|
ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() وبشِّر الصابرين!! إلهام الحازمي تتهاوى على البعض منَّا الصروف، وتتآزر الظروف، وتلوح في كل ناحية يمضي إليها الحتوف، فتراه الساكن الشارد المَخوف، وتشفق عليه إن كان ممن له عليك حقٌّ معروف، ثم يلوكك اللاعج، وتودُّ بكل ما أوتيت من سعة أن تدفع عنه ما تراه، أترى كيف تدفع؟! اقرأ قول الحق جلَّ جلاله: ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 155]. يقول الحق سبحانه: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ ﴾[البقرة: 155]، وكأن في الأمر تصغيرا وتهوينا! نعم، المصائب حين تُقرَنُ برحمة الله وألطافه التي تكتنفها تبدو ميسَّرة، معانٌ عليها مَن استمدَّ العون من ربِّه الذي ابتلاه ﴿ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ﴾ [البقرة: 155]... يا لها من مفزعات مقلقات تحيط الإحساس، وتغلق الأنفاس! ثم يقول عزَّ من قائل: ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 155]. نعم، هذا أول ما عليك فعله؛ بشِّرْه أن مصابك خير وإن رأيت غير ذلك! فما كل شيء آخره كأوله، ولو كانت الحياة الدنيا دائمة لتُوهِّمَ ذلك. وكلما لاحت صعوبة فرضي العبد بها وسلَّم واستسلم وظن الخير بربه؛ إذا هي مفتاح لخيرات لا حصر لها ولا عَدَّ. وأذكر تلك المرأة التي حدثتني في انتظار عيادة الأعصاب للأطفال، وهي تحمل طفلة غيَّر ملامحها الضمور، ولكنها تملأ المكان رضًا وسرورًا بل وضحكات وهي تناغي أمها المؤمنة الراضية التي تشفق على أخرى تنوح بين يدي طفلها المصاب فتقول: "أقول لها: قولي الحمد لله، والله لا أقول مع ابنتي هذه إلا الحمد لله"، ثم طال الحديث لتخبرني أنها انتقلت من مدينة بعيدة للسكن بمكة من أجل المتابعة والمواعيد. وهل سكنى مكة، والأجور المضاعفة، والبلد الأثيرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودعوة أبينا إبراهيم لأهل هذا البلد نعمة بسيطة لمن يدرك شأوها؟! إنها والله نعمة جليلة لا يستحضرها إلا واعٍ موفق. وأيسر ما يسعد المسلم أنها منبع زمزم الذي لما شرب له- كما قال عليه الصلاة والسلام- وهل يعجز عنه أهل مكة؟! وغيره من الخير لا يحصيه عادّ. المصيبة رغم مرارتها وفجأتها وصعوبتها؛ ليست إلا سبيلًا إلى خير لا يراه إلا المؤمن كما قال الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: ((عَجَبًا لأمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلَّا للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْرًا لَهُ))؛ رواه مسلم. إن أجلَّ معونة يمكنك تقديمها لمن يذهله وقع المصيبة حين تبتدئ أن تُبشِّره بالأجر والظفر والخير والفأل الحسن بما ينتظره في الدنيا والآخرة، وأن تشدَّ على يده ليصبر ويسلِّم ويرضى ويفوِّض أمره لخالقه ومدبِّر شؤونه. فليس بعد المصيبة مع الرضا إلا الخير العاجل والآجل، والله وحده يعلم ما يصلح عبده.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |