زوجة ثانية تشكو من الإهمال

[ابوالوليد المسلم]

زوجة ثانية تشكو من الإهمال
أ. سحر عبدالقادر اللبان

السؤال:

♦ ملخص السؤال:
سيدة متزوجة مِن رجل متزوج سابقاً، تشكو زوجها وإهماله لها، واهتمامه بالأولى، وتستشير في طلب الطلاق.

♦ تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا متزوجة منذ عامين مِن رجلٍ متزوجٍ يكبرني بعشر سنوات، ولديه من زوجته الأولى أولادٌ، حاول معي منذ أكثر مِن خمس سنوات أن يتزوجني، وأخبرني بأن علاقته بزوجته منتهية، وأنه يَكْرَهُها!

رفضتُ فكرة الزواج من رجلٍ متزوجٍ، وخاصة أن لديه أولادًا، لكنه أتى إلى بيت أهلي أكثر من مرة ولمدة 5 سنوات ورُفِضَ مرات كثيرة، لكنه لم يَيْئَسْ وحاول، حتى أقنعني بأنه في وضعٍ سيئ مع زوجته، ويريدني زوجة له.

بعد تفكير عميقٍ والنظر في وضعي وأني قد كبرتُ، وتعدى عمري منتصف الثلاثينيات - وافقتُ على الزواج، وكان يحبني ويدلنني، وعندما علمتْ زوجتُه ثارتْ وغضبتْ وطردت الأولاد مِن بيتها، وطلبتْ أن يُطلقني، لكنه رفض.

أما ما أعاني منه في ظل هذا الزواج فهو:
• أن الأعياد بالكامل يقضيها عند زوجته الأولى، والسفر للمصيف أو للفسح أو لغير ذلك يكون لزوجته الأولى، ويغيب عني بالأيام ولا يُعَوِّضني.

• أنا مُوَظَّفة وكنتُ ناجحة جدًّا في عملي، وبعد الزواج بكل أسفٍ أصبحتُ مهملةً لعملي، وأكاد أفشل فيه!

• يعطي راتبه كاملًا لزوجته الأولى، وهي تُنفقه كله، ولا يعطيني ولا يراعي احتياجاتي.

• حاولتُ كثيرًا أن أُكلمه وأشكو له ما يفعله، لكنه يهددني بتَرْك المنزل وهجري والذهاب إلى زوجته الأولى.

• يعتمد اعتمادًا كليًّا على راتبي لأني موظفة، وإذا طلبتُ منه شيئًا يرفض ويقول: أنفقي مِن راتبك، بل وصل به الحال إلى أنه يعايرني ويقول لي: أنا سترتُ عليكِ بعد أن كنتِ عانسًا!

أنجبتُ طفلًا، وطلبتُ أن يكونَ لديَّ أولادٌ، لكنه يرفض، ويقول: يكفيك الولد الواحد، فلا أريد أولادًا. ولكني الآن حامل في الشهر الرابع، وهو لا يعلم، ولا أستطيع أن أخبره خوفًا مِن رد فعله!

هددني بترك المنزل وتسميه المولود باسمٍ سيئ إذا أنجبتُ، بل هددني بتركي نهائيًّا! وللأسف دمَّرني، ودمَّر نفسيتي، ولا أستطيع أن أفعلَ شيئًا!

تمر أيام كثيرة ولا يسأل عني ولا عن ابني، ولا يتَّصل بي!

تمنيتُ الموت أكثر مِن مرة، لكني أخاف على ابني، نفسيتي تعبتْ وأصبتُ بالأمراض النفسية، ولا أستطيع الاستمرار معه أكثر من ذلك!

المشكلة أن نظرة المجتمع للمطلَّقة صعبة، ولا أريد أن يكون ابني ابن مطلقة، وفي المقابل أشعر بأني مُهانة بدرجة كبيرةٍ.

أصبحتُ عصبية جدًّا، وفقدتُ الثقة في نفسي وفي أُنوثتي، أُذَلُّ ليل نهار، ولا أستطيع الاهتمام بنفسي.

يقول: أنا أحبك، ولا أستطيع العيش بدونك، لكن تصرفاته تقول عكس ذلك!

الجواب:

الأخت الفاضلة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أُرَحِّب بك في موقع استشارات شبكة الألوكة، وبعدُ:
فأسأل الله تعالى أن يُعينك ويُلهمك الصبر والرأي السديد.

عزيزتي، السعادةُ كل السعادة بالرضا، والإنسانُ لا ينال كل ما يريد، فعلينا التكيُّف مع الموجود، والرضا به، وغض البصر عن كل ما يُتعب ويُكَدِّر جو حياتنا.

عزيزتي، ماذا يريد الزوجُ مِن زوجته غير المعاملة الطيبة والعِشْرة الحسنة، والبُعد كل البعد عن النكد؟ فلا الشكل ولا المال ولا الحسب سيزيد الحب أكثر مِن العِشْرة الحسنة، وأنت قلتِ: إنه بَقِيَ أكثر مِن خمس سنوات يطلب منك الزواج، وهذا يدُلُّ على حبه لك، فلا تُضَيِّعي هذا الحب في أمور يمكن التغاضي عنها، ولا تنسي أنك مَن تزوجته وهو متزوج؛ أي: إنك قبلتِ أن يكون لك ضرة!

عزيزتي، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الصبر ضياء)).

والله - سبحانه وتعالى - يجزي الصابرين خير الجزاء، فاصبري ما استطعتِ، واحتسبي أجرك عند الله تعالى، وأَفْرِحي نفسك بولديك، وأكثري مِن الدعاء لله تعالى أن يجعلَ زوجك قرة عين لك، وثقي أن الله تعالى لا يرد مَن يسأله مخلصًا مُوقنا بالإجابة.

أما لو شعرت أن استمرار الحياة مع زوجك يضرُّ بك جسديًّا ونفسيًّا، وأن حياتك بعيدًا عنه أفضل من الحياة معه، فالله تعالى جعل الطلاق حلًّا لمن ضاقتْ عليه الحياةُ مع الشريك.

عزيزتي، السعادة كل السعادة في القرب من الله تعالى، والرضا بقضائه والصبر على الابتلاءات، وهذه الدنيا زائلةٌ، ونساء الرسول - صلى الله عليه وسلم - ونساء الصحابة كانتْ لهن ضرائر، ورغم ذلك عِشْنَ وتَحَمَّلْنَ، وكان نصب أعينهن رضا الله تعالى والجنة، والزوج إن لم يكن عادلًا فهو مَن سيُحاسب، وحسابُه عند الله تعالى شديدٌ.

عزيزتي، اسألي الله تعالى أن يفرِّجَ همك، وأن يُبَدِّلَ حزنك فرحًا، وأَخْبِري زوجك بحَمْلِك، واهتمي بابنك، وانتظري الثاني بسعادةٍ، واقنعي وارضي بالموجود.

واللهُ تعالى الموفِّق