ثناء الأنبياء على الله تعالى (1) ثناء نوح عليه السلام على ربه سبحانه - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5123 - عددالزوار : 2410992 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4712 - عددالزوار : 1720888 )           »          المبسوط فى الفقه الحنفى محمد بن أحمد السرخسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 579 - عددالزوار : 24276 )           »          كيفية إزالة الصور من النسخ الاحتياطى فى صور جوجل دون حذفها من الجهاز (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          تحديث كبير لتليجرام يتيح دمج هاتفك بجهاز التليفزيون.. أعرف التفاصيل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          طريقة تشغيل ChatGPT بلمسة واحدة على ايفون 16.. خطوات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          حماية اللاب توب من السرقة.. 8 خطوات أساسية لتأمين جهازك وبياناتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          إزاى ترجع اللاب توب المسروق أو الضائع.. خطوات بسيطة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          تحديث جديد لواتساب .. إنشاء أيقونات المجموعات بالذكاء الاصطناعى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          لمستخدمى واتساب.. كيف تحمى بياناتك عند تغيير موبايلك؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-04-2021, 10:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,717
الدولة : Egypt
افتراضي ثناء الأنبياء على الله تعالى (1) ثناء نوح عليه السلام على ربه سبحانه

ثناء الأنبياء على الله تعالى (1) ثناء نوح عليه السلام على ربه سبحانه
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل





﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ * هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ * وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ [الْأَنْعَامِ: 1-3]، نَحْمَدُهُ كَمَا يَنْبَغِي لِجَلَالِهِ وَعَظِيمِ سُلْطَانِهِ، وَنَشْكُرُهُ عَلَى نِعَمِهِ وَآلَائِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ الرَّبُّ الرَّحِيمُ الْحَلِيمُ الْغَنِيُّ الْكَرِيمُ، وَالْإِلَهُ الْعَلِيمُ الْقَوِيُّ الْقَدِيرُ الْمَتِينُ، مَا قَدَرَهُ النَّاسُ حَقَّ قَدْرِهِ، وَلَا عَبَدُوهُ حَقَّ عِبَادَتِهِ، وَهُوَ الْعَفُوُّ الْغَفُورُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ كَانَ كَثِيرَ الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، وَكَانَ يَذْكُرُهُ فِي كُلِّ أَحْيَانِهِ، فَلَا يَفْتُرُ لِسَانُهُ عَنْ ذِكْرِهِ وَشُكْرِهِ وَاسْتِغْفَارِهِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاذْكُرُوهُ وَاشْكُرُوهُ، وَتَأَسَّوْا بِرُسُلِهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ فِي الثَّنَاءِ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ؛ فَإِنَّ دُنْيَاكُمْ وَأُخْرَاكُمْ بِيَدِهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِنَّ مَصِيرَكُمْ وَمَرْجِعَكُمْ إِلَيْهِ، وَإِنَّ حِسَابَكُمْ وَجَزَاءَكُمْ عَلَيْهِ، فَعَلِّقُوا بِهِ الْقُلُوبَ، وَأَكْثِرُوا لَهُ الْمَدَائِحَ وَالنُّعُوتَ؛ فَهُوَ سُبْحَانُهُ يُحِبُّ الْمَدْحَ وَالثَّنَاءَ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللَّهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ مَدَحَ نَفْسَهُ...» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

أَيُّهَا النَّاسُ: مَنْ قَرَأَ قَصَصَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ؛ فَإِنَّهُ يَلْفِتُ انْتِبَاهَهُ كَثْرَةُ ثَنَائِهِمْ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، وَتَكْرَارُهُمْ لِصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ الَّتِي يُمْدَحُ بِهَا.

وَأَوَّلُ الرُّسُلِ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَهُوَ مِنْ أُولِي الْعَزْمِ، وَمَكَثَ يَدْعُو قَوْمَهُ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا، وَكَانَ فِي مُنَاجَاتِهِ لِرَبِّهِ كَثِيرَ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ، كَمَا كَانَ يُثْنِي عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ فِي دَعْوَتِهِ لِقَوْمِهِ. وَقَدْ وَصَفَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالشُّكْرِ، وَمِنْ شُكْرِهِ لِرَبِّهِ سُبْحَانَهُ كَثْرَةُ ثَنَائِهِ عَلَيْهِ: ﴿ ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا [الْإِسْرَاءِ: 3]. عَنْ سَعْدِ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيِّ قَالَ: «إِنَّمَا سُمِّيَ نُوحٌ عَبْدًا شَكُورًا؛ لِأَنَّهُ كَانَ إِذَا أَكَلَ وَشَرِبَ حَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

وَمِنْ ثَنَاءِ نُوحٍ عَلَى رَبِّهِ سُبْحَانَهُ: صَدْعُهُ فِي قَوْمِهِ بِأُلُوهِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَوُجُوبِ إِفْرَادِهِ بِالْعِبَادَةِ دُونَ سِوَاهُ ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [الْمُؤْمِنُونَ: 23].

وَمِنْ ثَنَائِهِ عَلَى رَبِّهِ سُبْحَانَهُ: إِعْلَانُهُ بِرُبُوبِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْعَالَمِينَ، وَإِقْرَارُهُ لِقَوْمِهِ بِأَنَّهُ رَسُولٌ نَاصِحٌ يُبَلِّغُ رِسَالَتَهُ، وَعِنْدَهُ مِنَ الْعِلْمِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَبِعَظَمَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَقُوَّتِهِ مَا لَا يَعْلَمُهُ قَوْمُهُ: ﴿ قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ [الْأَعْرَافِ: 61- 62].

وَمِنْ ثَنَائِهِ عَلَى رَبِّهِ سُبْحَانَهُ: نَفْيُهُ عِلْمَهُ لِلْغَيْبِ، وَإِقْرَارُهُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَعْلَمُهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِ النَّاسِ، وَإِثْبَاتُهُ الْإِرَادَةَ الْكَوْنِيَّةَ لِلَّهِ تَعَالَى، فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ فِي الْكَوْنِ إِلَّا بِأَمْرِهِ حَتَّى الاهْتِدَاءُ وَالضَّلَالُ ﴿ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ [هُودٍ: 31]. إِلَى أَنْ قَالَ: ﴿ وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [هُودٍ: 34].

وَمِنْ ثَنَائِهِ عَلَى رَبِّهِ سُبْحَانَهُ: وَصْفُهُ إِيَّاهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالْمَغْفِرَةِ لِمَنِ اسْتَغْفَرَهُ، وَتَعْدَادُهُ نِعَمَهُ سُبْحَانَهُ عَلَى خَلْقِهِ، مَعَ بَيَانِ جُمْلَةٍ مِنْ مَظَاهِرِ قُدْرَتِهِ تَعَالَى؛ كَإِنْزَالِ الْمَطَرِ، وَإِنْبَاتِ الزَّرْعِ، وَالْإِمْدَادِ بِالْأَمْوَالِ وَالْبَنِينَ، وَخَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِينَ، وَالْبَعْثِ وَالنُّشُورِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَظَاهِرِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَنِعْمَتِهِ عَلَى خَلْقِهِ: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا * مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا * أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا * وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا * وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا * ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا * وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا * لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا [نُوحٍ: 10-20].

وَمِنْ ثَنَائِهِ عَلَى رَبِّهِ سُبْحَانَهُ: وَصْفُهُ إِيَّاهُ سُبْحَانَهُ بِالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ وَالْقُدْرَةِ: ﴿ وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ [هُودٍ: 41]، وَلَمَّا زَعَمَ ابْنُهُ الْكَافِرُ أَنَّهُ يَعْتَصِمُ بِالْجَبَلِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ تَعَالَى بَيَّنَ لَهُ قُدْرَتَهُ سُبْحَانَهُ وَقَالَ: ﴿ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ ﴾، فَكَانَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ: ﴿ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ [هُودٍ: 43].

وَمِنْ ثَنَائِهِ عَلَى رَبِّهِ سُبْحَانَهُ: أَنَّهُ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى نَجَاتِهِ وَالْمُؤْمِنِينَ مَعَهُ مِنْ شَرِّ الظَّالِمِينَ، وَسَأَلَهُ نُزُولًا مُبَارَكًا، مُثْنِيًا عَلَيْهِ بِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ يُنْزِلُ ضَيْفًا مُنْزَلًا فَإِنَّمَا يُنْزِلُهُ عَلَى قَدْرِ جِدَّتِهِ وَكَرَمِهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْغَنِيُّ الْكَرِيمُ: ﴿ فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ [الْمُؤْمِنُونَ: 28- 29].

وَمِنْ ثَنَائِهِ عَلَى رَبِّهِ سُبْحَانَهُ: أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا أَدْرَكَتْهُ عَاطِفَةُ الْأُبُوَّةِ، وَدَعَا رَبَّهُ سُبْحَانَهُ بِنَجَاةِ ابْنِهِ الْكَافِرِ أَثْبَتَ أَنَّ وَعْدَهُ سُبْحَانَهُ حَقٌّ، وَأَنَّ الْحُكْمَ لَهُ عَزَّ وَجَلَّ. ثُمَّ لَمَّا وَعَظَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي ابْنِهِ الْكَافِرِ، وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَا يَنْجُو أَثْنَى عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالْعِلْمِ، وَتَعَوَّذَ أَنْ يَسْأَلَهُ مَا لَيْسَ لَهُ بِهِ عِلْمٌ، وَأَقَرَّ بِقُدْرَتِهِ سُبْحَانَهُ عَلَيْهِ، وَأَعْلَنَ افْتِقَارَهُ إِلَيْهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَمَا أَعْظَمَهُ مِنْ أَدَبٍ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى! وَمَا أَجَلَّهُ مِنْ ثَنَاءٍ عَلَيْهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ نَبِيٍّ عَلِيمٍ كَرِيمٍ ﴿ وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ * قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ * قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ [هُودٍ: 45- 47].

فَكَانَ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِكَثْرَةِ ثَنَائِهِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مُسْتَحِقًّا تَزْكِيَةَ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ، وَسَلَامَهُ عَلَيْهِ، وَاسْتِجَابَتَهُ لِدُعَائِهِ، وَإِنْجَاءَهُ مِنْ قَوْمِهِ، وَإِبْقَاءَ ذِكْرِهِ، وَجَعْلَ الْأَنْبِيَاءِ اللَّاحِقِينَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ، وَهَذِهِ آثَارٌ جَمِيلَةٌ، وَمَآثِرُ جَلِيلَةٌ؛ جَزَاءَ تَعْظِيمِهِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَكَثْرَةِ ثَنَائِهِ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ، وَدَعْوَتِهِ النَّاسَ إِلَى دِينِهِ عَزَّ وَجَلَّ ﴿ وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ * وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ * وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ * إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ [الصَّافَّاتِ: 75-81].

فَحَرِيٌّ بِكُلِّ مُؤْمِنٍ أَنْ يُكْثِرَ مِنَ الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، وَأَنْ يَلْهَجَ بِحَمْدِهِ وَشُكْرِهِ عَلَى آلَائِهِ وَنِعَمِهِ ﴿ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [الْجَاثِيَةِ: 36- 37].

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...


الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَأَثْنُوا عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ؛ فَهُوَ سُبْحَانُهُ أَهْلُ الثَّنَاءِ كُلِّهِ، وَأَهْلُ الْمَجْدِ كُلِّهِ: ﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ * هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [غَافِرٍ: 64- 65].

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: يَجِبُ عَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يَتَعَلَّمَ الْأَدَبَ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى، وَالثَّنَاءَ عَلَيْهِ مِنْ قِرَاءَتِهِ لِسِيَرِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ؛ فَإِنَّهُمْ أَعْلَمُ الْخَلْقِ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَأَتْقَاهُمْ لَهُ، وَأَكْثَرُهُمْ أَدَبًا مَعَهُ، وَقَدْ نُقِلَ فِي الْقُرْآنِ ثَنَاءٌ كَثِيرٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى صَدَرَ مِنْ مَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَهُمْ أَفَاضِلُ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى.

وَكَذَلِكَ كَانَ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرَ الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، وَفِي غَزْوَةِ أُحُدٍ حَيْثُ الْهَزِيمَةُ وَالْجِرَاحُ وَمَوْتُ الْأَحِبَّةِ وَالْأَصْحَابِ؛ لَمْ يَتْرُكِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثَّنَاءَ عَلَى رَبِّهِ سُبْحَانَهُ؛ فَرَغْمَ مَا أَصَابَهُمْ فَإِنَّ رَبَّهُمْ سُبْحَانَهُ مُسْتَحِقٌّ لِلثَّنَاءِ، رَوَى عُبَيْدُ بْنُ رِفَاعَةَ الزُّرَقِيُّ قَالَ: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ وَانْكَفَأَ الْمُشْرِكُونَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اسْتَوُوا حَتَّى أُثْنِيَ عَلَى رَبِّي، فَصَارُوا خَلْفَهُ صُفُوفًا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كُلُّهُ، اللَّهُمَّ لَا قَابِضَ لِمَا بَسَطْتَ، وَلَا بَاسِطَ لِمَا قَبَضْتَ، وَلَا هَادِيَ لِمَا أَضْلَلْتَ، وَلَا مُضِلَّ لِمَنْ هَدَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُقَرِّبَ لِمَا بَاعَدْتَ، وَلَا مُبَاعِدَ لِمَا قَرَّبْتَ، اللَّهُمَّ ابْسُطْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِكَ وَرَحْمَتِكَ وَفَضْلِكَ وَرِزْقِكَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.

وَيَقْرَأُ الْمُؤْمِنُ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرًا قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [الْبَقَرَةِ: 105]، وَقَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ [الْبَقَرَةِ: 251]، وَقَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [آلِ عِمْرَانَ: 152]. فَأَيْنَ هُوَ ثَنَاءُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ هَدَاهُمْ لِلْإِيمَانِ، وَعَلَّمَهُمُ الْقُرْآنَ، وَفَضَّلَهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الْأَنَامِ؟! وَإِذَا كَانَ اللَّهُ تَعَالَى ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ، وَذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ، وَذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، فَوَاجِبٌ عَلَيْهِمْ أَنْ يُقِرُّوا بِفَضْلِهِ سُبْحَانَهُ، وَأَنْ يُكْثِرُوا مِنَ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ، فَلَا يُذْكَرُ سُبْحَانَهُ إِلَّا مُعَظَّمًا، وَيُذْكَرُ تَعَالَى فِي مَوَاضِعِ التَّعْظِيمِ، وَيُنَزَّهُ ذِكْرُهُ سُبْحَانَهُ عَنِ اللَّغْوِ وَاللَّهْوِ وَالْعَبَثِ، وَكَثْرَةُ ذِكْرِهِ وَتَسْبِيحِهِ وَتَحْمِيدِهِ وَتَهْلِيلِهِ وَتَكْبِيرِهِ ثَنَاءً عَلَيْهِ ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ [الْبَقَرَةِ: 152].

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 61.79 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 60.12 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.71%)]