سلوكيات غير صحيحة سائدة في حياتنا الأسرية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4962 - عددالزوار : 2067152 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4538 - عددالزوار : 1336109 )           »          في آخر الزمان تصبح السنة بدعة والبدعة سنة (اخر مشاركة : عبد العليم عثماني - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 606 - عددالزوار : 339563 )           »          فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 379 - عددالزوار : 156475 )           »          {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ}ا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 394 - عددالزوار : 92533 )           »          السَّدَاد فيما اتفقا عليه البخاري ومسلم في المتن والإسناد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 64 - عددالزوار : 14146 )           »          الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 68 - عددالزوار : 53422 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 84 - عددالزوار : 47088 )           »          درر وفوائـد من كــلام السلف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 15504 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأمومة والطفل
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الأمومة والطفل يختص بكل ما يفيد الطفل وبتوعية الام وتثقيفها صحياً وتعليمياً ودينياً

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20-04-2025, 01:52 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,002
الدولة : Egypt
افتراضي سلوكيات غير صحيحة سائدة في حياتنا الأسرية

سلوكيات غير صحيحة سائدة في حياتنا الأسرية- الـتســــــلــــط


الإسلام هو الذي يبني أسرة عميقة الجذور مباركة الثمار، قوية الأركان، والأسرة هي المحضن الطبيعي لتنشئة الإنسان الحضاري الفعّال في مجتمعه وفق المنهج الرباني في التربية والسلوك، ولكي تستقر الأسرة لابد من تنظيمها ووضع قانون يحكمها، ويقاوم ويعدّل السيئ فيها بِعدِّها مؤسسة اجتماعية؛ لذا كان لابد من التعرض لبعض السلوكيات التي سادت حياتنا الأسرية، وأحدثت تمزقا نفسيا وعلى أساسها اهتزت العلاقات السوية، وفقدت الاستقرار والأمان. ونتناول ذلك في سلسلة أسبوعية، نحاول من خلالها تسليط الضوء باختصار على كل سلوك وأثره على استقرار الأسرة، ونتناول اليوم أول هذه السلوكيات وهو (التسلط).
التسلط هو السطوة والاستبداد والقوة والاستعباد، وكثير من الرجال في مجتمعاتنا تربى على أنه يحق له عمل كل شيء تحت مسمى القوامة.. يزجر، يتوعد، يأمر، ينهى وعند النقاش لسان حاله يُسرع بآية القوامة، وكثيرا ًمن الآباء نجدهم متعلقين بأبنائهم إلى درجة الجنون، وهذا ليس بالشيء الخطأ من وجهه نظر الآباء، ولكنهم لا يشعرون أنهم بهذه الطريقة قد يدمرون أطفالهم؛ لذا فنحن نعيش التسلط في أدق تفاصيل الحياة تسلط القوي على الضعيف سواء بحكم الشخصية أو بحكم التسلسل كالآباء على الأبناء، لكن الأغلب في مجتمعاتنا فوز الرجل في هذا الصراع باعتبار القوة والجنس وبسند شرعي، مع أننا لا نعدم حالات تسلط المرأة فالمرأة المتسلطة تصبح في غاية التعاسة؛ لأنها تكتشف أن زوجها فقد رجولته أمامها؛ وبالتالي تفقد هي أنوثتها، فحالة تسلط المرأة أقبح من حالة الرجل؛ لأنها تخرجها عن فطرتها.
المفهوم الخطأ للقوامة
قال تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} (النساء: 34) كرّم الإسلام المرأة بأن هيأ لها أسباب الاستقرار والراحة والأمان، فأوجب على زوجها النفقة والكسوة والسكن، كما أمره برعايتها والتلطف معها وجعلها تحت قيّم يقوم على شؤونها، وينظر إلى مصالحها، فإن وظيفة القوامة هي مسؤولية الزوج عن إدارة دفة سفينة الأسرة وليست حقه في الإساءة للزوجـة والتقليـل مـن شأنها أو تكليفهـا مـا لا تطيـق، فالقوامة ليست أمراً ونهياً وزجراً وتأديباً وقهراً وتعنتاً على المرأة ومصادرة رأيها والازدراء بشخصيتها كما يدّعي بعض الجاهلين الغافلين الذين يعتقدون أن القوامة هي إذلال المرأة وضربها وطمس شخصيتها تماماً، فلا يجب الأخذ برأيها حتى في القرارات المصيرية التي تخص حياتها هي وزوجها وأولادها، وحتى يصل الأمر ببعض الأزواج إلى منعها عن زيارة أهلها من باب القوامة فضلاً عن السيطرة على أموالها من قبل الأب أو الأخ أو الزوج مع أن الإسلام كفل لها حريتها الخاصة في التصرف في أموالها، فالرجولة تعني الالتزام والإنفاق والمسؤولية، ولا تعني الخسة والسيطرة وأكل مال الزوجة بالباطل.
لكن الزوج المؤمن الصادق الإيمان الذي يفهم مغزى أحكام الإسلام في تكامل الأسرة يعرف أن قوامته هي وظيفة شرعية جعلها الشارع للرجل، ومن ثم فإن عليه مراعاة النصوص الشرعية عند مباشرة تلك الوظيفة بأن يكون عادلاً في تعامله منصفاً في معاملته لزوجته مراعياً حقوقها وواجباتها، ومما يؤسف له أن الكثير من الرجال يستخدمون القوامة على أنها سيف مسلط على رقبة المرأة، وكأنه لا يحفظ من القرآن الكريم سوى آية القوامة، ولا من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم سوى الأحاديث التي تبين عِظم حق الزوج على زوجته، وينسى أو يتناسى الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تحذر الأزواج من ظلم أزواجهم، وتُبين لهم حرمة الاعتداء على النساء سواءٌ أكان ذلك الاعتداء مادياً أم معنوياً، وهذا ما يجعل المرأة تشعر بأن حقوقها قد هُضمت وهذا مما يحاول كثير من أعداء الإسلام تأكيده وجعله نافذة يلِجُون من خلالها إلى أحكام الشريعة الإسلامية، ويعملون على تشويهها.
أثر التسلط الأسري على الأبناء
التسلط وسيلة نعتمدها من أجل توجيه الأطفال وتربيتهم على اعتقاد بأنه الأسلوب الأسهل في ضبط النظام والمحافظة على الهدوء، ولا يكلف الكثير من العناء والجهد وذلك وفقا لفكر خطأ ونفسية مريضة وخلفيات تربوية واجتماعية أثرت على الأب والأم في طفولتهم «أي انعكاس لتربية التسلط التي عاشوها بأنفسهم عندما كانوا صغارا»، وتورث هذه الآثار السلبية على حياة طفلهم وعلى نموه الاجتماعي والنفسي:
1- إضعاف شخصية الطفل واعتماده على الآخرين وعدم تحمل المسؤولية حتى في مرحلة المراهقة والنضوج.
2- تمرده على سلطة والديه وعدم احترامه لوالديه أو تطبيقه لقوانينهما.
3- تحوله إلى شخص غير قادر على التكيف الاجتماعي والعجز على حل المشكلات في حياته؛ لأنه لم يخض التجارب الحياتية التي تؤهله لذلك.
4- خوف مرضي من والديه وانعدام العلاقة بينهم، ويتأثر سلوكه معهم فيبتعد عنهم، وإذا رآهم ارتعد وهرب إلى غرفته، وإذا مرّ بالقرب منهم ارتجف وتنحى.
5- التردد؛ حيث يفقد الطفل الثقة في نفسه، ويكون دائم التردد، ولا تكون لديه قدرة على اتخاذ القرار، خوفاً من ارتكاب الخطأ وخوفاً من السخرية المحتملة والتأنيب، ويظهر ذلك جلياً عند الكبر.
6- انطواؤه وعدم قدرته على تكوين علاقات مع الآخرين، فيصبح شخصاً وحيداً.
الزوجة وتسلط الزوج
عندما تفتقد الأسرة التفاهم والمرونة في التعامل، ولا يرى طرف فيهم رأي آخر غير رأيه فيصبح التسلط هو لغة البيت، وننسى أننا لا نعيش بمفردنا، ونفتقد الكثير من المقومات العائلية والاجتماعية، ولكن ليس كل الرجال متسلطين؛ فالتسلط ليس صفة تخص الرجل وحده فكثير من النساء أيضاً يتصفن بهذه الصفة وينلن من آثارها المدمرة للشخصية وللأسرة بأكملها، ولكن التسلط في المجتمعات العربية الإسلامية صفة تسُود عند الرجال، فإن ابتليت الزوجة بتسلط رجل عليها فلا تلجأ إلى وسائل سلبية للتخلص من هذا التسلط وعنفه كالكذب أو الشكوى وتضخيم العيوب وحتى الرضوخ التام ليس سوى وسيلة مؤقتة ويصبح عبئاً نفسيا مضاعفاً عليكِ مع الوقت. يقول خبراء النفس في نصحهم للمرأة التي تعاني تسلط الرجل: لكي تقومي بإبطال مفعول القنابل الكلامية لهذا الرجل اجتهدي أن تحتفظي بهدوئك، ولا داعي لذرف الدموع أو الرد بقنابل كلامية مضادة، فهذا لن يكون له من أثر إلا زيادة حدة شراسة الرجل، وسرعة انفعاله، فقط واجهيه بهدوء، واجعليه يفرغ كل ما بداخله من انتقاد، وتلك هي أفضل طريقة لكي تمنحيه الفرصة ليتمالك نفسه ويهدأ. فإذا وصل هدوؤه إلى حد السكون، ابدئي عتابك بليونة، فمن المهم أن تتصافى النفوس أولاً بأول؛ لأن تراكم المشكلات يؤدي إلى صعوبة حلها، وقد تتحول إلى نوع من النفور والكراهية بداخلنا، وعلى المخطئ أن يبادر بالاعتراف بخطئه سريعاً؛ لأن العناد يؤدي إلى الانهيار، فلا داعي لأن تتكيفي مع زوجك المتسلط بل عليكِ تغييره بالذكاء والصبر والحكمة؛ لذا فهدوؤك هو أفضل أسلحتك في مواجهة مثل هذا الرجل المتسلط.
فالأسرة التي يُمارس فيه التسلط وتتخذ من الضغط واستعمال القوة منهجاً يشعر أفرادها بأن حاجتهم مهددة وغير مقبولة، وأن كيانهم مهدد على الدوام تزيد فيها مشاعر الخوف والخجل، وتقل فيها الثقة بالنفس؛ لأنها فقدت العفوية والتلقائية واخترقتها المشكلات العصبية وانعدام الاستقرار.



اعداد: إيمان الوكيل





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11-05-2025, 04:13 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,002
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلوكيات غير صحيحة سائدة في حياتنا الأسرية

سلوكيات غير صحيحة سائدة في حياتنا الأسرية – الـتـعــصــب


الأسرة في الإسلام كيان مقدَّس، وهي اللَّبِنَة الأساسية في بناء المجتمع الإنساني السليم، ولهذا أَوْلَى الإسلام بناءها عناية فائقة، وأحاط إنشاءها بأحكام وآداب تكفل أن يكون البناء متماسكاً قويّاً، يحقِّق الغاية الكبرى من وجوده، وعند غياب هذه الآداب ووجود ما يخالفها فإن كثيراً من المشكلات والأزمات تحدث بين الزوجين، فتتعرض الأسرة إلى هزَّات عنيفة، قد تؤدِّي إلى زعزعة أركانها وانفصام عراها، وأحاول في هذه السلسلة استعراض بعض السلوكيات السلبية التي سادت في بعض الأسر وأحدثت تمزقًا نفسيًا وعلى إثرها اهتزت العلاقات داخل الأسرة، وفقدت الاستقرار والأمان، واليوم نتناول إحدى هذه السلوكيات وهي التعصب.
التعصب هو اتجاه سلبي يتكون لدى الفرد من محصلة تجارب وخبرات وتفاعلات اجتماعية، وهو من أشد الآفات الاجتماعية والنفسية وأكبرها؛ حيث تفتك بالأسرة وتؤدي إلى انهيارها.
والتعصب هو التشبث بالرأي والاعتقاد بأنك دائماً على صواب، والمغالاة في فرض الأوامر وهذا المشهد تراه داخل الأسرة مع الأم والأب للأبناء، والزوج للزوجة، ويتضمن أيضاً إلقاء المحاضرات المطولة أو امتلاكك للرأي والكلمة الأخيرة دائماً حتى لو أجمع غيرك على خطئك، فالإقناع شيء وفرض الرأي بالقوة شيء آخر، ولا يلجأ إلى هذا الأخير إلا من قصر رأيه، وضعفت حجته، وزل منطقه. وما أجمل هذه الحكاية التي يروى فيها أن زوجا قبض على طائر صغير، وأخذ يتأمله مع زوجته، ثم قال: ما أجمل هذا العصفور! فأجابت الزوجة: عفواً إنها عصفورة.
فقال الزوج: عصفور.
فقالت الزوجة: عصفورة.
وتشبث كل منهما برأيه، واحتدم الجدال، وتحول إلى مناقشة، فمشاجرة لم تهدأ نارها إلا بعد وقت طويل، وبعد مضي سنة، تذكر الزوج هذه الحادثة فقال لزوجته ضاحكاً: أتذكرين تلك المشاجرة البلهاء بخصوص العصفور؟
قالت: نعم أذكر، وقد فكرت بالطلاق يوم ذاك، ولكنني أشكر الله على النهاية السعيدة، وأعترف لكَ يا عزيزي أنك كنت على خطأ في إحداث كل هذه الأزمة بسبب عصفورة.. فقال الزوج: عصفورة! ولكنه عصفور، قالت: كلا! بل عصفورة.. واحتدم القتال من جديد!! فكم هناك من عصفور وعصفورة وراء المشاجرات!
أسباب تعصب الزوج على زوجته
1- الأمية الدينية وهي تدني الثقافة الإسلامية ولاسيما فيما يتعلق بحقوق المرأة وكونها تاج أسرتها وحقها في إبداء رأيها وفي تكافؤ الحياة الزوجية.
2- العادات والتقاليد التي تحدد دور المرأة ولاسيما بكونها فقط مطيعة وليس لها حق التعبير واعتقاد الرجل أن له الحق بامتلاكه لزوجة صالحة وأطفال اتخاذ كل قرارات العائلة لمجرد أنه رجل.
3- النظرة السلبية للمرأة بسبب التعصب النوعي ضد المرأة، وبالتالي تصبح المرأة مهمشة داخل المجتمع.
4- المرأة القوية فقد يخشى الرجل فقدانها أو أنها لا تحتاج له؛ لذلك يتخذ التعصب والإلزام أساس المعاملة بينهم لجعلها أكثر اعتماداً عليه.
5- التربية وآثارها فإذا كان الرجل تربي مع أب متعصب فلعله لم يتعلم أسلوباً آخر يتصرف به مع الآخرين.
6- اعتقاد الرجل أن القوامة بالديكتاتورية والتمسك والتعصب في الرأي وحرمان الزوجة من المشاركة في الرأي وإهمال رأيها والابتعاد عن منهج الشورى والمرونة في الحياة الزوجية.
أثر تعصب الزوج وفرض رأيه على زوجته
التعصب صور وألوان كثيرة منها: أن الرجل يحب أن يثبت نفسه بما يقرر ويصمم عليه ولا يسمح بأي نقاش في قراره؛ فالزوج المتعصب يميل إلى صلابة الرأي والمحافظة عليه، ويتصف بجمود الفكر، ويميل إلى العدوانية عند معارضته..
والمرأة أيضا تحب أن تثبت نفسها بالدخول في نقاش للقرارات التي لا تناسبها؛ مما يؤدي إلى العديد من المشكلات الأسرية المترتبة على تعصب الزوج الذي لا يسمح بمجرد النقاش، ويترتب عليها معارضته واتهامه لها بالجدال ولا يستوعب كونها فقط تناقش ولا تعطي قرارات ولا رأياً معتمداً، ويأخذ نقاشها على محمل الجد وهنا ما في شك من حدوث مشكلة، فعندما يكون هدف الرجل بحياته أن يؤمن مستقبل زوجته وأبنائه وبداخله يحدث ذلك فقط بالطاعة له بلا نقاش أو حوار وما يحدث عكس ذلك هو خروج عنه ويصل به الحال إلى أنه يدعي معرفته بكل الأمور فنادراً ما يكون محبوبا من قبل أسرته..
فعليك أن تفهم أن المرأة تثبت نفسها باعتمادها عليك، وأن الاختلافات والمناوشات بينكما تجدد حيوية الحياة الزوجية؛ فاعترف عند قيامك بارتكاب خطأ ما، أو عجزك عن تقديم إجابة لسؤال ما، و لا تسهب في الإجابة عن سؤال يسير؛ لأن ذلك من شأنه أن يزعج زوجتك وحاول ألا تفرض رأيك، وإذا رأيت عدم استعداد الطرف الآخر لقبوله فاسكت لتوفر على نفسك متاعب لا حاجة لك بها.
تعصب الآباء وأثره على الأبناء
التعصب هو وظيفة نفسية خاصة؛ تتلخص في التنفيس عما يعالج في النفس من كراهية وعدوان مكبوت نشأ عليه الفرد ويورثه، فهو مرض اجتماعي يولد الكراهية والعداوة في العلاقات الأسرية فهو حاجز للتفاهم بين الأب والأبناء يعوق النمو النفسي لهم، ويدفعهم إلى الاضطراب، فمن البديهي أن الأطفال لا يولدون ولديهم كراهية وتمرد على الواقع الأسري لكنه شعور مكتسب من تعصب الآباء خلال عملية التربية، فالبعض لا يحب أن يأخذ برأي الابن وإن كان على يقين بأن رأيه صواب حتى لا يقال إن رأي الابن هو الأصح.
والأصل أن نربي الأطفال منذ الصغر على الحوار والاستماع للآخرين، وأن نمارس ذلك عمليا في الأسرة، وأن نبتعد عن التمسك بالرأي الآخر، ولاسيما إذا ثبت أنه خطأ ويؤكد أنه من أساليب التربية تعويد الصغار على الأخذ برأيهم إن كان صوابا، فهذا يعد تحفيزا لهم.
كيفية التعامل مع الشخص المتعصب
إن أكثر ما يحتاجه الرجل من المرأة هو الاحترام وبالمقابل يعطيكِ هو الحب والتقدير، والطريقة المثلي للتعامل مع الشخص المتعصب التي تجبره على الإنصات والاستماع لأي حديث غير حديثه هي الصدق والوضوح:
1- اعرض رأيك بأسلوب مرن مقترناً بجملة «هذا رأي ولك كامل الحرية في اتخاذ القرار» هذا يجعله مؤهلاً للتفكير، ويعطيه انطباعاً أن القرار لا زال بيده.
2- الحديث بأسلوب مباشر وبه كثير من الشجاعة، واعرض رأيك وإيجابياته ولا تسفه رأيه، واذكر بهدوء سلبياته، واحذر أن يكون علاجك للتعصب ناتجاً عن تعصب منك، ولا تبد تعصباً في الدفاع عن رأيك مهما كانت نسبة صحته؛ فتندرج تحت النوع الذي يعشق التحكم في كافة مجريات الأمور كالزوج والأولاد ويحب فرض الأوامر ومشاهدة الآخرين ينصاعون لها وينفذونها.
3- الهدوء واللامبالاة والإصرار عند اتخاذ موقف مضاد لرأيه وهذا كفيل بجعله يشعر بقمة الرفض في البداية، ولكن بعد فترة قد يشعر بالانهزام ولا يصل إلى هذه المرحلة بسهولة، إنما يقوم ببعض الحيل الدفاعية دفاعاً عن آرائه، وبإصرارك وصدك لهذه الحيل الدفاعية يخضع هو أخيراً لموقفك.
4- التعبير عن رأيك بصورة لطيفة وخالية من الخوف ليأخذ فكرة إيجابية عن رأيك ويجد في نفسه رغبة للإنصات إليكِ.
فالأسرة عبارة عن وحدة اجتماعية تقوم على زواج شخصين، يترتب عليه نتاج في الأطفال فلا بد من قيامها على التحاور والود والتفاهم.



اعداد: إيمان الوكيل





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 22-05-2025, 05:27 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,002
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلوكيات غير صحيحة سائدة في حياتنا الأسرية

سلوكيات غير صحيحة سائدة في حياتنا الأسرية




(3) عدم الاحترام


كثيرا ما تتعدد شكاوى النساء من معاملة أزواجهن الخالية من الاحترام، محذرين من أن هذه المعاملة قد تقتل الحب

الأسرة في الإسلام كيان مقدَّس ، وهي اللَّبِنَة الأساسية في بناء المجتمع الإنساني السليم، ولهذا أَوْلَى الإسلام بناءها عناية فائقة ، وأحاط إنشاءها بأحكام وآداب تكفل أن يكون البناء متماسكاً قويّاً، يحقِّق الغاية الكبرى من وجوده، وعند غياب هذه الآداب ووجود ما يخالفها فإن كثيراً من المشكلات والأزمات تحدث بين الزوجين، فتتعرض الأسرة إلى هزَّات عنيفة، قد تؤدِّي إلى زعزعة أركانها وانفصام عراها، وأحاول في هذه السلسلة استعراض بعض السلوكيات السلبية التي سادت في بعض الأسر وأحدثت تمزقًا نفسيًا وعلى إثرها اهتزت العلاقات داخل الأسرة، وفقد الاستقرار والأمان، واليوم نتناول أحد هذه السلوكيات وهو (عدم الاحترام) .
الاحترام حاجة نفسية للإنسان ، فكما يحتاج الإنسان إلى الحب والطعام والشراب؛ فكذلك هو يحتاج إلى احترام الذات وعدم الإهانه والتحقير، فالاحترام يشكل مناخاً صحياً ولاسيما في الحياة الزوجية يولد الحب والمودة بين الزوجين، فهو البنية الأساسية التي يجب أن تبدأ من أول يوم من أيام الزواج، وقيمة عالية جداً يحتاج إليها أي مجتمع، فالاحترام سبب لاستمرار المحبة بين الناس، والاحترام يجعل الروابط تقوى بين الأسر والأصدقاء، فلا بد من الحفاظ عليه ومراعاته وبالأخص بين الزوجين، فالحياة التي يُهين فيها أحد الزوجين الآخر بالألفاظ والتصرفات ولا يراعي مشاعره وأحاسيسه لا تعد حياة سوية، ولا يمكن أن تستمر، وإن استمرت فستكون سجن وليس زواج .
أسباب ظهور عدم الاحترام
عدم الاحترام هو سلوك يعكس البيئة التي تربى بها الفرد، فهو يبدأ بالطفل حينما يكون صغيراً يشاهد والده يهين أمه بالألفاظ أو التصرفات ، فيتأثر تربويا وعند معاملته مع غيره يبدأ بممارسة الدور نفسه الذي شاهده في بيته من عدم احترام الطرف الثاني، وكثير من أفراد الأسرة يدفعون الطفل إلى قلة الاحترام من دون أن يدركوا أن ذلك السلوك قد يتطور إلى تعامل سلبي مع الآخرين، فحينما يتحدث الطفل بصوت مرتفع مع من أكبر منه أو أن يفرض رأيه عليه أو يسبه على سبيل المزح من دون أن يكون هناك ردع لذلك السلوك وتوجيه فإنه يكبر وهو لا يدرك قيمة احترام الآخرين، وأيضاً حينما يتعامل الآباء مع الطفل بطريقة غير محترمة كرفع الصوت أو ندائه بألفاظ غير محببة إليه أو إهانته فيتوارث هذا السلوك ولا تنتظر منه الاحترام في الوقت الذي أصريت أنت على أن تعلمه قلة الاحترام، فعدم الاحترام حينها رد فعل من الفرد لكونه لا يحترم، ويكبر الطفل على عدم الاحترام ليصبح زوج غير محترم لزوجته جاهلاً بآداب الحياة الزوجية وبتكوين أسرة في ظل الاحترام معتقداً بمفاهيم خطأ مثل أن المرأة لتكون مطيعة له يجب ضربها وإهانتها، وأيضاً عدم اهتمام الزوجة بمظهرها وبيتها وأبنائها يجعلها لا تُحترم من قِبل زوجها وكذلك انشغال الزوج مع أهله أو أصدقائه بمبالغة وإهماله لواجباته المنزلية، ومعاملة الزوج «ند .. بند» تفقد الاحترام بينهما وفقدان الاحترام بين الزوجين يؤدي إلى فقدان الحب ، وبالتالي يكره الواحد منهما الآخر .
الآثار المترتبة على عدم الاحترام بين الزوجين
كثيرا ما تتعدد شكاوى النساء من معاملة أزواجهن الخالية من الاحترام، محذرين من أن هذه المعاملة الخالية من الاحترام قد تقتل الحب وتؤثر على كيان الأسرة التي ينشأ فيها أطفال في مجتمع خالٍ من الحب ، ينتهك أحد أطرافها حقوق الآخر، وهو ما يشوش الصورة لديهم منذ الصغر، فعندما تسوء المعاملة ينشأ عدم الاحترام بين الزوجين فيستهين أحدهما بالآخر فلا يقدره ولا يحترمه، وعندما تظهر مشكلة عدم الاحترام بين الزوجين تؤثر على الحياة بينهما، ويمكن أن تدمرها أيضاً؛ لأنها تنعكس على استقرار الأسرة وتربية الأبناء، فالاحترام حاجة أساسية لدوام استمرار الحياة الزوجية وزيادة المحبة فيها فكان صلى الله عليه وسلم قدوة ومثل أعلى للاحترام، عندما جاءته زوجته السيدة صفية تزوره في اعتكافه في العشر الأواخر من رمضان، فتحدثت عنده ساعة ثم قامت لتذهب، فقام النبي صلى الله عليه وسلم معها ليودعها إلى الباب، وفي رواية أخرى أنه قال لها : لا تعجلي حتى أنصرف معك ، وكان بيتها في دار أسامة فخرج معها .. الحديث (رواه البخاري)؛ إذا فالاحترام سر دوام المحبة الزوجية واستمرار الاستقرار العائلي .
همسات تبرز الاحترام بين الزوجين
المرأة عادة تحتاج لتقدير الذات خاصة من أقرب شخص لها والاحترام ليس قاصرا على الأزواج تجاه زوجاتهن بل هو فرض أيضا على الزوجات، ومن مظاهر احترام المرأة لزوجها طاعتها له ، وتزينها له وتبسمها في وجهه وحفظها له ، وعليها أن تبدي له الاحترام بشكل يليق به وتحث أولادها على احترامه وطاعته واستقباله الاستقبال اللائق عند مجيئه بالهدوء وسماع الكلام اللطيف الذي يؤنسه ويذهب عنه التعب أو معاناته مع الناس، وكذلك عدم إظهار عيوبه أمام الآخرين؛ حيث لا يوجد إنسان خال من العيوب فلابد أن يكون في كل إنسان ثغرة أو نقص معين، وعليها أن تلبي طلباته بأدب ، وكذلك تمدحه أمام الأقارب والأصدقاء ولا تتحدث عندما يكون محدثاً بل تشعر الجميع باحترامها وحبها وتقديرها لشخصيته لتجعل له مكانة في أعين ونفوس الآخرين وتحيطه بهالة من الاحترام ولتعلم الزوجة أن احترام الزوج سوف يجعلها محترمة من قبل زوجها ومن قبل الآخرين وإليكم أحبائي بعض الهمسات التي تبرز الاحترام بين الزوجين :
1-النظر بمعنى أن ينظر أحدهما للآخر أثناء حديثه إليه وذلك من آداب الحوار وأصوله والاتفاق على هذه الآداب مثل الانتباه والاهتمام والاستماع وعدم المقاطعة أو السخرية .
2-الاحتفاظ بالأسرار الخاصة فيما بينكما لأن تعريتها أمام الآخرين تقلل من احترام الطرف الآخر لك .
3-عدم إشراك الأهل والأقارب في المسائل الشخصية وحياتكما الخاصة .
4-الصبر على أخطاء الطرف الآخر وتصحيحها بالمودة والرحمة ، والاعتراف بالخطأ لأن تمسّك الفرد برأيه الخاطئ يقلل من احترام الآخرين له .
5-عدم تقليل أحدهما من إنجازات الآخر بتقدير المرأة لرجولة زوجها بأن تعطيه حقه ومكانته ، وعلى الزوج أيضاً أن يقدر أنوثتها ومشاعرها وجهودها وإشباعها بكلمات الحب والمجاملة .
6- دفاع أحد الزوجين عن الآخر أمام أهله أو أصحابه إذا تحدثوا عنه بسوء، فان هذا التصرف الدفاعي يعطي له شعورا باحترام العلاقة الزوجية القائمة بينهما ، ومراعاة الزوج عند الحديث عن زوجته في غيابها مع الأبناء أو الأقارب وأن يذكرها بكل الثناء والتقدير، وكذلك الزوجة عند حديثها عن زوجها .
7- تربية الأبناء وتوجيههم نحو احترام الوالدين، فمثلا إذا دخل الابن، يقول له والده: هل قبلت رأس أمك؟ فإن مثل هذا التصرف يعطي للأم الشعور بالاحترام، وكذلك تفعل الأم مع أبنائها تجاه والدهم .
8- حفظ أدب اللسان واليد في التعامل مع الطرف الآخر وعدم الاستهزاء بشكله أو تصرفاته، وعدم ضربه أو تحقيره أو شتمه، فان هذه التصرفات تؤثر في العلاقة الزوجية سلبا وتهدم بنيان الأسرة، وتزيد من الكراهية بين الزوجين، ولذلك أجازت الشريعة الإسلامية للزوجة طلب الطلاق للضرر إذا أهانـها زوجها وتضررت منه فعلا أو قولا .
9- الاستئذان من أهم آداب الإسلام والزوجان أولى باتباع هذا الأدب الإسلامي الراقي الذي يتيح لكل منهما رؤية صاحبه في أحلى صورة.
10-مشاركة كل طرف الآخر مشاعره في أحزانه وأفراحه، فان هذا من علامات الاحترام ، أما لو تركه لوحده في مشاعره، فان الطرف الآخر يستنتج من ذلك عدم اهتمام الآخر به أو بمشاعره وعدم تقديرها أو احترامها.
ولهذا فإننا نرجو أن يسود الاحترام المتبادل بين الزوجين، والبساطة في التعامل ووضع خط أحمر وحدود عند المعاملة والحفاظ على الاستئذان من بعضهما والاتفاق على وضع حدود لخلافاتهما حتى لا يتم التجاوز عند الغضب لاستقرار واستمرارية الحياة الزوجية.



اعداد: إيمان الوكيل






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 12-07-2025, 10:34 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,002
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلوكيات غير صحيحة سائدة في حياتنا الأسرية

سلوكيات غير صحيحة سائدة في حياتنا الأسرية(4) عـدم الوفـــاء بالوعـــود


الوفاء بالوعد هو التزام خلقي واحترام وتقدير ظروف الآخرين، فمن المهم أن يكون الإنسان صادقا مع الآخرين
الحياة الزوجيَّة حصنٌ يجب الحفاظ عليه، والوفاء بالوعد من الأُمور التي تُساعد على بقاء الحب والمودة فيها

الأسرة في الإسلام كيان مقدَّس، وهي اللَّبِنَة الأساسية في بناء المجتمع الإنساني السليم، ولهذا أَوْلَى الإسلام بناءها عناية فائقة، وأحاط إنشاءها بأحكام وآداب تكفل أن يكون البناء متماسكاً قويّاً، يحقِّق الغاية الكبرى من وجوده، وعند غياب هذه الآداب ووجود ما يخالفها فإن كثيراً من المشكلات والأزمات تحدث بين الزوجين، فتتعرض الأسرة إلى هزَّات عنيفة، قد تؤدِّي إلى زعزعة أركانها وانفصام عراها، وأحاول في هذه السلسلة استعراض بعض السلوكيات السلبية التي سادت في بعض الأسر وأحدثت تمزقًا نفسيًا وعلى إثرها اهتزت العلاقات داخل الأسرة، وفقد الاستقرار والأمان، واليوم نتناول إحدى هذه السلوكيات وهو (عدم الوفاء بالوعد).
الوفاء بالوعد أسلوب تربوي ودَيْن يُحمل على عاتق المربي الذي يراعي المبادئ والأسس السليمة في تربية أبنائه، وقيمة إنسانية وأخلاقية تدعم الثقة بين أفراد الأسرة، فعندما تعد بقيامك بفعل شيء ما قم بفعله وعندما تقول: إنك لن تقوم به التزم بكلمتك فالفعل أبلغ من القول هكذا علمنا صلى الله عليه وسلم فقد قال عبد الله بن عامر: «دعتني أمي يومًا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في بيتنا، فقالت: ها تعال أعطيك، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم »: «وما أردت أن تعطيه؟» قالت: «أعطيه تمرًا»، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أما إنك لو لم تعطيه شيئًا كتبت عليك كذبه». «رواه أبو داود»
عدم الوفاء بالوعد وأثره على الأبناء
عدم الوفاء بالوعد هو طابع تربوي سيء يقع فيه كثير من الآباء إذا أرادوا التخلص من إحراج أحد الأولاد أو إزعاجهم بإعطائهم الكثير من الوعود فيعدونهم بمكافأة ما وفي الغالب لا يوفي؛ مما ينشأ الولد على ذلك الخلق الرذيل، فالذي يليق بك بوصفك مربيا بل ويجب عليك إذا وعدت أحداً من أبنائك وعداً أن تتمه وتفي به، وإن حال بينك وبين إتمامه حائل كظروف خارجة عن إرادتك اعتذر منه، ووضح له سبب التراجع، أما الآباء والأمهات الذين يتعاملون مع وعودهم لأبنائهم على أنها مجرد «كلام» يقال للخروج من المواقف، ولا يقيمون وزناً لكسر الوعد، ويستهينون بأمر الكذب وعدم الوفاء بالوعد تجاه أطفالهم ظناً منهم أن الأمر لا تأثير له على مستوى التربية والسلوك لدى الطفل، فالآباء والأمهات هم الذين يقودون أسرهم وأبناءهم نحو اضطراب في سلوكيات الطفل، فمنهم من يتخذ الكذب سلوكاً تجاه الآخرين تأسياً بوالديه الذين علموه من المهد أن الكذب وعدم الوفاء بالوعد شيء عادي يمكن اعتياده في الحياة، ومن أخطر النتائج التي تترتب على عدم الوفاء بالوعد تظهر في صورة فقدان الطفل للثقة بأبويه؛ جراء عدم التزامهما بالوعد المقطوع، الأمر الذي يجعله يشكك في أي وعد مستقبلي صادر منهما، ويفقد الطفل ثقته بهما، وإذا انقطع حبل الثقة بين الوالد وولده فإنه يصعب وصلها؛ فالطفل يفهم أن والده هو مصدر الرزق له هو من يحضر طعامه وشرابه ولباسه وهو من يحقق كل ما يرجوه في حياته، فإن لم يفِ بوعده له، فإنه يشعر بما يشبه الضياع، لكونه يرى أن الذي يرزقه امتنع عن ذلك، وعلى هذا يعيش الفراغ بالنسبة إلى المستقبل؛ فعدم الوفاء بالوعد يكسر جو الثقة والأمان في الأسرة، والأمان أمر ضروري للحياة والإنتاج.
عدم الوفاء بالوعد وأثره على استقرار الأسرة
الوفاء بالوعد هو التزام خُلقي واحترام وتقدير ظروف الآخرين، فمن المهم أن يكون الإنسان صادقا مع الآخرين، فعندما يقطع الإنسان وعداً على نفسه مع الآخرين ثم يفي به، فلا شك أنه يصبح أهلا للثقة والإعجاب، فمن أبرم عقداً وجب أن يحترمه، ومن أعطى عهداً وجب أن يلتزم به؛ لأنه أساس كرامة الإنسان في دنياه وفي الأغلب هذا من اعتاد على الانضباط فوفاؤه بوعده يكون سلوكا ملازماً له أينما ذهب وفي كل تعاملاته، وإذا تعذر عليه الوفاء لأسباب خارجة عن إرادته بادر بالاعتذار، عكس الذي لا يوفي بوعوده فعدم التزامه يعني وجود خلل في بعض جوانب شخصيته، وقد يكون معتاداً على الكذب منذ صغره ولم يجد من يوجهه أو يربيه وهو دليل على استخفافه واستهتاره بالآخرين، وغالباً ما يكون عدم وفائه بالوعد ناتجاً عن تقصير وعدم اكتراث أكثر مما يكون بسبب انشغاله بأمر من الأمور أو بسبب ظروف طارئة، ففي بعض الأحيان عند زواج الرجل تراه يميل إلى إطلاق العنان للوعود، ولاسيما التي يعرف أن زوجته حريصة عليها كأن يتعهد لها بأن تكمل دراستها، أو أن يسمح لها بالعمل وغيرها من الوعود الخيالية، إلى أن يتم الزواج فيصطدم بواقع تصير الوعود فيه مجرد أمنيات مجهضة ومرهقة؛ مما يجعله يتراجع عما وعد به، وتنظر زوجته إليه نظرة قِلة وازدراء، وسيكون من الصعب أن يكسب ثقتها به مرة أخرى؛ مما يؤدي إلى حياة غير مريحة بينهما أو هدمها، وبعض الزوجات قد تتعمَّد أن تُعامل زوجها في هذه الحالة بالمثل ظناً منها أنه يتعمَّد عدم الوفاء؛ مما يؤدي إلى توسيع دائرة الصراع بينهما؛ لذا أشدد على الزوجة ألا تقف أمام زوجها الند للند؛ لأن ذلك يعجل بنهاية الحياة الزوجية بينهما، وعلى الزوج أن يعترف بخطئه، وأن يعتذر لزوجته عندما يُخلف بوعده، وأن يشرح لها الأسباب التي أدَّت به إلى ذلك، كما أنَّ على الزوجة تقدير ذلك لزوجها ومعالجة المُشكلة القائمة بكل هدوء وعقلانيَّة.
فالحياة الزوجيَّة حصنٌ يجب الحفاظ عليه، والوفاء بالوعد من الأُمور التي تُساعد على بقاء الحب والمودة في الحياة الزوجيَّة، والوعود الكاذبة بين الزوجين ذات أثر سلبيّ على حياتهما الزوجيَّة، فمن المعلوم أنَّ أحد الزوجين لا يلجأ للوعد إلاَّ لأنَّه يريد علاج مشكلة ما في حياته، أو ليخفف من حدة التوتر والاحتقان الذي يطفو على الحياة الزوجية، فيطلق الوعود بعدم تكرار ممارسة سلوك ما، أو يعطي وعداً ليهدئ من حدة النقاش في موقف معين بدون أن يدرك أن الوعد الكاذب في هذه الحالة قد يجعل المُشكلة تكون أكثر تعقيداً، ولكن هناك بعضا من الرجال يكونون صادقين في الوعود التي يذكرونها لشريكة الحياة ؛ إلا أن تغير الظروف يفرض عليهم عدم الوفاء بما وعدوا به؛ لذلك من الأفضل الاتفاق على كل شيء من البداية بوضوح وهو أسلم طريق يجب أن يسلكه كلا الطرفين لكي يضمنوا عيشة مستقرة خالية من أي وعود كاذبة ستودي بهما -عاجلاً أم آجلاً- إلى فشل الحياة بينهما.



اعداد: إيمان الوكيل






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم يوم أمس, 12:12 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,002
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلوكيات غير صحيحة سائدة في حياتنا الأسرية

سلوكيات غير صحيحة سائدة في حياتنا الأسرية – عـدم توفيـر وقــت لأســرتك


الأسرة في الإسلام كيان مقدَّس، وهي اللَّبِنَة الأساسية في بناء المجتمع الإنساني السليم؛ ولهذا أَوْلَى الإسلام بناءها عناية فائقة، وأحاط إنشاءها بأحكام وآداب تكفل أن يكون البناء متماسكاً قويّاً، يحقِّق الغاية الكبرى من وجوده، وعند غياب هذه الآداب ووجود ما يخالفها فإن كثيراً من المشكلات والأزمات تحدث بين الزوجين، فتتعرض الأسرة إلى هزَّات عنيفة، قد تؤدِّي إلى زعزعة أركانها وانفصام عراها، وأحاول في هذه السلسلة استعراض بعض السلوكيات السلبية التي سادت في بعض الأسر، وأحدثت تمزقًا نفسيًا وعلى إثرها اهتزت العلاقات داخل الأسرة، وفقد الاستقرار والأمان، واليوم نتناول أحد هذه السلوكيات وهو (عدم توفير الوقت لأسرتك).
تعددت الأسباب التي تدفع الآباء للانشغال وعدم توفير الوقت الكافي لأسرهم عامة والأبناء خاصة، يقول ابن القيم الجوزية في كتابه (تحفة المودود في أحكام المولود) وكم ممن أشقى ولده وفلذة كبده في الدنيا والآخرة بإهماله وترك تأديبه، وإعانته على شهواته، ويزعم أنه يكرمه وقد أهانه، وأنه يرحمه وقد ظلمه، ففاته انتفاعه بولده، وفوَت عليه حظه في الدنيا والآخرة، وإذا اعتبرت الفساد في الأولاد رأيت عامته من قبل الآباء؛ فالأسرة هي المسؤولة عن تكوين أخلاقيات الطفل وتغذيته بالأمن والطمأنينة، وتجنيبه معظم عوامل القلق والاضطراب؛ لذا فالأسرة التي يغيب عنها دور الأب لانشغاله وتقصيره في تربية أبنائه كثيرا ما يؤدي ذلك إلى نتائج سلبية تهيئ للانحراف؛ فغياب القدوة من أهم الظواهر الأسرية السلبية التي تؤدي إلى حدوث خلل في أساس الأسرة، والمصيبة الأعظم عند انشغال الأم والأب عن الأبناء؛ فهما عمودا البيت حينها تنعدم القدوة الحسنة للأبناء، وأنا هنا لست بصدد التعليق عن الزوج الذي يهرب من مسؤوليات الأسرة ويدعي الانشغال، وهو في حقيقة الأمر منخرط في حياته مع أصدقائه؛ لأن هذا النوع من الأزواج معروف أنه مخطئ ولا بصدد التعليق عن الأم التي تهمل أبناءها وأسرتها بحجج الزيارات والعلاقات الاجتماعية وإنما أتحدث عن الأسر السوية التي تعددت أسبابها لعدم توفير وقت كالأب الذي يعمل لفترات طويلة خارج المنزل وانشغاله عن عائلته بالحصول على المال، أو سفره وعمله خارج البلاد، أو عمله الذي يستغرق كل النهار ويعود بساعات متأخرة من الليل واعتقاده أن مسؤوليته تنحصر في توفير الجانب المادي للبيت، أو عن حالات الطلاق الذي يؤدي إلى انعدام سلطة الأب على الأبناء وتأثرهم بالمشكلات التي ترتب عليها الطلاق وامتناعهم عن محاكاة الأب إذاً فغياب الأب عن أسرته يقلل من نفوذه، ويخلق شعوراً سلبياً عند الأبناء ولاسيما عند ترك مسؤولياته على الأم؛ مما يخلق أعباء نفسية واجتماعية عليها تؤثر سلباً على تربيتها لأبنائها.

عدم توفير الوقت وأثره على الأبناء
لقد كانت الأُسرة المسلمة إلى زمنٍ قريبٍ متماسكةَ الأركان، يعيش الجَد والأبناء والأحفاد تحتَ سقفٍ واحدٍ، تَسُودُها: المودَّة، والمحبةُ، والرحمةُ، والتعاونُ، ولكن اليوم في تغير مستمر؛ فظروف الأسرة الصعبة تدفع بالوالدين إلى الخروج لتلبية حاجيات الحياة المتشعبة، ومحاولة تأمين حياة على الأقل كريمة لهما ولأولادهما، ولكن عندما يفشل الوالدان في وضع خطة ورؤية واضحتين لهذا الغياب، ينعكس الأمر سلباً على تربية الأولاد؛ إذ تتسبب هذه العوامل في زيادة وتيرة العنف داخل الأسرة، فضلا عن غياب ثقافة التربية الصحيحة لدى الوالدين، وأقصد بها ثقافة الاهتمام بدراسة الطفل وغذائه وملبسه وتربيته على السلوك المنضبط لا السلوك الشاذ، فانشغال الأبوين وإهمالهم لأبنائهم وتهاونهم وعدم محاسبتهم على السلوكيات غير المرغوب فيها وتخليهم عن التربية الصحيحة وعدم متابعتهم أو عدم التدخل في اختيارهم لأصدقائهم سواء بالرقابة أم التوجيه الصحيح للاختيار؛ مما يؤدي إلى تعرض الأبناء للانحراف ولاسيما عند تقصير الأم أيضاً في واجبها التربوي.
وقد بينت الدراسات أن فقد الطفل لرعاية أبويه واهتمامهما له آثار بالغة على نفسية الطفل مثل الجوع الوجداني، الانطوائية والاكتئاب، فضعف الجانب العاطفي الأبوي، وانعدام المشاعر الأبوية تجاه الأبناء يؤدي إلى انعدام الحنان والمحبة بين الطرفين وحدوث حالات نفسية مكتئبة لدى الأبناء، فقد تحدث بعض الاضطرابات في حياة الطفل، ويتجلى ذلك في مشاعر الخوف والقلق التي تنتاب الطفل بين الحين والآخر، ولاسيما أثناء النوم، أو من خلال أعراض نفسية جسديه كقضم الأظافر، تبول لا إرادي، عدم التركيز، كثرة النسيان، الميل للعزلة، وعند شلل الهيكل التربوي نتيجة لغياب الأب المستمر، تضعف الجوانب العلمية والفكرية والثقافية لدى الأبناء وتحمل الأم العبء الأكبر من مسؤولية تربية الأبناء في جميع الجوانب، وهذا يؤدي بلا شك إلى تقصيرها في التربية، بسبب غياب دور الأب ومسؤوليته في المنزل.
فالأب هو ربان سفينة الأسرة، يقودها بفطنته ليحمل أبناءه إلى شواطئ الدفء والأمان، وبَرّ الثقافة الفكرية والعلمية.

عدم توفير الوقت لزوجتك وأثر ذلك على الأسرة
إهمال الزوج لزوجته وعدم الاستماع إليها هو إعدام بطيء لروح الأسرة؛ فالزوج الذي لا يدري عن حال بيته، ولا يتحاور مع زوجته، ولا يشارك في حل مشكلاتها، ولا يشجع إنجازاتها، ولا يهتم بطلباتها، وهمّه مُتوجه إلى نفسه فقط وأشغاله، ولا يعرف من البيت إلا أنه مكان للنوم وتغيير الملابس والطعام أحيانا، ويتعلل بالانشغال ومتطلبات الحياة التي يسوغ بها إهماله، ولا يقبل النقاش في هذه القضية، بل ربما يكون النقاش معه فتح باب مشكلات كثيرة الصبر على إهماله أخف منها، فهو وإن صدق في بعضها فلا يقبل ولا يصح أن تكون حالة دائمة ومستمرة؛ لأن مسؤوليته تجاه زوجته تحتم عليه أن يغير من أسلوب حياته بما يحفظ كيان الأسرة، ويحقق سعادتها.
إن هذا الإهمال يجر الأسرة إلى انحرافات خطيرة في بعض الحالات، كما يزرع حاجزا نفسيا بين الزوج وزوجته، وهذا يدل على جهله بحقيقة أو بشمولية الحاجات التي تأتي في قمتها الحاجات النفسية والعاطفية للزوجة، ولا يعوضها شيء من الأموال.
وأذكرك أيها الزوج أن من مقاصد الزواج الأساسية الإعفاف والإحصان، ولا يتحقق هذا الأمر بتقضية وقتك كله خارج المنزل وعند عودتك في ساعة متأخرة من الليل وقد أرهقك التعب فترتمي على فراشك نائما دون السؤال عن زوجتك.
- اهتم بشريك حياتك حتى لا يقتحم الفتور والملل الحياة الزوجية.
- اتصل وأنت خارج المنزل للاطمئنان عليها وعلى الأولاد.
- أرسل رسالة معبراً بها عن حاجتك إليها ولا يمنعك عنها إلا الشغل.
- ساعة قبل نومك للاستماع لها وإغراقها بحبك وحنانك.
- ترتيب يوم في الشهر لقضاء رحلة خارج البيت بعيداً عن العائلة والبيت وما يحمله من مسؤوليات، وغيرها من الأمور التي تعد من المفاجآت لإسعادها.

أدر وقتك جيدا
المربي، لم تعد أنت فقط من توجه وقتك بل معك شركاء آخرون والأحرى بالقول أعداء يغزون فكر أبنائك كالقنوات الفضائية والإنترنت وما يبثان من إباحيات تسيطر على عقل ابنك أكثر منك، فهما الصديقان لابنك في غيابك وانشغالك بالأمور الحياتية، ولم يعد من السهل عليك أن تنجح في مهمتك لتربية أجيالك ما لم تكن حريصاً كل الحرص على توفير جزء من الوقت لمد يد العون والمساعدة لهم لكي تستعيد مكانتك لتنشئة أبنائك تنشئة سليمة، وهذه خطوة ضرورية لإعادة التوازن إلى العلاقة بين الجيلين الآباء والأبناء..
- حاول أن تجعل لأسرتك مواعيد ثابتة للجلوس معهم يومياً ولو لفترة بسيطة كالحرص على مشاركتهم وجبتين للطعام.
- رتب لقاء أسبوعياً أو شهرياً للخروج في نزهة عائلية أو لزيارة الأهل لتقوية صلة الرحم وكسر للروتين اليومي.
- أسند لنفسك بعض المسؤوليات التربوية واجعلها من واجباتك اليومية كأخذ الأولاد لحضور الفروض الخمس بالمسجد، أو الاجتماع في البيت في حلقة ذكر ومراجعة القرآن الكريم.
- خصص جزءاً من وقت فراغك لسماع أبنائك بآذان صاغية وبلا حدود للحوار لكي تستوعب ما يتوصل إليه كل جيل من جديد وإلقاء التوجيهات الهادفة منك إليهم مع الحرص على الإيجابية في الحوار فلا يكن حوارك بالألفاظ السلبية.
- حافظ على ابتسامتك وطلاقة وجهك حتى لو كان عقلك ممتلئا بالمشاغل حتى لا يشعر أبناؤك بثِقل الوقت معك.
فأولادك أيها المربي هم استثمارك الحقيقي وليس الاستثمار المالي؛ فهم أمانة في عنقك، فحافظ عليهم؛ فهم بناة المستقبل ورعيتك اليوم، وخصماؤك يوم القيامة إن ضيعت، وتاج على رأسك إن حفظت، والمستقبل كفيل بإظهار معالم هذه القضية فسوف ترى أن الأموال الطائلة التي حرصت على جمعها لأبنائك لا تغطي عيباً واحداً من العيوب التي نشأت بسبب غيابك عن المنزل، ولن تحقق الحاجات النفسية التي تنطلق من قلب طفلك إلا بكثرة مداومته معك.



اعداد: إيمان الوكيل





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم يوم أمس, 03:16 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,002
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلوكيات غير صحيحة سائدة في حياتنا الأسرية

