|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الدرس الرابع: فضل الصلوات المسنونة والتراويح عفان بن الشيخ صديق السرگتي الولي: هو العالم بدين الله تعالى، المواظِب على طاعته المخلص في عبادته، وإن أولياء الله على درجتين: أحدهما: المتقرِّبون إليه بأداء الفرائض، وهذه درجة المقتصدين أصحاب اليمين، وأداء الفرائض أَفضل الأعمال؛ كما قال عمر بن الخطاب: أَفضل الأعمال أداءُ ما افترَض الله، والورَع عما حرَّم الله، وصدق النية فيما عند الله عز وجل. الدرجة الثانية: درجة السابقين المقرَّبين، وهم الذين تقرَّبوا إلى الله بعد الفرائض بالاجتهاد في نوافل الطاعات، وذلك يوجب للعبد محبة الله؛ كما قَالَ: وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فمن أحبَّه الله، رزَقه محبَّته وطاعته، والاشتغال بذكره وخدمته، فأوجَب له ذلك القرب منه، والزُّلفى لديه، والحُظوة عنده؛ كما قال الله تعالى: ﴿مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [المائدة: 54]. مشروعية التطوع: شُرع التطوع ليكون جبرًا لِما عسى أن يكون قد وقَع في الفرائض من نقص، ولما في الصلاة من فضيلة، ليست لسائر العبادات، عن أبي هريرة عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ النَّاسُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أَعْمَالِهِمُ الصَّلَاةُ، قَالَ: يَقُولُ رَبُّنَا جَلَّ وَعَزَّ لِمَلَائِكَتِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ: انْظُرُوا فِي صَلَاةِ عَبْدِي أَتَمَّهَا أَمْ نَقَصَهَا؟ فَإِنْ كَانَتْ تَامَّةً كُتِبَتْ لَهُ تَامَّةً، وَإِنْ كَانَ انْتَقَصَ مِنْهَا شَيْئًا، قَالَ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ؟ فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ، قَالَ: أَتِمُّوا لِعَبْدِي فَرِيضَتَهُ مِنْ تَطَوُّعِهِ، ثُمَّ تُؤْخَذُ الْأَعْمَالُ عَلَى ذَاكُمْ[2]، وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): مَا أُذِنَ لِعَبْدٍ فِي شَيْءٍ أَفْضَلَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ يُصَلِّيهِمَا، وَإِنَّ الْبِرَّ لَيُذَرُّ فَوْقَ رَأْسِ الْعَبْدِ مَا دَامَ فِي صَلاَتِهِ، وَمَا تَقَرَّبَ الْعِبَادُ إِلَى اللهِ بِمِثْلِ مَا خَرَجَ مِنْهُ؛ يَعْنِي الْقُرْآنَ[3]. وعَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمُ الصَّلَاةُ ـ وَقَالَ الآخَرُ: إِنَّ مِنْ خَيْرِ أَعْمَالِكُمُ الصَّلَاةَ ـ وَلَنْ يُحَافِظَ عَلَى الْوُضُوءِ إِلاَّ مُؤْمِنٌ[4]، وعن ربيعة بن كَعْبٍ الأَسْلَمِي قَالَ: كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ، فَقَالَ لِي: سَلْ، فَقُلْتُ: أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ، قَالَ: أَوَغَيْرَ ذَلِكَ، قُلْتُ هُوَ ذَاكَ، قَالَ: فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ[5]. استحبابُ صلاتهِ في البيتِ: عَنْ جَابِرٍ بن عبدالله قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): إِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ الصَّلَاةَ في مَسْجِدِهِ، فَلْيَجْعَلْ لِبَيْتِهِ نَصِيبًا مِنْ صَلَاتِهِ، فَإِنَّ اللهَ جَاعِلٌ في بَيْتِهِ مِنْ صَلَاتِهِ خَيْرًا[6]. عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: صَلاَةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ أَفْضَلُ مِنْ صَلاَتِهِ فِي مَسْجِدِي هَذَا إِلاَّ الْمَكْتُوبَةَ[7]، وعَنْ ضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: تَطَوُّعُ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ يَزِيدُ عَلَى تَطَوُّعِهِ عِنْدَ النَّاسِ، كَفَضْلِ صَلَاةِ الرَّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ عَلَى صَلَاتِهِ وَحْدَهُ[8]. وفي هذه الأحاديث دليلٌ على استحباب صلاة التطوع في البيت، وأن صلاته فيه أفضلُ من صلاته في المسجد؛ قال النووي: إنما حث على النافلة في البيت، لكونه أخفى، وأبعد عن الرياء، وأصون من مُحبِطات الأعمال، وليتبرَّك البيت بذلك، وتنزَّل فيه الرحمة والملائكة، وينفر منه الشيطان. فائدة: فيه أن الفضيلة المتعلقة بنفس العبادة أَولى من الفضيلة المتعلقة بمكانها؛ إذ النافلة في البيت فضيلة تتعلق بها، فإنه سببٌ لتمام الخشوع والإخلاص، فلذلك كانت صلاته في بيته أفضل منها في مسجد المصطفى (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). فائدة أخرى: في حديث أسامة بن زيد في صيام شهر شعبان، قال (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ؛ قال ابن رجب: وفيه دليلٌ على استحباب عمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة، وأن ذلك محبوبٌ لله عز وجل، ولذلك فضل القيام في وسط الليل المشمول الغفلة لأكثر الناس فيه عن الذكر. أفضليةُ طولِ القيامِ على كثرةِ السجودِ في التطوع: عَنْ زِيَادٍ قَالَ: سَمِعْتُ المُغِيرَةَ يَقُولُ: إِنْ كَانَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لَيَقُومُ لِيُصَلِّيَ حَتَّى تَرِمُ قَدَمَاهُ - أَوْ سَاقَاهُ - فَيُقَالُ لَهُ فَيَقُولُ: أَفَلاَ أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا[9]. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُبْشِي الْخَثْعَمِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) سُئِلَ: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: طُولُ الْقِيَامِ، قِيلَ: فَأَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: جَهْدُ الْمُقِلِّ...[10]. جوازُ صلاةِ التطوعِ من جلوسِ: يَصِح التطوع من قعود مع القدرة على القيام، كما يصح أداء بعضِه من قعود، وبعضه من قيام، لو كان ذلك في ركعة واحدة، فبعضها يؤدَّى من قيام، وبعضها من قعود، سواء تقدم القيام أو تأخَّر، كل ذلك جائز، من غير كراهة، ويجلس كيف شاء، والأفضل التربع، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، قَالَ: أَفَلاَ أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا، فَلَمَّا كَثُرَ لَحْمُهُ صَلَّى جَالِسًا، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ، فَقَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ[11]. عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَقْرَأُ فِي شَيْءٍ مِنْ صَلاَةِ اللَّيْلِ جَالِسًا قَطُّ حَتَّى دَخَلَ فِي السِّنِّ، فَكَانَ يَجْلِسُ فِيهَا فَيَقْرَأُ حَتَّى إِذَا بَقِيَ أَرْبَعُونَ أَوْ ثَلاَثُونَ آيَةً، قَامَ فَقَرَأَهَا ثُمَّ سَجَدَ[12]. أقسامُ التطوعِ: ينقسم التطوع إلى تطوُّع مطلق، وإلى تطوع مقيَّد، والتطوع المطلق يقتصر فيه على نية الصلاة؛ قال النووي: فإذا شرَع في تطوُّع، ولم ينوِ عددًا، فله أن يُسلم من ركعة، وله أن يزيد فيجعلها ركعتين، أو ثلاثًا، أو مائة، أو ألفًا، أو غير ذلك، ولو صلى عددًا لا يعلمه، ثم سلم، صح بلا خلاف، اتَّفق عليه أصحابنا، ونص عليه الشافعي عَنْ مُخَارِقٍ قَالَ: مَرَرْتُ بِأَبِي ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ وَأَنَا حَاجٌّ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ مَنْزِلَهُ، فَرَأَيْتُهُ يُصَلِّي يُخَفِّفُ الْقِيَامَ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ [الكوثر: 1]، و﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ [النصر: 1]، وَيُكْثِرُ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قُلْتُ يَا أَبَا ذَرٍّ، رَأَيْتُكَ تُخَفِّفُ الْقِيَامَ وَتُكْثِرُ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَقُولُ: مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً أَوْ يَرْكَعُ لَهُ رَكْعَةً إِلَّا حَطَّ اللَّهُ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَتَهُ، وَرَفَعَ لَهُ بِهَا دَرَجَتَهُ[13]. والتطوُّع المقيد ينقسم إلى ما شرع، تبعًا للفرائض، ويسمي السنن الراتبة، ويشمل سنة الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، وإلى غيره. أما التراويح: جمع ترويحة؛ أي: ترويحة النفس وهي استراحتها، وفي القاموس: منها ترويحة شهر رمضان سُمِّيت بها لاستراحة بعد كل أربع ركعات، يقال: استروح أي وجد الراحة. وقال ابن حجر: سُميت الصلاة في جماعة في ليالي رمضان التراويح؛ لأنهم أول ما اجتمعوا كانوا يستريحون بين كل تسليمتين. الترغيب في قيام رمضان: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يُرَغِّبُ في قِيَامِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ فِيهِ بِعَزِيمَةٍ، فَيَقُولُ: مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ[14]. حكم صلاة التراويح بالجماعة: القول الأول: صلاة التراويح بالجماعة في المسجد أفضل: وبه قال أحمد والشافعي وأبو حنيفة وبعض المالكية، وبالغ الطحاوي من الحنفية، فقال: إن صلاة التراويح بالجماعة واجبة على الكفاية. القول الثاني: الأفضل أن يصلي الرجل صلاة التراويح في البيت: وبه قال مالك، وأبو يوسف، وبعض الشافعية. عدد ركعات صلاة التراويح: نوافل الصلاة، منها المحدد بركعات معدودة؛ كالسنن الرواتب، ومنها غير المحدد بعدد وهو النفل المطلق، فللعبد أن يُصليه بأي عددٍ شاء، وقيام الليل في رمضان وغيره من النفل المطلق الذي اتَّفق علماء السلف على أنه لم يُعيَّن بعدد. قال عياض: ولا خلاف أنه ليس في ذلك حدٌّ لا يزاد عليه ولا يُنقص منه، وأن صلاة الليل من الطاعات التي كلما زاد فيها زادَ الأجر، وإنما الخلاف في فعل النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وما اختاره لنفسه، وصلاة التراويح من جملة قيام الليل؛ قال عنها الشافعي: رأيت الناس يقومون بالمدينة تسعًا وثلاثين ركعة، قال: وأحب إليَّ عشرون وكذلك يقومون بمكة، قال: وليس في شيء من هذا ضيق ولا حد ينتهي إليه؛ لأنه نافلة، فإن أطالوا القيام وأقلُّوا السجود، فحسنٌ وهو أحبُّ إلي، وإن أكثروا الركوع والسجود، فحَسَنٌ، وعن أحمد بن حنبل: وسُئل كم ركعة يصلي في قيام شهر رمضان؟ فقال: قد قيل فيه ألوان نحوًا من أربعين، إنما هو تطوُّع، وقال ابن تيمية: كما أن نفس قيام رمضان لم يوقِّت فيه النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) عددًا معينًا، بل كان هو (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لا يزيد في رمضان ولا غيره على ثلاث عشرة ركعة ... ومن ظن أن قيام رمضان فيه عدد مؤقَّت عن النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، لا يُزاد عليه ولا يُنقص منه، فقد أخطأ، وقال السيوطي: الذي وردت به الأحاديث الصحيحة، الأمر بقيام رمضان والترغيب فيه، من غير تخصيص بعددٍ. ويدل لقول السلف هذا: جواز أي عدد في قيام الليل، أربعة أدلة: الدليل الأول:عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمْ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً، تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى[15]، فالرسول (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لم يبيِّن عدد صلاة الليل، والليل طويل يسع قليل الركعات وكثيرها، فدل على أن ركعات قيام الليل غير محصورة في عدد لا يُزاد عليه ولا يُنقَص منه. الدليل الثاني:أن النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) رغَّب في قيام رمضان، ولم يبيِّن عدد ركعاته، فدل على عدم تحديد ركعات صلاة التراويح. الدليل الثالث: أن النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أقرَّ أبا ذرٍّ على قوله: لو نفلتنا قيام ليلتنا هذه، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) رَمَضَانَ، فَلَمْ يَقُمْ بِنَا النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) حَتَّى بَقِيَ سَبْعٌ مِنَ الشَّهْرِ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ نَحْوٌ مِنْ ثُلُثِ اللَّيْلِ، ثُمَّ كَانَتْ سَادِسَةٌ فَلَمْ يَقُمْ بِنَا، فَلَمَّا كَانَتِ الْخَامِسَةُ قَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ نَحْوٌ مِنْ شَطْرِ اللَّيْلِ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ نَفَلْتَنَا قِيَامَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ، قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ، قَالَ: ثُمَّ كَانَتِ الرَّابِعَةُ فَلَمْ يَقُمْ بِنَا، فَلَمَّا بَقِيَ ثُلُثٌ مِنَ الشَّهْرِ أَرْسَلَ إِلَى بَنَاتِهِ وَنِسَائِهِ، وَحَشَدَ النَّاسَ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى خَشِينَا أَنْ يَفُوتَنَا الْفَلَاحُ، ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا شَيْئًا مِنَ الشَّهْرِ، قَالَ دَاوُدُ: قُلْتُ: مَا الْفَلَاحُ؟ قَالَ: السُّحُورُ[16]، ولو كانت الزيادة على فعل النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) غير جائزة، لبيَّنه الرسول (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). الدليل الرابع: عدم ورود ما يدل على عدد ما صلَّاه الرسول (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بأصحابه رضي الله عنهم في رمضان؛ قال السبكي: اعلَم أنه لم ينقل كم صلى رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) تلك الليالي، وقال الزركشي: دعوى أن النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) صلى بهم تلك الليلة عشرين ركعة، لم تصح، بل الثابت في الصحيح: الصلاة من غير ذكر عددٍ، وقال ابن حجر في شرحه حديث صلاة رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) في المسجد تلك الليالي: ولم أر في شيء من طرقه بيان عدد صلاته في تلك الليالي، وقال الشوكاني: فقصر الصلاة المسماة بالتراويح على عدد معين، وتخصيصها بقراءة مخصوصة، لم يَرِد به سنةٌ، وقال ابن باز: السنة الإتمام مع الإمام، ولو صلى ثلاثًا وعشرين ... فالأفضل للمأموم أن يقوم مع الإمام حتى ينصرف، سواء صلى إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة، أو ثلاثًا وعشرين، أو غير ذلك. والثلاث والعشرون فعلها عمر رضي الله عنه والصحابة، فليس فيها نقص وليس فيها إخلال، بل هي من السنن (سنن الخلفاء الراشدين). كيفية صلاتها: جاء عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فِي رَمَضَانَ، فَرَكَعَ فَقَالَ فِي رُكُوعِهِ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ، مِثْلَ مَا كَانَ قَائِمًا، ثُمَّ جَلَسَ يَقُولُ: رَبِّ اغْفِرْ لِي، رَبِّ اغْفِرْ لِي، مِثْلَ مَا كَانَ قَائِمًا، ثُمَّ سَجَدَ فَقَالَ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى، مِثْلَ مَا كَانَ قَائِمًا، فَمَا صَلَّى إِلَّا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، حَتَّى جَاءَ بِلَالٌ إِلَى الْغَدَاةِ[17]، فهذا نص في بيان تطويل الصلاة في أربع ركعات في رمضان خاصة. [1] رواه البخاري ومسلم. [2] رواه أبو داود وصححه الشيخ ناصر الدين الألباني. [3] رواه أحمد، والترمذي، وصححه السيوطي. [4] رواه ابن حبان في صحيحه، وقال الشيخ الألباني: حسن صحيح، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: حديث صحيح، إسناده حسن، رجاله رجال البخاري عدا ابن ثوبان، واسمه عبد الرحمن، وهو حسن الحديث. [5] رواه مسلم. [6] رواه مسلم. [7] رواه أبو داود وصححه الشيخ ناصر الدين الألباني. [8] أخرجه عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وقال الألباني: هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم، وظاهر إسناده الوقف، ولكنه في حكم المرفوع؛ سلسلة الأحاديث الصحيحة. [9] رواه البخاري. [10] رواه أبو داود، قال الألباني: صحيح. [11] رواه البخاري. [12] رواه أبو داود، قال الألباني: صحيح. [13] رواه البيهقي بسند صحيح. [14] ـ رواه البخاري و مسلم. [15] رواه مسلم. [16] رواه أبو داود وصححه الشيخ الألباني. [17] رواه النسائي وصححه الشيخ الألباني .
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |