النيّات في قراءة القرآن الكريم - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4976 - عددالزوار : 2094765 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4555 - عددالزوار : 1369903 )           »          روائع قرآنية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 28 - عددالزوار : 228 )           »          ‏تأملات في آيتين عجيبتين في كتاب الله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 374 )           »          الكلمة الطيِّبة (لا إله إلا الله ) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          أسد بن الفرات بن سنان رحمة الله فاتح صقلية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          صدق الله فصدقه الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          لماذا التأريخ بالهجرة لا بغيرها؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          الهجرة النبويّة فن التخطيط والإعداد وبراعة الأخذ بالأسباب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          معاهدة محمد الثالث مع ملك فرنسا لويس الخامس عشر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير > هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن
التسجيل التعليمـــات التقويم

هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26-02-2021, 08:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,025
الدولة : Egypt
افتراضي النيّات في قراءة القرآن الكريم

النيّات في قراءة القرآن الكريم(1)



الشيخ.محمد الحمود النجدي

تعظيم النيات واستحضارها تجارة قلوب الصالحين من الصحابة والتابعين والعلماء الربانيين؛ فإنهم كانوا يعملون العمل الواحد ولهم فيه نياتٌ كثيرة

عدد أحرف القرآن الكريم (340740) حرفاً وكل حرف بحسنة والحسنة بعشر أمثالها، فإذا ختمت ختمة واحدة سوف تحصل على أجر يساوي : 340740× 10= 3407400 ثلاث ملايين وأربع مائة وسبعة آلاف وأربع مائة حسنة



رمضان هو شهر القرآن، كما قال الله تعالى: {شهرُ رمضانَ الذي أُنزلَ فيه القرآنُ هدىً للناسِ وبيناتٍ من الهُدى والفُرقان} (البقرة: 185)، وقال تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}(القدر: 1)، وفضائل القرآن الكريم عديدة ومتنوعة، ومزاياه كثيرة، وعطاياه واسعة مجيدة؛ فما نيتك أيها المسلم وأنت تقرأ القرآن العظيم؟! وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنما الأعمالُ بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى « رواه البخاري ومسلم.

واعلم أن تعظيم النيات واستحضارها، هي تجارة قلوب الصالحين، من الصحابة -رضي الله عنهم- والتابعين لهم بإحسان، والعلماء الربانيين، فإنهم كانوا يعملون العمل الواحد ولهم فيه نياتٌ كثيرة، يحصل لهم بها أجورٌ عظيمة على كل نية؛ فعندما تتعدد النيات على العمل الواحد، والطاعة الواحدة، يتضاعف الأجر، وتكثر المثوبة، فتكسب أجراً على كل نيه تنويها على العمل الواحد الذي تؤديه مرة واحدة، وقال الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى-: «النيِّة أبلغ من العمل» .

وهذه بعض النيات، التي يَحسن أنْ نَنْويها عند قراءة القرآن الكريم:

رجاء الشفاعة


- بقراءة القرآن الكريم، وتلاوته وتدبره، نرجو الله -تعالى- أن يُشفّعه فينا وفي أهلينا ، يوم لا يشفع أحدٌ عنده إلا بإذنه ، كما قال سبحانه: {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه}(البقرة: 254)، والقرآن له شفاعة لأصحابه يوم القيامة، كما صحَّت الأحاديث الكثيرة في ذلك ، منها:

- حديث أبي أمامة الباهلي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : «اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه. اقرؤوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران، فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غَمامتان - أو كأنهما غيايتان أو كأنهما فرقان - من طير صواف تحاجان عن أصحابهما، اقرؤوا سورة البقرة، فإنَّ أخذها بركة وتركها حسرة، ولا يستطيعها البطلة». رواه مسلم .

- وعن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم : «القرآن شافعٌ مُشفَّع، وماحلٌ مصدَّق ، مَنْ جعله أمامه، قاده إلى الجنة، ومَن جعله خلف ظهره، ساقه إلى النار». رواه ابن حبان في الموارد (ص 443) والطبراني (10/244) وغيرهما .

- وإذا اجتمع القرآن والصيام، كانت الشفاعة للعبد أعظم، كما صح في الحديث: عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي ربّ منعته الطعام والشهوات بالنهار، فشفّعني فيه، ويقول القرآنُ-: منعتُه النومَ بالليل فشفّعني فيه، قال: فيشفعان، الحديث أخرجه أحمد -رحمه الله- (2 /174) ومحمد بن نصر المروزي في (قيام الليل) ( ص25) ، والحاكم (1 /554) .

زيادة الحسنات وتكثيرها


- ننوي بقراءة القرآن زيادة الحسنات وتكثيرها، فعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَنْ قرأ حرفاً من كتاب الله فله حسنةٌ ، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقولُ الم حرف، ولكن ألفٌ حرف ، ولامٌ حرف ، وميمٌ حرف». رواه الترمذي .

فإذا كان عدد أحرف القرآن الكريم (340740) حرفاً تقريبا؛ فسوف تحصل على أجر عظيم إذا أنت ختمتَ القرآن مرة واحدة، فكل حرف بحسنة، والحسنة بعشر أمثالها، وهذا يعنى أنك سوف تحصل على أجر يساوي: 340740× 10= 3407400 ثلاث ملايين وأربع مائة وسبعة آلاف وأربع مائة حسنة، وهذا لختمة واحدة فقط فكيف بك إذا ختمته في كل شهر مرة، وهذا يعنى أنك ستختم القرآن اثنتا عشرة مرة في العام، وأنك سوف تنال من الأجر بإذن الله 3407400×12= 40888800 أربعين مليونا وثماني مائة وثمانية وثمانين ألفاً وثماني مائة حسنة .

وبعد أن علمت هذا الأجر العظيم، فيا ترى كم سيكون نصيبك من القرآن وأجوره المباركة العظيمة؟ وكم ستعطيه من وقتك ؟!، وكما قال الله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ} (فاطر :30 ).

احتساب النجاة من النار


- نحتسب في قراءته النَّجاة من النار، ومن زُحزح عن النار، وأُدخل الجنة فقد فاز، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لو جُمع القرآن في إهَابٍ ، لم يَحرقه الله بالنار». رواه الدارمي في سننه (2/522) وصححه الألباني .

قال ابن الجوزي رحمه الله : فقوله: «لو جُعل القرآن في إهاب ما احترق» المعنى: أنَّ حافظ القرآن ممتنع من النار غريب الحديث (1/48)، وقال ابن الأثير -رحمه الله-: ومنه الحديث: «لو جعل القرآن في إهاب ثم ألقى في النار ما احترق». قيل : كان هذا معجزة للقرآن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كما تكون الآيات في عصور الأنبياء .

وقيل المعنى: مَن علّمه الله القرآن لم تَحرقه نار الآخرة ، فجعل جسم حافظ القرآن كالإهاب له . النهاية في غريب الأثر (1/83) .

احتساب ارتقاء الدرجات


- نحتسب بقراءة القرآن أيضًا ارتقاء الدرجات،؛ فننال به أرفعها في الجنات، وأكرم المنازل عند الرب الكريم

- لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يُقال لقارئ القرآن: اقرأ وارقَ ، ورتِّل كما كنتَ تُرتّل في الدنيا، فإنَّ منزلتك عند آخرِ آيةٍ تقرؤها». رواه أبو داود والترمذي، قال الشيخ محمد شمس الحق العظيم آبادي -رحمه الله-: يُقَالُ أَيْ : عند دُخولِ الْجَنَّة لِصَاحِبِ الْقُرْآن أَي : مَنْ يُلَازمُه بِالتِّلَاوَةِ والْعمل، لَا مَنْ يَقْرَؤُهُ ولَا يَعملُ بِهِ.


«اِقْرَأْ وَارْتَقِ» أَي: إِلَى درجات الجنَّة، أَو مَراتِب الْقُرَب، «وَرَتِّلْ» أَيْ: لَا تَسْتَعْجِلْ في قِرَاءَتِك فِي الجَنَّة.

«كَما كُنْت تُرَتِّلُ» أَيْ : في قِرَاءَتِك في الدُّنْيَا، وفيه إشارة إلى أنّ الجزاء على وفق الأعمال، كمًّا وكيفاً.

ويُؤْخَذ مِنْ الحدِيث: «أَنَّهُ لَا يُنَالُ هذَا الثَّواب الْأَعظَم، إِلَّا مَنْ حَفِظَ الْقُرْآنَ، وأَتْقَنَ أَداءَهُ وقِرَاءَتَهُ كَمَا يَنْبَغِي لَهُ». عون المعبود شرح سنن أبي داود (4/338) بتصرف

- وفي الحديث أيضاً : رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنَّ اللهَ يَرفع بهذا الكتابِ أقواماً ، ويضع به آخرين». رواه مسلم، ورفعة الدرجات ورفعها، تشمل المعنوية في الدنيا بعلو المنزلة، وحسن الصيت، والحسية في الآخرة بعلو المنزلة في الجنة، وقد ورد الحديث كما في صحيح مسلم: عن نافع بن عبد الحارث الخزاعي وكان عامل عمر رضي الله عنه على مكة، أنه لقيه بعسفان فقال له: من استخلفت؟ فقال: استحلفت ابن أبزى مولى لنا ، فقال عمر رضي الله عنه : استخلفت مولى؟ قال: إنه قارئ لكتاب الله، عالم بالفرائض، فقال عمر: أما إن نبيكم قد قال: «إن الله يَرفع بهذا الكتاب أقواماً، ويضع به آخرين». وقال المباركفوري -رحمه الله- في تحفة الأحوذي: عند تفسير قوله صلى الله عليه وسلم : «ومن أبطأ به عمله»، من التبطئة وهما ضد التعجل، والبطء نقيض السرعة ، والمعنى: من أخره عمله عن بلوغ درجة السعادة «لم يسرع به نسبه» أي: لم يقدمه نسبه، يعني لم يجبر نقيصته لكونه نسيباً في قومه؛ إذْ لا يحصل التقرب إلى الله -تعالى- بالنسب، بل بالأعمال الصالحة، قال تعالى: {إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم} الحجرات .

3- عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يجيء القرآن يوم القيامة كالرجل الشاحب، يقول لصاحبه: هل تعرفني؟ أنا الذي كنتُ أُسْهرُ ليلك، وأُظمئ هواجرك، وإنَّ كل تاجرٍ من وراء تجارته، وأنا لك اليوم من وراء كل تاجر، فيُعطى المُلك بيمينه، والخلد بشماله، ويُوضع على رأسه تاجُ الوقار، ويُكسى والداه حُلَّتين لا تقوم لهما الدنيا وما فيها، فيقولان: يا رب، أنى لنا هذا؟ فيقال لهما: بتعليم ولدكما القرآن». رواه الطبراني في الأوسط ، وصححه الألباني في الصحيحة (2829) .

وأما معنى الحديث: فقوله: كالرجل الشاحب، قال السيوطي في شرح ابن ماجة : هو المتغير اللون والجسم، لعارض من العوارض ، كمرض ، أو سفر، ونحوهما، وكأنه يجيء على هذه الهيئة، ليكون أشبه بصاحبه في الدنيا، أو للتنبيه له على أنه كما تغير لونه في الدنيا لأجل القيام بالقرآن، كذلك القرآن لأجله في السعي يوم القيامة، حتى ينال صاحبه الغاية القصوى في الآخرة. انتهى .

والمعنى: أنه كما أتعب نفسه بصوم النهار، والهواجر: وهي جمع هاجرة، وهو نصف النهار عند زوال الشمس إلى العصر، عند اشتداد الحر، وقيام الليل، فكَأَنَّ الصيام يتَمَثَّل بِصُورَة قارئه الَّذِي أتعب نَفسه َبالصَّوْم فِي النَّهَار، وبالسهر فِي اللَّيْل.

قال السندي : قوله: «وراء تجارته» أي: قدامه تجارته، كأنه متحفظ بها. انتهى.

فالمعنى أن القرآن يتقدم صاحبه، ويتقدم كل تاجر؛ فقد سبق صاحب القرآن كل من قدّم أي عمل، وقوله: «فيعطى الملك بيمينه، والخلد بشماله»، قال البغوي في شرح السنة: وقَوله: «يُعْطَى الْمُلْكَ بِيَمِينِه»، لَمْ يُرِدْ بِهِ أَنَّ شيئًا يُوضَعُ فِي يديه، وإِنَّما أَرَادَ بِهِ : يُجْعَلُ لَه الْمُلْكُ والخُلْدُ، ومَنْ جُعِلَ لَه شَيْءٌ مِلْكًا، فَقَدْ جُعِلَ في يده، ويُقَالُ: هو في يدكَ وكَفِّك، أَيِ: اسْتَوْلَيْتَ عَلَيْهِ. انتهى.

وقوله: «تاج الوقار» في النهاية : التاج ما يُصاغ للملوك من الذهب والجواهر. انتهى. والوقار، أي: الحلم والرزانة. والحلتان: مثنى حُلة، والْحُلَّةُ: إِزَارٌ ورِدَاءٌ، ولَا تُسَمَّى حُلَّةً حتَّى تَكُونَ ثَوْبَيْنِ. وهاتان الحلتان لا تُعدلان بالدنيا وما فيها.


وقوله: «بأخذ ولدكما»، أي: بتعلمه القرآن، أي: بتعليمكما ولدكما القرآن، فهو مصدر مضاف إلى مفعوله، ويحتمل أن تكون: أي بتعليم ولدكما الناسَ القرآن، وتكون مصدرًا مضافا إلى فاعله، ويحتمل أن يكون المعنى: أي: بتعلم ولدكما القرآن ، وهذا يدل على أن تعليم القرآن للناس من أجل العبادات، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم : «خيركم من تعلم القرآن، وعلّمه». أخرجه البخاري .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 26-02-2021, 08:01 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,025
الدولة : Egypt
افتراضي رد: النيّات في قراءة القرآن الكريم

النيّات في قراءة القرآن الكريم(2)



الشيخ.محمد الحمود النجدي


نحتسب بقراءة القرآن امتثال أمر الله -تعالى- لنا فقد أمرنا سبحانه بقراءة كتابه وتلاوة آياته، وكذلك أمرنا رسوله صلى الله عليه وسلم وحثنا على ذلك

القرآن كان وسيلة النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة والآية الربانية المصاحبة له دوماً والحق المؤيد له بالحجج والبراهين القرآنية في جميع الأحوال.



تعظيم النيات واستحضارها، هي تجارة قلوب الصالحين، من الصحابة -رضي الله عنهم- والتابعين لهم بإحسان، والعلماء الربانيين؛ فإنهم كانوا يعملون العمل الواحد ولهم فيه نياتٌ كثيرة، يحصل لهم بها أجورٌ عظيمة على كل نية، فعندما تتعدد النيات على العمل الواحد والطاعة الواحدة، يتضاعف الأجر، وتكثر المثوبة، فتكسب أجراً على كل نيه تنويها على العمل الواحد الذي تؤديه مرة واحدة، وقال الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى-: «النيِّة أبلغ من العمل» .



ونستكمل في هذه الحلقة الكلام عن بعض النيات، التي يَحسن أنْ نَنْويها عند قراءة القرآن الكريم :

احتساب الامتثال لأمر الله -تعالى-

نحتسب بقراءة القرآن امتثال أمر الله -تعالى- لنا، فقد أمرنا سبحانه بقراءة كتابه، وتلاوة آياته، وكذلك أمرنا رسوله صلى الله عليه وسلم وحثنا على ذلك، وتوعد الله --عز وجل-- مَن أعرض عن تلاوته واتباعه، وغفل عنه

1- فقال --عز وجل-- آمراً رسوله صلى الله عليه وسلم ، والأمر نافذ إلى أمته: {واتلُ ما أُوحي إليك من كتاب ربّك لا مُبدّل لكلماته ولنْ تجدَ من دونه مُلتحدا}(الكهف: 27).

فقوله --عز وجل--: {واتل}. أي : واقرأ يا محمد {ما أوحي إليك من كتاب ربك}. يعني القرآن، واتبع ما فيه {لا مبدل لكلماته}، قال الكلبي: لا مُغير للقرآن. وقيل: لا مغير لما أوعد بكلماته أهل معاصيه. {ولن تجد} أنت {من دونه}. إن لم تتبع القرآن (ملتحدا) قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: حرزا. وقال الحسن : مدخلا . وقال مجاهد: ملجأ. وقيل : معدلا . وقيل : مهرباً . وأصله من الميل . (انظر تفسير البغوي) .

وقال الحافظ ابن كثير في هذه الآية: {واتلُ ما أوحي إليك من كتابِ ربك..}، يقول -تعالى- آمراً رسوله -عليه الصلاة والسلام-، بتلاوة كتابه العزيز، وإبلاغه إلى الناس. (لا مبدل لكلماته) أي: لا مُغير لها ولا مُحرّف ولا مُؤوّل .

وقال ابن جرير: واتبع يا محمد ما أنـزل إليك من كتاب ربك هذا، ولا تتركن تلاوته واتباع ما فيه من أمر الله ونهيه، والعمل بحلاله وحرامه، فتكون من الهالكين، وذلك أن مصير مَن خالفه، وترك اتباعه، يوم القيامة إلى جهنم .

(لا مبدل لكلماته) يقول لا مُغير لما أوعد بكلماته التي أنـزلها عليك، أهل معاصيه، والعاملين بخلاف هذا الكتاب الذي أوحيناه إليك .

وقوله: {ولن تجد من دونه ملتحدا}. يقول: وإنْ أنت يا محمد، لم تتلُ ما أوحي إليك من كتاب ربك؛ فتتبعه وتأتم به، فنالكَ وعيدُ الله الذي أوعد فيه المخالفين حدوده، لن تجد من دون الله موئلاً تئل إليه، ومعدلاً تعدل عنه إليه؛ لأنَّ قدرةَ الله محيطةٌ بك وبجميع خلقه، لا يقدر أحدٌ منهم على الهرب من أمرٍ أراد به، إنْ أنت يا محمد، لم تتلُ ما أوحي إليك من كتاب ربك، فإنه لا ملجأ لك من الله، كما قال -تعالى-: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وانْ لم تفعل فما بلغتَ رسالته والله يعصمك من الناس}( المائدة : 67 ). انتهى

وقال القرطبي: قيل هو من تمام قصة أصحاب الكهف. أي: اتبع القرآن فلا مبدل لكلمات الله، ولا خُلف فيما أخبر به من قصة أصحاب الكهف . انتهى

الآية الربانية

2- وقال -تعالى-: {اتلُ ما أُوحي إليك من الكتابِ وأقم الصلاة}(العنكبوت : 29).

أي: اتل ما أوحى إليك ربُّك من آيات القرآن؛ فهو وسيلتك للدعوة, والآية الربانية المصاحبة لك دوماً، والحق المؤيد لك بالحجج والبراهين القرآنية، في جميع الأحوال.

قال القرطبي: قوله: {‏اتل‏} أمر من التلاوة والدؤوب عليها، وقد مضى في (طه ) الوعيد فيمن أعرض عنها، وفي مقدمة الكتاب الأمر بالحض عليها، والكتاب يراد به القرآن ‏.‏ انتهى

وما أشار القرطبي -رحمه الله- إليه في سورة طه، هو قوله -تعالى-: {كذلك نقصُّ عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنَّا ذكرا مَن أعرضَ عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزراً خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملا}(طه 99 - 101).

فيقول -تعالى- لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : كما قصصنا عليك خبر موسى -عليه السلام- وما جرى له مع فرعون وجنوده على الجلية والأمر الواقع، كذلك نقص عليك الأخبار الماضية، كما وقعت من غير زيادة ولا نقص، هذا {وقد آتيناك من لدنا}. أي: عندنا ذكرا، وهو القرآن العظيم، الذي {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد}(فصلت: 42)، الذي لم يعط نبيٌ من الأنبياء منذ أنْ بعثوا إلى أنْ ختموا بمحمد صلى الله عليه وسلم ، كتاباً مثله ولا أكمل منه، ولا أجمع لخبر ما سبق، وخبر ما هو كائن، وحكمه الفصل بين الناس; ولهذا قال -تعالى-: {من أعرض عنه} أي: كذَّب به، وأعرض عن اتباعه، أمراً وطلبا، وابتغى الهُدَى في غيره، فإنَّ الله يُضله ويهديه إلى سواء الجحيم; ولهذا قال : «من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزرا». أي: إثما، كما قال الله -تعالى-: {ومنْ يَكفر به من الأحزابِ فالنارُ موعده}(هود: 17).

وهذا عامٌ في كلِّ مَن بلغه القرآن من العرب والعجم، أهل الكتاب وغيرهم، كما قال -تعالى-: {لأُنْذركم به ومن بلغ}(الأنعام: 19). فكل مَنْ بلغه القرآن فهو نذيرٌ له وداع؛ فمن اتبعه هُدي، ومَن خالفه وأعرض عنه ضل وشقي في الدنيا، والنار موعده يوم القيامة; ولهذا قال -سبحانه-: {من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزراً خالدين فيه}. أي: لا محيد لهم عنه، ولا انفكاك {وساءَ لهم يوم القيامة حملا}. أي: بئس الحمل حملهم .






أمر النبي صلى الله عليه وسلم بعبادة ربه

3- ومن أوامر الله -عز وجل- بتلاوة القرآن، قوله -تعالى- على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم : {إنما أُمرتُ أنْ أعبدَ ربَّ هذه البلدة الذي حرَّمها وله كلُّ شيء وأُمرت أنْ أكون من المسلمين وأنْ أتلو القرآنَ فمن اهْتَدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضلَّ فقلْ إنما أنا من المُنذرين وقل الحمدُ لله سيريكم آياته فتعرفونها وما ربُّك بغافلٍ عما تعملون}(النمل : 91-93).

فقد أُمر النبي صلى الله عليه وسلم بعبادة ربّه -تعالى- وهو ربّ البلدة الذي حرّمها، وهي مكة، التي صارت حراماً قدرا وشرعاً، بتحريم الله لها، كما ثبت في الصحيحين: عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: «إن هذا البلد حرّمه الله يوم خلق السموات والأرض، فهو حرامٌ بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يُعضد شوكه، ولا يُنفّر صيده، ولا يلتقط لقطته إلا مَن عرّفها، ولا يختلى خلاها» الحديث.

وقوله : «وله كل شيء»: من باب عطف العام على الخاص، أي: هو ربُّ هذه البلدة، وربُّ كل شيء ومليكه، {وأمرت أن أكون من المسلمين} أي: الموحدين المخلصين، المنقادين لأمره المطيعين له.
وقوله: {وأن أتلو القرآن}. أي: على الناس وأبلغهم إياه، كقوله: {ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم}(آل عمران: 58)، وكقوله: {نتلو عليك من نبإ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون}(القصص: 3). أي: أنا مُبلِّغ ومنذر، {فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين}. أي : لي سوية الرسل الذين أنذروا قومهم، وقاموا بما عليهم من أداء الرسالة إليهم، وخلصوا من عهدتهم، وحساب أممهم على الله -تعالى-، كقوله -تعالى-: {فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب}(الرعد: 40)، وقال: {إنما أنتَ نذيرٌ والله على كل شيء وكيل}(هود: 12)، وقوله: {وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها}. أي : لله الحمد الذي لا يُعذّب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه، والإعذار إليه; ولهذا قال: {سيُريكم آياته فتعرفونها}، كما قال -تعالى-: {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق}(فصلت: 53). وقوله: {وما ربك بغافل عما تعملون}. أي: بل هو شهيد على كل شيء.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 26-02-2021, 08:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,025
الدولة : Egypt
افتراضي رد: النيّات في قراءة القرآن الكريم

النيّات في قراءة القرآن الكريم(3)



الشيخ.محمد الحمود النجدي



أوجب الله -تعالى- علينا العمل بالقرآن الكريم؛ لأنَّ العمل به هو الغاية الكبرى من إنزاله، وذلك بتصديق أخباره واتباعِ أحكامه بفعل جميع ما أمر الله به وتركِ جميعَ ما نهى الله عنه


مَنْ عَمِل بالقرآن فكأنما يقرؤه دائماً، وإنْ لم يقرأه ومَن لم يعمل بالقرآن؛ فكأنه لم يقرأه وإن قرأه دائماً


القرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية وأدواء الدنيا والآخرة؛ فما من مرضٍ إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه وسببه لمن رزقه الله فهما في كتابه

القرآن كان وسيلة النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة والآية الربانية المصاحبة له دوماً والحق المؤيد له بالحجج والبراهين القرآنية في جميع الأحوال




تعظيم النيات واستحضارها هي تجارة قلوب الصالحين، من الصحابة رضي الله عنهم، والتابعين لهم بإحسان، والعلماء الربانيين؛ فإنهم كانوا يعملون العمل الواحد ولهم فيه نياتٌ كثيرة، يحصل لهم بها أجورٌ عظيمة على كل نية، فعندما تتعدد النيات على العمل الواحد، والطاعة الواحدة، يتضاعف الأجر، وتكثر المثوبة؛ فتكسب أجراً على كل نيه تنويها على العمل الواحد الذي تؤديه مرة واحدة، وقال الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى-: «النيِّة أبلغ من العمل». ونستكمل في هذه الحلقة الكلام عن بعض النيات، التي يَحسن أنْ نَنْويها عند قراءة القرآن الكريم:

قراءته بنيّة العمل به
فإنّ الله -تعالى- أوجبَ علينا العمل بالقرآن الكريم؛ لأنَّ العمل به هو الغاية الكبرى من إنزاله.
1- كما في قوله سبحانه: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}(ص: 29).
- والعمل بالقرآن: هو تصديق أخباره، واتباعِ أحكامه، بفعل جميع ما أمر الله به، وتركِ جميعَ ما نهى الله عنه، وعلى هذا سار السلف الصالح -رضي الله عنهم-؛ فكانوا يتعلمون القرآن، ويصدِّقون به وبجميع ما جاء فيه، ويُطبقون أحكامه إيمانا بها، واتباعاً لها.
قال بعض العلماء: مَنْ عَمِل بالقرآن، فكأنما يقرؤه دائماً وإنْ لم يقرأه، ومَن لم يعمل بالقرآن؛ فكأنه لم يقرأه، وإن قرأه دائماً! (انظر عون المعبود 4/339) .
2- والتلاوة هي أحد معاني الاتباع والعمل بالقول، فتلا في اللغة تأتي بمعنى: اتبع .
كما في قوله تعالى: {الذين آتيناهم الكتاب يَتْلونه حقَّ تلاوته أولئك يُؤمنونَ به ومَن يَكفر به فأولئك هم الخاسرون}(التوبة : 121).
فقوله: {الذين آتيناهم الكتاب}، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: نزلت في أهل السفينة الذين قدموا مع جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه- وكانوا أربعين رجلا، وقال الضحاك: هم من آمن من اليهود عبد الله بن سلام، وقال قتادة وعكرمة: هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم . وقيل: هم المؤمنون عامة .
وقوله: {يتلونه حق تلاوته}، قال الكلبي: يَصفونه في كتبهم حقّ صفته لمن سألهم من الناس، والهاء راجعة إلى محمد صلى الله عليه وسلم ، وقال الآخرون: هي عائدة إلى الكتاب، واختلفوا في معناه: فقال ابن مسعود -رضي الله عنه-: يقرؤونه كما أنزل ولا يحرفونه، ويحلون حلاله ويحرمون حرامه.
وقال الحسن: يعملون بمُحْكمه، ويؤمنون بمتشابهه، ويَكلون علم ما أشكل عليهم إلى عالمه.
وقال مجاهد: يتبعونه حقّ اتباعه.
ومن معاني (حق تلاوته) في الآية, معنى التفاعل والحضور أثناء تلاوة كتاب الله, ولا يخفى ما لهذا المعنى من أهمية, ولاسيما في هذا الزمن الذي أضحى فيه الكثير ممن يتلون كتاب الله من المسلمين , يتلونه تلاوة صورية شكلية، لا روح فيها ولا حياة .
وهو معنى يتوافق مع حديث حذيفة -رضي الله عنه-: أن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فكان إذا مرَّ بآيةِ رحمة سأل, وإذا مرَّ بآية عذاب استجار, وإذا مرَّ بآية فيها تنزيه لله سبَّح. رواه ابن ماجة، وصححه الألباني (1111) .
3- وقال التابعي الجليل أبو عبدالرحمن السُّلمي -رحمه الله-: حدثنا الذين كانوا يُقرؤننا القرآن: عثمان بن عفان، وعبد الله بن مسعود، وغيرهما رضي الله عنهم: أنهم كانوا إذا تَعلَّموا من النبي[ عشر آيات لم يتجاوزوها، حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن، والعلم، والعمل جميعًا؛ وهذا هو الذي عليه مدار السعادة والشقاوة في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: {فَإِمَّا يَأتِيَنَّكُم مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَي وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى}(طه: 123- 126).
4- وقد ورد بيان عقوبة تارك العمل بالقرآن العظيم في البرزخ، نعوذ بالله من غضبه وعقابه؛ ففي صحيح البخاري: عن سمرة بن جندب -رضي الله عنه-: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث الرؤيا الطويل: «إنه آتاني الليلة آتيان، قال: وإنهما قالا لي: انطلق وإني انطلقت معهما، وإنا أتينا على رجلٍ مضطجع، وإذا آخر قائمٌ عليه بصخرة، وإذا هو يهوي بالصَّخرة لرأسه فيَثْلغ رأسه، فيَتَدهْده الحَجر ها هنا؛ فيتبع الحَجر فيأخذه فلا يرجع إلى الرجل، حتى يصحّ رأسُه كما كان، ثم يعود عليه، فيفعل به مثل ما فعل به المرة الأولى، قال النبي صلى الله عليه وسلم : «فقلت سبحان الله! ما هذا ؟ فقالا لي انطلق».
فذكر الحديث، وفيه: «أما الرجل الذي أتيتَ عليه، يُثلغ رأسه بالحَجر؛ فهو الرجل يأخذُ القرآن فيَرفُضُه، وينامُ عن الصلاة المكتوبة..». البخاري برقم ( 7047) .
والحديث فيه: الوعيد لمن ينام عن الصلاة المكتوبة. ولمن يأخذ القرآن فيرفضه، أي: يقرأ القرآن ولا يعمل به.
وقال ابن بطال في شرح البخاري: «يأخذ القرآن فيرفضه» يعنى: يترك حفظ حروفه، والعمل بمعانيه .
5- وثبت في صحيح مسلم: عن أبي مالك الأشعري يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: «القرآنُ حُجةٌ لك، أو عليك».
فالقرآن حُجةٌ لمن اتَّبعه، وعَمِل بما فيه، وحُجة على مَن أعرض عنه، ولم يعمل به.
قال المناوي في فيض القدير: والقرآن حُجة لك يدلك على النَّجاة إنْ عملتَ به، أو عليك إنْ أعرضت عنه، فيدل على سوء عاقبتك. انتهى
6- وسبق حديث جابر -رضي الله عنه-: عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «القرآن شافعٌ مُشفَّع، وماحلٌ مُصدَّق، مَنْ جَعَله أمامه، قاده إلى الجنة، ومَن جَعله خَلف ظهره، ساقه إلى النار». رواه ابن حبان والطبراني وغيرهما .
والمعنى: مَنْ عمل بما فيه ساقه إلى الجنة، ومَن تركه وأعرض عنه، ونسيه وغفل وتغافل عنه، ساقه إلى النار، والعياذ بالله -تعالى-.
7- وقال النبي صلى الله عليه وسلم في حَجَّة الوداع: «... تركتُ فيكم ما لن تضلوا بعده، إنْ اعتصمتم به: كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ». رواه مسلم برقم ( 2408) وما بين المعكوفين للحاكم في المستدرك .
احتساب شفاء القلوب
نحتسب بقراءته شفاءً لأمراض قلوبنا، وعلل أجسادنا، وسبباً لنزول رحمات ربنا علينا.
1- كما قال ربنا تبارك وتعالى: {ونُنزّل من القرآن ما هو شفاءٌ ورحمةٌ للمؤمنين ولا يزيدُ الظالمين إلا خَساراً}(الإسراء : 82).
فيقول -تعالى- مخبراً عن كتابه الذي أنزله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، إنه: {شفاءٌ ورحمةٌ للمؤمنين}. أي: يذهب ما في القلوب من أمراض، من شكٍ ونفاق، وشرك وزيغ وميل، ومن أمراض الأبدان والأسقام الحسية؛ فالقرآن يشفي من ذلك كله، لعموم اللفظ .
وهو أيضا (رحمة) يحصل به الإيمان والحكمة، وطلب الخير والرغبة فيه، وليس هذا إلا لمن آمن به وصدَّقه واتبعه، فإنه يكون شفاءً في حقه ورحمة.
الكافر والقرآن
وأما الكافر الظالم نفسه بذلك؛ فلا يزيده سماعه القرآن إلا بُعداً وتكذيباً وكفراً، والآفة من الكافر لا من القرآن.
قال قتادة في قوله: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين}: إذا سمعه المؤمن انتفع به، وحفظه ووعاه، {ولا يزيد الظالمين إلا خساراً}، أي: لا ينتفع به ولا يحفظه، ولا يعيه فإنَّ الله جعل هذا القرآن شفاء ورحمة للمؤمنين. انظر «حسن التحرير في تهذيب تفسير ابن كثير» ( 3 / 44 ) .
2- وقال الله تعالى: {يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين} (يونس: 57).
قال أبو جعفر الطبري: يقول -تعالى- ذكره لخلقه: {يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم}. يعني: ذكرى تذكركم عقاب الله، وتخوفكم وعيده من ربكم، يقول: من عند ربكم، لم يختلقها محمد صلى الله عليه وسلم ، ولم يفتعلها أحد؛ فتقولوا: لا نأمن أن تكون لا صحة لها، وإنما يعني بذلك جل ثناؤه القرآن، وهو الموعظة من الله.
قال: وقوله: {وشفاء لما في الصدور}، يقول: ودواء لما في الصدور من الجهل، يشفي به الله جهل الجهال؛ فيبرئ به داءهم، ويهدي به من خلقه من أراد هدايته به (وهدى)، يقول: وهو بيان لحلال الله وحرامه، ودليل على طاعته ومعصيته (ورحمة) يرحم بها من شاء من خلقه، فينقذه به من الضلالة إلى الهدى، وينجيه به من الهلاك والردى. وجعله -تبارك وتعالى- رحمة للمؤمنين دون الكافرين، لأن من كفر به فهو عليه عمى، وفي الآخرة جزاؤه على الكفر به الخلود في لظى. انتهى
3- وقال الله تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}(فصلت: 44). فقوله: {قل هو للذين آمنوا هدىً وشفاء}. أي: هداية لهم لطريق الرشد، والصراط المستقيم، وشفاء من الجهل، وشفاء من الأسقام البدنية .
فالقرآن العظيم لاشك أنه شفاء للقلوب والأبدان، وللظاهر والباطن، دلت على ذلك ظواهر نصوص الوحي من القرآن الكريم، والسنة النبوية، وتجارب الصالحين وواقع الناس، وهو قول جمهور أهل العلم.
قال السيوطي في الإتقان: النوع الخامس والسبعون في خواص القرآن، وقد أفرده بالتصنيف جماعة منهم: التَّمِيمِيُّ، وحُجَّةُ الْإِسلام الغَزاليُّ، ومن المُتَأَخِّرِين َ: اليَافِعِيُّ، وغَالِبُ مَا يُذْكَرُ فِي ذلك كَان مُستَنَدُه تَجاربَ الصَّالحينَ، وها أَنا ذا أَبْدَأُ بما وَرَدَ مِنْ ذلك في الحديثِ ثُمَّ أَلْتَقِطُ عُيُونًا ممَّا ذَكَرَ السَّلَفُ وَالصَّالِحُونَ .
أَخرجَ ابْنُ ماجة وغيرُه: مِنْ حدِيثِ ابْنِ مسْعُودٍ: «علَيْكُمْ بِالشِّفَاءَيْن : الْعَسَلِ والْقُرْآنِ». (أخرجه ابن ماجه (3452) والبيهقي في السنن الكبرى (9/579) وفي الشعب (2581)، والحاكم في المستدرك (7435) موقوفا). وأَخرجَ البَيْهَقِيُّ وغيرُه: مِنْ حدِيثِ عبْد اللَّه بنِ جَابِرٍ: فِي فَاتِحَةِ الْكِتَابِ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ.
فضل الفاتحة
وأَخْرج سعِيدُ بنُ مَنْصُور والْبيهَقيُّ وغيرهما، مِنْ حديث أَبي سعِيدٍ الْخُدْرِيّ: فَاتِحَةُ الْكِتَابِ شِفَاءٌ مِنَ السُّمِّ‏.
وأَخْرجَ الْبُخاريُّ: من حدِيثه أَيْضًا قَال: «كُنَّا فِي مَسِيرٍ لَنَا فَنَزَلْنَا؛ فَجَاءَتْ جَارِيَةٌ فَقَالَتْ: إِنَّ سَيِّدَ الْحَيِّ سَلِيمٌ، فهلْ معكم رَاقٍ ؟ فَقَامَ معها رَجُلٌ، فَرَقَاهُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَبَرِئَ، فَذُكِر لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: ومَا كَانَ يُدْرِيهِ أَنَّهَا رُقْيَةٌ».
وأَخرجَ مُسلِمٌ: من حديث أَبي هُريْرةَ مرفوعا: «إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ الْبَقَرَةُ، لَا يَدْخُلُهُ الشَّيْطَانُ».
قال: ومن الأدلة على ذلك قول الله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ }(الإسراء: 82 ).
وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ }(يونس: 57).
وفي الصحيحين وغيرهما: عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: كنا في مسير فنزلنا منزلا فأتتنا امرأة فقالت: إنَّ سيد الحي سليم لدغ، فهل فيكم من راقٍ؟ فقام معها رجل منا، ما كنا نظنه يحسن رقية، فرقاه بفاتحة الكتاب فبرئ، فأعطوه غنما، وسقونا لبنا، فقلنا: أكنت تحسن رقية؟ فقال: ما رقيته إلا بفاتحة الكتاب، قال: فقلت: لا تحركوها حتى نأتي النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فذكرنا له ذلك، فقال: ما كان يدريه أنها رقية؟ اقسموا واضربوا لي بسهم معكم .

وقال الإمام ابن القيم في زاد المعاد: فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية وأدواء الدنيا والآخرة؛ فما من مرضٍ من أمراض القلوب والأبدان، إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه وسببه، والحمية منه لمن رزقه فهما في كتابه.اهـ

وأما القول بأنه شفاء للقلوب فقط، ولا يشرع الاستشفاء به للأبدان؛ فهو قول ضعيف مرجوح، لا يلتفت إليه، يخالف ما في القرآن الكريم أنه دواء للأبدان والقلوب، ومن يقل بغير هذا يخالف الأدلة والواقع وجمهور أهل العلم .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 26-02-2021, 08:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,025
الدولة : Egypt
افتراضي رد: النيّات في قراءة القرآن الكريم

النيّات في قراءة القرآن الكريم(4)



الشيخ.محمد الحمود النجدي




المؤمن المهتدي بالقرآن يستبصر به في جميع مطالبه ومقاصده ويسير عليه ويهتدي به فيَأمن بذلك من الشقاء ويسعد بدنياه وأخراه


في القرآن العظيم تبيانٌ لكلِّ شيءٍ مما يحتاجه الناس في حياتهم كلها الدينية والدنيوية العقدية والتشريعية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية

تعظيم النيات واستحضارها، هي تجارة قلوب الصالحين، من الصحابة رضي الله عنهم، والتابعين لهم بإحسان، والعلماء الربانيين، فإنهم كانوا يعملون العمل الواحد ولهم فيه نياتٌ كثيرة، يحصل لهم بها أجورٌ عظيمة على كل نية؛ فعندما تتعدد النيات على العمل الواحد، والطاعة الواحدة، يتضاعف الأجر، وتكثر المثوبة، فتكسب أجراً على كل نيه تنويها على العمل الواحد الذي تؤديه مرة واحدة، وقال الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى-: «النيِّة أبلغ من العمل». ونستكمل في هذه الحلقة الكلام عن بعض النيات، التي يَحسن أنْ نَنْويها عند قراءة القرآن الكريم:


نَحتسبُ قراءته سَبباً لنُزول رحماتِ ربِّنا علينا وقد قرَّر الله -سبحانه- أنَّ كتابه وكلامه، رحمةٌ للمؤمنين والمؤمنات، في آيات كثيرة من كتابه الكريم، فمن ذلك:


1- قال سبحانه {فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ} الأنعام: ١٥٧.

يقول الطبري: فقد جاءكم كتابٌ بلسانكم عربي مبين، حُجة عليكم واضحة بينة من ربكم {وهدى}، يقول: وبيان للحق، وفرقان بين الصواب والخطأ، {ورحمة} لمن عمل به، واتبعه.

2- وقال -تعالى-: {وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} الأعراف: ٥٢.

أي: بهذا الكتاب تحصل للمؤمنين الرحمة، وهي الخير والسعادة في الدنيا والآخرة، وينتفي عنهم الضلال والشقاء، والعذاب والسخط.

3- وقال سبحانه: {هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} الأعراف: ٢٠٣.

فالمؤمن المهتدي بالقرآن، يستبصر به في جميع مطالبه ومقاصده، فعنده الدليل على طريقه الذي يتبعه، ويسير عليه ويهتدي به، فيَأمن بذلك من الشقاء، ويسعد بدنياه وأخراه.

4- وقال -عز وجل-: {وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى ورَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ } يونس: ٥٧.

فالمؤمن وحده، تحصل له الرحمة بالقرآن دون غيره من الناس، وصلاح الحال والمآل.

5- وقال -عز وجل-: {وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً} هود: ١٧.

فكل الكتب السماوية – وأعظمها القرآن الكريم – هي رحمةٌ للخَلق، وهداية لهم، من الجهالة والضلالة والشقاوة.

6- وقال سبحانه {وما أَنزلنا عليكَ الكتابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} النحل: ٦٤.فالمقصد الأعلى لإنزال الكتاب: الحُكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، فهو هداية للعالمين في كل شؤونهم.

7- ومثلها: قوله سبحانه: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ } النحل: ٨٩.

ففي القرآن العظيم، تبيانٌ لكلِّ شيءٍ مما يحتاجه الناس في حياتهم كلها، الدينية والدنيوية، العقدية والتشريعية، الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها.


8- وكذا قوله سبحانه {وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ } النمل: ٧٧. فيؤكد الله -تعالى- هذا الأمر فيقول {وإنه لهدى}. وغيرها من الآيات.

نحتسبُ قراءته لطمأنينةِ قلوبنا، وسَكينة أنفسنا، وراحة أرواحنا فتلاوة القرآن الكريم، فيها الراحة والطمأنينة والسكينة، كما أخبر ربنا بذلك في آيات:


1- يقول الله -تعالى-: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} الرعد: 28.

فقوله: {وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ} قال قتادة: سكنتْ إلى ذكر الله، واستأنست به. انتهى.

فالنفوس تطمئن بقراءة القرآن، والأرواح تسكن بذلك وتستريح، ومعلوم أنَّ سعادة الإنسان في هذه الحياة، هي في اطمئنان قلبه، وراحة باله، واستقرار نفسه، وقد أرشد الله -تعالى- عباده في كلمةٍ موجزة حكيمة، إلى الوسيلة التي تُحقّق لهم هذه السعادة، وتَقِيهم من عذابِ القلق والهمِّ، والحُزن والاضْطراب، وآلام الجزع والهلع، وشقاء الشك والارتياب، فقال جلَّ ثناؤه، وهو أصدق القائلين: {أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} الرعد: 28.

ولا بدَّ أنْ نعلم: أنّ ذكر الله -تعالى- الذي تطمئن به القلوب تماماً، ليس هو مجرد ترديد اللسان للآيات، أو لاسمٍ من أسماء الله -تعالى-، أو صفةٍ من صفاته، وإنما هو بتذكّر ألوهيته ووحدانيته وربوبيته، وعظمته وقوته وقدرته، وقهره وعزته، واستشعار رأفته ورحمته، واستحضار حكمته وعدالته في قضائه وقدره، وشرعه وأحكامه.

2- وعن أَبي هُريرةَ - رضي الله عنه - عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَال: «ما اجْتَمَعَ قَوْمٌ في بَيتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ تَعالَى، يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ، ويَتَدَارَسُونَ هُ بينهم، إِلَا نَزَلَتْ عليهم السَّكِينَةُ، وغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وحَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وذَكَرَهُمُ اللَّهُ فيمَنْ عِنْدَهُ». رواه مسلم. فقوله «ما اجتمع قومٌ في بيت من بيوت الله» أي: المسجد، وأُلحق به نحو مدرسة ورباط. «يتلون كتاب الله ويتدارسونه» أي: يشتركون في قراءة بعضهم على بعض، ويتعهدّونه خوف النسيان.

«إلا نزلت عليهم السكينة» السكينة: فعيلة، صيغة مبالغة، من السُّكون، والمراد هنا: الوقار والرحمة أو الطمأنينة «وحفّتهم الملائكة» أي: أحاطت بهم ملائكة الرحمة. نقرؤه ليَذْكُرنا اللهُ -عز وجل-، كما وَعَدنا بذلك، وهي من أعظم المقاصد. فالله -تعالى- يذكر من يَذكره، كما أخبر بذلك سبحانه، وأخبر بذلك رسوله -صلى الله عليه وسلم -.

1- قال الله -تعالى- {فاذكروني أذكركم} البقرة: 152.

فيا لها من مكافأةٍ عظيمة، ويا له من تفضّلٍ وكرم، من الرب الكريم الوهاب، أنه -جلّ جلاله وعز سلطانه-، يَذكر عباده الذين يذكرونه، مكافأة لهم على ذكرهم إياه، إنه الفضل الذي لا يفيضه إلا الله سبحانه، الذي لا عادَّ لعطاياه، ولا حاسب لفضله.

قال الحسن البصري:‏ إنّ اللّه يذكر من ذكره، ويزيد من شكره، ويعذب من كفره.‏

وقال الحسن البصري أيضا: اذكروني فيما افترضتُ عليكم، أذكركم فيما أوجبت لكم على نفسي.‏

2- ويقول الله -عز وجل-: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} العنكبوت: 45.

وللمفسرين في قوله -تعالى- {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} أقوال: قال ابن الجوزي -رحمه الله-: «قوله -تعالى-: {ولذِكر الله أكبر} فيه أربعة أقوال:

- أحدها: ولذكر الله إياكم، أكبر من ذكركم إياه، وبه قال ابن عباس، وعكرمة، وسعيد بن جبير، ومجاهد. والثاني: ولذكر الله -تعالى- أفضل من كل شيء سواه، وهذا مذهب أبي الدرداء، وسلمان، وقتادة. والثالث: ولذكر الله -تعالى- في الصلاة، أكبر مما نهاك عنه من الفحشاء والمنكر، قاله عبد الله بن عون. والرابع: ولذكر الله -تعالى- العبدَ - ما كان في صلاته - أكبر من ذكر العبدِ لله -تعالى-، قاله ابن قتيبة «انتهى من «زاد المسير» {3/ 409}.

واختار غير واحد من المحققين والمفسرين القول الثالث، وهو أنّ حصول ذكر الله بالصلاة، أكبر من كونها ناهية عن الفحشاء والمنكر. قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: «يَعنِي: أَنَّ الصَّلاةَ تَشتَملُ على شيئَينِ: على تَرْكِ الفَواحِشِ والمُنْكراتِ، أَي: إِنَّ مُواظبَتَها تَحْمِلُ على تَرْكِ ذلك.

وتَشتَملُ الصَّلاةُ أَيضا: على ذِكْرِ اللَّهِ -تعالى-، وهو المطلوبُ الأَكبرُ؛ ولهذا قال -تعالى-: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} أَي: أَعْظَمُ منَ الْأَوَّلِ».

3- وعن أنَس - رضي الله عنه - قال:‏ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -:‏ ‏«قال اللّه -عزّ وجلّ-: يا ابن آدم، إنْ ذكرتَني في نفسِك، ذكرتُك في نفسي، وإنْ ذكرتني في ملأٍ، ذكرتُك في ملأ من الملائكة - أو قال: في ملأٍ خيرٍ منه - وإنْ دنوت مني شبراً، دنوتُ منك ذراعاً، وإنْ دَنوت مني ذراعاً، دَنوتُ منك باعاً، وإنْ أتيتني تمشي أتيتك هرولةً‏». أخرجه البخاري.

4- وفي حديث أَبي هُريرَةَ - رضي الله عنه - السابق: عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَال: «ما اجْتَمَعَ قَوْمٌ في بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ تَعالَى، يَتْلُونَ كتَابَ اللَّهِ، ويَتَدَارَسُونَ هُ بَيْنَهُم، إِلَّا نَزَلَتْ عليهم السَّكِينَةُ، وغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وذَكَرَهُمُ اللَّهُ فيمَنْ عِنْدَهُ». رواه مسلم.

فقوله «وذكرهم الله «أي: أثنى عليهم أو أثابهم {فيمن عنده} من الأنبياء وكرام الملائكة.

ولا أعظم ولا أجلّ؛ من أنْ يذكرك الله فيمن عنده!

5- وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي: «إنَّ الله أمرني أنْ أَقرأ عليك {لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب} البينة:1. قال: وسمَّاني؟! قال: «نعم». فبكى.

وفي رواية: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأُبيّ: إن الله -عز وجل- أمرني أنْ أقرأ عليك. قال: آلله سمّاني لك؟ قال: «اللهُ سمّاك لي». فجعَلَ أُبيّ يبكي. متفق عليه.

فالنبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي بن كعب: إن الله أمرني أن أقرأ عليك: {لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب} فقال أبي: وسمّاني؟ أي: هل نصَّ علي باسمي؟ أو قال: اقرأ على واحدٍ من أصحابك، فاخترتني أنت؟ فقال له: «الله سماك لي» أي: ذكرك لي بالاسم، فبكى أبيٌ - رضي الله عنه -، إما فرحاً وسروراً بذلك، وإما خشوعاً وخوفا من التقصير في شكر تلك النعمة.

قال القرطبي: تعجّب أُبي من ذلك؛ لأنَّ تسمية الله له، ونصّه عليه، ليقرأ عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - تشريفٌ عظيم، فلذلك بكى إما فرحاً وإما خشوعا.

وقال أبو عبيد: المراد بالعرض على أبي، ليتعلّم أبي منه القراءة ويتثبت فيها، وليكون عرض القرآن سُنة، وللتنبيه على فضيلة أبي بن كعب، وتقدمه في حفظ القرآن، وليس المراد أن يستذكر منه النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا بذلك العرض.


وقال القرطبي: خصّ هذه السورة بالذكر؛ لما اشتملت عليه من التوحيد والرسالة والإخلاص، والصحف والكتب المنزلة على الأنبياء، وذكر الصلاة والزكاة، والمعاد وبيان أهل الجنة والنار، مع وجازتها.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 26-02-2021, 08:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,025
الدولة : Egypt
افتراضي رد: النيّات في قراءة القرآن الكريم

النيّات في قراءة القرآن الكريم(5)



الشيخ.محمد الحمود النجدي





المؤمن المهتدي بالقرآن يستبصر به في جميع مطالبه ومقاصده ويسير عليه ويهتدي به فيَأمن بذلك من الشقاء ويسعد بدنياه وأخراه


في القرآن العظيم تبيانٌ لكلِّ شيءٍ مما يحتاجه الناس في حياتهم كلها الدينية والدنيوية العقدية والتشريعية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية


تعظيم النيات واستحضارها، هي تجارة قلوب الصالحين، من الصحابة رضي الله عنهم، والتابعين لهم بإحسان، والعلماء الربانيين، فإنهم كانوا يعملون العمل الواحد ولهم فيه نياتٌ كثيرة، يحصل لهم بها أجورٌ عظيمة على كل نية؛ فعندما تتعدد النيات على العمل الواحد، والطاعة الواحدة، يتضاعف الأجر، وتكثر المثوبة، فتكسب أجراً على كل نيه تنويها على العمل الواحد الذي تؤديه مرة واحدة، وقال الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى-: «النيِّة أبلغ من العمل». ونستكمل في هذه الحلقة الكلام عن بعض النيات، التي يَحسن أنْ نَنْويها عند قراءة القرآن الكريم:

نَحتسبُ قراءته سَبباً لنُزول رحماتِ ربِّنا علينا وقد قرَّر الله -سبحانه- أنَّ كتابه وكلامه، رحمةٌ للمؤمنين والمؤمنات، في آيات كثيرة من كتابه الكريم، فمن ذلك:

1- قال سبحانه {فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ} الأنعام: ١٥٧.

يقول الطبري: فقد جاءكم كتابٌ بلسانكم عربي مبين، حُجة عليكم واضحة بينة من ربكم {وهدى}، يقول: وبيان للحق، وفرقان بين الصواب والخطأ، {ورحمة} لمن عمل به، واتبعه.

2- وقال -تعالى-: {وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} الأعراف: ٥٢.

أي: بهذا الكتاب تحصل للمؤمنين الرحمة، وهي الخير والسعادة في الدنيا والآخرة، وينتفي عنهم الضلال والشقاء، والعذاب والسخط.

3- وقال سبحانه: {هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} الأعراف: ٢٠٣.

فالمؤمن المهتدي بالقرآن، يستبصر به في جميع مطالبه ومقاصده، فعنده الدليل على طريقه الذي يتبعه، ويسير عليه ويهتدي به، فيَأمن بذلك من الشقاء، ويسعد بدنياه وأخراه.

4- وقال -عز وجل-: {وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى ورَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ } يونس: ٥٧.

فالمؤمن وحده، تحصل له الرحمة بالقرآن دون غيره من الناس، وصلاح الحال والمآل.

5- وقال -عز وجل-: {وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً} هود: ١٧.

فكل الكتب السماوية – وأعظمها القرآن الكريم – هي رحمةٌ للخَلق، وهداية لهم، من الجهالة والضلالة والشقاوة.

6- وقال سبحانه {وما أَنزلنا عليكَ الكتابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} النحل: ٦٤.فالمقصد الأعلى لإنزال الكتاب: الحُكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، فهو هداية للعالمين في كل شؤونهم.

7- ومثلها: قوله سبحانه: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ } النحل: ٨٩.

ففي القرآن العظيم، تبيانٌ لكلِّ شيءٍ مما يحتاجه الناس في حياتهم كلها، الدينية والدنيوية، العقدية والتشريعية، الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها.

8- وكذا قوله سبحانه {وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ } النمل: ٧٧. فيؤكد الله -تعالى- هذا الأمر فيقول {وإنه لهدى}. وغيرها من الآيات.

نحتسبُ قراءته لطمأنينةِ قلوبنا، وسَكينة أنفسنا، وراحة أرواحنا فتلاوة القرآن الكريم، فيها الراحة والطمأنينة والسكينة، كما أخبر ربنا بذلك في آيات:

1- يقول الله -تعالى-: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} الرعد: 28.

فقوله: {وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ} قال قتادة: سكنتْ إلى ذكر الله، واستأنست به. انتهى.

فالنفوس تطمئن بقراءة القرآن، والأرواح تسكن بذلك وتستريح، ومعلوم أنَّ سعادة الإنسان في هذه الحياة، هي في اطمئنان قلبه، وراحة باله، واستقرار نفسه، وقد أرشد الله -تعالى- عباده في كلمةٍ موجزة حكيمة، إلى الوسيلة التي تُحقّق لهم هذه السعادة، وتَقِيهم من عذابِ القلق والهمِّ، والحُزن والاضْطراب، وآلام الجزع والهلع، وشقاء الشك والارتياب، فقال جلَّ ثناؤه، وهو أصدق القائلين: {أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} الرعد: 28.

ولا بدَّ أنْ نعلم: أنّ ذكر الله -تعالى- الذي تطمئن به القلوب تماماً، ليس هو مجرد ترديد اللسان للآيات، أو لاسمٍ من أسماء الله -تعالى-، أو صفةٍ من صفاته، وإنما هو بتذكّر ألوهيته ووحدانيته وربوبيته، وعظمته وقوته وقدرته، وقهره وعزته، واستشعار رأفته ورحمته، واستحضار حكمته وعدالته في قضائه وقدره، وشرعه وأحكامه.

2- وعن أَبي هُريرةَ - رضي الله عنه - عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَال: «ما اجْتَمَعَ قَوْمٌ في بَيتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ تَعالَى، يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ، ويَتَدَارَسُونَ هُ بينهم، إِلَا نَزَلَتْ عليهم السَّكِينَةُ، وغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وحَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وذَكَرَهُمُ اللَّهُ فيمَنْ عِنْدَهُ». رواه مسلم. فقوله «ما اجتمع قومٌ في بيت من بيوت الله» أي: المسجد، وأُلحق به نحو مدرسة ورباط. «يتلون كتاب الله ويتدارسونه» أي: يشتركون في قراءة بعضهم على بعض، ويتعهدّونه خوف النسيان.

«إلا نزلت عليهم السكينة» السكينة: فعيلة، صيغة مبالغة، من السُّكون، والمراد هنا: الوقار والرحمة أو الطمأنينة «وحفّتهم الملائكة» أي: أحاطت بهم ملائكة الرحمة. نقرؤه ليَذْكُرنا اللهُ -عز وجل-، كما وَعَدنا بذلك، وهي من أعظم المقاصد. فالله -تعالى- يذكر من يَذكره، كما أخبر بذلك سبحانه، وأخبر بذلك رسوله -صلى الله عليه وسلم -.

1- قال الله -تعالى- {فاذكروني أذكركم} البقرة: 152.

فيا لها من مكافأةٍ عظيمة، ويا له من تفضّلٍ وكرم، من الرب الكريم الوهاب، أنه -جلّ جلاله وعز سلطانه-، يَذكر عباده الذين يذكرونه، مكافأة لهم على ذكرهم إياه، إنه الفضل الذي لا يفيضه إلا الله سبحانه، الذي لا عادَّ لعطاياه، ولا حاسب لفضله.

قال الحسن البصري:‏ إنّ اللّه يذكر من ذكره، ويزيد من شكره، ويعذب من كفره.‏

وقال الحسن البصري أيضا: اذكروني فيما افترضتُ عليكم، أذكركم فيما أوجبت لكم على نفسي.‏

2- ويقول الله -عز وجل-: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} العنكبوت: 45.

وللمفسرين في قوله -تعالى- {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} أقوال: قال ابن الجوزي -رحمه الله-: «قوله -تعالى-: {ولذِكر الله أكبر} فيه أربعة أقوال:

- أحدها: ولذكر الله إياكم، أكبر من ذكركم إياه، وبه قال ابن عباس، وعكرمة، وسعيد بن جبير، ومجاهد. والثاني: ولذكر الله -تعالى- أفضل من كل شيء سواه، وهذا مذهب أبي الدرداء، وسلمان، وقتادة. والثالث: ولذكر الله -تعالى- في الصلاة، أكبر مما نهاك عنه من الفحشاء والمنكر، قاله عبد الله بن عون. والرابع: ولذكر الله -تعالى- العبدَ - ما كان في صلاته - أكبر من ذكر العبدِ لله -تعالى-، قاله ابن قتيبة «انتهى من «زاد المسير» {3/ 409}.

واختار غير واحد من المحققين والمفسرين القول الثالث، وهو أنّ حصول ذكر الله بالصلاة، أكبر من كونها ناهية عن الفحشاء والمنكر. قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: «يَعنِي: أَنَّ الصَّلاةَ تَشتَملُ على شيئَينِ: على تَرْكِ الفَواحِشِ والمُنْكراتِ، أَي: إِنَّ مُواظبَتَها تَحْمِلُ على تَرْكِ ذلك.

وتَشتَملُ الصَّلاةُ أَيضا: على ذِكْرِ اللَّهِ -تعالى-، وهو المطلوبُ الأَكبرُ؛ ولهذا قال -تعالى-: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} أَي: أَعْظَمُ منَ الْأَوَّلِ».

3- وعن أنَس - رضي الله عنه - قال:‏ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -:‏ ‏«قال اللّه -عزّ وجلّ-: يا ابن آدم، إنْ ذكرتَني في نفسِك، ذكرتُك في نفسي، وإنْ ذكرتني في ملأٍ، ذكرتُك في ملأ من الملائكة - أو قال: في ملأٍ خيرٍ منه - وإنْ دنوت مني شبراً، دنوتُ منك ذراعاً، وإنْ دَنوت مني ذراعاً، دَنوتُ منك باعاً، وإنْ أتيتني تمشي أتيتك هرولةً‏». أخرجه البخاري.

4- وفي حديث أَبي هُريرَةَ - رضي الله عنه - السابق: عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَال: «ما اجْتَمَعَ قَوْمٌ في بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ تَعالَى، يَتْلُونَ كتَابَ اللَّهِ، ويَتَدَارَسُونَ هُ بَيْنَهُم، إِلَّا نَزَلَتْ عليهم السَّكِينَةُ، وغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وذَكَرَهُمُ اللَّهُ فيمَنْ عِنْدَهُ». رواه مسلم.

فقوله «وذكرهم الله «أي: أثنى عليهم أو أثابهم {فيمن عنده} من الأنبياء وكرام الملائكة.

ولا أعظم ولا أجلّ؛ من أنْ يذكرك الله فيمن عنده!

5- وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي: «إنَّ الله أمرني أنْ أَقرأ عليك {لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب} البينة:1. قال: وسمَّاني؟! قال: «نعم». فبكى.

وفي رواية: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأُبيّ: إن الله -عز وجل- أمرني أنْ أقرأ عليك. قال: آلله سمّاني لك؟ قال: «اللهُ سمّاك لي». فجعَلَ أُبيّ يبكي. متفق عليه.

فالنبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي بن كعب: إن الله أمرني أن أقرأ عليك: {لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب} فقال أبي: وسمّاني؟ أي: هل نصَّ علي باسمي؟ أو قال: اقرأ على واحدٍ من أصحابك، فاخترتني أنت؟ فقال له: «الله سماك لي» أي: ذكرك لي بالاسم، فبكى أبيٌ - رضي الله عنه -، إما فرحاً وسروراً بذلك، وإما خشوعاً وخوفا من التقصير في شكر تلك النعمة.

قال القرطبي: تعجّب أُبي من ذلك؛ لأنَّ تسمية الله له، ونصّه عليه، ليقرأ عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - تشريفٌ عظيم، فلذلك بكى إما فرحاً وإما خشوعا.

وقال أبو عبيد: المراد بالعرض على أبي، ليتعلّم أبي منه القراءة ويتثبت فيها، وليكون عرض القرآن سُنة، وللتنبيه على فضيلة أبي بن كعب، وتقدمه في حفظ القرآن، وليس المراد أن يستذكر منه النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا بذلك العرض.


وقال القرطبي: خصّ هذه السورة بالذكر؛ لما اشتملت عليه من التوحيد والرسالة والإخلاص، والصحف والكتب المنزلة على الأنبياء، وذكر الصلاة والزكاة، والمعاد وبيان أهل الجنة والنار، مع وجازتها.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 26-02-2021, 08:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,025
الدولة : Egypt
افتراضي رد: النيّات في قراءة القرآن الكريم

النيّات في قراءة القرآن الكريم(6)



الشيخ.محمد الحمود النجدي


القرآن ربيع المؤمن كما أنَّ الغيث والمطر ربيع الأرض وكما يرتاح الناس للربيع ويميلون إليه؛ فكذلك يرتاحُ المؤمن بقراءة كلام الله عز وجل وتلاوته

مما نحتسبُه في قرائتنا للقرآن أنْ يكونَ سبباً لهدايتنا من الشُّبهات والضلالات ونُوراً لأبصارنا من الجَهالات سالكاً بنا إلى الطرق النافعة المفيدة
تعظيم النيات واستحضارها، هي تجارة قلوب الصالحين، من الصحابة -رضي الله عنهم، والتابعين لهم بإحسان، والعلماء الربانيين؛ فإنهم كانوا يعملون العمل الواحد ولهم فيه نياتٌ كثيرة، يحصل لهم بها أجورٌ عظيمة على كل نية، فعندما تتعدد النيات على العمل الواحد، والطاعة الواحدة، يتضاعف الأجر، وتكثر المثوبة، فتكسب أجراً على كل نيه تنويها على العمل الواحد الذي تؤديه مرة واحدة، وقال الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى-: النيِّة أبلغ من العمل.
ونستكمل في هذه الحلقة الكلام عن بعض النيات، التي يَحسن أنْ نَنْويها عند قراءة القرآن الكريم:
جلاء أحزاننا وذهاب همومنا
نقرؤه ونحتسبه لجَلاء أحزاننا، وذهابِ همومنا، وتفريج كروبنا؛ فالقرآن ربيع المؤمن، كما أنَّ الغيث والمطر ربيع الأرض، وكما يرتاح الناس للربيع ويميلون إليه؛ فكذلك يرتاحُ المؤمن بقراءة كلام الله عزوجل وتلاوته.
1- كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم في دعائه، في دعاء الهمِّ والْكُرَبِ والمحن: «اللهم إني عبدُك، ابنُ عبدك، ابن أمتك، ناصِيتي بيدِك، ماضٍ فيّ حكمك، عدلٌ فيّ قضاؤك، أسألك بكل اسمٍ هو لك، سمَّيتَ به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علّمته أحداً من خَلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أنْ تجعلَ القرآنَ ربيع قلبي، ونُور صدري، وجلاء حُزني، وذهاب همّي». رواه أحمد وابن حبان والحاكم. والرَّبِيعُ: هو المَطَرُ المُنْبِتُ للرَّبِيعِ، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : «إنَّ مِمَّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ» رواه البخاري. ومنه ما ورد في دُعاءِ الِاسْتِسْقَاءِ: «اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا، رَبِيعًا مُرْبِعًا».
سبب لهدايتنا
نحتسبُ قراءته أنْ يكونَ سبباً لهدايتنا من الشُّبهات والضلالات, ونُوراً لأبصارنا من الجَهالات, سالكاً بنا إلى الطرق النافعة المفيدة : فقد كثُرت الآيات التي تنبِّهنا إلى ذلك, فمنها:
1- قال تعالى: {ذلك الكتابُ لا ريبَ فيه هدى للمتقين}( البقرة : 2).
وقال (هدىً) بالتعميم؛ لأنه كتاب هداية لجميع مصالح الدنيا والآخرة.
ففيه هداية الناس من الضلال إلى الحق.
2- وقال الله تعالى: {وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاء مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ}(الشورى : 52 - 53).
فقوله (وكذلك) أي: كما أوحينا إلى سائر رسلنا، {أوحينا إليك روحا من أمرنا} قال ابن عباس: نبوة. وقال الحسن: -رحمة- والسدي ومقاتل: وحيا. وقال مالك بن دينار: يعني القرآن. (ما كنت تدري) قبل الوحي، (ما الكتاب ولا الإيمان) يعني: شرائع الإيمان ومعالمه، قال محمد بن إسحاق بن خزيمة: (الإيمان) في هذا الموضع: الصلاة، ودليله : قوله -عز وجل-: {وما كان الله ليضيع إيمانكم}(البقرة: 143).
وأهل الأصول: على أن الأنبياء -عليهم السلام- كانوا مؤمنين قبل الوحي، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعبد الله قبل الوحي على دين إبراهيم، ولم يتبين له شرائع دينه.
(ولكن جعلناه نوراً) قال ابن عباس: يعني الإيمان. وقال السدي: يعني القرآن. (نهدي به) نرشد به، (من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي) أي لتدعو، (إلى صراط مستقيم) يعني الإسلام. (البغوي ).
(ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء) فطبيعة هذا الوحي، وهذا الروح، هذا الكتاب أنه نور، نور تخالط بشاشته القلوب التي يشاء لها الله أن تهتدي به, بما يعلمه من حقيقتها, ومن مخالطة هذا النور لها.
(وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم) وهناك توكيد على تخصيص هذه المسألة, مسألة الهدى, بمشيئة الله سبحانه, وتجريدها من كل ملابسة, وتعليقها بالله وحده يقدرها لمن يشاء بعلمه الخاص, الذي لا يعرفه سواه; والرسول واسطة لتحقيق مشيئة الله, فهو لا ينشى ء الهدى في القلوب، ولكن يبلغ الرسالة , فتقع مشيئة الله.
{وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم. صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض} فهي الهداية إلى طريق الله, الذي تلتقي عنده المسالك؛ لأنه الطريق إلى المالك, الذي له ما في السماوات وما في الأرض; فالذي يهتدي إلى طريقه يهتدي إلى مالك السماوات والأرض الذي إليه يتجه وإليه يصير.
3- وقال تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ۖ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ ۗ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ۖ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ۚ أُولَٰئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}(فصلت : 44).
4- وقال تعالى: {إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا}(الإسراء : 9).
يمدح -تعالى- كتابه العزيز الذي أنزله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وهو القرآن، بأنه يهدي لأقوم الطرق، وأوضح السبل (ويبشر المؤمنين) به (الذين يعملون الصالحات) على مقتضاه (أن لهم أجرا كبيرا) أي : يوم القيامة.
يقول -تعالى- ذكره : إنّ هذا القرآن الذي أنـزلناه على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يرشد ويسدّد من اهتدى به (لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) يقول : للسبيل التي هي أقوم من غيرها من السُّبل، وذلك دين الله الذي بعث به أنبياءه, وهو الإسلام، يقول جلّ ثناؤه: فهذا القرآن يهدي عباد الله المهتدين به إلى قصد السبيل، التي ضلّ عنها سائرُ أهل الملل المكذّبين به.
قال ابن زيد في قوله: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) قال: التي هي أصوب : هو الصواب وهو الحقّ؛ قال: والمخالف هو الباطل. وقرأ قول الله تعالى: (فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ) قال: فيها الحقّ ليس فيها عوج. وقرأ (وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا قَيِّمًا) يقول: قيما مستقيما.
وقوله (وَيُبَشِّرُ المُؤْمِنِينَ) يقول: ويبشر أيضا مع هدايته من اهتدى به, للسبيل الأقصد، الذين يؤمنون بالله ورسوله، ويعملون في دنياهم بما أمرهم الله به، وينتهون عما نهاهم عنه، بأن (لَهُمْ أجْرًا) من الله على إيمانهم وعملهم الصالحات (كَبِيرًا) يعني : ثواباً عظيما، وجزاءً جزيلا، وذلك هو الجنة التي أعدّها الله -تعالى- لمن رضي عمله. (مختصرا من ابن كثير).
5- ونشير هاهنا، إلى الحديث القدسي المشهور، الذي يقول الله -تعالى- فيه: «يا عبادي كلكم ضالٌ إلا مَن هديتُه، فاسْتهْدوني أهدِكم» الحديث رواه مسلم.
فقوله هذا فيه فوائد عظيمة، منها :
ا- تكرار النداء في الحديث في قوله: «يا عبادي» فيه زيادة عناية بعباده، ورأفة ورحمة وشفقة عليهم؛ حيث تكرر النداء في الحديث تسع مرات، وهو أمر يُوحي بالمبالغة في ذلك.
ب - قدم في الحديث الضلالة والهدى، على الجوع والطعام، والعري واللباس، فقال: «كلكم ضال إلا من هديته» قبل قوله : «كلكم جائع» وقوله: «كلكم عار» وذلك من باب تقديم الأهم؛ فالضلال أشد خطرًا من الجوع والعري، والهداية أتم من الطعام واللباس.

وهذا يشعرنا بالاهتمام بالهداية أكثر من اهتمامنا بطعامنا ولباسنا، وأنْ ندرك خطر الضلال، أكثر من إدراكنا خطر الجوع والعري.
جـ - دل الحديث على أنّ كلَّ مَن لم يهده الله فهو ضال؛ ولهذا قال : «كلكم ضال» فلم يستثن من ذلك أحدًا.
د - دل الحديث بصريح لفظه: «إلا من هديته» أن الله هو الهادي المضل, وهذا من كماله -سبحانه وتعالى-؛ فالهداية بيده، فمنه تطلب، وبه يستعان للحصول عليها؛ فعلى من طلبها أن يلتجئ لمالكها، ويستجديه ويلح عليه؛ فإنها فضل منه سبحانه ومنّة.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 146.23 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 142.26 كيلو بايت... تم توفير 3.98 كيلو بايت...بمعدل (2.72%)]