عقد الهبة مع الاحتفاظ بحق الانتفاع مدى الحياة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         دراسة مقارنة بين التفسير القرآني المدعوم بالذكاء الاصطناعي والتفسير البشري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          ما آفاق الاجتهاد في الدراسات الإسلامية الغربية؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          تجديد الرؤية للعالم يمر عبر اللغة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          مكانة العلم والعلماء في الوعي الذي يؤسسه القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          هل إجازة نهاية الأسبوع من الدين ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          القراءة مشروع المدرسة الحقيقي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          “والله الغني وأنتم الفقراء”: دروس في العطاء من سورة محمد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          قراءة قرآنية لمأساة التقليد الأعمى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          القرآن والنقلة في الوعي الإنساني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          من شروط النصر والتمكين .. تحقيق الأخوة والمحبة بين المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17-10-2024, 01:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,384
الدولة : Egypt
افتراضي عقد الهبة مع الاحتفاظ بحق الانتفاع مدى الحياة

عَقدُ الهِبةِ مع الاحتفاظ بحق الانتفاع مدى الحياة

عواد مخلف فاضل

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وإمام المتقين؛ نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:
الملكية تامة وناقصة:
تنقسم الملكية انقسامًا فرعيًّا إلى نوعين؛ تامة، وناقصة، والتامة أن يملِكَ الشخص رقبة الشيء ومنفعتها معًا، أما الناقصة، فلها شكلان:
الأول: أن يملك الشخص منافع الشيء دون رقبته، وتُستفاد ملكية المنافع وحدها بإحدى طرق أربع؛ وهي الإجارة، والإعارة، والوقف، والوصية.

الثاني: وهي قليلة، وخلاف الأصل في ملكية الرقبة التي من خصائصها أن تستتبع المنفعة؛ إذ لا فائدة من إيجاب ملكية جُرِّدت من حق الانتفاع.

وتجريد ملك الرقبة من حق الانتفاع حالة استثنائية تثبُت موقوتة، ثم تؤول إلى تبعية المنفعة للرقبة، ولا تكون إلا بطريق الوصية في صورتين فقط؛ وهما:
أولًا: إذا أوصى المالك لشخص بمنفعة شيء بعد وفاته مدة معينة، أو مدة حياة الشخص الموصَى له، فإن ورثة الموصي في هذه الحالة إنما يملكون بالإرث رقبةَ ذلك الشيء فقط، أما منفعته، فيملكها الموصَى له، ويتأخر إرثها، فيستوفيها الموصَى له على حساب المورَث لا على حساب الوَرَثة، وتعتبر العين كأنها محبوسة على ملك المورث في حق المنفعة الموصى بها.

ثانيًا: إذا أوصى مالك العين لشخص بمنفعتها مدةً معينة أو مدة حياته، وأوصى لآخر برقبتها، فإن الموصى له بالعين يكون مالكًا لرقبتها وحدها مدة انتفاع الموصى له بالمنفعة، حتى تنقضِيَ بانتهاء المدة المحدَّدة له أو بموته.

وفي كلتا الصورتين يكون انفكاك ملك الرقبة عن ملك المنفعة موقوتًا بمدة استحقاق المنتفع للمنفعة، فمتى انتهت، عادت المنفعة إلى تبعيتها للرقبة، فيصبح مالك الرقبة مالكًا للمنفعة على حكم الأصل[1].

أما هِبَةُ العين مع الاحتفاظ بحق الانتفاع مدى الحياة - وهو عنوان المقال – فيكون على صورتين:
الأولَى: أن يهَبَ شخص لآخر الرقبة والمنفعة، ويشترط عليه الواهب الانتفاع بالمنفعة مدى الحياة.

الثانية: أن يهَبَ شخص لآخر الرقبة دون المنفعة، وأن تكون المنفعة له بعد موته.

مناقشة الصورتين:
الأولى: تسمى هبة المجهول والمعدوم[2]، وصورتها أن يقول شخص لآخر: وَهَبْتُك بعض غنمي، أو وهبتك ما أكسبه من مال، أو وهبتك ما في بطن هذه الدابة، وهنا تضمنت الغَرَر[3] والجهالة، وهبة العقار بشرط الانتفاع مدى الحياة فيها جهالة في مدة حياة الواهب، وفي زمان قبض الموهوب، وللفقهاء في حكم هبة المجهول والمعدوم قولان:
فمنهم من قال بالمنع؛ وهو قول الحنفية[4]، والشافعية[5]، والمذهب عند الحنابلة[6] فيما لا يتعذر علمه[7]، وبه قال ابن حزم الظاهري[8]، ومنهم من قال بالجواز؛ وهم المالكية[9]، وهو قول في مذهب الحنابلة، وبه قال ابن تيمية[10]، وابن القيم[11].

كما أن الهبة هنا غير مقبوضة، وقبضها لازم عند الجمهور، وشرطٌ في صحتها، خلافًا للمالكية الذين يعتبِرون القبض من تمامها، وتصح بمجرد العقد.

وعلى ما سبق، فالصورة الأولى عقدٌ صحيح عند المالكية؛ لصحة هبة المجهول عندهم، وصحة عقد الهبة بالعقد دون القبض.

الصورة الثانية: في حقيقتها وصية مضافة إلى ما بعد الموت؛ ذلك أن الملكية لا تنتقل إلا بوفاة الواهب، وهو الموصِي على الحقيقة، وعليه فتكييف هذه الصورة وصية مضافة لِما بعد الموت.

والجدير بالذكر هنا، وللفائدة؛ أن فقهاء المذاهب في الشريعة الإسلامية خلافًا لعلماء القانون يفرِّقون بين ملك المنفعة، وحق الانتفاع من حيث المعنى، وحدوده بأن ملك المنفعة فيه اختصاص حاجز كحقِّ المستأجر في منافع المأجور، وحق الموقوف عليه في منافع الوقف، ففي كل ذلك معنى الملكية وُقُوتُها، أما حق الانتفاع المجرد فهو من قبيل الرخصة بالانتفاع الشخصي دون الامتلاك، كحق الجلوس في الأسواق والمساجد، واستعمال الطرق والأنهار فيما لا يضر العامة، والمبيت في المضافات، ودخول الأماكن التي يأذن أصحابها بدخولها، وتناول ما يسمحون بتناوله منها، ونحو ذلك، فملك المنفعة أقوى وأخص من حق الانتفاع وزيادة[12].

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

[1] المدخل الفقهي العام، مصطفى أحمد الزرقا، صفحة 349 - 351، دار القلم بتصرف يسير.

[2] قال ابن تيمية: "تنازع العلماء في هبة المجهول؛ فجوَّزه مالك، حتى جوَّز أن يهَبَ غيره ما ورثه من فلان، وإن لم يعلم قدره، وإن لم يعلم أثُلُثٌ هو أم رُبُع، وكذلك إذا وهبه حصةً من دار ولا يعلم ما هو، وكذلك يجوز هبة المعدوم؛ كأن يهبه ثمرُ شجرِه هذا العام أو عشرة أعوام، ولم يجوِّز ذلك الشافعي، وكذلك المعروف في مذهب أبي حنيفة وأحمد المنع من ذلك... ومذهب مالك في هذا أرجح"؛ [مجموع الفتاوى (270/31)].

[3] قال ابن القيم: "المعدوم الذي هو غررٌ نُهِيَ عنه للغرر لا للعدم، كما إذا باعه ما تحمِل هذه الأَمَة أو هذه الشجرة؛ فالمبيع لا يُعرَف وجوده، ولا قدره، ولا صفته... بخلاف الوصية؛ فإنها تبرع محض، فلا غرر في تعلقها بالموجود والمعدوم، وما يقدر على تسليمه إليه وما لا يقدر، وطرده الهبة؛ إذ لا محذور في ذلك فيها، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم هبة المشاع المجهول في قوله لصاحب كبة الشعر حين أخذها من المغنم، وسأله أن يهبها له، فقال: ((أمَّا ما كان لي ولبني عبدالمطلب فهو لك))"؛ [إعلام الموقعين (28/2)].

[4] انظر: المبسوط للسرخسي (74/12)، وتبيين الحقائق للزيلعي (94/5)، وحاشية ابن عابدين (440/8).

[5] الحاوي للماوردي (5/ 273)، وروضة الطالبين للنووي (435/4)، ونهاية المحتاج للرملي (411/5).

[6] المغني لابن قدامة (384/5)، والإنصاف للمرداوي (132/7).

[7] كأن يقول: وهبتك شاءً من غنمي، فهنا لا تصح على الراجح في المذهب، أما ما يتعذر عليه فتصح؛ مثل: إذا اختلط زيته بزيت صاحبه فوهبه إياه.

[8] المحلى لابن حزم (116/9).

[9] انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد (422/13)، والذخيرة للقرافي (243/6)، ومواهب الجليل (6/8)، الإنصاف (132/7)، منح الجليل لغليش (176/8).

[10]الفتاوى الكبرى (434/5)، فتاوى ابن تيمية (270/31).

[11] إعلام الموقعين (28/2).

[12] بتصرف من المدخل الفقهي العام لمصطفى أحمد الزرقا، الصفحة: 374 و375.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 50.44 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 48.77 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.32%)]