السخاء - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         خواطرفي سبيل الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 35 - عددالزوار : 6886 )           »          قلبٌ وقلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 35 - عددالزوار : 6449 )           »          وتبقى الصلاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 148 )           »          الإمام الأوزاعي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          قولَ الحقِّ لم يدع لي صديقاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الدعاء والذكر عند قراءة القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 70 )           »          صور من تأذي النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 25 - عددالزوار : 7260 )           »          سمك العنبر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          لماذا أولادنا لا يتعلمون ولا يجدون عملا؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          البدائل الشرعية للقروض الربوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24-04-2025, 01:50 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,114
الدولة : Egypt
افتراضي السخاء

السخاء

د. محمود بن أحمد الدوسري


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَالْإِسْلَامُ دِينُ الْكَرَمِ وَالسَّخَاءِ، وَالْمُسْلِمُ جَوَادٌ بِمَا جُبِلَ عَلَيْهِ مِنْ فِطْرَةٍ سَلِيمَةٍ، وَحِينَ يُعْطِي فَإِنَّهُ يَأْتَمِرُ بِأَمْرِ دِينِهِ وَعَقِيدَتِهِ، وَيَهْتَدِي بِهَدْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. السَّخَاءُ: هُوَ بَذْلُ ‌مَا ‌يُقْتَنَى ‌بِغَيْرِ ‌عِوَضٍ[1]، وَقِيلَ: بَذْلُ الْمُؤَمَّلِ قَبْلَ إِلْحَافِ السَّائِلِ[2]. قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (السَّخَاءُ مَا كَانَ ابْتِدَاءً، فَأَمَّا مَا كَانَ عَنْ مَسْأَلَةٍ؛ فَحَيَاءٌ ‌وَتَذَمُّمٌ)[3]. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (حَدُّ السَّخَاءِ: ‌بَذْلُ ‌مَا ‌يُحْتَاجُ ‌إِلَيْهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَأَنْ يُوصَلَ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ بِقَدْرِ الطَّاقَةِ)[4].

قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (السَّخَاءُ مِنْ أَشْرَفِ الصِّفَاتِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّى نَفْسَهُ بِالْكَرِيمِ الْوَهَّابِ. وَأَمَّا الْبُخْلُ فَلَيْسَ مِنْ صِفَاتِ الْأَنْبِيَاءِ، وَلَا الْجِلَّةِ الْفُضَلَاءِ)[5]. وَلِذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ كَانَ لِي عَدَدُ هَذِهِ الْعِضَاهِ[6] نَعَمًا لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ، ثُمَّ لَا تَجِدُونِي بَخِيلًا» (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).

وَالسَّخَاءُ يَأْسِرُ الْقُلُوبَ، وَيُطَيِّبُ النُّفُوسَ، فَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «مَا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْإِسْلَامِ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ، قَالَ: فَجَاءَهُ رَجُلٌ؛ فَأَعْطَاهُ غَنَمًا بَيْنَ جَبَلَيْنِ، فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ: يَا قَوْمِ أَسْلِمُوا؛ فَإِنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِي عَطَاءً لَا يَخْشَى الْفَاقَةَ» (رَوَاهُ مُسْلِمٌ). فَتَأَمَّلْ؛ كَيْفَ أَثَّرَ السَّخَاءُ النَّبَوِيُّ عَلَى قَلْبِ هَذَا الرَّجُلِ، فَأَصْبَحَ دَاعِيَةً إِلَى الْإِسْلَامِ.

وَالسَّخَاءُ أَنْوَاعُهُ كَثِيرَةٌ: فَأَعْظَمُ السَّخَاءِ بَذْلُ الرُّوحِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا، وَكَذَا السَّخَاءُ بِالْعِلْمِ، وَالسَّخَاءُ بِالْجَاهِ، وَالسَّخَاءُ بِالْمَالِ، وَالسَّخَاءُ بِالْعِرْضِ، وَالسَّخَاءُ بِالصَّبْرِ وَالِاحْتِمَالِ وَالتَّغَافُلِ، وَالسَّخَاءُ بِالْخُلُقِ. وَغَيْرِ ذَلِكَ.

قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (السَّخَاءُ نَوْعَانِ: فَأَشْرَفُهُمَا: سَخَاؤُكَ عَمَّا بِيَدِ غَيْرِكَ. وَالثَّانِي: سَخَاؤُكَ بِبَذْلِ مَا فِي يَدِكَ. فَقَدْ يَكُونُ الرَّجُلُ مِنْ أَسْخَى النَّاسِ- وَهُوَ لَا يُعْطِيهِمْ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ سَخَا عَمَّا فِي أَيْدِيهِمْ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ بَعْضِهِمُ: السَّخَاءُ أَنْ تَكُونَ بِمَالِكَ مُتَبَرِّعًا، وَعَنْ مَالِ غَيْرِكَ مُتَوَرِّعًا)[7].

وَأَسْخَى النَّاسِ هُمُ الْأَنْبِيَاءُ، وَسَخَاؤُهُمْ لَا حَدَّ لَهُ، وَأَسْخَاهُمْ هُوَ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي كَانَ يُعْطِي عَطَاءَ مَنْ لَا يَخْشَى الْفَقْرَ.

قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: (السَّخَاءُ وَالْبُخْلُ دَرَجَاتٌ: فَأَرْفَعُ دَرَجَاتِ السَّخَاءِ: الْإِيثَارُ؛ وَهُوَ أَنْ تَجُودَ بِالْمَالِ مَعَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ. وَأَشَدُّ دَرَجَاتِ الْبُخْلِ: أَنْ يَبْخَلَ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ مَعَ الْحَاجَةِ، فَكَمْ مِنْ بَخِيلٍ يُمْسِكُ الْمَالَ، وَيَمْرَضُ فَلَا يَتَدَاوَى! وَيَشْتَهِي الشَّهْوَةَ فَيَمْنَعُهُ مِنْهَا الْبُخْلُ. فَكَمْ بَيْنَ مَنْ يَبْخَلُ عَلَى نَفْسِهِ مَعَ الْحَاجَةِ، وَبَيْنَ مَا يُؤْثِرُ عَلَى نَفْسِهِ مَعَ الْحَاجَةِ! فَالْأَخْلَاقُ عَطَايَا يَضَعُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَيْثُ يَشَاءُ.

وَلَيْسَ بَعْدَ الْإِيثَارِ دَرَجَةٌ فِي السَّخَاءِ، وَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْإِيثَارِ، فَقَالَ: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الْحَشْرِ: 8]، وَكَانَ سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ قِصَّةَ أَبِي طَلْحَةَ؛ لَمَّا آثَرَ ذَلِكَ الرَّجُلَ الْمَجْهُودَ بِقُوتِهِ، وَقُوتِ صِبْيَانِهِ)[8].

قَالَ ابْنُ حِبَّانَ الْبُسْتِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (فَالْوَاجِبُ عَلَى الْعَاقِلِ: أَنْ يَبْلُغَ مَجْهُودَهُ فِي أَدَاءِ الْحُقُوقِ فِي مَالِهِ، وَالْقِيَامِ بِالْوَاجِبِ فِي أَسْبَابِهِ، مُبْتَغِيًا بِذَلِكَ الثَّوَابَ فِي الْعُقْبَى، وَالذِّكْرَ الْجَمِيلَ فِي الدُّنْيَا؛ إِذِ السَّخَاءُ مَحَبَّةٌ وَمَحْمَدَةٌ، كَمَا أَنَّ الْبُخْلَ مَذَمَّةٌ وَمَبْغَضَةٌ، وَلَا خَيْرَ فِي الْمَالِ إِلَّا مَعَ الْجُودِ)[9].

وَمِنْ أَعْظَمِ آثَارِ السَّخَاءِ الْحَمِيدَةِ: حِفْظُ الدِّينِ؛ فَالْمَسَاجِدُ، وَالْمَدَارِسُ، وَالْمَشَارِيعُ الْخَيْرِيَّةُ، وَغَيْرُهَا، كُلُّهَا مِنْ مَآثِرِ السَّخَاءِ، وَلِلسَّخَاءِ أَثَرٌ عَظِيمٌ فِي إِنْقَاذِ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ مِنْ عَوَزِ الْفَقْرِ، الَّذِي قَدْ يَنْجَرِفُ بِهِمْ إِلَى فَسَادِ الْأَخْلَاقِ، وَلِلسَّخَاءِ أَثَرٌ فِي صِيَانَةِ الْأَعْرَاضِ، بِبَذْلِ الْمَالِ لِذِي الْحَاجَةِ. ثُمَّ إِنَّ الْأَسْخِيَاءَ يَصُونُونَ أَعْرَاضَهُمْ بِمَا يَسُدُّونَ بِهِ أَفْوَاهَ أُنَاسٍ – لَوْلَا عَطَاؤُهُمْ – لَأَطْلَقُوا أَلْسِنَتَهُمْ بِذَمِّهِمْ وَهِجَائِهِمْ، وَاخْتَلَقُوا لَهُمْ مَعَايِبَ؛ كَمَا قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ‌
أَصُونُ ‌عِرْضِي بِمَالِي لَا أُدَنِّسُهُ ** لَا بَارَكَ اللَّهُ بَعْدَ الْعِرْضِ فِي الْمَالِ[10]

وَلِلسَّخَاءِ أَثَرٌ فِي ائْتِلَافِ الْقُلُوبِ، وَتَأْكِيدِ رَابِطَةِ الْإِخَاءِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ؛ بِالضِّيَافَةِ، وَالْهَدِيَّةِ، وَنَحْوِهَا، وَهَذَا مِمَّا يُذْهِبُ الْجَفْوَةَ.

وَلِلسَّخَاءِ أَثَرٌ فِي سَتْرِ الْعُيُوبِ، وَإِنْ كَثُرَتْ، قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَإِنْ كَثُرَتْ عُيُوبُكَ فِي الْبَرَايَا ** وَسَرَّكَ أَنْ يَكُونَ لَهَا غِطَاءُ
‌ تَسَتَّرْ ‌بِالسَّخَاءِ فَكُلُّ عَيْــــبٍ ** يُغَطِّيهِ -كَمَا قِيلَ: السَّخَاءُ

وَمِنْ أَهَمِّ مَجَالَاتِ السَّخَاءِ[11]:
1- أَنْ يَكُونَ لِلْإِنْسَانِ دَيْنٌ عَلَى آخَرَ فَيَطْرَحُهُ عَنْهُ، وَيُخْلِيَ ذِمَّتَهُ مِنْهُ – وَهُوَ يَسْتَطِيعُ الْوُصُولَ إِلَيْهِ دُونَ عَنَاءٍ وَلَا تَعَبٍ.

2- أَنْ يَسْتَحِقَّ أَجْرًا عَلَى عَمَلٍ؛ فَيَتْرُكَ الْأَجْرَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ.

3- سَعْيُ الْإِنْسَانِ فِي قَضَاءِ حَوَائِجِ النَّاسِ، وَتَنْفِيسِ كُرُبَاتِهِمْ.

4- السَّخَاءُ بِالْجَاهِ؛ بِحَيْثُ يَبْذُلُهُ فِي سُبُلِ الْخَيْرِ، وَالشَّفَاعَاتِ الْحَسَنَةِ؛ مِنْ إِحْقَاقِ الْحَقِّ، وَنُصْرَةِ الْمَظْلُومِ، وَإِعَانَةِ الضَّعِيفِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.

5- سَخَاءُ الْإِنْسَانِ بِرِيَاسَتِهِ؛ فَيَحْمِلُهُ سَخَاؤُهُ عَلَى امْتِهَانِهَا، وَالْإِيثَارِ فِي سَبِيلِ قَضَاءِ حَاجَاتِ الْمُلْتَمِسِ.

6- سَخَاءُ الْإِنْسَانِ بِرَاحَتِهِ وَإِجْمَامِ نَفْسِهِ؛ فَيَجُودُ تَعَبًا وَكَدًّا فِي مَصْلَحَةِ غَيْرِهِ.

7- سَخَاؤُهُ بِوَقْتِهِ فِي سَبِيلِ نَفْعِ النَّاسِ أَيًّا كَانَ ذَلِكَ النَّفْعُ.

8- سَخَاؤُهُ بِبَذْلِ النُّصْحِ وَالْإِرْشَادِ، وَالتَّعْلِيمِ وَالتَّوْجِيهِ.

9- السَّخَاءُ بِالْعِلْمِ، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنَ السَّخَاءِ بِالْمَالِ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ أَشْرَفُ مِنَ الْمَالِ.

10- السَّخَاءُ بِالْعِرْضِ؛ بِحَيْثُ يَسْخُو الْمَرْءُ بِعِرْضِهِ لِمَنْ نَالَ مِنْهُ، فَيَعْفُو وَيَصْفَحُ، وَفِي هَذَا السَّخَاءِ مِنْ سَلَامَةِ الصَّدْرِ، وَرَاحَةِ الْقَلْبِ، وَالتَّخَلُّصِ مِنْ مُعَادَاةِ الْخَلْقِ مَا فِيهِ.

11- السَّخَاءُ بِالصَّبْرِ، وَالِاحْتِمَالِ، وَالِاحْتِسَابِ، وَالْإِغْضَاءِ، وَهِيَ مَرْتَبَةٌ شَرِيفَةٌ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا إِلَّا أَصْحَابُ النُّفُوسِ الْكِبَارِ.

12- السَّخَاءُ بِالْخُلُقِ، وَالْبِشْرِ، وَالتَّبَسُّمِ، وَالْبَشَاشَةِ، وَمُقَابَلَةِ النَّاسِ بِالطَّلَاقَةِ؛ فَذَلِكَ فَوْقَ السَّخَاءِ بِالصَّبْرِ وَالِاحْتِمَالِ وَالْعَفْوِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي بَلَغَ بِصَاحِبِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ، وَهُوَ أَثْقَلُ مَا يُوضَعُ فِي الْمِيزَانِ، وَفِيهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَنَافِعِ وَالْمَسَارِّ، وَأَنْوَاعِ الْمَصَالِحِ مَا فِيهِ.

13- دِلَالَةُ النَّاسِ عَلَى وُجُوهِ الْخَيْرِ، وَتَذْكِيرُهُمْ بِطُرُقِهِ، وَحَثُّهُمْ عَلَى الْجُودِ وَالْإِنْفَاقِ؛ فَالدَّالُّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ.

14- سَخَاءُ النَّفْسِ بِتَرَفُّعِهَا عَنِ الْحَسَدِ، وَحُبِّ الِاسْتِئْثَارِ بِخِصَالِ الْحَمْدِ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ صُوَرِ السَّخَاءِ الْخَفِيَّةِ الْجَمِيلَةِ؛ بِأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءُ لِإِخْوَانِهِ وَأَصْدِقَائِهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ، فَيَفْتَحَ لَهُمُ الْمَجَالَاتِ، وَيُعْطِيَهُمْ فُرْصَةً لِلْإِبْدَاعِ، وَالْحَدِيثِ، وَالْمُشَارَكَةِ، وَمِنَ الصُّوَرِ الْخَفِيَّةِ أَيْضًا: أَنْ يَفْرَحَ لِنَجَاحِهِمْ، وَيَحْزَنَ لِإِخْفَاقِهِمْ، وَقَلَّ مَنْ يَتَفَطَّنُ لَهَا.

15- شُكْرُ الْكِرَامِ الْأَسْخِيَاءِ، وَالدُّعَاءُ لَهُمْ، وَتَشْجِيعُهُمْ عَلَى مَزِيدٍ مِنَ الْبَذْلِ.

16- سَخَاءُ الْمَرْءِ عَمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ؛ فَلَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ، وَلَا يَسْتَشْرِفُ لَهُ بِقَلْبِهِ، وَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُ بِحَالِهِ، أَوْ لِسَانِهِ.

17- سَخَاءُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ، فَذَلِكَ أَرْوَعُ مَا فِي السَّخَاءِ، وَأَرْوَعُ مَا فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى.

وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ: بِأَنَّ السَّخَاءَ لَيْسَ مُقْتَصِرًا عَلَى بَذْلِ الْمَالِ فَحَسْبُ، بَلْ إِنَّ مَفْهُومَهُ أَوْسَعُ، وَصُوَرَهُ وَمَجَالَاتِهِ أَعَمُّ وَأَشْمَلُ.

وَمِنْ أَهَمِّ فَوَائِدِ السَّخَاءِ:
1- أَنَّهُ مِنْ كَمَالِ الْإِيمَانِ، وَحُسْنِ الْإِسْلَامِ.

2- فِيهِ دَلِيلٌ لِحُسْنِ ظَنِّ الْعَبْدِ بِرَبِّهِ سُبْحَانَهُ تَعَالَى.

3- السَّخِيُّ مَحْبُوبٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَيُحِبُّهُ النَّاسُ.

4- الثُّنَاءُ الْحَسَنُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ- إِنْ كَانَ مُخْلِصًا فِي سَخَائِهِ.

5- يَبْعَثُ السَّخَاءُ عَلَى التَّكَافُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ، وَالتَّوَادِّ بَيْنَ النَّاسِ.

6- السَّخَاءُ يَزِيدُ الْبَرَكَةَ فِي الرِّزْقِ وَالْعُمْرِ.

7- يُزَكِّي الْأَنْفُسَ وَيُطَهِّرُهَا مِنْ رَذَائِلِ الْأَنَانِيَّةِ الْمَقِيتَةِ، وَالْأَثَرَةِ الْقَبِيحَةِ، وَالشُّحِّ الذَّمِيمِ.

[1] انظر: فتح الباري، (10/ 457).
[2] انظر: الذريعة إِلى مكارم الشريعة، للراغب (ص286).
[3] ربيع الأبرار ونصوص الأخيار، للزمخشري (4/ 380).
[4] أدب الدنيا والدين، (ص184).
[5] شرح صحيح البخاري، (9/ 232).
[6] الْعِضَاه: كل شجر عظيم له شوك. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، (4/ 335).
[7] الوابل الصيب، (ص77).
[8] مختصر منهاج القاصدين، (ص205).
[9] روضة العقلاء ونزهة الفضلاء، (ص235).
[10] ديوان حسان بن ثابت، (ص192).
[11] انظر: مدارج السالكين، (2/ 278)؛ الآداب الإِسلامية، (ص2/ 1212).








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 56.61 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 54.94 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.95%)]