|
ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() تراث الجاحظ: كتاب الحيوان - الجزء الثالث من الصفحة 200 إلى 300 محمد رضا الجراري تراث الجاحظ كتاب "الحيوان" الجزء الثالث: من الصفحة 200 إلى 300 تمهيد: الحمد لله ذي النعم السابغة والمنن البالغة، خلق الإنسان في أحسن تقويم، وحباه العقل لسَلْكِ الصراط المستقيم، وأمدَّه بأنواع العناية والتكريم، منذ أن كان في المهد صبيًّا إلى أن صار رجلًا سويًّا، وإلى يوم وفاته وانقضاء أيام حياته، والصلاة والسلام على نبيِّ الرحمة وسيد الأُمَّة، محمد الذي أرسله الله رحمةً للعالمين. أما بعد: فهذا بحثٌ بعنوان: "تراث الجاحظ"، حاولت فيه تتبُّع مجمل القضايا المتضمَّنة في كتاب الحيوان الجزء الثالث من الصفحة 200 إلى حدود الصفحة 300، من خلال تلخيص هذه القضايا وتكثيفها، فقد كان للجاحظ اهتمامات علمية في الطبيعيات، كما نرى ذلك في كتابه الشهير (الحيوان) الذي طرح فيه وبحث عن موضوعات علمية تتعلَّق بعالم الحيوان وخصائصه وصفاته، مع مزجٍ لهذه الموضوعات بالأغراض والأساليب الأدبية والفنية، وهي خصوصية تميَّز بها شيوخ المعتزلة في الأدب، كما سنرى من خلال هذه الصفحات التي سنحاول الوقوف على قضاياها. نزاع صاحب الديك في الفخر بالطوق: يستهل الجاحظ حديثه عن الديك ونزاع صاحبه في الفخر بالطوق، وأورد شاهدًا شعريًّا لصاحب الديك يقول فيه: مُطوَّقة كساها الله طوقًا ***ولم يَخْصُصْ به طَيرًا سواها فهو بذلك اعتبر الطوق للحمام دون غيره من الطيور، ولم يصف بالطوق الحمامة؛ لأنها ليست بمطوقة، وإنما الأطواق للذكورة، وأورد شاهدًا شعريًّا يقول: أعاتكُ لا أنساكِ ما هبَّت الصَّبا *** وما ناح قُمريُّ الحمام المطوَّقُ بهذا فصاحب الديك يزعم أن ذكورة التدارج والقبج والحجل، ديوك كلها، فالفخر بالطوق لصاحب الديك، أما صاحب الحمام فقد أقرَّ أن العرب تسمِّي هذه الأجناسَ كلَّها حمامًا، فجمعوها بالاسم العام، فإن كان الاختلاف فيما بينها في الأجسام، كان التشابه بينها من طريق الزواج والدعاء والغناء والنوح بصفة عامَّة، فهو يتناول نزاع صاحب الديك في الفخر بالطوق. ما وصف به الحمام من الإسعاد وحسن الغناء والنوح: ثم ينتقل إلى الحديث عن كلِّ ما وصف به الحمام من الإسعاد وحسن الغناء والنوح، ووصف الحمام بأوصافٍ عديدة؛ منها: الإسعاد وحسن الغناء، والإطراب والنوح؛ حتى قال الحسن بن هانئ: إذا ثَنَتْه الغصون جلَّلني ![]() فينانُ ما في أَديمه جُوَبُ ![]() تَرِنُّ في مأْتمٍ حمائمُه ![]() كما تَرِنُّ الفواقدُ السُّلُبُ ![]() يَهُبُّ شوقي وشوقُهنَّ معًا ![]() كأنما يَستخفُّنا طَرَبُ ![]() فالحمام كغيره من الطيور التي تُسعد وتُبهج القلب بحسن غنائها وتغريدها ونواحها. أنساب الحمام: فالجاحظ يقرِّبنا من أوصاف الحمام وأنسابها، فأورد قول صاحب الحمام الذي أكَّد أن للحمام مجاهيلَ ومعروفاتٍ وخارجيات ومنسوبات، والذي تشتمل عليه دواوين أصحاب الحمام أكثر مِن كُتب النسب التي تضاف إلى ابن الكلبيِّ. ووصف الهذيل المازني مثنى بن زهير وحفظه لأنساب الحمام، فقال: والله لهو أنسب من سعيد بن المسيِّب وقتادة بن دعامة للناس، بل هو أنسب من أبي بكر الصديق رضي الله عنه، لقد دخلت على رجل أعرف بالأمَّهات المنجبات من سحيم بن حفص، وأعرف بما دخلها من الهجنة والإقراف من يونس بن حبيب. مبلغ ثمن الحمام وغيره: وأورد ثمن الحمام ومبلغه؛ فالحمام الواحد يباع بخمسمائة دينار، وهذا إنما من الفضيلة والفخر، ولم يبلغ هذا الثمن صقر ولا عُقَاب، ولا طاوس ولا بَعِير، ولا ديك ولا حمار، فيكفي لتعرف ثمن الحمام وفراخه وبيضه أن تدخل بغداد والبصرة لتجد ذلك بلا معاناة. عناية الناس بالحمام: بعدها تحدَّث عن عناية الناس بالحمام، وما يفعله الإنسان من أجل الحمام، فمن شهد أرباب الحمام وما يحتملون من التكلُّف أيام الزجل في حملانها على ظهور الرجال، وقبل ذلك في بطون السفن، وكيف تُفَرد في البيوت وتُجْمع إذا كان الجمع أمثل، وتفرق إذا كانت التفرقة أمثل، وكيف