|
ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() مقدمة في الصراط السوي في سؤالات الصحابة للنبي - صلى الله عليه وسلم - أبو البراء محمد بن عبدالمنعم آل عِلاوة إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالِنا، من يَهدِه الله فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسولُه. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]. ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70-71]. أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهديِ هديُ محمَّد - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتُها، وكل محدَثةٍ بدعةٌ، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار. وبعد: فقد منَّ اللهُ علينا بأن جعل لنبيِّنا - صلى الله عليه وسلم - رجالاً صدقوا ما عاهدوا اللهَ عليه، فأيَّدوه ونصروه وفدَوْه بأموالهم وأرواحِهم، ونقلوا عنه كلَّ شيء من حركاتٍ وسكنات، كيف يمشي؟ كيف يتكلَّم؟ كيف يأكل؟ كيف يشرب؟ كيف يتعامل في غضبِه وفرحه؟ نقلوا عنه كل شيء حتى السَّعلة (الكحة)؛ ففي حديث عبدالله بن السائب قال: "صلَّى لنا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الصبح بمكة فاستفتح سورة المؤمنين، حتى جاء ذكرُ موسى وهارون، أخذتِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - سعلةٌ فركع"[1]. بل نقلوا عنه حركة الشفتين؛ فعن ابن عباسٍ في قوله - تعالى -: ﴿ لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ﴾ [القيامة: 16]، قال: "كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يعالِج من التنزيل شدةً، وكان مما يحرِّك شفتيه، فقال ابن عباسٍ: فأنا أحرِّكُهما لكم كما كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يحرِّكهما"[2]. وكانوا معه - صلى الله عليه وسلم - يعلِّم جاهلَهم، ويُطعم جائعهم، ويطمئن خائفَهم، وكانوا - رضوان الله عليهم - يسألونه عن كل شيء يحدُث في أمور دينِهم ودنياهم؛ ففازوا بنصيحةِ من لا ينطق عن الهوى؛ فهُدوا إلى سواءِ الصِّراط، فلا تجد بابًا من أبواب الدِّين إلا والصحابةُ لهم فيه سؤال؛ ليتعلَّم ويعلِّم، فسألوا عما لا يعلمون، وعملوا بما تعلَّموا، ودعَوْا بما علموا، وعملوا ونشروا الخير في كل البلاد. ولَمَّا كان العلم سؤالاً وجوابًا، وكان حسنُ السؤال نصفَ العلم[3] - جاءت أهميةُ هذا الموضوع، وهو "سؤالات الصحابة للنبي - صلى الله عليه وسلم" سيما لعِظم السائل، وهم الصحابة، أفضل البشر بعد الأنبياء، ولعِظم المسؤول، وهو النبي - صلى الله عليه وسلم - أفضل البشر على الإطلاق. فحسن السؤال سببٌ في تعلُّم العلم النافع؛ لذا أمر الله به الجاهل؛ فقال: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 43]، وفي حديث ابن عباس قال: أصاب رجلاً جرحٌ في عهد رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ثم احتلم فأُمِرَ بالاغتسالِ، فاغتسل فمات، فبلغ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((قتلوه قتلهم اللهُ، ألَم يكنْ شفاءُ العِيِّ السؤالَ؟!))[4]. وقال أميَّة بن أبي الصلت: وقد يقتل الجهلَ السؤالُ ويشتفي ![]() إذا عاين الأمرَ المهمَّ المعاينُ ![]() وفي البحث قِدْمًا والسؤالِ لذي العمى ![]() شفاءٌ، وأشفى منهما ما تُعايِنُ[5] ![]() وقال ابن شهابٍ الزهريُّ: العلم خزانةٌ ومفاتيحُها السؤالُ[6]. وقيل للأصمعي: بِمَ نلتَ ما نلت؟ قال: بكثرة سؤالي، وَتَلَقُّفِي الحكمة الشرود[7]. ودعا معاوية بن أبي سفيان دغفلاً النسابة فسأله عن العربية، وسأله عن النجوم، فإذا رجلٌ عالم فقال: يا دغفلُ، من أين حفظتَ هذا؟ قال: حفظتُ هذا بقلب عقولٍ، ولسان سؤولٍ[8]. ولما نشأ أناسٌ لا يسألون عما يجهلون، ولا يبالون بما يفعلون، وقع من البدع والشرور ما الله به عليمٌ، قال ابنُ رجبٍ: واعلم أن كثرةَ وقوع الحوادث التي لا أصل لها في الكتاب والسنة إنما هو من ترك الاشتغالِ بامتثال أوامر الله ورسوله، واجتناب نواهي اللهِ ورسوله، فلو أنَّ من أراد أن يعمل عملاً سأل عما شرع اللهُ في ذلك العمل فامتثله، وعما نهى عنه فاجتنبَه - وقعت الحوادث مقيَّدةً بالكتاب والسنة، وإنما يعمل العاملُ بمقتضى رأيه وهواه، فتقع الحوادث عامَّتُها مخالفةً لما شرعه الله، وربما عسُر ردُّها إلى الأحكام المذكورة في الكتاب والسنَّة؛ لبُعدها عنها[9]. واعلم أن الذي يمتنع عن السؤالِ لا يخلو من أمرين، ذكرهما مجاهد حين قال: لا يتعلم العلمَ مستحيٍ ولا مستكبرٌ[10]. وقالت عائشة: "نِعم النساءُ نساءُ الأنصار لم يمنَعْهن الحياءُ أن يتفقَّهن في الدين"[11]. وقد دخل رجلٌ على ابن المبارك وعنده أهل الحديث يسألونه، فاستحيا أن يسألَ، وجعل أهلُ الحديث يسألونه، فنظر ابن المبارَك إليه، فكتب بطاقة وألقاها إليه، فإذا فيها: إن تلبَّستَ عن سؤالِك عبدَالله ![]() ترجعْ غدًا بخفَّيْ حُنَيْنِ ![]() فأعْنِتِ الشيخَ بالسؤالِ تجِدْه ![]() سلِسًا يلتقيك بالرَّاحتينِ ![]() وإذا لَم تَصِحْ صياحَ الثَّكالى ![]() قمتَ عنه وأنت صفرُ اليدينِ[12] ![]() واعلم أن للسؤال آدابًا ينبغي مراعاتها عند السؤال، منها: • أن يتحيَّن الوقتَ المناسب للسؤال، قال ابن عباس: إن كنتُ لآتي الرجل من أصحاب رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا رأيتُه نائمًا لم أُوقِظْه، وإذا رأيتُه مغمومًا لم أسأله، وإذا رأيته مشغولاً لم أسألْه[13]. وقال الخطيب البغدادي: ومن الأدب إذا روى المحدِّث حديثًا، فعرض للطالب في خلاله شيءٌ يريد السؤال عنه، أن لا يسأل عنه وهو في تلك الحال، بل يصبر حتى ينهيَ الراوي حديثَه، ثم يسأل عما عرض له[14]. يتبع
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |