ضعف الوازع الديني - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         المبسوط فى الفقه الحنفى محمد بن أحمد السرخسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 610 - عددالزوار : 24761 )           »          الأخطاء الطبية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          إصدارات لتصحيح المسار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12 - عددالزوار : 10441 )           »          قناديل على الدرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 41 - عددالزوار : 25591 )           »          حديث أبي ذر.. رؤية إدارية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 145 )           »          أسبـــاب هـــلاك الأمـــم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 490 - عددالزوار : 203724 )           »          قراءة سورة الأعراف في صلاة المغرب: دراسة فقهية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          دلالة الربط ما بين الحب ذي العصف والريحان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          أقسام الشرك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25-01-2020, 02:14 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,815
الدولة : Egypt
افتراضي ضعف الوازع الديني

ضعف الوازع الديني


الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي



السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارَك الله فيكم، ونَفَع بعِلمكم، مُصيبتي تكمُن في أنَّ مهابةَ الله قد ضعُفتْ في نفْسي، بل إنَّها تكاد تَتلاشَى، وكذلك حَيائي مِن الله لا أجِد له أثَرًا في حَياتي، إلاَّ كطيف عابِر، قلْبِي يكاد يَخلو مِن تعظيمِ الله، وذلك أنِّي أكتُب لكم رِسالتي هذه في هذا الشَّهر الكريم شَهر رمضان، وفي اليوم 25 منه، وقد تلبستُ في هذا اليوم بما حَرَّم الله مِن النظر إلى المواقِع الإباحيَّة، والصُّوَر الجِنسيَّة - وأنا صائمٌ عن الأكْل والشرب - مُفطِرٌ على انتهاكِ محارمِ الله، قد ضاقتْ عليَّ نفْسي، وضاقتْ عليَّ الأرضُ بما رحُبَت، أُحسُّ أني حيوان في هيئةِ إنسان، لقدْ دخَل عليَّ رمضان، وأنا متحمِّس على أن أستغلَّ ساعاتِه ودَقائقَه وثوانيَه في طاعةِ الله، ولقدْ أخرجتُ زَكاتي - بحمد الله - وختمتُ القرآنَ في أوَّل عشرةِ أيَّام مِن رمضان، على أمَل أن أسيرَ على خُطَّةٍ رسمتُها لنَفْسي قبلَ بداية الشهر، وذلك بأن أختمَ القرآن كلَّ عشرة أيام، وتصدقتُ على الفُقراء والمحتاجين زيادةً على ما أخرجتُه مِن زكاة مالي، وصليتُ صلاةَ التراويح والقيام مع المسلمين، حتى اليوم 24 مِن هذا الشهر الكريم.
وبعد، فإنِّي - يعلم الله - في حيرةٍ مِن أمري، ووجَلٍ وخوفٍ من ربي، ما هذا البلاء الذي أُصبتُ به؟! وما هذا الخذلانُ الذي ابتليتُ به؟!
السؤال: كيف السبيلُ إلى أن أزرعَ في نفْسي خشيةَ الله ومهابتَه والحياءَ منه؟ وما هي الوسائلُ التي تُعينني على مجاهدةِ نَفْسي وكبْح جِماحها عن الشهواتِ والمعاصي؟ أَجيبوني مأجورين - بإذن ربِّ العالمين.


الجواب
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومَن وَالاهُ، أمَّا بعدُ:
فقدْ توقفتُ عند تعبيرِكَ: "قد ضاقتْ عليَّ نفسي، وضاقتْ عليَّ الأرضُ بما رحُبت"، واستشعرتُ صِدق مدلوله الواقعي؛ فالأرضُ مع رَحابتها تَضيقُ بك وبغيرِك، وتتقاصَر أطرافُها، وتنكمِش، إذا أمكَنَ من نفْسه، فيكون منها في ضِيق، فكأنَّما هي وعاءٌ يَضيقُ ويُضغَطُ، فيولِّد الكربَ؛ وقد حدَّثَنا القرآن الكريم عن مِثل ذلك مِن بعضِ الساداتِ الكِبار؛ فقال - سبحانه -: ﴿ وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لاَ مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [التوبة: 118]، فالعلاج الناجِع، وهو صِدق اللُّجْء إلى الله معَ تقويةِ الخوف منه - عزَّ وجلَّ - فإنَّه مِن أعظمِ منازلِ الدِّين، وأعْلى شُعَب الإيمانِ، وهو رائدُ المسلمِ إلى إخلاصِ العَمل لله، وإلى مُراقبتِه في جميعِ الشُّؤون، وإلى ترْك الذنوب.
والخوف مِن الله هو: استشعارُ عظَمتِه تعالى، وأنه يعلمُ سرَّ العبد وجَهْرِه.
قال الأستاذُ سيِّد قُطْب - رحمه الله - في "الظِّلال": "الخوفُ مِن الله هو الحاجزُ الصُّلْب أمامَ دَفَعَات الهوَى العَنيفة، وقلَّ أن يَثبُتَ غيرُ هذا الحاجز أمام دَفَعَات الهوَى".
ولذلك؛ فإنَّ تركَ الذُّنوب خوفًا من الله - تعالى - أو مِن عقابِه، أو مَكْرِه، أو خوفًا من شُؤْمِ المعصية - مِن أعظمِ أعمالِ المكلَّفين، الدَّالة على يقظةِ قلبِ صاحبِه وإخلاصِه، وأنَّه تاركٌ للذَّنب للهِ تعالى.
فصاحبُ الخوْف يلتجئ إلى الهرَب والإمساك؛ فمَن علِم أنَّ الحَفَظَة الكاتبين يُراقبون أعماله، وأنَّه حيثما حلَّ مُتَابَعٌ، وأنَّ طريقَ الهروب مِن الله مسدودٌ، ولا حيلةَ له إلا الاستسلام والانقياد والإقبال على طاعة الله، والاستفادة مِن المهلة الممنوحة له؛ إذ لا يدري متى يتخطَّفه الموتُ، ويَصير إلى ما قدَّم؛ فلا يحتقِر المعاصي؛ لأنَّهم لا يأمنون مَكْرَ الله - تعالى - قال عزَّ مِنْ قائِل:﴿ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [الأعراف: 99].
قال ابنُ القيِّم: "وهي مِن أَجَلِّ منازل الطَّريق وأنفعها للقلْب، وهي فرضٌ على كلِّ أحدٍ؛ قال اللهُ تعالى: ﴿ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 175]، وقال - تعالى -: ﴿ فَإِيَّايَ فَارْهَبُون ﴾ [النور:51]، وقال: ﴿ فَلاَ تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْن ﴾ [المائدة: 44] ومدَح أهلَه في كتابه وأثنى عليهم؛ فقال: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لاَ يُشْرِكُونَ * َالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ [المؤمنون: 57 - 61].
وقال إبراهيمُ بن سُفيان: "إذا سَكَنَ الخوفُ القلوبَ أحرقَ مواضعَ الشَّهوات منها، وطَرَدَ الدُّنيا عنها". وقال ذو النُّون: "النَّاسُ على الطَّريق؛ ما لم يَزُلْ عنهم الخوفُ، فإذا زالَ عنهم الخوفُ، ضلُّوا عن الطَّريق"، وقال أبو عثمان: "صِدقُ الخوفِ هو الوَرَعُ عن الآثام، ظاهرًا وباطنًا"، وسمعتُ شيخَ الإسلام ابن تيمية - قدَّس الله رُوحَه - يقول: "الخوفُ المحمودُ: ما حَجَزَكَ عن محارمِ الله". اهـ باختصار.

أمَّا وسائل تقوية الخوفِ مِن الله، ومنِ ثَمَّ تنجو - بفضل الله - مِن الوقوع في حبائلِ الشيطان، فبأمور منها:
أولاً: مراقبة الله، واستحضار عظمتِه، وخُصوصًا عند الخلوة، قال الشاعر:

إِذَا مَا خَلَوْتَ الدَّهْرَ يَوْمًا فَلاَ تَقُلْ
خَلَوْتُ وَلَكِنْ قُلْ عَلَيَّ رَقِيبُ

وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ يَغْفُلُ سَاعَةً
وَلاَ أَنَّ مَا تُخْفِي عَلَيْهِ يَغِيبُ

وقال الآخر:

وَإِذَا خَلَوْتَ بِرِيبَةٍ فِي ظُلْمَةٍ
وَالنَّفْسُ دَاعِيةٌ إِلَى الطُّغْيَانِ

فَاسْتَحِي مِنْ نَظَرِ الْإِلَهِ وَقُلْ لَهَا
إِنَّ الَّذِي خَلَقَ الظَّلاَمَ يَرَانِي


ثانيًا: قَطْع الطريقِ على الشيطان، وعدَم الانجرار وراءَ خُطواته وخَطَراته؛ قال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ [النور:21]، فخُطوات الشيطان كالسِّلسلة، مَن انساقَ وراءَها لم تنته.
وكل خُطوة أعظمُ مِن التي قبْلَها، إلا أن يَتداركَ الإنسانُ نفْسَه بالإقلاع والتوبة.
ثالثًا: التوبةُ مِن كلِّ ذنب، فالذنبُ قد يحصُل مِن المسلِم، ولكن الواجِب عندَ ذلك هو الإقلاع والتوبة، وليس الاستمرار والإصرار؛ قال - تعالى -: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [آل عمران: 135]، وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((كلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاء، وخَيْرُ الخَطَّائين التوَّابونَ))؛ رواه الترمذي.
رابعًا: تَذكُّر الموتِ ولِقاء الله، فإنَّ مَن تَذكّر أنَّ الموتَ يأتي بغتةً، وأنَّه سيلقَى الله، وسيسأله عن عَمَله، فإنَّه سيرتدع عنِ الذَّنبِ.
خامسًا: اللجوء إلى الله بالدُّعاء بأن يُوفِّقه لفِعل الطاعات، وترْك المنكرات، والله لن يُخيِّب مَن دَعاه؛ قال - سبحانه -: ﴿ فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾ [البقرة: 186].
سادسًا: الإكثار مِن النوافلِ بعدَ المحافظة على الفرائِض؛ فإنَّ مَن أكثر مِن النوافِل، وفَّقه الله، وسدَّد خُطاه؛ فقد رَوَى البخاريُّ أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((قال اللهُ - تعالى -: مَن عادَى لي وليًّا، فقد آذنتُه بالحَرْب، وما تَقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ ممَّا افترضتُه عليه، وما يَزال عبدي يَتقرَّب إلىَّ بالنوافلِ حتى أُحبَّه، فإذا أحببتُه، كنتُ سمعَه الذي يَسْمَع به، وبصرَه الذي يُبصِر به، ورجلَه التي يمشِي بها، ويَدَه التي يبطِش بها، وإنْ سألني لأعطينَّه، ولئن استعاذني لأُعيذنَّه)).
سابعًا: مجالسة الصالحين، وتَرْك جُلساء السُّوءِ، فإنَّ جُلساءَ السوء يجُرُّون المرءَ إلى المعاصي، أمَّا جلساء الخير، فإنَّهم يُرشِدون المرءَ إلى الطاعات، وتَرْك المنكرات، بأقوالِهم وأفعالهم.

واللهَ أسأل أن يتوبَ علينا وعليك، وأن يقسمَ لنا مِن خشيتِه ما يحول به بيننا وبيْن معاصيه، آمين.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 54.01 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.34 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.09%)]