التحرش ومراحل تشكيل الهوية الجنسية للطفل - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5013 - عددالزوار : 2141663 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4594 - عددالزوار : 1421520 )           »          إزدواجية الملتزم بين أخلاق الإسلام وغواية الشيطان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          غـزوة مؤتـة: بداية الفتح الإسلامي وإنهيار دولة الرومان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 54 )           »          إصدارات لتصحيح المسار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 914 )           »          السنة كالقرآن في الأسماء الحسنى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 60 )           »          شـهر رمضـان- أمامك موسم من مواسم الآخرة فاستعد لعمارته بالأعمال الصالحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          قناديل على الدرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 35 - عددالزوار : 8783 )           »          تفسير آيات الصيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 40 )           »          لا تحاســدوا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > ملتقى مشكلات وحلول
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16-11-2020, 03:00 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,942
الدولة : Egypt
افتراضي التحرش ومراحل تشكيل الهوية الجنسية للطفل

التحرش ومراحل تشكيل الهوية الجنسية للطفل












أ. شريفة السديري








السؤال




ملخص السؤال:

أمٌّ تسأل عن حل لمشكلة ابنتها التي تعرضتْ لتحرش من قريب لها، وقد استخدمتْ معها عدة أساليب؛ كالضرب، والهدايا، والنصح، والتشجيع، لكن البنت تغير سلوكها، وتسأل: ماذا أفعل معها فهي تضيع؟



تفاصيل السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ابنتي عمرها 8 سنوات، تعرضتْ للتحرُّش الجنسيِّ مِن قِبَل قريبٍ لها، واكتشفتُ الأمر عندما كانتْ تتحدث مع أختها الصغرى وحين سمعتُ بذلك جلستُ معها، وعرَفتُ الموضوع بالكامل.



في البداية اتهمتْ أخاها الأكبر منها بالتحرُّش، أخبرتُ زوجي بالأمر، وقرر أن نتكلم معها بهدوء لمعرفة كل التفاصيل، وبالفعل سردتْ كل شيء.



أخبرتنا بأنه كان يُناديها وإذا رفضتْ يهددها ويخنقها ويرميها على الأرض.. ثم عرفتُ أن التحرُّشَ كان خارجيًّا.



ضربتُها لأنها لم تُخبرني بما حدَث وقت حُدوثه، مع العلم بأني لا أتركها، لكن الفتى كان يستغل وجودها مع الفتيات ويُناديها ويُهَدِّدها.



أخبرتُ أم الفتى بالموضوع، وهي أخبرتْ زوجها، وضربوه، لكن زوجي أَصَرَّ على أن يضربَ الولد أمام ابنتي؛ حتى يُشعِرَها بأنه أخَذ بحقِّها!



المشكلة أن ابنتي تغيرتْ جدًّا، أصبحتْ تُؤذي إخوتها، وتكسر أغراضها وتُخَبِّئها في حقائب إخوتها لتتهمهم! أصبحتْ عُدوانية تجاه الجميع، وتسبني وتسب والدها، وتسرق أدوات زميلاتها في المدرسة!



قامت بإفراغ الحبر من القلم الحبر، وفتحتْ فم أخيها، ووضعت الحبر فيه، وهو طفل عمره عامان، وعندما واجهتها أقسمتْ أنها لم تفعلْ، ناقشتُها بهدوء، وأخبرتْني بأنها مَن فعَلت ذلك، فسامحتها، ثم بادرتُ بالخروج من الغرفة، فشتمتني!!



عدت إليها وكلمتها بأن هذا لا يصح، وأنا لا أريدك، لا أريد ابنةً تشتم والديها، وتؤذي إخوتها، ثم طلبتُ منها أن تُلَمْلِمَ أدواتها وملابسها، فشتمتني!!



عجزتُ عن التعامل معها، وأُصِبْتُ بالهَمِّ، وقلبي مَحروقٌ عليها، تعبتُ مِن كثرة ما أتتبَّع مِن نصائح المختصين ولا فائدة!



أغيثوني، فأنا أعاني، فالضرب لا ينفع، والنصائح والهدايا لا تنفع، أُصِبْتُ بالتعَب والعجز، ودخلتُ المستشفى بسببها.



وللعلم فقد قاطعتُ أهل الولد نهائيًّا منذ أشهر

والله عجزتُ ودموعي لا تجف، وهي مستمرة في الشتم والسب

فماذا أفعل؟


الجواب



أهلاً بكِ عزيزتي، وشكرًا لثقتك في شبكة الألوكة.

بدأتِ رسالتَك بعرْض المشكلة الرئيسية، ثم أنهيتِها بعرْض نتائج وآثار هذه المشكلة.


ابنتُك تعرَّضَتْ لتحرش جنسيٍّ مِن قريب لها، وهذا التحرُّش رغم أنه كان خارجيًّا فقط، إلا أن آثاره النفسية يبدو أنها تعمَّقَتْ كثيرًا في نفسها.


لم تذْكُري لنا الفترة الزمنيةَ التي استمر خلالها التحرش، ولكن ذكرتِ أنه كان يُصاحبه عنفٌ وتهديدٌ من الفتى تجاه ابنتك، وهذا يزيد الآثار النفسية سوءًا.


وحتى نكونَ قادرينَ على فَهْم الأمر والتعامُل معه بحكمةٍ، يَجِب أن نفهمَه جيدًا، ونَفْهَمَ شعورَ ابنتك، وما كانتْ تُفَكِّر فيه ويجول في رأسها طوال الوقت، فلو فهمتها وعرفتِ مشاعرها وأحاسيسها ستكونين قادرةً على التعامل معها بحكمةٍ، وحل الأمر ومعالجته معها.


ومن هنا علينا أن نعرفَ المَراحل التي يَمُرُّ بها الطفلُ لتشكيل الهُوِيَّة الجنسية لديه، وفيما يلي مَراحل تشكيل الهُوِيَّة الجنسيَّة:

"السنة الأولى:
تتميَّز المرحلةُ الأولى مِن النموِّ بأنَّ الطفل يتعرَّف على العالَم مِن حوله بواسطة حواسِّه الخمس، وكذلك يتعرف على ذاته من خلال تجاربه الحِسِّيَّة، فجسمُه هو جزءٌ من البيئة حوله، والتي يُحاول التعرف عليها مدْفوعًا بحب الاستطلاع الطبيعي وبالمتعة التي توفرها له تجاربُه الحِسِّيَّة مع العالم المحيط به، بما في ذلك جسمُه.

من 2 إلى 5 سنوات:
عندما يبدأُ الأهل في تدريب الطفل على التحكُّم في عملية التبوُّل والتبرُّز يزداد فُضُولُه في استكشاف أعضائه الجنسية، واختبار المُتعة التي تَحْصُل كنتيجة لمداعبتها، علمًا بأنَّ النِّهايات العصَبيَّة والحِسِّيَّة للأعضاء الجنسية تكون قد اكتَمَلَتْ مما يُفَسِّر شعور الأطفال باللَّذَّة، لكن هذا الشعور يختَلِف عن المُتعة الجنسيَّة التي يشعرُ بها البالغون؛ لأنَّ الأطفالَ ليستْ لديهم رغبةٌ جنسيةٌ ليُعَبِّروا عنها، ولكنهم يُكَرِّرون مُداعبة أعضائهم بسبب اللذة التي اختبروها مُسبقًا.

وتتميَّز هذه المرحلةُ أيضًا باهتمام الأطفال بأجساد الآخرين، مِن خلال المراقَبة والتساؤل حول المواقف الحيَّة اليومية؛ مثلاً: قد تُجَرِّب الطفلةُ الأنثى أن تتبوَّل وهي واقفة، مُقَلِّدة الذكور من حولها، أو قد يتم التعبير عن هذا الفضول مِن خلال اللعب، وقد يُعَبِّرون عن رغبتهم في الزواج بدون أن يُدْرِكوا المعنى الفعلي للزواج، هذا بالإضافة إلى استكشاف أجسادِهم مع نفس الجنس مِن خلال سلوكيات مِثليَّة.

من 6 إلى 9 سنوات:
في هذه المرحلة يستمُّر حبُّ الاستِطْلاع لاستِكشاف هذه التغييرات وفَهمها، ومن ثَم فقد يَنْشَغلون بمُراقَبة وتحسيس أعضائهم أو عَرْضها على آخرين، أو مشاهدة أعضاء الآخرين، وقد يُمارِسون الاستمتاع الذاتي؛ كلُّ ذلك جزءٌ من التعلم الجنساني والاختلافات بين الذكر والأنثى، كما يبدأ الأطفالُ في هذه المرحلة باستخدام المصطلحات الجنسية، أحيانًا لشتم زملائهم، أو للتباهي بمعلوماتهم الجنسية أمام زملائهم.

من 10 إلى 12 سنة:
خلال هذه المرحلة يكون التطوُّرُ الجنسيُّ نشِطًا وسريعًا، مع ظُهُور علامات البُلُوغ؛ كالحيض، ونموِّ الثَّدْيين لدى بعض البنات، بينما يتغيَّر صوتُ الذكور، وينمو شعرُ العانة لديهم، وقد تُسَبِّب هذه التغييرات شُعورًا بعدم الراحة والإحراج، مما يُدخل الطفل في خانة الانطواء، وتكبر الحاجةُ لمُمارَسة الاستمتاع الجنسيِّ الذاتي.

من 12 إلى 18 سنة:
يكتَمِلُ النموُّ الجسمي خلال هذه المرحلة، وتنشط التخيُّلات الجنسية والاحتلام الليلي لدى الذُّكور والإناث؛ بسبب التغيُّرات الهرمونيَّة، وتكون هناك تقلُّبات حادَّة في المزاج تُسْفِر عن توتُّر في العلاقة ما بين الطفل وأهله، وتتشكَّل الهُوِيَّة الجنسيَّة ويكبُر الاهتمامُ بالمظهر الخارجي وبردود فعل الآخرين عليه، كما يزْداد الاهتمامُ ببناء علاقاتٍ حميميَّة مع شخص آخر"؛ كانتْ تلك المعلومات السابقة مِن منتدى الجنسانية، وأنصحك بالاطلاع عليه للاستفادة مِن المقالات والمواضيع المكتوبة فيه على يد المختصين.

والآن بعد أن عرَفنا مراحل تشكيل الهُوِيَّة الجنسيَّة للطفل، علينا أن نعرف الآثار التي قد يتركُها التحرشُ في نفسية الطفل، وهناك اعتقادٌ بأنَّ التحرُّش يترُك آثارًا دائمة مدى الحياة، بينما في الحقيقة يمكننا أن نجعلَ الطفل يَتعافَى مِن هذه الآثار إنْ دعَّمْناه وقدَّمنا له المساعدة والمساندة الصحيحة والمطلوبة ليتخطَّى الأمر، ويخرجَ منه بأقل الخسائر.




ولذلك علينا أن نعرفَ أولاً الأمور التي تُؤَثِّر على الآثار النفسية للتحرُّش، وتجعلها تزيد أو تنقص، وهي كالتالي:

سن الطفل عند بداية التحرُّش الجنسيِّ:

كلما كان سنُّ الطفل صغيرًا عند بداية التحرُّش حَمَل معه ذكريات حسيَّة أو جسديَّة للتحرُّش، وغالبًا لا يستطيع التعبير عنها، ولا توجد كلمات يُعَبِّر بها عن غضبه، وكلما حدثت الإساءةُ قبل سن البلوغ وقبل تأكُّد الهُوِيَّة الجنسية كان تأثيرُ تلك الإساءة أعمقَ.

العلاقة بين المعتدي والطفل:

ثقة الطفل في راعيه الأول ضروريَّة ومهمة في علاقاته بعد ذلك؛ لذلك كلما كانتْ درجةُ قَرابته بالمعتدي كبيرة كان شعورُه بالخيانة أعظم.

كم من الوقت استمر الاعتداء؟

كلما طال أَمَدُ الاعتداء لام الطفل نفسه أكثر؛ لاعتقاده أنه كان باستطاعته إيقافه، وزاد اعتقاده بأنه سيئ ومُذنبٌ.

وُجُود عُنف أثناء الاعتداء:

في معظم الأحوال عندما يتضمَّن الاعتداءُ الجنسيُّ وجودَ عنفٍ أو تهديدٍ إذا لم يتعاوَن الطفلُ، يكون الأذى النفسيُّ أكبرَ.

المحيط الاجتماعي الذي يوجد فيه الطفلُ أثناء التحرُّش:

عندما يجد الطفلُ مَن يُكَلِّمه عن التحرُّش ويُحَذِّره منه، يكون ذلك أفضل كثيرًا مِن طفل لا يجد مَن يُكَلِّمه، وفي بعض العائلات قد يُفَضِّل الطفلُ ألا يتكلَّم خوفًا مِن العواقب؛ مثلاً: قد يُفَكِّر الطفلُ ويقول في نفسه: "لو قلت لوالدي: إنَّ أخي يستغلني جسديًّا قد يؤذيه أو يقتله ويدخل السجن"، أيضًا ردُّ فعل البالغين عندما يُخبرهم الطفل بالاعتداء فمن المهم جدًّا الهدوء البالغ في التعامل مع ذلك الموقف، ومن الطبيعي أن تشعرَ بالغضب المدمِّر، ولكن الطفل قد يشعُر أن ذلك الغضب مُوَجَّه إليه، ولا بد أن يشعرَ الطفلُ بالأمان والمساندة حتى يستطيعَ الكلام، ويستفيدَ كثيرًا عندما يعرف أنَّ ذلك قد حدث لأطفال آخرين؛ سواء أكانوا بناتًا أم أولادًا.

الهُوِيَّة الجنسيَّة:

كلما كانت الهُوِيَّة الجِنسيَّة لدى الطفل مُكَوَّنة كانت الإساءةُ الجِنسيَّة أقل وقْعًا، وكلما كان إحساسُ الطفل بنفسه وتقبُّله لها قويًّا في وقت الإساءة كانت العواقب أقل.

والآن وبعد أن عرَفنا كل هذه التفاصيل، علينا أن نُراجِعَ ما حصَل معكما، ونقيسه على هذه المعلومات؛ لنخرج بالصورة الأدق، والخطة الأفضل للتعامل مع الأمر، وسنستعمل جدولاً لنوضِّح بالضبط كل جانب، والأثر الواقع عليه.



سن الطفل عند وقوع التحرُّش
ابنتُك عمرها 8 سنوات، مما يجعلها تجد صُعوبةً في التعبير عن مشاعرها، وربما لهذا السبب تلْجَأُ للضرْبِ والعُدوانية مع مَن حولها؛ لأنها تشعُر بغضب وانزعاجٍ كبيرَيْنِ داخلها، لكنها غير قادرةٍ على التعبير عنه بالكلمات، وتَوَدّ أن تلفتَ انتباهك لها لتُساعديها!
قرابة المعتدي بالطفل
قَرابة المتحرِّش العائلية، وربما كونه محلَّ ثقة بالنسبة لها جعل الأمرَ أصعب عليها، وجَعَلَهَا غير مطمئنة لمن حولها، ولا تثق بهم، ومن ثَم تشعر بالخوف مِن أن يؤذوها كما فعَل هو مِن قَبْلُ.
الفترة الزمنية التي استمر خلالها
لَم تذكُري لنا شيئًا عن الفترة التي استمر فيها التحرُّش أو تَكراره، لكن في كل الأحوال ربما ترك أثرًا مِن الإحساس بالذنب لدى ابنتك، خصوصًا أنَّ ردة فعلك بأن ضربتِها حين أخبرتك جعلتها تعتقد أنها مخطئة، ومن ثَم تشعُر بالذنب وتأنيب الضمير!
وجود عنف أثناء التحرُّش
تعرُّضها للعنف الجسديِّ والنفسيِّ واللفظيِّ مِن المعتدي، وتهديده لها بالخنق والضرب؛ فهذا ترَك أثرًا أصعب وأعمق على نفسيتها.
المحيط الاجتماعي وتعامله مع الأمر
تعاملكِ أنت ووالدها مع الأمر اتسم بالعنف؛ حيث ضربتِها أنتِ حين أخبرتكِ، ثم ضرَب والدها الفتى أمامها ليأخذَ لها حقها، فهذا العنفُ جَعَلَها تشعُر بالخوف؛ لأنها لا تفهم الأمر ولا تستوعبه جيدًا كما تستوعبونه أنتم، وترى نفسها شاركتْه في فعله كما أوْهَمَها وأخْبَرَها.

ومِن ثَمَّ فهي تخاف أن تجد منكم العنف نفسه الذي أخذه الفتى "مرة أخرى"؛ لأنها تعرضتْ له عندما أخبرتْكم، وهذا يجعلها تشعُر بالخوف والتهديد بدل الأمان.
الهُوِيَّة الجِنسيَّة
في مرحلتها العُمرية فإنَّ الهُوِيَّة الجِنسيَّة تشكَّلَتْ إلى حدٍّ كبيرٍ؛ مما يجعل آثارَ الإساءة الجِنسيَّة أقل خطَرًا عليها، ولكننا غير متأكدين مِن ذلك، لذا علينا أن نتأكَّدَ مِن الأمر، ونتعامَل معه بشكل سليمٍ وحكيمٍ حتى نُخَفِّفَ مِن الآثار الحالية ونُهَوِّنُها.







الآن وبعد أن عرفتِ كلَّ هذه المعلومات، وقبل أن نضعَ خطة لعلاج الأمر والتعامُل معه، اسمحي لي أن أكونَ صريحةً معك:

ردةُ فعلكِ أنتِ ووالدها وتعاملكما مع الأمر فيما بعدُ كان صعبًا جدًّا بالنسبة لها وللفتى المعتدي أيضًا، أنا أفهم جيدًا حجم الصدمة التي شعرتُما بها أنتِ ووالدها وأنتم تسمعان لابنتكما التي هي أغلى مِن روحكما تحكي لكما هذه التجربة الصعبة التي لم يخطر يومًا ببالكما أنكما ستتعرضان لها، ولكنكما ولشدة الصدمة نسيتما أن صدمتَها وخوفها أكبر من خوفكما!

أنتِ لَم تستطيعي التعامُل مع مشاعرك بشكلٍ جيدٍ، وفرغتِ غضبك كله عليها، وقمتِ بضربها بعد أن حكتْ لكِ الأمر، وأنتِ هكذا لقَّنتِها درسًا عمليًّا مفادُه أمران:

حين لا تستطيعين التعامل مع مشاعرك، فالضربُ سيُريحك!



حتى تُعَبِّري عن غضبك ورفضك لأمر ما اضربي الشخص الذي أزعجك لترتاحي، أو سببي له أذى.




أعرف أنك لَم تقصدي ذلك أبدًا، لكن للأسف هذا ما يصل للطفل حين نضربه، فنحن نُعَلِّمه أن يفعلَ ذلك دون أن نشعرَ، ثم نعاقبه حين يُقَلِّدنا!

ثم بعد ذلك أخذتِ تنتقلين بين الطرفين في التعامُل معها، إما الضرب والعنف وإخبارها بأنك لا تريدينها، وتطلبين منها مغادرة المنزل؛ مما يجعل إحساسها بعدم الأمان والتهديد يتضاعف، وإما تنصحينها وتجلبين لها الهدايا، فتشعر هي بأنكِ تكفرين عن ذنبك حين ضربتها، فتعاقبك بمزيدٍ من العدوانية لتنتقمَ منك، وتُعَبِّر عن غضبها، فلم تتبعوا مَسارًا واحدًا وخطةً واضحةً للتعامل مع الأمر، ولم تعرفي أسباب هذا العنف لتعرفي التصرف الأمثل معه؛ لذلك لم تصلوا لنتيجة، وأخيرًا ألقيتِ اللوم عليها؛ لأنها سبَّبَتْ لكِ العجز وأدخلتكِ المستشفى!

ما لا تعرفينه أن ابنتك تشعر بمشاعرك هذه، وتشعر أنكِ تعتقدين أنها السبب لدخولك المستشفى، وأنها السبب لتعبك الدائم، وأنها السببُ في مقاطعتك لأهل الفتى وهم أقرباؤك، وابتعاد كل منكما عن الآخر.

هي تشعر بالذنب لأنها السبب في كل هذه الأمور؛ لكنها لا تعرف ماذا تفعل لتخفِّف هذا الشعور، أو تُعَبِّر عنه، فتستخدم طريقتك في الضرب والعنف تجاه إخوتها بل ووالديها أيضًا!

اعذري وُضُوحي في الكلام وصَراحتي معكِ، لكن العلاج يتطلَّب مُواجَهة للنفس، ومعرفةً واضحةً بأخطائها لنصلحَ ما يمكننا إصلاحه وتعديله، لذا لا تحبطي لكلامي، ولكن اجعليه مرآة لكِ ترين مِن خلاله خطأكِ وتعديله وإصلاحه!

أخيرًا ما هي الخطة للتعامُل مع الأمر؟
نحن نريد أن نتعامل مع نفسية ابنتك المتعبَة بسبب ما تعرضتْ له، ونعيد بناء الثقة بينكما، ونريد أن نفرغَ الضغط النفسي الذي تعيشه ابنتُك بصورةٍ غير مباشرة.

الأمر الثاني نستطيع أن نُعالِجَه بأن نزيدَ مِن نشاطاتها الجسدية، كإشراكها في نشاطات ما بعد المدرسة إن وُجِدَتْ في مدينتكم؛ كالسباحة، أو الرسم، أو النشاطات الثقافية المختلفة؛ لأن هذه الأمور تجعلها تَشْغَل تفكيرها في أمر آخر بعيدٍ عن المشكلة التي مرتْ بها، وتفرغ مشاعرها النفسية المكبوتة في أمورٍ ونشاطاتٍ جسديةٍ تَزيد من إحساسها بقدرتها على الإنجاز، وتزيد مِن تقديرها لذاتها.

وبالنسبة للأمر الأول، فإننا حتى نساعدَ ابنتك عليكِ أن تُساعديها على التعبير، ولكن الأمر حساسٌ جدًّا هنا؛ لأنها قد ترفُض الكلام، وقد تتكلم، لكن لا تجد ردة الفعل الداعمة، لذا من الأفضل أن تذهبوا معًا كأسرة لمختصٍّ نفسيٍّ، أو أسريٍّ مختصٍّ في التعامل مع حالات التحرُّش الجنسي، حتى يساعد ابنتك على التعبير عن الأمر، وإخراج كل المشاعر السلبية التي تشعر بها، ويُعيد بناء الآثار السيئة التي سببها الأمرُ لها.

ثم تجلس معكِ أنتِ ووالدها، وتستمع لكما ولمشاعركما تجاه الأمر، وتفَسِّر لكما مشاعر ابنتكما وتصرفاتها، وكيف تتعاملان معها بشكل جيد وحكيم.

هذا هو الحلُّ الأمثلُ والأنسب الذي أنصحكم به، حتى نعالجَ الآثار الكبيرة والصغيرة على المدى الطويل، ليس فقط لابنتكم، ولكن لكِ أنتِ ووالدها أيضًا، ولتصبحوا على بينة ومعرفة بكيفية التعامل الصحيح والسليم معها ومع إخوتها أيضًا.

أخيرًا أرجو أن أكونَ قد أجبتُ عن جميع التفاصيل التي تُهمك، وإن أغفلتِ أمرًا أو أردتِ التعليق على نقطة ما ومناقشتها، فلا تترددي في مراسلتنا مرة أخرى.




وأسأل الله لكِ الطمأنينة والاستقرار الدائمين




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 65.50 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 63.83 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.55%)]