|
|||||||
| الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
عمارة الأرض وتشجيرها ونظافتها في الإسلام منال محمد أبو العزائم مقال مختصر عن عمارة الأرض وترتيبها وتنظيفها وتشجيرها، بحثت فيه بالدلائل عن موقف الإسلام منها، وذلك لانتشار الفوضى والأوساخ وعدم النظام في كثير من بلاد المسلمين، وتخلف الخدمات الحكومية فيها من مدارس ومستشفيات ومكاتب ومرافق عامة. فنجد الحمامات العامة متسخة، والزبالة في أركان الشوارع والأوراق وأكياس البلاستيك تتطاير في كل مكان. وتجد مكاتب الحكومة في شكل بائسٍ، وبها موظفين شبه نيام ولا يخدمون الناس إلى بشق الأنفس. كما تجد انتشار الجفاف والتصحر وتلوث البيئة وإنعدام سبل الراحة في أكثرها. ويتساءل الرائي لما هذه الفوضى والقذارة في هذه البلاد التي يقرأ أهلها القرآن وينطقون الشهادة يؤدون الصلاة ويصومون رمضان؟ أليس هذا مخالف لما جاء به ديننا الحنيف، وهو مذرٍ ومخذٍ بين الأمم؟ أليس هذا جالباً للأمراض ومضر بصحة الإنسان والحيوان؟ أليس هذا يرجع بالدولة إلى الوراء، وينفر منها الزوار، ويجعل حياة المقيمين فيها تعج بالفوضى والضيق وانعدام الراحة والهواء النقي؟! ومن المؤسف أن ترى بلاد غير المسلمين تنعم بالنظافة والنظام والتطور والترتيب والخضرة والمناظر الجميلة. فكان محبطاً أن تقارن حال بلاد المسلمين وحال غيرها. فلماذا لا يتغير هذا الوضع ونحفز الناس للبدأ بالتفكر والتغيير؟ لماذا نتركه هكذا دون فعل شيء، في حين غيرنا بدَّل وحسَّن وطوَّر من بلاده؟ وكل هذا الفكر وغيره يشجع على الكتابة حول هذا الموضوع … لعل الله تعالى أن يفتح أعين الناس للنظر والتفكر ومراجعة النفس بما يدور حولنا ولما وصل إليه مستوى البلاد. لابد وأن هناك خطأ ولكن الناس لا تنتبه له وتستمر تسير عليه، وتعودت على العيش بين القاذورات وتدمير البيئة التي جعلها الله مأوى للإنسان والحيوان والنبات، فأفسدها الإنسان بالأوساخ وجعلها قذرة متخلفة ليس بها ما يسر الخاطر، بل يجلب منظرها الكآبة والغم وسوء المطلع. فنحاول هنا تسليط الضوء على أهمية تعمير البلاد وتنظيفها وتطويرها وتشجيرها لجعلها تناسب العيش الكريم وتقوي دولة المسلمين وتوفر لهم الجو الصحي والمشجع لإقامة شعائرهم وعباداتهم ومناسباتهم الاجتماعية والدينية، ثم بحث موقف الإسلام حول إعمار الأرض، وبحث كيفية تعميرها وتنظيفها وتشجيرها، وتنسيقها وتحسين الخدمات، والتوصيات المقترحة. أهمية إعمار الأرض إعمار الأرض ضرورة وكمال في نفس الوقت، حسب درجة الإعمار. فهناك من الأمور ما لا تستقيم حياة المرء إلا بها، كالجد في طلب العيش والكسب الحلال الذي يتقوت به له ولأهله وولده، وبناء منزل له ولأسرته يأويه من الحر والبرد والمطر، ومنها الضروري للمجتمع كزراعة الأشجار والبساتين وجني الثمار وتوفير الطعام للناس وبيعها لأجل كسب المال الحلال. وهناك من الأمور ما تزيد من رفاهية العيش وتسهل على المرء سير حياته، مثل إنشاء المرافق العامة والمنتزهات الترفيهية وتنظيف المحلات العامة، وتأسيس المواصلات وتعبيد الطرق العامة التي يستطيع أن يتنقل بها المرء من مكان إلى آخر. وكذا إنشاء المستشفيات والمراكز الصحية، وإنشاء دور الحكومة والوزارات المختلفة التي تقضي حاجات المواطنين ونحو ذلك. ومنها ما يحتاجه المرء لتساعده في أداء عبادته لربه مثل بناء المساجد والمراحيض الصحية، ونشر المصاحف وطباعتها وتوزيعها، وكذا نشر العلم الشرعي وبناء مؤسسات التعليم من مدارس وجامعات ومعاهد وخلاوي حفظ القرآن والمراكز الإسلامية ونحوها، وكذا إنشاء دور النشر وتوفير الكتب لطلاب العلم وتوفير أدوات الدراسة وغيرها من المستلزمات الضرورية للعملية التعليمية. وفي كل هذه الأحوال كان موقف الإسلام واضحاً وبيناً وهو الحث عليها وتشجيع الناس على إعمار الأرض وتشجيرها ونشر السلام والأمن والرخاء، وذلك بتخصيص الأجور في الآخرة لمن يقوم بما يساعد على ذلك، ومن أمثلتها جعل الأجر لمن يميط الأذى عن الطريق، ومن يزرع شجرة، وغيرها، وليس هناك آية أو حديث أو دليل يشجع على الفوضى والتخلف والإهمال ونشر الأوساخ وترك إعمار الأرض. خلافة الإنسان في الأرض لقد كرم الله تعالى بني آدم واستخلفه في الأرض، ليستفيد من مواردها ويدبر فيها معاشه وحياته، قال الله تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً)[1]. وقد حدث هذا بعد نزول آدم وحواء إلى الأرض وخروجهما من الجنة. فأوكله الله مهمة الاستخلاف والتي تصاحب الإمتحان للآخرة. بل إن الخلافة نفسها جزء من إمتحان الإنسان في هذه الدنيا، ليُنظر كيف سيعمل وكيف سيؤديه. قال تعالى: (ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ)[2]. وقال صلى الله عليه وسلم: (لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه فيما فعل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن جسمه فيما أبلاه)[3]. الحث على العمل والسعي في طلب الرزق لقد حث الإسلام على العمل والسعي في طلب الرزق، ونهى عن التسول والكسل، قال صلى الله عليه وسلم: (ما أكل أحد طعاما قط، خيرا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود عليه السلام، كان يأكل من عمل يده)[4]. وقال تعالى: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)[5]. دلائل الحث على إعمار الأرض في الإسلام لقد حثنا الإسلام على إعمار الأرض في مواضع عدة في القرآن والسنة، وهي تقوي بعضها بعضاً، ومنها:
تشجير الأرض والبلاد مما دعا إليه الإسلام وشجع عليه بتخصيص الأجور لمن يغرس غرساً أو يزرع زرعا. قال صلى الله عليه وسلم: (ما من رجل يغرس غرسا، إلا كتب الله له من الأجر قدر ما يخرج من ثمر ذلك الغرس)[12]. وما أجمل تشجير البلاد وخضرتها، وتزويق الشوارع والمنازل بالأشجار الخلابة والزهور الجميلة ذات الروائح الفواحة، والألوان الزاهية البديعة، وكذلك تنسيق الحدائق وتزيينها بالأحجار والألوان المتباينة وترتيبها بالهندسة البستانية الذكية. وإعداد أجهزة لترويتها أوتوماتيكيا، فتصبح حدائق ذات بهجة وبساتين خضراء يافعة ذات نخل وأعناب، تشرح النفس وتسر الخاطر وتجلب الراحة والسرور على المتنزهين والناظرين، لا سيما إذا أضيفت إليها الشلالات الصناعية وبرك المياه الصناعية والنوافير الجميلة المتمايلة على أنغام نسيم المساء، فإنها تضيف منتجعات جميلة ومنتزهات عائلية جذابة المظهر وطيبة المطلع. كما أن الأشجار تشيع الهواء العليل وتخرج الأكسجين في الهواء الطلق بعد أن تنظفه من ثاني أكسيد الكربون. فتعمل بذلك على تصفية الجو للأحياء وتهيئة الأرض لإستقبال وإيواء من عليها من الأحياء، كل هذا يجلب الإنس والسرور لمن يزور البلاد أو يعيش في مدنها. قال صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة يجلين البصر: النظر إلى الخضرة، وإلى الماء الجاري، وإلى الوجه الحسن)[13]. نظافة البلاد ومنع القذارة والأوساخ لقد حث الإسلام على النظافة في مواطن كثيرة، منها حثه على نظافة البدن والمكان للصلاة. وكذلك طهارة القلب، وطهارة الثوب، وحثه على إماطة الأذى عن الطريق. وفي هذا دعوة للنظافة الحسية والمعنوية. ونظافة البلاد تحسن من مظهرها وتجعلها جميلة ومحبوبة للناس، وتساعد على إعمارها وتنظيمها، فالأوساخ تجلب الأمراض والغم وكآبة المنظر، وتهيئ الجو لتكاثر الذباب والبعوض والديدان وغيرها من الحشرات الضارة المقززة التي تنقل الأمراض للإنسان. فنظافة البلاد جزء لا يتجزأ من إعمار الأرض، بل وهو ما ينبغي أن يبدأ به كل مُّعمِّر، حيث لا سوغ لبناء وتعمير فوق أكوام القمامة والقاذورات، ولن يبدو لها جمالاً ما لم تنظف وتنظم أولاً. فوائد إعمار الأرض وتشجيرها ونظافتها لا شك أن إعمار الأرض وتشجيرها ونظافتها فيه من الخير ما لا يخفى على أحد والذي يعود بالنفع للبلاد والمجتمع والأفراد. ومن هذه المنافع ما يلي:
- القرآن الكريم. - صحيح مسلم، أبو الحسين، مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري (٢٠٦ - ٢٦١ هـ)، مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه، القاهرة، حققه محمد فؤاد عبد الباقي، ١٣٧٤ هـ - ١٩٥٥ م. - سنن النسائي، الناشر: المكتبة التجارية الكبرى بالقاهرة، الطبعة: الأولى، ١٣٤٨ هـ - ١٩٣٠ م - سنن أبي داوود، أبو داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو الأزدي السِّجِسْتاني (ت ٢٧٥هـ)، المكتبة العصرية، صيدا – بيروت، حققه محمد محيي الدين عبد الحميد. - سنن الترمذي، محمد بن عيسى بن سورة بن موسى السلمي البوغي (ت ٢٧٩ هـ)، الطبعة الأولى، المؤلف أبو عيسى محمد ناصر الدين الألباني، مكتبة المعارف، ١٩٩٨م. - سنن ابن ماجه، ابن ماجة أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني، وماجة اسم أبيه يزيد (ت ٢٧٣ هـ)، دار إحياء الكتب العربية - فيصل عيسى البابي الحلبي. - موقع الدرر السنية لتخريج الأحاديث. الهوامش [1] البقرة 30. [2] يونس 14. [3] سنن الترمذي (2417). [4] البخاري (2072). [5] التوبة 105. [6] سورة هود، آية 61. [7] سورة الأعراف، آية 74. [8] الحج 65. [9] الجاثية 13. [10] أخرجه مسلم (35)، وأبو داود (4647)، والترمذي (2614) واللفظ له، والنسائي (5005)، وابن ماجه (57). [11] أخرجه مسلم (1552). [12] أخرجه السيوطي في الجامع الكبير (8016)، عن أبو أيوب الأنصاري، وقال حديث حسن. [13] أخرجه الزرقاني في مختصر المقاصد (334)، وقال حسن لغيره.
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |