العصفورة الحكيمة

[ابوالوليد المسلم]

العصفورة الحكيمة
عادل بن سعد الخوفي


قصة من الحياة

العصفورة الحكيمة!

اصطاد رجلٌ عصفورةً، فقالت له: ما تصنع بي؟ قال: أذبحك وآكُلُك!
قالت العصفورة: لن أغْنيَ لك من جوع، اترُكني ولك ثلاث نصائحَ: الأولى وأنا على يدك، والثانية وأنا على الشجرة، والثالثة وأنا في الجو.
قال لها: هاتي الأولى، قالت: "لا تأسفنَّ على ما فات"، فتركها تطير، وعلى الشجرة قالت له الثانية: "لا تصدِّق المستحيل"، ثم تابعت كلامها وهي تطير: "أيها الصياد، لو ذبحتني لوجدت في حوصلتي جوهرةً وزنها مائة غرام".

هنا عضَّ الصياد على شفتيه نادمًا على إطلاق سراحها، وقال متحسِّرًا: طيب هاتي النصيحة الثالثة، قالت: وما نفعك بالثالثة ولم تستفد من الأولى والثانية؟ قلتُ لك: لا تأسف على ما فات، وأَسِفْتَ على إطلاقي، وقلتُ: لا تصدِّق المستحيل، وصدَّقتَ أن في حوصلتي جوهرةً وزنها مائة غرام، ولو وزنت عظامي ولحمي وريشي ما بلغت مائة غرام.
ثم حلَّقت في الجوِّ وتركَتْه في حسرة وندم وذهول.

باختصار:
كسر الكُسَعِيُّ قوسه وندم، وطلَّق الفرزدق امرأته وندم، وأنت أنت راجع مفرداتك وسلوكياتك وعلاقاتك، أعِدْ تقييمها وتقويمها، انظر إلى أثرها عليك في الدنيا والآخرة، تأكَّد أنها لك وليست عليك؛ حتى لا تندم يومًا على شيءٍ منها، وحينها لا ينفع الندم.