|
|||||||
| ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
دور «المسؤولية الاجتماعية» في بناء المواطن الصالح وحماية المجتمع
تواجه المجتمعات المعاصرة تحديات متزايدة تتعلق بتراجع القيم، وارتفاع مؤشرات الفردية والأنانية، وضعف الحسّ بالواجب نحو الجماعة، وفي ظل هذه التحولات، تبرز الحاجة إلى إعادة بناء مفهوم «المسؤولية الاجتماعية» باعتباره أحد الركائز الأساسية لتكوين المواطن الصالح القادر على الإسهام في نهضة المجتمع. ولا تقوم التربية على المسؤولية الاجتماعية على التلقين النظري، بل على بناء منظومة قيمية وسلوكية متكاملة تُترجم إلى ممارسات واقعية، وتبدأ من الأسرة وتمتد إلى المدرسة والمؤسسات الدينية والثقافية، وصولًا إلى الدولة ومؤسساتها. مفهوم المسؤولية الاجتماعية تعرف المسؤولية الاجتماعية بأنها وعي الفرد بارتباط سلوكه بالمصلحة العامة، واستعداده الطوعي ليتصرف بما ينفع الجماعة ويتحمل تبعات قراراته تجاهها، وتشير أدبيات التربية إلى أن المسؤولية الاجتماعية تشمل أبعادًا مثل المشاركة الإيجابية، والاهتمام بالآخرين، والضبط الذاتي، والشعور بالالتزام تجاه الصالح العام. وفي المقابل فإن مفهوم «المواطن الصالح» في المنظور الإسلامي ليس مجرد فرد ملتزم بالقانون؛ بل هو إنسان يحيا عبوديته لله -تعالى-، ويستحضر مراقبته في علاقته بالناس، فيلتزم بالعدل، ويحترم الحقوق، ويسهم في عمران مجتمعه ووحدة أمته. وتجمع المواطنة الصالحة في الإسلام بين الانتماء للوطن وخدمته، والانتماء للأمة والدفاع عن قضاياها، ضمن إطار أخلاقي قائم على التقوى والكرامة الإنسانية. الإطار النظري للمسؤولية الاجتماعية
![]() أبعاد المسؤولية الاجتماعية
جذور مفهوم المسؤولية الاجتماعية تتميز الحضارة الإسلامية برؤية شمولية تبني الإنسان من الداخل قبل الخارج، ومن أهم ركائز هذه الرؤية:
المنطلقات الإسلامية للتربية على المسؤولية تستند التربية على المسؤولية في الإسلام إلى مركزية التكليف؛ حيث يُنظر إلى الإنسان على أنه خليفة الله في الأرض، وهو مسؤول عن نفسه ومجتمعه وبيئته أمام الله -تعالى-. وتقوم النصوص القرآنية والنبوية على ترسيخ قيم مثل: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتكافل، والوفاء بالعهد، وحفظ الحقوق، وهي كلها مفاهيم تؤسس لروح المواطن المسؤول، كما يقدم التاريخ الإسلامي نماذج مبكرة لمفهوم المواطنة المشتركة والتكافل الاجتماعي، مثل وثيقة المدينة التي أرست مبادئ حماية المجتمع، وتوزيع المسؤوليات، واحترام التعدد في إطار عقد جامع، وهي قاعدة مهمة في بناء وعي معاصر بالمواطنة الصالحة. ![]() خصائص المسؤولية الاجتماعية لدى الشباب تشير الدراسات التربوية إلى أن المسؤولية الاجتماعية تنمو بالتدرج عبر مراحل الطفولة والمراهقة حتى الرشد، وتزداد عمقا كلما اتسعت خبرة الفرد بالتعاون والعمل الجماعي وخدمة الآخرين؛ كما بينت البحوث الميدانية أن مشاركة الشباب في الأنشطة التطوعية والجماعية تعزز من ثقتهم بأنفسهم، وتقلل من اللامبالاة، وتزيد استعدادهم لتحمل أدوار بناءة في المجتمع، وترتبط المسؤولية الاجتماعية بعدد من المهارات والسمات مثل: المبادرة، والقدرة على اتخاذ القرار، واحترام النظام، والوعي بالحقوق والواجبات، والاهتمام بقضايا المجتمع والبيئة، وهي عناصر أساسية في تكوين المواطن الصالح. أدوار الأسرة والمدرسة في غرس المسؤولية تعدّ الأسرة البيئة الأولى التي يتعلم فيها الطفل معنى الالتزام، والصدق، واحترام القواعد، والمشاركة في الأعباء اليومية، وهي ممارسات بسيطة لكنها تشكل نواة المسؤولية الاجتماعية، وتوضح بعض الدراسات أن أسلوب الوالدين القائم على الحوار وتكليف الأبناء بمهام حقيقية، أكثر فاعلية في تنمية المسؤولية من الأسلوب التسلطي أو المتساهل جدًا، كما يكتسب الطفل المسؤولية بملاحظة سلوك والديه في الاهتمام بشؤون الأسرة والجيران والمجتمع، ولابد هنا من التكليف التدريجي بإسناد مهام بسيطة للطفل تتناسب مع عمره (ترتيب غرفته، المشاركة في شؤون المنزل) لتعزيز الثقة والشعور بالمسؤولية، ومن ثم ربط السلوك بالآثار الإيجابية من خلال شرح كيف أن تصرفاته (كإلقاء النفايات) تؤثر على الآخرين وعلى البيئة. أما المدرسة فهي الفضاء المنظم الذي يمكن أن يحول هذه البذور الأسرية إلى سلوك اجتماعي راسخ، من خلال الحياة المدرسية، والعمل الجماعي داخل الصف، والأنشطة الطلابية، وانتخابات المجالس الطلابية، وبرامج الخدمة المجتمعية؛ كما يسهم المعلم الواعي بدوره في التربية على المسؤولية حين يعامل التلميذ بوصفه شريكا في التعلم، ويمنحه فرص اتخاذ القرار وتحمل عواقبه داخل بيئة آمنة. ![]() دور الإعلام والمجتمع المدني يؤدي الإعلام الحديث، التقليدي والرقمي، دورًا حاسمًا في تزويد وعي الشباب بقيم المسؤولية أو اللامبالاة، من خلال نماذج القدوة التي يسلط عليها الضوء وخطاب الترفيه والاستهلاك السائد، ويمكن تحويل هذه المنصات إلى أدوات تربية على المسؤولية إذا تم توجيهها لإبراز قصص النجاح المجتمعي، والحملات التطوعية، وثقافة احترام النظام والبيئة في المجتمع، كما تمثل مؤسسات المجتمع المدني والمبادرات الشبابية ميدانا عمليا لتعلم المسؤولية الاجتماعية؛ حيث يتدرب الشباب على التخطيط للمشاريع، وإدارة الوقت والموارد، والعمل ضمن فرق، والتواصل مع فئات مختلفة من المجتمع في قضايا التعليم والصحة والإغاثة والبيئة وغيرها. التربية على المواطنة الصالحة تؤكد الدراسات الإسلامية في التربية على أن بناء المواطن الصالح يبدأ من ترسيخ الهوية الإيمانية، ثم ربطها بسلوك عملي في المجال العام، وليس بحصر التدين في الجانب الشعائري فقط، وتشمل المواطنة الصالحة: احترام الأنظمة، والمحافظة على المرافق العامة، والالتزام بالعمل المتقن، والمشاركة في الشأن العام، والدفاع عن الوطن من أي عدوان، إلى جانب نصرة قضايا الأمة الكبرى، وتختلف المواطنة في التصور الإسلامي عن بعض التصورات القومية الضيقة؛ فهي لا تبرر العدوان على الشعوب الأخرى، ولا تستحل الظلم باسم المصلحة الوطنية؛ بل تضبط الانتماء الوطني بقيم العدل والإحسان وكرامة الإنسان؛ ومن ثم فإن إعادة إنتاج المواطن الصالح تعني إعادة صياغة تصور الشباب للعلاقة بين الدين والوطن والإنسان في إطار واحد متكامل. ![]() أهمية التربية على المسؤولية الاجتماعية
![]() معوقات التربية على المسؤولية الاجتماعية
![]() استراتيجيات إعادة إنتاج المواطن الصالح يمكن الحديث عن حزمة من الاستراتيجيات العملية لبناء التربية على المسؤولية الاجتماعية:
مؤشرات المسؤولية الاجتماعية لدى الشباب
![]() خاتمة القول: تمثل التربية على المسؤولية الاجتماعية اليوم مدخلًا أساسيًا لإعادة إنتاج المواطن الصالح القادر على الجمع بين الانتماء القيمي والفاعلية المدنية، وذلك في عالم تتزايد فيه التحديات الأخلاقية والاجتماعية، ويقتضي هذا المشروع رؤية تربوية متكاملة تنطلق من مرجعية إسلامية أصيلة، وتستفيد من خبرات الدراسات التربوية والاجتماعية المعاصرة. وبهذه الرؤية تصبح التربية على المسؤولية الاجتماعية مشروعًا حضاريًا متكاملًا يعيد تكوين ضمير الفرد والجماعة، ويُنتج مواطنا صالحا يرى في خدمة الناس وإعمار الأرض جزءًا من طاعته لله، لا مجرد واجب مدني مفروض عليه، وتتطلب استدامة هذا المشروع التربوي أن يتحول من مبادرات متفرقة إلى سياسة عامة ورؤية مجتمعية يتبناها صناع القرار والمؤسسة الدينية والتربوية والإعلامية معًا، مع نظام متابعة يقيس أثر البرامج على وعي الأجيال الجديدة وسلوكها؛ فكلما رُبطت المسؤولية الاجتماعية بمؤشرات عملية مثل الانضباط في العمل، واحترام القانون، والانخراط في العمل التطوعي، والانتماء الإيجابي للوطن، أمكن تقييم مدى تقدم المجتمع في إعادة إنتاج المواطن الصالح. اعداد: ذياب أبو سارة
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |