طبق إلى السماء (قصة قصيرة) - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الإسلام يدعو لحرية التملك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          آثار مدارس الاستشراق على الفكر العربي والإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الاستشراق والقرآنيون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          عقيدة التوحيد، وعمل شياطين الشرك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          منهج شياطين الإنس في الشرك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          وسواس غريب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          فقدت العذرية أثناء ممارسة العادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          العزلة والرهاب الاجتماعي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          أخفيت على زوجتي مرضي النفسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          اضطراب الهوية الجنسية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي
التسجيل التعليمـــات التقويم

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25-06-2022, 07:14 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,379
الدولة : Egypt
افتراضي طبق إلى السماء (قصة قصيرة)

طبق إلى السماء (قصة قصيرة)


عبدالعظيم أنفلوس



حاولتُ بالأمس أخذ غفوة صغيرة من النَّوم بعد يوم متعب أضناني فيه الذَّهابُ والإياب من محلٍّ إلى آخر، بدأتُ أغمض جفني، أرغم عيني على أن تنغلق، أعدُّ من الأربعين إلى الواحد نزولًا، أتخيَّل لونًا أسود؛ علَّني أحظى بسِنة من النوم، لكن يبدو أنَّ جفنيَّ قد أقسما على أن يبقيا مفتوحين اليوم!



تناهى إلى سمعي صوتُ فرقعة ورائحة دخان، وحركة ملاعق وسكاكين، وصوت شيء يطبخ، يقلى أو ربما يُشوى، فجاءت اللحظة التي أيقنتُ فيها أن النوم قد راح إلى غير رجعة حين سمعتُ صوت أمي ينادي:

بُني، الغداء جاهز.

آهٍ! هل حان وقت الأكل من جديد، تبًّا لعلماء التغذية، لماذا لم يجمعوا هذه الأوقات الثلاثة في وَجبة واحدة تكفينا طوال اليوم بدل صداع الرأس هذا، وتفاهة الفطور والغداء والعشاء؟!



قمت بخطوات متثاقلة، أرفع رِجلًا وبالكاد أنزلها لأفعل ذلك مع الأخرى في نغمة متعبة مللتُ من سماعها هي أيضًا، خاطبتُ نفسي:

أتمنَّى أن يأتي يوم لا نمشي فيه على أرجُلِنا، فنطير، أو يصبح تنقُّلنا تزلجًا، ههه ربما سأمَلُّ يومًا ما من ذلك أيضًا، ويظهر لي ما هو أجدى وأنفع.

جلستُ إلى طاولة الأكل، فبدا لي صحن الخضر كغابة مورقة يتوسَّطها نهر جارٍ ألذ طعمًا من الخضر نفسها؛ لأن فيه عصارة ما جادت به، مع قليل من البهارات جعلت المذاق يسحرني، هممتُ أن أُخاطب أمي حتى تنزع الخضر فأشرب مياهها، لكن أدب المائدة؛ كما يُقال.

نظرتُ إلى قطع اللحم، فتذكرتُ أصحابها، ثمَّ فكرت: ترى ما كان شعورهم وهم يُذبحون ويُسلخون؟! وضعتُ يدي على عنقي أتحسسه محاولًا أن أشاركهم شيئًا مما لاقوه، لكني نزعتُها بسرعة، يبدو أنَّ الأمر كان فظيعًا!



ما استرعى انتباهي أكثر هو صحن الأرز الأبيض الذي يتوسَّط الأطباق، نظرتُ إليه باندهاش متعجبًا:

إنَّ فيه شيئًا غير عادي، أحسُّ اليوم أنه يوحي إليَّ بدلالة ما.



رأيتُ أخي يحاول أخذَ حصَّته منه إلى صحنه، فبدت لي حبَّات الأرز كما لو أنها تَبتعد، تتمنَّع، تحاول أن تبدي رفضًا، كانت الصلصة الحمراء عليه أشبه بنزيف حاد بدا لي يشتد ويكثر شيئًا فشيئًا، بلا وعي صرختُ في وجهه:

توقَّف، دعها وشأنها، ألا ترى أنَّ من حقها البقاء مع بعضها البعض؟ اترُكْها؛ فهي هكذا أجمل.



نظَر الجميع إليَّ باستغراب، وضعتْ أمِّي يدَها على جبيني ظنًّا منها أنَّ الحمَّى قد أصابتني، لكنِّي أبعدتُها برِفق محاولًا الخروج من الموقف بأقل الخسائر:

حسنًا حسنًا، أنا فقط أمزح معك.

أخذتُ حصَّتي وتأمَّلتُها هي الأخرى طويلًا، فخاطبتني وخاطبتُها، وجرى بيننا كلام طويل، كنتُ ألوك الحبَّات في فمي فأسمع صراخَها وأنينَ صغارها، وكانت آثار الصلصة على لساني كبقايا جريمة لتدلَّ على أنِّي الفاعل.

انتهى الطَّبق، فانتهت (الدَّردشةُ) بيننا، وصعدتْ مني تنهيدةٌ أخرجت معها روح حبَّات الأرز التي أكلتُها، فلا أدري أصعدت هي الأخرى إلى السماء كما تصعد روح بني آدم أم لا؟!




نهضتُ من مكاني شبعًا غير شبع، فسكبتُ بعض المياه على وجهي كمن يحاول إخفاءَ آثار فعلته، ودلفت مجددًا إلى غرفتي حين تناهى إلى سمعي صوت المذيع يقول:

سماء غزة اليوم موشحة بالبياض، وأعداد القتلى الكثر يُدفنون في مقابر جماعيَّة، وأنهار من الدم البريء تَسيل في الشوارع العذراء؛ إنَّها جريمة، إنها جريمة!


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 49.31 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 47.60 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (3.47%)]