المحبون للرحيل - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 944 - عددالزوار : 120709 )           »          قواعد مهمة في التعامل مع العلماء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          مكارم الأخلاق على ضوء الكتاب والسنة الصحيحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          من سؤال الرسول صلى الله عليه وسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          تخريج حديث: أو قد فعلوها، استقبلوا بمقعدتي القبلة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          من أسباب المغفرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (القوي، المتين) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          {إن ينصركم الله فلا غالب لكم} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          مسألة تلبّس الجانّ بالإنسان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          من مائدة الحديث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 2961 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 19-01-2020, 04:39 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,389
الدولة : Egypt
افتراضي المحبون للرحيل

المحبون للرحيل

خالد رُوشه




كل يوم يفجؤنا الموت بفجيعته , فتبكي منا العيون وترتجف القلوب , ويشتد بنا الخوف من الموت , ويستشعر كل منا قرب لحظة النهاية ..
ثم ندفن ميتنا ونعود أدراجنا , وتبدأ دموعنا في الجفاف , وتبدا حياتنا في العودة إلى سابق حالها , غفلة , ونسيان للحظة اللقاء !

هذا المشهد نراه من حولنا يتكرر بصورة متتابعة , فلا الرحيل انتهى , ولا نحن تذكرنا وتدبرنا !
من أين إذن نأتي لقلوبنا بواعظ أشد لها من الموت ؟ وكيف نصف لها تذكرة تطبيقية واقعية أكثر من موت القريبين والأصدقاء والجيران ؟
إن نظرة إلى رؤية الإسلام للموت لتعلمنا كثيرا مما نغفل عنه .

فليس تدبر الموت يقصر على مجرد التذكرة والموعظة كما يفعل كثير من الوعاظ , فيتحدثون عن الموت بغية التأثير في الناس بالأجواء التي يمكن أن تكون محيطة به , من فراق للصحبة والمتاع , وسكون في التراب , ورحيل عن الحياة , فيستدعون الدمع الذارف , والنحيب والبكاء على أنفسهم أو أقاربهم الذين قد فارقوهم وتركوهم , ويقتصر الأمر على تلك الدقائق المؤثرات واللحظات المؤلمات ..
بل إن فكرة الموت في الإسلام فكرة منهجية ورؤية الإسلام للموت رؤية متكاملة , وحديثه عن الموت حديث عن مفترق طريق وبرزخ بين سبيلين .
والأسباب وراء أمر الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم بتذكر الموت ليست قاصرة على مجرد الاتعاظ والتذكرة , بل لأن فكرة الموت تجمع حولها كثيرا من المعاني الإيمانية والمبادىء الحياتية والدوافع السلوكية التي قد تغير طبيعة حياة الإنسان من لهو وعبث إلى قيمة وأثر .
فالحياة في نظر الإسلام هي هبة ربانية من الله سبحانه للناس , خلقهم فيها واختبرهم وأمرهم ليصلحوا بالقول والعمل , ويعمروها بالصلاح والعبودية .
والأبناء والأحفاد والذريات والمال والمتاع أيضا منه سبحانه وتعالى :" وما بكم من نعمة فمن الله " , " وأنفقوا من مال الله الذي آتاكم "
فإذا قضى الله سبحانه الموت على أحد فإنا له وإليه راجعون , والعبد عبده , والخلق خلقه والأمر أمره لا إله إلا هو , فهو يهب الحياة والنعمة , وهو سبحانه يقبض الروح ويوقف الإنعام إذا شاء .
فتأتي فكرة الموت ههنا لتؤكد على ذلك المعنى تأكيدا يضطر الإنسان المؤمن إلى الاستشعار بالفقر والضعف الكاملين تجاه ربه سبحانه , والحاجة التامة له عز وجل ولإنعامه وعطاياه , فيرجوه ويسأله , ويحسن عمله ويطهر عبوديته .

كذلك فلا لذة دائمة في الحياة الدنيا يمكن أن يركن إليها الإنسان , وإنما اللذات منتهية وزائلة , فاللذة الحقة هي لذة المتاع في الآخرة , وإنما لذة الدنيا في استشعار معنى العبودية في كل شأن من شئونها والركون إلى جانب الله سبحانه والرضا بأقداره , لذلك أمر النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم بتدبر الموت أيضا من هذه الجهة فقال : " أكثروا من ذكر هاذم اللذات " .. وذكر هاذم اللذات يقلل الارتباط بالدنيا ويقوي الارتباط فيما عند الله ..
ومن ثم كان هذا المعنى من أهم ماأكد عليه الرسول صلى الله عليه وسلم من فكرة الموت , فيروي البخاري أن ابنا لابنته زينب رضي الله عنها كان يحتضر , وأنه صلى الله عليه وسلم أرسل إليها أن :" إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده إلى أجل مسمى فاصبري واحتسبي " , والمعنى ههنا واضح تمام الوضوح والفكرة الإيمانية تتجلى بقوة في هذا المعنى , ومن أجل ذلك نجد المرأة الصالحة – أم سليم – توصل لزوجها أبي طلحة نفس الفكرة بصورة مبسطة جدا لما مات ابنه الذي يحبه كما أورد مسلم في صحيحه :" قالت: يا أبا طلحة أرأيت لو أن قوما أعاروا أهل بيت عارية فطلبوا عاريتهم ألهم أن يمنعوهم؟ قال: لا، قالت: فاحتسب ابنك .."
وفكرة الموت في الإسلام كذلك فكرة لا تقطع الحياة عن الآخرة كما يظن كثير من الناس , فيعتبرون الموت انقطاعا تاما وفراقا كاملا , بل إن الموت في الإسلام هو حاجز وممر بين الحياة الدنيا والآخرة , بل إن بعض الألفاظ الشرعية في وصف الموت تشعرك أنه وكأن هناك دارين بينهما حاجز وممر , أحدهما الدنيا والآخر هو الآخرة وممرهما هو الموت , فيسمى الموت عندئذ بالبرزخ , ولفظة البرزخ أعم من القبر , فكل ميت سواء حرق أو غرق أو غيره فهو في برزخ , يقول ابن كثير : ولو أحرق وذري في الهواء فهو في برزخ، إذ يصف أهل اللغة معنى البرزخ بأنه " الحاجز والممر " , فهما طريق واحد وحسبة واحدة وسبيل متصل .
والموت في الفكرة الإسلامية أشبه بمصفاة للخير عند المؤمنين الصالحين, فهم لا يفارقون صلاحهم ولايتركون الخير الذي قدموه ولا ينقطعون عن الهدى والفضل , إنما الذي يفارقهم هو تبعة الابتلاء الحياتي, وثقلة الجسد الدنيوي , ومسئولية التكاليف التي سيسألون عنها , أما المتاع الصالح فلهم مثله وخير منه , فالزوجات الصالحات العابدات , والذرية الصالحة الطيبة معهم في الآخرة ,:" والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم .." , وكل متاع كريم في الدنيا لهم وأفضل منه في الآخرة :" فلا تعلم نفس ماأخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون "
من أجل ذلك كان قول النبي صلى الله عليه وسلم عند مسلم وغيره :" من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه " , قال النووي : " قالت عائشة فقلت يا نبى الله أكراهية الموت فكلنا يكره الموت قال ليس كذلك ولكن المؤمن اذا بشر برحمة الله ورضوانه وجنته أحب لقاء الله فأحب الله لقاءه وأن الكافر اذا بشر بعذاب الله وسخطه كره لقاء الله وكره الله لقاءه , هذا الحديث يفسر آخره أوله ويبين المراد بباقى الأحاديث المطلقة من أحب لقاء الله ومن كره لقاء الله ومعنى الحديث أن الكراهة المعتبرة , هي التى تكون عند النزع فى حالة لا تقبل توبته ولا غيرها فحينئذ يبشر كل إنسان بما هو صائر إليه وما أعدله , ويكشف له عن ذلك فأهل السعادة يحبون الموت ولقاء الله لينتقلوا إلى ما أعدلهم ويحب الله لقاءهم أى فيجزل لهم العطاء والكرامة وأهل الشقاوة يكرهون لقاءه لما علموا من سوء ما ينتقلون إليه ويكره الله لقاءهم أى يبعدهم عن رحمته وكرامته ..
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 62.82 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 61.10 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.73%)]