تفسير قوله تعالى: ﴿ وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَ

[ابوالوليد المسلم]

تفسير قوله تعالى:

﴿ وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ﴾

(سورة البقرة: الآية 50)

سيد مبارك

إعراب مفردات الآية [1]:
الواو عاطفة ﴿ إذ فرقنا ﴾ مثل إذ نجّينا في الآية السابقة الباء حرف جرّ و(كم) ضمير في محلّ جر متعلّق ب (فرقنا) والباء للسببيّة، (البحر) مفعول به منصوب الفاء عاطفة (أنجينا) فعل ماض مبنيّ على السكون و(نا) ضمير في محلّ رفع فاعل و(كم) ضمير في محلّ نصب مفعول به الواو عاطفة (أغرقنا) مثل أنجينا (آل) مفعول به منصوب (فرعون) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الفتحة، الواو حاليّة (أنتم) ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ (تنظرون) مضارع مرفوع. والواو فاعل. اهـ.

روائع البيان والتفسير:
• ﴿ وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْناكُمْ ﴾ ذكر القرطبي في تفسيره ما مختصره:
"وأصل الفرق الفصل ومنه فرق الشعر ومنه الفرقان لأنه يفرق بين الحق والباطل أي يفصل ومنه﴿ فَالْفارِقاتِ فَرْقاً ﴾ [المرسلات: 4] يعنى الملائكة تنزل بالفرق بين الحق والباطل ومنه﴿ يَوْمَ الْفُرْقانِ ﴾ [الأنفال: 41] يعنى يوم بدر كان فيه فرق بين الحق والباطل ومنه ﴿ وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ ﴾ [الإسراء: 106] أي فصلناه وأحكمناه.

ثم قال: (الْبَحْرَ) البحر معروف سمي بذلك لاتساعه. ويقال: فرس بحر إذا كان واسع الجري أي كثيره. ومن ذلك قول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مندوب فرس أبى طلحة (وإن وجدناه لبحرا) والبحر: الماء الملح. ويقال: أبحر الماء: ملح اهـ[2]

وقال الشنقيطي-رحمه الله:
قوله تعالى: (وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم) لم يبين هنا كيفية فرق البحر بهم، ولكنه بين ذلك في مواضع أخر كقوله: (فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم) [26 \ 63]، وقوله: (ولقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا) الآية [20 \ 77].اهـ[3]


• ﴿ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ﴾
قال ابن عثيمين: وذلك أن موسى، وقومه لما تكاملوا خارجين من هذا الذي فلقه الله عزّ وجلّ من البحر دخل فرعون، وقومه؛ فلما تكاملوا داخلين أمر الله تعالى البحر، فانطبق عليهم، فغرقوا جميعاً.. قوله تعالى: ﴿ وأنتم تنظرون ﴾: الجملة هذه حالية. أي أن هذا وقع والحال أنكم تنظرون؛ ولهذا قال الله. تبارك وتعالى. لفرعون: ﴿ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ﴾ [يونس: 92] ينظرون إليك أنك قد هلكت.. اهـ[4]


[1] انظر الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي (المتوفى: 1376هـ) نشر: دار الرشيد مؤسسة الإيمان - دمشق( 1 /125 ).

[2] الجامع لأحكام القرآن للقرطبي- الناشر: دار الكتب المصرية - القاهرة (1 /387 ).

[3] أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشنقيطي الناشر: دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع بيروت - لبنان ( 1 / 36 ).

[4] تفسير العلامة محمد العثيمين -مصدر الكتاب: موقع العلامة العثيمين ( 3 /124 ).