باب ما يكره ويستحب في رمضان وحكم القضاء - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         كتاب الجدول في إعراب القرآن ------ متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 535 - عددالزوار : 97198 )           »          أدب الخلاف والاختلاف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          لماذا هذا التعب والكدح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          عيسى ابن مريم عليه السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          الاعتبار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          النية والأمنية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          بقية العشر ويوم النحر وأيام التشريق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          الخصائص العلية للأمة الإسلامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          عمود الإسلام (20) حق الله تعالى في الصلاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1445هجرية (pdf) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25-04-2022, 03:09 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,816
الدولة : Egypt
افتراضي باب ما يكره ويستحب في رمضان وحكم القضاء

باب ما يكره ويستحب في رمضان وحكم القضاء
الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح

فيه خمس مسائل:
المسألة الأولى: ما يكره فعله أثناء الصيام:
1- جمع الريق وبلعه:
قال في المصباح 1/ 248: "الريق: ماء الفم".
المذهب: أن جمع الريق وبلعه مكروه.
والقول الراجح، والله أعلم: أنه ليس بمكروه.
والدليل: عدم الدليل على كراهتها.

2- بلع النخامة:
المذهب: يحرم بلعها لأنها مستقذرة، وتفطر إذا وصلت إلى الفم، ثم ابتلعها لإمكان التحرز منها.

والقول الراجح، والله أعلم: أنها لا تفطر، ولا يحرم بلعها.

والدليل: عدم الدليل على التحريم، وهذا أمر تعم به البلوى عند جميع الناس، ولو كان مفطرًا لبينه النبي صلى الله عليه وسلم.

3- ذوق الطعام من غير حاجة:
المذهب، وهو القول الراجح، والله أعلم: أن ذوق الطعام له حالتان:
الأولى: أن يكون لحاجة فلا يكره، كطباخ يحتاج إلى معرفة حلاوة طعامه، وملوحته، ونحو ذلك؛ وروى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((لا بأس أن يذوق الشيء يريد اشتراءه)).

الثانية: أن يكون بلا حاجة فيكره؛ لأنه لا يأمن أن ينزل إلى جوفه فيفطره.

قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى 25/ 266: "وذوق الطعام يكره لغير حاجة لكن لا يفطره، وأما للحاجة فهو كالمضمضة".

4- مضغ العلك القوي:
القوي: هو الذي لا يتفتت في الفم، ومضغ العلك على نوعين:
الأول: علك قوي ليس له طعم، يكره على قول المذهب.
والراجح والله أعلم: أنه لا يكره كمن بلع ريقه بعد جمعه.

الثاني: علك قوي له طعم، يكره على قول المذهب، وإن وصل طعمه إلى حلقه يفطر به.

والراجح والله أعلم: أنه يكره ولكن لا يفطر به، إلا إذا وصل إلى جوفه، وأما كونه يصل إلى حلقه فلا يفطر به.

التعليل: قد يصل هذا الطعم إلى الحلق، ولا ينزل إلى المعدة، فمن الناس من يتجشأ ويجد لطعم في الحلق، لكن لا يصل إلى فمه فيبتلعه، ولا نقول: إنه أفطر؛ وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، ورجحه ابن عثيمين.

العلك المتحلل: الذي ليس بصلب يحرم على الصائم؛ لأنه قد يصل شيء منه إلى جوفه، وهذا إن بلع ريقه، وأما إذا لم يبلع ريقه، فيكره كذوق الطعام.

5- القُبلة لمن تتحرك بها شهوته:
المذهب: أن القبلة لمن تحرك شهوته مكروهة.

والقول الراجح والله أعلم: أن القبلة جائزة مطلقًا لمن يأمن على نفسه من إنزال المني أو الجماع.

ويدل على ذلك:
1- حديث عائشة رضي الله عنها قالت: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم، ويباشر وهو صائم، ولكنه أملككم لإربه))؛ [متفق عليه].

2- حديث عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه: ((أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيقبل الصائم؟ فقال له: سَلْ هذه؛ لأم سلمة، فأخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، فقال: يا رسول الله، قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فقال: أما والله إني لأتقاكم لله، وأخشاكم له))؛ [رواه مسلم]، ولا شك أن تقبيل الزوجة يحرك الشهوة.

أما إن كان لا يأمن على نفسه بفساد الصوم - كأن يكون سريع الإنزال - أو الجماع، فهنا تحرم القبلة؛ لأنها وسيلة لإفساد الصوم؛ لحديث عائشة قالت: ((ولكنه أملككم لأربه))، فدلَّ على أن من لم يملك أربه، ليس له أن يباشر؛ حتى لا يفسد صومه.

المسألة الثانية: ما حكم الوصال في الصوم؟
الوصال: هو أن يقرن الإنسان بين يومين في الصوم؛ بمعنى: ألا يفطر بين اليومين.

والوصال منهيٌّ عنه لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((نهى رسول الله عن الوصال، فقال رجل من المسلمين: فإنك، يا رسول الله، تواصل، قال رسول الله: وأيكم مثلي؟ إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني، فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يومًا ثم يومًا، ثم رأوا الهلال، فقال: لو تأخر الهلال لزدتكم، كالمنكل لهم حين أبوا أن ينتهوا)).

واختلف أهل العلم: هل النهي عن الوصال للتحريم أو للكراهة؟ على قولين:
المذهب وهو القول الراجح والله أعلم: أن الوصال مكروه خلافًا لجمهور العلماء الذين قالوا بالتحريم.

ويدل على أنه للكراهة:
1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه السابق أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نهاهم عن الوصال وأبوا أن ينتهوا عنه، تركهم، وواصل بهم يومًا ويومًا، حتى دخل الشهر، وقال صلى الله عليه وسلم: ((لو تأخر الهلال لزدتكم، كالمنكل لهم))، ولو كان محرمًا، لمنع فعله بتاتًا.

2- وصال بعض الصحابة، ومنهم عبدالله بن الزبير، كان يواصل إلى خمسة عشر يومًا، كما أخرج ذلك ابن أبي شيبة (3/ 83)، ولو كان محرمًا، لَما فعلوه، فدل على أنه ليس محرمًا لمن قدر عليه.

يجوز الوصال إلى السحر على المذهب، وهو القول الراجح، والله أعلم؛ لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعًا: ((لا تواصلوا، فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر))؛ [رواه البخاري]، ولكن ترك هذا الوصال أفضل لما فيه من تفويت سنية تعجيل الفطر.

فائدة: وله صلى الله عليه وسلم: ((إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني))، اختلف في معناها:
فقيل: إنه على حقيقته، يُؤتى بطعام وشراب من عند الله كرامة له في ليالي الصيام، وهذا الوجه بعيد رده بعض أهل العلم؛ لأنه لو كان كذلك لا يسمى مواصلًا.

وقيل: إن الله عز وجل يجعل فيه قوة تغنيه عن الطعام والشراب، فكأنه يعطى قوة الأكل والشرب؛ واختاره النووي.

وقيل: إن الله تعالى يشغله بالتفكر في عظمته، والأنس بمحبته، والاستغراق في مناجاته، والإقبال عليه عن الطعام والشراب؛ واختاره ابن القيم وقال: "قد يكون هذا الغذاء أعظم من غذاء الأجساد، ومن له أدنى ذوق وتجربة يعلم استغناء الجسم بغذاء القلب والروح عن كثير من الغذاء الجسماني، ولا سيما الفرح والسرور بمطلوبه، الذي قرت عينه بمحبوبه".

المسألة الثالثة: يجب على الصائم اجتناب الكذب والغيبة والشتم:
الكذب: هو الإخبار بخلاف الواقع.

قال صاحب المطالع (ص: 49): "والكذب خلاف الصدق، والصدق الإخبار بما يطابق المخبر عنه"، والكذب من كبائر الذنوب.

ويدل على ذلك: حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: ((... وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابًا))؛ [متفق عليه].

الغيبة: عرفها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((ذكرك أخاك بما يكره))؛ [رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه].

وسواء كان ذلك بالقول أو الفعل، أو الإشارة أو التعريض، وسواء كان ذلك في خُلُقه أو خَلْقِه، أو دينه، أو ملبسه، أو مركبه، ونحو ذلك، وهي أيضًا من كبائر الذنوب.

ويدل على ذلك: قوله تعالى: ﴿ وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ﴾ [الحجرات: 12].

ويستثنى من ذلك مواضع لا تعد من الغيبة، ذكرها العلماء؛ وجمعوها في قول القائل:
القدح ليس بغيبة في ستة
متظلِّم ومعرِّف ومحذِّرِ
ومجاهرًا فسقًا ومستفت ومَن
طلب الإعانة في إزالة منكرِ


وكما أن الغيبة محرمة فيحرم سماعها أيضًا، ويجب على من سمع الغيبة أن يرد عن عرض أخيه المسلم.

ويدل على ذلك:
1- حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا))؛ [رواه البخاري].

2- حديث كعب بن مالك رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما فعل كعب بن مالك؟ فقال رجل من بني سلمة: يا رسول الله، حبسه برداه والنظر في عطفيه، فقال معاذ بن جبل: بئس ما قلت، والله يا رسول الله، ما علمنا عليه إلا خيرًا، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم))؛ [متفق عليه].

3- حديث أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن ردَّ عن عرض أخيه، رد الله عن وجهه النار يوم القيامة))؛ [رواه الترمذي وحسنه]، وأيضًا لِما في ذلك من وجوب إنكار المنكر.

والشتم: هو قدح الغير حال حضوره.

قال صاحب المطالع (ص: 149): "الشتم: السب، وقال المطرزي: الشتم عند العرب: الكلام القبيح سوى القذف".

وهذه الأشياء حرام على الصائم وغيره، ولكنها على الصائم آكد؛ لشرف العبادة، وشرف الزمان؛ وهو رمضان.

ويدل على ذلك:
أ – من الكتاب، قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]، فالحكمة من الصيام التقوى بفعل الواجبات وترك المحرمات، ومن كذب أو اغتاب أو شتم، ففعله منافٍ للتقوى.

ب- ومن السنة، حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن لم يَدَعْ قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه)).

قول الزور: الكذب، ويدخل في هذا كل قول محرم.
والعمل به: أي: العمل بالزور، وهو كل فعل محرم.
والجهل: السفاهة، وعدم الحلم، والصخب في الأسواق، والسب مع الناس.

المسألة الرابعة: ما يسن فعله أثناء الصيام:
1- الإكثار من قراءة القرآن:
ويدل على ذلك: ما جاء في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنها: ((أن جبريل كان يلقى النبي صلى الله عليه وسلم كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن)).

وكان عثمان يختم القرآن كل يوم مرة، وكان بعض السلف يختمه في قيام رمضان في كل ثلاث ليالٍ، وبعضهم في كل سبع، وبعضهم في كل عشر، وكان قتادة يختم كل سبع دائمًا، وفي رمضان كل ثلاث، وفي العشر كل ليلة، وإنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث، المقصود المداومة على ذلك، فأما الأزمان الفاضلة كرمضان والليالي التي تطلب فيها ليلة القدر، والأماكن الفاضلة كمكـة، فيستحب الإكثار من تلاوة القرآن؛ لشرف الزمان والمكان؛ [انظر: كتاب اللطائف لابن رجب الحنبلي (ص: 102)].

2- الإكثار من الصدقة:
ويدل على ذلك: حديث ابن عباس رضي الله عنهما السابق في الصحيحين: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل عليه السلام يلقاه كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ، يعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم القرآن، فإذا لقيه جبريل عليه السلام، كان أجود بالخير من الريح المرسلة)).

3- قول الصائم لمن شتمه: إني صائم:
ويدل على ذلك: حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((فإن شاتمه أحد أو قاتله، فليقل: إني امرؤ صائم))؛ [رواه البخاري].

وهل يقول ذلك جهرًا أم سرًّا؟
قيل: جهرًا في الفرض والنفل، وقيل: سرًّا لأمن الرياء.
وقيل: جهرًا في الفرض، وسرًّا في النفل لأمن الرياء.

والراجح والله أعلم: القول الأول جهرًا في الفرض والنفل، وذلك ليبين المشتوم أنه لم يرده عن مقابلة الشاتم بالرد إلا كونه صائمًا، حتى لا يستهين به الشاتم، وفيه أيضًا تذكير للشاتم أن الصائم لا يشاتم أحدًا.

ولعدم التفريق بين الفرض والنفل، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، ورجحه ابن عثيمين.

4- تأخير السحور:
السَّحور: بالفتح اسم لما يؤكل ويوضع على المائدة في السحر، والسُّحور: بالضم اسم للفعل وهو المراد هنا، وهو من أكل طعامه آخر الليل في وقت السحر، ولا يدخل في هذا من أكله في أول الليل.

ويدل على استحباب تأخير السحور:
1- ما جاء في الصحيحين من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه مرفوعًا: ((لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر))، جاء عن أبي ذر عند أحمد: ((وأخروا السحور)).

2- حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: ((تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قمنا إلى الصلاة، قلت: كم كان قدر ما بينها؟ قال: خمسين آية))؛ [متفق عليه]، قوله: ((ثم قمنا إلى الصلاة))؛ المقصود به: دخول وقت الفجر.

كل ما حصل من أكل وشرب حصلت به فضيلة السحور، وفي السحور بركة؛ كما جاء في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((تسحروا؛ فإن في السحور بركة))؛ فمن بركته:
1- الامتثال لأمر النبي صلى الله عليه وسلم؛ كما في هذا الحديث، وتحصيل هذه السنة.

2- التقوِّي على العبادة نهارًا من ذكر وقراءة وغيرها.

3- إدراك وقت النزول الإلهي؛ وهو الثلث الآخر من الليل؛ لِما فيه من إجابة الدعاء؛ كما في الحديث القدسي: ((ينزل ربنا تبارك وتعالى حين يبقى الثلث الآخر من الليل...)).

4- من أكثر الذكر والاستغفار في وقت السحر دخل في قوله تعالى: ﴿ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [الذاريات: 18].

5- مخالفة أهل الكتاب؛ كما في حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر))؛ [رواه مسلم].

6- يعين على إدراك صلاة الفجر.

5– تعجيل الفطر:
فمتى غاب قرص الشمس يسن تعجيل الفطر.

ويدل على ذلك:
1- حديث سهل رضي الله عنه السابق: ((لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر)).

2- قال ابن حجر في الفتح: "روى عبدالرزاق بإسناد صحيح عن عمرو بن ميمون الأزدي، قال: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أسرع الناس إفطارًا وأبطأهم سحورًا"؛ [ج 4، حديث 1957].

ولما في ذلك من مخالفة أهل الكتاب، فقد جاء عند أبي داود أنهم يؤخرون الفطر حتى يظهر النجم، وهو فعل الرافضة اليوم، وهذا يدل أنهم ليسوا بخير؛ كما دل على ذلك حديث سهل.

قال في الإفصاح 1/ 236: "وأجمعوا على استحباب تعجيل الفطر وتأخير السحور".

6- أن يفطر على رطب، فإن لم يجد فعلى تمر، فإن لم يجد فعلى ماء.

ويدل على ذلك: حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم تكن فعلى تمرات، فإن لم تكن حسا حسوات من ماء))؛ [رواه أبو داود والترمذي]، والفرق بين الرطب والتمر، أن الرطب لين لم ييبس، والتمر هو اليابس.

قال ابن القيم في زاد المعاد 4/ 313: "وفي فطر النبي صلى الله عليه وسلم من الصوم على الرطب أو على التمر أو الماء تدبير لطيف جدًّا، فإن الصوم يخلي المعدة من الغذاء فلا تجد الكبد ما تجذبه وترسله إلى القوى والأعضاء، والحلو أسرع شيء وصولًا إلى الكبد وأحبه إليها، ولا سيما إن كان رطبًا، فيشتد قبولها له، فتنتفع به هي والقوى، فإن لم يكن فالتمر لحلاوته وتغذيته، فإن لم يكن فحسوات من الماء تطفئ لهيب المعدة وحرارة الصوم، فتنتبه بعده للطعام وتأخذه بشهوة".

7- أن يقول الدعاء الوارد إذا أفطر:
وهو ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا أفطر: ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله))؛ [رواه أبو داود].

وأما حديث ابن عباس رضي الله عنهما: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال: اللهم لك صمنا، وعلى رزقك أفطرنا، فتقبل منا إنك أنت السميع العليم))؛ فهو حديث ضعيف، رواه الدراقطني، والطبراني، وضعفه ابن حجر في التلخيص (2/ 202).


المسألة الخامسة: أحكام في قضاء رمضان:
أ- يستحب لمن عليه قضاء من رمضان أن يقضيه متتابعًا.

وهذا قول المذهب، وهو الراجح، والله أعلم، ولو قضاه متفرقًا، أجزأ؛ لقوله تعالى: ﴿ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 184]، فالآية مطلقة بدون شرط التتابع.

واستحباب التتابع في القضاء فيه مشابهة للأداء، وأداء رمضان متتابعًا، والقاعدة: (أن القضاء يحكي الأداء)، ولأنه أسرع في إبراء الذمة، ولوروده عن كثير من الصحابة.

ب- يستحب المبادرة لمن كان عليه قضاء من رمضان بعد يوم العيد:
فالمذهب هو القول الراجح، والله أعلم: أنه يستحب قضاء رمضان على الفور؛ لأن هذا أسرع في إبراء الذمة وأحوط، ويجوز التراخي في القضاء.

ويدل على ذلك:
1- قوله تعالى: ﴿ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 184]، فالله أوجب القضاء في عدة من الأيام مطلقة، فلم تقيد بزمن، فدل ذلك على التراخي.

2- قول عائشة رضي الله عنهما: ((كان يكون عليَّ الصوم من رمضان، فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان؛ لمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم))؛ [متفق عليه].

ج- لا يجوز تأخير قضاء رمضان إلى رمضان الآخر من غير عذر.

ويدل على ذلك: حديث عائشة رضي الله عنهما السابق؛ حيث إنها كانت تؤخر قضاء رمضان إلى ما قبل رمضان الآخر في شعبان؛ لشغلها بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولو كان جائزًا لأخَّرته بعد رمضان الآخر.

مسألة: هل يجوز لمن كان عليه قضاء أن يصوم التطوع قبل القضاء؟
المذهب: لا يصح التطوع قبل القضاء، ويأثم.
والراجح والله أعلم: أنه يجوز صيام التطوع قبل الفرض؛ لأن القضاء على التراخي لا على الفور.

ويدل على ذلك:
1- قوله تعالى: ﴿ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 184].

2- حديث عائشة السابق رضي الله عنها، فهي أخرت القضاء، ومعلوم أنها كانت تصوم تطوعًا، وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم لها.

فائدة: من أراد صيام الأيام الستة من شوال، وعليه قضاء، فالأفضل أن يصوم القضاء، ثم الأيام الستة؛ حتى يحصل على ثوابها لدلالة الحديث كما سيأتي في (باب صوم التطوع) بإذن الله تعالى.

مسألة: من أخر القضاء إلى رمضان الآخر، هل يجب عليه مع القضاء الإطعام؟
المذهب: أنه يأثم، ويجب مع القضاء إطعام عن كل يوم مسكينًا.
والقول الراجح، والله أعلم: أنه يأثم ولا يجب عليه إلا القضاء.

ويدل على ذلك:
1- قوله تعالى: ﴿ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 184]، هذه الآية مطلقة شاملة لما قبل رمضان وما بعده، ولم يذكر الإطعام لمن أخر القضاء بعد رمضان، وإنما أوجب الله في هذه الآية القضاء دون الإطعام.

2- الأصل براءة الذمة وإيجاب الإطعام حكم شرعي يحتاج إلى دليل شرعي.

وأما ما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالإطعام مع القضاء لمن أخره بعد رمضان - فهو حديث رواه الدارقطني والبيهقي، وضعَّفاه.

وأما ما ورد من الآثار عن ابن عباس وأبي هريرة في الأمر بالإطعام مع القضاء، فقد يُحمل على الاستحباب، ولكن ظاهر الآية إيجاب القضاء فقط، وقول الصحابي حجة ما لم يخالف النص.

د- من مات وعليه صوم، هل يصوم عنه وليه؟
المذهب: أن هناك فرقًا بين ما أوجبه عليه الشرع، وما أوجبه هو على نفسه.

قالوا:
أ- ما وجب عليه بأصل الشرع كصيام قضاء رمضان، وصيام الكفارة، فهذا لا يُصام عنه فيه، بل يطعم عنه ولـيه عن كل يوم مسكينًا.

ب- ما أوجبه على نفسه كمن نذر أن يصوم أو يحج، فإنه يستحب لولـيه أن يقضيه عنه.

والقول الراجح والله أعلم: أن لوليه إن شاء أن يصوم عنه ما أوجبه الشرع، وما أوجبه هو على نفسه.

ويدل على ذلك:
1- حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من مات وعليه صيام صام عنه وليه))؛ [متفق عليه].

وهذا الحديث مطلق في أي صوم وكلمة (صوم) نكرة تفيد العموم في أي صوم، سواء ما وجب بأصل الشرع، أو ما أوجبه هو على نفسه.

وأما حديث ابن عباس رضي الله عنهما في الصحيحين: ((أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أمي ماتت وعليها صوم نذر، أفأصوم عنها؟ قال: نعم))، فلا يخصص حديث عائشة السابق؛ لأن حديث ابن عباس مسألة مستقلة، يسأل عنها من وقعت له وهي نادرة، وحديث عائشة قاعدة عامة في كل من مات وعليه صيام، وهذا هو الغالب، فلا يحمل الغالب على النادر، فيخصصه، وهكذا يجمع بين الحديثين، كما ذكر ذلك ابن حجر.

ويدخل في هذا من أخَّر القضاء إلى رمضان الثاني، ثم مات، خلافًا للمذهب الذين قالوا: إن هذا واجب بأصل الشرع فلا يقضى.

فائدة: صيام الولي عن الميت على وجه الاستحباب لا الوجوب، وإذا لم يصم الولي عن الميت، فإنه يطعم عن كل يوم مسكينًا.

ولكن من هو الذي إذا مات كان القضاء واجبًا عليه؟
هو الذي تمكن من القضاء؛ أي: هو الذي أدرك أيامًا يقضي فيها ثم مات، فنقول لوليه: صم عنه، أما من مات ولم يتمكن من القضاء كمن مات بعد رمضان مباشرة، أو كمن مرض بعد رمضان مباشرة لمدة معينة ثم مات، أو كمن حصل معه أي عذر يمنع إيجاب الصيام عليه حتى مات - فهذا ليس عليه قضاء، فلا يصام عنه؛ لأن الله عز وجل يقول: ﴿ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 184]، وهذا لم يدرك أيامًا أخرَ يقضي فيها.

من هو الولي؟
قيل: الولي هو القريب، وقيل: هو الوارث، وهو الأرجح والله أعلم؛ لأنه أقرب قريب له.

فائدة: يجوز لمن كان لديه عشرة أبناء – مثلًا - ومات وعليه قضاء شهر كامل أن يصوم كل واحد من الأبناء ثلاثة أيام، ولا يشترط التتابع بأن يصوم الأول ثم الثاني ثم الثالث، وإنما لو صاموا جميعًا أجزأ، إلا في الصيام الذي يشترط فيه التتابع؛ ككفارة الظهار، وكفارة من جامع في نهار رمضان، فلا بد أن يكون الصوم متتابعًا.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 66.63 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 64.95 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.51%)]