|
|||||||
| فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
مسألة: العلج[1] عبدالرحمن بن يوسف اللحيدان العِلْجُ: يُجْمَعُ على عُلُوُجٍ وأَعْلاج، ويطلق على حمار الوَحش إذا سَمِنَ وقَوِيَ، ويُطلَق على الرَّجُلِ القويِّ الضَّخم، والرجل العجميِّ الكافر[2]. يقول ابن فارسٍ: (العين واللَّام والجيم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تَمُرُّسٍ ومزاولةٍ في جفاءٍ وغِلَظٍ، من ذلك: العِلْجُ وهو حمار الوَحش، وبه يُشَبَّهُ الرَّجل الأعجميُّ، ويقولون: إنَّه من المعالجة: وهي مُزَاوَلَةُ الشَّيء، وقال الخليل: سُمِّيَ عِلْجًَا لاستعلاج خَلْقِهِ وهو غِلَظُهُ، والعِلَاجُ مزاوَلَةُ الشَّيء ومعالجته، واعتَلَجَ القوم في صراعهم وقتالهم)[3]. ومن معنى المعالجة الذي ذكره ما رُوِيَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «لا يغني حَذَرٌ من قَدَرٍ، والدُّعاء ينفَع ممَّا نزل وممَّا لم ينزِل، وإنَّ البلاء لينزِل فيتلقَّاه الدُّعاء فيعتلِجَان إلى يوم القيامة»[4]. ومرادهم ها هنا الرَّجل الكافر. وصورة المسألة: أن يدلَّ العلج قومًا من المسلمين على طريق سهلٍ أو إلى ما تُفتَح به القلعة على أن يُعطُوه شيئًا معيَّنًا أو مجهولًا وهو غير مقدورٍ على تسليمه وغير مملوكٍ للمسلمين وقت العقد[5]. مثالها: أن يكون المسلمون متوجِّهين إلى قلعة من قِلاع الكفَّار المحصَّنة فيعرِضَ عليهم عِلْجٌ أن يدلَّهم على عيوبِ وعورات الحصن على أنَّ له عُشر ما يغنمون. محل الإشكال في هذه الصورة أن ثمَّ غررًا فاحشًا في العوض -الجُعل- فهو معدومٌ غير مملوكٍ ولا مقدورٍ على تسليمه، كما أنَّه مجهولٌ غير معلومٍ، ولا معيَّنٍ لا يعرفه المسلمون عند التَّعاقد، وقد نصَّ على جواز هذه الصُّورة صراحةً الشافعيَّة[6]، والحنابلة[7]، إلا أنهم اشترطوا للجواز شرطين: الأول: أن توجد الحاجة. الثانية: أن يكون العِوض المشتَرَط من مال الكفَّار[8]. ودليلهم على جواز هذه الصُّورة: ما جاء من صنيع أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنَّه خرج في جيشٍ إلى مدينة السُّوس فلَقوا جَهدًا، فصالحه دِهقانٌ على أن يفتح له المدينة، ويؤمِّن مئةً من أهله، ففَعَل، فأخذ عهد أبي موسى ومن معه، فوفَّى له أبو موسى بما عاهده عليه[9]، قال العمرانيُّ: (ولا مخالف له من الصَّحابة)[10]. قال ابن المنذر: (ولم أحفظ عن أحدٍ لقيتُه في هذا خلافًا)[11]. والوصف الطارئ في هذه الصورة: أنَّه لم يُعتبر الغرر في الجُعل مع كونه ممَّا لا يغتفر لعِظَمه، والسبب وراءَ ذلك شدَّة حاجة المسلمين، يقول العزُّ بن عبد السلام رحمه الله[12]: (جُوِّزت الجعالة على عملٍ مجهولٍ مع عاملٍ مجهولٍ ؛ لأنَّ مصلحة ردِّ الضَّائع لا تحصل في الغالب إلَّا كذلك، وشُرِط في الجعل ما شُرط في الأجرة إذ لا تدعو الحاجة إلى مخالفة الأصول فيه إلَّا مسألة العِلْجِ -وهو الكافر الغليظ الشَّديد إذا دلَّ المسلمين على عورات حصون المشركين يُجعل له من مال المشركين- فإنَّه يصحُّ مع أنَّه مجهولٌ غير مملوكٍ ولا مقدورٍ على تسليمه لماسِّ الحاجة إلى ذلك في إقامة مصالح الجعالة)[13]. ويقول العمرانيُّ رحمه الله: (فإن قيل: كيف صحَّت هذه الجعالة بمالٍ لا يملكه الباذل وهو مجهول أيضًا؟ فالجواب: أنَّ الجعالة إنَّما تفتقر إلى عوضٍ معلومٍ يملكه الباذل، إذا عقد ذلك في أموال المسلمين، فأمَّا إذا عقد في أموال المشركين فيصحُّ أن يكون العوض مجهولًا لا يملكه الباذل، كما رُوِيَ: أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم نفَّل في البدأة الرُّبع، وفي القفول الثُّلث[14]، وإنَّما يأخذونه من خمس الخمس وإن كان غير مملوكٍ وقت العقد ولا معلومٍ)[15]. وقال البهوتيُّ: (و «لا» يشترط أن يكون معلومًا إن كان من مال حربيٍّ، فيصحُّ أن يجعل الإمام من مال حربيٍّ «مجهولًا» كثُلُثِ مال فلانٍ الحربيِّ، ونحوه، لمن يدلُّ على قلعةٍ، ونحوها)[16]. [1] ما جاء في هذه الورقات مُستلٌّ من رسالتي في مرحلة الدكتوراه بعنوان: (أوصاف عقود المعاوضات المؤثرة في التكييف دراسة وتحليلًا). [2] ينظر: تهذيب اللغة (1/ 239)، والصحاح للجوهري (1/ 330)، ومجمل اللغة ص(625). [3] مقاييس اللغة (4/ 121-122) مختصرًا. [4] أخرجه البزار في مسنده، تتمة مرويات أبي هريرة، برقم (8154) (14/ 400) وقال: (وهذا الحديث لا نعلمه يروى إلا عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الإسناد) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 209): (رواه البزار، وفيه إبراهيم بن خثيم متروك). وأخرجه الطبراني من حديث عائشة في معجمه الأوسط، مسند إبراهيم بن عبد الله أبو مسلم الكشي برقم (2501) (3/ 66) وقال: (لم يرو هذا الحديث عن هشامٍ إلا عطاف، ولا عن عطاف إلا زكريا -هو ابن منظور- تفرد به الحجبي)، وقال الحاكم في مستدركه (1/ 669): (هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)، وتعقَّبه الذهبي كما في مختصر التلخيص (1/ 366): (قال: صحيح، قلت: فيه زكريا بن منظور مجمع على ضعفه)، وقال الألباني عن الحديث: (ضعيف جدًا) سلسلة الأحاديث الضعيفة (14/ 594) وكان قد حسَّنه في صحيح الجامع (2/ 1279) وذكر المحققون في السلسلة الضعيفة أنَّ التَّضعيف كان آخر الأمرين منه، فالخلاصة أن الحديث ضعيف لا يصح. [5] ينظر: الأم للشافعي (4/ 304)، والمغني (6/ 194)، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (16/ 167). [6] ينظر: البيان في مذهب الإمام الشافعي (12/ 199-200)، وأسنى المطالب (4/ 206). [7] ينظر: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (16/ 167)، وكشاف القناع (4/ 203). [8] ينظر: أسنى المطالب (4/ 206)، ومغني المحتاج (6/ 56-57)، والشرح الكبير على المقنع (10/ 130)، ومطالب أولي النهى (4/ 207)، ولم أجد للمالكية نصًا في المسألة إلا أنَّه يصح أن يخرَّج القول بالجواز على ما قرروه في عقد الجعالة على نسبةٍ مشاعةٍ من محلِّ العمل ينظر: البيان والتحصيل (8/ 508)، وشرح مختصر خليل للخرشي (7/ 10)، وقد بحثت هذه المسألة بتفصيلها في بحثٍ لي بعنوان: (عقد المحاماة على نسبة مشاعة مما يحكم به). [9] أخرجه أبو عبيد في الأموال ص(176)، ومن طريقه ابن المنذر في الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (11/ 230)، والبلاذري في فتوح البلدان ص(368)، وينظر: التلخيص الحبير (4/ 223). [10] البيان في مذهب الإمام الشافعي (12/ 199). [11] الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (11/ 275). [12] هو عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن حسن بن محمد ابن مهذب أبو محمد السلمي الدمشقي ثم المغربي، لقَّبه ابن دقيق العيد بسلطان العلماء شيخ الشافعية، برع في المذهب حتى فاق بذلك أقرانه، وكان عارفًا بالتفسير والحديث والفقه والعربية والأصول واختلاف المذاهب والعلماء، حتى بلغ رتبة الاجتهاد، وكان ورعًا ناسكًا أمَّارًا بالمعروف نهاء عن المنكر، حدث ودرس وأفتى وصنف وتولى الحكم بمصر، وله تصانيف منها: التفسير، والقواعد الكبرى والقواعد الكبرى ومقاصد الصلاة وغيرها، توفي رحمه الله سنة (660هـ). ينظر: تاريخ الإسلام (14/ 933)، وطبقات الشافعيين (1/ 873)، والعقد المذهب ص(159). [13] قواعد الأحكام (2/ 145)، وينظر: مغني المحتاج (6/ 56-57)، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (16/ 167). [14] أخرجه الترمذي في سننه، أبواب السير، باب في النفل برقم (1561) (3/ 182) وقال: (حديث عبادة حديث حسن)، وابن ماجه في سننه، كتاب الجهاد، باب النفل برقم (2852) (4/ 115) من حديث عبادة بن الصامت. [15] البيان في مذهب الإمام الشافعي (12/ 199-200). [16] كشاف القناع (4/ 203).
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |