|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() تجديد أم عبث؟! (1) كتبه/ سامح بسيوني الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ فمحاولات العبث بالثوابت الدينية والخطاب الديني ليست جديدة؛ فهي قائمة منذ بداية الرسالة النبوية، فقد قال -تعالى-: (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (يونس:15). وأعداء الإسلام منذ بزوع ضوئه وهم يكيدون له في كل مكان بوسائل مكرورة يُوَرِّثها بعضهم لبعض، فهم منذ الأزل يحاولون لي الألفاظ؛ لتشويه هذا الدِّين وتشويه حملته، والنيل منه؛ للوصول إلى هدم تام له في نفوس البشر، كما بيَّن الله ذلك في قوله: (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ) (النساء:46). لذلك ما نراه الآن من محاولات البعض لإعادة صياغة العقل المسلم تحت مسميات تجديد الخطاب الديني، أو ما نراه من محاولات لزعزعة الثوابت الدينية في قلوب المسلمين، هي خطة منهجية قديمة حديثة تحتاج إلى انتباه من كل مسلم صادق؛ لا سيما مع كثرة أبواب الشهوات التي تُفتَح على الأجيال، وكثرة الشبهات التي تطرح في كل باب، والتي تحتاج إلى نشر العلم التفصيلي بثوابت الدين وأصوله وفروعه، والاهتمام بتعليم ذلك تعليمًا إلزاميًّا لأجيال المسلمين مع حسن إدراك بالواقع ووسائله التأثيرية. كما أنه يجب علينا ألا نُخدع بالألفاظ البراقة الهادمة، ولا بالدعوات القائمة التي يرددها البعض مع تطور العصر تحت مسميات تجديد الخطاب الديني؛ ففرق كبير بين تجديد الخطاب الديني وبين العبث بالخطاب الديني. فتجديد الخطاب الديني الصحيح؛ يشمل إحياء السنن والقواعد الشرعية التي اندثرت، والنظر في المسائل الحادثة والاجتهادية والنوازل بما يتوافق مع أصول الدين وقواعده الثابتة، مع ضرورة تجديد النظر في وسائل الطرح الحديثة اللازمة لتقريب المعلومة للمتلقي. وخلاف هذا مِن محاولاتٍ لتغيير قواعد وأصول الدين الذي ارتضاه الله لعباده المسلمين في كل زمان ومكان، كما قال الله -تعالى-: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) (المائدة: 3)، لتوافق عقول أهل العصر، والتي تتباين عقولهم مع كل عصر، أو من محاولات للتشكيك في ثوابت الدين؛ فهذا عبث بالخطاب الديني الذي سيحاسبنا عليه الله إن لم نعمل بكامل طاقتنا في منع انتشاره وتعميمه. ومن هذا العبث بالخطاب الديني: ما نجده الأن من أطروحات تخرج علينا تريد أن تعطل الأحكام الأسلامية التي جاءت في السنة النبوية، وتكذب ما جاء فيها تحت دعاوى: 1- رفض حجية أفعال وأقوال النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ بدعوى أنها تصرفات بشرية لا عِصمة لها، وأنها خارجة عن صُلب التّشريع في محاولة لتنحية السنة النبوية المبينة للقرآن والمفسرة لأحكام دين الإسلام، ومِن ثَمَّ فهي دعوة صريحةٌ إلى تأويل أحكام الدين وتفسير آيات القرآن طبقًا لأهواء الناس وشهواتهم وآرائهم بلا مرجعية ملزمة حتى يسهل على كل أحد هدم معالم دين الإسلام القويم وتفريغه من مضمونه، ومصادر قوته في نفوس أبنائه، وتجديد مفاهيمه طبقًا لمخططات المنظومة الغربية العالمية الجديدة الداعمة لدين عالمي جديد ليس له علاقة بشرائع الأنبياء، وقدسية تشريعات رب الأرض والسماوات الذي أمرنا وحذرنا من مثل هذا السلوك لأعداء الدين، ووصف لنا سبيل النجاة، فقد قال -تعالى- في كتابه الكريم هادمًا لتلك الدعوات الخبيثة: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (الحشر: 7). وللحديث بقية -إن شاء الله-.
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() تجديد أم عبث؟! (2) كتبه/ سامح بسيوني الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ فقد تكلمنا في المقال السابق عن محاولات العبث بالثوابت الدينية والخطاب الديني، وبيَّنًّا أن هذه المحاولات ليست جديدة؛ فهي قائمة منذ بداية الرسالة النبوية، وبينَّا كيف أن الله -تعالى- في كتابه الكريم هدم تلك الدعوات الخبيثة الداعية لنبذ السنة النبوية الشريفة بقوله -عز وجل-: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (الحشر: 7). وهذه الآية اشتملت على أمر، ووصف، وتحذير: أمر؛ بالأخذ بكل ما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم،- أو صدر عنه من قول أو فعل أو تقرير، أو صفة (فيندرج تحت ذلك جميع أدلة السنة)، وتحذير من عقاب الله الشديد لمَن نبذ أدلة السنة الثابتة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ورفض العمل بها والامتثال لها، أو شكك في حجيتها، ووصف لسبيل النجاة بتحقيق التقوى المنشودة التي هي امتثال للأمر الذي يأتي من الرسول واجتناب للنهي منه -صلى الله عليه وسلم-. كما يوضح ذلك أيضًا ما جاء عن عَبْدُ اللهِ بن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال: (لَعَنَ اللهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُوتَشِمَاتِ، وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ)، فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا: أُمُّ يَعْقُوبَ، فَجَاءَتْ فَقَالَتْ: إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكَ لَعَنْتَ كَيْتَ وَكَيْتَ، فَقَالَ: وَمَا لِي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَمَنْ هُوَ فِي كِتَابِ اللهِ، فَقَالَتْ: لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ، فَمَا وَجَدْتُ فِيهِ مَا تَقُولُ، قَالَ: لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ، أَمَا قَرَأْتِ: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) قَالَتْ: بَلَى، قَالَ: فَإِنَّهُ قَدْ نَهَى عَنْهُ، قَالَتْ: فَإِنِّي أَرَى أَهْلَكَ يَفْعَلُونَهُ، قَالَ: فَاذْهَبِي فَانْظُرِي، فَذَهَبَتْ فَنَظَرَتْ، فَلَمْ تَرَ مِنْ حَاجَتِهَا شَيْئًا، فَقَالَ: لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ مَا جَامَعَتْنَا. (متفق عليه). فالإسلام من أركانه وواجباته التي يجب الإيمان بها والعض عليها بالنواجذ: - أن الله -عزَّ وجلَّ- قد بعث محمدًا -صلى الله عليه وسلم- للنَّاس كافة رسولًا مُشرِّعًا خاتمًا، ونبيًّا هاديًا، وأمر الناس كافة باتباعه وتصديق نُبوَّته، واعتقاد عِصمته، ولزوم طاعته والامتثال لأمره واجتناب نهيه والانقياد له والرِّضا بحُكْمِه والتَّسليم لما جاء به، والتزام سُنته والاقتداء بهديه والتَّخلُّق بأخلاقه والتَّأدب بآدابه في العُسْر واليُسْر، والمَنْشَط والمَكرَه، فأركان الإسلام وواجباته لا تكتمل إلا بتحقق ذلك قولًا وعملًا. - ليس من مفهوم الإسلام أبدًا أن يُعبد الله كما يشاء كل أحدٍ دون اتباعٍ للنبي المُرَّسل صاحب الشَّرع الحنيف -صلى الله عليه وسلم- في أمره ونهيه وتوجيهه، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ) (رواه مسلم)؛ أي: مردود عليه لا يقبله الله، وقال أيضًا -صلى الله عليه وسلم-: (فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي) (متفق عليه). - القولَ بأن أفعال النبي -صلى الله عليه وسلم- ليست دينًا من عند الله، وأن تصديرها للناس على أنها دين يُعد مشكلة؛ هذا القول -إن لم يُعذر صاحبه بالجهل- يخرجهُ من الدين؛ وإلا فما معنى شهادة أن محمد رسول الله كركن من أركان الإسلام؟! ولماذا إذًا أرسل الله رسوله خاتما للرسل؟! - بالنظر أيضًا إلى الأفعال التي فعلها النبي -صلى الله عليه وسلم- من باب عادات قومه أو طبيعته البشرية (كحبه -صلى الله عليه وسلم- للدباء، ومعافاة نفسه أكل الضب مثلًا)؛ فهذه الأفعال لا أقلَّ من أن يحوزَ المُقتدِي فيها بالنبي -صلى الله عليه وسلم- شرفَ الاقتداء به، وثوابَ المحبة له -صلى الله عليه وسلم- إن خلُصت نيته في ذلك، كما قال -تعالى-: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا) (الأحزاب:21)، وقوله كذلك -سبحانه وتعالى- على لسان نبيه -صلى الله عليه وسلم-: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ، وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (آل عمران: 31). وللحديث بقية -إن شاء الله-
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() تجديد أم عبث؟! (3) كتبه/ سامح بسيوني فمن العبث الحادث في هذه الأوقات: القول بعدم حجية أحاديث الأحاد في العقائد -ممن يسمون أنفسهم بالمتكلمين التنويرين- والذي يصب في خدمة ذات المنظومة الخادمة لفكرة تنحية السنة من التشريع كطريق لهدم الدين وتضييع عقائد المسلمين، ولكن بدرجة أخف وطأة وفجاجة؛ فهم يبررون لأنفسهم نبذ ما جاء في الكتاب والسُّنة بزعمهم أنَّ حديثَ الآحاد لا يُحْتَجُّ به في العقائد، فيُسقِطون السنَّة النبويَّة من حساباتهم في إثبات أمور العقيدة والتوحيد، فتتميع عقائد المسلمين طبقًا لمراد غيرهم ومكره؛ إذ إنَّ أكْثَرَ السُّنَّة النبوية آحاد، والمتواتِر منها بالنسبة إلى الآحاد قليل، وحُجَّتُهم التي يدعونها؛ أنَّ الأحاديثَ المُتَواتِرة تُفِيد القَطْع واليقين؛ فيُحتجُّ بها، وأحاديثَ الآحاد -على كثرتها- ظنيَّةٌ تفيد العلم الظنِّيَّ لا اليقينيَّ؛ فيُعمَل بها في الأحكام لا في العقائد؛ إذ إن الشرع نهى عنِ اتِّباع الظنِّ والأخْذِ به. وقبل الرد على هذا العبث؛ فلا بد من بيان أن حديث الآحاد الذي يريد هؤلاء القوم عدم الاحتجاج به هو: (كلُّ حديث لم يَبلُغْ حدَّ التَّواتُر، حتَّى وإن كان مستفيضًا، حتَّى وإن كان صحيحًا مِمَّا اتَّفق عليه البخاريُّ ومسلمٌ، وتلقَّتْهُ الأُمَّةُ عنهما بالقَبول)، فحينئذٍ ستكون المحصّلة من هذا الطرح -والمرادة من هؤلاء القوم- هي نَبْذ أكثر السّنَّة النبويَّة، وقَصْر الاحتجاج في أغلب مسائل العقيدة والتوحيد على القرآن وَحْدَهُ، مع تقديم أقوالِ المُتَكلِّمين وآرائهم الشخصية على الآيات عند تعارِضُهما في الأذهان، مستخدمينَ التأويلَ لصرف المعاني عن ظاهرها لتُوافِق مذاهب المتكلمين وآراء هؤلاء الظلاميين. والحقيقة التي يجب أن يدركها كل مسلم في الرد على هذا العبث: أنَّ أحاديثَ الآحادِ الصحيحةَ حُجَّةٌ بِنَفْسِها في العقائد والأحكام معًا، لا يُفَرَّقُ بينها وبين الأحاديث المتواترة، وعلى هذا جَرَى علماء الأمَّة جِيلًا بعد جِيل. والتفريق بين الأحاديث المتواترة والآحاد في الاحتجاج في العقائد باطل من وجوه، منها: 1- هذا القول قول مُبتدَع مُحْدَث، لا أصل له في الشريعة، لم يعرفه السلف الصالح -رضوان الله عليهم- ولم ينقل عن أحدٍ منهم، ولا خطر لهم على بال، وفي الحديث: («مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ) (متفق عليه)، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ) (رواه أبو داود، وصححه الألباني). وإنما قال هذه المقالة جماعة من علماء الكلام، وأخذ بها مَن تأثَّر بهم من علماء الأصول من المتأخرين، وتلقَّاها عنهم بعض المُعاصرين بالتسليم دون مناقشة أو برهان، وما هكذا يجب أن يكون شأن العقيدة خاصة ممَّن يشترطون لثبوت مسائلها، ثبوتها بأدلة قطعية عندهم! وأعجب من ذلك وأغرب: ادِّعاء اتّفاق الأصوليين على الأخْذ بذلك، وهي دعوى باطلة، وجُرْأة زائدة؛ فكيف يكون الاتّفاق على ذلك، وقد نصَّ على أنَّ خبر الآحاد يُفيد العلم كما يفيد العمل الإمامُ مالك، والشافعي، وأصحابُ أبي حنيفة، وداودُ بن علي، وابنُ حزم، والحسين بن علي الكرابيسي، والحارث بن أسد المحاسبي، وغيرهم؟! قال ابن خويز منداد في كتاب "أصول الفقه" وقد ذكر خبر الواحد الذي لم يَرْوِهِ إلاَّ الواحد والاثنان: "ويقع بهذا الضرْبِ أيضًا العِلْم الضروري، نص على ذلك مالك"، وقال أحمد في حديث الرؤية: "نعلم أنها حق، ونقطع على العلم بها"، وقال القاضي أبو يَعْلَى: "خبر الواحد يُوجِب العلم إذا صحَّ سَنَدُه، ولم تختَلِفِ الرواية فيه، وتلقَّتْهُ الأُمَّة بالقَبول، وأصحابنا يطلقون القول فيه، وأنه يوجب العلم، وإن لم تتلقَّهُ الأُمَّةُ بِالقبول"، قال: "والمذهب على ما حكيت لا غير". وقال بذلك أبو إسحاق الشيرازي في كتبه في الأصول؛ كـ(التبصرة)، و(شرح اللمع)، وغيرهما، ولفظه في (الشرح): "وخبر الواحد إذا تلقته الأمة بالقبول يوجب العلم والعمل، سواء عمل به الكل أو البعض"، ولم يحكِ فيه نزاعًا بين أصحاب الشافعي، وحكى هذا القول القاضي عبد الوهاب من المالكيَّة عن جماعة من الفقهاء، وذكره أبو بكر الرازي في كتابه "أصول الفقه". وللحديث بقية -إن شاء الله-.
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
![]() تجديد أم عبث؟! (4) كتبه/ سامح بسيوني فنستكمل في هذا المقال الرد على دعوى عدم حجية حديث الآحاد. - من الأدلة على حجية حديث الآحاد: أن الشَّرْعَ دَلَّ على أخْذِ العِلْمِ من الأفراد والجماعات الناقلين له: قال -تعالى-: (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) (التوبة: 122)، والطائفة تقع على الواحد فما فوقه، والإنذار إعلام بما يُفيد العلم، والتبليغ لأمور الشرع من عقيدة وغيرها بلا فرق. وقال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) (الحجرات: 6)، وفي قراءة: (فَتَثَبَّتُوا)، ومفهوم الآية قَبول خَبَر الوَاحِد الثقة. وفي الأحاديث الحث على تبليغ ما أخبر به النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فلازم ذلك قبول خبره من الواحد، طالما أنه من طريق صحيح؛ فإن قيل: أحاديث الآحاد تفيد الظن، والشرع نهى عن اتباع الظن. فجوابه: هذا في الظن المَرْجُوح الذي لا يُفيد عِلْمًا، فيكون قائمًا على الهَوَى، مُخَالِفًا للشرع، وليست أحاديث الآحاد من ذلك في شيء؛ بل هي من الشرع. ولازم ذلك رد العمل بأحاديث الآحاد في الأحكام والمعاملات إذا اعتبرناها من الظن المنهِي عن الأخذ به شرعًا، وهذا باطل غاية البُطلان. وعلى هذا نقول: أين الدليل الذي يُعْتَدُّ به على تَرْك العمل بحديث الآحاد في العقائد والتوحيد؟! هل ثبت ذلك بآية قرآنية أو حديث نبوي صحيح؟! وهل ثبت عن الصحابة -رضي الله عنهم- العمل بذلك أو التصريح به؟! وهل ثبت عن أحدٍ من الصحابة ردُّ ما أخبره به أحدُهم من أحاديثَ نبوية تضمنت أمورًا عقائدية؟! وهل فعل ذلك أحد من أئمة التابعين ومن بعدهم؟ إننا نجزم بلا شك أنه ما مِن أحدٍ مِن الصحابة أو التابعين، أو أئمة الهدى رَدَّ خبر الواحد الذي يتضمَّن أمورًا عقائدية؛ بل كانوا يتقبلون الخبر بالقَبول واليقين، طالما ثبتَتْ صحته؛ كما في أحاديث الرؤية، وتكليم الله، وندائه، ونزوله في ثلث الليل الأخير كل ليلة، إلخ. - قال النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً) (رواه البخاري)، ومَن بلَّغ عنه فقد أقام الحجَّة على المبلغ، وحصل له بذلك العلم، وادِّعاء أنَّ العلم والحجة لا تقوم بإخبار المبلِّغ، ما كان للأمر بذلك معنى، وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُرْسِل الوَاحِدَ من أصحابه؛ يبلغ عنه، فتقوم الحجة بذلك على مَنْ بَلّغه، وقد أرسل -صلى الله عليه وسلم- عليًّا، ومعاذًا، وأبا موسى -رضي الله عنهم- في أوقاتٍ مختلفةٍ إلى اليمن، يُبلّغون عنه ويُعلِّمون الناس الدِّين، وأهم شيء في الدِّين إنما هو العقيدة؛ وهذا دليلٌ قاطِع على أن العقيدة تَثْبُت بخبر الواحد، وتقوم به الحجَّة على الناس، وإلا ما اكتفى -صلى الله عليه وسلم- بإرساله بِمُفْرَدِه، ولأرسل معه مَن يَتواتر به النقل. - القول المذكور يستلزم اختلاف المسلمين فيما يجب عليهم اعتقاده، فيكون الحديث حجة في حقِّ الصحابي، باطلًا مردودًا في حق مَن بعده، فالصحابي الذي سمع من النبي -صلى الله عليه وسلم- حَصَل له اليقين بما سَمِع، واعتقد ذلك عن يقين، ومَن جاء بعده فلم يقبل قول هذا الصحابي؛ لكونه حديث آحاد، لا يرى هذا الاعتقاد ويرده، وما ثبت تواتُرًا في زمن التابعين، ولم يثبت بعدهم متواترًا، سيقع فيه الاختلاف في الاعتقاد بين الزمنين! وهكذا... ومن لوازم ذلك: أن حديث الصحابي كان صدقًا وحجة في حق الصحابي، ويعد باطلًا ومردودًا في أزمان بعده! ومِن لوَازِم ذلك أيضًا: رَدُّ كل ما رواه الصحابة مباشرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في أمور الاعتقاد إذا لم يُنقَل عنهم متواترًا! ويبقى إثبات ما كان فيها مِن اعتقادات أخَذَهَا الصحابة من النبي -صلى الله عليه وسلم- كأفرادٍ على وصول عقول المتكلمين إلى إدراكها وإثباتها. - القول المذكور من لوازمه كذلك: أن لا يُكْتَفَى بإخبار الوَاحِد من علماء الحديث بأن هذا الحديث مُتواتِر؛ إذ إنه خبره عن تواتر الحديث خبر آحاد لا يُحْتَجّ به؛ أي: أنه لا يحتج إلا بما شَهِد بتواتره جميع الناس، لا واحد أو قِلة من أهل الاختصاص، ومثل هذا لا يتيسر لكلِّ أحدٍ أن يثبت شهادة الجميع بتواتر الحديث، إما لنقص العلم عنده، أو لعدم الاطلاع على كتب أكثر أهل الحديث، ويزيد الأمر غرابةً أنَّ هؤلاء المتكلمينَ أبعد الناس عن تعلُّم الحديث، ومُطَالَعة كُتُبِ علمائه، وبضاعتهم فيه مزجاة، ويفوتهم من أقوال المحدثين الكثير والكثير. وأعجب من ذلك: ذمهم للتقليد في أمور العقيدة، وهم في علم الحديث لا يملكون إلا التقليد فيه! وللحديث بقية -إن شاء الله-.
__________________
|
#5
|
||||
|
||||
![]() تجديد أم عبث؟! (5) كتبه/ سامح بسيوني الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ فنستكمل في هذا المقال الرد على دعوى عدم حجية حديث الآحاد. 6- إن قيل: حديث الآحاد يفيد الظن، ويحتمل الخطأ فيه، عمدًا أو سهوًا، أو بعدم ضبط في النقل ونحوه، وما كان هذا صفته لا تؤخذ منه عقائد، فوجب ترك العمل بحديث الآحاد لذلك. فالجواب على ذلك: أن هذا مردود من وجهينِ: الأول: إجْمَاع سلف الأمة على قَبول أحاديث الآحاد في العقائد، وإثبات صفات الرب -تعالى-، والأمور الغيبية العلمية بها. - الثاني: هذا الادِّعاء يُوجِب أيضًا طَرح العمل بأحاديث الآحاد في الأحكام، والفرعيات لنفس العلة، وهذا باطل؛ فإن الذين نقلوا هذا، هم الذين نقلوا هذا؛ فإن جاز عليهم الخطأ والكذب في نقلها، جاز عليهم ذلك في نقل غيرها، وحينئذٍ فلا وثوق بشيء نُقِل لنا عن نبينا -صلى الله عليه وسلم-، وهذا انسلاخ من الدِّين. قال ابن القيم -رحمه الله- في الصواعق المرسلة: "ولا يمتنع إثبات الأسماء والصفات بها، كما لا يمتنع إثبات الأحكام الطَّلَبِيَّة بها، فما الفرق بين باب الطَّلَب وباب الخبر، بحيث يحتج بها في أحدهما دون الآخر، وهذا التفريق باطل بإجماع الأمة، فإنها لم تَزَل تحتج بهذه الأحاديث في الخَبَرِيَّات، كما تحتج بها في الطلبيات العمليات، ولا سيما الأحكام العملية: تتضمَّن الخبر عن الله بأنه شَرَّع كذا، وأوجبه ورضيه دينًا، فشرعه ودينه راجع إلى أسمائه وصفاته، ولم تزل الصحابة، والتابعون، وتابعوهم، وأهل الحديث، والسُّنة، يحتجون بهذه الأخبار في مسائل الصفات، والقدر، والأسماء، والأحكام، ولم ينقل عن أحدٍ منهم البتة أنه جَوَّز الاحتجاج بها في مسائل الأحكام دون الأخبار عن الله وأسمائه وصفاته، فأين سلف المفرقين بين البابين؟ نعم سلفهم بعض مُتأخِّري المتكلمين، الذين لا عناية لهم بما جاء عن الله ورسوله وأصحابه؛ بل يصدون القلوب عن الاهتداء في هذا الباب بالكتاب، والسنة، وأقوال الصحابة، ويحيلون على آراء المتكلمين، وقواعد المتكلِّفين، فهم الذين يعرف عنهم التفريق بين الأمرينِ، وادعوا الإجماع على هذا التفريق، ولا يحفظ ما جعلوه إجماعًا عن إمام من أئمة المسلمين، ولا عن أحد من الصحابة والتابعين، وهذا عادة أهل الكلام، يحكون الإجماع على ما لم يقله أحد من أئمة المسلمين؛ بل أئمة المسلمين على خلافه". 7- مآل الأَخْذ بهذا القول، هو: الاقْتِصار في العقيدة على ما جاء به القرآن، وترك العمل في العقائد بالأحاديث النبوية، وعدم الاعْتِداد بما جاء فيها من الأمور الغَيْبِيَّة، فإن أكثر الأحاديث النبوية آحادٌ، والمتواتر منها قليل بالنسبة إلى الآحاد، والمُتواتِر اللفظي منها أقل، والمتواتر المعنوي إنما تختلف ألفاظه وتتفاوت، والناس يختلفون في إثبات هذا المُتواتِر ويتفاوتون. ويشهد لذلك: أنَّ المتكلمينَ أنفسهم لا تجدهم يثبتون أمرًا عقائديًّا مستدلينَ بثبوته متواترًا عند علماء الحديث، وأغْرب من ذلك وأَعْجَبُ: ادّعاء بعضهم أنه لا حاجة إلى السُّنة في أمور العقيدة، وأنه لم يثبت في أحاديث الآحاد ما تنفرد السنة به في أمور العقيدة، والأعْجَب تصديق البعض ذلك والأخذ به، يقول أحدهم: "وليس في العقائد ما انفرد الحديث بإثباته"؛ وهذا بوضوح ما انتهى به الأمر بالنسبة لهؤلاء القائلينَ بعدم الأخذ بأحاديث الآحاد في العقائد أن نبذوا السنة النبوية كلها من الناحية العملية. 8- كثيرًا من العقائد الإسلامية التي تَلَقَّتْها الأُمَّة عن السَّلَف، وتلقت أحاديثها بالقبول، هي من الآحاد، وتَرْكُ العمل بأحاديث الآحاد تَرْكٌ لهذه العقائد الإسلامية الثابتة، وتخطئة للصحابة في اعتقادها، واتخاذها دينًا، وأن يكون إسلامنا غير إسلامهم، وعقائدنا غير عقائدهم. وسنذكر -إن شاء الله- في المقال القادم أمثلة على ذلك.
__________________
|
#6
|
||||
|
||||
![]() تجديد أم عبث؟! (6) كتبه/ سامح بسيوني الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ فقد ذكرنا في المقال السابق أن كثيرًا من العقائد الإسلامية التي تَلَقَّتْها الأُمَّة عن السَّلَف، وتلقت أحاديثها بالقبول، هي مِن أحاديث الآحاد. ومِن أمثلة هذه العقائد: - أفضليَّة نبيّنا مُحَمَّد -صلى الله عليه وسلم- على جميع الأنبياء والرسل. - إثبات الشفاعة العُظْمَى للنبي -صلى الله عليه وسلم- في المحشر، وشفاعته لأهل الكبائر من أمته. - مُعْجزاته -صلى الله عليه وسلم- المادية، ما عدا القرآن الكريم. - ما ورد في الأحاديث عن بدء الخلق، وصفة الملائكة والجن، وصفة الجنة والنار، وأنَّهما مخلوقتان الآن. - القَطْع بأن العشرة المبشرين بالجنة من أهل الجنة. - الإيمان بالميزان ذي الكِفَّتينِ يوم القيامة. - الإيمان بحَوْضِه -صلى الله عليه وسلم- الكوثر، وأن من شَرِب منه لم يظمأ أبدًا. - الإيمان بالقلم، وأنه كتب كل شيء. - الإيمان بأن الله حَرَّمَ على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء. - الإيمان بأشراط الساعة: كخروج المهدِي، وظهور الدجال، ونزول عيسى -عليه السلام-، إلخ. - الإيمان بعروجه -صلى الله عليه وسلم- إلى السماوات العُلَا، ورؤيته لآيات الله -تعالى- الكُبْرَى فيها. 9- فائدة مهمة: تنقسم الأحكام الشرعية إلى: - أحكام قطعيَّة يقينية، وهي بدورها تنقسم إلى: أ- أحكامٌ قطعيَّة لا يجهلها أحدٌ من المسلمين: لاستفاضة العلم بها بين العامة والخاصة: كوجوب صوم رمضان، ووُجُوبِ الصلوات الخمس، وحُرْمَة الخمر، وحُرْمة الزنا، ووجوب الغُسْلِ من الجنابة، وهذه الأحكام تسمى: المعلوم من الدين بالضرورة، فمن خالف هذا المعلوم من الدين يكفر كفر عين. ب- أحكام قطعيَّة لا يعلَمُها إلا الخاصَّة من العلماء، ويجهَلُهَا الكثير من العامة: كحرمة زواج المرأة وخالتها، أو المرأة وعمتها، وأن للجدة السُّدس في الميراث، وأنَّ القاتل عمدًا لا يرث، وهذه الأحكام مع كونِها قطعية فمَن يخالفها لا يكفر حتى تُقام عليه الحجة التي يكفر مخالفُها. وقد نقل الإمام النووي في شرحِه على "صحيح مسلم" عن الإمام الخطَّابي أنه قال بعد ذكره أن مانِعِي الزَّكاة في عَهْدِ أَبِي بكر -رضِيَ الله عنه- هم أهل بغي: "فإن قيل: كيف تأوَّلْتَ أمر الطائفة التي منعت الزكاة على الوجه الذي ذكرت، وجعلتهم أهل بغي؟ وهل إذا أنكرَتْ طائفة من المسلمين في زماننا فرض الزكاة، وامتنعوا عن أدائِها، يكون حكمهم حكم أهل البغي؟ قلنا: لا، فإنَّ مَنْ أنكر فرض الزكاة في هذه الأزمان كان كافرًا بإجماع المسلمينَ، والفَرْق بين هؤلاءِ وأولئك أنَّهم إنما عُذِروا لأسباب وأمور لا يحدث مثلُها في هذا الزمان، منها: قُرْبُ العهد بزمان الشريعة الذي كان يقع فيه تبديل الأحكام بالنَّسْخ. ومنها: أنَّ القوم كانوا جُهَّالاً بأمور الدين، وكان عهدهم بالإسلام قريبًا، فدَخَلَتْهُمُ الشبهة فعُذِرُوا، فأمَّا اليَوْمَ وقد شاع دين الإسلام، واستفاض في المسلمين علم وجوب الزكاة حتى عرفها الخاصّ والعامّ، واشترك فيه العالم والجاهل، فلا يعذر أحد بتأويل يتأوله في إنكارها، وكذلك الأمر في كل من أنكر شيئًا مما أجمعت الأمَّة عليه من أمور الدين، إذا كان علمه مُنتشرًا: كالصلوات الخمس، وصوم شهر رمضان، والاغتسال من الجنابة، وتحريم الزنا، ونكاح ذوات المحارِمِ، ونَحْوِها من الأحكام إلا أن يكون رجُلاً حديث عَهْد بالإسلام، ولا يَعْرِفُ حُدوده، فإنَّه إذا أنكر شيئًا منها جهلاً به لم يكفر، وكان سبيله سبيل أولئك القوم في بقاء اسم الدين عليه. أما ما كان الإجماع فيه معلومًا من طريق علم الخاصة: كتحريم زواج المرأة على عمَّتها وخالتها، وأنَّ القاتِلَ عمدًا لا يرث، وأنَّ لِلجَدَّةِ السُّدُس، وما أشبه ذلك من الأحكام؛ فإن من أنكرها لا يكفر، بل يُعْذَر فيها لعدم استفاضة علمها في العامَّة" (انتهى كلام الخطابي). - أحكام ظنية غير قطعية: الأحكام الظنية التي تَلقَّتْها الأمة بالقبول مَنْ يخالفها يُعدّ مُبتدِعًا، يُعامَل مُعاملة المبتدعينَ في الدين، ومَنْ خالف الحديث الصحيح فهو مُخْطِئٌ يُنْكَر عليه، ولا يُعتدّ بخلافه؛ لكونه من الخلاف غير السائغ، وليس له الدليل المعتبر، بل هو مخالف لما صحَّ من الدليل" (انتهى بتصرف وتهذيب من كتاب ملامح رئيسية للمنهج السلفي). وفي الختام: لا يخفى على كل مسلم عاقل ما في هذه الدعوى -نبذ السنة النبوية تحت دعاوى أن أفعال وأقوال الرسول هي تصرفات بشرية، أو تحت دعاوى عدم حجية أحاديث الأحاد- مِن خطر بالغ ليس على الدّين فحسب، بل على استقرار المجتمعات العربية الإسلامية وأمنها؛ فإن فتح الباب لفهم القرآن وأحكام الدين كما يريد كل إنسان -لا كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم الذي ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى- يفتح الباب إلى الفوضى الفكرية والتي تتبعها فوضى مجتمعية مدمرة للمجتمع تحت دعاوى حرية الفهم وحرية العمل في وقت تواجه فيه كل الأوطان الإسلامية -ومصر في القلب منها- تحديات خارجية كبيرة تحتاج إلى أن يتكاتف فيها الجميع لإرضاء رب العالمين، ونبذ هؤلاء العملاء الذين يخضعون لأعداء الأمة ويتبنون توجيهات الأجندات العالمية الغربية الساعية لتدمير الهوية الإسلامية في نفوس أبناء الأمة، وتضييع مصادر قوة المجتمعات الإسلامية، والتي من أعظمها: حفظ هذا الدين غضًّا طريًّا كما جاء به النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-. جعلنا الله وإياكم من المتبعين لسنة نبينا المقتدين به، المنافحين عن معالم دين الإسلام القويم في مواجهة هذه الحملات الممنهجة من أتباع وعملاء هذا التيار التغريبي الخبيث؛ الذي يريد فرض معالم دين عالمي جديد يناقِض دين الإسلام الرشيد. والله المستعان على ما يصفون.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |