مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" - الصفحة 15 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         {يردوكم بعد إيمانكم كافرين} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          سجل حالتك النفسيه الأآآآآن (اخر مشاركة : هاله زادة - عددالردود : 1103 - عددالزوار : 113381 )           »          إهمال وتقصير في لغة حقها التقدير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »          المسائل التي رجحها الشافعية من المذهب القديم للإمام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          معاني أسماء الله سبحانه، الجميل، الحَيِي السِّتِّير، الشافي، الطبيب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          كيف يراك أهل السماء؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »          بركات السماء والأرض (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          كل مصيبة بعدك جلل يا رسول الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          {وأخذن منكم ميثاقا غليظا} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4582 - عددالزوار : 1292171 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى الإنشاء
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى الإنشاء ملتقى يختص بتلخيص الكتب الاسلامية للحث على القراءة بصورة محببة سهلة ومختصرة بالإضافة الى عرض سير واحداث تاريخية عربية وعالمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #141  
قديم 18-08-2024, 01:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 139,776
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن"

مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (143)
مثنى محمد هبيان



القسم الأول من اللمسات البيانية في آية البقرة 177
﴿لَّيۡسَ ٱلۡبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ قِبَلَ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ وَلَٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ وَٱلۡكِتَٰبِ وَٱلنَّبِيِّ‍ۧنَ وَءَاتَى ٱلۡمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ذَوِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِيلِ وَٱلسَّآئِلِينَ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَٱلۡمُوفُونَ بِعَهۡدِهِمۡ إِذَا عَٰهَدُواْۖ وَٱلصَّٰبِرِينَ فِي ٱلۡبَأۡسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَحِينَ ٱلۡبَأۡسِۗ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ١٧٧﴾ [البقرة: 177]
السؤال الأول:
قوله تعالى في آية البقرة: ﴿ لَّيۡسَ ٱلۡبِرَّ ﴾ [البقرة:177] بالنصب، وقوله تعالى في آية البقرة: ﴿ وَلَيۡسَ ٱلۡبِرُّ ﴾ [البقرة:189] بالرفع، فما دلالة الرفع ودلالة النصب؟ وما الفرق بينهما نحوياً؟
الجواب:
1ـ التعبير أصلاً مختلف ﴿ لَّيۡسَ ٱلۡبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ قِبَلَ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ ﴾ [البقرة:177]: البِرَّ: خبر (ليس) منصوب مقدَّم؛ لأنَّ خبر (ليس) يجوزُ تقديمه، و﴿ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ ﴾ [البقرة:177] مصدر مُؤَوَّلٌ بمعنى التوليةِ في محل رفع اسم (ليس)، وخارج القرآن معناهاليست توليتُكم وجوهكم قبل المشرق والمغرب البِرَّ).
2ـ الثانية: ﴿ وَلَيۡسَ ٱلۡبِرُّ بِأَن تَأۡتُواْ ٱلۡبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنِ ٱتَّقَىٰۗ ﴾ [البقرة:189] لا يصح لغةً في الآية الثانية أنْ يقولليسَ البِرَّ بأنْ).
هذه الباءُ تدخل على الخبرِ مثل (خبرِ ليس، وما، لا، وكان المنفية) ولا تدخل على الاسم، كما في الآيات: ﴿ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيۡسَ بِظَلَّامٖ لِّلۡعَبِيدِ١٨٢﴾ [آل عمران:182] ﴿ أَلَيۡسَ ٱللَّهُ بِأَحۡكَمِ ٱلۡحَٰكِمِينَ٨﴾ [التين:8] و﴿ وَمَا هُم بِمُؤۡمِنِينَ٨﴾ [البقرة:8] والباء لا تدخل على الاسم أصلاً.
3ـ الآية الأولى يمكن أنْ يقال فيها: ليس البرُّ أو ليس البرَّ؛ لأنه يمكن أنْ يكون هناك تقديم وتأخيرٌ، لكنّ الآية الثانية لا يمكِنُ؛ لأنَّه ما دام عندنا (الباءُ)، والباءُ تدخلُ على الخبرِ حتماً مزيدةً للتأكيد ولا تزادُ في الاسمِ، فإذن لا يمكِنُ أنْ ننصبَ (البِرَّ) بسببِ دخولِ الباءِ؛ فاقتضى أنْ تكون الباءُ داخلةً على خبرِ (ليس)، ولا يمكِنُ غيرُ ذلك.
4ـ بشكلٍ عامٍّ يصح أنْ نجعلَ الخبرَ مبتدأً، إذا كنا نجهَلُ الاسمَ ونعرِفُ الوصفَ فنُلحِقُ الاسمَ بالوصفِ ونقولُ: (المجتهد زيدٌ).
السؤال الثاني:
ما الفرق البلاغي بين الصيغتين في الآيتين 177 و 189 ﴿ أَن تُوَلُّواْ ﴾ [البقرة:177] و ﴿ بِأَن تَأۡتُواْ ﴾ [البقرة:189]؟
الجواب:
1ـ استعملت العربُ الباءَ لتأكيدِ النفيِ، كما استعملت اللامَ في تأكيدِ الإثباتِ نحو: (ما زيد بمنطلق) و (لست بذاهبٍ)، حيث نفي الانطلاق والذهاب، وتستعمل (الباء) عادة لتوكيد النفي، وخاصة عندما يكون النفي له قيمته.
2ـ جاء في سبب نزول الآية 189: أنّ أهل الجاهلية إذا أحرم أحدُهم نَقَبَ خلف بيته أو خيمته نقباً يدخل منه ويخرج، أو يتخذ سلماً يصعد منه سطح داره ثم ينحدر، فقيل لهم: ليس البر بتحرُّجِكُم عن دخول الباب، ولكنّ البر من اتقى، أي أعلمهم أنّ تشديدهم في أمر الإحرام ليس بِبِرٍّ ولكن البِرَّ من اتقى مخالفة أوامر الله، وأمرهم بترك سنة الجاهلية، فقال: ﴿ وَأۡتُواْ ٱلۡبُيُوتَ مِنۡ أَبۡوَٰبِهَاۚ﴾ [البقرة:189].
لذلك جاءت الباء في قوله: ﴿ بِأَن تَأۡتُواْ ﴾ [البقرة:189] لتأكيد النفي في هذه المسألة، حيث كانت هذه المسألة تشدداً منهم ولم يرد الله أنْ يُشرِّعَ ذلك فأكَّد النفي بالباءِ، لأنَّ ترك المألوفاتِ أشقُّ شيءٍ على النفس.
وجاءت هذه المسألة في سياقِ الآياتِ التي تتكلَّمُ عن الحج ومناسكه بعد هذه الآية، بينما لم يأتِ مثلُ ذلك في الآية 177، فلم يتطلب الأمر التأكيد بالباء، والله أعلم.
3ـ وكأنّ معنى الآية 189، أي: لا تجعلوا المسائل شكلية؛ لأنّ الله يريد أصل البر وهو الشيء الحسن النافع.
السؤال الثالث:
لِمَ قال سبحانه: ﴿ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ﴾ [البقرة:177] ولم يقل: وهو يحبه، في قوله تعالى: ﴿ وَءَاتَى ٱلۡمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ذَوِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِيلِ ﴾ [البقرة:177]؟
الجواب:
تأمل كيف قال سبحانه: ﴿ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ﴾ ولم يقل: وهو يحبه؛ لأنّ (على) أفادت التمكن من حب المال وشدة التعلق به، فنبّه بها على أبعد أحوال التعلق بالمال، فإذا كنت في حالة شدة حبك للمال تنفقه في سبيل الله وأنت مرتاح النفس، فكيف بك في أحوالك الأخرى؟
السؤال الرابع:
ما دلالة نصب ﴿ وَٱلصَّٰبِرِينَ ﴾ في هذه الآية في قوله تعالى: ﴿ وَٱلصَّٰبِرِينَ فِي ٱلۡبَأۡسَآءِ ﴾؟
الجواب:
هذا يُسمّى القطع، والقطع يكون في الصفات أو العطف.
وإذا كان من باب الصفات فالقطع يكون للأمر المهم، ويكون القطع في الصفات مع المرفوع للمنصوب ومع المنصوب للمرفوع ومع المجرور للمرفوع، والآية موضع السؤال هي من القطع من العطف لأهمية المقطوع.
والمقطوع يكون مفعولاً به بمعنى أخُصُّ أو أمدَحُ ويسمى مقطوعاً على المدحِ أو الذَّمِّ، وفي الآية ﴿ وَٱلصَّٰبِرِينَ ﴾ مقطوعةٌ وهي تعني: أخُصُّ أو أمدَحُ الصابرين، وكأننا نسلِّطُ الضَّوءَ على المقطوعِ، فالكلمةُ التي نريد أنْ نركِّزَ عليها أو نسلِّطُ عليها الضوءَ نقطَعُها.
لذلك (الصابرين): منصوبة ركّز عليها وقطع، ولم يقل: (الصابرون) بحيث تكون معطوفة على (الموفون) بل عطف على خبر (لكنَّ)؛ لأنّ الصابرين يكونون في الحرب والسلم وفي البأساء وهي عموم الشدة، والإصابة في الأموال والضرّاء في البدن والدين كله صبر، فقطع الصابرين لأهميتها.
والصبر هنا له منزلة عالية في البأساء والضراء، فنصبها إشارة إلى تخصص الصابرين وتمييزهم بين المذكورين، وتقديرا لفعل محذوف (أخصُّ الصابرين).
السؤال الخامس:
ما الفرق بين البأساء والضراء في الآية: ﴿ وَٱلصَّٰبِرِينَ فِي ٱلۡبَأۡسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَحِينَ ٱلۡبَأۡسِۗ ﴾؟
الجواب:
1ـ البأساء: هي البؤس والفقر والشدة والحرب والمشقة.
2ـ الضراء: هي المرض والأوجاع في الأبدان وما يصيب الأموال أيضاً، والإصابة في الأبدان من مرض وأوجاع، والإصابة في الأموال هي من الضراء.
وهما اسمان على وزن فعلاء، ولا أفعل لهما لأنهما ليسا بِنَعتَينِ.
السؤال السادس:
ما تفسير قوله تعالى: ﴿ وَلَٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنِ ٱتَّقَىٰۗ﴾ في الآية؟ و لمَ لمْ يقل: لكن البر أنْ تؤمنوا، باعتبار أنّ البر هو الإيمان وليناسب الجزء الأول من الآية الذي أتى بالخبر مصدراً؟
الجواب:
جاء في آية البقرة 177 بالمصدر المؤول (أنْ تولوا = التولية) فافترض بعضهم أنّ يستعمل المصدر في الجزء الثاني من الآية أيضاً ليتناسب مع المصدر في بدايتها، فيقول: ولكن البر أنْ تؤمنوا، وكذلك في الآية الثانية.
وفي لغة العرب يمكن أنْ يحذف المضاف ويقام المضاف إليه مقامه، كما في قوله تعالى: ﴿ وَسۡ‍َٔلِ ٱلۡقَرۡيَةَ ﴾ [يوسف:82]، ففيها مضاف محذوف تقديره: (واسأل أهل القرية) فحذف كلمةَ (أهل) وجعل كلمة (قرية) مكانها، وأخذت موقعها الإعرابيَّ.
فعندما يقول القرآن: ﴿ وَلَٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنِ ٱتَّقَىٰۗ ﴾ [البقرة:189] كأن هذا المتقي صار هو البِرُّ بعينه. فالبِرُّ الحقيقيُّ هو هذا الذي وصفناه بهذه الكلمة، البرُّ هو هذا الذي اتقى أو هذا الذي توفرت فيه هذه الصفات.
السؤال السابع:
ما هدف هذه الآية؟
الجواب:
آـ أصل الكلام في الآيتين (177 و 189) هو عن القبلة التي هي أولى بالاتجاه نحوها؟ وفي أيِّ اتجاه يكون البِرُّ؟
والقرآن يريد أنْ يبين لمن يسمعه سواء أكان من المسلمين أم من غيرهم ما البِرُّ الحقيقي؛ فقال: ﴿ لَّيۡسَ ٱلۡبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ ﴾ [البقرة:177].
ب ـ نلحظ أنه استعمل الفعل المضارع ﴿ تُوَلُّواْ ﴾ بمعنى التحول والتحرك، أي: تولية الوجه، ووصف البر بأنه من تتمثل فيه هذه الصفات، وهي من الآيات الجامعة التي تبين لنا أنّ البر يكون ممثلاً كاملاً في هذا الانسان المتصف بهذه الصفات.
ج ـ وتمضي الآية تعدد صفاته:
- الإيمان بالله بكل ما يقتضيه من تطبيق ومن اعتقاد.
- ثم انتقل إلى الغيبيات من الإيمان باليوم الآخر والملائكة.
- والكتاب: ونلحظ استعمال الجنس (الكتاب) أي: جنس الكتاب.
- والنبيين: استعمل (النبيين) دون المرسلين؛ لأنّ عدد الأنبياء أكثر من عدد الرسل، فكل رسول نبي، وليس كلّ نبيٍّ رسولاً.
_ ثم انتقل إلى المعاملات: ﴿ وَءَاتَى ٱلۡمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ﴾.
_ ثم بين نوع الإيتاء، فهو ليس من الفرض والزكاة.
_ وبيّن الفئات التي يصلها العطاء وتستحقه، فبدأ بذوي القربى من باب حرصه على الأرحام، وثنّى باليتامى، ثم بالمساكين الذين يحتاج المرء إلى البحث عنهم ليعرفهم، وهذا من التوجيهات الاجتماعية القرآنية في الرعاية المالية، ثم ذكر (ابن السبيل) ليطمئن المسلم على نفسه أنّى كان، فإذا انقطع به المال في سفر فإنّ له حقا في هذا المال، وذكر السائلين «من سأل بالله فأعطوه» فلا يبحث المرء أمحتاج هذا السائل أم لا؟ ما دام يسأل فعليَّ أنْ أعطي إنْ كنت قادراً. والسائلون ليسوا هم المساكين، ثم ختم بالرقاب.
وهذه الكلمة يثيرها بعض من لم يطلعوا على حقيقة الإسلام شبهةً ضده فيقولون: إنّ الإسلام يقر الرق ويدعو إلى العبودية، والحقيقة هي أنّ الإسلام أبقى منفذاً واحداً للرق وهو (رقيق الحرب) ثم فتح أبواباً لإخراج العبد من حالة عبوديته بالصدقات والكفارات والترغيب في العتق، وباباً آخر وهو (المكاتبة) فيحق لكل فرد من الرقيق أنْ يذهب إلى القاضي ويطلب مكاتبة سيده، فيرغمه القاضي على المكاتبة إلى أنْ يتخلص العبد من الرق، وهو من مصارف الإنفاق الطوعي ﴿ وَفِي ٱلرِّقَابِ ﴾.
ـ ﴿ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ ﴾ انتقل بعد ذلك إلى تهذيب النفس وصلتها بالله.
ـ ﴿ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ ﴾ وهذا تأكيد على أنّ الإنفاق المالي المتقدم ليس من الفرض والزكاة، فالزكاة مال تجمعه الدولة وتتولى إنفاقه في مصارفه، أمّا المذكور سابقاً فإنفاق شخصيٌّ يختلف عن هذا، وفي أيامنا تركت دول كثيرة جمع الزكاة إلى الناس أنفسهم وهذا امتحان لهم.
د ـ الحق تبارك وتعالى اعتبر في تحقيق ماهية البر خمسة أمور؛ وهي: الإيمان بالله واليوم الآخر والملائكة والكتب والرسل، وقد خصّ الإيمان بهذه الأمور الخمسة؛ لأنه دخل تحتها كل ما يلزم أن نصَّدق به.والله أعلم.
ملحوظة: القسم الثاني من اللمسات البيانية في هذه الآية سينشر في الحلقة القادمة رقم 144 بإذن الله تعالى.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #142  
قديم 25-08-2024, 03:14 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 139,776
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن"

مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (144)


مثنى محمد هبيان





الجزء الثاني من اللمسات البيانية في آية البقرة 177
﴿۞لَّيۡسَ ٱلۡبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ قِبَلَ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ وَلَٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ وَٱلۡكِتَٰبِ وَٱلنَّبِيِّ‍ۧنَ وَءَاتَى ٱلۡمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ذَوِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِيلِ وَٱلسَّآئِلِينَ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَٱلۡمُوفُونَ بِعَهۡدِهِمۡ إِذَا عَٰهَدُواْۖ وَٱلصَّٰبِرِينَ فِي ٱلۡبَأۡسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَحِينَ ٱلۡبَأۡسِۗ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ١٧٧﴾ [البقرة: 177]
السؤال الثامن:
لِمَ قدَّمَ الملائكةَ والكتبَ في الذكر على الرسل؟
الجواب:
بالطبع لا علم لنا بوجود الملائكة وصدق الكتب إلاّ من خلال صدق الرسل، فكانت الرسل كالأصل في معرفة الملائكة والكتب، كما أنّ هذا الترتيب هو ترتيب الوجود الخارجي لا ترتيب الاعتبار الذهني، فقد وجدت الملائكة، أولاً ثم حصل بواسطتهم تبليغ الكتب إلى الرسل عليهم السلام.
السؤال التاسع:
لم قدّم الإيمان على أفعال الجوارح مثل إيتاء المال والصلاة والزكاة؟
الجواب:
للتنبيه على أنّ أعمال القلوب أشرف عند الله من أعمال الجوارح.
السؤال العاشر:
ماذا تفيد (الواوات) من معنى في الآية؟
الجواب:
هذه الواوات في الآية للجمع، لذلك من شرائط تمام البر أنْ تجتمع هذه الأوصاف معاً.
ولذلك قال بعضهم هذه الصفة خاصة للأنبياء عليهم السلام؛ لأنّ غيرهم لا تجتمع فيه هذه الصفات كلها. وقال آخرون: هذه عامة في جميع المؤمنين.
السؤال الحادي عشر:
ما دلالة انتقال الحديث من الإفراد إلى الجمع في الآية؟
الجواب:
نلحظ انتقال الحديث إلى الجمع، فالكلام المتقدم فردي، وقد تقدمت (مَن) وهي تحتمل الجمع والإفراد، فبدأ بالإفراد (الإيمان ـ الإنفاق الفردي من رعاية ذوي القربى واليتامى والإنفاق على المساكين، والصلاة والزكاة).
ثم انتقل إلى العمل الجماعي لأنّ (مَن) تجمع الاثنين: الإفراد والجمع، وفي العمل الجماعي ذكر:
1ـ الوفاء بالعهد، ويجوز أنْ نقول: (نحترم من يفي بعهده ـ ومن يوفون بعهدهم)؛ لأنها تصدق على الواحد والكثرة.
وقد جعل الوفاء بالعهد عاماً ليشمل وفاء المجتمع بالعهد، والفرد جزء من المجتمع، فأي فرد من المسلمين يمكن أنْ يعاهد عن بقية المسلمين، وهم جميعا ملزمون بالوفاء بعهده (يسعى بذمتهم أدناهم).
والوفاء بالعهد ليس سهلاً على المرء في مواطن كثيرة، إذ يصعب على النفس، وقد تشعر أن فيه هضماً لحقها، ونتذكر جميعا كيف كان المسلمون يأتون من مكة إلى الرسول ﷺ فيردهم وفاء لعهده مع المشركين في صلح الحديبية.
2ـ قوله تعالى: ﴿ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْۖ﴾ جاء باسم الإشارة ﴿ أُوْلَٰٓئِكَ ﴾ للبعيد ليقول: إنّ على المسلم أنْ يسعى ليكون مثلهم ويصل إليهم وإلى هذه الصفات.
﴿ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ ﴾ والسؤال هنا لم جاء بالضمير ﴿ هُمُ ﴾ ؟
والجواب أنّ ﴿ هُمُ ﴾ [البقرة:177] ضمير فصل يؤتى به ليميز بين الخبر والصفة، وفيه أيضاً معنى التوكيد، ونفي الوصفية التي قد تفهم إنْ حُذف الضمير، فأثبت لهم الخبرية توكيداً وتخصيصاً.
3ـ جاء بعد كل الصفات المتقدمة بوصف المتقين، لأنّ ما ذكره الله عزوجل في هذه الآية من العقائد والأعمال الحسنة،هي برهان الإيمان ونوره، والمتصفون بها هم ﴿ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ ﴾. والله أعلم.
السؤال الثاني عشر:
ما دلالة هذه الآية بشكل عام؟
الجواب:
1 ـ هذه الآية لخّصت الدينَ كله، فالحق سبحانه قال في بدايتها:
﴿ لَّيۡسَ ٱلۡبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ قِبَلَ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ وَلَٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ ﴾:
ثم جاء التفصيل على النحو التالي:
أولاً: من آمن:
1ـ بالله.
2ـ واليوم الآخر.
3ـ والملائكة.
4ـ والكتاب.
5 ـ والنبين.
ثانياً: وآتى المال على حبه:
1ـ ذوي القربى.
2ـ واليتامى.
3ـ والمساكين.
4ـ وابن السبيل.
5ـ والسائلين.
6ـ وفي الرقاب.
ثالثاً: وكذلك:
1ـ وأقام الصلاة.
2 ـ وآتى الزكاة.
3ـ والموفون بعهدهم إذا عاهدوا.
4 ـ والصابرين:
آ ـ في البأساء.
ب ـ والضرّاء.
ج ـ وحين البأس.
ثم تختم الآية بقوله تعالى:
﴿ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ ﴾.
2ـ كانت اليهود تتوجه للمغرب كقِبلة لهم، والنصارى تتوجه للمشرق كقبلة لهم،ويعتبرون ذلك هو البِر، فأنزل الله هذه الآية، فبيّن أنّ البرّ ليس هو أمر القبلة حتى يحدث فيه الخلاف والشقاق، لأنّ التوجه للقبلة هو من الوسائل وليس من المقاصد، وإنما البرّ المطلوب هو الخصال العشر التي تضمنتها الآية، خمس منها في أصول الإيمان والعقيدة وهي:
ـ الإيمان بالله تعالى.
ـ الإيمان باليوم الآخر.
ـ الإيمان بالملائكة.
ـ الإيمان بجميع كتب الله المنزّلة.
ـ الإيمان بجميع أنبياء الله ورسله.
وهذا في قوله تعالى: ﴿ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ وَٱلۡكِتَٰبِ وَٱلنَّبِيِّ‍ۧنَ ﴾.
وأمّا الإيمان بالقضاء والقدر فقد جاء في آية القمر: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيۡءٍ خَلَقۡنَٰهُ بِقَدَرٖ٤٩﴾ [القمر:49].
وأمّا الخمس الأخرى فتتعلق بالأعمال الصالحة في التعامل مع الناس وهي:
ـ بذل المال قليلاً أو كثيراً لـ: ﴿ ذَوِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِيلِ وَٱلسَّآئِلِينَ وَفِي ٱلرِّقَابِ ﴾.
ـ أقام الصلاة.
ـ آتى الزكاة.
ـ الوفاء بالعهد والمواثيق.
ـ الصبر في البأساء والضراء وحين البأس.
3 ـ النتيجة: ﴿ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ١٧٧ ﴾.
والله أعلم.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #143  
قديم 25-08-2024, 03:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 139,776
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن"

مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (145)
مثنى محمد هبيان




﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡقِصَاصُ فِي ٱلۡقَتۡلَىۖ ٱلۡحُرُّ بِٱلۡحُرِّ وَٱلۡعَبۡدُ بِٱلۡعَبۡدِ وَٱلۡأُنثَىٰ بِٱلۡأُنثَىٰۚ فَمَنۡ عُفِيَ لَهُۥ مِنۡ أَخِيهِ شَيۡءٞ فَٱتِّبَاعُۢ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَأَدَآءٌ إِلَيۡهِ بِإِحۡسَٰنٖۗ ذَٰلِكَ تَخۡفِيفٞ مِّن رَّبِّكُمۡ وَرَحۡمَةٞۗ فَمَنِ ٱعۡتَدَىٰ بَعۡدَ ذَٰلِكَ فَلَهُۥ عَذَابٌ أَلِيمٞ١٧٨﴾ [البقرة: 178]
تقديم خاص للآية:
بعد بيان الله لخصال البرّ لأهل التقوى والإيمان في الآية السابقة (البقرة 177)، تذكرُ سورةُ البقرة ابتداء من هذه الآية (178) أربعين حكماً تشريعياً، لتحقيق منهج الله في المجتمع المسلم، وهذه الأحكام هي:
وهذه الآية (178) تذكر الحُكم الأول وهو: القِصاص وأحكامه، وبُدىء بهذا الحكم لأنه الأعظم في اختلال الأمن، وأهمية شيوع الأمن في المجتمع، وقد ناطَ الإسلامُ مسألة القصاص بالحاكم، ولم يتركها للناس، حتى لا يعتدي أحدٌ على أحد ظلماً وعدواناً بسبب القصاص.
السؤال الأول:
ما تفسير الآية 178 في سورة البقرة؟ وما الوجه البلاغي في هذا التقسيم؟
الجواب:
هل إذا قتلَ حرٌّ عبداً لا يؤخذ به؟ وإنما يقول: أعطونا ثمنه؟
نقول: في كثير من الآيات ينبغي الرجوع إلى سبب النزول.
يوجد عندنا قاعدة عامة ﴿ وَلَكُمۡ فِي ٱلۡقِصَاصِ حَيَوٰةٞ ﴾ [البقرة:179] هذه القاعدة العامة.
كان هناك ثأرٌ بين حَيَّينِ من أحياء العرب أسلموا قبل أنْ تُفضَّ المشكلة وأحدهما كان قوياً متجبراً، فقبل أنْ يدخلوا في الإسلام كانوا يقولون - تجبراً منهم-: العبد منّا بالحرّ منهم، والمرأة منّا بالرجل منهم، حتى نصطلح وإلا فالحرب مستمرة، فلمّا دخلوا في الإسلام بقوا على حالهم وعلى قولهم، فنزلت الآية تفيد أن في القصاص حياةً، لكنّ الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى.
وانظروا كم من أحراركم قُتِلَ وأحرارهم قُتِلَ! هذا بهذا والفارق تدفع عنهم الدِّية، وكذلك الأمر للعبيد وللنساء حتى تحل المشكلة، لكن تبقى القاعدة عامة ﴿وَلَكُمۡ فِي ٱلۡقِصَاصِ حَيَوٰةٞ ﴾ القصاص عامة.
السؤال الثاني:
ما الحكمة من بناء الفعل ﴿ كُتِبَ ﴾ هنا للمجهول في هذه الآية؟
الجواب:
الأمور المستكرهة يبنيها ربُّنا للمجهول ﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلصِّيَامُ ﴾ [البقرة:183] ﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡقِصَاصُ فِي ٱلۡقَتۡلَىۖ ﴾ [البقرة:178] ﴿ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡقِتَالُ وَهُوَ كُرۡهٞ لَّكُمۡۖ ﴾ [البقرة:216].
لذلك نرى أنه في الأشياء الصعبة المستكرهة والمشقة يُبنى الفعل للمجهول مع أنه كله بقدر الله عز وجل، لكنْ لا ينسبه لنفسه، وهذا خط عام في القرآن.
السؤال الثالث:
ما دلالة قوله تعالى: ﴿ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡقِصَاصُ فِي ٱلۡقَتۡلَىۖ ﴾؟
الجواب:
قوله تعالى: ﴿ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡقِصَاصُ فِي ٱلۡقَتۡلَىۖ ﴾ أي: فُرض بسبب قتل القتلى؛ لأنّ الحرف (في) قد يستعمل للسببية؛ كقوله ﷺ «في النفس المؤمنة مائة من الإبل» والقصاص ليس بفرض، بل الوليُّ مخيرٌ فيه، بل مندوب إلى تركه.
والمراد هنا أنه فُرِضَ على القاتل التمكين، لا أنه فرض على الولي الاستيفاء.
السؤال الرابع:
ما دلالة قوله تعالى: ﴿ فَمَنۡ عُفِيَ لَهُۥ مِنۡ أَخِيهِ شَيۡءٞ ﴾؟ ولِمَ عُدّيَ الفعلُ باللام؟ وما دلالة لفظة (شيء) منكرة؟
الجواب:
آـ المعنى: فمن له من أخيه شيء من العفو.
ب ـ إنْ قيل: إنَّ (عُفِيَ) يتعدَّى بـ (عن) وليس بـ(اللام) فما وجه (فمن عفي له)؟
والجواب: أنه يتعدى بـ (عن) إلى الجاني وإلى الذنب، فيقال: عفوت عن فلان أو عن ذنبه، كما قال تعالى: ﴿ عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ ﴾[التوبة: 43]، فإذا تعدى إلى الذنب، قيل: عفوت عن فلان عما جنى، كما تقول: عفوت له عن ذنبه، فكأنّ معنى الآية (فمن عفي له من جنايته)، فاستغنى عن ذكر الجناية.
ج ـ لِم قيل (شيء) من العفو؟
والجواب: أنه إذا كان الحق يتألف من القود والمال، كان له أنْ يعفو عن القود دون المال، وله أنْ يعفو عن الكل فناسب ذكر (شيء) أي: جزء من العفو.
السؤال الخامس:
بأي معنى أثبت الله وصف الأخوة؟
الجواب:
هو أحد الاحتمالات التالية:
ـ الآية نازلة قبل أنْ يقتل أحدٌ أحداً والمؤمنون إخوة قبل الإقدام على القتل.
ـ الفاسق يتوب ويكون ولي المقتول أخاً له.
ـ في النسب: ﴿ وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمۡ هُودٗاۚ﴾ [الأعراف:65].
ـ ليعطف أحدهما على الآخر.
ـ الله أثبت الأخوة على الإطلاق بين المؤمنين بدون تقييد بزمان أو مكان.
السؤال السادس:
ما دلالة قوله تعالى: ﴿ فَٱتِّبَاعُۢ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَأَدَآءٌ إِلَيۡهِ بِإِحۡسَٰنٖۗ﴾ وما إعراب ﴿ فَٱتِّبَاعُۢ﴾؟
الجواب:
آـ قوله ﴿ فَٱتِّبَاعُۢ﴾ خبر لمبتدأ محذوف تقديره: فحكمه اتباع، أو مبتدأ خبره محذوف تقديره: فعليه اتباع المعروف.
ب ـ على العافي الاتباع بالمعروف بألا يشدد بالمطالبة، فإنْ كان معسراً فالنظرة إلى ميسرة، وعلى المعفوِّ عنه أداءٌ بإحسان.
السؤال السابع:
ما دلالة قوله تعالى: ﴿ ذَٰلِكَ تَخۡفِيفٞ مِّن رَّبِّكُمۡ وَرَحۡمَةٞۗ﴾؟
الجواب:
1ـ قوله تعالى: ﴿ ذَٰلِكَ تَخۡفِيفٞ مِّن رَّبِّكُمۡ وَرَحۡمَةٞۗ﴾ أي: هذا الحكم تخفيف في حقكم؛ لأنّ العفو وأخذ الدية محرمان على أهل التوراة، والقصاص مكتوب عليهم البتة، والقصاص والدية محرمان على أهل الإنجيل والعفو مكتوب عليهم، وهذه الأمة مخيرة بين القصاص والدية والعفو توسعة عليهم وتيسيراً.
2ـ قوله تعالى: ﴿ فَمَنِ ٱعۡتَدَىٰ بَعۡدَ ذَٰلِكَ ﴾ المراد: أنْ لا يقتل بعد العفو والدية، أو يقتل غير قاتله أو أكثر من قاتله، أو طلب أكثر مما وجب له من الدية، ويجب أنْ يحمل على الجميع لعموم اللفظ.
السؤال الثامن:
ما فائدة تقديم الجار والمجرور في قوله تعالى: ﴿ فَلَهُۥ عَذَابٌ أَلِيمٞ﴾؟
الجواب:
قوله تعالى: ﴿ فَلَهُۥ عَذَابٌ أَلِيمٞ﴾ خصّصه بتقديم الجار والمجرور، ونوع خاص من العذاب الأليم، قال النبي ﷺ «لا أعافي أحداً قَتَلَ بعد أخذ الدية» والله أعلم.







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #144  
قديم 25-08-2024, 03:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 139,776
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن"

مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (146)

مثنى محمد هبيان



﴿وَلَكُمۡ فِي ٱلۡقِصَاصِ حَيَوٰةٞ يَٰٓأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ١٧٩﴾ [البقرة: 179]
السؤال الأول:
ما القيمة الفنية لقوله تعالى: ﴿وَلَكُمۡ فِي ٱلۡقِصَاصِ حَيَوٰةٞ﴾؟
الجواب:
آـ هذه الآية فيها مقالات طويلة، ولقد كتب مصطفى صادق الرافعي مقالة بعنوان «كلمة مؤمنة في الرد على كلمة كافرة» حيث إنّ بعضهم قال: إنّ العرب تقول: (القتل أنفى للقتل)، فكتب في الفرق العظيم بين قولهم (القتل أنفى من القتل) التي فيها دماء، وقوله تعالى: ﴿وَلَكُمۡ فِي ٱلۡقِصَاصِ حَيَوٰةٞ﴾ [البقرة:179] التي فيها حياة، والسيوطي ذكر عشرين فرقاً في كتابه «المزهر في اللغة» والرافعي زاد عليه.
ب ـ الآية بتمامها: ﴿وَلَكُمۡ فِي ٱلۡقِصَاصِ حَيَوٰةٞ يَٰٓأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ١٧٩﴾ [البقرة:179]. وكلمة القِصاص مأخوذة من فعل: قصّ يقصّ، وفي الأصل القصّ هو القطع، أو القصّ هو تتبّع الأثر تحديداً، والأثر قد يكون خطاً ومنه قصّ الثوب؛ لأنّ الثياب لم تكن تُقصّ إلا بعد أنْ يوضع عليها خط أين يقصّ، والذي يقص بالمقص هو يتتبع أثراً، والقِصاص من قصّ يقص قِصاصاً ومقاصّة.
ج ـ القِصاص لكم فيه حياة، أي: حياة للمجتمع، وكلمة ﴿حَيَوٰةٞ﴾ جاءت نكِرة فأخّرها على سُنّة العرب في كلامها، والإسلام يريد مجتمعاً هانئاً آمناً فذكر القِصاصَ.
د ـ أما مقولة (القتل أنفى للقتل) فهذه مقولة عربية يوازنوها أحياناً بـ ﴿وَلَكُمۡ فِي ٱلۡقِصَاصِ حَيَوٰةٞ﴾ [البقرة:179]، ولكن عندما ندقق في الآية نجد سُمُوَّ التعبير ﴿وَلَكُمۡ فِي ٱلۡقِصَاصِ حَيَوٰة﴾ [البقرة:179].
أما (القتل أنفى للقتل) فيقول بعضهم: إنها كلمة جاهلية، وحتى لو كانت جاهلية فإنها تحمل رائحة الدم، وليس فيها رائحة بناء المجتمع.
وأمّا كلمة ﴿ٱلۡقِصَاصِ حَيَوٰةٞ﴾ فهي كلمة موجزة، والقصاص فيه حياة للمجتمع، القصاص لم يحدد القتل وإنما هو عدالة، وعندما تقول (قصاص)، أي: أنت تتتبّع الذي فعله المخالِف فتقصّ فعله حتى تعاقبه بمثل فعله، واختصرت بكلمة (قصاص) مهما كان الشخص الذي قتل حاكماً أو سيداً في قومه فيقتل وحده، وبعد ذلك رُخِّص للمسلمين بقبول المقابل أو العدل، والدية هي مقابل القتل.
مقولة (القتل أنفى للقتل) مقولة تتكلم فقط عن القتل، بينما القصاص شامل ذكر كل هذه الأشياء، فضلاً عن أنّ كلمة (القتل أنفى للقتل) كما يقول علماؤنا: خطأ؛ لأنه ليس دائماً القتل ينفي القتل، ففي بعض الأحيان القتل يجلب قتلاً (قتل الظلم، قتل التعدّي) كما يقولون: (ومن يظلم الناس يُظلَم) وليس هكذا مفهوم الإسلام.
هـ ـ ثم كلمة ﴿حَيَوٰةٞ﴾ نكرة، والنكرة لها في كل موضع معنى، وفي هذه الآية معناها حياة نبيلة، عظيمة، قيّمة، وعندما نسمع السياق نجده يعطي معنى الحياة السعيدة الهانئة، حياة صِفُوها بما شئتم من أوصاف الخير.
ولاحظ كيف بيّنت هذه الآية على وجازتها حكمة القصاص بأسلوبٍ لا يُمارى وعبارة لا تُحاكى، وكيف نُكِّرت كلمة ﴿حَيَوٰةٞ﴾ فلم يقل (الحياة) إشعاراً أنّ في هذا القصاص نوعاً من الحياة لا يبلغه وصف.
ولكن كيف يكون القصاص حياة وهو قتلٌ للقاتل؟
الجواب: أنه إذا عَلِم القاتل أنه سيُقتل فلا شك أنه سيمتنع عن القتل، وهذا يصون النفس من القتل ويحمي القاتل، فكان القصاص حياة للنفسَينِ وهذا يؤدي إلى إحياء البشرية بأسرها.
قال قتادة: جعل الله في القصاص حياةً، فإذا ذكره الظالمُ المعتدي كفَّ عن القتل.والله أعلم.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #145  
قديم 25-08-2024, 03:20 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 139,776
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن"

مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (147)
مثنى محمد هبيان



﴿كُتِبَ عَلَيۡكُمۡ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلۡمَوۡتُ إِن تَرَكَ خَيۡرًا ٱلۡوَصِيَّةُ لِلۡوَٰلِدَيۡنِ وَٱلۡأَقۡرَبِينَ بِٱلۡمَعۡرُوفِۖ حَقًّا عَلَى ٱلۡمُتَّقِينَ١٨٠﴾ [البقرة: 180]
السؤال الأول:
ما الفرق بين استعمالي الفعل (حضر) و(جاء) مع الموت؟
الجواب:
انظر الجواب في آية البقرة: 133.
السؤال الثاني:
ما دلالة استعمال (إذا) في الآية؟ وما الفرق في الاستعمال بين (إذا) و (إن)؟
الجواب:
(إذا) تستعمل فيما هو كثير وفيما هو آكد وفيما هو واجب، و(إنْ) لما هو أقلّ في عموم الشرط، وقد يكون مستحيلاً وقد يكون قليلاً، وتفصيل ذلك:
1ـ (إنْ): تستعمل في القرآن الكريم في المعاني المحتملة الوقوع أو المشكوك في حصولها أو المستحيلة أو المفترضة:
شواهد للمعاني المشكوك في حصولها:
﴿ وَلَٰكِنِ ٱنظُرۡ إِلَى ٱلۡجَبَلِ فَإِنِ ٱسۡتَقَرَّ مَكَانَهُۥ فَسَوۡفَ تَرَىٰنِيۚ ﴾ [الأعراف:143].
شواهد للمعاني المحتملة:
﴿ فَإِن قَٰتَلُوكُمۡ فَٱقۡتُلُوهُمۡۗ ﴾ [البقرة:191].
﴿ فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُۥ مِنۢ بَعۡدُ حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوۡجًا غَيۡرَهُۥۗ ﴾ [البقرة:230].
﴿ وَإِن كُنتُمۡ جُنُبٗا فَٱطَّهَّرُواْۚ ﴾ [المائدة:6].
شواهد للمعاني المستحيلة:
﴿ قُلۡ إِن كَانَ لِلرَّحۡمَٰنِ وَلَدٞ فَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡعَٰبِدِينَ٨١﴾ [الزخرف:81].
﴿ يَٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ إِنِ ٱسۡتَطَعۡتُمۡ أَن تَنفُذُواْ مِنۡ أَقۡطَارِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ فَٱنفُذُواْۚ ﴾ [الرحمن:33].
شواهد للمعاني المفترضة:
﴿ قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمُ ٱلَّيۡلَ سَرۡمَدًا إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ ﴾ [القصص:71].
2ـ (إذا): تستعمل للمقطوع بحدوثه والكثير الوقوع كما في الآيات:
﴿ كُتِبَ عَلَيۡكُمۡ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلۡمَوۡتُ﴾ [البقرة:180].
﴿ وَٱبۡتَلُواْ ٱلۡيَتَٰمَىٰ حَتَّىٰٓ إِذَا بَلَغُواْ ٱلنِّكَاحَ ﴾ [النساء:6].
﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلَوٰةُ ﴾ [الجمعة:10].
﴿ وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٖ فَحَيُّواْ بِأَحۡسَنَ مِنۡهَآ أَوۡ رُدُّوهَآۗ ﴾ [النساء:86].
﴿ وَإِذَا قُرِئَ ٱلۡقُرۡءَانُ فَٱسۡتَمِعُواْ لَهُۥ وَأَنصِتُواْ ﴾ [الأعراف:204].
شواهد إضافية: [ آل عمران25 ـ المائدة 2 ـ الأعراف 34 ـ التوبة 5 ـ النور59 ـ البقرة 282 ـ يونس12].
3ـ شواهد مشتركة تتضمن(إذا وإنْ) معاً:
﴿ كُتِبَ عَلَيۡكُمۡ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلۡمَوۡتُ إِن تَرَكَ خَيۡرًا ٱلۡوَصِيَّةُ ﴾ [البقرة:180].
﴿ فَإِنۡ أُحۡصِرۡتُمۡ فَمَا ٱسۡتَيۡسَرَ مِنَ ٱلۡهَدۡيِۖ وَلَا تَحۡلِقُواْ رُءُوسَكُمۡ حَتَّىٰ يَبۡلُغَ ٱلۡهَدۡيُ مَحِلَّهُۥۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوۡ بِهِۦٓ أَذٗى مِّن رَّأۡسِهِۦ فَفِدۡيَةٞ مِّن صِيَامٍ أَوۡ صَدَقَةٍ أَوۡ نُسُكٖۚ فَإِذَآ أَمِنتُمۡ فَمَن تَمَتَّعَ بِٱلۡعُمۡرَةِ إِلَى ٱلۡحَجِّ ﴾ [البقرة:196].
﴿ فَإِنۡ خِفۡتُمۡ فَرِجَالًا أَوۡ رُكۡبَانٗاۖ فَإِذَآ أَمِنتُمۡ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم ﴾ [البقرة:239]
﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيۡنٍ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗى فَٱكۡتُبُوهُۚ وَلۡيَكۡتُب بَّيۡنَكُمۡ كَاتِبُۢ بِٱلۡعَدۡلِۚ وَلَا يَأۡبَ كَاتِبٌ أَن يَكۡتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ ٱللَّهُۚ فَلۡيَكۡتُبۡ وَلۡيُمۡلِلِ ٱلَّذِي عَلَيۡهِ ٱلۡحَقُّ وَلۡيَتَّقِ ٱللَّهَ رَبَّهُۥ وَلَا يَبۡخَسۡ مِنۡهُ شَيۡ‍ٔٗاۚ فَإِن كَانَ ٱلَّذِي عَلَيۡهِ ٱلۡحَقُّ سَفِيهًا أَوۡ ضَعِيفًا ﴾ [البقرة:282]
﴿ فَإِذَآ أُحۡصِنَّ فَإِنۡ أَتَيۡنَ بِفَٰحِشَةٖ فَعَلَيۡهِنَّ نِصۡفُ مَا عَلَى ٱلۡمُحۡصَنَٰتِ مِنَ ٱلۡعَذَابِۚ ﴾ [النساء:25].
﴿ فَإِذَا ٱنسَلَخَ ٱلۡأَشۡهُرُ ٱلۡحُرُمُ فَٱقۡتُلُواْ ٱلۡمُشۡرِكِينَ حَيۡثُ وَجَدتُّمُوهُمۡ وَخُذُوهُمۡ وَٱحۡصُرُوهُمۡ وَٱقۡعُدُواْ لَهُمۡ كُلَّ مَرۡصَدٖۚ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ ﴾ [التوبة:5].
شواهد إضافية: [ المائدة6ـ الأعراف131ـ الروم 36ـ البقرة 239ـ النساء 101ـ البقرة 229ـ230ـ 231ـ الرعد5 ].
4ـ ملاحظات عامة:
أـ (إذا) و(إنْ) من أدوات الشرط.
ب ـ وردت (إذا) في القرآن الكريم في أكثر من (362) مرة، لم ترد في موضع واحد غير محتمل الوقوع، بل هي كلها إمّا مقطوع بوقوعها أو كثير الوقوع، بخلاف (إنْ).
ولمّا كانت (إذا) تفيد الجزم بالوقوع، غلب معها الفعل الماضي، لكونه أدل على الوقوع، باعتبار لفظه، بخلاف (إنْ) التي تستعمل في المعاني المحتملة، والمشكوك فيها، فإنه غلب معها الفعل المضارع.
وقد وردت (إذا) في القرآن الكريم ـ شرطية وظرفية ـ في أكثر من (362) مرة، منها (18) فقط ورد معها الفعل المضارع، بينما ورد الفعل الماضي مع البقية.
ج ـ إذا كان فعل الشرط ماضياً فإنه يفيد افتراض حصول الحدث مرة أو وقوعه جملة، في حين أنّ الفعل المضارع قد يفيد تكرار الحدث، أو يفيد تطاول الحدث.
د ـ وقد وردت (إنْ) في القرآن الكريم في حوالي (554) مرة. والله أعلم.
السؤال الثالث:
ما إعراب كلمة ﴿ ٱلۡوَصِيَّةُ ﴾ [البقرة:180] في هذه الآية؟
الجواب:
الوصيةُ: نائب فاعل مرفوع.
السؤال الرابع:
كيف عطف الأقربين على الوالدين، وهما أقرب المقربين والعطف يقتضي المغايرة؟
الجواب:
الوالدان ليسا من الأقربين؛ لأنّ القريب من يدلي إلى غيره بواسطة كالأخ والعم ونحوهما، والوالدان ليسا كذلك، وحتى لو كانا منهم لكان تخصيصهما بالذكر لشرفهما، كقوله تعالى: ﴿ وَمَلَٰٓئِكَتِهِۦ وَرُسُلِهِۦ وَجِبۡرِيلَ وَمِيكَىٰلَ ﴾ [البقرة:98].
السؤال الخامس:
ما دلالة هذه الآية؟
الجواب:
1ـ هذه الآية فيها وصيّة مجملة مردّها إلى العُرف، بالنسبة للوالدين والأقارب الوارثين، وكان ذلك قبل تحديد أنصبة المواريث في سورة النساء، ولكن هل نسخت هذه الآية؟ والجواب:
آ ـ عند جمهور أهل العلم نسخت هذه الوصية للوالدين والأقربين بآية الميراث في سورة النساء: ﴿ يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِيٓ أَوۡلَٰدِكُمۡۖ لِلذَّكَرِ مِثۡلُ حَظِّ ٱلۡأُنثَيَيۡنِۚ ﴾ [النساء:11].
ب ـ وقيل: إنها غير منسوخة، وإنها نزلت في حق من ليس بوارث من الوالدين والأقربين بسبب الكفر أو الحَجْر أو نحوه، فشُرعت الوصية لهم قضاء لحق الأبوة والقرابة، فهي مستحبة في حق من لا يرث.
أي أنها خاصة بغير الورثة، لأنّ الوصية لا تجوز لوارث إلا إذا أجازتها الورثة لسبب خاص كأن يكون معاقاً أو نحوه.
2ـ هذا هو الحكم التشريعي الثاني: الوصية عند الموت.
والله أعلم.







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #146  
قديم 25-08-2024, 03:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 139,776
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن"

مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (148)


مثنى محمد هبيان





﴿فَمَنۢ بَدَّلَهُۥ بَعۡدَ مَا سَمِعَهُۥ فَإِنَّمَآ إِثۡمُهُۥ عَلَى ٱلَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ١٨١ فَمَنۡ خَافَ مِن مُّوصٖ جَنَفًا أَوۡ إِثۡمٗا فَأَصۡلَحَ بَيۡنَهُمۡ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ١٨٢﴾ [البقرة: 181-182]
السؤال الأول:
خُتمت الآية 182 بقوله تعالى: ﴿غَفُورٞ رَّحِيمٞ١٨٢﴾ وخُتمت آية البقرة 181 بقوله تعالى: ﴿سَمِيعٌ عَلِيمٞ١٨١﴾ فما دلالة ذلك؟
الجواب:
ختم الآية: 181 بالسمع والعلم لمـّا قال قبلها: ﴿فَمَنۢ بَدَّلَهُۥ بَعۡدَ مَا سَمِعَهُۥ﴾ [البقرة:181] ليكون مطابقاً.
وختم الآية 182 بالمغفرة والرحمة لمـّا قال قبلها: ﴿فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِۚ﴾ ليطابق المعنى.
السؤال الثاني:
ما دلالة هاتين الآيتين؟
الجواب:
الآية (181):
1ـ الآية جرت مجرى الوعيد في تغيير الوصية، ولا ذنب على الموصِي ولا الموصَى له، وإنما الإثم على من بدّل.
2ـ إقامة الظاهر مقام المضمر لزيادة الاهتمام بشأنه، ولو جرى على نسق الكلام السابق لقال: فإنما إثمه عليه وعلى من يبدله.
الآية (182):
1ـ بيّن في هذه الآية أنّ المراد بالآية السابقة هو التبديل من الحق إلى الباطل، أمّا إذا غيّره عن باطل إلى حق فقد أحسن.
2ـ (الجَنَف): الميل في الأمور، والعدول عن الاستواء، والانحراف عن الحق. يقال: جَنف يجنِفُ بكسر النون في الماضي، وفتحها في المستقبل.
3ـ الفرق بين الجنف والإثم أنّ الجنف هو الخطأ من حيث لا يعلم، والإثم هو العمد.
4ـ المجاز المرسل في (خاف) فقد جاءت بمعنى الظن أو التوقع، والعلاقة في هذا المجاز السببية، لأنه تعبير عن السبب بالمسبب.
5ـ جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنّ الرجلَ ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنة، فإذا أوصى حاف في وصيته، فيختم له بشر عمله).
6ـ لذلك من أوصى بشيء فيه ظلم، فعلى وليّ أمر الميت وأولي الأمر بالمعروف أن يردوه إلى الصواب. والله أعلم.
السؤال الثالث:
قوله تعالى في الآية: ﴿جَنَفًا﴾ أي: مَيلاً، فما كلمات منظومة الجنح في القرآن الكريم؟
الجواب:
هذه هي مجموعة (جَنَحَ) وتشمل كل أنواع المَيل، وكلها صغائر تدل على أنّ الفعل المحرم لم يُرتكب:
1- جنح:
هي بداية الميل في الغالب وليس ميلاً كاملاً.
﴿ وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلۡمِ فَٱجۡنَحۡ لَهَا وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ ﴾ [الأنفال: ٦١].
2- زاغ:
هو الميل من الصواب إلى الخطأ، والزيغ هو النقص في الصواب.
﴿ فَلَمَّا زَاغُوٓاْ أَزَاغَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمۡۚ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ٥ ﴾ [الصف: 5].
3- جنف:
خاص بالحكم عندما يكون قاضياً فيميل عن الحق قليلاً، مثل أنْ يميل قلب الأب إلى الذكور وليس هو الحكم بالظلم.
﴿ فَمَنۡ خَافَ مِن مُّوصٖ جَنَفًا أَوۡ إِثۡمٗا فَأَصۡلَحَ بَيۡنَهُمۡ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِۚ ﴾ [البقرة: 182].
4- حنف:
ميل من الباطل إلى الحق ومن الخطأ إلى الصواب ﴿ حَنِيفٗا مُّسۡلِمٗا ﴾ [آل عمران:67] وحنفاء، أي: ليس لديهم أي ميل للشرك، وهو عكس الزيغ.
5- راغ:
هو ميل لكنْ لاحتيال ﴿فَرَاغَ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦ﴾ [الذاريات:26] من باب اللياقة وإكرام الضيف بأنْ يميل المضيف إلى أهله بطريقة خفية حتى يهيأ الطعام لضيفه.
6- عدل:
عَدَلَ بمعنى مال مع اعترافه بأنّ ميلَه ليس صحيحاً ﴿بَلۡ هُمۡ قَوۡمٞ يَعۡدِلُونَ٦٠﴾ [النمل:60].
7- زلّ:
ميل مرغم عليه ولا يقصده، كما يقال في زلة اللسان أو زلة القدم ﴿فَأَزَلَّهُمَا ٱلشَّيۡطَٰنُ﴾ [البقرة:36] ﴿فَإِن زَلَلۡتُم مِّنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡكُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ٢٠٩﴾ [البقرة:209].
8- ألحد:
هو الميل إلى كتمان الحق وهو أخطر أنواع الميل، والملحد هو الذي مال إلى كتمان التوحيد.
﴿وَذَرُواْ ٱلَّذِينَ يُلۡحِدُونَ فِيٓ أَسۡمَٰٓئِهِۦۚ سَيُجۡزَوۡنَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ١٨٠﴾ [الأعراف: 180].
والله أعلم.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



مجموعة الشفاء على واتساب


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 134.65 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 130.68 كيلو بايت... تم توفير 3.97 كيلو بايت...بمعدل (2.95%)]