|
ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() المجالات الدعوية في مصر بين التأسيس وإقامة الفروض حسن عبدالحي المجالات الدعوية في مصر وجُلّ البلاد المسلمة تقريبًا: من دعوات تعليمية، أو تربوية، أو دينية، أو اجتماعية، أو سياسية، أو غير ذلك.. تلك المجالات الدعويّة كلّها تقوم على محورينِ أساسيينِ يدفعانها، ثم تستلهم منهما أولويات العمل في الواقع، وهما: 1- حركة البناء والتأسيس للمشروع الإسلامي الكبير، الذي يعبّر عنه تارة بالدولة الإسلامية، وتارة أخرى بالتمكين، وتارة ثالثة بالخلافة الراشدة.. وكلها مسميات تهدف لغاية واحدة، وهي إقامة دين الله وحده في البلاد والعباد. 2- حركة المقاربة بين الإسلام والواقع المعاصر، وذلك بإقامة ما يمكن وما يستطاع من الفروض الشرعية المُضيَّعة في تلك البلاد المسلمة، فتقوم كلّ طائفة من الإسلاميين على مجال من تلك المجالات الدعوية. وبين المحورين ترابط وتداخل قوي، فمحور المقاربة وإقامة الفروض الشرعية المضيعة هو الطريق إلى محور البناء والتأسيس، ومحور البناء والتأسيس الغاية منه إقامة الفرض الشرعي في الناس، ووجوه التداخل والترابط بين المحورينِ كثيرة. لكننا - مع إدراكنا تداخل وتوافق المحورينِ - بحاجة شديدة لكي نفرّق بينهما في التصور والسلوك الدعويينِ، وذلك حتى نستطيع تحديد أولويات عملنا الدعوي في كلّ مجال من مجالات العمل الدعوي، فلا نقدّم أصلا من الأصلينِ على حساب الآخر، ولا نخلط فنضع أحدهما مكان الآخر في موطن يجب فيه التفريق، كما لا يطغى في أعمالنا الدعوية جانب من الجانبينِ على حساب الآخر، ثم يصل بنا الأمر إلى رفضه. والعمل الدعوي لإقامة الفروض في شتى المجالات الدعوية في مصر وغيرها من الدول المسلمة ينقصه كثيرٌ من الإمكانيات كي يؤدي عمله على وجهه الكامل، وهو بعد كلّ هذه الجهود عبر السنين الماضية لا يزال يبحث عن المؤسسة التي تغذيه بما يفتقد من إمكانيات، تلك المؤسسة هي: المشروع الإسلامي الكبير، بما يعني أن تلك الجهود مع ما قدمته وما تقدمه ليست قادرة على تعويض غياب الخلافة الإسلامية الجامعة. وأوضح مثال على هذا: ضعف المجهودات الجهادية -مع تفاني أصحابها- عن التصدي للاحتلال الأجنبي في عدة دول مسلمة، وتفشي الجهل في عوام المسلمين مع القنوات العلمية الكثيرة، وانتشار المعاصي بأنواعها مع الوجود الضخم للدعوة، وزيادة الفقر والتخلف مع وجود قدر كبير من الجمعيات الخيرية.. وهكذا لا يقوم الدين كاملا إلا في ظلّ تحقيق نظامه كاملا. وهذا كله يقود العاملين في تلك المجالات جميعها؛ إضافة إلى عملهم على تلك الفروض.. إلى التعاون الصحيح لتحقيق الغاية التي تحقق لكلّ طائفة منهم النجاح الكامل المضمون في وجود دولة تقودهم على كلّ تلك الثغور. فليست إذن نهاية تلك المجالات الدعوية بالقيام على الفروض الشرعية المُضيّعة فحسب، إذ هذا القيام لن تتحقق غايتُه الدعوية بدون دولة الإسلام، التي تمدّه بما يحتاج، وتحميه من التخطّف، ومن التضييق عليه، بل يجب أن يكون من مقاصد كل طائفة قائمة على مجال دعوي دعم بناء وتأسيس المشروع الإسلامي الكبير، وذلك حسب الاستطاعة. فأهل كلّ تخصص دعوي لهم أثرهم في تشييد البناء الإسلامي الذي أسقطته الأنظمة العلمانية التغريبية منذ بدايات القرن المنصرم، فللعلماء أثرهم، وللساسة الإسلاميين أثرهم، وللدعاة أثرهم، بل وللعوام المنتسبين للدعوة روحيًا أثرهم لو أحسنا استغلالهم جيدًا. وبالنظر إلى المحور الآخر.. محور القيام على الفروض الشرعية المُضيّعة، مثل الجهاد، بل وجهاد الدفع! ومثل نظام الحسبة، القائم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومثل بيت المال، القائم بالنظم المالية جمعًا وصرفًا.. بالنظر لهذا المحور الدعويّ نجد أنه يمثل الوجود الإسلامي في أغلب الدولة المسلمة، وأن على عاتقه المسؤولية كاملة. فهو حقيقة الكيان المسلم اليوم، وهو اليوم "الجماعة المسلمة" أو "العصابة الظاهرة" التي أخبر عنها صلى الله عليه وسلم بقوله: (لا يزال من أمتي قوم ظاهرين على الناس حتى يأتيهم أمر الله) [روي من حديث غير صحابي، وهذه رواية المغيرة عند البخاري]. فهؤلاء "القوم" وفي رواية: "الطائفة"، وفي رواية: "العصابة"، هؤلاء اليوم هم القائمون على دين الله بدين الله ولدين الله، هؤلاء الذين يقومون على تلك الفروض الشرعية لا يمكن التقليل من عملهم بدافع أن مآل عملهم مقصور النفع، لا يثمر عادة إلا بشكل ضيّق. والآمال الإسلامية في إعادة أثر الأمة بين الأمم اليوم.. معقودة على هؤلاء القائمين بالدين وحدهم. وقد أفرزت عوامل شتى في الواقع الدعوي نوعينِ من الناس: نوعًا رأى أن الإقامة على تلك الفروض حسب المتاح في الواقع هو الغاية التي لا مطلب بعدها، ونوعًا آخر رأى أن كلّ عمل دعوي خارج إطاره الإصلاحي، أي منهجه الذي يتبناه في تغيير الواقع واسترداد الخلافة الإسلامية.. هذا العمل الدعوي خارج دائرة الأولية في تلك المرحلة، وربما غلا فقال إنه عمل لا قيمة له. وقد كان لكل فريق من الفريقين دوافعه لموقفه، فالذين يرون أن غاية العمل الدعوي اليوم هو القيام بتلك الفروض، يرون أننا نعيش بالفعل أجواء المجتمع المسلم، أو ربما الخلافة الإسلامية، مع اختلاف في الشكل والمظهر عن الخلافة الأولى! والذين يرون أن الإقامة على تلك الفروض لن يجدي شيئًا للدعوة والإسلام، إنما يعللون ذلك بإضاعة الفرض الأعظم وهو الخلافة، التي تقوم بإقامة كل الفروض الشرعية. والحقيقة أن الواقع يخطئ كلا الفريقين، فلقد كان -وما زال- العمل على تلك الفروض المضيعة عبودية الوقت، كما هو الوسيلة الأولى لعودة الإسلام حاكمًا مهيمنًا ثانية، فلا يصح الفصل بين الإقامة على تلك الفروض الشرعية وبين إقامة الخلافة الإسلامية مرة أخرى. كما أن واقع العمل الدعوي وحده لإقامة تلك الفروض بعيدًا عن كيان الدولة الإسلامية المُفتقَدِ بالفعل.. لن تكتمل أهدافه ولن يحقق غايته، كما سبق أن ضربنا لهذا الأمثلة. إذن نحن نتعبد الله بالإقامة على تلك الفروض المضيّعة في الأمة أولا، ثم نسعى لإقامة الخلافة الإسلامية حتى تتحقق إقامة كل الفروض الشرعية التي هي الإسلام على وجهه الكامل. وبهذه الرؤية وحدها نستطيع أن نصل العمل الدعوي المستطاع اليوم بالعمل الدعوي على وجهه الكامل في ظلّ النظام الإسلامي غدًا، فلا نتوهم معركة بين عملين صالحين لله تعالى، فالعمل على بناء وتأسيس الدعوة ثم إخراجها في صورة الدولة المسلمة، والعمل على إقامة بعض أجزاء الدعوة والدولة.. كلا العملينِ عبودية لله تعالى. والحمد لله ربّ العالمين، وصلّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى بيوم الدين.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |