زهراء والكعكة (قصة)

[ابوالوليد المسلم]

زهراء والكعكة (قصة)
عادل عبدالله أحمد محمد الفقيه


تزوَّجَت فاطمةُ وكلها أمل في تربية أبنائها تربيةً تقوم على الجدِّ والاجتهاد والعمل المتقن، تربية تقوم على الأخلاق العالية؛ على التسامُح، وعلى النَّظافة، والنظام...؛ فهي تربية أمِّها التي لم تَرحمها يومًا إن أخطأَت أو خالفَت أمرَها، أحبَّت أن يكون لها أبناء يسيرون بسيرتها وينهجون نَهجها.

دارَت الأيام، فحصلَت فاطمة على ثلاث بنات وولد؛ كانت زهراء هي قرَّة عينها الكبرى.. أرادَت فاطمة أن تجعل من زهراء فتاة تَفتخر بها على كلِّ بنات حارتها وجيرانها.

كانت الأمُّ تترك البيتَ بدون نظافة، وتخرج متناسية أمر النَّظافة؛ وحيث إنَّ زهراء مشهورةٌ بكسَلها، فلا تقوم إلَّا متأخِّرة، فإذا دخلَت المطبخ لتأكل، تخرج تاركةً كلَّ الأواني التي استعملَتها بدون نظافة، فإذا عادَت الأمُّ سألَت عن سبب إهمالها أدوات المنزل وتَركها بدون نظافة؛ فتحمِّل زهراء مسؤوليَّة البيت، فتقوم الأمُّ بتنظيف البيت؛ هذا بعد إصدار قرارٍ بحرمان زهراء مما تقوم الأمُّ بطبخه.

كانت الأم تُخرج كلَّ ما تصنع داخل المطبخ، وتترك المطبخ مفتوحًا حتى تَدخل زهراء لتَصنع لنفسها شيئًا تأكله...، هكذا كلَّما تركَت زهراء البيت بدون نظافة، حرَمَتها أمُّها؛ عقابًا لها.

كانت تتأخَّر في نومها، فتَستيقظ حاملةً حقيبتَها، متوجِّهة نحو الكليَّة، تاركةً البيت كما هو، وعند العودة تَجد زهراء البيتَ كما تركتْه في الصَّباح.

مرَّت الأيام وزهراء تَذهب إلى الكلية وتعود، وعند العودة تذهب إلى المطبخ فلا تَجد ما تأكله.

ذهبَت لغسل الأواني وتجهيز ما تأكل؛ هكذا تتعلَّم الطبخ اضطرارًا لعدم وجود ما تأكل.

خرجَت يومًا للكلية، وبينما الطالبات في القاعة دخلَت مجموعةٌ من الفتيات إلى القاعة، استأذنَّ الدكتور لأخذ مجموعة من الطَّالبات لمسابقة صُنع كعكة العيد، فمَن تفوز في تجهيز أفضل قطعة كعك، ستَحصل على دِرع أَمهر طبَّاخة في الجامعة...

خرجَت الفتيات وخرجت زهراء من ضمن الطالبات، وهناك أبدعَت زهراء في صنع أفضل كعك وألذه طعمًا.

وبعد يوم من صنع كعكة العيد، تقدَّمَت إدارة الجامعة بتقديم أفضل درع لأفضل طبَّاخة في الجامعة؛ ألا وهي الطالبة زهراء.

وفي يوم من الأيام خرجَت الأمُّ كالعادة، ولم تنظِّف البيت، ولم تأخذ مخلَّفات الأكل، عادَت من عملها فوجدت البيتَ في أحسن حال، ووجدت الأكل جاهزًا...

قالت زهراء: لقد حصلت على أفضل طبَّاخة في الجامعة، كل هذا بفضلك يا أمِّي؛ فقد تعلَّمتُ منكِ كلَّ أنواع النِّظام، تعلَّمتُ منكِ فنَّ الطبخ، تعلَّمتُ الجدَّ والاجتهاد، كنتُ أكثر بناتك كسلًا في دراستي، وفي ترتيب مكتبي، وتنظيف البيت، فكان عقابك مجرد درسٍ لن أنساه...

وفي اليوم الثاني قدَّم مديرُ الكليَّة درعَ أفضل طباخة للطالبة زهراء، فصفَّق لها الجميع.