آداب وسائل الاتصال الحديثة - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الاكتفاء بسماع أذكار الصباح والمساء عند قولها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الفرق بين صلاة التراويح وصلاة القيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          قراءة القرآن بصوت مرتفع في المسجد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الفرصة الأخيرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          ترزقوا وتنصروا وتجبروا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          لا سمَرَ إلَّا لِمُصَلٍّ ، أوْ مُسافِرٍ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          على أبواب العشر الأواخر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          رمضان شهر الإقبال على مجالس العلم والعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          التغيير الشامل في رمضان .. هل هو ممكن؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          تاريخ غزوة بدر .. الميلاد الثاني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-11-2022, 03:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,505
الدولة : Egypt
افتراضي آداب وسائل الاتصال الحديثة

آداب وسائل الاتصال الحديثة (1)

محمد زاهد أبو غدة


تطور وسائل الاتصال وتداول المعلومات
لقد تطورت وسائل الاتصال الحديثة في العقد الماضي تطوراً يكاد يعادل تطورها عبر القرون منذ أن هدى الله تعالى الإنسان للكتابة والخط، فبعد أن كانت الرسالة تستغرق أسابيع وربما شهوراً لتصل من يد كاتبها إلى يد المرسل له، أصبحت تصل في طرفة عين، وبعد أن كانت المحادثة الشفوية لا تتم إلا باللقاء وجهاً لوجه في مكان واحد، صار الاتصال الشفوي والرؤية البصرية في متناول اليد بسهولة ويسر، وكل ذلك بفضل ما منح الله الإنسان من عقل وفكر، وما سخر له من ملكوت السموات والأرض، فتوصل في عصرنا الحالي إلى إنشاء الشبكة المعروفة بالانترنت، والتي أزالت الحواجز التي كانت قائمة في ميادين المعرفة والاتصال، فصارت المعلومات طوع بنان الصغير والكبير والغني والفقير، وأصبح الهاتف في كل يد لا يكاد يتخلف عن اقتنائه أحد.

وقد تطور جهاز الهاتف من أداة اتصال إلى أداة متعددة الوظائف تقوم باتصالات متعددة الوجوه، ويدخل المرء من خلالها إلى عالم الشبكة الرحيب، إلى جانب استخدامها في التصوير والكتابة والتخزين وجدولة المهام والمواعيد والتنبيه عند حلول موعدها، إلى غير ذلك مما هو معروف أو سيجِدُّ في المستقبل.
وبسبب هذا التطور الحديث غير المسبوق في وسائل الاتصال، وجدنا من الضروري أن ندرج فصلاً عن وسائل الاتصال الحديثة، نرسي فيه بعض القواعد التي ينبغي على المسلم، وغير المسلم، مراعاتها بهذا الصدد، ونتناول فيه آداب استعمال جهاز الهاتف، وآداب الاتصال الهاتفي، وآداب البريد والمراسلات، وآداب الاتصالات الفورية، وآداب استعمال جهاز الهاتف.
الغرق في المعلومات ووجوب تمحيصها
إن الشبكة بما توفره من معلومات وصور وأفلام لا يدرك عددها إلا الله تعالى، تحمل في طيَّاتها، إلى جانب أخطار المحتوى الخبيث، خطراً كبيراً في كثرة المعلومات وغثاثتها وضعف توثيقها، فأغلبنا إذا اعترضته مسألة أو أراد بحث أمر أو معرفة معلومة، التمس الجواب الفصل فيما تجيبه عنه محرّكات البحث في الشبكة، ولا شك أن كثيراً منها صادق ومفيد، ولكن هناك غثاء شديداً ينبغي الانتباه له، والتيقظ عند مصادفته، ومصدر هذا الغثاء الباعة الغشاشون، والأطباء المدَّعون، والمتآمرون الماكرون، والجهلة المغفلون، ولذا يجب علينا نتلقى معلومات الشبكة بالحذر والشك، إلا أن تكون من مواقع مأمونة مضمونة نعرف من أسسها ونطمئن لصدقه وحياده، ونضرب مثالاً طريفاً على أحد هذه الأخطاء أن أحد المواقع ذكر أن ياقوت الحموي ولد في حماة وعاش فيها وتوفي فيها، وهو في الحقيقة قد نشأ في العراق وجال في البلدان واستقر به المقام بحلب ، وتوفي فيها.
أما أمور الطب والعلاج فقد أضحت من الطامات التي يعاني منها الأطباء ويضيع في متاهاتها المرضى وأهلوهم، وبخاصة ما يتعلق منها بالأمراض الصعبة أو المستعصية، فعلينا أن ندرب أنفسنا على أن نكل الأمر لأهل الاختصاص ولا نوسده لغير أهله بأنفسنا وتصرفاتنا، فإن ذلك من علامات الخلل الذميم الذي يسبق قيام الساعة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
المعلومات غير العلم
لقد اشتكى عقلاء الغرب ونحن أحق منهم بهذه الشكوى، من أن ثورة المعلومات وتوفرها على الشبكة إذا قدمت معلومة فهي لا تقدم علماً أو منهجاً، وبخاصة العلم الشرعي، فلا بد من أخذ العلم الشرعي على يد العلماء والمشايخ بطريقة منهجية تبنيه لبنة فوق لبنة حتى تشيده بنياناً شامخاً في نفس الطالب، ولذا فلا بد من التحذير هنا من أخذ الفتوى عن الشبكة، وبخاصة في القضايا المتعلقة بالأحوال الشخصية من زواج وطلاق وميراث ونسب، وكذلك تلك المتعلقة بالمعاملات المالية، ومثل من يفعل ذلك مثل من يقبل أن يركب طائرة يقودها طيار تعلم الطيران من الشبكة، أو رضي أن يجري له جراحة جراح تعلم الجراحة مما شاهده من أفلام على الشبكة!
وخير جليس في الأنام كتاب
وفي هذا الإطار، لا بد من أن نغرس في أذهان الناشئة أن التعلم المنهجي لعلم من العلوم، أو الإحاطة بقضية معرفية لا يتم إلا من خلال قراءة الكتب ذات الموضوع الواحد التي تتناول هذه المواضيع، ويجب أن نسعى ليتكون لدى المجتمع وعي ووضوح أن المنهجية هي حجر الأساس في التعلم، فيتحول ذلك إلى بدهية ومسلمة لا جدال فيها، وإلى شرط يصر عليه المجتمع المسلم ولا يتنازل عنه، فتصبح النزعة المنهجية أحد معالم شخصية الشباب العلمية والثقافية، ويجب أن لا نمل من أن نسأل شبابنا وشاباتنا مراراً وتكراراً كم كتاباً كاملاً قرأوا حتى ترسخ في أذهانهم أهمية التعلم المنهجي والاستيعاب الشمولي للعلوم والقضايا والمسائل التي يرغبون في دراستها أو الإحاطة بها.
مضارُّ العيش في العالم التخيلي
وثمة خطر كبير علينا التنبه له والتوقي منه، وهو أن كثيراً من الناشئة يعيشون مع هواتفهم منعزلين في عالم تخيلي لا يمت لواقعنا بصلة كبيرة أو وثيقة، فمثلاً معرفتهم بالطبيعة ومكوناتها من جماد ونبات وحيوان تقتصر على ما يشاهدونه من أفلام على هاتفهم، ومعرفتهم ببلدهم ومدنه ومعالمه لا تتعدى نظرة عابرة يلقونها على ما يمرون به ثم يعودون إلى هواتفهم وعوالمهم الوهمية، ولو سألتهم ماذا رأوا أو لاحظوا، لما سمعوك إلا بعد لأي، ولو أجابوك لأدركت أنهم ممن نخشى أن يـَحِقَّ فيهم قول الله تعالى في سورة الأعراف: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا، وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا، وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا، أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾.
وقد عمت البلوى بالألعاب الإلكترونية التي تغرق في الخيال ولا فائدة منها تذكر سوى التعلق بها لدرجة الإدمان وإضاعة الوقت الذي هو أثمن ما في الحياة، وطالما اشتكى الآباء والمربون من ضعف المهارات اليدوية لدى كثير من الناشئة، وقلة حيلة كثير منهم في معالجة أبسط أمور المنزل، وإعراضهم عن العمل اليدوي والحرفي، وكسل بعضهم عن ممارسة الرياضة الخلوية، وهذا بلاء كبير يحتاج علاجه إلى تخطيط وهمة وتضافر مجتمعي، وإلا فإنه نذير تدهور في الكفاءات وتنوع المهارات التي تقوم بها المجتمعات وتنهض بها الأمم.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12-11-2022, 03:43 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,505
الدولة : Egypt
افتراضي رد: آداب وسائل الاتصال الحديثة

آداب وسائل الاتصال الحديثة (2)

محمد زاهد أبو غدة






البحث عن المعلومات وتغير وسائل المعرفة

لقد أسلفنا أن الهاتف تحول من جهاز اتصال عن بُعد إلى جهاز يطل الإنسان منه على عالم رحب لا حدود له بل ويتوسع في كل دقيقة، وصار المرء يصل فيه خلال ثوان إلى معلومات كانت في السابق حكراً على أخص المختصين، ورغم أن البحث عن المعلومات والحصول عليها لا يندرج بالضرورة تحت موضوع الآداب إلا أنني استحسنت أن أتطرق إليها لعلاقتها بآداب استعمال الهاتف ووسائل الاتصال الحديثة.

وقد أظهرت الدراسات أن البحث في الشبكة يختلف من حيث موضوعه من بلد إلى آخر، ومن شريحة عُمرية إلى أخرى، كما يختلف اختلافاً بيناً ما بين الرجال وبين النساء، وسنقتصر هنا على الحديث باختصار عن البحث عن المواضيع الدينية والطبية والتربوية الاجتماعية.

البحث الديني في الفتاوى

والبحث الديني يكون عادة عن فتوى في قضية تواجهنا لا نعرف حكمها الشرعي، أو قضية أفتانا فيها مفت ونريد أن نعلم الآراء الأخرى التي قد توجد بصددها.

وفي هذه الحالة ينبغي الاسترشاد بالمواقع الموثوقة التي تقوم عليها جهات أو أفراد معروفين بالعلم الرصين والتَّجرد عن الأهواء، وبالوسطية والبعد عن الإفراط في التشدد، أو التفريط في مقاصد الشريعة، وعلينا أن نترك المواقع المعروفة بتتبعها الشاذ من الآراء، أو تلك القائمة على إبراز شخص بعينه بصورة قائمة على الإطراء والتمجيد البعيدين عن روح الإسلام ومنهج رسول الله صلى الله عليه وسلم في التواضع والتقوى وكره الخيلاء والدعاوى العريضة الفارغة.

وأنصح في هذه الحال بمراجعة مواقع وزارات الأوقاف أو الأزهر الشريف فهي تتضمن أغلب ما يبحث عنه المستفتي أو الباحث، وهي صادرة عن علماء أجلاء أهل للفتوى وعارفين بملابسات قضايا الطلاق والزواج والعدة والميراث والقرابة وغيرها مما تدور حولها أغلب المراجعات في الفتوى.

ولا بد أن نحذر أن البحث على الشبكة لا يغني عن مراجعة عالم شرعي موثوق في علمه ودينه، وعرض القضية عليه وأخذ الحكم الشرعي منه، لأن القضايا الاجتماعية تختلف في تفاصيلها وتبعاتها اختلافاً واسعاً، ولا يستطيع ردها إلى أصولها الفقهية إلا عالم متمرس ذو دربة بالفتوى والأحكام، فلا ينبغي أن يُبنى على بحث في الشبكة أمر يتعلق بالأحوال الشخصية أو العلاقات الاجتماعية.

وهناك أمر آخر يعضد ما سبق، وهو تباين الآراء على الشبكة في كثير من القضايا التي نريد أن نستفتي بشأنها، وهو تباين يضيق حيناً ويتسع أحياناً، ولا يستطيع خوض غماره إلا أهل الاختصاص الخبراء بمواضع الخلاف، ويحتار بل ويضيع فيه غيرهم مهما كانوا أصحاب علم في علوم أخرى.

بحث المواضيع الدينية

والجانب الآخر للبحث في المواضيع الدينية هو البحث حول أمر نريد معرفته أو مسألة غامضة نجليها، مثل تفسير آية قرآنية أو معرفة سبب نزولها، أو درجة صحة حديث شريف أو رواياته المتعددة أو مناسبته أو معناه والأحكام المترتبة عليه.

وهذه الحالة كذلك تقتضي أن يبحث الإنسان في المواقع التي تعرض كتب التفسير العريقة الموثوقة، وأما ما يتعلق بالأحاديث النبوية الشريفة ومدى صحتها ومناسبتها والأحكام التي تُبنى عليها، فعلى المرء أن كذلك أن يراجع في شأنها الشروح المعتمدة للحديث أو مواقع العلماء المعاصرين الذين عُرفوا بتمرسهم في تصحيح الحديث وتضعيفه، وأولئك الذين التفتوا لشرح الأحاديث النبوية وتفرغوا لها، فصاروا أصحاب الاختصاص بهذا الشأن، يعرفون كل حديث يندرج تحت هذه القضية، ويستطيعوا أن يحكموا عليه بالصحة والضعف، وإن كان ناسخاً أم منسوخاً، أو كان قاعدة عامة أم استثناء غير منصوص عليه.

