وحشة الأم - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         كيفية إزالة الصور من النسخ الاحتياطى فى صور جوجل دون حذفها من الجهاز (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          تحديث كبير لتليجرام يتيح دمج هاتفك بجهاز التليفزيون.. أعرف التفاصيل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          طريقة تشغيل ChatGPT بلمسة واحدة على ايفون 16.. خطوات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          حماية اللاب توب من السرقة.. 8 خطوات أساسية لتأمين جهازك وبياناتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          إزاى ترجع اللاب توب المسروق أو الضائع.. خطوات بسيطة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          تحديث جديد لواتساب .. إنشاء أيقونات المجموعات بالذكاء الاصطناعى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          لمستخدمى واتساب.. كيف تحمى بياناتك عند تغيير موبايلك؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          المبسوط فى الفقه الحنفى محمد بن أحمد السرخسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 562 - عددالزوار : 24187 )           »          إيركتين Erectin (اخر مشاركة : homeremedie - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          الإسلام في أفريقيا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 5420 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي
التسجيل التعليمـــات التقويم

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25-10-2022, 12:39 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,700
الدولة : Egypt
افتراضي وحشة الأم

وحشة الأم
صلاح الحمداني



آه... آآآآآآآآآآه من وطأة الوجع حين يتسلَّل صوتُها من الهاتف مرتبكًا، خائفًا، مستسلمًا للشكوك والظنون، أن أمرًا شائنًا وقع لي.

آآآآآآآآآآه... من لحن كلماتها الحزين وهي تحاول الاطمئنان عليَّ، يُخيَّل إليَّ، وقت إنصاتي لها، وشفتاها ترْتعدانِ بالحروف، أن الحبَّ كلمة صغيرة لوصف شعورها تُجاهي، أنها عبارة قاصرة؛ بل عاجزة، عن أن تصف أحاسيسها نحوي.

أن الحبَّ عبارة نتقاذف بها بيننا بغير بوصلة، بين شابٍّ يطمعُ في جسد شابة، بين زوج وزوجته يحاول أن يخفي عنها خيانته، بين أصدقاءَ سيفرِّق بينهم الزمن قصرًا، مهما تواعدوا على البقاء معًا؛ لكن هي الأمُّ، شعورها أكبر من تلك الكلمة الحقيرة.

لا تسعفُ اللغة في أن تُركب عبارة تُوفي مشاعرها تُجاه أبنائها حقَّها، سأكون كاذبًا إن قلت: إن أمي تُحبُّني، هي أكثر من ذلك بكثير، بكثير جدًّا.

ظلَّت تحادثني اليوم بدون أن ينقطع رجاؤها من أني سأجيب، كُنت غيرَ راغبٍ في أن أردَّ على محادثاتها المُتكرِّرة، فكلُّ مرة، ما أن أنهي معها المكالمة، أجدني مندفعًا اندفاعَ طفلٍ صغير سُرقتْ منه لُعبتُه للبكاء.

أحاول أن أهرب من صوتها الذي يؤلمني بعنف، صوتُها شاخَ أيضًا وصار مثلَ صوت طبلٍ جِلْدُه غيرُ ساخن.

أُحاول تفاديَ فتحِ الجرحِ راغبًا أن يندمل، وأكتفي بإيصال أخباري إليها عن طريق أختي الصغرى، بَيْدَ أنها - رغم ذلك - لا تطمئنُّ، لا يكفيها أن يصلها سلامي من شخص آخر، أن يقول لها: إن "ابنها بخير"، تودُّ أن تعرف ذلك بنفسها، وألا يتمَّ الارتياح بشكل كلِّيٍّ؛ لكنها على الأقل، تهدِّئُ من فورة الخوف السَّاكن بين ضلوعها قليلًا، تُحِسُّ بالاطمئنان جزئيًّا، أقل بكثير مما كانت هي تودُّه.

أهربُ من اتِّصالها، وكلما أخرجت هاتفي الذي يرنُّ، ووجدت رقمها، ارتجف قلبي، وشعرت بالذنب تجاهها، لستُ الولدَ المناسب لها، أكرِّرُ الاعتراف بهذا مرَّاتٍ عدَّةً في كتاباتي، وأنا محقٌّ فيما أكتبه، لا يمكنني قول غير ذلك، وهي الحقيقة؛ لعلَّ الله يغفر لي كلَّ ما سبَّبتُه لها من جروح باطنية لا تُرى، لا يمكن لطبيب - مهما كان بارعًا - أن يشفيَها، وأشدُّ إيلامًا جرحٌ داخليٌّ يأبى أن يندمل، ينزف كصنبور ماء يَقطُر، إلى أن يقتل صاحبه.

لقد آلمتُها كثيرًا، وما زلتُ أفعل ذلك بالرغم من أنها لا تستحقُّ، أدركُ هذا، لا يتوقف ضميري عن تأنيبي، يحرِّضني على الاعتذار لها أمام حشدٍ كبير من الناس؛ لعلِّي أمحو قليلًا من خطاياي الكثيرة في حقِّها.

إنها امرأة مسكينة، قاتلت من أجلنا كثيرًا، وما حكته لي جدَّتي وظلَّ عالقًا بالذاكرة، أنها كانت تحملني فوق ظهرها وتدفع "البرويطة"[1] مساعدةً عمال بناء كانوا يرمِّمون أسوار بيت جدِّي.

ووقعت حادثة، حسبما حكتْه لي جدَّتي، أن عاملًا - بشكل غير متعمَّد، وهو يحاول أن يجرَّ حبلًا، وأنا مربوط لظهرها بقطعة ثوب بالية - ضربني بكوع يده لرأسي، لحظةَ صرخت، انقضَّت هي على العامل بعنف كذئبة مجروحة تحاول الدفاع عن جرائها.

العامل المسكين، وهو الذي لم يكن يتوقَّع رِدَّة فِعلها تلك، شرع في طلب الغوث، والدفاع عن نفسه، بأن أقسم لها بأنه لم يتعمَّد فعل ذلك.

قرأتُ رسالة أرسلتها لي، يبدو أن أختي هي من كتبتها لها، فأمي أميَّة، تطلبُ مني الرَّدَّ، خفتُ أن يكون قد ألَمَّ بها مرض مفاجئ، لهذا أجبت:
- ألو.. ما... لا بأس عليك؟
صدِّقوني، وقتَ سمعتُ كلمتها الأولى، نزلت دمعة على حين غِرَّة من عيني، وهي تحاول الاطمئنان عليَّ.
قالت لي:
- فقط أردت السؤال عن حالك؛ لأني اشتقت إليك ولا لذَّةَ لشهر رمضان في غيابك.
لا يا أمي، لستُ بخير وأنت بعيدة عني...


أردتُ أن أقول لها هذا، لكني عجزت كعادتي دومًا، تلبَّسني الجُبن كما هي العادة، طمأنتها أني بخير وأني لستُ من ركَّاب تلك الحافلة التي انقلبت، اطمئنِّي عليَّ.

لحظتَها، تسلَّل الاطمئنان لها، شعرتُ بأنفاسها تعود لرئتَيْها بالتدريج، أحسستُ بها تستردُّ بعضًا من عافية قلبها المحروق، لكن ما حال باقي الأمَّهات مع أبنائهن؟
ودون أن أخبركم... أكيد تعرفون.
شكرًا "أمي" على اطمئنانك عليَّ وسامحيني أرجوك.


[1] آلة لحمل الأثقال من حجارة وغيرها.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.


التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 10-04-2023 الساعة 07:05 PM.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 48.07 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 46.37 كيلو بايت... تم توفير 1.70 كيلو بايت...بمعدل (3.54%)]