أم هاني حين نفضت غبار اليأس: معاناة أرملة تنقلب إلى سرور - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4971 - عددالزوار : 2084545 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4548 - عددالزوار : 1357106 )           »          أنواع الذهان: ماذا تعرف عنها؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          الوقاية من بلع اللسان: 5 نصائح ضرورية! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          7 مشروبات لعلاج الإمساك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          ما هي أسباب الإسهال المستمر بعد الأكل؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          بخاخ النيكوتين: ما عليك معرفته للإقلاع عن التدخين! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          أفضل وأسوأ الأطعمة للمرضعات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          هل تظهر عليك علامات سوء التغذية؟ اكتشف الأعراض بسرعة! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          أعراض تليف الكبد: لا تتجاهل هذه العلامات! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي
التسجيل التعليمـــات التقويم

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-09-2022, 02:38 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,657
الدولة : Egypt
افتراضي أم هاني حين نفضت غبار اليأس: معاناة أرملة تنقلب إلى سرور

أم هاني حين نفضت غبار اليأس: معاناة أرملة تنقلب إلى سرور
خالد حامد عمر




(قصة تحفيزية لكفالة الأيتام)


(1)
(أبو هاني) رجلُ مرور، يَسير بين الشَّوارع وكأنها تسلِّم عليه لسيرته العَطرة بينها؛ فهو يَعمل بجدٍّ واجتهاد لتنظيم حرَكة المرور، والكلُّ يناديه بـ (أبو هاني)؛ فهو يداعِبُ هذا، ويَضحك مع هذا، ويَعطف على هذا، ويوزِّع الابتسامات وكأنَّها باقة وَرْد معطَّرة تُهدى للمارَّة وأصحابِ المركبات، والكل يحبُّ السلامَ عليه، ويسألون عنه إذا غاب، وكأنَّ الجميع لا يُطيق الشارعَ بدونه.

كان لديه ابنٌ وحيد وهو (هاني)، وكان قرَّةَ عينٍ له ولأمِّه (أم هاني)، التي كانت ترعاه رعايةً كاملة، وتذاكر له دروسَه، وتسأله عن يومه في المدرسة؛ وكأنَّ الحياة مرسومة لهم على هذا النَّسق دون تغيير، إلى أن جاء ذلك اليوم، عندما كان (أبو هاني) في الشَّارع ينظِّم حركةَ المرور في الشارع، في التقاطع بن مفترق الطُّرق، انطلق طفلٌ ترتسم البراءةُ على شفتيه قاطعًا الشارعَ بينما في الطَّريق الآخر اندفعت حافلةُ ركَّاب ضخمة، ففزع صاحبُ الحافلة وضغط على المكابح بكلِّ ما أوتي من قوَّة، والجميعُ أغمضوا أعينَهم، وما هي إلا لحظات حتى تفجَّرتِ الدِّماء وكأنها تحفر أُخدودًا في الشارع وتقطع الجسدَ إلى أشلاء، هبَّ الجميع إلى مَوقع الحادث، كان المنظر مرعِبًا، البعض لم يستطع النَّظرَ، وآخرون اقتربوا بحذَر يُلملموا أطرافَ ذلك الجسد الهزيل، لم يقطع هولَ هذا المنظر إلَّا صرخاتُ إنذار الإسعاف الذين جاؤوا طالِبين إفساحَ المجال لكي يُتمُّوا مَهمَّتهم على أكمل وَجهٍ، فحملوا ذلك الجسدَ المتناثر على النَّاقلة؛ وذلك الطفل الذي لم يحِن أجَلُه بعدُ يَنظر ويبكي؛ وكأنَّ نَفْسه تحدِّثه متمنيًا لو كان مكان (أبو هاني)، وأمه تحمله وتشهق من البكاء، والنِّساء الأخريات يهدِّئون من روعها.

(2)
في تلك الأثناء كانت عَينا (أم هاني) تَجول في خطابٍ مِن المدرسة، يفيد بأنَّه قد حان مَوعد دفع الرسوم الدراسيَّة؛ فمدرسة (هاني) ابن العشر ربيعًا مدرسة خاصَّة، أدخله (أبو هاني) إليها، مع إلحاحه مِن جهة ورَفْض (أم هاني) مِن جهة أخرى لغلاء رسومها الدراسيَّة، إلَّا أنَّ كل ذلك يَهون في سبيل تعليم (هاني) على أكمل وجهٍ، ثم جاء الطَّارق يَطرق البابَ، فإذا به صاحب المنزل يطلب أجرةَ الشَّهر الحاليِّ والماضي، فقالت في نفسها:
"أعانك الله يا (أبو هاني)، كله جاء مع بعضه".
ولم تعلم المسكينةُ أنَّ روحه الآن تُرفرف إلى خالقِها، وما هي إلا ساعة زمَن حتى جاء النَّاعي يَنعى لها وفاة زوجها، فصعقت جاثية على ركبتيها، والدموعُ تنهمر حافرة على خدَّيها أخاديد، اختلطت بين الحزن على فقدان (أبو هاني) والخوف مِن القادم، إلَّا أنها لم تنسَ أن تقول:
إنَّا لله، وإنَّا إليه راجعون!

(هاني) لم يفهم شيئًا، إلَّا حين أسرَعتْ إليه أمُّه واحتضنَتْه بقوَّة، وكأنَّه أحسَّ بأن هناك شيئًا مفقودًا، فسأل ببراءة الأطفال:
أمي هل سيدفع أبي رسوم الدراسة ؟؟
فزادت في بكائها، واحتضنَتُه بقوَّة وهي تبكي وتنتحب، فقال لها:
أمي ماذا بك ماذا حدث؟
فقالت:
(أبوك مات يا هاني).
فقال:
ماذا تقصدين بقولك أنه "مات"
فقالت:
أبوك ذهب إلى ربه ولن نراه مرة أخرى
فبكى معها، ليس لشيء إلَّا لأنَّ أمه تَبكي، ولعلَّ صغر سنه لم يجعله يَفهم الحقيقةَ كاملة.

(3)
مرَّت أيام العدَّة بسرعة، لم تُحسَّ فيها (أم هاني) بالغُربة؛ فالكلُّ الْتفَّ حولها، خاصَّة أهلَ زوجها؛ ممَّا جعلها تطمئنُّ وتتفاءل بالمستقبل.
ولكن ما أن انقضَتْ تلك الأيام حتى كشَّر المجتمعُ عن أنيابه؛ أمَّا أهل زوجها فقد بدؤوا بالانسحاب عن المسؤوليَّة شيئًا فشيئًا، فمن يُطيق مسؤوليَّةَ أرملة بأطفالها في هذا الزَّمن الصَّعب؟! وأمَّا أهلها فهم لا يَملكون لها شيئًا إلَّا دعوات أمها العجوز بأن يَرحمها ويعينها على تَربية أبنائها؛ فهم أشدُّ منها فَقرًا.

أصبح الخوف يدبُّ في أوصال (أم هاني) شيئًا فشيئًا، لم تتوقَّع أن يتخلَّى الناس عنها بكلِّ هذه السهولة والبساطة، وبدأ شبَحُ الفقر يغطِّي جوانبَ منزلها المؤجَّر على يد المرحوم (أبو هاني)، وقد أَعْفاها صاحبُ المنزل عن طيب خاطر منه عن شهور العدَّة التي قضتها في هذا المنزل على أن تدفع ما تبقَّى لها من متأخرات الإيجار، فإن أرادت الاستمرارَ، وإلا ترحل؛ وكان هذا آخر كلام قاله لها صاحبُ المنزل، يقرع صداه في آذانها، وهي جالسة في المنزل لا تدري ماذا تفعل وأين تتَّجه؟! فنظرت إلى السماء تدعو اللهَ في نفسها أن يرحمها وأن يفرِّج عنها، ثمَّ فجأة صُدمتْ عندما وجدت ابنَها (هاني) أمامها يَبكي، ولم تحس به لكثرة الهموم على كاهلها قائلًا:
(ماما طُردتُ من المدرسة قالوا: إمَّا أن تدفع الرسوم، وإلَّا فلا تأتِ)!
يا له مِن مجتمع لا يَعيش فيه إلَّا القوي؛ كأنه غابة وحوش، يأكل فيه القويُّ الضعيفَ!
لكن (أم هاني) لم تَستسلم، فنفضت عنها غبارَ اليأس، ولبست عباءةَ التفاؤل والحشمة، واتَّجهتْ صوبَ السوق تَبحث عن عمَل؛ فهي تحمل شهادةَ دبلوم مع أنَّها لا تُسمِن ولا تُغني من جوع، وهي تعلم ذلك، وبعد يوم عصيب عادت إلى المنزل تجرُّ أذيالَ التعب، وتندب حظَّها العاثر؛ لكن تفاجأت بأنَّ منزلها مغلقٌ، فطرقت بابَ الجيران تسأل مستفسرةً، فقالت لها جارتها سعاد:
لقد أخرج أغراضَك صاحبُ المنزل، وأغلق البابَ، فأدخلنا أغراضك بداخل منزلنا.
حينها لم تتمالَك (أم هاني) نفسَها فشهقتْ مِن البكاء، و(هاني) ينظر إليها ويَبكي بصمتٍ، فذهب إليها، وشدَّ ثوبها لكي تعيره الاهتمام، فقال لها:
(ماما أنا لمَّا أكبر أساعدكِ وأشتغل).
فشهقت شهقةً حتى أشفقت عليها جارتُها سعاد، تهوِّن عليها مربتة على كتفها، فسعاد الأخرى لا تقلُّ عنها فقرًا وبؤسًا.

مرَّتِ الأيام ثقالًا على (أم هاني) وابنها وهي تبحث عن مصدرِ دخلٍ، فلم تجد شيئًا، ويكاد المال الذي تركه لها (أبو هاني) ينفد، فلم تجد حَلًّا إلَّا أن تعمل في منازل الأغنياء طلبًا للكسب الهنيء، والبعدِ عن تكفُّف النَّاس لعلَّ ذلك يسد لها شيئًا مِن ضنك العيش والحياة!

وذات يوم بينما هي عائدة في الطَّريق إلى منزلها سمِعتْ أصواتًا وصخبًا، ووجدت أطفالًا يتقافزون فرحًا مع أمَّهاتهم، ووجدت على صدورهم بطاقات معلَّقة مكتوب عليها (مَشروع كفالة الأيتام)، وعلى رأسها مَكتوب (المركز العام لجماعة أنصار السنة المحمديَّة)، فقالت في نفسها:
لعلَّها كفالة لأنصاريِّين! فكيف يَكفلون أرملةً مثلي وأنا بالنِّسبة لهم امرأة متبرِّجة؟
فأخذت نفَسًا عميقًا، وهمَّت بإكمال طريقها لمنزل جيرانها، لكن ما أن مرَّتْ بالبوَّابة حتى هالها المنظر، فوجدت في ساحة المركز العام آلافَ الأيتام والأرامل، منتقبات وغير منتقبات، ووجدت لافتة مكتوب عليها (المركز العام لجماعة أنصار السنة المحمدية - مشروع كفالة الأيتام - الاحتفال بتوزيع استحقاقات الأيتام)، حينها كادت تطير نفسُها بين جنبتيها من الفرح، لكن فوجئتْ بـ (عبدالله) البوَّاب يقول لها:
لماذا تقفين هكذا؟ تفضَّلي بالدخول!
فقالت:
أنا لست أنصاريَّة!
فضحك البوَّاب حتى بدت نواجذه.
فقال:
إنَّ دعوتنا موجَّهة للكلِّ، تفضَّلي.
فدخلَتْ وجلَستْ بين النِّساء، وحضرت فعاليات البرنامج، فهالها التنظيم وأصوات الأيتام وهم يرتِّلون آيات القرآن بأصوات نديَّة، فهو ليس مجرد كَفالة لليتيم؛ بل برنامج تربوي متكامِل، فسألت التي بجانبها قائلة:
كيف أكفل أيتامي؟ وما هو المطلوب؟
فدلُّوها على إحدى الأَخوات، فذهبت إليها، فاستقبلتها هاشَّة باشَّة في وجهها، فرحَّبتْ بها، وطلبت من (أم هاني) أن تأتي بعدَّة مستندات، فأسرعَتْ (أم هاني) تسارع الخُطى إلى منزلها، فاستقبلتها سعاد قائلة:
أراكِ اليوم سعيدة!
قالت:
سأخبرك عندما أعود.
فسلَّمتِ المستندات إلى المشرِفة، فطالعَتْها، وقالت:
سنتَّصل بك عندما يتم كفالة أيتامك.
فقالت (أم هاني):
وأنا أنتظركم على أحَرِّ مِن الجمر.
فردَّت عليها المشرفة:
اصبري، وما الصَّبر إلَّا من عند الله.
فردَّت أم هاني:
سأصبر بإذن الله.
وفعلًا، ما هي إلَّا بضعة أشهر حتى اتَّصلتْ المشرفة، وبشَّرتْها بكفالة ابنها، حينها سجدت (أم هاني) شاكرةً إلى ربِّها، فقالت (أم هاني) للمشرفة في الهاتف:
هاكم ابني، أريدكم أن تعلِّموه كلَّ شيء عن الدِّين، أريده أن يَنشأ نشأة صالحة على أيديكم.
فقالت لها المشرفة:
هنالك بعض البرامج والدروس وحلقات تحفيظ القرآن، سنشركه فيها إن شاء الله.
حين ذلك ترقرقت عين (أم هاني) بالدموع، شاكرةً لله أولًا ثمَّ كفلائها ثانيًا، سائلةً المولى عزَّ وجل أن يجعلهم رفقاء لنبي الله محمد صلى الله عليه وسلم في جنَّة عرضها كعرض السماوات والأرض، خاتمة دعاءها بـ (آمين) وهي ترفع أكفَّ الضَّراعة إلى ربها عز وجل.


وبعد مرور بضع سنين يمسك (هاني) بالقلم، ويشرح لطلَّابه في الجامعة علاقةَ العقيدة بالأخلاق، وفي المساء يَذهب لمحلِّه في السوق لبيع المواد الغذائية مكتوب عليه (محلات هاني لبيع المواد الغذائية)، أمَّا يوم الجمعة فله شأن آخر؛ فهو يقارع بلِسانه بالحجَّة والبرهان فقد أصبح داعية يُشار إليه بالبنان، بينما أمه - وقد أخذت منها السنون كثيرًا من صحَّتها - تُصلِّي وتقرأ قولَه تعالى:
﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴾ [الإنسان: 8].





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 55.66 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 53.99 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.01%)]