مصر أمام حصار يفرض علينا اليقظة والحذر وصدق التوجه إلى الله - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         ابتسامة تدوم مدى الحياة: دليلك للعناية بالأسنان في كل مرحلة عمرية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          كم يحتاج الجسم من البروتين يوميًا؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          أطعمة ممنوعة للمرضع: قللي منها لصحة طفلك! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          مكملات البروبيوتيك: كل ما تحتاج معرفته! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          التخلص من التوتر: دليلك لحياة متوازنة! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          أطعمة مفيدة لمرضى الربو: قائمة بأهمها! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          كيفية التعامل مع الطفل العنيد: 9 نصائح ذكية! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          كيف يؤثر التدخين على لياقتك البدنية وأدائك الرياضي؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          كل ما تحتاج معرفته عن لقاح السعال الديكي للأطفال والبالغين! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          لمرضى السكري: 9 فواكه ذات مؤشر جلايسيمي منخفض! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > فلسطين والأقصى الجريح
التسجيل التعليمـــات التقويم

فلسطين والأقصى الجريح ملتقى يختص بالقضية الفلسطينية واقصانا الجريح ( تابع آخر الأخبار في غزة )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22-01-2025, 01:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,695
الدولة : Egypt
افتراضي مصر أمام حصار يفرض علينا اليقظة والحذر وصدق التوجه إلى الله

مصر أمام حصار يفرض علينا اليقظة والحذر وصدق التوجُّه إلى الله (1-2)



كتبه/ علاء بكر
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
كما جَعَل الموقع الجغرافي لمصر مميزات إستراتيجية كثيرة؛ فإنه أيضًا عَرَّضها لأخطار كثيرة؛ فنظرًا لكونها في قلب العالم العربي حيث تقع مصر في المنطقة الواصلة بين جناح العالم العربي الأسيوي وجناح العالم العربي الإفريقي، إلى جانب إطلال مصر على البحرين: الأبيض والأحمر، وامتلاكها لقناة السويس الموصلة بينهما؛ كل هذا جعل لمصر مكانة كبيرة.
وقد قام الاستعمار الغربي متعمدًا بغرس إسرائيل -بتوجهها الاستعماري التوسعي العنصري الاستيطاني في فلسطين- في قلب العالم العربي، وفي المنطقة الملاصقة لقناة السويس؛ لتتولى أمر التهديد الدائم للمنطقة العربية.
وقد شهدت مصر في العقد الأخير أخطارًا عديدة أحاطت بها من كلِّ جوانبها، وصارت تهدد أمنها واستقرارها تهديدًا لم تعهد مثله من قبل؛ إذ يعد كل خطر منها من جانبه خطرًا مستطيرًا إن لم يتم التعامل معه بنوع اليقظة والحيطة، والوعي التام بكامل أموره، والحذر التام منه وحسن معالجته قبل الوقوع فيما لا يحمد عقباه.
وهذه نبذة مختصرة عن أهم هذه الأخطار المحدقة بمصر:
1- إسرائيل تلعب بالنار على البوابة المصرية:
منذ عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023، ويمارس الجيش الإسرائيلي صورًا عديدة من التمادي في البلطجة العسكرية في قطاع غزة عند حدود غزة مع مصر، وبصورة لا مثيل لها، لتحقيق أهدافها غير المعلنة، وإن صارت لا تخفى على مَن يعلم بواطن الأمور ويتتبع مخططات إسرائيل لابتلاع القدس والضفة الغربية وتهجير شعب غزة قسرًا أو طوعًا إلى سيناء، أي: إقامة وطن بديل للفلسطينيين في سيناء، وهو مخطط قديم يعاد الحديث عنه من وقت لآخر، وعبر عقود مضت كان السعي لتنفيذه، بالقوة تارة، وبالإغراء والمساومة تارة، وفي كل مرة تفشل المحاولة التي ترمي إلى تصفية القضية الفلسطينية على حساب مصر والدول العربية، وتفشل المحاولات أمام إصرار شعب غزة على المقاومة والتمسك بأرضه ودياره مهما كان الثمن.
لقد دفع جيش الاحتلال الإسرائيلي الفلسطينيين في قطاع غزة دفعًا نحو جنوب القطاع حيث حدود القطاع مع سيناء المصرية، وواصل إطلاق النار عليهم بلا هوادة جوًّا وبرًّا وبحرًا، وقطع كل الإمدادات عن القطاع من طعام وماء وكهرباء ووقود، وكل المساعدات الطبية والإنسانية، ودمر البنية التحتية للقطاع وكل مظاهر الحياة المدنية فيه تدميرًا شبه كامل، كي تستحيل معه استمرار الحياة فيه، وأغلق كل المعابر والمنافذ المؤدية إلى القطاع في حصار كامل لا فرصة معه إلا بالنزوح قسرًا أو طوعًا إلى سيناء.
إن إسرائيل لكسب تعاطف الرأي العام العالمي وإعطاء الشرعية لعدوانها الهمجي على قطاع غزة، وكي تبرر لنفسها جرائم الحرب التي ترتكبها وأعمال الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، تعلن أنها تريد تفكيك البنية التحتية العسكرية لحركة المقاومة الفلسطينية حماس، وأنها تريد تحرير أسراها ومحتجزيها لدى المقاومة الفلسطينية، وهذه أهداف من الصعب تحقيقها بقوة السلاح، بل هي تعرِّض هؤلاء الأسرى والمحتجزين للقتل خلال عملياتها وهجماتها العسكرية على القطاع.
