|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() قصتي غير المتوقعة الشيخ د. علي ونيس السؤال أنا فتاة ملتزمة، ومدرِّسة في مدارس تحفيظ القرآن، تقدَّم لخِطبتي العام الماضي أخو صديقتي، يبلغ من العمر 33 عامًا، قبل عشر سنين أُصيب بمرض الفشل الكلوي، ولكن أجريت له عملية زراعة، وهو الآن بوضع طبيعي، قَبِلته بعد أن شهدوا له بأخلاقه، منذ أن وافقتُ عليه تغيرتْ معاملة صديقتي معي، هي وأخواتها ووالدتها، وكأني أصبحت عدوًّا لهم؛ ولأن مكان عملي وعملها واحد، كنت أراها دائمًا وأرى الجفاء واضحًا، وعدم السلام، استمر الوضعُ مدة 9 أشهر. قابلتْ أمي والدتَهم، وسألتْ عن الوضع؛ لأن وضعي صار أشبه بالمعلَّقة، الأم تركتْ أمي وحدها وقامت، وكأنه لا يكلمها أحد، وفي نفس الأسبوع أخته تتصل وتقول: أنتم آخذون منا موقفًا، ولا تدرون ما الوضع، أخي مصاب بالكبد الوبائي c، واكتشفنا ذلك منذ 5 أشهر، ولكن لم نبلغكم على أمل شفائه، أو لحين خروج التقرير الطبي من المستشفى، ولما سألتُها: لماذا لم تبلغونا أول ما اكتشف المرض؟ قالت: نخاف أن تكذبونا. الأم تتصل بعد يومين، وتحملنا أننا أناس متعجِّلون، وكثيرو الكلام، وأن أمي كلمتها بين الناس، مع أن الكلام كان فيما بينهم، وأمي حريصة على ألا يدري أحد شيئًا عما بيننا وبينهم. هذا الكلام كله ونحن ما زلنا على البَر بدون عقد، كنت أفكر في فسخ الخطوبة قبل أن أعرف مرضه؛ بسبب قلة أدبهم معنا؛ ولكن هل إذا فسختُ الخطوبة الآن عليَّ ذنب؟ أنا أعرف أن المرض مُعدٍ جدًّا، وبماذا تنصحونني عند الفسخ؟ أقول للناس: إنه مريض، أم ما في نصيب؟ لأن أهله نشروا موضوع الخطوبة بين الناس. الرجاء الرد علي، والاهتمام بموضوعي، وجزاكم الله كل خير. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: فنسأل الله أن يبارك لك، وييسر أمرك، ويرزقك من حيث لا تحتسبين. فالذي يغلب على ظننا أن الخاطب وأهله، لم يكونوا على علم بهذا الوباء الذي أخبروك به، وأن علمهم به حصل بعد التقدم لخِطبتك، وفي هذه الحالة لا نرى عليهم شيئًا من الإثم؛ لعدم حصول المخالفة. أما إذا كان الزوج أو أهله على علم بوجود المرض المذكور، ثم كتموه عنك - فقد وقعوا في معصية، يجب عليهم التوبة إلى الله منها؛ لاشتمال الأمر على الإضرار بالآخرين، وخديعتهم، والتغرير بهم؛ وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا ضرر ولا ضرار))؛ رواه ابن ماجه وأحمد في "المسند". كما أن ذلك من الغش والخديعة، اللذين نهانا الشرع عنهما؛ فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ومَن غشنا فليس منا))؛ رواه مسلم. فإذا ثبت لديك إصابةُ الخاطب المذكورة بمرض مُعدٍ، ينتقل عن طريق المعاشرة، أو المخالطة، أو اللقاء، فيجب عليك فسخُ الخِطبة؛ حفاظًا على صحتك، فإن حفظ النفس من مقاصد الشريعة المرعية؛ وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يوردن مُمْرِضٌ على مُصِح))؛ رواه البخاري وغيره. قال ابن حجر في "الفتح": "وقوله: (لا يورد): سبب النهي عن الإيراد، خشية الوقوع في اعتقاد العدوى، أو خشية تأثير الأوهام، كما تقدَّم نظيره في حديث: ((فِرَّ من المجذوم))؛ لأن الذي لا يعتقد أن الجذام يُعْدي يجد في نفسه نفرة، حتى لو أكرهها على القرب منه، لتألمت بذلك؛ فالأَولى بالعاقل ألاَّ يتعرض لمثل ذلك؛ بل يباعد أسباب الآلام، ويجانب طرق الأوهام، والله أعلم". اهـ. وفي هذا إشارة إلى وجوب البعد عن مواطن الأذى، الذي يغلب على الظن وقوعه باللقاء، أو المخالطة، أو المعاشرة. وأما ما رواه الشيخان من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا عدوى، ولا صَفَرَ، ولا هامَةَ))، فقال أعرابي: "يا رسول الله، فما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء، فيخالطها البعير الأجرب، فيجربها؟"، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((فمَن أعدى الأول؟))، فلا مخالفة فيه للحديث السابق، وقد جمع أهل العلم بينهما، واختلفوا في هذا الجمع على أقوال كثيرة، وأقرب أقوالهم إلى الصواب هو: أن الأمراض لا تعدي بطبعها؛ بل الله هو الذي يجعلها سببًا لما ينجر عنها من الإصابة والانتقال. قال ابن حجر في "فتح الباري" ضمن ما ذكره في الجمع بين الأحاديث: "المراد بنفي العدوى أن شيئًا لا يعدي بطبعه، نفيًا لما كانت الجاهلية تعتقده أن الأمراض تعدي بطبعها من غير إضافة إلى الله، فأبطل النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتقادَهم ذلك، وأكل مع المجذوم؛ ليبيِّن لهم أن الله هو الذي يمرض ويشفي، ونهاهم عن الدنوِّ منه؛ ليبين لهم أن هذا من الأسباب التي أجرى الله العادة بأنها تُفضي إلى مسبباتها، ففي نهيه إثبات للأسباب، وفي فعله إشارة إلى أنها لا تستقل؛ بل الله هو الذي إن شاء سلبها قواها، فلا تؤثر شيئًا، وإن شاء أبقاها، فأثرت". اهـ. وإذا كان العيب المنفِّر يَثبُت به فسخ النكاح لأحد الزوجين بعد تمام العقد، فيكون ثبوت الحق في فسخ الخطبة به من باب أولى، فكيف لو كان العيب منفرًا وضارًّا في آن واحد؟ والعيب المنفر في الراجح من أقوال أهل العلم: هو ما عدَّه الناس عيبًا منفرًا؛ وذلك لأنه لم يَرِد في الشرع ما يدل على تحديد العيب الذي يُفسَخ به النكاح، وما لم يُحَدَّ من الألفاظ في الشرع، ولا في اللغة، فإنه يحد بالعُرف. ولا شك أن الأمراض المعدية من العيوب التي يفسخ بها النكاح - والخطبة من باب أولى - لأنها عيب لا يمكن معه تحقيق مقاصد النكاح، كما أنه يمنع الاستمتاع أو كمال الاستمتاع، ويؤثر على الذرية في الغالب، وهذا ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم. قال العلامة ابن القيم - رحمه الله - في "زاد المعاد": "والقياس: أن كل عيب ينفر الزوج الآخر منه، ولا يحصل به مقصودُ النكاح من الرحمة والمودة - يوجب الخيار، وهو أولى من البيع، كما أن الشروط المشترطة في النكاح أولى بالوفاء من شروط البيع، وما ألزم الله ورسوله مُغرَّرًا قط ولا مغبونًا، بما غُرِّر به، وغُبِن به، ومَن تدبَّر مقاصد الشرع في مصادره وموارده، وعدله وحكمته، وما اشتمل عليه من المصالح - لم يَخفَ عليه رجحانُ هذا القول، وقربه من قواعد الشريعة". اهـ. ونصيحتنا لك: أن يكون فسخك للخطبة بصورة غير مؤذية لهذا الخاطب، لا سيما وهو بحاجة إلى مَن يواسيه، ويخفف عنه الآلام التي يقاسيها من جراء مرضه الأول (الفشل الكلوي)، ومرضه الثاني (الكبد الوبائي c)؛ وذلك امتثالاً لقول الله - تعالى -: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة: 83]، وقوله - تعالى -: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الإسراء: 53]، وقوله - تعالى -: {وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا} [المزمل: 10]، قال ابن كثير: "يقول - تعالى - آمرًا رسولَه - صلى الله عليه وسلم - بالصبر على ما يقوله مَن كذَّبه مِن سفهاء قومه، وأن يهجرهم هجرًا جميلاً، وهو الذي لا عتاب معه". اهـ. هذا إذا كان ما ذكرتِ صحيحًا، أما إذا كان مجرد شكوك وأوهام، فلا ينبغي بناء قرار عليه؛ فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إياكم والظنَّ؛ فإن الظن أكذب الحديث))؛ متفق عليه. ودعواتنا لك بالزوج الصالح، والحياة الهانئة بطاعة الله، والانقياد لأمره.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |