مشكلة عمل زوجي

[ابوالوليد المسلم]

مشكلة عمل زوجي
الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل


السؤال:

♦ الملخص:
امرأة متزوجة، ترَك زوجها العملَ، وأصبح يأخذ من راتب الصندوق الاجتماعي القليل، وتسأل: هل يحق لنا أن نأخذ المال من المساعدات الاجتماعية التي يأخذ منها العاطلون والمحتاجون والمرضى، علمًا بأننا في صحة جيدة تؤهلنا للكسب الحلال؟

♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مشكلتي أن زوجي قبل خمس عشرة سنة كان يعمل في شركة كبيرة، فقرر ترك عمله وبدأ ينفق من الراتب الذي يأخذه من الصندوق الاجتماعي الذي تقدمه الدولة للأشخاص الذين لا يتوفر لديهم عمل، كان هذا المبلغ قليلًا، وكنت أحاول الادخار منه، فكنا نعيش في ضيق شديد، واستمر هذا الحال مدة اثني عشرة سنة، كنتُ كلما تحدثت معه لأن يجد عملًا، يرفض، لكنني لم أستسلم وأخيرًا أقنعته وبدأ يعمل، غير أن حالتنا النفسية لم تتغير؛ لأننا ما زلنا نأخذ الراتب من المساعدات الاجتماعية؛ لأن زوجي ومدير عمله قد زوَّروا عدد الساعات التي يشتغلها والمبلغ الذي يتقاضاه، وتهربوا من الضرائب؛ لكيلا يقطعوا عنه تلك المساعدة، ولم يتوقف الأمر إلى هذا الحد، فقد أرغم بنتيَّ اللتين تحصلان على المنحة التي تقدم للطلاب الجامعيين - على تقديم شهادات مزورة؛ للحصول على مبلغ لا بأس به، حاولنا التحدث معه لكنه لا يسمع إلا نفسه، دائمًا يكون جوابه: "إذا غيَّرتُ عملي هذا ستجوعون"، عندها أقول له: "الرزق بيد الله، وأنا لا أريد أن أعيش حياة الرفاهية، بل بالحلال، الله سيبارك لنا في ذلك القليل"، خاصمته عدة مرات، حاولتُ أن أخوِّفه بالله وأنصحه بأن يقتديَ بأصدقائه وإخوته، وهددتُه بأن أخرج للعمل؛ لأنه يرفض أن أعمل، لكن كل ذلك بلا جدوى، أحيانًا أفكر في الطلاق، ولكنه ليس به عيوب تستدعي ذلك؛ فهو إنسان طيب وحنون، عيبه الوحيد تمسكه برأيه، وأنه لا يريد أن يغيِّر عمله.


سؤالي هو: هل يحق لنا أن نأخذ المال من المساعدات الاجتماعية التي يأخذ منها العاطلون والمحتاجون والمرضى، علمًا بأننا في صحة جيدة تؤهلنا للكسب الحلال؟


أسأل الله أن يوفِّقكم للنصيحة التي تساعدني على إقناعه، وجزاكم الله خيرًا.



الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فجوابًا لمشكلتكِ أقول مستعينًا بالله سبحانه:
أولًا: شكر اللهُ لكِ غيرتكِ على زوجكِ وأولادكِ، وحرصكِ على تجنيبهم جميعًا الكذب والتزوير والكسب الحرام.

ثانيًا: يبدو من وصفكِ لتصرفات زوجكِ أنه مبتلًى بأمور لا بد من العمل على معالجته منها الكذب والتزوير، ومشكلات مثل البخل والكسل والطمع وعدم قبول النصيحة، وهذا يدل على حاجته إلى تقوية الإيمان وزيادة الخوف من الله.

والسؤال الآن: ما الحلُّ؟
الحلُّ ومن الله التوفيق بالآتي:
أولًا: الدعاء له كثيرًا؛ فهو مبتلًى وبحاجة لأعظمِ منقذٍ له، وهو الدعاء بصدق وإخلاص.
ثانيًا: نُصْحه ووعظه باستمرار، وتذكيره بالموت والجنة والنار، وبعقوبات الكذب وتعاطي الحرام.
ثالثًا: محاولة تعريفه على الصالحين، وانتشاله من جلسائه الحاليِّين؛ لأنه يبدو متأثرًا بأجواء جلسائه غير الأسوياء.
رابعًا: كثرة الاستغفار والاسترجاع؛ لأنها أسباب عظيمة لتفريج الكرب.
خامسًا: شكر الله لكِ تذمَّركِ من تعمُّدِه التزوير، فاستمروا في نصحه، ولا يجوز لكِ ولا لأبنائكِ طاعته في ذلك؛ فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

جوابًا لسؤالكِ: هل يجوز لكِ أخذ مساعدات من الدولة؟
أقول: هذا يرجع إلى النظام المحدد واشتراطاته في منح هذه المساعدات بعد عرض حالتكم بشكل كامل وصادق عليهم، وبلا أي تزوير، وبعد ذلك إن كانت تنطبق عليكم الشروط فيمكن أن تأخذوها، وإلا فلا تجوز.

تنبيه أخير: قد يكون زوجك من المتساهلين في الصلاة؛ لأنه في الغالب لا يتجرأ على المحرمات بهذه الصورة إلا ضعيف الإيمان، وضعيف المحافظة على الصلاة؛ فانتبهي لذلك، وذكِّريه بأنَّ تَرْكَ الصلاة ذنبٌ عظيم وكفر، وسبب لدخول النار.

حفِظكم الله ورَزَقَ زوجَكِ قوةَ الإيمان والعفاف والصدق، وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.