البحث الطبي

أما البحث في الشبكة عن الأمور الطبية، فنريد الإشارة إلى أن الشبكة تزدحم بالمواقع التي تقدم علاجات وهمية كاذبة تقوم على الأعشاب الطبيعية، ولكونها طبيعية فهي تبهرج نفسها على أنها أقل ضرراً من الأدوية المصنعة وأكثر نجاعة منها، وهذا قد يكون صحيحاً في استثناءات نادرة، إلا أن الملاحظ الملموس أن هذه المواقع في أغلبها إما تجارية تستثير خوف الباحث من الأدوية الكيماوية حتى يشتري منتجاتها وخدماتها، أو تسوقه للعلاج عند المشعوذ الفلاني الذي تجعله صنو المسيح بما أجراه الله على يديه، وأحياناً نجد على الشبكة وصفات وعلاجات غير تجارية، ولكنها قائمة على التخرص ونقل ما ورد في الكتب القديمة التي لا يعرف لها مؤلف أو أصل صحيح في كثير من الأحيان.

ويزداد تأثير هذه المواقع سوءاً عندما تتعلق علاجاتها المزعومة بالأمراض المستعصية أو الميؤوس من شفائها في العادة، مثل بعض أمراض السرطان والعيون والأعصاب، فالمريض ومن حوله يتعلقون بهذه الأوهام، ويعتقدون ألا ضرر من تجربة هذا الدواء أو ذلك العلاج، ولكنهم في تعلقهم بالأمل الكاذب ينصرفون عن مواجهة الحقيقة المرة، وفي أغلب الأحيان ينتج عن ذلك تضييع لمصالح المريض أو أهله أو ورثته، بل قد رأينا بعض المرضى يتركون أو يهملون العلاج الطبي المعتمد، وذلك من تلقاء أنفسهم أو بإيعاز من هؤلاء المشعوذين المنتحلين، فيعود ذلك بالضرر الشديد عليهم والنفع المادي البالغ على أولئك.

ويتذرع بعض هؤلاء لترويج دعاويهم بأمثال الحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه الإمام أحمد عن أسامة بن شريك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تداووا عباد الله، فإن الله عز وجل لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء، علمه من علمه، وجهله من جهله، إلا الموت والهرم. ولكن المريض مطالب أن يتداوى بأفضل ما أتاح له الله من دواء مجرب على أيدي الخبير الصادق، وعلى المريض ألا يلقي بنفسه وذويه في التهلكة باتباع الوهم والظنون فإن الظن لا يغني من الحق شيئا.

البحث في القضايا التربوية والعلاقات الشخصية

أما البحث في الشبكة عن مسائل الأمور التربوية والعلاقات الشخصية، فهو في مجمله من الفوائد التي عادت بها الشبكة على الآباء والأولاد والشباب، لأن تراثنا الإسلامي يفتقر للمؤلفات العلمية أو العملية المتعلقة بمشاكل التربية، وذلك إذا استثنينا بعض مؤلفات الإمام الغزالي وابن الجوزي رحمهما الله تعالى، وليس سبب ذلك تقصيراً من أجدادنا الأفاضل، بل سبب ذلك أن مجتمعات العالم إبان ذلك الوقت كانت في عزلة عن بعضها البعض، وكانت القيم والتقاليد الإسلامية أساس مجتمعات الاجداد، محترمة في المنزل والشارع والسوق، تتوارثها الأجيال ويعيش في ظلها الوارف الكبير والصغير، وتضمن للمجتمع استقرار مساره وسكينة أفراده.

ثم جاءت الغزوات الاستعمارية وخلب التفوق التقني عقول بعض المتنفذين في المجتمعات العربية والإسلامية، وظنوا أن المدخل إلى التقدم يكون عبر اعتناق القيم الاجتماعية الغربية التي عاشت عليها وروجت لها القوى الاستعمارية، فاتجه هؤلاء المبهورون بالبلاد والعباد يمنة ويسرة، فوقع الاضطراب الاجتماعي نتيجة لتضارب القيم وتعارض النزعات، فأضحت مجتمعات المسلمين مشوشة الشخصية مضطربة المسار، وأصبحت العلاقات الشخصية والتربوية فيها أشبه بالملاحة في البحار الواسعة منها بالسير على الطريق الواضحة في اليابسة، وصار لا بد لأفراد المجتمع من تعلم مهارات جديدة وتأسيس مبادرات محمودة للعودة بالمجتمعات الإسلامية إلى الاستقرار الضروري للتقدم المنهجي البنّاء.

وجاء توسع آفاق المعلومات مع انتشار الشبكة ليضيف عبئاً آخر وتحدياً أصعب لما يواجهه الآباء والمربون في تربية الناشئة، وليسوا في ذلك وحدهم، بل واجهت الناشئة كذلك تحدياً شديد الوطأة في بناء العلاقات الاجتماعية ضمن نسيجها ذاته، وكذلك مع من هم خارجه من أركان المجتمع مثل الوالدين والأقارب والمدرسة والحكومة.

وقد مرت على المجتمعات الإسلامية فترة طويلة وهي تعاني من الأمراض الاجتماعية التي سبَّبها انفصام وانفصال لحمتها الاجتماعية، وفي السنوات القليلة الماضية انتدب عدد من المختصين والخبراء أنفسهم للبحث عن حلول لما يواجهه الجميع، وبنوا ذلك على أسس تربوية إسلامية، وقدموا إنجازاتهم على صور دراسات للخاصة، ثم أخرجوها للعامة في صورة نصائح عملية مبسطة مسموعة ومرئية، فاستحقوا بذلك شكر الأمة وتقديرها.

ومن هؤلاء فقط ينبغي استقاء النصح والإرشاد، لأنهم تحلوا بالإيمان القويم، وجمعوا بين قيم الإمة وتقاليدها وبين الأساليب التربوية المناسبة للإبحار في بحر الحياة الذي أضحى غائماً مزبداً محفوفاً بالتوتر والمخاطر، ولمثل هذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الإمام أبو داود عن أبي سعيد الخدري: لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي. والانسياق وراء غير المؤمن الناصح لن يؤدي إلا لمزيد من التوتر في العلاقات والتشويش في الفكر والاحتراب المجتمعي الوخيم.

وهنا أيضاً ينبغي التمييز بين الغث والسمين، وبين الخبير والمدعي، فقد أضحت هذه الساحة سوقاً قصده كثير من المتربحين والمفسدين يروجون فيه سلعهم الزائفة على حساب صحة المجتمع وسلامة بنيانه، نسأل الله أن يتولانا وأهلينا بحفظه ورعايته.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 25-11-2022, 05:04 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,505
الدولة : Egypt
افتراضي رد: آداب وسائل الاتصال الحديثة

آداب وسائل الاتصال الحديثة (3)

محمد زاهد أبو غدة



آداب استعمال جهاز الهاتف



إعدادات الجهاز وتنبيهاته

اختر لجهازك رنَّة أو تنبيهاً يلائم شخصيتك المسلمة السوية الفاضلة، وراعِ أن تجعله صامتاً أو هزازاً تنبهاته أو عند الكتابة، وذلك في المناسبات التي تقتضي ذلك، مثل زيارة مريض أو تعزية بوفاة أو في أوقات النوم والراحة، ومثل ذلك في الاجتماعات سواء كانت للعمل أم للمناسبات الاجتماعية، فإن ذلك من حق من حولك عليك، لتبتعد عن إزعاجهم أو تشويش اجتماعهم.


التشاغل بالهاتف في الزيارات

إن التشاغل بالهاتف في الزيارات الاجتماعية واللقاءات الأخوية من أسوأ العادات التي طرأت، لأن من تشاغل به يقول لمن حوله بلسان الحال: إن اجتماعي بهاتفي أهم من اجتماعي بكم! فعلينا أن نعوِّد أنفسنا وبخاصة شبابنا أن يتركوا هواتفهم في المناسبات الاجتماعية ويصيخوا سمعهم ويستنفروا عقولهم لسماع ما يقال والاستفادة منه والمشاركة فيه، ففي كل حديث فوائد لمن أراد أن يستفيد، فمن حضر مجلساً ودار فيه حديث لم يعجبه مضمونه أو أسلوبه، فإن فيه توجيهاً له ليتجنب ذات المزالق ويتعلم ما يقال وما لا يقال وكيف يقال.

وعلى من يدير هذه الاجتماعات من صاحب الدعوة أو كبير القوم أن يدعو كل من حضر ليكون له نصيب من المشاركة وإبداء الرأي، وأن يختار المواضيع التي تهم جميع الحضور، فإن أول تشرذم الاجتماع هو اختيار موضوع للحديث لا يكون مرغوباً فيه أو مناسباً لكل الحضور.

وقد ابتدع بعض العقلاء بدعة حسنة، إذ لاحظ استحكام هذه العادة الذميمة، وهي أن يترك المدعوون لديه هواتفهم لدى الباب، ويأخذوها إذا غادروا بعد انتهاء الجمع.

وقت الاتصال

كن حصيفاً في اختيارك لزمان اتصالك ومكان من تتصل به، فلا تتصل في أوقات الراحة التي حددها القرآن الكريم أو صلاة الجماعة، وأوقاتُ الراحة قد تختلف قليلاً باختلاف البلد والعرف والعادة ، ويمكن أن نحاول تحديدها فنقول: لا تتصل بأحد قبل الثامنة صباحاً، وبين الثانية وبين الرابعة بعد الظهر، وبعد التاسعة ليلاً.

ولا تتصل بأحد عقب الأذان لإحدى الصلوات، فقد يكون في المسجد يصلي مع الجماعة، فيكون اتصالك مزعجاً للمصلين وشاغلاً لمن اتصلت به، وإن كان يصلي في بيته أو عمله فقد شوشت عليه صلاته.

مكان المتصل به

و قبل أن تتصل تأمل مكان من تتصل به، فلا تتصل بمن هو في عمله إن كان حديثك معه لا يتعلق بعمله، ولا تتصل بمريض في مشفى فإن ذلك قد يشق عليه، وحديثك معه قد يزعج من حوله من المرضى، وخير من ذلك إرسال رسالة نصية لمن تعرف أنه مشغول تسأله عن الوقت المناسب للاتصال به، وبخاصة إن كان حديثكما سيطول ويتشعب.

التأني في إعادة الاتصال

وإذا اتصلت بمن تريد فلم يُجِب، فلا تستمر في الاتصال، بل اقطعه بعد ثلاث رنات هي بمثابة السنة في الاستئذان، ولا تكرر الاتصال بعد دقيقة أو اثنتين، ولا تتصل على هاتف آخر له، كأن تتصل على منزله، فإن لم يُجِب اتصلتَ على عمله أو بهاتفه الجوال، بل انتظر بُرهة من الوقت لا تقل عن ربع ساعة ثم أعد اتصالك بمن تريد.

ترتيب الأفكار

وقبل اتصالك استجمع ذهنك ونظِّم أفكارك فيما تريد الحديث فيه أو معرفته أو التشاور فيه مع من اتصلت به، وذلك قبل اتصالك، حتى لا تفوتك نقطة أو أمر تريد تناوله معه، وإن كان الأمر يتعلق بزواج أو تطبب أو تجارة أو نحو ذلك فإن من الأفضل أن تسجل هذه النقاط في ورقة تكون أمامك عند إجراء اتصالك مع الطرف الآخر.

وإذا فعلت ذلك سهل عليك تقدير المدة اللازمة للاتصال الهاتفي المزمع، ولهذا أهميته في مراعاة ما سبق ذكره من تخير الزمان والمكان.

ابدأ بالسلام والتعريف بنفسك

إذا اتصلت وردَّ عليك من اتصلت به أو أحد ممن يلوذ به، فابدأ بتحية الإسلام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ثم عرِّفه بنفسك، إلا إن كان من تتصل به من الأصدقاء المقربين، وإذا كان من تتصل به صديقاً مضى على اتصالك به فترة طويلة، أو كان في بلد آخر، فيلزم كذلك أن تعرِّف نفسك، ويكون ذلك بذكر اسمك وكنيتك بشكل ترى أنه قد أزال أي لَبس محتمل، وقد أشرنا في مكان آخر أن الأسماء قد تتقارب والأصوات قد تتشابه.

وانتقل بعد تعريف نفسك إلى سؤال من اتصلت به إن كان وقته يسمح لاتصالك والحديث معه، وتقبّل اعتذاره إن اعتذر عن الاستمرار، فهو بمثابة تطبيق للأدب القرآني في سورة النور: ﴿وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا، هُوَ أَزْكَى لَكُمْ، وَالله بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾. وإن اتصل به أحدٌ وكنتَ مشغولاً أو غير مستعدٍّ لاتصاله فلا بأس من أن تعتذر له، وعلينا أن ننمي هذا الأدب القرآني في أوساطنا بعد أن أصبح الهاتف الجوال لا يكاد يفارق الإنسان في ليله ونهاره، وصار كثير من الناس لا يراعون القواعد التي ذكرناها قبل قليل في تخير وقت الاتصال ومكانه.

الاستئذان في الاتصال

وإذا كان اتصالك لا يتعلق بالمجاملات، فمن المفيد أن ترسل رسالة نصية تكون بمثابة الاستئذان تحدد فيها ما تريد الحديث عنه والوقت الذي تريد الاتصال عنده، فيكون المتلقي جاهزاً لاتصالك ومتفرغاً له وقتاً وذهناً، وقد يحتاج ما تريد منه إلى مراجعة وتحضير فيقوم المتلقي بذلك قبل اتصالك، لما قدمت بين يديه من تمهيد وإعلام.

ترك رسالة في البريد الصوتي

وقد ينتهي اتصالك دون أن يردَّ المتلقي، ويحولك الهاتف إلى البريد الصوتي لتترك رسالة، فإذا حصل ذلك، فابدأ بالسلام ثم اذكر اسمك وعرّف بنفسك، ثم اذكر باقتضاب حاجتك من اتصالك، على أني أستحسن ألا تلجأ لهذا إلا في أضيق الظروف، فمراجعة البريد الصوتي تكلف المتلقي وقتاً إضافياً للاستماع إليه، والملاحظ كذلك أن كثيراً من الناس لا يراجعون بريدهم الصوتي إلا في أوقات متباعدة.

تجنب الاتصال في الضوضاء

تجنب ما استطعت الاتصال من الأماكن العامة كالأسواق المكتظة والمطارات والحافلات ومحطات القطار وغيرها من الأماكن التي تغلب فيها الضوضاء، فإن ذلك يُضطرك إلى رفع صوتك ويجهد المتلقي لسماع كلامك، وقِسْ على ذلك كل ما يشبه ذلك من المناسبات الاجتماعية كالولائم والأفراح والتعازي، فإن لا بد من الاتصال فتنح جانباً أبعد ما يكون عن الضوضاء، وبعيداً عن مسامع غيرك، وأجْرِِ اتصالك ثم عُدْ إلى مكانك.

لا تفسخ اللقاء بالرد على المتصلين

وإذا كنت في مناسبة اجتماعية مما ذكرنا أو ما يماثلها كزيارة مريض، وجاءك اتصال هاتفي، فلا تُجب إن كانت هناك مندوحة عن الإجابة، ويمكن تأجيل ردك على المتصل، فإن ذلك أفضل لما فيه من مراعاة حق الحضور من ضيوف ومضيفين، ولما فيه من الإبقاء على جو الاجتماع ووحدة موضوعه.

ظاهرة استعمال الهاتف وسط الطائفين والمتعبدين في الحرمين الشريفين

وهنا أشير إلى ظاهرة انتشرت في الحرمين الشريفين وفيها إساءة أدب مع الله تعالى وانشغال عن الطاعات والدعاء، وتشويش على الطائفين والمصلين، إذ كثيراً ما نرى الطائفين والطائفات والزائرين والزائرات يتحدثون إلى أحبابهم في طوافهم أو سعيهم أو زيارة المسجد النبوي، وقد غلبت عليهم مشاعرُهم فأنستهم ما ينبغي في هذه المقامات من الوقار والخشوع واستحضار هيبة الله تعالى وطلب مغفرته ورحمته، ومثيل ذلك اعتراض الطائفين والمصلين لأخذ الصور في حرم الله، فابتعد عن ذلك ولا تكن من الغافلين.

ومن هذا الباب ما نسمعه من رنات هاتف أثناء في المساجد أثناء صلوات الجماعة أو الجمعة، فينبغي التحرز من هذا التشويش وإسكات الهواتف قبل الدخول إلى بيوت الله.

تلقي اتصالين في آن واحد

وإذا تلقيت اتصالا هاتفياً ثم أعقبه اتصال من شخص آخر لا بد من إجابته، وأردت أن تضع المتصل الأول على الانتظار، فاعتذر منه ثم أجب المتصل الثاني، فإن كان حديثك معه سيطول ولا بد منه، فعُد إلى المتصل الأول معتذراً، وأنهِ الاتصال معه واعداً أن تتصل به فور انتهائك، أو في موعد تحدده لك، فإذا انتهيت فاتصل به على الفور أو في الموعد المضروب، موفياً بوعدك فقد قال الله في آخر سورة الإسراء: ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا﴾.

لا تقاطع من يتحدث على الهاتف

لا تقاطع من يتحدث على الهاتف، سواء كان ذلك لسؤال تسأله إياه أو أمر تود إخباره به، فإن كان الثاني فاكتب ما تريد على ورقة أو على هاتفك المحمول، واعرضه عليه ليراه، فذلك أدعى لئلا تُشتِتَ أفكاره، وقد لا يرغب في إبداء ما تريد إعلامه به، فذكرك له بالقول عرضة لأن يسمعه المتصل فيخرج الأمر من يدك ويد المتلقي.

أدب الحديث بالهاتف في السيارة

وللحديث بالهاتف في السيارة آداب كذلك، منها ما يتعلق بحديث السائق، ومنها ما يتعلق بحديث مع معه.

لا تخالف أنظمة المرور

وأول هذه الآداب الالتزام بالتعليمات الحكومية التي تمنع السائق من الحديث الهاتفي إن لم يكن من خلال مكبر الصوت في السيارة، وهذه التعليمات قد وُضِعت لما تبين من أضرار جسيمة وأخطار مشهودة لاستعمال جهاز الهاتف أثناء القيادة، وبعد أظهرت الإحصائيات ارتفاعاً شديداً في عدد الحوادث التي تقع من جراء ذلك، فمخالفة التعليمات الحكومية تدخل فيما نهى الله عنه بقوله في سورة النساء:﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾، وقوله تعالى في سورة البقرة:﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾.

وإذ بينّا هذا الحكم الشرعي، نود أن نشير إلى أن كثيرا من الناس يتساهلون في الالتزام بالتعليمات الحكومية التي تتعلق بالمصلحة العامة مثل أنظمة المرور والعمران ومكافحة الأوبئة والعدوى وأمراض الإنسان والحيوان والنبات، وهذا محرم شرعاً لما يترتب عليه من الضرر الذي نهى الشرع عنه نهياً شديداً، وكل مخالفة من هذا القبيل إنما هي تَعَدٍّ على أرواح الناس وممتلكاتهم، وقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك قادحاً في تمام الإيمان في الحديث الذي رواه البخاري عن أبي شُريح الكعبي، خويلد بن عمرو، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: والله لا يؤمن! والله لا يؤمن! والله لا يؤمن! قيل: ومن يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جارُه بوائقه.

تنبيه المتصل إلى من معك في السيارة

ونعود إلى آداب الحديث الهاتفي في السيارة فنقول: إن أول آدابه أن تبيِّنَ للمتصل أنك في السيارة وأن معك فلاناً وفلاناً، وذلك ليكون على بينة فلا يتحدث معك بما لا يريد إطلاع أحد عليه من شؤونه الخاصة أو أمور قد تتعلق بمن معك، وعليك أن تبادر إلى إخباره قبل أن يسألك أو يبدأ في حديثه معك، فذلك أفضل من سؤاله وإجابتك وتحفظه بعد ذلك في الحديث، وأفضل من مقاطعته وقد باشر في حديثه، فكل ذلك مما يوقعه ويوقعك ومن معك في الحرج، وبخاصة إذا كان المتصل أحد أهل بيتك كالزوجة والأم ونحوهما وتحدَّث ببعض الخصوصيات التي لا تحب أن يطلع عليها من معك في السيارة.

الرد على المخاصِم

ومن آداب الحديث الهاتفي في السيارة، إن كانت معك صحبة في السيارة، ألا تجيب على متصل بينك وبينه خلاف أو خصومة أو شجار، فإن سماع الآخرين لما يدور بينكما يزيد في فرصة تفشي أخباره، وقد يبدر من أحدكما بحق الآخر كلامٌ في حالة الغضب يزيد في تعميق الخصومة لكونه بَدَرَ في حضور الآخرين وشهودهم.

مراعاة الضجيج أو قوة الإشارة

ومن آداب الحديث الهاتفي في السيارة أن تراعي مقدار الضجيج أثناء مسيرها، أو قوة الإشارة الهاتفية، وأثر ذلك على وضوح المحادثة، وفي الحالة الأولى لا بأس في الحالة من أن تقف جانباً، أو تعتذر عن الاستمرار وتعد المتصل أنك ستتصل به في أقرب فرصة ممكنة.


مراعاة حال المتصَل به


وإذا كنت تريد الاتصال بشخص وتبين لك أنه في سيارته، وكانت محادثتك تتضمن معلومات أو أرقاماً ينبغي عليه تسجيلها، فينبغي عليك مراعاة أنه لا يستطيع الكتابة وهو يقود سيارته، وفي هذه الحالة فإن الأفضل والأحوط إرسال رسالة له بعد انتهاء الاتصال تتضمن هذه المعلومات.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 25-11-2022, 05:09 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,505
الدولة : Egypt
افتراضي رد: آداب وسائل الاتصال الحديثة

آداب وسائل الاتصال الحديثة (4)

محمد زاهد أبو غدة



آداب الرسائل

آداب الرسائل النصية

البدء بالسلام

ونعني بها الرسائل مدفوعة الأجرة، غير تلك المجَّانية التي وفرتها برامج الاتصال الحديثة، وهذه ينبغي أن يكون شعارنا فيها قول العرب: خير الكلام ما قلَّ ودل، وينبغي أن نبدأها بتحية الإسلام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وإن لم يمكن للاختصار، فلنقل: السلام عليكم. لئلا نفوت بركة السلام من الله وملائكته، وليكون التزاماً بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تدخلون الجنَّة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابَوا، أو لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؛ أفشوا السلام بينكم.

الرجاء والشكر

وإذا كانت الرسالة النصية تتعلق بأمر تريده أو حاجة ترغبها من المتلقي، فابدأها بعد السلام بالرجاء، وزينها باللطف الذي قال عنه المصطفى صلى الله عليه وسلم: إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه. وشتان بين قولك: أحضِرْ معك كذا وكذا. وقولك: لطفاً أو رجاءً أحضِرْ معك كذا وكذا. وإن كان ثمة متسع، فاختم رسالتك بكلمة: شكراً. أو: جزاك الله خيرا.

آداب المراسلة البريدية

البريد الإلكتروني

إن للبريد الإلكتروني مزايا كثيرة في المجاملات الاجتماعية والمراسلات التجارية والمباحثات العلمية، وقد حل محل الرسائل الخطية البريدية التي ندر تبادلها واضمحل شأنها، وأول هذه الآداب اختيار الاسم المناسب لحسابك البريدي، فاسم بريدك إنما هو عنوان شخصيتك، فلا تختر إلا اسماً راقياً كريماً عربياً بعيداً عن التفرنج، ولا تختر ما يدل على إعجاب بأشخاص لا خلاق لهم في الآخرة، أو فِعال ليست من شيم الكرام والصالحين.

عيوب البريد الإلكتروني

وللبريد الإلكتروني عيوب منها هزال اللمسة البشرية فيه، فالرسالة بخط مرسلها أوقع في النفس كثيراً من رسالة بنفس النص يحملها الحاسوب إليك، ففي الخط اليدوي قطعة من الإنسان، وأثر من شخصية صاحبه ولمحة من نفسيته، ولذا فإني أستحسن، إن أمكن ذلك، إرسال الرسائل الخطية في المناسبات الاجتماعية كالزواج والولادة والمرض والوفاة.

لا ترسل رسالة وأنت غضبان

على أن أخطر عيوب البريد الإلكتروني هي أنه إذا أرسلته فقد فاتك استرجاعه، وما بَدَرَ منك من خلاله قد يصعب استدراكه، ولذا فإن القاعدة الأولى فيه هي ألا يرسل المرء رسالة وهو غضبان، وقد أرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن الشديد القوي من يملك نفسه عند الغضب، كما أرشدنا إلى الوضوء والصلاة وتغيير الحال عند الغضب، فعلينا اتباع ذلك الهدي النبوي الشريف قبل أن نرسل رسالة على إثر خصومة أو خلاف أو استقالة أو واقعة مزعجة من رئيس أو مرؤوس أو قريب أو بعيد أو صديق أو جار.

واعلم أن ما تريد إرساله اليوم وأنت ثائر غضبان، يمكنك إرساله في الغد بعد فتور الغضب وسكون الهيجان، وقد قال الشاعر العربي:

ولم أر في الأعداء حين اختبرتُهم ... عدواً لعقل المرء أعدى من الغضب!

وإذا أردت أن ترسل رسالة من هذا القبيل، فتريث وشاور في أمرها من تثق بدينه وعقله، واعرضها قبل ذلك على ميزان الشرع والعقل لئلا يكون فيها للشيطان نصيب، ولا للنفس الأمارة بالسوء حظ، ففي الحديث المرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرة وعن الإمام علي رضي الله عنه: أحبب حبيبك هونا ما، عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هونا ما، عسى أن يكون حبيبك يوماً ما.

وقد رأينا بعض الناس إذا أرسلوا رسالة من هذا النوع، أرسلوها إلى عدد من الأشخاص تشفياً وانتقاماً، وهذا سلوك مكروه يدخل في باب الغيبة المذمومة، ويعمق العداوة والبغضاء، ويسعد الشيطان وأعوانه.

وضوح الرسالة وتسلسلها المنطقي

وإذا أرسلت رسالة رسمية أو شبه رسمية، فلتكن أفكارك وما تعرضه فيها واضحاً لا غموض فيه، ولا يمكن أن يدخله لبس أو اشتباه، والتفصيل هنا خير من الاختصار، وراعِ أن تكون رسالتك مبنية على المنطق المتسلسل، فلا يحتاج قارئها إلى التنقل بين أجزائها ذهاباً وإياباً ليعرف الوقائع أو يربط بين المقدمات والنتائج، واجعل لها موضوعاً يعرِّف بغرضها، فذلك كله مما تعلمناه من القرآن الكريم، حيث كل مجموعة من الآيات لها موضوعٌ محدد، وتسلسل منطقي واضح، وربط بين المقدمات والنتائج، وغايةٌ توصل القارئ إليها.

مراعاة قواعد اللغة العربية وعلاماتها

وراعِ في رسالتك قواعد اللغة العربية وعلامات الضبط والتنقيط، واضبط ما ينبغي ضبطه بالشكل، وإذا داومت على ذلك صار سجية لديك، وتميزت رسائلك عن غيرها بالوضوح والإتقان.

ونقتصر على هذا القدر فيما يتعلق بالرسائل، لكونه ألصق بها فيما انتهى إليه استعمالها، وسنتناول جوانب أخرى عند حديثنا عن وسائل الاتصال الحديثة بعد قليل.

مراجعة المقالات والكتب والعقود

وإذا كانت الرسالة مقالة أو كتاباً أو عقداً يراجعه طرف أو أكثر، فينبغي إظهار المحذوف والمستبدَل والبديل بما توفره برامج الحاسوب من مزايا عديدة، وذلك تأسياً بأجدادنا الكرام الذين استحدثوا وضع خط فوق الكلمة أو تضبيبها بكلمة صح صح، أو غيرها من الرموز، فكانوا شامة بين الأمم في تقدمهم على أقرانهم في أزمنتهم وعصورهم.

قال ياقوت الحموي رحمه الله تعالى في معجم الأدباء: وإنما قصدوا بكتبهم على الحرف "صح"، أنه كان شاكاً في صحة اللفظة، فلما صحت له بالبحث، خشي أن يعاوده الشك، فكتب عليها "صح"، ليزول شكه فيما بعد، ويعلم هو أنه لم يكتب عليها صح إلا وقد انقضى اجتهاده في تصحيحها، وأما الضبة التي صورتها (ص) فإنما هو نصف صح، كتبه على شيء فيه شك، ليبحث عنه فيما يستأنفه، فإذا صحت له أتمها بحاء، فيصير صح، ولو علَّم عليها بغير هذه العلامة، لتكلف الكشط، وإعادة كتبه صح مكانها.

وقال ياقوت في ترجمة ابن الكوفي، علي بن محمد بن عبيد بن الزبير الأسدي، صاحب الإمام اللغوي ثعلبٍ والخصيص به، والمولود سنة 254 والمتوفى سنة 384: وهو صاحب الخط المعروف بالصحة، المشهور بإتقان الضبط وحسن الشكل، فإذا قيل: نقلتُ من خط ابن الكوفي، فقد بالغ في الاحتياط، وخطه اليوم يؤتدم به، وبيعت جزازات كتبه ورقاع سؤالاته العلماء؛ كل رقعةٍ بدرهمٍ. ثم قال ياقوت: ورأيت بخطه عدة كتبٍ فلم أر أحسن ضبطاً وإتقاناً للكتابة منه، فإنه يجعل الإعراب على الحرف بمقدار الحرف احتياطاً، ويكتب على الكلمة المشكوك فيها عدة مرارٍ: صح صح صح.


وإذا كانت المراجعة تدور بين أطراف متعددة، فيستحسن أن يوكلوا لأحدهم مهمة تحرير هذه المراجعات وصياغتها، وعليه أن يتحرى الدقة والأمانة في عمله، فقد قال الله تعالى في سورة البقرة: ﴿فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ﴾.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 27-11-2022, 05:18 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,505
الدولة : Egypt
افتراضي رد: آداب وسائل الاتصال الحديثة

آداب وسائل الاتصال الحديثة (5)

محمد زاهد أبو غدة

برنامج الوثاب "الوتساب"


انتشر هذا البرنامج انتشاراً واسعاً لا يكاد يخلو منه هاتف صغير أو كبير، وأصبح الوسيلة الأولى لتبادل الرسائل والصور والطُرف، وحمل انتشاره فوائد جمة في صلة الرحم بين ذوي القربي والأصدقاء ونقل أخبارهم الاجتماعية أو أرائهم فيما يتشاورون فيه من أمور أسرهم، وشكَّل بواسطته كثيرٌ من الأشخاص مجموعات أسرية أو مهنية أو علمية، يتبادل أفرادها المعلومات ويتداولون في الأمور والمستجدات التي تهمهم من أحوال معيشة وسياسة وعلم وغيرها.

تعريب اسم البرنامج

وأول ما ينبغي النظر فيه هو تغيير اسم هذا البرنامج إلى اسم عربي، فإن اسمه الأعجمي مما تنبو عنه اللغة العربية، وقد أحسن بعض الفضلاء حين اتبع نهج العرب في تعريب الأسماء الأعجمية على ما يقاربها من ألفاظ عربية، فسمى هذا البرنامج: الوثّاب. وهو قريب من الاسم الأجنبي في لفظه، وكان من حقه أن ينتشر ويثبت لولا لكن ضعف الاهتمام بالتعريب.

عيوب الإكثار من الرسائل الفورية

لقد انكبَّ الناس على هذا البرنامج انكباباً عجيباً فصار ديدنهم ومحور حياتهم ومصدر معلوماتهم، ولكنه أضحى في الوقت ذاته مضيعة للوقت لا يقاربها مضيعة، وأكبر مصدر للتفاهات والترهات والأقاويل والغيبة والنميمة، إلى جانب تداول الأخبار الكاذبة المزيفة، والنصائح الطبية التي لا تقوم على أساس صحيح من العلم والتجربة، ومصدراً للفسوق والعصيان عند من لا خَلاق له من دين أو أخلاق، ولذا فعلينا أن نستعمله بوعي كامل وتحكم قوي في وقتنا وما نرسله وما نستقبله، فالمسلم العاقل يعلم أهمية الوقت وأنه محاسب على كل دقيقة يضعيها فيما لا يرضي الله ولا يسلك نهج رسوله.

ويتداول الخيِّرون في هذه الرسائل المواد الوعظية مثل آيات القرأن الكريم والأحاديث النبوية وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأخبار الصحابة والتابعين والصالحين وأقوالهم، وينبغي في هذه الانتباه الشديد لنقل آيات القرآن الكريم مشكولة مضبوطة ويستحسن ذكر السورة والآية، أما الحديث النبوي فينبغي نقله من الكتب والمصادر المعتمدة، وكذلك ، ينبغي أن تؤخذ أقوال الصحابة والتابعين والصالحين وأخبارهم من المصادر الموثوقة والمعروفة بخلوها من الموضوعات والإسرائيليات والخرافات، وبعض الناس يرسلها مع كلمة تحفظ كأن يقول: على ذمة الراوي أو: كما وصلتني. وهذا لا يكفي ولا ينبغي، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثماً أن يُحدِّث بكل ما يسمع.

وكثير مما يتناقله الناس يتعارض مع ميزان الشرع وأحكام القرآن والسنة النبوية، رغم حسن نية الناقلين لها، وهي في كثير من الأحيان تنبعث من الرغبة في الأخبار الغريبة والمبالغات الشديدة، وأحياناً تتحدث عن اقتراب يوم القيامة وتبشر بظهور المهدي وتتحدث عن علامات الساعة فيما يقع من أحداث ويتخيل مرسلها من أوهام، وهذه آفة أخرى تثبط الهمم وتفتر العزائم إذ يتقاعس ضعاف النفوس والهمم عن العمل البناء لتغيير حال الإمة، ويتشبثون في هذا بما تتحدث به هذه الرسائل من اقتراب الساعة، وغفلوا عن الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن أنس بن مالك رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل.

النكات والسخرية

وتجنب إرسال الرسائل التي تحتوي نكات تسخر من أناس معينين كأهل بلد أو دولة أو مهنة، فقد قال الله تعالى في سورة الحجرات: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾، وتجنب النكات الباردة التي تصف النساء بالغفلة، أو تصِمُ الحموات بالشر والكيد، أو تلك التي تشجع على تعدد الزوجات، فكل هذا من اللغو الذي لا خير فيه، ومما يهبط بالأمة إلى مستوى سوقي متدن، وأنت إن فعلت فإنما تسيء إلى جمهور النساء وفيهن زوجتك وابنتك وأختك وقريباتك.

الوثائق السياسية المزعومة

وإلى جانب ذلك فإن كثيراً من الأخبار والوثائق السياسية التي توصف بالسرية التي يتم تداولها ليس لها أصل في الحقيقة أو هي محرفة تحريفاً شديداً عن ما حدث في الواقع، وتكون في كثير من الأحيان صادرة عن أشخاص نكرات أو منظمات صغيرة لا أهمية ولا وزن لها، ولكن يتم إيرادها وتداولها على أنها تمثل موقفاً سلبياً أو إيجابياً لدولة أو شعب من الإسلام والمسلمين وقضاياهم، ومثال ذلك ما تداولته هذه الوسائل حول معاهدة لوزان التي وقعتها تركيا بعد حرب الاستقلال، والتي ذكرت هذه الوسائل أنها منعت تركيا من التنقيب عن النفط مدة 99 سنة، وهو أمر لا أساس له من الصحة، وقد جرى التنقيب عن النفط في تركيا بعد المعاهدة مرات عديدة ولكن لم يتم من خلالها أي كشف نفطي تجاري.

استعمال اللغة العربية

وقد كشفت هذه الرسائل لمن تأملها عن بلاء عمَّ جمهور هذه الأمة في الابتعاد عن اللغة العربية في قواعد الإملاء والكتابة وغلبة العامية الركيكة عليها، فعلى المسلم أن يحرص على استعمال لغة القرآن والسنة وأن يبذل جهده لإحياء اللغة العربية الفصحى المبسطة في هذه المراسلات لتعود للأمة روحها العربية وثقافتها الإسلامية، وذلك أمر ليس بالعسير على من قصده وأراده بعون الله عزوجل، وأنت إذا فعلته احتساباً وتقرباً إلى الله عزوجل كان لك فيه الأجر والثواب، فمن سنَّ سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة.

مراجعة الرسالة قبل إرسالها

وإذا كتبت رسالة فراجعها قبل إرسالها لتتأكد من خلوها من الأخطاء الإملائية والتصحيحات الآلية التي يقوم بها الهاتف فيضع كلمة مكان أخرى، وكذلك لتتأكد من أنها ستكون واضحة مفهومة للمتلقي، وإذا أردت تصدير رسالة قد وصلتك فتأمل محتوياتها وصدقها وأهميتها ووقعها عند من ترسلها إليه، ثم قرر إرسالها إن وجدت في ذلك خيراً ومنفعة.

المجموعات

وكثيراً ما يقوم بعض الأشخاص بتكوين مجموعات يشترك عدد من معارفهم وأصدقائهم، يتبادلون فيها ما يهمهم من مواضيع وقضايا وأخبار، وقد يدرجون فيها من أحبوا دون استئذان أو سؤال، ويستحسن لمن أراد إنشاء مجموعة أن يسأل نفسه عن الفائدة المتحققة من ورائها، وكيفية التحكم فيما ينشر فيها، وتوفر الوقت اللازم لمتابعتها وضبطها، وعلى من أُدخِلوا فيها أن يخرجوا منها إن لم يجدوا من ورائها فائدة ملموسة تزيد على ما سيضيع من وقتهم في متابعتها والمشاركة فيها، وقد لاحظت أن كثيراً من هذه المجموعات إنما هي منبر لبضعة أشخاص في حين أن باقي أفراد المجموعة هم في موقع المتلقي لا يشاركون ولا يتفاعلون إلا في النادر، فهي قليلة الفائدة ضعيفة المحتوى، يحقق من خلالها هؤلاء النشطين ذاتهم وتطلعاتهم الشخصية.

برنامج الفايسبوك وإنستاجرام وسناب تشات وغيرها

وينطبق على هذا البرنامج من فوائد ومحاذير ما ذكرناه عن الوتساب إلى جانب أنه في هذه الحالة منشور علني للملأ من قريب وبعيد ومعروف ومجهول، وأن ما ينشر لا يمحى بل يبقى محفوظاً متداولاً لمن أراد الوصول إليه، فكل هذا يجعل العاقل على حذر مما ينشره على صفحاته لأنه سيبقى لصيقاً به طيلة حياته، وبالطبع فسيلقاه في الآخرة في حسابه عند الله عزوجل، قال الله تعالى في سورة الإسراء:﴿وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا﴾.

ولا بد من كلمة تتناول الجانب الاجتماعي في هذه البرامج، وهو أن ما نراه اليوم من صور على صفحات هذا البرنامج يظهر أننا غفلنا عن معاني الإسلام الحقيقة ومبادئه الأساسية، وأننا نكاد أن يغمرنا داء النفاق لأننا نفعل ما يناقض أقوالنا ومعتقداتنا، فما عاد كثيرٌ من الأسرار رهين البيوت، وغفلت كثيرات من المسلمات عن شيمة العفاف وحلية الصون، وتباهى كثير من الناس بطعامهم وشرابهم وأسفارهم، بل سيئاتهم، مما يقهر الفقير والمحتاج، ويحرج ويجرح المستور، فلنتق الله في أنفسنا وأهلينا وإخواننا ومجتمعاتنا، ولنعد إلى صفاء الإسلام وراحة الإيمان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 116.27 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 112.55 كيلو بايت... تم توفير 3.72 كيلو بايت...بمعدل (3.20%)]