|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() تنقيح المناط: تعريفه ومثال عليه الشيخ وليد بن فهد الودعان تنقيح المناط: كلمة تنقيح: أصلها في اللغة: نقح، وهو أصل يدل على تنحية شيء عن شيء، ومنه التهذيب والتمييز والتشذيب، يقال: نقحت العصا: إذا شذبتها، ونقح الكلام إذا فتشه وأحسن النظر فيه[1]. وأما تعريف تنقيح المناط في الاصطلاح: فقد عرفه الشَّاطبي بأن يكون الوصف المعتبر في الحكم مذكورًا مع غيره في النص، فينقح بالاجتهاد؛ حتى يميز ما هو معتبر مما هو مُلْغًى[2]. ويتضح هذا التعريف بالمثال: وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي الذي قال: (يا رسول الله، هلكتُ)، قال: ((ما لك؟!))، قال: (وقعتُ على أهلي في رمضان)، قال: ((فأعتِقْ رقبة...))[3]. فالمجتهد إذا اجتهد في استخراج الوصف الذي علق عليه الشارع الحكم، يتبين له أن الحديث يمكن أن يستخرج منه أوصافًا أخرى، فلا بد له من أن يخرج الأوصاف التي لا مدخل لها في العليَّة لعدم صلاحيتها للتعليل، وهي في هذا الحديث: كون المجامع أعرابيًّا، وكونه قد وطئ في رمضان من الرمضانات التي عاشها النبي صلى الله عليه وسلم، وكونه قد وطئ امرأته. فهذه الأوصاف لا بد له من إخراجها؛ حتى يسلم له التعليل بأنه وِقاعُ مكلَّفٍ في نهار رمضان، ووجه إخراج الأول: أن هذا الوصف، وهو كونه أعرابيًّا، لا أثر له في الحكم، فيلحق به غير العربي؛ لعلمنا أن مناط الحكم وِقاعُ مكلَّفٍ؛ لأن التكاليف الشرعية عامة، وليست خاصة. ووجه إخراج الوصف الثاني: أنه أيضًا لا أثر له؛ إذ الزمان لا خصوصية له، ولعلمنا أن المناط هو حرمة رمضان، لا حرمة ذلك الشهر بعينه. ووجه إخراج الوصف الثالث: أنه لا أثر أيضًا؛ فالزنا أشد في هتك الحرمة. فإذا حذفت هذه الأوصاف، تخلصت لنا علةُ الحكم، وهي أنه وِقاعُ مكلَّفٍ في نهار رمضان، وحينئذ تميز ما هو معتبر مما هو مُلغًى من الأوصاف[4]. وهذا الطريقة في التعريف، وهي تعريف تنقيح المناط بأنه إضافة الحكم إلى علة، فيقترن بها ما ليس منها، فيقوم المجتهد بحذفها ليتسع الحكم، قد وافقه فيها أكثر الأصوليين، فهم نظروا إلى تعريف تنقيح المناط بهذا المنظار[5]. وخالفه بعض الأصوليين؛ كالغزالي[6]، والرازي[7]، والبيضاوي[8]، والصفي الهندي[9]، والأسنوي[10]، والشوكاني[11]: فقد عرفوا تنقيح المناط بأنه الجمع بين الأصل والفرع بإلغاء الفارق. ورأى بعضهم، كالشنقيطي العلوي[12]، جعل إلغاء الفارق قسمًا من قسمي تنقيح المناط. وقد وجَّه بعضهم ما عليه الأكثر بأن إلغاء الفارق قد يحصل من غير معرفة عين العلة المشتركة؛ ولذا فلا ينبغي أن يطلق عليه تنقيح المناط[13]. وعلى كل حال، فهي اصطلاحات لفظية[14]. مسألة: حُكم تنقيح المناط: رأي الشَّاطبي: أشار الشَّاطبي إلى حكم تنقيح المناط عند الأصوليين، فقال: "قالوا: وهو خارج عن باب القياس؛ ولذلك قال به أبو حنيفة مع إنكاره القياس في الكفارات، وإنما هو راجع إلى نوع من تأويل الظواهر"[15]. ويتضح مِن هذا النقل أن الشَّاطبي يرى قبوله، كما يلاحظ أنه يرى أن تنقيح المناط من باب تأويل الظواهر، وليس من باب القياس. وقد وافقه جمهور الأصوليين على قبول تنقيح المناط[16]، بل نقل عليه الاتفاق[17]. ونازع بعضهم في الاتفاق، وذكر أن هناك من أنكره[18]. كما وافَقه على أن تنقيح المناط ليس من باب القياس: الحنفية[19]، وبعض الأصوليين من غيرهم؛ كالأبياري[20] من المالكية، وابن تيمية[21] من الحنابلة. وخالفه أكثر الأصوليين، فقالوا: إنه من القياس[22]. [1] انظر: معجم مقاييس اللغة (5/ 467) لسان العرب (14/ 253) كلاهما مادة: "نقح". [2] الموافقات (5/ 19 - 20). [3] رواه البخاري في صحيحه بهذا اللفظ في كتاب النفقات باب نفقة المعسر على أهله (6/ 238/ 5368) ومسلم في صحيحه كتاب الصيام باب تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان على الصائم، ووجوب الكفارة الكبرى فيه وبيانها، وأنها تجب على الموسِر والمعسِر، وتثبت في ذمة المعسِر حتى يستطيع (7/ 194/ 1111) عن أبي هريرة رضي الله عنه. [4] انظر: الموافقات (5/ 20) وانظر: رسالة في أصول الفقه (84) المستصفى (2/ 232) شفاء الغليل (413) روضة الناظر ( ت: النملة 3/ 803 - 804) التنقيحات (263) نهاية الوصول (7/ 3045 - 3046). [5] انظر: رسالة في أصول الفقه (83) المستصفى (2/ 231 - 232) روضة الناظر (ت: النملة 3/ 803) الإحكام (3/ 303) تنقيح الفصول مع شرحه (389) نفائس الأصول (7/ 3088) التنقيحات (263) نهاية الوصول لابن الساعاتي (2/ 636) شرح مختصر الروضة (3/ 237) مجموع الفتاوى (22/ 330) والمسودة (387) جمع الجوامع مع شرح المحلي والآيات البينات (4/ 157) الإيضاح لقوانين الاصطلاح (34) تقريب الوصول (369) التوضيح وشرح التلويح (2/ 162 - 163) التحرير مع التقرير والتحبير (3/ 192) شرح الكوكب المنير (4/ 203) تيسير التحرير (4/ 42) مسلم الثبوت مع فواتح الرحموت (2/ 298). [6] كما نقله عنه الرازي في المحصول (5/ 229) وأشار إليه هو في شفاء الغليل (130) وقد تعقب القرافي في نفائس الأصول (7/ 3089) الرازي في نقله عن الغزالي، وذكر تعريفه من المستصفى، وقال: "ولم أجد الغزالي خالف الجماعة في الاصطلاح كما تقدمت الحكاية عنهم، وما أدري كيف هذا النقل". [7] حيث نقل تعريف الغزالي، وأقره كما في المحصول (5/ 229)، وتبعه صاحبا الحاصل (2/ 905) والتحصيل (2/ 208). [8] انظر: مناهج الوصول مع السراج الوهاج (2/ 925) وتبعه الجاربردي في السراج الوهاج، وابن السبكي في الإبهاج (3/ 80). [9] انظر: نهاية الوصول (8/ 3381). [10] انظر: زوائد الأصول (378). [11] انظر: إرشاد الفحول (375). [12] انظر: نشر البنود (2/ 199)، وتبعه في نثر الورود (2/ 523). [13] انظر: الاجتهاد فيما لا نص فيه (1/ 291). [14] كما قال القَرافي في شرح تنقيح الفصول (389). [15] الموافقات (5/ 21). [16] انظر: المستصفى (2/ 231 - 233) شفاء الغليل (413 - 414) المحصول (5/ 230) روضة الناظر (ت: النملة 3/ 804 - 805) الإحكام (3/ 303) شرح مختصر الروضة (3/ 241) الإبهاج (3/ 80) نهاية الوصول (8/ 3381) البحر المحيط (5/ 255). [17] انظر: شفاء الغليل (413)، وانظر: فواتح الرحموت (2/ 298). [18] كالعبدري؛ فإنه نازع الغزالي، وذكر أن الخلاف في القياس ينسحب عليه؛ لأنه من القياس، وذكر ابن تيمية أن بعض مَن يتعلق بالنصوص يُنكِره؛ انظر: البحر المحيط (5/ 256) مجموع الفتاوى (22/ 332). [19] انظر: بذل النظر (625) نهاية الوصول لابن الساعاتي (2/ 623 - 636) التوضيح على متن التنقيح (2/ 162) التحرير مع التقرير والتحبير (3/ 192) تيسير التحرير (4/ 42). [20] انظر: البحر المحيط (5/ 256). [21] انظر: مجموع الفتاوى (22/ 330). [22] انظر: شفاء الغليل (413 - 414) المحصول (5/ 230) روضة الناظر (ت: النملة 3/ 804 - 805) الإحكام (3/ 303) التنقيحات (263) المسودة (387) شرح مختصر الروضة (3/ 241) نهاية الوصول (8/ 3381) الإبهاج (3/ 81) نشر البنود (2/ 200 - 201) نثر الورود (2/ 523).
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |