العلمانية نشأتها وتطورها وآثارها في الحياة الإسلامية المعاصرة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         كتاب الصيام والحج من الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 23 - عددالزوار : 29 )           »          وصفات طبيعية لتعزيز نمو الشعر بخطوات بسيطة.. من جل الصبار لعصير البصل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          5 أفكار مريحة لغرفة النوم لتجديد منزلك.. موضة ديكور 2025 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          أفضل طريقة لإزالة المبيدات من الفاكهة والخضراوات.. خلى اللانش بوكس صحى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          دايماً بتأجل ومكسل طول الوقت.. 5 خطوات تساعد على تعلم مهارات جديدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          بتحس بتعب طول اليوم.. 5 خطوات للتخلص من الشعور بالإرهاق اليومى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          وصفات طبيعية من النعناع للعناية بالشعر.. تنظيف وتقوية ونمو (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          على طريقة الجدات والأمهات.. 6 حيل لخفض تكاليف الفواتير المنزلية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          مش عايز يروح المدرسة.. إزاى تخلى طفلك يستعد للعام الدراسى الجديد؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          طريقة عمل الطحينة فى البيت بمكونات بسيطة وسريعة.. بدل ماتشتريها من برا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > الحدث واخبار المسلمين في العالم > ملتقى الملل والنحل
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الملل والنحل ملتقى يختص بعرض ما يحمل الآخرين من افكار ومعتقدات مخالفة للاسلام والنهج القويم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-03-2007, 05:22 PM
الصورة الرمزية ابو الزبير المقدسي
ابو الزبير المقدسي ابو الزبير المقدسي غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2007
مكان الإقامة: في ارض الله
الجنس :
المشاركات: 388
افتراضي العلمانية نشأتها وتطورها وآثارها في الحياة الإسلامية المعاصرة

  • <LI class=title>العلمانية نشأتها وتطورها وآثارها في الحياة الإسلامية المعاصرة
  • الشيخ الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي
ملخص هذه المادّة
تحدثت مقدمة الكتاب عن التقليد الأعمى الذي أصاب الأمة الإسلامية، والذي تمثل في الانبهار القاتل بالأمم الأخرى والاستمداد غير الواعي من مناهجها ونظمها وقيمها، ومن خلالها تبين سبب اختيار موضوع العلمانية؛ مع ذكر المباحث التي اشتملت عليها هذه الرسالة، وجاء في ختام هذه المقدمة بيان معنى العلمانية ومدلولاتها وموقف الإسلام من هذا الغزو الوافد على بلاد المسلمين.

ثم ورد الحديث عن التحريف والابتداع في الدين النصراني، وابتدئ بالحديث عن تحريف العقيدة سواء كان في قضية الألوهية أو تحريف الأناجيل وتأليف الأناجيل الكاذبة، ثم انتقل إلى الحديث عن تحريف الشريعة متمثلاً في فصل الدين عن الدولة، مدعين نسبتها إلى المسيح عليه السلام، ثم تحدث عن البدع المستحدثة في الدين النصراني كالرهبانية والغلو في الدين والأسرار المقدسة وعبادة الصور والتماثيل والمعجزات والخوارق وصكوك الغفران، التي جعلت النصرانية توصم بأنها ديانة تركيبية انصهرت فيها عقائد وخرافات وآراء متباينة شكلت ديناً غير متسق ولا متجانس.

تلا ذلك ذكر الأسباب التي أدت إلى ظهور العلمانية في المجتمع الأوروبي، وبيان الصراع بين الكنيسة والعلم في القرن السابع عشر والثامن عشر ومطلع العصر الحديث، والذي يعتبر من أعمق وأعقد المشكلات في التاريخ الفكري الأوروبي. ثم ورد الكلام عن الثورة الفرنسية التي كانت فاتحة عصر جديد ضد الكنيسة والملاك الإقطاعيين، وقد جرى الحديث بعده عن الفكر اللاديني ومدارسه الإلحادية التي سعت إلى تقويض الدين واجتثاث مبادئه من النفوس، واختتم هذا الباب بالكلام عن نظرية التطور الداروينية.

وقد تطرق الكتاب إلى الحديث عن العلمانية في الحكم بعد ذلك، فبيّن أن عملية الفصل بين السياسة وبين الدين والأخلاق بمفهومها المعاصر لم تكن معروفة لدى سياسيي القرون الوسطى، ثم تكلم عن العلمانية في الاقتصاد، وبين أن للكنيسة أثراً فعالاً في اقتصاد القرون الوسطى، موضحاً أثر المذاهب اللادينية على الاقتصاد، ثم تحدث عن علمانية العلم الناتجة عن الصراع بين الكنيسة والعلم.

وعقب هذا انتقل إلى الحديث عن العلمانية في الاجتماع والأخلاق وأثرها على المجتمعات اللادينية في القرون الوسطى والعصور الحديثة، مع بيان أثر العلمانية في الأدب والفن والذي أدى إلى ضياع المجتمعات الغربية اللادينية.

وبعدها تكلم عن أسباب العلمانية في الحياة الإسلامية، فبين أن انحراف الأمة الإسلامية في مفهوم الألوهية والإيمان بالقدر من أسباب تقبل المسلمين الذاتي للأفكار العلمانية، وكذلك التخطيط اليهودي الصليبي وتنفيذه في الحملات الصليبية على العالم الإسلامي كان له الأثر الكبير في انتشار العلمانية في البلاد الإسلامية، ثم انتقل إلى بيان مظاهر العلمانية في الحياة الإسلامية، وأكد أن هذه المظاهر العلمانية قد أدت إلى إنشاء جيل أكثر مسخاً وانحلالاً، مما أدى إلى انتشار الفوضى الأخلاقية في جميع أرجاء العالم الإسلامي.

واختتم الكتاب ببيان حكم العلمانية في الإسلام، ثم ورد توضيح بعض النواحي التي تتنافى فيها العلمانية مع الإسلام، مع ذكر النتائج السيئة التي يجنيها الإنسان بسبب اعتناقه لنظام العلمانية.


عناصر العلمانية نشأتها وتطورها وآثارها في الحياة الإسلامية المعاصرة
  • 1 - تمهيد

    وَقَالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ * وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِباً أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ [النحل:51-52]

    قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162-163]

    أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [المائدة:50]
  • 2 - مقدمة الكتاب

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
    أما بعد: فقد أعظم الله تعالى المنة على هذه الأمة بأن بعث فيها أفضل رسول، وأنزل إليها أكمل دين وأقوم شريعة، فكانت الأمة التي استحقت أن تسمى "المسلمين" لتحقق معاني الإسلام فيها؛ إسلام القلب والجوارح، إسلام الفرد والمجتمع، إسلام الحياة كلها لله تعالى وحده لا شريك له.
    وهو الإسلام الذي تضمنته تلك الكلمة العظيمة التي تعدل الكون كله؛ بل ترجح به (لا إله إلا الله) وظلت الأمة الإسلامية قروناً تقود الجماعة البشرية، وتسيطر على العالم المتحضر إلا قليلاً، وتتبوأ مركز الأمة الوسط بين العالمين؛ كل ذلك بفضل إدراكها لتلك الكلمة العظيمة، والعمل بمقتضاها، وتحقيق مدلولها في واقع الحياة، ثم أخذ شأن الأمة الإسلامية في الانحطاط، وحضارتها في الذبول، وفقدت شيئاً فشيئاً، مركزها المرموق ومنزلتها السامية، ولم يكن لذلك من سبب إلا أن نور (لا إله إلا الله) قد خفت، ومقتضياتها قد أهملت، ومدلولاتها قد انحسرت.
    ولما كانت كلمة (لا إله إلا الله) هي روح هذه الأمة وسر وجودها ومنبع حياتها، فإنها ظلت تفقد من ذاتيتها وأصالتها بمقدار ما تفقد من نور هذه الكلمة العظيمة، حتى آل الأمر في العصور الأخيرة إلى الفقدان الكامل أو شبه الكامل.
    وعندما تصاب أمة من الأمم بهذا المرض المدمر "فقدان الذات" فإن أبرز أعراضه يتمثل في الانبهار القاتل بالأمم الأخرى والاستمداد غير الواعي من مناهجها ونظمها وقيمها .
    وقد وقع ذلك في حياة الأمة الإسلامية تأويلاً لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لتركبن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى لو أن أحدهم دخل جحر ضب لدخلتم، وحتى لو أن أحدهم جامع امرأته بالطريق لفعلتموه }.
    ولم يكن أخطر من هذا المرض إلا الجهل بحقيقته وعدم إدراك أسبابه، فكان التشخيص الخاطئ سبباً في العلاج الخاطئ، الذي جاء بمضاعفات جديدة.
    لقد خُيِّل للأمة أن هذا الداء العضال يمكن مداواته باستعارات ساذجة، ومظاهر جوفاء، وترقيعات صفيقة، تتلقاها جميعها من الكفار الذين أصبحت تخجل من أن تسميهم بهذا الاسم؛ بل أسمتهم "العالم المتحضر" و"الأمم الراقية"!!
    وكان استعدادنا الذاتي وقابليتنا للذوبان هما المبرر الأكبر للحرب النفسية الشرسة التي نسميها "الغزو الفكري" تلك التي استهدفت مقومات وجودنا وأسس أصالتنا.
    وجاءت طلائع الغزو الفكري -كما هو الحال في سبل الشيطان- متعددة الشعارات، متباينة الاتجاهات، عليها من البهرجة والبريق ما يكفي لتضليل وإغراء أمة منبهرة مهزوزة.
    جاءت الاشتراكية والقومية والوطنية والديمقراطية والحرية وفلسفة التطور واللادينية، وغيرها من المسميات والشعارات، وسرت عدوى هذه الأوبئة سريان النار في الهشيم، وتغلغلت في العقول والقلوب التي فقدت رصيدها من (لا إله إلا الله) أو كادت، وتربت على ذلك أجيال ممسوخة هزيلة، أخذت على عاتقها مهمة تعبيد أمتها للغرب والإجهاز على منابع الحياة الكامنة فيها.
    ومرت في مطلع هذا القرن حقبة مظلمة، راجت فيها سوق الأفكار الموبوءة والمذاهب المنحرفة، حتى أظهر أعداء الإسلام تفاؤلهم بأن هذه الأمة ستلفظ أنفاسها عما قليل.
    ولكن الله تعالى رد كيدهم في نحورهم، وأنبت في وسط الركام والظلام رجالاً صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فانفجرت في كل بلد إسلامي حركة جهادية، وانبثق من تلك الحركات فكر أصيل يستمد من الكتاب والسنة مباشرة، مهتدياً بالوثبات التجديدية التي لم يخل منها عصر من عصور الإسلام، وتكمن قوة هذا الفكر -بل حياته- في سر واحد فقط، هو إدراك أن سبب انحطاط هذه الأمة هو انحرافها عن حقيقة "لا إله إلا الله" وأن الطريق إلى بعثها يبتدئ من تصحيح مفهوم هذه الكلمة وما تفرع منها، وإزالة ما علق في ذهن الأمة حولها من غبش واضطراب .
    وكان مقتضى هذا الإدراك -من الوجهة المنهجية العلمية- أن ما يسمى "علم الكلام" الذي شغل علماء العقائد الماضون به أنفسهم أصبح مسألة تاريخية، وأن العودة إلى صفاء العقيدة الإسلامية ووضوح تصوراتها ومفهوماتها تستدعي منهجية أصيلة نقية كل النقاء من التأثيرات الإغريقية القديمة، ومن إيحاءات وسموم الغزو الفكري الحديث.
    ولم يكن الإيمان بهذه الحقيقة سهل المنال؛ بل إن الرجال الذين اكتشفوها عانوا بأنفسهم مرارة التجربة وهم يحاولون دراسة الإسلام وفق منهجية غريبة عنه، ورأوا أن من حق دينهم ومن حقنا نحن الأجيال التالية ألا تتكرر المأساة، وأن ينيروا الطريق باختطاط منهج علمي أصيل، وتأسيس دراسات إسلامية تخصصية تدرس العقيدة الإسلامية، بل تدرس الأفكار والمذاهب غير الإسلامية على ضوء ذلك المنهج الأصيل.
    وكان من هؤلاء الرجال: الشيخ الفاضل محمد أمين المصري رحمه الله (الرئيس السابق لقسم الدراسات العليا بكيلة الشريعة بـمكة المكرمة ) الذي بذل جهده لإدخال مادة "المذاهب الفكرية" ضمن برنامج الدراسات العليا لفرع العقيدة.
    وكان من توفيق الله -تعالى- أن عهد بتدريس هذه المادة إلى علم من أعلام الفكر الإسلامي المعاصر، هو الأستاذ "محمد قطب " حفظه الله .
    وكان من توفيقه سبحانه لكاتب هذا البحث أن يلتحق بفرع العقيدة، وأن يختار رسالته لنيل درجة التخصص الأولى "الماجستير" في هذه المادة وعلى يد ذلك الأستاذ.
  • أسباب اختيار المؤلف لموضوع العلمانية

    وإذ كان عليَّ أن أختار مذهباً فكرياً ليكون موضوعاً لرسالتي، فقد هداني الله لاختيار مذهب العلمانية وآثرته على غيره لأسباب، منها:
    1- غموض المدلول الحقيقي لهذا الاصطلاح الخادع بالنسبة لكثير من المثقفين فضلاً عن العامة، فبالرغم من الكساد الذي بدأت المذاهب الأخرى كـالشيوعية والاشتراكية تمنى به بعد اكتشاف الجماهير لحقيقتها، ما تزال أسهم العلمانية مرتفعة، سواء باسمها الصريح، أو تحت شعار الديمقراطية ، أو شعار "الدين لله والوطن للجميع" أو شعار "لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين".
    2- التوافق بين ذات العلمانية بوصفها فكرة غربـية واعية وبين موضوعها المتمثل في عزل الدين عن توجيه الحياة، وهو ما يعاني منه الواقع الإسلامي المعاصر، فـ العلمانية -موضوعياً- موجودة في كل نواحي الحياة الإسلامية المعاصرة، وإن لم يكن لها وجود ذاتي متكامل، كما هو الحال في أوروبا .. هذا التوافق يجعل تقبلها -ذاتياً- أمراً سهلاً، ومن ثم يحتم على ذوي الاختصاص دراستها وكشف زيفها وإيضاح تعارضها مع المفهوم الصحيح للإسلام ومقتضيات "لا إله إلا الله" .
    وقد عرفت منذ اللحظة الأولى أن مهمتي ليست بيسيرة، وأن عليَّ أن أخوض في ميادين بعيدة عن مجال دراستي الشرعية البحتة، جاعلاً كل قراءاتي السابقة في الفكر الغربي بمثابة التمهيد فقط لما يجب علي أن أنهض به.
    وفعلاً خصصت نصف المدة المحددة للرسالة -تقريباً- في اطلاع دائب وقراءة متواصلة، مسترشداً بالتوجيهات القيمة والآراء السديدة التي كان أُستاذي الفاضل يزودني بها باستمرار، فاطلعت على أمهات النظريات والاتجاهات في السياسة والاقتصاد والعلم والاجتماع والأدب والفن، وكنت كلما ازددت إيغالاً في الاطلاع ازدادت ثقتي، وقوي عزمي على إكمال الطريق، ومع أن المراجع المذكورة آخر الرسالة لا تساوي إلا جزءاً مما قرأت، فإنني لا أشعر بشيء من الخسارة، بل أحمد الله تعالى الذي أراني الفكر الجاهلي الأوروبي على حقيقته.. والحق أنني علمت علم اليقين أن هذا الفكر ليس باطلاً فحسب، بل هو أيضاً تافه هزيل، وتمنيت من أعماقي أن يهب الله كل شباب أمتي ما وهب لي من معرفة تفاهته وهزاله.


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 05-03-2007, 05:25 PM
الصورة الرمزية ابو الزبير المقدسي
ابو الزبير المقدسي ابو الزبير المقدسي غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2007
مكان الإقامة: في ارض الله
الجنس :
المشاركات: 388
افتراضي

المباحث التي اشتملت عليها الرسالة


ثم ابتدأت الكتابة مقسماً الموضوع خمسة أبواب:
- الباب الأول: موضوعه دين أوروبا الذي انحرفت عنه إلى اللادينية، أثبت فيه تحريف الدين النصراني، وأنه لا يمثل دين الله الحق، لا في العقيدة ولا في الشريعة، وتعرضت بالنقد للتحريفات والبدع والخرافات النصرانية، ورغم اتفاقي مع دعاة اللادينية في نقد النصرانية ، فقد كنت مخالفاً لهم في منهجهم، وفي بعض الأحيان أعرض وجهة نظرهم وأنقدها.
وسيلحظ القارئ في هذا الباب الإفاضة وعدم التساهل، وما ذاك إلا نتيجة اقتناعي بأن السبب الأكبر في انحراف أوروبا من صنع الكنيسة، وأن الإسلام يحارب الخرافة كما يحارب الإلحاد.
- الباب الثاني: موضوعه أسباب العلمانية .
مع أن تحريف النصرانية في الحقيقة هو السبب الممهد للعلمانية ، فقد خصصت هذا الباب للأسباب المباشرة لها، وهي:
1- الطغيان الكنسي: دينياً وسياسياً ومالياً، مؤيداً بالشواهد التاريخية.
2- الصراع بين الكنيسة والعلم، عرضت فيه الصراع النكد عرضاً تاريخياً منذ نظرية كوبرنيك إلى نظرية نيوتن مروراً بمدرسة النقد التاريخي، ومذهب الربوبيين والملحدين الأوائل.
3- الثورة الفرنسية: التي نجحت في إقامة أول دولة اللادينية في أوروبا النصرانية ، أضحت أسبابها وآثارها واستغلال القوى الهدامة لها.
4- نظرية التطور: التي كانت إيذاناً بانتهاء وصاية الكنيسة الفكرية على أوروبا ، وانسحابها من الميدان إلى الأبد.. وقد تحدثت عن الآثار المدمرة للنظرية في الفكر والحياة وتطبيقها المريب في حقول المعرفة وميادين السلوك.
والحق أن هناك أسباباً قد لا تقل عن هذه، غير أنني آثرت ألا أعرضها، بصفتها أسباباً مستقلة، فالقوى الهدامة "اليهود" يمكن اعتبارها سبباً مستقلاً، لكنني لم أعرضها بهذا الاعتبار، لأن اليهود كما سيتضح من ثنايا البحث - يستغلون الأحداث ولا يصنعونها، فاكتفيت بعرض نماذج من استغلالاتهم في مواطنها، مثل:
استغلال الثورة الفرنسية لتحطيم الرابطة الدينية والخروج من (الجيتو).. واستغلال الداروينية لنشر الإلحاد والإباحية..واستغلال الثورة الصناعية للسيطرة على اقتصاد العالم.. واستغلال الديمقراطية لتوجيه السياسة الدولية.
على أنني قد عرضت نظريات اليهود مستقلة في مواطنها، مثل: ريكاردو ، وماركس في الاقتصاد، ودوركايم وفرويد في الاجتماع والأخلاق، وذلك لضمان وحدة الموضوعات وتماسكها، ومثل هذا يقال في حركة الإصلاح الديني التي هزت الكنيسة وحطمت الوحدة الشكلية للعالم المسيحي.
- الباب الثالث: العلمانية في الحياة الأوروبية:
وهو الباب الرئيسي في الموضوع، وقد قسمته حسب التقسيم التقليدي ستة فصول:
- الأول: في الحكم والسياسة، تعرضت فيه للفكر السياسي اللاديني وأشهر نظرياته، مثل: النظرية الخيالية، نظرية العقد الاجتماعي، نظرية الحق الإلهي، ثم النظريات الحديثة التي تقوم على "الميكافيللية ، فلسفة التطور، الديمقراطية " بتفسيريها الليبرالي والشيوعي.
وقد انتهجت أسلوب النقد بطريق العرض، فقد كنت أعرض أية نظرية كما يراها أصحابها عرضاً يوحي للقارئ بنقدها دون أن أتقول عليهم، وهكذا في بقية الفصول.
وقد رأيت أن أفضل أسلوبٍ لرد هذه النظريات هو عرض آثارها الواقعية ونتائجها التطبيقية، مستشهداً بشهود من أهلها، وذلك لسببين:
1- أن تطبيق أية نظرية هو المحك الحقيقي لنجاحها أو إخفاقها.
2- أن مناقشة تفصيلات النظريات اللادينية المختلفة فوق كونها تستهلك جهداً كبيراً لا تتفق مع حكم الإسلام فيها، الذي يرفض تلك التصورات جملة رفضاً أساسيا، كما سيتضح في الباب الخامس.
- الثاني: في الاقتصاد، تحدثت فيه عن النظام الإقطاعي، ثم عن المذاهب اللادينية الاقتصادية: المذهب الطبيعي الفيزيوقراطي، المذهب الكلاسيكي الرأسمالي، المذهب الشيوعي، عارضاً نظريات كل مذهب، ثم عقبت على ذلك بعرض الواقع المعاصر والنتائج الفظيعة التي نجمت عن فصل الاقتصاد عن الدين، مؤيداً كل ذلك بالشواهد الواقعية، سواء في الغرب الرأسمالي أو الشرق الشيوعي.
- الثالث: علمانية العلم، تحدثت فيه عن الأسس والملابسات التي قامت عليها لادينية العلم، مثل: موقف الكنيسة، والإرث الديني والوثني في النفسية الأوروبية، الذي يصور الإله عدواً للإنسان، يتعمد تجهيله كما في سفر التكوين وأساطير الإغريق.. ومظاهر لادينية العلم مثل: استبعاد الغائية والاكتفاء بالعلل الصورية، حذف اسم الله من أي بحث علمي، والاستعاضة بتعبيرات ملتوية كما في مسألة أصل الحياة، وتعميم التفسيرات الميكانيكية للكون والحياة، ورفع شعار العلم للعلم في الغرب، والعلم للمذهب في الدول الشيوعية .
وعقبت -كالمعتاد- بالحديث عن أثر الفصل بين العلم والدين في المجتمع المعاصر ونتائجه السيئة، مثل: انتشار الإلحاد، وظهور الفوضى العقائدية والقلق على الأجيال المثقفة، واستحالة العلم نفسه إلى خطر يهدد البشرية جمعاء.
- الرابع: علمانية الاجتماع والأخلاق، مهدت له بالحديث عن مجتمع وأخلاق القرون الوسطى في ظل الكنيسة، ثم فصلت القول في النظريات والمدارس الاجتماعية اللادينية -مبتدئاً بالحديث عن أصول وولادة علم الاجتماع - وهي: نظرية العقد الاجتماعي- المدرسة الطبيعية، المدرسة الوضعية العقلية (كونت ، دوركايم ) النظرية الاجتماعية الشيوعية، النظرية العضوية والنفعيون، الدراسات النفسية الحديثة (السلوكية - التحليل النفسي)"، ثم أردفت لذلك بالحديث عن الواقع الاجتماعي والأخلاقي المعاصر مكتفياً بنموذج واحد، هو قضية المرأة وما نجم عنها من الشرور الاجتماعية المستطيرة.. وقدمت نماذج واقعية للهبوط الخلقي الشائن الذي تعاني منه المجتمعات اللادينية المعاصرة، شرقاً وغرباً .
- الخامس: في الأدب والفن، تحدثت فيها عن الاتجاهات الأدبية الأوروبية:
1- عصر النهضة "الكلاسيكية الجديدة" وما هدفت إليه من بعث التراث الوثني الإغريقي وإنماء النزعة الإنسانية.
2- العصر الحديث:
أ- الرومانسية: تصويرها للهروب، مثاليتها، تأليه الطبيعة.
ب- الواقعية: نشأتها، أهدافها، ميزاتها الفنية.
3- الأدب المعاصر "من الواقعية إلى اللامعقول" المؤثرات الفكرية والاجتماعية فيه، اتجاهاته الكبرى:
أ- الإباحية، مع سرد نماذج لها.
ب- الضياع "اللاانتماء" مع أمثلة أدبية له.
وفي مقابل الواقع المعاصر في كل مجال عرضت هنا نماذج موجزة لمدارس الضياع المعاصرة "الوجودية ، الرمزية ، السوريالية ، العلمية... إلخ".
وكان من أبرز العقبات التي واجهتني في هذا الباب محاولة عرض النظريات المعقدة بأسلوب موجز سهل الإدراك.. وأحمد الله إذ أعانني على ذلك .
- السادس: ماذا بقى للدين، وهو تكملة عامة للباب مع التركيز على يوم الدين أو ساعته، وبيان الإفلاس الذي منيت به الكنائس، وكيف أصبحت مباءات للمفاسد العصرية.
- الباب الرابع: العلمانية في الحياة الإسلامية:
لقد رأيت منذ وضع خطة الموضوع، أنه لا ينبغي بحث العلمانية بصفتها مذهباً فكرياً غربياً دون التعرض لآثارها في الحياة الإسلامية.
والحق أن العلمانية في العالم الإسلامي جديرة برسالة مستقلة، لكنني أرجو أن أكون قد وفقت لعرض أسبابها ومظاهرها عرضاً شافياً.. مع مراعاة حجم الرسالة ومدتها، هذا مع أن الحديث عن العلمانية ونتائجها في أوروبا هو في الحقيقة شامل لمظاهرها في كل مكان على سبيل الإجمال.
وقد قسمت هذا الباب إلى فصلين كبيرين:
الأول: أسباب العلمانية في العالم الإسلامي، وقد أوجزتها في سببين بارزين:
انحراف المسلمين الذي يقابل تحريف النصرانية في أوروبا ، أوضحت فيه صور ذلك الانحراف، لاسيما ما يتعلق منها بالتوحيد والعقيدة، وانحسار مفهومات الإسلام في مجال الشعائر التعبدية بتأثير الأفكار الصوفية والركود الحضاري العام، واختتمته بنماذج لتقبل المسلمين الذاتي للعلمانية .
2- التخطيط اليهودي الصليبي: تحدثت فيه عن جذور العداوة التاريخية للمسلمين من قبل اليهود والنصارى، وأبديتها، والخطة الجديدة للغزو، وإفادتها من الواقع الإسلامي المنحرف، وقسمت المؤامرة إلى أربعة أجنحة كبرى (قوى الاحتلال المباشر، المستشرقون ، المبشرون ، الطوائف اليهودية والنصرانية والباطنية ).. وفصلت القول في جهود وأعمال كل جناح في سبيل تحقيق الهدف المشترك: إخراج المسلمين من دينهم وصبغهم بالصبغة الغربية اللادينية .
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 05-03-2007, 05:28 PM
الصورة الرمزية ابو الزبير المقدسي
ابو الزبير المقدسي ابو الزبير المقدسي غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2007
مكان الإقامة: في ارض الله
الجنس :
المشاركات: 388
افتراضي

الثاني: مظاهر العلمانية في الحياة الإسلامية: وهو فصل كبير قسمته إلى ثلاثة أقسام:

1- في الحكم والتشريع: تحدثت فيه عن بداية الانحراف المتمثلة في تخلف المسلمين الحضاري، وجمود الاستنباط الفقهي، وتوهم دعاة اليقظة بأن سبب تأخر المسلمين هو عجزهم التنظيمي والإداري وما أدى ذلك إليه من تبلور فكرة (الإصلاح).. واستيراد التنظيمات ثم التشريعات الكافرة، وكيف انتهى الأمر بالحركة الإصلاحية إلى العلمانية الكاملة في تركيا ، وإلى إقصاء الشريعة في البلاد العربية، ومصر خاصة، بالتعاون بين الاستعمار ودعاة الإصلاح، وأثر ذلك في ظهور الأفكار السياسية اللادينية والأحزاب المتعددة الانتماءات.

2- في التربية والثقافة: تحدثت فيه عن المستوى التربوي والثقافي للعالم الإسلامي قبل احتكاكه بالحضارة الغربية اللادينية، وكيف تمت الازدواجية الخطرة في التعليم، وحركة التغريب الأولى، ثم عن الدعوات الهادفة إلى لادينية التربية والثقافة، مثل " الدعوة إلى اقتباس الحضارة الغربية خيرها وشرها، واحتقار الماضي الإسلامي تربوياً وتاريخياً، وتطوير الأزهر، وتطبيق المناهج التعليمية الغربية، واستيراد المذاهب اللادينية في الفكر والأدب".

3- في الاجتماع والأخلاق: ابتدأته بالحديث عن سوء تمثيل المجتمع الإسلامي لحقيقة الإسلام، والتقبل الذاتي لتقليد الغرب، ثم فصلت القول فيما أًسْمِي (قضية تحرير المرأة)، ابتداءً من جمال الدين الأفغاني ورفاعة الطهطاوى ، وانتهاءً بـقاسم أمين وحركة النهضة النسائية ، مع إيضاح دور العلماء والزعماء والأدباء الذين أسهموا في المؤامرة، وسريان الفكرة إلى بلاد الشام والمغرب فضلاً عن تركيا ، والنتائج الواقعية لها.

- الباب الخامس: حكم العلمانية في الإسلام:

وقد رأيت أن يكون هو خاتمة أبواب الرسالة، وقسمته إلى فصلين:

الأول: فصل تمهيدي بعنوان: هل للعلمانية في العالم الإسلامي مبرر؟

أوضحت فيه الفروق الجوهرية بين الإسلام والنصرانية المحرفة عقيدةً وشريعةًَ وتاريخاً وواقعاً، مما ينفي أي مبرر عقلي لاستيراد هذا المذهب المنحرف.

الثاني: حكم العلمانية في الإسلام:

بينت فيه حكم العلمانية على ضوء أصول العقيدة الإسلامية والمدلول الحقيقي لكلمة " لا إله إلا الله " ومفهومي " الطاغوت والعبادة "، وخرجت من ذلك بنتيجة هي أن العلمانية تتنافى مع الإسلام من جهتين:

1- كونها حكماً بغير ما أنزل الله.

2- كونها شركاً في عبادة الله، وفصلت القول في ذلك مورداً الأدلة من الآيات والأحاديث ومستشهداً بأقوال علماء السلف .

ومن خلال ذلك ناقشت شبهة التعلل بحرية أداء الشعائر التي تسمح بها بعض الأنظمة العلمانية، وشبهة قصور الشريعة عن مجاراة التطور الإنساني والإحاطة بجوانب الحياة المعاصرة.

والحق أن تضخم حجم الرسالة مع انتهاء المدة المقررة لها قد حالا دون الإفاضة والتفصيل في بعض الموضوعات -لاسيما ما يتعلق بالواقع الإسلامي المعاصر- كما حالا دون وضع فهارس تفصيلية للأعلام والموضوعات تعين القارئ على الإفادة من الرسالة بصورة أوفى، أما التعريف بالأعلام فعلَّه يتضح من خلال عرض نظرياتهم وآرائهم بالإضافة إلى الإشارة إلى سنة الوفاة، وقد أعرف العلم في الحاشية إذا اقتضى الأمر ذلك.

وكل ما أرجوه هو أن يتقبل الله مني هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينفع بهذه المحاولة المتواضعة من يسلك هذا الطريق من بعد، لنصل إلى فكر إسلامي أصيل متكامل.

وإنني إذ أشكر الله تعالى على توفيقه ومَنِّه، لأشكر من بعده فضيلة نائب رئيس الجامعة الإسلامية بـالمدينة المنورة ، وسعادة عميد كلية الشريعة بـمكة المكرمة ، وفضيلة المشرف على هذه الرسالة.. وكل من أسهم بجهده المشكور في شيء منها، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
3 - تعريف العلمانية

لفظ العلمانية ترجمة خاطئة لكلمة (Secularism) في الإنجليزية، أو (secularity) بالفرنسية[1] وهي كلمة لا صلة لها بلفظ "العلم" ومشتقاته على الإطلاق .
فالعلم في الإنجليزية والفرنسية معناه (Science)، والمذهب العلمي نطلق عليه كلمة (Scientism)[2] والنسبة إلى العلم هي (Scientific) أو (Scientifique) في الفرنسية .
ثم إن زيادة الألف والنون غير قياسية في اللغة العربية، أي في الاسم المنسوب، وإنما جاءت سماعاً ثم كثرت في كلام المتأخرين كقولهم: (روحاني، وجسماني، ونوراني... ).
والترجمة الصحيحة للكلمة هي (اللادينية) أو (الدنيوية) لا بمعنى ما يقابل الأخروية فحسب، بل بمعنى أخص هو ما لا صلة له بالدين، أو ما كانت علاقته بالدين علاقة تضاد.
وتتضح الترجمة الصحيحة من التعريف الذي تورده المعاجم ودوائر المعارف الأجنبية للكلمة:
تقول دائرة المعارف البريطانية مادة (secularism): (هي حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس وتوجيههم من الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بهذه الدنيا وحدها).
ذلك أنه كان لدى الناس في العصور الوسطى رغبة شديدة في العزوف عن الدنيا والتأمل في الله واليوم الآخر، وفي مقاومة هذه الرغبة طفقت الـ(Secularism) تعرض نفسها من خلال تنمية النـزعة الإنسانية، حيث بدأ الناس في عصر النهضة يظهرون تعلقهم الشديد بالإنجازات الثقافية والبشرية وبإمكانية تحقيق مطامحهم في هذه الدنيا القريبة.
وظل الاتجاه إلى الـ(Secularism) يتطور باستمرار خلال التاريخ الحديث كله، باعتبارها حركة مضادة للدين ومضادة للمسيحية [3] .
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 05-03-2007, 05:31 PM
الصورة الرمزية ابو الزبير المقدسي
ابو الزبير المقدسي ابو الزبير المقدسي غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2007
مكان الإقامة: في ارض الله
الجنس :
المشاركات: 388
افتراضي

الباب الأول: دين أوروبا أو النصرانية بين التحريف والإبداع


الفصل الأول: التحريف:
أولاً: تحريف العقيدة.
ثانيا: تحريف الشريعة.

الفصل الثاني: البدعة المستحدثة في الدين النصراني:
توطئة.
أولاً: رجال الدين الأكليروس.
ثانياً: الرهبانية.
ثالثاً: الأسرار المقدسة.
رابعاً: عبادة الصور والتماثيل.
المعجزات والخرافات.
صكوك الغفران.
5 - الفصل الأول: التحريف



<LI class=withDot>مقدمة

عرفت أوروبا الوثنية الدين النصراني منذ القرن الأول للميلاد بوصفه عقيدة شرقية سامية، كتلك العقائد التي ينظر إليها العالم الروماني الأبيقوري على أنها تعاليم مثالية صارمة، ولم يأل أباطرة الرومان جهداً في القضاء على هذه النحلة التي تفشت في مستعمراتهم، واستخدموا لتحقيق ذلك صنوف الاضطهاد والتنكيل طيلة القرون الثلاثة الأولى، ولكن أسباباً تاريخية -لا مجال لبحثها الآن- أدت إلى اعتناق الامبراطور "قسطنطين " للدين الجديد، ودعوته لعقد أول مجمع مسكوني مسيحي هو مجمع نيقية سنة (325)، الذي أعلنت المسيحية على أثره عقيدة رسمية للامبراطورية الرومانية.
وقد حظي الدين الجديد بإقبال فائق وجاذبية شديدة من قبل شعوب الامبراطورية، مما حدا بالمؤرخين [9] إلى تعليل ذلك بأسباب شتى نختار منها ما ذهب إليه باحث أميركي معاصر:
1- العنصر التوفيقي: فإنك قد تجد في روايات الألغاز الإغريقية، وفي قصة إيزيس، وقصة مترا، وفي اليهودية وفي العقائد الأخرى آنذاك: نماذج لكل ما اعتقد فيه المسيحيون كطقوس الطهارة، والإله الذي يموت ثم يبعث، والعذراء التي تحمل[10] ويوم الحساب وحفلات الربيع وحفلات الانقلاب الشتوي والشياطين والقديسين والملائكة.
2- إن المسيحية بما وعدت من خلاص في عالم آخر لتعويض ما في هذه الدنيا من فقر وظلم وآلام، أثبتت أنها عقيدة شديدة الجاذبية للعامة في الامبراطورية المتداعية، إذ يرون فيها طريقاً خلاَّباً للهروب من عالم لا يحبونه، وإذن فقولنا: إن المسيحية ديانة الضعفاء والبسطاء والمظلومين قول صادق والأناجيل مصرحة بذلك.
3- إن القواعد الدينية للمسيحية بلغت درجة من التعقيد، تكفي لأن تجتذب رجالاً من ذوي الميول الفلسفية، وإذن فإن عوامل النصر النهائي للمسيحية قواعدها الدينية التي اتحدت في نهاية القرن الثاني اتحاداً قوياً بالتقاليد الفكرية الإغريقية.
4- رد الفعل الذي نشأ عن الاضطهاد المستمر في عصور المسيحية الأولى، والاضطهاد عندما يبلغ درجة معينة يقوي الفئة المضطهدة، ويدفع المضطهدين إلى وحدة أشد تماسكاً وأكثر نظاماً[11] .
5- يضاف إلى ذلك عامل سياسي مهم وهو حاجة الدولة الرومانية إلى عقيدة موحدة تخلصها من الصراعات العقائدية المزمنة.
وعلى أية حال، فقد دانت أوروبا بـالمسيحية منذ سنة (325) وما زال العالم الغربي إلى اليوم يعتقد أنه عالم مسيحي، أو على الأقل كان كذلك يوماً من الأيام، لكن السؤال المهم هنا هو: هل هذه الديانة المعتنقة هي الوحي الإلهي الذي أنزله الله تعالى على عبده المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام؟
وبتعبير آخر: هل دانت أوروبا بالدين الحق لله تعالى، وعبدته حق عبادته، وعرفته معرفة صحيحة في أي مرحلة من مراحل تاريخها؟
إن أي مؤرخ أو باحث يلقي نظرة سريعة فاحصة على الحقبة التي شهدت ميلاد الدين النصراني، سيرى أن منطقة حوض البحر الأبيض كانت تموج بعقائد وأفكار متباينة نذكر منها:
1- الديانة اليهودية : وهي ديانة مغلقة خاصة بأسباط بني إسرائيل، لكنها تتميز بأنها ديانة سماوية لها كتاب مقدس، وموطنها فلسطين ، حيث ولد المسيح وأرسل.
2- العقيدة المترائية : وهي عقيدة وثنية قديمة، قوامها الكاهن والمذبح، ترى أنه لا خلاص للإنسان إلا بافتداء نفسه عن طريق تقديم القرابين للآلهة بواسطة الكهان [12] .
3- الأفلاطونية الحديثة :، وهي عقيدة فلسفية تتلخص في أن العالم في تكوينه وتدبيره صدر عن ثلاثة عناصر:
- المنشئ الأزلي الأول.
- العقل الذي تولد منه كما يتولد الابن من أبيه.
- الروح الذي يتكون منه جميع الأرواح، والذي يتصل بالمنشئ الأول عن طريق العقل [13] ، وكان موطنها الإسكندرية .
4- الوثنية المصرية: ومن معتقداتها أن الآلهة ثلاثة:
- حورس، الذي كان ابناً لسيراييس.
- سيراييس، الذي هو في الوقت نفسه حورس.
-إيزيس، والدة حورس.
[14] .
5- الوثنية الرومانية: ديانة الامبراطورية الرسمية، ومن مبادئها:
- التثليث: (جوبيتر، مارس، كورنيوس).
- عبادة الامبراطور، إذ كان الأباطرة يدعون الربوبية، و"كان تأليه الحاكم تقليداً هلنستياً" [15] .
- تقديس الصور والتماثيل وعبادتها [16] .
6- أفكار فلسفية: من أهمها: الفلسفة الرواقية، التي تعني من الوجهة العملية: الانقطاع عن الدنيا، وتعد إنكار الذات أسمى الغايات النبيلة، مناقضة بذلك الفلسفة الإباحية الأبيقورية التي كانت فاشية في المجتمع الروماني [17] .
ولو أننا حاولنا أن نستنبط من مجموع هذه العقائد عقيدة واحدة مشتركة لخرجنا بعقيدة تقوم على ست دعائم:
1- الإيمان بالتوراة اليهودية .
2- اعتقاد الفداء والخلاص والوساطة بين الله والناس.
3- التثليث.
4- الحلول (تجسد الإله في شكل بشري).
5- تقديس الصور والتماثيل.
6- الهروب من الحياة (الرهبانية).
ومن أول نظرة نلقيها على هذه الدعائم الست نرى أنها هي بعينها دعائم الدين النصراني الكنسي ولب تعاليمه التي سيطرت على الفكر الأوروبي ردحاً طويلاً من الزمن، وقد يدهش المرء لهذه النتيجة- رغم تسليمه بصحتها- ويتساءل: أيمكن أن يتحول دين سماوي خالص إلى مزيج مركب من خرافات ووثنيات متضاربة؟ وإذ أمكن ذلك فمن الذي قام بعملية التحول هذه؟ وأعجب منه: كيف احتفظت المسيحية باسمها ونسبتها وهي على هذه الحال؟
إن الكثير من مؤرخي الفكر الغربي قد تخلصوا من الإجابة على مثل هذه التساؤلات، بتقسيمهم الدين النصراني قسمين متباينين لا رابط بينهما سوى النسبة للمسيح:
1- المسيحية الأصلية، أو "مسيحية يسوع".
2- المسيحية الرسمية، أو "مسيحية بولس".
ويعنون بهذه العقيدة التي نشرتها الكنيسة ابتداء من سنة (325) وهي المزيج المشار إلى مركباته آنفاً.
يقول برنتن : 'إن المسيحية الظافرة في مجلس نيقية -العقيدة الرسمية- في أعظم إمبراطورية في العالم مخالفة كل المخالفة لمسيحية المسيحيين في الجليل ، ولو أن المرء اعتبر العهد الجديد التعبير النهائي عن العقيدة المسيحية لخرج من ذلك قطعاً لا بأن مسيحية القرن الرابع تختلف عن المسيحية الأولى فحسب، بل بأن مسيحية القرن الرابع لم تكن مسيحية بتاتاً'[18] .
أما المؤرخ الإنجليزي ويلز ، فيقول: 'من الضروري أن نستلفت نظر القارئ إلى الفروق العميقة بين مسيحية نيقية التامة التطور وبين تعاليم يسوع الناصري، فمن الواضح تماماً أن تعاليم يسوع الناصري تعاليم نبوية من الطراز الجديد الذي ابتدأ بظهور الأنبياء العبرانيين، وهي لم تكن كهنوتية ولم يكن لها معبد مقدس حبساً عليها ولا هيكل، ولم يكن لديها شعائر ولا طقوس، وكان قربانها قلباً كسيراً خاشعاً، وكانت الهيئة الوحيدة فيها هيئة من الوعاظ، وكان رأس ما لديها من عمل هو الموعظة، بيد أن مسيحية القرن الرابع الكاملة التكوين، وإن احتفظت بتعاليم يسوع في الأناجيل -كنواة لها- كانت في صلبها ديانة كهنوتية من طراز مألوف للناس من قبل منذ آلاف السنين، وكان المذبح مركز طقوسها المنمقة، والعمل الجوهري في العبادة فيها هو القربان الذي يقربه قديس متكرس للقداس، ولها هيئة تتطور بسرعة مكونة من الشمامسة والقساوسة والأساقفة ، ولئن اتشحت المسيحية بأردية خارجية تشابه نحل سيراييس أو آمون أو بعل مردك مشابهة غير عادية، فلا بد لنا أن نذكر أنه حتى كهانتها نفسها كانت مظاهر جديدة بأعيانها" "ولقد بلغ من جرأة الكتاب المتشككين أن أنكروا إمكان أن يسمى يسوع مسيحياً على الإطلاق' [19] .
وإذا كان هذا هو رأي العلماء الباحثين، فإن من المفيد أن نعرف رأي رجال الكنيسة في هذا الأمر، وحسبنا أن نقرأ ما كتبه الدكتور "وليام تامبل " أسقف كنيسة كنتربري وحبر أحبار إنجلترا ، حيث يقول: 'إن من الخطأ الفاحش أن نظن أن الله وحده هو الذي يقدم الديانة أو القسط الأكبر منها' [20] .
وليس هذا الكلام فلتة من الحبر الكبير، أو سهواً غير مقصود، وإنما هو تعبير صريح صادق عن عقيدة الكنيسة وواقع تاريخها.
وعلى ضوء هذه الآراء نستطيع أن نعرف ما إذا كانت أوروبا قد اعتنقت النصرانية الحقة الموحاة من الله، أو اعتنقت المركب الذي صنعه أجداد الدكتور تامبل من آباء الكنيسة الأولين، واستخرجوه من العقائد السائدة في عصرهم آنذاك.
إن من الحقائق المقررة أن الكنيسة قد ارتكبت سلسلة من الأخطاء الشنيعة، يكفي أحدها لنزع الثقة منها بصفة نهائية، وإن أحداً من أعداء المسيح -عليه السلام- لم يسئ إليه وإلى تعاليمه النبوية كما أساءت الكنيسة التي تتبجح بالانتساب إليه، وتزعم أنها الحارس الأمين على مبادئه والممثل الشرعي له، ولقد كان "ليكونت دي نوي " صادقاً عندما قال: 'إن ما أضافه الإنسان إلى الديانة المسيحية ، والتفسيرات التي قدمها، والتي ابتدأت منذ القرن الثالث بالإضافة إلى عدم الاكتراث بالحقائق العلمية، كل ذلك قدم للماديين والملحدين أقوى الدلائل المعاضدة في كفاحهم ضد الدين'[21] .
هذا، وليس من أهدافنا في هذا البحث التهجم على الكنيسة وفضح تصرفاتها، ولا كذلك تبرير التمرد الذي أعلنته أوروبا على خالقها في أثناء ثورتها على طغيان الكنيسة، لكن هدفنا هو الحقيقة التي هي ضالة المؤمن، لا سيما وأن القضية قضية إنسانية عامة، تعدت نطاق أوروبا إلى العالم كله، وصَلَيْنَا -نحن المسلمين خاصة- نيران آثارها السيئة منذ الحروب الصليبية، بل منذ ظهور الإسلام إلى اليوم.
وعلى هذا الأساس سنستعرض موضوع تحريف المسيحية عقيدةً وشريعةً معتمدين أساساً على الباحثين النصارى أنفسهم وعلى المصادر الكنسية.
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 05-03-2007, 05:32 PM
الصورة الرمزية ابو الزبير المقدسي
ابو الزبير المقدسي ابو الزبير المقدسي غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2007
مكان الإقامة: في ارض الله
الجنس :
المشاركات: 388
افتراضي

الفروق الجوهرية بين الإسلام والديانة الكنسية


وقبل أن نفكر في الجواب سوف تستولي على أذهاننا تلك المشاهد المروعة، التي عرضت سابقاً عن الحياة العلمانية في الغرب ولسان حالها يصرخ في وجوهنا: أن احذروا أن تلقوا بأنفسكم في الجحيم!
وإذا استعرضنا بسرعة خاطفة ما سبق أن تحدثنا عنه سلفاً، من قصة العلمانية في أوروبا بأسبابها ودوافعها، فسوف نصل دون جهد إلى نتيجة واضحة هي: أن العلمانية رد فعل خاطئ لدين محرف وأوضاع خاطئة كذلك، وإنها نبات نكد خرج من تربة خبيثة ونتاج سيئ لظروف غير طبيعية.
فـأوروبا نكبت بالكنيسة وديانتها المحرفة وطغيانها الأعمى، وسارت أحقاباً من الدهر تتعثر في ركابها، ثم انتفضت عليها وتمردت على سلطتها، فانتقلت إلى انحراف آخر وسارت في خط مضاد، إلا أنه أعظم خطراً وأسوأ مصيراً.
انتقلت من جاهلية تلبس مسوح الدين إلى جاهلية ترتدي مسوح التقدم والتطور، وهربت من طغيان رجال الدين والإقطاعيين فوقعت في قبضة الرأسماليين وأعضاء الحزب الشيوعي .
وذلك الانتقال وهذا الهروب دفعت إليه ظروف تاريخية بيئية نابعة من واقع الحياة الأوروبية خاصة؛ مع العلم بأنه لم يكن ضرورياً أن يتخذ رد الفعل الأوروبي تلك الصفة بعينها وأن مجيئه على هذا الشكل ليس حتمياً.
أي أنه لم يكن حتماً على مجتمع ابتلي بدين محرف أن يخرج عنه ليكون مجتمعاً لا دينياً، بل الافتراض الصحيح هو أن يبحث عن الدين الصحيح.
فإذا وجدنا مجتمعاً آخر يختلف في ظروفه عن ذلك المجتمع، ومع ذلك يصر على أن ينتهج اللادينية ويتصور أنها حتم وضرورة، فماذا نحكم عليه؟... وكيف يكون الحكم -أيضاً- إذا كان هذا المجتمع الآخر يملك الدين الصحيح؟ إن أول ما لاحظناه في دين أوروبا هو التحريف في العقيدة والشريعة: عقيدة التثليث المستغلقة المضطربة والأناجيل المحرفة المتضاربة، ثم النظرة القاصرة التي فصلت الدين عن الدولة والحياة وحصرته في الأديرة والكنائس، فهل ذلك أو شيء منه في الإسلام؟
لنبدأ بالتثليث، أي ما يتصل بعقيدة الألوهية:
وبدون أدنى مبالغة نقول إنه ليس من دين ولا نحلة على وجه الأرض أيسر فهما، وأعظم اتساقاً مع الفطرة وموافقة للعقل من العقيدة الإسلامية، بل هي الفطرة ذاتها التي يعد ما عداها انحرافاً وضلالاً، والتي لا تتغير بحال: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [الروم:30].
هذه العقيدة الفطرية تشرحها سورة واحدة صغيرة قل أن يوجد مسلم لا يستظهرها: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَد * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ [الإخلاص:1-4] وهي السورة التي نزلت جواب إلهياً للمشركين عندما سألوا الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يصف لهم ربه [468] .
هكذا وحدانية سهلة سلسلة تتشربها النفس البشرية بطريقة تلقائية دون تعقيد أو تكلف، فلا أقانيم ولا أبوة وبنوة ولا تشبيه ومكافأة.
وهذه الحقيقة هي التي تجذب اهتمام وتركيز دارسي الإسلام من أول لحظة، وتدفع من كتبت له الهداية منهم إلى نفض ما علق بفطرته من ركام والدخول في دين الله بكل طمأنينة، ذلك أن أول ما يستشعره القلب والعقل أمام العقيدة الإسلامية هو الاستقامة والبساطة والوضوح...، وهذه السمة التي تجتذب الأفراد الذين يدخلون في هذا الدين من الأوروبيين والأميركيين المعاصرين، فيتحدثون عنها بوصفها أول ما طرق حسهم من هذا الدين، وهي ذاتها السمة التي تجتذب البدائيين في أفريقيا وآسيا في القديم والحديث، لأنها سمة الفطرة التي يشترك فيها الناس أجمعين متحضرين وبدائيين [469]
ويأتي مصداق ذلك على لسان أحد الداخلين في الإسلام من النصارى:
بدأت أدرس الأديان بصفة عامة والإسلام على وجه الخصوص، فأيقنت في غضون دراستي أن دنيا تفكيري وإحساسي أقرب للإسلام منها للمسيحية ، وبالتدريج اكتشفت أن الإسلام كمنهج حياة كان ينسجم من كافة الوجوه مع فطرتي البشرية، وأستطيع هنا أن أضرب مثالاً نظرياً وآخر عملياً:
عندما درست وجهة النظر الإسلامية حول النبي عيسى -عليه السلام- عرفت أنني لم يحدث قط أن آمنت بأن عيسى -عليه السلام- ابن الله، كما عرفت فيما بعد من أستاذ بروتستانتي أن عدداً كبيراً من المسيحيين -حوالي (80%)- منهم أقرب إلى الإسلام منه إلى المسيحية في هذه الناحية على الأقل من عقيدتهم، أما من الناحية العملية، فحتى قبل إسلامي كنت أنفر من الخمور والرقص وما شابه ذلك من الأمور التي عرفت فيما بعد أنها محرمة في الإسلام، وهكذا كان الإسلام بالنسبة لي كعملية اكتشافي لفطرتي: فِطْرَتَ اللهِ التي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [الروم:30] [470] .
والعجيب في قضية التثليث أن تنسب أوروبا الفضل في إنكارها إلى فلاسفة عصر التنوير [ق:18] من أمثال فولتير وتوم بين ، ويعرب بعض الباحثين عن دهشتهم لأن عقلية جبارة كتلك التي يتمتع بها ديكارت لم تستنكر هذه العقيدة ولو بكلمة واحدة.
هذا في حين أن الإسلام -دين الله الحق- سبق إلى نقض هذه العقيدة وإبطالها، ليس من خلال تنفيره العام من الشرك وإنكاره المطلق فحسب، بل أفرد الحديث عنها استقلالاً وفصله من وجوه منوهاً بأنها عقيدة وثنية قديمة، وهي الحقيقة التي لم تعرفها أوروبا إلا بعد ظهور علم مقارنة الأديان الذي يعد من أحدث علومها النظرية، قال تعالى: وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ [التوبة:30]. [471] .
أما بالنسبة للأناجيل فإن سلامة القرآن الكريم من التحريف وحفظه بنصه الكامل حفظاً أبدياً لأمر حسي مقطوع به، لا يماري فيه إلا مكابر ينكر عقله وحسه قبل أن ينكره، ففي إمكان الشاك في حقيقة ذلك أن يأخذ نسخة مطبوعة من القرآن الكريم من ماليزيا مثلاً، وأخرى من مصر وثالثة من أمريكا ، ثم يقارن بينها وبعد أن يتضح له أنها متطابقة تماماً -وهو ما لا بد منه- فليقارن إحداها بأية نسخة مخطوطة منه، سواءً في إحدى مكتبات الهند أو في أحد متاحف أوروبا ليجد الحقيقة عينها تتكرر لديه [472] .
وقديماً يذكر الإمام البيهقي -رحمه الله- قصة واقعية مروية عن القاضي يحيى بن أكثم قال: "دخل يهودي على المأمون فتكلم فأحسن الكلام، فدعاه المأمون إلى الإسلام فأبى، فلما كان بعد سنة جاءنا مسلماً فتكلم فأحسن الكلام، فقال له المأمون : ما كان سبب إسلامك؟ قال: انصرفت من حضرتك فأحببت أن أمتحن الأديان، فعمدت إلى التوراة فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت وأدخلتها الكنيسة فاشتريت مني، وعمدت إلى الإنجيل فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت وأدخلتها البيعة فاشتريت مني، وعمدت إلى القرآن فعملت ثلاث نسخ فيها نقص وزيادة وأدخلتها الوراقين فتصفحوها، فلما أن وجدوا فيها الزيادة والنقصان رموا بها فلم يشتروها فعلمت أن هذا كتاب محفوظ فكان هذا سبب إسلامي.
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 05-03-2007, 05:34 PM
الصورة الرمزية ابو الزبير المقدسي
ابو الزبير المقدسي ابو الزبير المقدسي غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2007
مكان الإقامة: في ارض الله
الجنس :
المشاركات: 388
افتراضي

قال يحيى بن أكثم : فحججت تلك السنة فلقيت سفيان بن عينية فذكرت له الحديث، فقال مصداق هذا في كتاب الله تعالى، قلت في أي موضع؟ قال: قال الله تعالى في التوراة والإنجيل: بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ [المائدة:44] فجعل حفظه إليهم فضاع، وقال إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9] فحفظه فلم يضع"[473] .

وهذه الحقيقة الكبرى تقف كالصخرة الصماء أمام جهود المستشرقين وفلول الحاقدين على الإسلام قديماً وحديثاً، لم يستطيعوا منها نيلاً ولا تحويلاً.

أما تحريف الشريعة بفصلها عن شئون الحياة وقصرها على طائفة مخصوصة، بل على فترات محدودة من حياة تلك الطائفة، فقد حفظ الله تعالى دينه الحق من ذلك -أيضاً- ولم تمر على الإسلام تلك الظروف التاريخية السيئة التي حالت دون تطبيق شريعة عيسى عليه السلام:

فالرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يلحق بالرفيق الأعلى حتى كانت للإسلام دولة يقوم كل جليل من أمرها ودقيق على هديه الإلهي، دولة فريدة في عالم الأرض كله، واستمرت دولة الإسلام تنمو وتتسع، وانضوى تحت حكم الله شعوب، وأمم العالم المتحضر من بلاد الصين إلى المحيط الأطلسي ، ولم يبق خارجاً عن دائرته إلا أوروبا التي كانت مطمورة في ظلمات بعضها فوق بعض، والقبائل الوحشية في أواسط أفريقية وشمال وجنوب شرق آسيا ، وهكذا لم تتعرض الشريعة الإسلامية لاضطهاد يذهب معالمها ويطمس حقائقها، ويجعل تطبيقها في واقع الحياة أمراً مستحيلاً، كما حدث للنصرانية .

هذا بالنسبة للعوامل الخارجية، أما العوامل الذاتية فإن الشريعة الإسلامية سلمت من عبث العابثين وتحريف المبطلين، فعلى الرغم من كثرة الفرق الهدامة والطوائف الموتورة فإنها جميعاً عجزت عن تحقيق أهدافها، وغمرها التاريخ في طياته، والشريعة غضة طرية كأنما أنزلت اليوم.

أما القرآن فأمر حفظه -كما سبق- أشهر من أن يدور حوله نقاش.

وأما السنة فسلامتها وحفظها معجزة من معجزات هذا الدين الخالدة، فقد قيض الله لها رجالاً يستظهرون مئات الألوف من الأسانيد والأحاديث غيباً، لو أن أحدهم شك في كلمة بل في حرف لذكر ذلك في روايته أداءً للأمانة وتبرئة للذمة، واستنبط المسلمون علماً لا نظير له بين الأمم السابقة واللاحقة، وهو علم مصطلح الحديث، الذي وضعت له أصول وقواعد يذهل لها الباحثون المعاصرون، وما يزال في الأمة علماء معاصرون محتفظون بسلسلة السند حتى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع أن الكتب المدونة تملأ الآفاق.

ونتيجة للضبط المتقن والدقة البالغة كانت الأمة واثقة كل الثقة في قدرة علمائها على كشف كل مدسوس على السنة، فقد جيء إلى الرشيد بزنديق فأمر بقتله، فقال: يا أمير المؤمنين! أين أنت عن أربعة آلاف حديث وضعتها فيكم، أحرم فيها الحلال وأحل فيها الحرام، ما قال النبي منها حرفاً واحداً؟

فقال الرشيد : أين أنت يا زنديق عن عبد الله بن المبارك وأبي إسحاق الفزاري ينخلانها فيخرجانها حرفاً حرفاً. [474]

وظلت هذه الأمة الإسلامية قروناً تعيش حياة متسقة موحدة المنهج والسلوك، لا أثر فيها لشيء من الانفصال الشعوري أو العملي بين الشريعة والسياسة، أو بين الدين والدنيا على النحو الذي رأيناه في النصرانية .

نعم وقع في حياة الأمة الإسلامية انحراف بل انحرافات، لكنها انحرافات شخصية عملية أملتها الأهواء والأطماع، وأسهمت في إرسائها عوامل ليس هذا مجالها، أما الشريعة ذاتها فقد ظلت سليمة محفوظة وبقيت منهجاً سامياً ثابتاً ترتقي إليه الأمة في فترات اليقظة والإصلاح، ولم يذهب أبداً من حس الأمة بمجموعها أن تقيس الواقع بالشريعة، وأن تنظر إلى الانحراف وإن طال على أنه انحراف، حتى في أحلك العصور وأحرجها كان ضمير الأمة يقظاً؛ وكان فيها علماء أفذاذ يصححون المفهومات ويردون المنحرفين إلى الأصل الثابت الوضاء.

يقول الإمام ابن القيم ، الذي عاش في الفترة المظلمة التي تلت سقوط بغداد واكتساح التتار للرقعة الإسلامية (ت751هـ):

"وتقسيم بعضهم طرق الحكم إلى شريعة وسياسة كتقسيم غيرهم الدين إلى شريعة وحقيقة، وكتقسيم آخرين الدين إلى عقل ونقل، وكل ذلك تقسيم باطل، بل السياسة والحقيقة والطريقة والعقل كل ذلك ينقسم إلى قسمين: صحيح وفاسد، فالصحيح قسم من أقسام الشريعة لا قسيم لها والباطل ضدها ومنافيها، وهذا الأصل من أهم الأصول وأنفعها، وهو مبني على حرف واحد وهو عموم رسالته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالنسبة إلى ما يحتاج إليه العباد في معارفهم وعلومهم وأعمالهم، وأنه لم يحوج أمته إلى أحد بعده وإنما حاجتهم إلى من يبلغ عنه ما جاء به، فلرسالته عمومان محفوظان لا يتطرق إليهما تخصيص:

عموم بالنسبة إلى المرسل إليهم، وعموم بالنسبة إلى كل من يحتاج إليه من بعث إليه في أصول الدين وفروعه، فرسالته كافية شافية عامة لا تحوج إلى سواها، ولا يتم الإيمان به إلا بإثبات عموم رسالته في هذا وهذا، فلا يخرج أحد من المكلفين عن رسالته، ولا يخرج نوع من أنواع الحق الذي تحتاج إليه الأمة في علومها وأعمالها عما جاء به، وقد توفي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر للأمة منه علماً، وعلمهم كل شيء حتى آداب التخلي، وآداب الجماع والنوم والقيام والقعود والأكل والشرب والركوب والنزول والسفر والإقامة والصمت والكلام والعزلة والخلطة والغنى والفقر والصحة والمرض، وجميع أحكام الحياة والموت.

ووصف لهم العرش والكرسي والملائكة والجن والنار والجنة ويوم القيامة، وما فيه حتى كأنه رأي عين.

وعرفهم معبودهم وإلههم أتم تعريف حتى كأنهم يرونه ويشاهدونه بأوصاف كماله ونعوت جلاله، وعرفهم الأنبياء وأممهم وما جرى لهم وما جرى عليهم معهم، حتى كأنهم كانوا بينهم، وعرفهم من طرق الخير والشر دقيقها وجليلها ما لم يعرفه نبي لأمته قبله، وعرفهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أحوال الموت وما يكون بعده في البرزخ وما يحصل فيه من النعيم والعذاب للروح والبدن ما لم يعرف به نبي غيره، وكذلك عرفهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أدلة التوحيد والنبوة والمعاد والرد على جميع فرق أهل الكفر والضلال ما ليس لمن عرفه حاجة من بعده، اللهم إلا من يبلغه إياه ويبينه ويوضح منه ما خفي عليه.

وكذلك عرفهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من مكايد الحروب ولقاء العدو وطرق النصر والظفر ما لو علموه وعقلوه ورعوه حق رعايته لم يقم لهم عدو أبداً.

وكذلك عرفهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من مكايد إبليس وطرقه التي يأتيهم منها، وما يتحرزون به من كيده ومكره، وما يدفعون به شره ما لا مزيد عليه، وكذلك عرفهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أحوال نفوسهم وأوصافها ودسائسها وكمائنها ما لا حاجة لهم معه إلى سواه.

وكذلك عرفهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أمور معايشهم ما لو علموه وعملوه لاستقامت لهم دنياهم أعظم استقامة.

وبالجملة فجاءهم بخير الدنيا والآخرة برمته ولم يحوجهم إلى أحد سواه، فكيف يظن أن شريعته الكاملة التي ما طرق العالم شريعة أكمل منها ناقصة تحتاج إلى سياسة خارجة عنها تكملها، أو إلى قياس أو حقيقة أو معقول خارج عنها؟، ومن ظن ذلك فهو كمن ظن أن بالناس حاجة إلى رسول آخر بعده؛ وسبب هذا كله خفاء ما جاء به من ظن ذلك، وقلة نصيبه من الفهم الذي وفق الله أصحاب نبيه الذين اكتفوا بما جاء به واستغنوا به عما سواه وفتحوا به القلوب والبلاد وقالوا: هذا عهد نبينا إلينا وهو عهدنا إليكم[475] .

أما السلطة الكهنوتية فلا وجود لها في الإسلام، لا بالشكل الذي رأيناه سلفاً في أوروبا النصرانية ولا بغيره.

ذلك أن الإسلام -وهو دين التوحيد الخالص- إنما أنزله الله لتحرير العباد، وإخراجهم من عبودية العباد إلى عبادة الله وحده وطاعته دون سواه في التلقي وفي الاتباع، في المنهج والسلوك، وعلى ذلك جاء الأمر صريحاً قاطعاً فيما يتعلق بصرف أي نوع من أنواع العبادة الكثيرة لغير الله، كائناً من كان ملكاً مقرباً أو نبياً مرسلاً أو طاغوتاً متألهاً، فالأمر كله سواء، كله كفر: ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كُونُوا عِبَاداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ * وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:79-80].

وهذا هو الفارق الجوهري الأول في المسألة بين الإسلام والنصرانية المحرفة، فوجود هيئة كهنوتية تشرع لخلق الله أمراً أو نهياً في العقيدة أو الفروع هو شرك أكبر بالله تعالى، سواءً أجاء ذلك في صورة مراسيم بابوية، أم قرارات مجمعية، أم منشورات كنسية.

وقصة عدي بن حاتم - التي ستأتى قريباً- توضح ذلك كل الوضوح؛ ولذلك جاءت دعوة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهل الكتاب مناسبة لمقتضى الحال التي كانوا عليها، من عبادة الأفراد وتقديس المخلوقين، فحينما كتب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى طواغيت الأرض يبلغهم دعوته، كان نص كتاب هرقل -زعيم النصارى الروم- هكذا:
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 05-03-2007, 05:36 PM
الصورة الرمزية ابو الزبير المقدسي
ابو الزبير المقدسي ابو الزبير المقدسي غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2007
مكان الإقامة: في ارض الله
الجنس :
المشاركات: 388
افتراضي

<A name=hadeeth7001968><SPAN class=hadeeth>من محمد عبد الله ورسوله إلى
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 07-09-2009, 02:46 PM
الصورة الرمزية أبو جهاد المصري
أبو جهاد المصري أبو جهاد المصري غير متصل
قلم فضي
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 4,623
الدولة : Egypt
افتراضي رد: العلمانية نشأتها وتطورها وآثارها في الحياة الإسلامية المعاصرة

جزاك الله خيرا يااخي علي هذا النقل المميز
__________________
مدونتي ميدان الحرية والعدالة
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حكم المعاشرة باماكن لم غير شرعية مولة ملتقى الفتاوى الشرعية 3 07-06-2009 07:03 PM
الديكورات المغربية الاصالة مع المعاصرة -المجموعة1- فجر الاسلام ملتقى الاثاث والديكور 15 04-03-2007 01:38 PM
الإسلام والمصطلحات المعاصرة فاديا الملتقى العام 12 15-02-2007 02:43 PM
المحمول...د يوان الحياة المعاصرة منونة الملتقى العام 2 30-10-2006 04:43 AM


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 145.53 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 140.66 كيلو بايت... تم توفير 4.87 كيلو بايت...بمعدل (3.35%)]