وتؤكد الشواهد: أن إسرائيل لديها أهداف أخرى تتضمن تدمير قطاع غزة، وجعله غير صالح للسكن والمعيشة، إلى جانب استخدام سلاح التجويع والتعطيش ضد الفلسطينيين بمنع وصول الطعام والشراب لهم، وعليه يتم مخطط تهجير الفلسطينيين على مراحل، مرحلة بعد مرحلة، من شمال ووسط غزة إلى جنوبها، ثم إلى حيث حدود مصر مع غزة، بحيث لا يكون أمام الفلسطينيين إلا دخول سيناء من خلال خطة تهجير مثلما حاولوا ذلك من قبل في عام 2008، ولكن في هذه المرة جد جديد يتمثَّل في إصرار القوات الإسرائيلية الشديد على دخول محور (فيلادلفيا) على الحدود بين مصر وجنوب قطاع غزة، والذي باحتلاله تستحيل الحياة لسكان قطاع غزة، وعندئذٍ فلو تم قصف أو تفجير سور معبر رفح الفاصل بين مصر وغزة لتمكن الغزاويون من اجتياح المعبر نجاة بأرواحهم، ليتم تفريغ قطاع غزة من سكانه، والاستيلاء واستغلال حقل (غاز غزة مارينا) الذي تم اكتشافه في المنطقة مؤخرًا.
وينبغي وضع ذلك في الاعتبار بجدية خاصة، وقد رأينا (نتن ياهو) في العام الماضي في الأمم المتحدة يصرح بأطماع إسرائيل في المنطقة من خلال عرض خريطة مرسوم عليها بالخط الأحمر خط يصل بين ميناء إيلات والبحر الأبيض يمر عبر قطاع غزة.
وكانت القاهرة قد قررت وضع بروتوكول أمني عسكري عند توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل عام 1979، وهو ما أعلن عنه في عام 1982 باسم: (بروتوكول محور فيلادلفيا)، الذي تم فيه الاتفاق على تقسيم سيناء إلى ثلاثة قطاعات: (أ) و(ب) و(ج)، لكل قطاع منها شروط وقواعد، فقطاع (أ) تتواجد فيه قوات من الجيش المصري بعدد معين ومواصفات سلاح معينة وكتائب ومدرعات محددة، وأما القطاع (ب) فتكون القوات المصرية فيه أقل من حيث العدد ونوعية السلاح والكتائب، وفي المنطقة (ج) فلا وجود للجيش فيها، ولكن قوات للشرطة وبعض أفراد من حرس الحدود.
أما منطقة محور فيلادلفيا (أو المنطقة د)، والتي تقع داخل غزة على الشريط الحدودي -وكانت غزة وقتها تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي- فتم الاتفاق على منع وجود قوات إسرائيلية أو أي أسلحة ثقيلة أو دبابات فيها، إلا قوات مشاه فقط بحدِّ أقصى 4 كتائب مشاه، ولكن بعد قيام إسرائيل بالانسحاب من قطاع غزة عسكريًّا بالكامل عام 2005 أصبح محور فيلادلفيا على أرض الواقع منطقة عازلة خالية من أي تواجد عسكري إسرائيلي.
وكان في الاتفاقية ما عرف باسم اتفاقية (الآلية النشطة)، وتتعلق هذه الجزئية بفرض وقوع حادث معين طارئ يستلزم زيادة عدد القوات الموجودة أو زيادة تسليحها في المناطق المذكورة (أ) أو (ب) أو (ج) أو(د) فلا يكون ذلك إلا بعد إخطار الطرف الآخر وتنفيذ لجنة ثنائية وطرح المتطلبات الخاصة بالأمور المستحدثة التي طرأت ومناقشتها للسماح بزيادة عدد القوات أو زيادة تسليحها.
وعليه فيعد اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلية الحالي لمحور فيلادلفيا ودخول الفرقة 162 بالكامل للمحور بعد إعادة احتلال قطاع غزة دون اللجوء للآلية النشطة واللجنة الثنائية ودون موافقة من الجانب المصري يعد ذلك مخالفة وانتهاكًا من إسرائيل لاتفاقية السلام المبرمة مع مصر. ولا شك أن قطاع غزة خاصة جنوبه يعد من غلاف الأمن المصري، وتأمين تلك المنطقة وهذه البوابة يعد في غاية الأهمية.
ويزيد الأمر أهمية: أن هذه المنطقة كانت في الفترة الأخيرة منفذًا لدخول إرهابيين إلى مصر والقيام بعمليات إرهابية؛ إضافة على ذلك فإن قرابة 30 % من سكان غزة هم من جذور مصرية أو لهم امتدادات مصرية.
وعلاقة مصر مع غزة علاقة تاريخية، فمن جهة غزة كان دخول الغزاة مصر قديمًا؛ لذا فتأمين جهتها وجعلها حصنًا منيعًا من الأهمية بمكان؛ لذا يجب النظر إلى ما تقوم به إسرائيل من أعمال البلطجة في قطاع غزة بعين الاعتبار، وينبغي الانزعاج والقلق البالغ مما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي خاصة في محور فيلادلفيا.
إن أطماع إسرائيل في إقامة إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل ما زالت أحلامًا تراود أذهان الحاخامات اليهود، واليمين المتطرف في إسرائيل، وكذلك أحلام مَن يدور في فلكهم من مستوطنين إسرائيليين احتلوا سيناء مدة قبل الانسحاب الإسرائيلي منها، ومعهم العديد من الأكاديميين والعديد من الوزراء والمسئولين في حكومة (نتن ياهو) أيضًا يجهرون بذلك؛ فمصر عندهم هي جزء من دولة إسرائيل الكبرى (أراضي يهودية)، ومن ورائهم ملايين من أتباع المسيحية الصهيونية في الولايات المتحدة، يقولون هذا؛ رغم اتفاقية السلام مع مصر.
وقد شوهد في حرب غزة الأخيرة جنود إسرائيليون يضعون علنًا على بدلهم العسكرية صورة لخارطة إسرائيل الكبرى ممتدة من الفرات بالعراق إلى النيل في مصر، بل إن هناك مجموعات إسرائيلية ترفع شعار إعادة احتلال سيناء مرة أخرى، وترى مظاهر هذا على أرض الواقع من خلال بيع (تي شيرتات) مرسوم عليها خريطة شبه جزيرة سيناء، مطالبة بالعودة إلى سيناء واحتلالها، إشارة إلى وجود مخطط خفي تتمنى دولة الاحتلال تحقيقه يقوم على التمدد والتوسع عند القدرة على ذلك بأي ذريعة أو تبرير (راجع في ذلك: غزة تحترق.. العدو يعبث في الممر، من ملف مصر في خطر - جريدة فيتو - عدد 23 يوليو 2024، ص 4).
2- البحر الأحمر لم يعد بحرًا عربيًّا:
تطل العديد من الدول العربية على البحر الأحمر، بما يجعله بحرًا عربيًّا، ومن هذه الدول: مصر، والمملكة العربية السعودية، واليمن، والسودان، وأريتريا، كما أنها تتحكم في مدخل البحر الأحمر من خلال باب المندب، وتتحكم في قناة السويس الممر الموصل بينه وبين البحر الأبيض، وترتاد البحر الأحمر ذهابًا وعودة أعداد كبيرة من السفن التجارية العملاقة في رحلاتها التي لا تنقطع من الشرق إلى الغرب والعكس؛ لذا تعد قناة السويس مصدرًا رئيسيًّا دائمًا لحصول مصر على العملات الصعبة من خلال تحصيل رسوم مرور من السفن العابرة لقناة السويس ومن الخدمات المقدمة لها.
وقد دشنت مصر قناة السويس الجديدة وعملت على تطوير المنطقة اللوجيستية للقناة، وقامت وتقوم بإصلاحات لتحسين وتوسيع خدمات المرور في قناة السويس؛ كما سلكت مصر اتجاهًا تعاونيًّا تنمويًّا مع دول البحر الأحمر للتكثيف من الأنشطة الاقتصادية التكاملية معها في أكثر من مجال، كما أنشأت قاعدة بحرية جديدة في أقصى حدودها الجنوبية الشرقية، وزودت قواتها البحرية حديثًا بعدة غواصات وحاملات الطائرات حماية لأمنها القومي، وتأمينًا لسواحلها على البحر الأحمر، وللحفاظ على استمرارية الأنشطة السياحية فيها، حيث إن هناك مدن مصرية في جنوب سيناء وعلى البحر الأحمر، صارت محط أنظار ووجهة السائحين من كل أنحاء العالم.
ومنذ عقود ظهرت تهديدات خطيرة جنوب البحر الأحمر، متمثلة في: أعمال القرصنة البحرية المرتبطة بأحداث جرت وتجري في الصومال، والتي جعلت تلك المنطقة بؤرة اهتمام للدول الغربية، وزيادة التواجد فيها لتأمين الملاحة وسفنها في تلك المنطقة الحيوية.
ثم جاء العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة في أعقاب عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023، ثم تلاه التصعيد العسكري في المنطقة، وتدخل جماعة الحوثي في اليمن لمناصرة ومساندة شعب غزة والمقاومة الفلسطينية من خلال منع السفن الإسرائيلية والسفن المتعاونة معها من دخول البحر الأحمر، ومن خلال إطلاق صواريخ باليستية على بعض الأهداف في إسرائيل، وقد قابلت الولايات المتحدة والدول الغربية ذلك بالوقوف إلى جانب إسرائيل وتكوين تحالف بحري دولي في المنطقة في مواجهة الحصار البحري الحوثي، ومع مهاجمة الولايات المتحدة وبريطانيا لمواقع ولمراكز تابعة للحوثيين في اليمن قام الحوثيون بضم السفن الأمريكية والبريطانية إلى السفن الممنوعة بالقوة من المرور في باب المندب ومهاجمة البعض منها، وأثر ذلك الصراع البحري والتصعيد المتبادل بين الطرفين على الملاحة في المنطقة، وترتب على ذلك قيام شركات ملاحة عالمية باستخدام طريق رأس الرجاء الصالح رغم أنه أطول وأبطأ وأكثر تكلفة، مما أثر سلبًا على الملاحة العالمية في المنطقة، وعلى مرور السفن عبر قناة السويس، فتراجع إيراد قناة السويس وانخفض بنحو الربع (تراجع العائدات بنسبة 23.4 %)، كما أثَّر ذلك على السياحة في ظل عدم استقرار المنطقة. وقد أعلن ميناء إيلات إفلاسه رسميًّا في ظل الحصار الحوثي، وأصبح توقف هذا التصعيد العسكري في باب المندب مرهون بتوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وإدخال المساعدات الإنسانية المطلوبة إلى القطاع طبقًا لمطالب الحوثيين.
وقد امتنعت مصر عن الانضمام إلى هذا التحالف الذي يقوده الغرب لحماية الملاحة في باب المندب مكتفية بتواجدها البحري المؤثر في المنطقة وبمراقبة الأحداث وتطوراتها عن كثب؛ إذ إن الانضمام لهذا التحالف الدولي في مواجهة الحوثيين ظاهره تأييد إسرائيل والغرب في العدوان على غزة مما يعرض مصر لانتقاداتٍ كثيرةٍ، كما أنه سيلزم مصر بالمشاركة وتنفيذ قرارات هذا التحالف الذي تقوده وتتحكم فيه الولايات المتحدة والدول الغربية؛ أي: تصبح مصر خاضعة لتحالف يتخذ هو قراراته نيابة عنها، فتفقد بذلك مصر خيار قرارتها، وقد يوقعها ذلك في مواجهة لا مبرر لها مع جماعة الحوثيين الذين تساندهم إيران وتدعمهم بقوة مما جعلهم قوة عسكرية لا يستهان بها في المنطقة.
وقد تبنت مصر تاريخيًّا من بعد قيام ثورة يوليو 1952 مبدأ رفض الانضمام إلى التحالفات العسكرية الدولية مع الشرق أو الغرب على حدٍّ سواء حفاظًا على استقلالية قرارتها وشئونها العسكرية.
3- حريق في البيت الليبي المجاور:
ليبيا بوابة مصر الغربية التي ترتبط مع مصر بصداقة امتدت عبر آلاف السنين، ولهما معًا حدود مشتركة تتعدى الألف كيلو متر. وللأسف فقد تحولت ليبيا في العقد الأخير إلى ساحة للنزاع والصراع واقتتال أبناء الشعب الواحد فيما بينهم على الثروات والسلطة والحكم، حتى صارت ليبيا شبه منقسمة إلى ثلاثة أجزاء، يسيطر على كل جزء منها فصيل له مطالبه التي يرفض التنازل عنها أو عن بعضها.
لقد انقسم الشعب الليبي على نفسه في شرق ليبيا وغربها وجنوبها، وتدخلت العديد من الجهات الأجنبية التي لها أجندتها ومصالحها البعيدة عن خدمة ليبيا وشعبها، ومما زاد الأمر سوءًا أن الجيش الليبي ليس بالجيش الكبير وليست له القوة الكافية للسيطرة على شئون البلاد، في وجود ميليشيات مسلحة مدعومة بقوى خارجية في غرب البلاد وتنظيمات متطرفة في شرقها.
إن كون ليبيا دولة غنية بمواردها البترولية جعلها عرضة لمطامع خارجية صارت تتدخل علنًا في شؤونها وتناصر بعض الأطراف الليبية في مواجهة الأطراف الأخرى، ليبقى الحل والمخرج من الأزمة في اتحاد الشعب الليبي وتصفية خلافاته وحل مشاكله بنفسه دون أي التفات إلى أي مطالب أو أجندات خارجية، مع التمسك بوحدة أراضيه، وذلك من خلال جلوس الأطراف الليبية المتنازعة على مائدة واحدة لتحقيق ذلك، من خلال انتخاب برلمان وحكومة موحدة، وإنهاء حالة الانقسام القائمة التي قضت على استقرار البلاد، وصارت أشبه بحريق في البيت المجاور لنا يلتهم البيت وينذر بخرابه.
وفي ظل تلك الأوضاع الملتهبة في ليبيا تعمل مصر على تأمين حدودها المشتركة مع ليبيا؛ خاصة مع عدم قدرة ليبيا على تأمينها بشكل كامل، خاصة في ظل وجود جماعات متطرفة في شرق ليبيا تهدد الأمن الليبي والمصري والأمن العربي ككل؛ لذا فهناك اتصالات مصرية مكثفة ومستمرة مع جميع الفرقاء في ليبيا، حيث تحرص مصر دائمًا على فتح أبوابها أمام كل الأشقاء في ليبيا.
ومعلوم أن هناك عمالة مصرية كبيرة في ليبيا كانت تبلغ نحو 2 مليون مصري، لكنها انخفضت في الفترة الأخيرة مع التطورات الأخيرة هناك إلى نحو المليون، وهناك حركة تجارة متبادلة قديمة بين مصر وليبيا.
ونظرًا لأن أمن ليبيا يعد من الأمن المصري، فكلاهما عمق للآخر، فإن مصر بذلت وتبذل جهودًا كبيرة على عدة محاور مترابطة فيما بينها، منها:
- احترام سيادة ليبيا ووحدة أراضيها، ورفض مخطط التقسيم.
- حق الليبيين وحدهم في تقرير مصيرهم.
- العمل على توافق الأطراف المتنازعة في ليبيا، وتقريب وجهات النظر فيما بينهم، وحل الخلافات بين مجلس النواب ومجلس الدولة بشأن القاعدة الدستورية التي بموجبها يتم إقامة الانتخابات البرلمانية والرئاسية المعطلة منذ عام 2021.
- الوقوف إلى جانب الجيش الوطني الليبي في مواجهته للتنظيمات المتطرفة هناك، والتنسيق معه في شأن تأمين الحدود المشتركة بين البلدين.
- الرفض لتدخل أي قوة خارجية في شؤون ليبيا.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 22-01-2025, 01:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,695
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مصر أمام حصار يفرض علينا اليقظة والحذر وصدق التوجه إلى الله

مصر أمام حصار يفرض علينا اليقظة والحذر وصدق التوجه إلى الله (2-2)



كتبه/ علاء بكر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
من تلك المخاطر التي تتعرض لها مصر:
4- نهر النيل صار مهدَّدًا بالتناقص والجفاف:
ارتبطت مصر شعبًا وحضارة بنهر النيل عبر آلاف السنين، فلا تذكر مصر إلا وذكر معها النيل، ولا يذكر النيل إلا وذكرت معه مصر. ثم جاءت الأحداث في العقد الأخير لتهدد مصر في أهم ما تملك؛ في نهرها، شريان الحياة الذي يمدها بالمياه التي لا غِنَى لها عنه، ومصدر هذا التهديد هو قيام إثيوبيا بإنشاء (سد النهضة) قرب حدودها مع السودان بكيفية فيها الكثير من التهديد لمصر، حيث تأتي من إثيوبيا النسبة الأكبر من مياه النيل المتجهة إلى السودان ومصر.
تم ذلك ويتم من إثيوبيا دون أي مشاورة مع مصر، بل بتعنت وتجاهل لمطالب مصر في الاطلاع على حقيقة مشروع السد ومراجعة تفاصيله الفنية تفاديًا لأي مخاطر أو سلبيات تضر بدولة المصب، وهذا مما أثار -ويثير- الشكوك حول وجود نية الإضرار بمستقبل مصر عاجلًا أو آجلًا، بل قد يقع الضرر على الجميع في ظلِّ التعنت والتصلب في القرار وتنفيذه مع احتمالية الخطأ والضرر فيه؛ إذ إن حجم السد وسعته وتكلفته تعد ضخمة للغاية.
الحكاية من البداية:
بدأ التفكير في بناء سدِّ النهضة في إثيوبيا منتصف الستينيات من القرن العشرين من خلال دراسات معمقة على حوض النيل الأزرق بدأت عام 1959، واستمرت لعدة سنوات، وضعها مكتب الاستصلاح الأمريكي أحد أهم المؤسسات الأمريكية المختصة بإدارة الموارد المائية، وذلك في أعقاب اتفاقية القرض الروسي لمصر لبناء السد العالي، حيث اتفقت مصر مع السودان من خلال اتفاقية وقعت بينهما عام 1959 على تقسيم فوائض مياه نهر النيل خلف السد العالي ومقدارها 74 مليار متر مكعب بينهما، بحيث يكون نصيب مصر منها 5 و 55 مليار متر مكعب ونصيب السودان منها 5 و 18 مليار.
وقد أثارت اتفاقية مصر والسودان هذه حفيظة إثيوبيا منذ توقيعها حيث لم تشرك مصر والسودان الطرف الإثيوبي فيها واعتبرتها تجاهلًا لها، رغم أن إثيوبيا لا ضرر عليها من وضع وتنفيذ هذه الاتفاقية في شيء، فهي أشبه باتفاقية خاصة بين البلدين لا تتعلق بمصالح باقي الأطراف المشاركة في حوض النيل بما فيها إثيوبيا، ومن وقتها وإثيوبيا يراودها وضع اتفاقية موازية لتوزيع حصص مياه النيل من جديد على دول حوض النيل، وهو ما سعت إليه من خلال اتفاقية (عنتيبي) في مايو 2010، التي تنتقص من الحصة التاريخية لمصر والسودان من مياه النيل.
تلاقت أغراض إثيوبيا مع الولايات المتحدة في الستينيات على إعادة النظر في التعامل مع مياه النيل، حيث وضع مكتب الاستصلاح الأمريكي خريطة كاملة لعدد من المشروعات المائية على نهر النيل الأزرق تحتجز قرابة 70 مليار متر مكعب من المياه حال تنفيذها كاملة، ومن ضمنها: سد الحدود الذي تحول بعد تطور فكرته إلى ما يعرف حاليًا بسدِّ النهضة.
قدرت السعة الممكنة وقتها لمشروع سد الحدود بأنها لا تزيد عن (11) مليار متر مكعب، نظرًا لوجود وادي بطول 5 كيلو متر غرب جسم سد الحدود يمنع ارتفاع المياه إلى أكثر من السعة المذكورة لمرور أي كميات زائدة عبر هذا الوادي إلى مجرى النهر خلف السد باتجاه السودان، ثم لتحسين مواصفات سد الحدود تم بعد سنوات إقرار مشروع جديد لزيادة سعة خزان السد ببناء سد مكمل آخر (سد السرج) لإغلاق الوادي المذكور بطول 5 كيلو متر وارتفاع 50 متر، وتمت تسمية المشروع ككل باسم: (سد النهضة) بسعة مستقبلية تصل إلى 74 مليار متر مكعب.
في عام 2010 وما بعده كشفت إثيوبيا عن نواياها في بناء سد النهضة بسعته الهائلة التي يمكن أن تضر بالأمن المائي لمصر رافضة في صلف ولأكثر من عشر سنوات إجراء أي مباحثات أو مفاوضات جادة حول إعادة النظر في -أو تأجيل- بعض عمليات ملء وتشغيل سد النهضة رغم الشكوك المصرية حول مخاطر بناء السد، في غياب التشاور والدراسات الوافية عنه وعن إجراءات السلامة والآثار الاقتصادية والبيئية والاجتماعية للمشروع على دولتي المصب خاصة حال التعرض للجفاف في أي مرحلة قادمة.
ويعد نصيب الفرد في مصر بحسب حصتها الحالية من ماء النيل (55.5 مليار متر مكعب)، وبعدد سكانها الذي تعدى 100 مليون نسمة نحو نصف النصيب العالمي للفرد من الماء (أي: نصف حد الفقر المائي عالميًّا)؛ كما أن مصر من الدول قليلة الأمطار سنويًّا. ويقدم نهر النيل القادم من خارج مصر نحو 98% من كمية الماء المتوفرة حاليًا في مصر.
ومما يزيد الأمر سوءًا ما يتردد من مخاوف حدوث فترات جفاف في السنوات القادمة تستنزف مخزون الماء في بحيرة ناصر، و مخاوف الجيولوجيين على سدِّ النهضة بضخامة سعته من الزلازل؛ إذ إن إثيوبيا تعد من أكثر الدول المعرضة للأنشطة الزلزالية والبركانية في إفريقيا، وسد النهضة يقع قرب منطقة زلزالية، مما قد يعرض سد النهضة للانهيار، وأوضحت دراسة أن هناك إزاحة غير متوازية على جانبي سد النهضة؛ مما يعني أن كميات المياه الضخمة الجاثمة فوق القشرة الأرضية للسد قد تؤدي إلى انزلاقات، وأن ضغط المياه على الأرض يمكن أن يؤدي إلى انزلاقات للقشرة الأرضية وزلازل.
محاولات إثيوبيا لتمرير اتفاقية عنتيبي:
في عام 2010 رفضت مصر والسودان اتفاقية (عنتيبي)، الاتفاقية الإطارية لحوض النيل، لإخلالها بالحقوق التاريخية والقانونية لدولتي مصب نهر النيل: مصر والسودان، ودعم هذا الرفض رفض الكونغو وبوروندي للاتفاقية، وبذلك لم تتحقق أغلبية الثلثين لإنفاذ الاتفاقية؛ إذ كانت دول حوض النيل تضم وقتها 9 دول (كينيا ورواندا وبوروندي وتنزانيا والكونغو، وأوغندا وإثيوبيا والسودان ومصر)، ودخول الاتفاقية حيز التنفيذ يحتاج موافقة ثلثي الدول، أي: تحتاج إلى موافقة 6 دول، وهو ما لم يتحقق بموافقة 5 دول عليها (إثيوبيا وأوغندا ورواندا وتنزانيا وكينيا)، ورفض الدول الأربع الأخرى (مصر والسودان والكونغو وبوروندي).
وبعد انقسام السودان إلى دولتين كان انضمام دولة جنوب السودان إلى مجموعة دول حوض النيل يجعل مجموع هذه الدول عشر دول.
ورغم أن ظاهر العلاقات المصرية مع جنوب السودان علاقات جيدة ووطيدة حيث قدمت مصر، وافتتحت مشروعات متعددة في جنوب السودان، وقامت بإنشاء مركز للتنبؤ بالأمطار والتغيرات المناخية وحفرت آبار جوفية وطهرت بحر غزال من الحشائش، وشاركت في اجتماعات اللجنة الفنية المشتركة لمشروعات التعاون الثنائي بين البلدين لبحث المشروعات الجاري تنفيذها والمشروعات المستقبلية؛ إلا أنه في موقف مفاجئ وغير متوقع قام برلمان جنوب السودان بالموافقة (التصديق) على اتفاقية عنتيبي.
والظاهر أن هذه الموافقة أيضًا لا تكفي لتنفيذ الاتفاقية لعدم بلوغ الدول الموافقة على الاتفاقية نسبة الثلثين المطلوبة حتى بعد موافقة جنوب السودان عليها، وهي هنا تكون بموافقة 7 دول من دول حوض النيل العشر.
واتفاقية عنتيبي تتجاهل الحقوق التاريخية لمصر والسودان المقررة بموجب اتفاقيات 1902 و1929 و1959، والتي تضمن لمصر حصة من المياه قدرها 5 و55 مليار من المياه سنويًّا وللسودان 5و18 مليار متر مكعب سنويًّا، وتفتح الاتفاقية الباب لإعادة توزيع الحصص المائية بين دول حوض النيل بما يهدد الأمن المائي لمصر والسودان، والاتفاقية أيضًا تضعف مبدأ الإخطار المسبق لدول مصب نهر النيل عند إقامة مشروعات جديدة على نهر النيل، كما أن الاتفاقية تنص على تأسيس مفوضية لحوض النيل لها سلطة اتخاذ القرارات، وقد تتخذ قرارات مستقبلية تضر بمصلحة دول المصب.
ويبقى الأمر مرتبطًا بتمسك مصر والسودان بوحدة موقفهما وبحفاظهما على موقفهما الثابت من هذا التحدي؛ خاصة وأن هناك دعم دولي لموقف مصر والسودان في هذه القضية نظرًا للاعتبارات التاريخية ومبادئ القانون الدولي.
5- تداعيات الأعداد الكبيرة من اللاجئين:
يعد ملف اللاجئين الذين يعيشون في مصر من الملفات المهمة حاليًا على الساحة المصرية حيث تشير التقارير الرقابية إلى وجود أكثر من 9 مليون لاجئ يعيشون في مصر من أكثر من مائة دولة. وهم يتركزون في المحافظات والمدن الكبيرة؛ مثل: القاهرة والجيزة والإسكندرية، والدقهلية ومدن القناة، بينما تقل أعدادهم في المحافظات والمدن النائية كأسوان، وهم يمثلون الآن نسبة تبلغ نحو 8.7 % من حجم السكان. وهم يستفيدون من الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين المصريين دون أي تمييز في المعاملة خاصة في قطاعي الصحة والتعليم. وتشير تقارير إلى تحمل الدولة المصرية نتيجة لذلك تكلفة تقديرية بنحو 10 مليار دولار سنويًّا.
ورغم أعداد اللاجئين في مصر الكبيرة، فلا يوجد تنظيم وضبط محكم لما يتعلق بدخولهم أو تواجدهم في البلاد، إذ إن:
- المفترض في مثل هذه الأحوال أن يتم تسجيلهم في (مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين)؛ للتعرف على أعدادهم وتنظيم تواجدهم، وهو إجراء يسبق تعاملهم مع السلطات المصرية.
ومن خلال مفوضية شئون اللاجئين مصر يتم الاعتراف باللاجئ بعد تقديمه طلبًا بذلك ومراجعة البيانات التي قدَّمها. وتعمل المفوضية في مصر منذ عام 1954، حيث توفر خدمات التسجيل والتوثيق وتحديد وضع اللاجئ وتوفر له الحماية المطلوبة ودمجه في نظم التعليم والصحة وتعزيز سبل معيشته، ويبلغ عدد المسجلين حاليًا في المفوضية في مصر أكثر من 670 ألف لاجئ من 62 جنسيات مختلفة.
- تقنين أوضاع هؤلاء اللاجئين حتى يكونوا تحت سمع وبصر الدولة، مع وجود قاعدة بيانات خاصة بهم يمكن عن طريقها التعرف عليهم معرفة تساعد في وضع الحلول المطلوبة عند حدوث مشكلات أو أزمات في البلاد.
- المفترض أن يتم تقسيمهم وتوزيعهم على أماكن خاصة بتجمعهم خاصة في المدن الجديدة، بحيث يكون لهم أماكن محددة لا تتسبب في إحداث ضغط على خدمات ومرافق الدولة التي تتحمل بصعوبة عبأ كثافة المصريين السكانية العالية في المدن الكبيرة ذات الكثافة السكانية، فلا تتسبب أعداد اللاجئين الكبيرة في زيادة الكثافة السكانية في أماكن هي كثيرة الكثافة من قبل.
- الاستفادة بقدر الإمكان من قدراتهم الاستثمارية وخبراتهم الفنية والعملية وتوجيهها في خدمة الاقتصاد القومي كقوة عاملة داعمة ومنتجة.
ومعلوم أن مصر ترحب بقدوم اللاجئين، فمصر عبر التاريخ استقبلت الكثيرين من أبناء الشعوب الأخرى وهناك أعلام منهم عاشوا في مصر وبرعوا فيها وذاع صيتهم، ومنهم من كان له دوره في رواج مصر الاقتصادي من خلال مشروعات أنشأها أو شارك في إنشائها.
ومعظم هؤلاء اللاجئين هم من الدول العربية الذين غادروا بلادهم مع الاضطرابات التي تشهدها وجاءوا إلى مصر طلبًا للأمن والاستقرار؛ خاصة من سوريا والعراق وليبيا واليمن والسودان، وهم يتميزون بأنه لا فارق بينهم وبين المصريين في اللغة والدين والعادات والثقافات، وهم لا يجدون صعوبة في الحياة والتأقلم مع المصريين.
لكن المشاكل الناتجة عن تزايد أعداد اللاجئين إلى مصر مع افتقاد الضبط والتنظيم المحكم لها عديدة، منها:
- ارتفاع قيمة إيجار الوحدات السكانية في بعض الأماكن التي يكثر فيها تواجد هؤلاء اللاجئين؛ خاصة في ظل قوانين الإيجار الجديد المعمول بها في مصر، وهذا يزيد من معاناة المصريين من مشكلة الإسكان. وكان الأولى توجيه وحسن توزيع هؤلاء اللاجئين للسكن في أماكن قليلة الكثافة السكانية وبالتالي تعميرها دون مضايقات.
- ارتفاع أسعار الخدمات التي تقدمها الدولة نتيجة لزيادة الطلب عليها خاصة في التعليم والتطعيمات والرعاية الصحية وتوفير السلع المدعومة الأساسية والحاجات الضرورية للمواطنين من ماء ووقود وكهرباء ونحوها.
- المخاطر التي قد يتعرض لها الأمن القومي المصري من وجود تجمعات من هؤلاء اللاجئين ممن دخلوا مصر هربًا من صراعات داخل بلادهم ويحملون توجهات وأجندات مختلفة لها تأثيرات سلبية على الأمن القومي المصري.
وهذا بالتالي يستدعي بالضرورة:
- عمل حصر دقيق وشامل لكل المتواجدين على أرض مصر من كل الجنسيات، من خلال قاعدة بيانات واضحة، بحيث يتم تصنيفهم والتعرف على طرق دخولهم للبلاد، ومدة إقامتهم فيها، ونحو ذلك. خاصة مع حاجاتهم لتوفير الخدمات من تطعيمات ومدارس ورعاية صحية وتأثيرهم المحتمل في التركيبة السكنية، وكلها أمور هامة في تخطيط الحكومة لمستقبل البلاد وتوفير احتياجات سائر المواطنين.
- عمل مسح شامل للمهاجرين للتعرف على أعداد الشباب منهم وحاجتهم لفرص العمل، وأعداد المسنين منهم وحاجتهم إلى الرعاية الصحية، وتوفير الإنفاق عليهم، وأعداد السيدات منهن في عمر الإنجاب وقدراتهن الإنجابية.
ويزيد من أهمية ذلك: أن هناك أعدادًا كبيرة من المهاجرين بدأت تذوب تدريجيًّا في المجتمع المصري، على عكس الدول الأخرى التي تضع اللاجئين إليها في مخيمات ومعسكرات تقلل من ذوبانهم في المجتمع وتأثيرهم في تركيبته السكانية.
- تقنين أوضاع هؤلاء المهاجرين، وتمييز من كان دخولهم للبلاد بطرق قانونية ممن كان دخولهم بطرق غير شرعية، وبالتالي تقنين أوضاعهم حفاظا على الأمن القومي؛ فمن حق كل دولة -بل من واجبها- ضرورة التعامل مع المخالفين بحسم وبحزم.
- مراجعة تصاريح العمل الخاصة بهؤلاء اللاجئين إذ أكثرهم لا تصاريح عمل لهم في مصر، ولا تتعدى تصاريح العمل في مصر 100 ألف تصريح.
وتقوم حاليًا وزارة الداخلية منذ بداية العام الحالي 2024 بحملة مكثفة لتصحيح أوضاع كافة اللاجئين المقيمين في مصر واتخاذ إجراءات إثبات الإقامة لهم لتقنين أوضاعهم من خلال التوجه إلى الإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية لتقنين أوضاعهم، وتجديد إقاماتهم والحصول على كروت ضمان الاستفادة من كافة الخدمات الحكومية.
وجوب الحذر والحيطة:
مما ينبغي علينا في مواجهة هذه الأخطار المحدقة بنا من كل جانب أخذ الحذر منها جميعًا، واليقظة وعدم الغفلة؛ قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا) (النساء:71)، وقوله -تعالى-: (خُذُوا حِذْرَكُمْ): أي: خذوا ما فيه الحذر من سلاح وغيره.
ولهذا الحذر شرعت صلاة الخوف قصرًا، وبكيفيتها المعروفة المخالفة لحالة الصلاة في الأحوال العادية؛ قال -تعالى : (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا . وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ) (النساء: 101، 102).
وجوب حسن التوجُّه إلى الله -تعالى-:
- ويتضمن ذلك الأخذ بالأسباب إذ حث الشرع على ذلك:
قال الله -تعالى-: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا) (الملك: 15) أي: طلبًا للرزق، (وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ) فالرزق بيد الله -تعالى- لا بأيديكم؛ فعليكم الأخذ بالأسباب، ولله العطاء والفضل (وَإِلَيْهِ النُّشُورُ). وقال -تعالى- في صلاة الجمعة: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ) (الجمعة:10).
وقال -تعالى- لمريم -عليها السلام- لما جاءها المخاض وهي وحيدة تحتاج العون والمساعدة: (فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا) (مريم: 24)، أي: نهرًا صغيرًا للشرب (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ) أخذًا بالأسباب للحصول على الطعام (تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا . فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا) (مريم: 25، 26).
وقال -تعالى- عن أيوب -عليه السلام- لما أراد الله له الشفاء مما أصابه لسنوات طويلة: (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ . ارْكُضْ بِرِجْلِكَ) (ص: 41-42) أي: اضرب برجلك الأرض من باب الأخذ بالأسباب (هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ) ماء نبع من الأرض مكان ضربها، اغتسل منه فشفي من أمراضه الظاهرية وشرب منه فشفي من أمراضه الباطنية، فاستعاد بذلك كامل عافيته وحيويته (وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ) (ص: 43).
- ويتضمن ذلك أيضًا حسن التوكل على الله -تعالى-:
قال الله -تعالى-: (?وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ) (الطلاق:2، 3)، وقال -تعالى-: (قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ) (الزمر:38)، وقال -تعالى-: (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (آل عمران:159)، والآيات في ذلك كثيرة.
وجماع ذلك:
- في تقوى الأمة وصلاحها: قال -تعالى-: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (الأعراف: 96).
- وفي استعداد الأمة للجهاد في سبيل الله؛ ففي الجهاد خيري الدنيا والآخرة: قال الله -تعالى-: (انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (التوبة:41).


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 82.67 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 80.54 كيلو بايت... تم توفير 2.13 كيلو بايت...بمعدل (2.58%)]