عوَّضه الله خيرًا منه. اللهم اجعلنا من الأمناء الصادقين، واحفظ بلادنا من الفساد والمفسدين، أقول هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية الحمدُ لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:فيا عباد الله، إن من أعظم الواجبات الشرعية اليوم في مواجهة الفساد المالي والإداري: مبادرة الإبلاغ عن مظاهره ومرتكبيه، فذلك من النصيحة الواجبة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، ومن حفظ الأمانة، وصيانة الحقوق، ومنع الضرر عن البلاد والعباد. وليس الإبلاغ تجسسًا ولا تتبُّعًا للناس، بل هو تعاونٌ على البر والتقوى، وحمايةٌ لأموال الأمة، وقطعٌ لطريق المفسدين، كما قال تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾ [المائدة: 2]. فالفساد إذا تُرك انتشر، وإذا سكت عنه الناس تفاقم، وإذا تعاون المجتمع على محاربته انقطع شره وسَلِمَ منه البلاد والعباد. فكونوا عباد الله عونًا على الإصلاح، سدًّا في وجه كل مفسد، مبلغين عن كل اعتداء على المال العام، أو استغلال للوظيفة، أو تلاعب بحقوق الناس. اللهم أصلح أحوال المسلمين، واحفظ بلادنا من الفساد والمفسدين، ووفق ولاة أمورنا لكل خير، وأعِن كل مسؤول على أداء الأمانة كما تحب وترضى، وارزقنا النزاهة في القول والعمل، وأدم علينا نعمة الأمن والإيمان، والسلامة والإحسان. هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه.
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |