لا يستقيم الظل والعود أعوج - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         سلسلة ‘أمراض على طريق الدعوة‘ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12 - عددالزوار : 4641 )           »          الإمام الدارقطني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الإمام الترمذي (صاحب السنن) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          الإمام النووي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الدين الكامل حاجة الإنسان في كل زمان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          تصحيح شيخ الإسلام لبعض أخطاء الفقهاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          تحقيق التوحيد في باب التوكل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          الكفاية في تلخيص أحكام صلاة المسافرين والجمع بين الصلاتين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الخير مختبئ خلف كل ما لا نفهمه الآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          ما الفقر أخشى عليكم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأمومة والطفل
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الأمومة والطفل يختص بكل ما يفيد الطفل وبتوعية الام وتثقيفها صحياً وتعليمياً ودينياً

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15-10-2024, 04:16 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,024
الدولة : Egypt
افتراضي لا يستقيم الظل والعود أعوج

لا يستقيم الظل والعود أعوج

ما شاهدت رجلًا صالحًا في حياتي، أو قرأت عنه، إلا وجدت بركة هذا الصلاح في ذريته، وتأتي هذه البركة في صورٍ شتى؛ سَعَةٍ في المال، رِفعةٍ في الدنيا، صحة وعافية في البدن، راحة بال... وأحيانًا جُل هذا.

فالكَنز المقبور تحت الجدار لغلامي المدينة، أراد الله أن يبقى البناء قائمًا حتى يبلغا الرشد، ثم يبعث الله إليهما موسى والخضر - من مكان بعيد - ليُقيما الجدار؛ فقد كان أَبُوهُمَا صَالِحًا: {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} [الكهف: 82]، قيل: كان بينهما وبين الأب الصالح سبعة آباء.

وأعظم بركة يمكن أن تطول الولد أن يكون في صلاحه امتدادًا لوالديه؛ قال تعالى: {وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ} [الصافات: 113].

ما أثمنه من ميراثٍ هذا الذي يتوارثه الولد عن الوالد: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور: 21]؛ قال ابن عباس رضي الله عنه في هذه الآية: "إن الله تبارك وتعالى لَيرفع ذرية المؤمن في درجته، وإن كانوا دونه في العمل، ليُقِرَّ بهم عينه".

عرفت مدةً شابًّا من جيلي، كان والداه في قمة التقوى والصلاح، لكن هذا الولد خيَّب الآمال، فعاش حياة الصعلكة، لكن تشاء إرادة الله أن يرجع، وأن يستقيم على الطريقة، فلم يَمَلَّ والداه من الدعاء له بالصلاح؛ فلم يخيِّب الله رجاءهما.

من أجل ذلك، كان الصالحون يتقربون إلى الله طمعًا في أن يبقى أثرُ طاعتهم من بعدهم في أولادهم وأحفادهم؛ فهذا والد الإمام البخاري يقول عند موته: "والله لا أعلم أني أدخلت على أهل بيتي يومًا درهمًا حرامًا، أو درهمًا فيه شبهة"، فجاء حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الصحيح مجموعًا على يد ولده محمد بن إسماعيل البخاري، أصح الكتب بعد كتاب الله.

وكان سعيد بن المسيب كلما أراد أن يصلي قيام الليل، نظر إلى ابنه فقال: "إني أزِيدُ في صلاتي ليصلحك الله وليحفظك الله"، ثم يبكي وهو يتلو قول الله تعالى: {وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا} [الكهف: 82].

قال محمد بن المنكدر: "إن الله لَيحفظ بالرجل الصالح ولدَه وولدَ ولده، وقريته التي هو فيها، والدُّويرات التي حولها، فما يزالون في حفظ من الله وستر".

ويقول أحد التابعين: "إني لَأُذنب الذنب فأرى أثر ذلك الذنب على ولدي".

وقد أرشدنا الله تعالى إلى الطريق الضامن لحفظ الأولاد؛ فقال: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [النساء: 9].

وعند الوفاة، يُختم للمرء بما عاش عليه، فلو عاش الرجل وكل شاغله جمع المال، وتجهيز البيوتات، وتوظيف الأولاد، ثم تزوجيهم؛ ظنًّا – بجهل - أنه بذلك قد أدَّى رسالته في الحياة، تراه عند الموت مشغولًا بمن لم يتزوج من الأولاد، أو الأقل تعليمًا، أو العاطل منهم، ثم تتمحور وصاياه لأولاده حول هذه الأمور، ولربما أوقعه هذا الانشغال فيما لا يُرضي الله، فيُوصي ببعض ماله لأحد الأبناء، أو يحرِم وارثًا.

أما إذا كان شاغله الأكبر صلاتهم، وتحرِّيهم الحلال في مكسبهم، وأخلاقهم، وسلوكهم، ومحافظتهم على بر أرحامهم، فستجده عند الوفاة يأخذ عليهم العهد والميثاق بطاعة الله ورسوله.

قال الإمام ابن القيم: "إن أكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قِبَلِ الآباء، وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صغارًا، فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوهم كبارًا".

من أجل هذا، كان دَيدنَ الأنبياء والصالحين الانشغالُ بصلاح أبنائهم في حياتهم وبعد وفاتهم.

فإبراهيم عليه السلام أخذ العهد والميثاق على أبنائه لم يقُل لهم: لا تموتن إلا وأنتم أيدٍ واحدة، أو اعملوا على أن تكونوا أعظم الناس، لم يهتم بهذا؛ وإنما قال لهم: {يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 132].

والشيء نفسه فعله يعقوب عليه السلام؛ قال تعالى: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 133].

لم يشغل يعقوب عليه السلام نفسه مع أولاده بعَرَض الدنيا الزائل؛ فلم يسأل عن الضِّياع والأموال والأنعام، ولم يأبَهْ بالصغير أو المريض أو المحتاج، لكن كانت النقطة الشاغلة له قبل أن يفارق الحياة رسالة التوحيد: {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي} [البقرة: 133].

وهذا عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه يُسأل وهو على فراش الموت: ماذا تركت لأبنائك يا عمر؟ قال: "تركت لهم تقوى الله، فإن كانوا صالحين فالله تعالى يتولى الصالحين، وإن كانوا غير ذلك، فلن أترك لهم ما يُعينهم على معصية اللَّه تعالى".

وفي النهاية؛ فإن الأبناء امتدادٌ للآباء، فمتى صلح الوالد، صلح الولد، وإلا؛ فلن يستقيم الظل والعود أعوجُ.
____________________________________________
الكاتب: أ. د. زكريا محمد هيبة

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 49.91 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 48.21 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (3.42%)]