سلوكيات غير صحيحة سائدة في حياتنا الأسرية- الأنانية والطمع


الأسرة في الإسلام كيان مقدَّس، وهي اللَّبِنَة الأساسية في بناء المجتمع الإنساني السليم؛ ولهذا أَوْلَى الإسلام بناءها عناية فائقة، وأحاط إنشاءها بأحكام وآداب تكفل أن يكون البناء متماسكاً قويّاً، يحقِّق الغاية الكبرى من وجوده، وعند غياب هذه الآداب ووجود ما يخالفها فإن كثيراً من المشكلات والأزمات تحدث بين الزوجين، فتتعرض الأسرة إلى هزَّات عنيفة ، قد تؤدِّي إلى زعزعة أركانها وانفصام عراها، وأحاول في هذه السلسلة استعراض بعض السلوكيات السلبية التي سادت في بعض الأسر، وأحدثت تمزقًا نفسيًا وعلى إثرها اهتزت العلاقات داخل الأسرة، وفقد الاستقرار والأمان، واليوم نتناول أحد هذه السلوكيات وهو (الأنانية والطمع) .
الأنانية والطمع هما من المشاعر السلبية ومن أكثر السلوكيات التي تهدد نجاح الحياة الزوجية واستقرارها فهما يعنيان اهتماماً مبالغاً بالمصلحة الشخصية على حساب الآخرين لدرجة جعلها مسوغاً لكل الأفعال، ويكونان في شتى الأمور حتى الصغيرة منها فلا يفكر الطرف الأناني إلا في نفسه، ولا ينتبه لشريكه، فضلا عن نكران الجميل والاغترار بالنفس وحب التملك، وتنشأ الأنانية مع الطفولة، إلا أن تغيير هذا السلوك بالرغم من أنه قد يكون صعبًا فهو قد يتبدل مع الوقت لكن ليس في يوم وليلة، فهو يحتاج إلى الصبر والإرادة والقدرة على التحمل وإدراك الطرف الآخر لصعوبة مهمته في تغيير الشريك والوقوف بجانبه قدر الإمكان من خلال إشعاره بالعطاء وقيمته، ثم الحرمان منه لإشعاره بأهمية العطاء وتأثيره في النفس الإنسانية سواء بالأخذ أم بالعطاء.
أثر أنانية الزوجة على وطمعها الحياة الأسرية
الزوجة الأنانية غالباً ما تسعى وراء طموحها ورغباتها وأهدافها الشخصية؛ مما يجعلها لا تضع بيتها وشريكها رقم واحد في حياتها فهي لا تهتم بمشكلات شريكها وهمومه الخاصة وفي ظل إيثار نفسها وطمعها تنزع من قلبه أي مشاعر عطف وحب لها إلى أن ينتهي به الحال إلى البحث عن غيرها، عمن يهتم بشؤونه واحتياجاته، وبالتالي يسهل عليه الانفصال عن الزوجة التي لا تعبأ به ولا بمصالحه؛ فهو يعد نفسه ضحية إهمالها وحباً لذاتها؛ فالزوجة الأنانية تترك أثراً سيئاً، وتخسر الكثير ولا يمكن أن تربح زوجها فهي الخاسرة الوحيدة في العلاقة وبالطبع ستواجه صعوبة في مواصلة الحياة الزوجية؛ فعندما ترهق زوجها بالمطالب المادية دون مراعاة لظروفه، ولا تُحسن اختيار الوقت الذي تطلب فيه رغباتها، أو تبث فيه همومها فالحياة لا يمكن أن تقام على ذاتك ومصالحك فقط .
فأنت -أختاه- أم لزوجك قبل أبنائك، وزوجة وحبيبة وعاشقة لرجل تحصنيه من أي زلل أو خطأ يقع به في حق نفسه وحقك، ومربية لأجيال وصديقة متفهمة ومستشارة ناجحة لعلاج مشكلات أسرتك قبل أن تكوني نفسك فعليك أن تتقي الله في رعيتك .
أنانية وطمع الزوج على الحياة الأسرية
أنانية الرجل وطمعه الشديد أسوأ صفة يمتلكها الرجال؛ فالرجل الأناني الذي يحب نفسه ولا يفكر في غيره يهتم بأموره الخاصة، ويكرم نفسه في الملبس والمظهر ولا يهمه زوجته وأولاده ، الذي يكون خارج البيت بوجه وداخله بوجه آخر، ومن يطلق العنان لعينه بحجة أنه رجل ولا يعيبه شيء، ويتجاهل مشكلات زوجته ولا ينصت لطلباتها الخاصة في الوقت الذي يتحدث عن أموره الشخصية باستفاضة، باحثًا عن راحته وتحقيق رغباته! يتكلم عن نفسه وعن إنجازاته ولا يعرف أصول اللياقة، ولا يهتم بأسرته ولا يسأل عن أحوالهم، ولا يطمئن عليهم عند عودته إلى البيت ليلا، ولا يشرك زوجته أو أبناءه في اتخاذ القرارات المهمة التي قد تخصهما، ويتجاهل آلامهم، ولا يراعي ظروفهم ودائماً ما يكون هدفه من التخطيط هو تحقيق مصالحه الشخصية دون أن يضع في اعتباره إذا كانت تناسب أسرته، وقد يكون طماعاً أيضاً يحب امتلاك كل شيء، وينفق الكثير من الأموال على نفسه، ويخلق مشكلة عندما تقوم زوجته بصرف القليل منها , فهناك الكثير من الرجال ما زالوا يفكرون ويتعاملون مع النساء بمفاهيم أن المرأة تخدم وتطعم وتقوم بأحوال المنزل فقط ولا حق لها؛ حيث اتضح أن 45 % من أسباب الطلاق ترجع إلى طباع الزوج الأناني وأسلوب معاملته السلبي مع الزوجة والأبناء وكل من حوله .
وهنا أقول لهذا الزوج الذي لا يحب إلا نفسه اتق الله واعلم أن الله مطّلع عليك؛ فزوجتك وأبناؤك بحاجة لحنانك وعطفك واهتمامك وإحساسك بهم وإشعارهم بالأمان والاستقرار وتنازل عن رجولتك في بعض الأحيان بما لا يقلل منها، وضع نفسك مكانها هل تحب أن تعامل بهذه الأنانية المفرطة؟ وهل تستطيع التحمل؟
الأنانية والطمع وأثرهما في حياتنا الأسرية
الشخص الأناني يعاني من نفسه قبل معاناة أسرته رغم شعور المحيطين بعكس ذلك ، فهو دائم الطلب وغير قادر على العطاء بطريقة لا إرادية فهو يعلم جيداً أنه قد يؤذي مشاعر الآخرين؛ لذا فهو بحاجة إلى المساعدة والتشجيع على العطاء؛ لأنه عند اختراق الأنانية بيت الزوجية فإن دخان المعارك العائلية يتصاعد وتكون الحياة مهددة بالانهيار، ولاسيما عند وصول الطرف المتضرر لطريق مسدود وشعوره بأن حقه مهضوم، فالبيت الذي أراد الله -سبحانه وتعالى- به السكن والمودة للمرأة والرجل يعيشان فيه بسعادة وهناء عندما يقيم على المصلحة الشخصية غالباً ما يكون مصيره الفشل؛ لأن العلاقة الداخلية فيه قد ازدحمت مسالكها بدوافع الطمع والجشع وتغليب الأنا، وإذا قدر له أن يستمر فإن استمراره سيكون في جو من الملل والكراهية والتكلف، وتشوبه الخلافات كلما تضاربت المصالح والمنافع بين الزوجين، فإذا ما ساد الجو الأسري الرغبة في تحقيق أكبر قدر من المصلحة الشخصية دون مراعاة للأطراف الأخرى ، فإن من شأن ذلك أن يوتر العلاقة، ويدفع بأطرافها للدخول في صراعات مختلفة، فحب الطرف الأناني لذاته ووقوفه الدائم أمام المرآة وتكراره لكلمة (أنا) ! حين يصبح الامتلاك والاستحواذ همه الأوحد! ودائمًا يرى نفسه الأفضل والأجمل. الأذكى .. ومن حوله في المرتبة الأدنى! كلها أسباب تؤدي إلى مشكلات كثيرة، ولاسيما على مستوى العلاقات الزوجية، حتى إنها تؤثر على الأبناء؛ فالطفل يعيش في هذه الحالة في جو ملغوم يهدد طمأنينته، فهو يلتقط بحسه المرهف واقع البيت وما به من صراعات ومصالح شخصية وطمع وراء هدوء ظاهري من الوالدين، وتتراكم في نفسه حالة القلق والضيق والإحباط النفسي إلا أنه غير قادر على البوح بما يعانيه فيسيطر عليه شعور الكآبة والانطوائية والغرق في الهموم الذاتية التي لا يشعر بها الآباء ، فحدة الأنانية والطمع تفرض نفسها على السلوكيات والتصرفات فلا يرى الشخص غير نفسه ومصلحته الذاتية دون أن يعلم أن هذه السلوكيات ستقضي على بيته وزواجه وتدمره .
التعامل مع الطرف الأناني
ينصح الخبراء عند التعامل مع الشخص الأناني في الأسرة بعدم التساهل معه أو التغاضي عن عيوبه؛ لأن تصرفاته لا تقف عند حد الاستغلال وإهمال الرغبات ولكنها ستؤثر سلباً في تربية الأبناء وإليكم خطوات عدة لكيفية التعامل:
- اكسب وده حتى يمكنك تقديم النصيحة له دون أدنى حساسية؛ فالأناني دائمًا ما يرى نفسه الأجدر والأحق وعلى الناس من حوله أن يخضعوا له .
-الصبر عليه من منطلق أنك شخصية (زوج أو زوجة) إيجابية تحاول تقديم الفائدة لمن حولها، عكس الشخص الأناني الذي يستبيح لنفسه استغلال الناس وتسخيرهم، وإنكار حقوقهم، وما يستحقون من احترام ومجاملة .
- اذكر أمامه مميزات بعض الأقارب والزملاء من عطاء وكرم ومحبة الغير، وكيف يحترمهم الجميع ويثق بهم.
- وضح له بطريقة غير مباشرة عيب تفخيم الذات والجشع والتفتيش عن العيوب .
- التعامل برفق بدون تحد مع مدح مناطق القوة في شخصيته ومحاولة ترويض القلب على حب الغير والغ من قاموسه ضمير (أنا)، واجعله يعبر بضمير الجمع (نحن)؛ ليعيش مفهوم الأسرة ويحسه بداخله .
- توضيح أثر السلوك الأناني في العلاقة مع الآخرين ، وسر ابتعاد الأصدقاء عنه بطريقة غير جارحة .
- النقاش بصورة غير مباشرة عن أهمية التعاون والمشاركة في نجاح الإنسان، وأن الأخذ والعطاء أساس العلاقات الإنسانية والاجتماعية، وأن سعادة من حولك سوف تنعكس عليك .
- ساعده على تنمية صفة التضحية به؛ كأن يعين محتاجاً أو يتصدق أو يكفل يتيماً وغيرها من الأفعال التي إن بدأ بها تساعده على التخلص من هذا السلوك.
- التعامل بحزم إذا تخطى الحدود اللائقة في كلامه وتعامله معك، ولا تكسر المرآة التي يرى نفسه فيها .
- العطاء بقدر مناسب وثابت حتى يشعر الطرف الأناني بالتعود على هذا المقدار دون إثارة مشكلات يشعر خلالها بأنه افتقد شيئا من الشريك، ولا تتوقع منه امتناناً أو أجراً حتى لا تصاب بالإحباط.
- تفهّم أن الشخص الأناني تُسيطر عليه فكرة أنه يمتلكك لمجرد أنك زوجته أو مجرد أنك زوجها! وأنك تتحول إلى شخص آلي وظيفته الاهتمام بباقي الأسرة متناسيًا مشاعرك ، ومن هنا يأتي دور الزوجة الذكية أو الزوج الذكي، المحب لبيته وأسرته.
لذلك يجب على أي طرفين في العلاقة الزوجية أن يتخلى عن أنانيتهما وطمعهما، ويتعلما حب الغير ومحاولة التواصل والتفاهم معه لتصبح الحياة بينهما حياة زوجية سوية هدفها السعادة والتراضي بين الطرفين، فلابد أن يتفهم كل منهما احتياجات الآخر، وألا تطغى رغبة رب الأسرة على حاجة أفراد أسرته، وأن يتعلم العطاء الذي يجب أن يتوفر بالتبادل بين الزوجين؛ فالطرف الأناني قد يشعر بأن عطاء الطرف الآخر هبة لن تنضب، ويتناسى واجبه نحو الشريك، ويبقى منتظراً المزيد دون أن يرد بمقابل ، ولكن حذار من إثارة المشكلات بشأن هذا الموضوع؛ فاستمرار عطاء الشريك مع اللين في الحديث ومحاولة كسب ثقة الشريك الأناني هي أكثر الطرائق فاعلية في التغلب على الأنانية.



اعداد: إيمان الوكيل





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 117.65 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 113.68 كيلو بايت... تم توفير 3.97 كيلو بايت...بمعدل (3.38%)]