الحياة الشعرية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         من هم أهل السنة والجماعة . خصائص وصفات أهل السنة والجماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          فواصل للمواضيع . (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 19 - عددالزوار : 85 )           »          نصيحة للزوجين فى حل كثير من المشاكل اليومية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          الى كل زوجة سريعة الغضب من زوجها ؟؟؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          من علّم علما فعُمل به فله مثل أجر كل من عَلِمه من طريقه وعمل به إلى يوم القيامة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          ماذا تقول اذا اخطأت أثناء جلوسك مع الناس؟؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          احوال الامساك مع الاذان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          حدود نظر الخاطب الى مخطوبته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          شرح حديث (..فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه..) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-04-2021, 01:53 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,102
الدولة : Egypt
افتراضي الحياة الشعرية

الحياة الشعرية


مصطفى لطفي المنفلوطي






لولا الحياة الشعرية التي يحياها الناس - أحيانًا - لسَمُج في نظرهم وجهُ الحياة الحسيَّة، ومرَّ مذاقها في أفواههم، حتى ما يَغتبط حيٌّ بنعمة العيش، ولا يكره ميت طلعةَ الموت!



لذلك نرى كلَّ حي يَهربُ من الحياة الحسيَّة جِدَّ الهرب، لاجئًا إلى الحياة الشعرية من أي باب من أبوابها؛ لأنه يرى في هذه ما لا يراه في تلك، مما يريح فؤادَه، ويُثلِجُ صدره، وينفي عن نفسه السآمةَ والضَّجَر من صنوف المناظر، وأفانين المشاهد، وغرائب المؤتلفات، وعجائب المختلفات.



لولا حبُّ الناس الحياةَ الشعرية لَمَا وُجِد فيهم كثيرٌ من المُولَعين بتخدير أعصابهم؛ كشاربي الخمر، ومدخِّني الحشيشة والأفيون، وهي وإن كانت في نظرهم حياةَ سعادةٍ يتخلَّلُها شقاء، إلا أنها عندهم خيرٌ من حياةِ شقاء لا تتخلَّلُها سعادة، ولولا حبُّ الحياة الشعرية لَما وجد في الناس هذا الجمُّ الغفير من الشعراء المتخيلين، والمتصوفة المتهوسين.



لا يَجِدُ السكِّير لذةَ العيش وهناءَه إلا إذا أسلم نفسه إلى كأس الشراب، فنقله من هذا العالَم البسيط المحدود إلى عالمٍ هائل غريب، يرى فيه كلَّ ما تشتهي نفسُه أن يراه، فإن كان قبيحَ الوجه مُشوَّه الخلق تخيَّل أنه شرَك الأبصار، وفتنة النظار، وأن القلوب مُحلِّقة على جماله تحليقَ الأطيار على الأشجار، وإن كان وضيعًا حقيرًا، لا يَملِكُ فِلْسًا، توهَّم أنه جالس على كرسي الملك، والصَّوْلجانُ في يمينه، والتاج فوقَ رأسه، واعتقد أن عبيد الله عبيدُه، وجنودَ الحكومة جنودُه، حتى الجندي الذي يسحبُه على وجهه إلى السجن.



وبالجملة لا تقعُ عينه على ما يحزنُه من المنظورات، ولا تسمعُ أذنه ما يُنفِّره من المسموعات، حتى لَيرى الجمالَ الباهر في وجه العجوز الشمطاء، ويسمع في صوت الرعد القاصفِ ألحانَ الغناء.



ولا يشعر الصوفيُّ بنعيم الحياة إلا إذا جنَّ الليل، وأوى إلى معبده، وخلا بنفسه، فتخيَّل أن له أجنحةً من النور؛ كأجنحة الملائكة، يطير بها في فضاء السماء، فيرى الجنة والنار والعرش والكرسي، ويسمع صريرَ قلمِ القدرة في اللوح المحفوظ، ويقرأ في أمِّ الكتاب حديثَ ما كان وما يكون وما هو كائن.



ولا يستفيقُ الشاعرُ من هموم الدنيا وأكدارها، ومصائبها وأحزانها، إلا إذا جلس إلى مكتبه وأمسك بيَراعِه، فطار به خيالُه بين الأزهار والأنوار، وتنقَّل به بين مسارح الأفلاك، ومسابح الأسماك، ووقف به تارةً على الطُّلول الدَّوارِسِ يَبكي أهلَها النازحين وقُطَّانَها المفارقين، وأخرى على القبور الدوائر يَندب جسومَها الباليات، وأعظُمَها النَّخِرات!



ليس الأملُ إلا بابًا من أبواب الحياة الشعرية، ولا يمكن أن يوجد بين قلوب البشر قلبٌ لا يخفق بالآمال؛ فالأملُ هو الحياة الشعرية العامة التي يشترك في العيش فيها جميع الناس: أذكياء وأغبياء، فُهماء وبلداء، والأمل هو السدُّ المنيع الذي يعترض في سبيل اليأس، ويقف دونَه أن يتسرَّب إلى القلوب، ولو تسرَّب إليها لزهِدَ الناسُ العيش في هذه الحياة الحسيَّة التي لا قيمة لها في أنظارهم، ولا لذَّة لها في نفوسهم، ولَطلبوا الفِرارَ منها إلى الموت؛ تسليًا بالتغيُّر والانتقال، وتلذُّذًا بالتحول من حال إلى حال.



يقولون: أشقى الناس في هذه الحياة العقلاءُ، ويقولون: ما لذة العيش إلا للمجانين.

أتدري لماذا؟

لأن نصيب الأولين من الحياة الشعرية أضعفُ من نصيب الآخرين؛ وذلك أن عقلَ العاقل يحول بينه وبين استمرار الطيران في فضاء الخيالات الذهنية والمغالطات الشعرية، فلا يرى سوى ما بين يديه من المحسوسات، ويَمنَعُه علمُه بأحوال الدنيا وشؤونها ومعرفتُه أن الهموم والأحزان لازمةٌ من لوازمها لا تنفك عنها - أن يُؤمِّلَ منها ما ليس في طبيعتها؛ من دوام السعادة، واستمرار السرور والهناء، فلا يطلبُ سَعَة العيش من وراء الأمل كبقية المؤمِّلين، ولا يتلذَّذُ بتصديق ما لا يكون تلذذ المجانين.



والحق أقول: لولا الحياةُ الشعرية التي أحياها - أحيانًا - في هذه النظرات لأحبَبْتُ - زهدًا في الحياة الحسية - أن تطلع الشمس من مغربها، ولو قامت القيامة بعد ذلك، ولتَمنَّيْتُ - حبًّا في الانتقال من حال إلى حال - أن أنتقل ولو إلى رحمة الله.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 51.26 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 49.55 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (3.33%)]