خطأ التعامل مع الخطيبة

[ابوالوليد المسلم]

خطأ التعامل مع الخطيبة
الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل

السؤال:
♦ الملخص:
شاب يشكو أن خطيبته أصبحت سريعة الملل منه لأنه يحدثها دائمًا في العلم، ويشكو أنها لا تبدي أي عاطفة تُجاهه، ويسأل: ما الحل؟

♦ تفاصيل السؤال:
السلام عليكم، أنا عاقد على فتاة، مشكلتي أن خطيبتي قليلة التفاعل معي، وسريعة الاكتفاء والملل من مجالستي، على العكس مني، وهذا يؤذيني، وكنا في البداية نقرأ معًا من كتاب الله، بتدبر ونعمل بما قرأنا، ونقرأ قليلًا من الحديث الشريف، وكانت تستمع، ويأخذني الوقت في الكلام، لكنها في إحدى المرات، قالت: "إن الحياة ليست برنامجًا"، ويصعب عليَّ فهمها في هذا الأمر، فهل هذا سيؤثر سلبًا على ديننا مستقبلًا؟ وأيضًا ينقصني الشعور بعاطفتها تجاهي، فلا تُبدِيها إلا نادرًا، فأريد تعليمها كيف تُبديها لي، كما في جواز الكذب في الحديث بين الزوجين، لا أدري ماذا أفعل، أرجو توجيهكم، وجزاكم الله خيرًا.



الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فيبدو من مشكلتك أنك رجل جاد جدًّا وتُحب العلم، ولكن قد تنقصك الحكمة في بعض تصرفاتك.

بينما خطيبتك شابة لم تتعود على الجدية.

ويبدو أنك متسرع في رغبتك حملَها على الجدية وأنتما لا زلتما خطيبين.

وجرت العادة أن كلام الخطيبين في فترة الخطبة، أو بعد الملاك وقبل الدخول يكون كلامًا بسيطًا فيما يهمهما ويؤنسهما، وليس دروسًا علمية.

ثم كيف تخلو بها وهي لا زالت أجنبية عنك؛ لأنها لا تكون زوجة إلا بعد إتمام عقد الزوجية؟ وأما مجرد الخطبة وقراءة الفاتحة - وهي بدعة – فلا تصيِّر الخطيبة زوجة لك، ولا مَحْرَمًا لك.

وأما شكواك من قلة تفاعلها معك، والاكتفاء بمجالستك، وأن هذا يؤذيك، وقولك: تنقصني عاطفتها، فأقول: إن كنتما لم تكتبا عقد الزواج، فالحق معها وأنت المخطئ، وإن كنتما قد كتبتماه، فيبدو أنك أنت تحتاج لدروس في كيفية إدارة الحديث مع الزوجة الجديدة، ويبدو أنك أنت تنقصك العاطفة، وتريد زوجتك أن تبدأ بها، أو أن تتفاعل معك بقوة، وهذا غير صحيح فهي لا زالت تستحيي منك، وعمومًا خذ بالمثل الشعبي الذي يقول: (أكل العنب حبة حبة)، فلا بد من سياسة في التدرج بالكلام، وفي لفت نظر الآخر، وفي استجلاب محبته وعدم إملاله، أما سياسة الأوامر والنواهي من البداية، فهي سياسة عقيمة، ولا تُثمر إلا علقمًا وجفوة وتنافرًا؛ فاحذرها.

والخلاصة هي: لا بد من مراجعة جادة لطريقتك في الحديث والجذب؛ فهي تحتاج لتمحيص ولتصحيح.

وأنصحك أن تقرأ كثيرًا فيما كُتب عن التعامل الأمثل مع النساء، وعن الصبر عليهن، وعن الحقوق الزوجية.

وقد بدا لي من سطورك أن بك شيئًا من الاستعجال؛ فتعوذ بالله منها، وجاهد نفسك على التُّؤَدَةَ، واسأل الله أن يرزقك الحِلْمَ والأناة والرفق.

واعلم - حفظك الله - أن الحياة الزوجية الهانئة التي فيها سكن ومودة ورحمة وعواطف لا تظهر جليًّا إلا بعد الانتقال معًا لبيت الزوجية؛ كما قال سبحانه: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21].

واعلم - رحمك الله - أن رغبتك في تعليم زوجتك الخيرَ طريقٌ محمود، ولكنه يحتاج رفقًا وحكمة وترغيبًا هادئًا، ولا يأتي أبدًا بالفرض والإلزام.

واحرص - رعاك الله - في البداية على كسب قلبها ومحبتها بالتودد وحسن العشرة والتلطف لها، فإذا وجدت فيك الزوج الصالح الخَلُوق الودود أحبَّتْكَ وأسلمت لك قيادتها.

حفظك الله، ورزقك الحلم والحكمة، والأناة والرفق.

وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.