|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
مكارم الأخلاق
مكارم الأخلاق (1) فضل حسن الخلق (موعظة الأسبوع) كتبه/ سعيد محمود الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ مقدمة: - شأن الأخلاق عظيم ومنزلتها عالية في الدِّين: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبَكُمْ مِنِّي فِي الْآخِرَةِ مَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي فِي الْآخِرَةِ مَسَاوِئُكُمْ أَخْلَاقًا، الثَّرْثَارُونَ الْمُتَفَيْهِقُونَ الْمُتَشَدِّقُونَ) (رواه أحمد، وصححه الألباني). - كانت الأخلاق في حياة المسلمين سببًا رئيسًا لعزتهم وقوتهم ومنعتهم وسعادتهم، فعاشوا فيما بينهم حياة يسودها الحب والتعاون، والاحترام المتبادل، وأسسوا حضارة بهرت العالم، فسادوا الدنيا من حولهم: قال -تعالى-: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) (آل عمران: 110). - المسلمون الآن يعيشون حياة الذل والضعف والهوان والتبعية؛ بسبب تنازلهم عن أخلاق الاسلام، فصاروا في ذيل الأمم: قال -تعالى-: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى . وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا) (طه: 123، 124). وقال الشاعر: إنـما الأمـم الأخـلاق مـا بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا - حاجتنا إلى الرجوع إلى أخلاق الإسلام وتعاليمه، وإقامة نصوص الشرع التي تحض على محاسن الأخلاق وتحذر وتنفر من مساوئ الأخلاق: قال -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) (الرعد: 11). مكانة حُسْنُ الخُلُق في القرآن الكريم: - جعله الله من أبرز صفات أهل الجنة المتقين: قال -تعالى-: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ . الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (آل عمران: 131، 132). - جعل الله نوعًا منه -الحلم- سببًا للجزاء الأوفر من الله؛ فكيف بمن تحلى بعمومه؟ قال -تعالى-: (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (الشورى: 40). - جعل الله نوعًا منه -اللين والرفق- سببًا لنجاح الإنسان في حياته مع الناس: قال -تعالى-: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) (آل عمران: 159). - أرشد الله نبيه -صلى الله عليه وسلم-، والأمة من بعده الى استعمال الأخلاق الحسنة بأنواعها، وفق كل ظرف ومكان وحال، فهو سبب النجاح والفلاح وتأليف القلوب: قال -تعالى-: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) (الأعراف: 199). مكانة حُسْنُ الخُلُق في السنة النبوية: - حث النبي -صلى الله عليه وسلم- على حسن الخلق، وأخبر بأن له الأثر العظيم والثواب الجزيل، الذى يعدل درجة العابد الدائم الصيام والقيام: قال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ الرَّجُلَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ، دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ) (رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني). - عدَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- حسن الخلق من أعظم أسباب كمال الإيمان: فقال -صلى الله عليه وسلم-: (أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا) (رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني). - وبيَّن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن حسن الخلق، والتمسك به، من أعظم السبل للجنة: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَكْثَرُ مَا يُدْخِلُ الْجَنَّةَ: تَقْوَى اللهِ، وَحُسْنُ الْخُلُقِ) (رواه الترمذي، وحسنه الألباني). - ولذا رغب -صلى الله عليه وسلم- في بذل كل خصال حسن الخلق ولو كانت يسيرة؛ لما لها من آثار وأجور كثيرة: فقال -صلى الله عليه وسلم-: (الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ) (متفق عليه)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ) (رواه الترمذي، وحسنه الألباني). - وبالجملة؛ فإنه -صلى الله عليه وسلم- حض على حسن الخلق بكل صوره وشعبه: قال رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-: (أحَبُّ النَّاسِ إِلَى الله أنْفَعُهُمْ وأحَبُّ الأعْمَالِ إِلَى الله -عز وجل- سُرُورٌ تُدْخِلُهُ على مُسْلِمٍ، أوْ تَكْشِفُ عنهُ كُرْبَةً، أوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أوْ تَطْرُدُ عنهُ جُوعًا، ولأَنْ أمْشِيَ مَعَ أخِي المُسْلِمِ فِي حاجَةٍ أحَبُّ إلَيَّ مِنْ أنْ أعْتَكِفَ فِي هَذَا المَسْجِدِ شَهْرًا) (رواه الطبراني، وحسنه الألباني). وقال -صلى الله عليه وسلم-: (اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ) (رواه الترمذي، وحسنه الألباني). وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "ما كان أحد أحسن خلقًا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ما دعاه أحد من أصحابه ولا من أهل بيته إلا قال: لبيك؛ فلذلك أنزل الله -عز وجل-: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (القلم: 4). وقال -تعالى-: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ) (الأحزاب: 21). مواقف نبوية في حسن الخلق: لقد كانت حياته -صلى الله عليه وسلم- كلها مواقف في حسن الخلق، وذلك بما تضمنته على جميع الجهات والمستويات. 1- موقف في الايثار: - كان -صلى الله عليه وسلم- لا يسأله أحد من الناس شيئًا إلا بذله له ولو كان في أشد الحاجة إليه: عن سهل بن سعد -رضي الله عنه-: أن امرأةَ جاءت إلى رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِبُرْدَةٍ مَنسُوجَةٍ، فقالت: نَسَجتُها بيديَّ لأَكْسُوَكَها، فأخذها النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- محتاجًا إليها، فخرجَ إلينا وإنها إزارُهُ، فقال فلانٌ: اكسُنِيها ما أحسَنَها! فقال: (نَعَمْ)، فجلسَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- في المجلسِ، ثم رجع فطَوَاها، ثم أرسلَ بها إليه، فقال له القومُ: ما أحسَنتَ! لبسها النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- محتاجًا إليها، ثم سألته وعَلِمتَ أنه لا يَرُدَ سائلًا، فقال: "إِنِّي وَاللَّهِ مَا سَأَلْتُهُ لِأَلْبَسَهَا، إِنَّمَا سَأَلْتُهُ لِتَكُونَ كَفَنِي"، قَالَ سَهْلٌ: فَكَانَتْ كَفَنَهُ. (رواه البخاري). 2- موقف في الوفاء: - كان -صلى الله عليه وسلم- يحفظ لأم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها- معروفها وحسن عشرته معه بعد أن توفاها الله -تعالى-: فقد صحَّ عنه أنه لما استأذنت عليه هالة بنت خويلد -أخت خديجة-رضي الله عنها- عرفها لتشابه صوتهما، فقال: (اللهم هالة)، وهو مرتاح لذلك، تذكرًا وحبًّا لخديجة. وكان كثيرًا ما يذكر خديجة، ويقول: "لقد كانت وكانت"، وعندما سمعت ذلك أمّ المؤمنين عائشة غارت، وقالت: مَا أَكْثَرَ مَا تَذْكُرُهَا حَمْرَاءَ الشِّدْقِ، قَدْ أَبْدَلَكَ اللهُ -عز وجل- بِهَا خَيْرًا مِنْهَا، قَالَ: (مَا أَبْدَلَنِي اللهُ خَيْرًا مِنْهَا؛ قَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ، وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ، وَرَزَقَنِي اللهُ عز وجل وَلَدَهَا إِذْ حَرَمَنِي أَوْلَادَ النِّسَاءِ) (رواه البخاري ومسلم وأحمد واللفظ له). 3- موقف في الرفق والحكمة: - كان النبي -صلى الله عليه وسلم- حريصًا على تعليم المسلمين باللين والحسنى، لا سيما من كان منهم حديث العهد بالإسلام: فبينما كان مع أصحابه في المسجد، إذا بأعرابيّ جاء على بعير أناخه، ثمّ اتجه إلى ناحية من نواحي المسجد وبال فيه؛ فثار الصحابة الكرام لمّا رأوا الأعرابي يبول في المسجد، فحاولوا أن ينهروه ويثنوه عن فعله؛ إلا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهاهم عن ذلك، وبعد أن أنهى الأعرابي بوله دعاه النبي -صلى الله عليه وسلم- ليأتي إليه، ثم أرشده باللين قائلًا: (إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ وَلَا الْقَذَرِ، إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللهِ، وَالصَّلَاةِ، وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ)، ثمّ أمر أحد الصحابة فنضح البول بدلو من الماء ليزيل النجاسة، فما كان من الأعرابي إلا أن قال: "اللهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلِمُحَمَّدٍ، وَلَا تَغْفِرْ لِأَحَدٍ مَعَنَا!"؛ وهذا لعظيم تأثره بأخلاق النبي -صلى الله عليه وسلم- وعظيم مراعاته لحاله. 4- موقف في العفو والرحمة: - في السنة الثامنة من الهجرة نصره الله -تعالى- على كفار قريش، ودخل -صلى الله عليه وسلم- مكة فاتحًا منتصرًا، وأمام الكعبة المشرفة وقف جميع أهل مكة، وقد امتلأت قلوبهم رعبًا وهلعًا، وهم يفكرون فيما سيفعله معهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد أن تمكن منهم، ونصره الله عليهم، وهم الذين آذوه، وأهالوا التراب على رأسه، وحاصروه في شعب أبي طالب ثلاث سنين، حتى أكل هو ومن معه ورق الشجر، بل وتآمروا عليه بالقتل -صلى الله عليه وسلم-، وعذبوا أصحابه أشد العذاب، وسلبوا أموالهم وديارهم، وأجلوهم عن بلادهم، ومع كل ذلك قابل -صلى الله عليه وسلم- كل تلك الإساءات بموقف أخلاقي كريم في العفو -يليق بمن أرسله الله رحمة للعالمين-، فقال لهم: "ما ترون أني فاعل بكم؟! قالوا: أخ كريم، وابن أخ كريم، قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء" (رواه البيهقي). ولما قال رجل من المسلمين: اليوم يوم الملحمة، قال -صلى الله عليه وسلم- له: "بل اليوم يوم المرحمة!". خاتمة: - ومع كل هذه الأخلاق الكريمة، كان -صلى الله عليه وسلم- يسأل الله -تعالى- حسن الخلق! فقد كان -صلى الله عليه وسلم- يقول: (اللهمَّ كَمَا حَسّنْتَ خَلْقِي فَحَسّنْ خُلقِي) (رواه أحمد، وصححه الألباني)، وفي دعاء الاستفتاح الطويل كان -صلى الله عليه وسلم- يقول: (وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلاقِ، لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا، لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلا أَنْتَ)، فمن أحوج إلى ذلك عباد الله؟! - نحن والله أحوج الى السؤال والتحلي بحسن الخلق، ومكارم الأخلاق؛ لا سيما في هذه الأيام التي ذهبت فيها كثير من مكارم الأخلاق عند كثير من الناس! نحن والله أحوج إلى نشر الأخلاق الحسنة، والترغيب في التحلي بها. - ومن هذا الباب: ستكون لنا كلمات وعظية حول بعض الأخلاقيات التي ننشدها في حياتنا ومجتمعاتنا، نقف في كل موعظة منها على خُلُق من الأخلاق الكريمة بالبيان والترغيب؛ عسى الله أن يرزقنا والمسلمين حسن الخلق. فاللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت.
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
رد: مكارم الأخلاق
مكارم الأخلاق (2) توقير كبار السن (موعظة الأسبوع) كتبه/ سعيد محمود الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ مقدمة: - الإسلام يحثّ على مكارم الأخلاق ويدعو إليها: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ) (رواه أحمد، وصححه الألباني)، وفي رواية: (إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ) (رواه الحاكم والبيهقي، وصححه الألباني)، وقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: (أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا) (رواه أبو داود، وحسنه الألباني). - من مكارم الأخلاق المنشودة: "توقير كبار السن": قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (*إِنَّ *مِنْ *إِجْلَالِ *اللَّهِ *إِكْرَامَ *ذِي *الشَّيْبَةِ *الْمُسْلِمِ) (رواه أبو داود، وحسنه الألباني). - المقصود بكبار السن: هم مَن صاروا في مرحلة الكبر، وهي مرحلة يظهر على الإنسان فيها الضعف العام، بحيث تظهر بعض التغيرات على جسم الإنسان في حالة تقدمه في السن؛ مثل: تجعد الجلد وجفافه، وثقل السمع، وضعف البصر والشم والحواس بشكل عام، وبطء الحركة، وتغير لون الشعر، وضعف العظام، وضعف الذاكرة والنسيان، وصعوبة الحركة والمعاناة، والحاجة إلى مقويات حسية وطبية كالاستناد على العصي، والأجهزة التعويضية أحيانًا، وهذه التغيرات تقتضي رعاية خاصة لهم، من كل من حولهم ومن يتعاملون معهم. (1) فضل كبار السن: - كبار السن الصالحين لهم مكانة خاصة في الإسلام، بما قدموا من طاعة الله سنوات مديدة، فلا يزدادون في أعمارهم إلا كان خيرًا لهم: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخِيَارِكُمْ؟) قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: (*خِيَارُكُمْ *أَطْوَلُكُمْ *أَعْمَارًا *إِذَا *سَدَّدُوا) (رواه أبو يعلى، وقال الألباني: حسن لغيره). وقال -صلى الله عليه وسلم-: (خِيَارُكُمْ *أَطْوَلُكُمْ *أَعْمَارًا، *وَأَحْسَنُكُمْ *أَعْمَالًا) (رواه أحمد، وصححه الألباني)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (لَا يَتَمَنَّى أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ، وَلَا يَدْعُ بِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُ؛ إِنَّهُ إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ، وَإِنَّهُ لَا يَزِيدُ *الْمُؤْمِنَ *عُمُرُهُ *إِلَّا *خَيْرًا) (رواه مسلم). - كبار السن سبب للخير والرزق والبركة في المجتمع: عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: أنه قال: (الْبَرَكَةُ *مَعَ *أَكَابِرِكُمْ) (رواه ابن حبان، وصححه الألباني)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (هَلْ *تُنْصَرُونَ *وَتُرْزَقُونَ *إِلَّا *بِضُعَفَائِكُمْ) (رواه البخاري). (2) واجبنا نحو كبير السن: 1- توقيره وإكرامه وإحسان معاملته: - أن يكون له مكانة في النفوس، ومنزلة في القلوب، ببذل كل ما فيه إجلال واحترام، وإكبار له: كحسن الخطاب، وطيب الكلام، وتقبيل يده ورأسه، والتودد إليه؛ وعدم محاسبته على كل صغيرة وكبيرة، أو تعمد إحراجه أمام الآخرين، فإن إكرام الكبير وإحسان معاملته هو في الأصل إجلال لله -عز وجل-؛ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (*إِنَّ *مِنْ *إِجْلَالِ *اللَّهِ *إِكْرَامَ *ذِي *الشَّيْبَةِ *الْمُسْلِمِ) (رواه أبو داود، وحسنه الألباني). وفي رواية عن ابن عمر موقوفًا: "إن مِن أعظم إجلال الله -عز وجل-: إكرامَ الإمام المقسط، وذي الشيبة في الإسلام". 2- التواضع له: - أن نبدأه بكل عمل وخير، دون انتظار فعله منه، ولو بلغت مكانة الأصغر ما بلغت: لما خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الكعبة يوم الفتح وجلس في المسجد والناس حوله، ذهب أبو بكر -رضي الله عنه- وجاء بأبيه عثمان -ويكنى بأبي قحافة- يقوده وقد كف بصره، فلما رآه النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لأبي بكر: (هَلَّا *تَرَكْتَ *الشَّيْخَ *فِي *بَيْتِهِ *حَتَّى *أَكُونَ *أَنَا *آتِيهِ فِيهِ؟)، قَالَ أَبُو بَكْرٍ -رضي الله عنه-: يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ أَحَقُّ أَنْ يَمْشِي إِلَيْكَ مِنْ أَنْ تَمْشِي إِلَيْهِ قَالَ: فَأَجْلَسَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ مَسَحَ صَدْرَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ: (أَسْلِمْ) فَأَسْلَمَ (رواه أحمد، وحسنه الألباني). وهنَّأ النبي أبا بكر بإسلامه فقال أبو بكر: والذي بعثك بالحق، لإسلام أبي طالب كان أقر لعيني من إسلامه. (رواه البزار مسنده وابن عساكر في تاريخ دمشق، والطبراني في الكبير، وابن أبي الدنيا في منازل الأشراف). 3- إحسان خطابه: - أن نناديه بألطف خطاب، وأجمل كلام، وألين بيان، نراعي فيه احترامه وتوقيره، وقدره ومكانته، بأن نخاطبه بـ"العم"، و"الحاج"، و"الوالد"، وغيرها من الخطابات التي تدل على قدره ومنزلته في المجتمع بكبر سنه؛ فعن أنس -رضي الله عنه-: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى رَجُلٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ يَعُودُهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (*يَا *خَالُ، *قُلْ: *لَا *إِلَهَ *إِلَّا *اللهُ)، فَقَالَ: أَوَخَالٌ أَنَا أَوْ عَمٌّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (لَا، بَلْ خَالٌ) فَقَالَ لَهُ: (قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ)، قَالَ: هُوَ خَيْرٌ لِي؟ قَالَ: (نَعَمْ) (رواه أحمد، وصححه الألباني)(1). 4- تقديمه في الكلام والمكان ونحوه: - أن نقدمه في الكلام والمكان في المجالس، ونقدمه في الطعام والشراب والدخول والخروج: عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال: جاء شيخ يريد النبي -صلى الله عليه وسلم-: فأبطأ القوم عنه أن يوسعوا له، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَيْسَ *مِنَّا *مَنْ *لمْ *يُجِلَّ *كَبِيرَنَا *وَيَرْحَمْ *صَغِيرَنَا *وَيَعْرِفْ *لِعَالِمِنَا *حَقَّهُ) (رواه أحمد، وحسنه الألباني)، وعن ابن عمرَ: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أَرَانِي فِي الْمَنَامِ أَتَسَوَّكُ بِسِوَاكٍ، فَجَذَبَنِي رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنَ الْآخَرِ، فَنَاوَلْتُ السِّوَاكَ الْأَصْغَرَ مِنْهُمَا *فَقِيلَ *لِي: *كَبِّرْ، فَدَفَعْتُهُ إِلَى الْأَكْبَرِ) (رواه مسلم). 5- الدعاء له: - ندعو له في حضوره وغيبته بطول العمر، والازدياد في طاعة الله، والتوفيق بالسداد والصلاح، والحِفظ من كل مكروه، والتمتع بالصحة والعافية، وبحُسن الخاتمة، ونحوه: قال -تعالى-: (وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) (الإسراء: 24). (3) التحذير من الإساءة إلى كبار السن: - ولكن من المؤسف والمحزن والمؤلم، أن تجد الأمر من بعض الناس الذين يتعاملون معهم على عكس ذلك، فلا يكون منهم إلى كبار السن إلا الإساءة وسوء الأدب، والتي تتمثل في صور لا نستطيع أن نحصيها(2)، وهذه الصور لا تصدر إلا من جاهل قاسى القلب، لا يعرف حقهم، ويجهل أو يتجاهل أمر الله ورسوله تجاههم: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَيْسَ *مِنَّا *مَنْ *لمْ *يُجِلَّ *كَبِيرَنَا *وَيَرْحَمْ *صَغِيرَنَا *وَيَعْرِفْ *لِعَالِمِنَا *حَقَّهُ) (رواه أحمد، وحسنه الألباني). - الإساءة إلى الكبير دَيْن لا بد أن يرد، وإثم يحاسب عليه يوم المرد: قال -تعالى-: (ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى) (الروم: 10). وروي: "مَن أهان ذا شيبة لم يمُتْ حتى يبعث الله عليه مَن يهين شيبه إذا شاب". خاتمة: - إلى كبارنا وآبائنا: يا كبار السن.. أبشروا وأملوا الجزاء الأوفر عند الله ببركة أعماركم في طاعة ربكم: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (*لَيْسَ *أَحَدٌ *أَفْضَلَ *عِنْدَ *اللهِ *مِنْ *مُؤْمِنٍ *يُعَمَّرُ *فِي *الْإِسْلامِ لِتَسْبِيحِهِ وَتَكْبِيرِهِ وَتَهْلِيلِهِ) (رواه أحمد، وصححه الألباني)، وقال: (خَيْرُ *النَّاسِ *مَنْ *طالَ *عُمُرُهُ *وحَسُنَ *عَمَلُهُ) (رواه أحمد، وصححه الألباني). - يا كبير السن أبشر.. ويا عجوز الإسلام أبشري، فليس في الجنة ضعف ولا شيخوخة: مرّ النبي -صلى الله عليه وسلم-: بعجوز فقالت: يا رسول الله، ادعوا الله أن يدخلني الجنة، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (يَا أمَّ فلانٍ إِنَّ الجنَّةَ لَا يَدْخُلُهَا عَجُوزٌ)، فبكت، فقال: (إنَّ العجوزَ لَنْ تدخُلَ الجنَّةَ عجوزًا بل يُنشِئُها اللهُ خلقًا آخرَ فتدخلُها شابَّةً بكرًا)، وتلا قول الله -تعالى-: (*إِنَّا *أَنْشَأْنَاهُنَّ *إِنْشَاءً . فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا . عُرُبًا أَتْرَابًا) (الواقعة: 35-37). ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) من صور الإساءة في هذا: بعض المسئولين أو الموظفين، ينادي أو يخاطب الكبير المسن باسمه. (2) أولًا: الجانب المجتمعي: - وجود كبار السن في طوابير الانتظار بكل ألوانها (المصالح الحكومية - أماكن الخدمات اليومية - سوء معاملة بعض الموظفين لهم في المصالح وأماكن الخدمات -...). - تجاهلهم في وسائل المواصلات وأماكن الانتظار؛ كالعيادات، والمستشفيات. - مشاهد قلة المروءة في الطرق العامة تجاههم (تعسر مروره للطريق - ظهور علامات الإعياء على بعضهم والناس يمرون من حولهم دون أدنى مبالاة - تعطل سيارة المسن مع محاولاته ومعانته وعدم المبالاة من المارة). ثانيًا: الجانب الأسري: - تسفيه آرائهم بين أفراد الأسرة. - السماح بتطاول الأطفال عليهم. - السخرية منهم، وتصويرهم بأنهم لا يشغلهم إلا الأمور التافهة (فيديو على النت في حصر انشغالهم بإطفاء الأنوار، وإغلاق الحنفيات..)، وغيرها بما لا يحصى! والتي تدل على جهل عظيم بدين الله، الذي عظَّم من قدر الكبير.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |