إني حائرة في اختيار شريك الحياة..!

[ابوالوليد المسلم]

إني حائرة في اختيار شريك الحياة..!
أ. عائشة الحكمي





السؤال

أرسلتُ لكم مِن قبل أنَّني عَرَفْت شخصًا عن طريق "الإنترنت"، وهو يُقِيم في السعودية بِحُكم عمَلِه، والآن رَجَعَ إلى مصر وَيُرِيد أن يَتقدَّم لي ويخطبني مِن أهلي، مع العلم أنَّ هناك عريسًا آخر تقدَّم لي، وأرسلتُ لكم عنه مِن قَبل بعنوان: (تقدَّم لي عريسٌ)؛ فأرسلتُمُ الرَّدَّ أنَّهُ إنسانٌ مُكافح، وأنا الآن حائرة: على مَن فيهم أوافق؟!


مع العلم أنَّ العريس الأول سوف يأخذني معه إلى السعودية بحكم عمله هناك أيضًا..


كما أنَّ عريس السعودية الثاني إمكانيَّاته أحسن مِن العريس الأوَّل..


أفيدوني..!


الجواب

عزيزتي، أشكرُكِ على تواصُلِكِ وثقتِكِ بِموقع (الألوكة)، وأتَمنَّى أن تبدِّد إجابَتِي كلَّ الحيرة المحيطة بِموضوع اختيارِكِ لشَرِيكِ حَيَاتِكِ.


بدايةً، ثَمَّة نِقاطٌ رئيسيَّة يَجب أن تأخذيها بعين الاعتبار قبل أن نتباحَث فِي الموضوع:

1) عليكِ أن تُحدِّدي الصفات التي ترغبِين بها أنتِ في رجل أحلامك.

2) تذكَّري أنَّ قرار الزواج مَرجِعُه الأوَّل والأخير لكِ أنتِ فقط!

3) ثقي بالاستخارة والدُّعاء؛ فإنهما خير من ألف استشارة.

أمَّا فيما يتعلَّق بمعايير اختيار شريك الحياة، التي يمكنك الاعتماد عليها في اتخاذ قرارك، فهي المعايير الشرعيَّة التي وردتْ عن المصطفى صلى الله عليه وسلم.


• المعايير الشرعية:

أ- المعايير الأساسية: (الخلُق والدِّين):

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا خطب إليكم مَن تَرضَونَ دِينَه وخُلُقَه، فَزَوِّجوهُ؛ إلاَّ تَفعَلوا تَكُن فِتنَة فِي الأرْضِ وَفَسَادٌ عَريض)) رواه التِّرمذِي.


ب- معاييرُ أُخْرَى ثانويَّة وردتْ مُتَفرِّقة:

• عن أبي بكر بن أبي الجهم بن صخير العدوي؛ قال: سمعت فاطمة بنت قيس تقول: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا حللتِ فآذنيني)) فآذنتُه، فخطبها معاوية وأبو الجهم بن صخير وأسامة بن زيد، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أما معاوية فرجل ترب، لا مال له، وأمَّا أبو الجهم فرجُلٌ ضرَّاب للنساء، ولكِنْ أسامة)). فقالت بيدها هكذا: أسامة.. أسامة.. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((طاعة الله وطاعة رسوله خَيْرٌ لك))، قالت: فتَزَوَّجتُه فاغتبطْتُ به. رواه ابنُ ماجه.


• عن عبد ربه بن سعيد بن قيس عن أبي سلمة بن عبدالرحمن قال سئل ابن عباس وأبو هريرة عن المتوفَّى عنها زوجُها وهي حامل فقال ابن عباس: آخر الأجلين، وقال أبو هريرة: إذا ولدت فقد حلت، فدخل أبو سلمة على أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - فسألها عن ذلك، فقالت ولدت سبيعة الأسلمية بعد وفاة زوجها بنصف شهر، فخطبها رجلان: أحدهما شاب، والآخر كَهْل، فخطبت إلى الشاب، فقال الكهل: لم تحلل، وكان أهلها غيبًا، ورجا إذا جاء أهلها أن يؤثروه بها فجاءت رسول - الله صلى الله عليه وسلم - فقال: ((قد حللت فانكحي من شئت)) رواه الشافعي.


• عن عبدالله بن بريدة عن أبيه رضي الله تعالى عنه قال: خطب أبو بكر وعمر فاطمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنها صغيرة)) فخطبها عليٌّ فزوَّجَها. حديث صحيح على شرط الشيخين، (وقد كان عليٌّ أصغرَهم سنًّا، وأقربَهم نَسَبًا، ولم يكن قد تزوَّج بعدُ).


كوني صادقة مع نفسك، وامنحيها الوقت الكافي لتتخذي قراراتِكِ بهدوء وروية وتعقل، فأنا ومن موقعي لن أستطيعَ الحكم على هذين الرجلين، خصوصًا من ناحية الرجل الذي يقيم في السعودية؛ فكونُه مقتدرًا ماديًّا ليس كافيًا للحكم على مدى كفاءته وأهليته ليكون زوجًا لكِ، كما أنَّ بُعْدَه الجغرافي قد يمثل عائقًا لكم للسؤال عنه والبحث في خلفيَّتِه العلمية والعملية والاجتماعية والدينية، أمَّا الرجل الأوَّل فلا أعلم لماذا أشْعُر من كلامِك عنه أنكِ تحاولين إقناعي – وإن كان بطريقة لا شعورية منكِ - بأنَّه غيْرُ كفء لكِ! إن كنتِ - يا عزيزتي - لا تميلين لهذا الرجل فلا تطيلي فترة الخطوبة معه؛ كيلا يتعلَّق بأمل كاذب، فكما هو من حقك أن تبحثي عن رجل مناسب، فمن حقه هو أيضًا أن يبحث عن امرأة مناسبة، أليس كذلك؟!


لكن إذا مال قلبك لأحدهما فأظن أنَّ فترة 3 شهور بعد عقد القران ستكون كافية لتكتشفي بنفسك إن كنت قادرة على الاستمرار مع هذا الرجل أو لا!


إذا وقع اختيارك على الرجل الأوَّل عندئذٍ سأجيبُك على سؤالك: كيف تتعاملين مع هذا الرجل الذي ينتمي إلى بيئة شعبيَّة أقل منك؟


أما الآن فيجب أن تُصَفِّي ذهنك وتَهزمي صراعاتِك لتحدِّدِي أيَّ الرجلين هو الأب المثالي لأبنائِك مستقبلاً؟


استخيري مرة واثنتين وثلاثًا، وردِّدي دائما هذه الأدعية:


"اللهم رضني بقضائك حتى لا أحب تأخير أمر قدمته، ولا تعجيل أمر أخَّرْتَه".

"اللهم ارزقني رجلاً صالِحًا تقيًّا نقيًّا مخموم القلب".

ومعنى "مَخمُوم القلب" أيْ: مرهَف الحس، حنون، ينزل إلى مَدارِج النساء.


بانتظار قرارك..


وفَّقَكِ الله، وهداك إلى ما يحبُّه ويرضاه عنك..!!