تنقل الإناث عن ذكورتها والعكس، وكيف يخاف عليها الضعف والهزال إذا تقاربت أنسابها، فيخاف على أعراقها من دخول الخارجيات، فنجد أن الاعتناء بالحمام فاق الغاية، حتى إنهم لا يحوطون أرحام نسائهم كما يحوطون أرحام المنجبات من إناث الحمام. فعناية الناس بالحمام بلغت الغاية؛ حتى يظنَّ بعضهم أن الجاحظ تمادى في توثيق هذه العناية. بعض خصائص الحمام: أما فيما يخصُّ خصائص الحمام، فإن له من حُسن الاهتداء وجودة الاستدلال وثبات الحفظ والذكر، وقوة النزاع إلى أربابه والأُلْفة لوطنه، والدليل على أنه يستدلُّ بالعقل والمعرفة والفكرة، أنه يأتي من مكانٍ بعيد على تدريبٍ من صاحبه، فهو يقطع مسافاتٍ طويلةً دون أن يَتيه عن الطريق. حتى إن الحمام لو أرسل بالليل لاستدلَّ بالنجوم؛ لأنه يلزم بطن الفرات أو بطن دجلة، وهذا يدل على تبصُّره بالطريق وفَهمه لانحدار الماء، فإذا أعيته الطريق وأوديتها، ولم يَدْرِ أي اتجاه يسلك، وجدتَه تعرَّف ذلك بالريح ومواضع الشمس في السماء، فهذه الخصائص إنما تدلُّ على ما يتمتَّع به الحمام من الذكاء والفطنة عن غيره من الطيور! سرعة طيران الحمام: الحمام يسرع إذا طار جماعةً وعلى شكل سطر من الطير، فهو بطيء إذا طار في غير جماعة، فلن تجد جماعة طير أكثر طيرانًا - إذا كَثُرن - من الحمام، وقد ذكر النابغة الذبياني في قوله: واحكُمْ كحُكمِ فتاةِ الحيِّ إذ نظرتْ ![]() إلى الحَمَام شِراعٍ واردِ الثَّمَدِ ![]() يحفُّه جانبًا نِيقٍ ويَتْبَعُهُ ![]() مثلُ الزُّجاجةِ لم تُكْحَلْ من الرَّمدِ ![]() قالت: ألا لَيتما هذا الحمامُ لنا ![]() إلى حمامَتا ونِصْفُهُ فَقَدِ ![]() فالطير أخفُّ من غيره، والحمام أسرع الطير وأكثرها اجتهادًا في السرعة، إذا كثر عددُهن، ويشتدُّ طيرانه عند المسابقة والمنافسة. غايات الحمام: فصاحب الحمام يدرِّب ويمرن وينزل في الزجال، والغاية يومئذ واسط الحجاج مكان يتوسَّط بين البصرة والكوفة، فيقوم بتعريفه الورود وخروج الحمام إلى الصحراء لطلب الحَبِّ. ما يختار للزجل من الحمام: يتحدَّث الجاحظ الآن عن الحمام الذي يفضله الناس للمسابقة والمنافسة؛ فالبغداديون يختارون للزجال الإناث والبصريون يختارون الذكور، فحجَّة البغداديين أن الذكر إذا سافر وبعد عهده بالإناث وتاقت نفسه إليها ورأى أنثاه في طريقه، ترك الطلب والسير ومال إلى أنثاه، وفي ذلك الفساد كله، أما البصري فيبرِّر أن الذَّكر أحن إلى بيته وهو أشدُّ متنًا وأقوى بدنًا، وأحسن اهتداءً. نصيحة شفدويه في تربية الحمام يقوم شفدويه السلائحي بتقديم بعض النصائح بشأن تربية الحمام وما يجب على صاحب الحمام أن يتبع في تربية الحمام. الوقت الملائم لتمرين فراخ الحمام: أما فراخ الحمام إذا أرادوا تمرينها أخرجوها وهي جائعة، حتى إذا ألقوا إليها الحَبَّ أسرعت النزول، وإخراج الحمام قبل المغرب وانتصاف النهار، والحذاق لا يخرجونها مع الذكورة؛ لأن الذكورة يعتريها النشاط، فإن طارت الفراخ معها سقطت على دُور الناس، لذلك فرياضتها شديدة تحتاج إلى عناية وحرص. حوار يعقوب بن داود مع رجل في اختيار الحمام: يعقوب بن داود حاور رجلًا مجهولًا نسبُه في قضية اختيار الحمام، فقال الرجل: إن الحمام يختار من جهة النسب، ومن جهة الخلقة، ثم ترتبه وتنزله وتدرجه، ثم تحمل الجماعة منه بعد ذلك، الترتيب والتدريب إلى الغاية. قص جناح الحمام: قص أحد جناحيه يكون أعجز له عن الطيران، ومتى قصهما جميعًا كان أقوى له عليه. أجنحة الملائكة: وقد طعن قوم في أجنحة الملائكة، وقد قال الله تعالى: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ ﴾ [فاطر: 1]. زعموا أن الجناحين كاليدين، وإذا كان الجناح اثنين أو أربعة كانت معتدلةً، وإذا كانت ثلاثة صار صاحب الثلاثة كالطير الذي يطير وهو مقصوص أحد جناحيه، فلا يستطيع الطيران لعدم التعديل، وإذا كان أحد جناحيه وافيًا والآخر مقصوصًا، اختلف خلقه وصار بعضه يذهب إلى الأسفل والآخر إلى الفوق. يتبع
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |