|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() ما استقلَّت به السنة النبوية في الأجير محمد عبدالعاطي محمد عطية الأولى: استئجار الرجل الصالح:وفيه مسائل: الرجل الصالح هو الجدير بالاستئجار والتوظيف؛ لأمانته وإتقانه وخوفه من ربه؛ قال الله عز وجل: ﴿ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴾ [القصص: 26]، وعَنْوَنَ له الإمام أبو عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري في صحيحه: "باب استئجار الرجل الصالح". وكذلك أوْرَدَ أبو داود في جامع سننه، وقد ذكر باب استئجار الرجل الصالح، ثم باب رعي الغنم على قراريطَ، وذكر فيه حديثًا بسنده إلى أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما بعث الله نبيًّا إلا رعى الغنم، فقال أصحابه: وأنت؟ فقال: نعم، كنت أرعاها على قراريطَ لأهل مكة))[1]. وعن أبي بردة قال: أخبرني جدي أبو بردة، عن أبيه أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الخازن الأمين الذي يؤدي ما أُمِرَ به، طيَّبةً نفسُه، أحدُ المتصدقين))[2]. هذا، وتنقسم إجارة الأشخاص إلى قسمين عند أهل العلم: القسم الأول: الأجير الخاص: وهو من يكون العقد واردًا على منافعه وأدواره، ولا تصير منافعه معلومة إلا بذكر المدة المعينة، بحيث تكون منافعه مستحَقَّة للمستأجر في تلك المدة. ويُسمِّيه بعض الفقهاء (أجير الواحد)؛ كالخادم، والموظف، وغيرهما. القسم الثاني: الأجير المشترك: وهو من يكون عقده واردًا على عمل معلوم ببيان محله، ويعمل للمؤجِّر ولغيره؛ كالنجار، والحدَّاد، والبنَّاء، والسبَّاك، والكهربائي، وغير ذلك من أصحاب الحِرَفِ. والفرق بين الأجير المشترك والخاص من وجوه: الأول: أن الأجير المشترك يشترك الناس في منفعته بخلاف الخاص؛ حيث يختص المستأجر بمنفعته مدة العقد دون سائر الناس. الثاني: أن العقد في الأجير المشترك وارد على العمل، فمنافعه ليست مستحقة للمستأجر وحده، بخلاف الخاص، فإن العقد وارد على المنفعة، فمنافعه مستحقة للمستأجر خلال مدة الإجارة. الثانية: استئجار الْمُشْرِك: التعريف: المشرك من أشرك بالله تعالى، والإشراك لغةً: مصدر أشْرَكَ؛ وهو اتخاذ الشريك، يُقال: أشرك بالله؛ أي: جعل له شريكًا في ملكه[3]. ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغوي. الدليل: عن عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها: ((واستأجر النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رجلًا من بني الدِّيلِ، ثم من بني عبد بن عدي، هادِيًا خِرِّيتًا – الخِرِّيتُ: الماهر بالهداية - قد غمَس يمينَ حِلْفٍ في آل العاص بن وائل، وهو على دين كفار قريش، فأمِناه، فدفعا إليه راحلتَيهما، وواعَدَاه غارَ ثَورٍ بعد ثلاث ليالٍ، فأتاهما براحلتيهما صبيحة ليال ثلاث، فارتحلا، وانطلق معهما عامر بن فهيرة، والدليل الدِّيلِيُّ، فأخذ بهم أسفلَ مكة، وهو طريق الساحل))[4]. قال ابن بطال في شرحه على ما بوَّب البخاري رضي الله عنه: باب: (هل يؤاجر المسلم نفسه من مشرك في أرض الحرب؟) وذكر فيه حديث خباب قال: ((كنت قَينًا - أي حدَّادًا - فعمِلتُ للعاص بن وائل، فاجتمع لي عنده، فأتيته أتقاضاه، فقال: لا، والله لا أقضيك حتى تكفُرَ بمحمد، فقلت: أما والله، حتى تموت ثم تُبعَث، فلا، قال: وإني لَميِّتٌ ثم مبعوث؟ قال: نعم...؛ الحديث))[5]. وقد اختار بعض أهل العلم - ومنهم البخاري رحمه الله في صحيحه - أنه لا يجوز استئجار الكافر إلا في حال الضرورة. فقد ترجم البخاري في صحيحه بقوله: (باب استئجار المشركين عند الضرورة، أو إذا لم يوجد أهل الإسلام، وعامل النبي صلى الله عليه وسلم يهود خيبر)[6]؛ قال الحافظ ابن حجر في (الفتح): "هذه الترجمة مُشعِرة بأن المصنِّف يرى بامتناع استئجار المشرك حربيًّا كان أو ذِمِّيًّا، إلا عند الاحتياج إلى ذلك؛ كتعذر وجود مسلم يكفي في ذلك، وقد روى عبدالرزاق، عن ابن جريج، عن ابن شهاب، قال: ((لم يكن للنبي صلى الله عليه وسلم عمال يعملون بها نخل خيبر، وزرعها، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم يهودَ خيبر، فدفعها إليهم...؛ الحديث)). وفي قصة استشهاده بقصة معاملة النبي صلى الله عليه وسلم يهودَ خيبر على أن يزرعوها، وباستئجاره الدليل المشرك لما هاجر نظرٌ؛ لأنه ليس فيها تصريح بالمقصود من منع استئجارهم، وكأنه أخذ ذلك من هذين الحديثين مضمومًا إلى قوله صلى الله عليه وسلم: ((إنا لا نستعين بمشرك))؛ [أخرجه مسلم، وأصحاب السنن]، فأراد الجمع بين الأخبار بما ترجم به"[7]. لكن منهم من قال: إسلام العاقد في الإجارة ليس بشرط، فتجوز الإجارة والاستئجار من المسلم والذمي، والحربي والمستأمن، والله أعلم. وقد اختلف الفقهاء في استئجار الكافر في أعمال الصناعة؛ كالخياطة والبناء، وغيرهما مما ليس عبادة مقصودة في نفسه، إلى قولين: القول الأول: ذهب عامة الفقهاء إلى القول بالجواز. قال ابن بطال: "استئجار المشركين عند الضرورة وغيرها جائز حسن؛ لأن ذلك ذِلَّةٌ وصَغارٌ لهم... وعامة الفقهاء يُجيزون استئجارهم عند الضرورة وغيرها"[8]. وقال الكاساني[9] في (بدائع الصنائع): "وإسلامه ليس بشرط أصلًا، فتجوز الإجارة والاستئجار من المسلم والذمي، والحربي والمستأمن؛ لأن هذا من عقود المعاوضات، فيملكه المسلم والكافر جميعًا كالبياعات"[10]. وقال في الفواكه الدواني: "ولا يشترط إسلام العاقد"[11]. وقال الماوردي: "ما تصح فيه الإجارة، ولا خيار للمستأجر فيه، وهو أعمال الصناعات التي ليس فيها طاعة مقصودة؛ كبناء دار، أو عمارة أرض، أو رعي ماشية؛ لأن هذه أعمال يستوي فيها المسلم والكافر"[12]. دليل الجمهور على الجواز: ما رواه البخاري من طريق معمر، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((واستأجر النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رجلًا من بني الدِّيلِ، ثم من بني عبد بن عدي، هادِيًا خِرِّيتًا – الخِرِّيتُ: الماهر بالهداية - قد غمَس يمينَ حِلْفٍ في آل العاص بن وائل، وهو على دين كفار قريش، فأمِناه، فدفعا إليه راحلتَيهما، وواعَدَاه غارَ ثَورٍ بعد ثلاث ليالٍ، فأتاهما براحلتيهما صبيحة ليال ثلاث، فارتحلا، وانطلق معهما عامر بن فهيرة، والدليل الدِّيلِيُّ، فأخذ بهم أسفلَ مكة، وهو طريق الساحل))[13]. وجه الاستدلال: قال ابن حجر: "وفي الحديث استئجار المسلم الكافر على هداية الطريق إذا أمِن إليه"[14]. القول الثاني: اختار بعض أهل العلم - ومنهم الإمام البخاري في صحيحه - أنه لا يجوز استئجار الكافر إلا في حال الضرورة. فقد ترجم البخاري في صحيحه بقوله: (باب استئجار المشركين عند الضرورة، أو إذا لم يوجد أهل الإسلام، وعامل النبي صلى الله عليه وسلم يهود خيبر). قال الحافظ ابن حجر في (الفتح): "هذه الترجمة مُشعِرة بأن المصنِّف يرى بامتناع استئجار المشرك حربيًّا كان أو ذِمِّيًّا، إلا عند الاحتياج إلى ذلك؛ كتعذر وجود مسلم يكفي في ذلك، وقد روى عبدالرزاق، عن ابن جريج، عن ابن شهاب، قال: ((لم يكن للنبي صلى الله عليه وسلم عمال يعملون بها نخل خيبر، وزرعها، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم يهودَ خيبر، فدفعها إليهم...؛ الحديث)). وفي قصة استشهاده بقصة معاملة النبي صلى الله عليه وسلم يهودَ خيبر على أن يزرعوها، وباستئجاره الدليل المشرك لما هاجر نظرٌ؛ لأنه ليس فيها تصريح بالمقصود من منع استئجارهم، وكأنه أخذ ذلك من هذين الحديثين مضمومًا إلى قوله صلى الله عليه وسلم: ((إنا لا نستعين بمشرك))؛ [أخرجه مسلم، وأصحاب السنن]، فأراد الجمع بين الأخبار بما ترجم به"[15]. ويرد الجمهور حديثَ: ((إنا لا نستعين بمشرك))، قيل: في سياق الاستعانة بالكافر على الكفار، في باب من أبواب الجهاد الذي هو ذِروة سَنامِ الإسلام، فهو يختلف عن موضوعنا؛ وهو استئجار الكفار على أمور البناء والخياطة والصناعات، وقد استعان الرسول صلى الله عليه وسلم بالنجاشي في هجرة أصحابه إلى الحبشة، واستعان الرسول صلى الله عليه وسلم بعبدالله بن أُرَيقط دليلًا له في هجرته إلى المدينة، واستعان النبي صلى الله عليه وسلم بالْمُطْعِمِ بن عَدِيٍّ في إجارته له حين رجع من الطائف إلى مكة. الراجح من الخلاف: الراجح أن إسلام العاقد في الإجارة ليس بشرط، فتجوز الإجارة والاستئجار من المسلم والذمي، والحربي والمستأمن، والله أعلم. الثالثة: الأجير في الغزو: قال ابن بطال: "استئجار الأجير للخدمة وكفاية مؤنة العمل في الغزو وغيره سواء"؛ ا. ه[16]. وترجم الإمام البخاري في صحيحه: "باب الأجير في الغزو". عن يعلى بن أمية رضي الله عنه قال: ((غزوتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم جيشَ العسرة، فكان من أوثق أعمالي في نفسي، فكان لي أجيرٌ، فقاتل إنسانًا، فعضَّ أحدهما إصبعَ صاحبه، فانتزع إصبعه، فأنْدَرَ ثَنِيَّته، فسقطت، فانطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأهدر ثنيته، وقال: أفَيَدَع إصبعَه في فيك تقضَمها، قال: أحسبه قال: كما يَقضَمُ الفحلُ)). ووجه الدلالة: هي القول: (فكان لي أجير فقاتل)، وفيه دلالة على جواز الإجارة في الغزو، وكان ذلك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم ينكره، فدلَّ على جوازه وإقراره. وجاء في مجلة مجمع الفقه الإسلامي تعقيبًا لِما ترجم البخاري: "باب الأجير في الغزو"، وباب: "إذا استأجر أجيرًا فبيَّن له الأجَل، ولم يُبيِّن العمل، واستدل في ذلك بقوله تعالى: ﴿ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ ﴾ [القصص: 27] إلى قوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ ﴾ [القصص: 28]؛ حيث مال البخاري إلى جواز ذلك؛ قال الحافظ ابن حجر: "ووجه الدلالة منه أنه لم يقع في سياق القصة المذكورة بيان العمل، وإنما فيه أن موسى أجر نفسه من والد المرأتين"، ثم قال: "قال المهلب: ليس في الآية دليل على جهالة العمل في الإجارة؛ لأن ذلك كان معلومًا بينهم، وإنما حذف ذكره للعلم به، وتعقَّبه ابن المنير بأن البخاري لم يرد جوازًا أن يكون العمل مجهولًا، وإنما أراد أن التنصيص على العمل باللفظ ليس مشروطًا، وأن المتبع المقاصد، لا الألفاظ"[17]. وعن عبدالله بن الديلمي أن يعلى بن منية، قال: ((أذِنَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغزو وأنا شيخ كبير، ليس لي خادم، فالتمست أجيرًا يكفيني، وأُجري له سهمه، فوجدت رجلًا، فلما دنا الرحيل أتاني، فقال: ما أدري ما السهمان، وما يبلغ سهمي؟ فسمِّ لي شيئًا، كان السهم أو لم يكن، فسمَّيت له ثلاثة دنانير. فلما حضرت غنيمته أردت أن أُجري له سهمه، فذكرت الدنانير، فجئت النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فذكرت له أمره، فقال: ما أجد له في غزوته هذه في الدنيا والآخرة، إلا دنانيره التي سمَّى))[18]. قال مالك في الأجير في الغزو: "إنه إن كان شهِد القتالَ وكان مع الناس عند القتال، وكان حرًّا، فله سهمه، وإن لم يفعل ذلك، فلا سهم له، وأرى ألَّا يُقسَم إلا لمن شهِد القتالَ من الأحرار"[19]. اختلف العلماء في الأجير والتاجر؛ فقول مالكٍ في الأجير ما ذكره في موطئه، وذكر في غير الموطأ: لا يُسهَم للتاجر ولا للأجير إلا أن يقاتلوا، وقال الحسن بن حي: يُسهَم للأجير، وقال الليث بن سعد: من أسلم فخرج إلى العسكر، فإن قاتل فله سهمه، وإن لم يقاتل فلا سهم له، قال: والأجير إذا اشتغل بالخدمة عن حضور القتال، فلا شيء له، وقال أبو حنيفة وأصحابه في التاجر والأجير: إن قاتلوا استحقوا، وإن لم يقاتلوا فلا شيء لهم، وهذا كقول مالك سواء، وروى الثوري عن أشعث عن الحسن وابن سيرين قالا: يُسهَم للأجير، قال الثوري: إذا قاتل الأجير أُسْهِم له، ورُفع عمن استأجره بقدر ما شغل عنه، وقال الأوزاعي وإسحاق: لا يُسهَم للعبد ولا الأجير المستأجر على خدمة القوم، ذكر المزني عن الشافعي قال: ولو كان لرجلٍ أجيرٌ يريد الجهاد معه، فقد قيل: يُسهَم له، وقد قيل: لا يُسهَم له، إلا أن يكون قتال، فيقاتل، كذلك التجار إن قاتلوا، قيل: لا يُسهَم لهم، وقيل: يُسهَم لهم[20]. الرابعة: تأجير الرجل نفسه: تأجير الرجل نفسه لأي عمل لا يتنافى مع دينه أمر لا خلاف عليه، فالواجب أن يعمل المسلم ويأكل من عمل يده، ولأن الإنسان المسلم مُطالَب باستيفاء شروط الخلافة في الأرض، والسعي في مناكبها؛ عبادةً لله، وإعمارًا للأرض، واستفادة مما فيها من ثروات وخيرات لا يصل إليها إلا بالعمل والعمل الجاد؛ لذلك كانت مطالبة الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتقن الإنسان عمله: ((إن الله يحب إذا عمِل أحدكم عملًا أن يُتقنه))[21]. الدليل: عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: ((خرجت في يوم شاتٍ من بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أخذت إهابًا معطونًا جوَّبت وسطه، فأدخلته عنقي، وشددت وسطي، فحزمتُه بخُوصِ النخل، وإني لَشديدُ الجوع، ولو كان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم طعام، لَطعِمتُ منه، فخرجت ألتمس شيئًا، فمررت بيهودي في مال له، وهو يسقي ببَكَرَةٍ له، فاطَّلعت عليه من ثُلمة في الحائط، فقال: ما لك يا أعرابي؟ هل لك في كل دلوٍ بتمرة؟ قلت: نعم، فافتح الباب حتى أدخل، ففتح فدخلت، فأعطاني دلوه، فكلما نزعت دلوًا، أعطاني تمرةً، حتى إذا امتلأت كفِّي، أرسلت دلوه، وقلت: حسبي، فأكلتها، ثم جرعت من الماء فشرِبت، ثم جئت المسجد، فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه))[22]. وفي البخاري: باب: "هل يؤاجر الرجل نفسه". قال البخاري رحمه الله: حدثنا عمر بن حفص، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش عن مسلم عن مسروق، حدثنا خباب، قال: ((كنت رجلًا قَينًا، فعمِلتُ للعاص بن وائل، فاجتمع لي عنده، فأتيتُه أتقاضاه، فقال: لا والله لا أقضيك حتى تكفُرَ بمحمدٍ، فقلت: أمَا والله حتى تموت ثم تُبعَث، فلا، قال: وإني لَميِّتٌ ثم مبعوث؟ قلت: نعم، قال: فإنه سيكون لي ثَمَّ مال وولد، فأقضيك؛ فأنزل الله تعالى: ﴿ أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا ﴾ [مريم: 77]))[23]. قال الكاساني: "إسلام العاقد في الإجارة ليس بشرط أصلًا، فتجوز الإجارة والاستئجار من المسلم والذمي، والحربي والمستأمن؛ لأن هذا من عقد المعاوضات، فيملكه المسلم والكافر جميعًا كالبياعات"[24]. أما استئجار الذمي للمسلم، فإن كان في عمل معين في الذمة؛ كخياطة ثوب وقصارته، جاز؛ قال ابن قدامة: "بغير خلاف نعلمه، لأن عليًّا رضي الله عنه أجر نفسه من يهودي يسقي له كل دلو بتمرة، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فلم ينكره"[25]. أما إجارته لخدمته؛ فقد نصَّ أحمد في رواية الأثرم: أنه لا يجوز؛ لأنه عقد يتضمن حبس المسلم عند الكافر، وإذلاله له واستخدامه[26]. [1] صحيح البخاري، كتاب الإجارة، باب: رعي الغنم على قراريط (ج3/ 88)، رقم الحديث: (2262). [2] صحيح مسلم، كتاب الزكاة، باب: أجر الخازن الأمين والمرأة إذا تصدقت من بيت زوجها (ج3/ 90)، رقم الحديث: (1023). [3] لسان العرب لابن منظور، والمصباح المنير. [4] صحيح البخاري مع الفتح: (2144): هذه الترجمة مشعرة بأن المصنف يرى بامتناع استئجار المشرك حربيًّا كان أو ذمِّيًّا، إلا عند الحاجة، كتعذر وجود المسلم. [5] المعاملات المالية أصالة ومعاصرة: (9/ 339). [6] صحيح البخاري، باب استئجار المشركين عند الضرورة (2/ 790). [7] فتح الباري لابن حجر العسقلاني (4/ 442). [8] شرح ابن بطال (6/ 387). [9] هو علاء الدين أبو بكر بن مسعود الكاساني الحنفي، الملقَّب بملك العلماء، صاحب كتاب بدائع الصنائع، المتوفى 587ه. [10] بدائع الصنائع للكاساني (4/ 176). [11] انظر: تفسير القرطبي (8/ 145). [12] الحاوي الكبير للماوِردي (7/ 423). [13] صحيح البخاري، كتاب الإجارة، باب: استئجار المشركين عند الضرورة (ج3/ 88)، رقم: (2263). [14] فتح الباري لابن حجر العسقلاني (4/ 442). [15] فتح الباري لابن حجر العسقلاني (4/ 442). [16] المصدر السابق (4/ 444). [17] مجلة مجمع الفقه الإسلامي (12/ 294). [18] سنن أبي داود، كتاب الجهاد، باب: في الرجل يغزو بأجر الخدمة (ج3/ 28)، رقم: (2527)، وأخرجه بنحوه أحمد (17957)، والطبراني في "الكبير" (18/ 146). [19] موطأ مالك بن أنس (3/ 640). [20] الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار (5/ 41). [21] الجامع الصغير للسيوطي، ج 1، ص 177. [22] سنن الترمذي، باب: حفظ القيامة والرقائق والورع عن رسول الله (4/ 94)، رقم: (2446). [23] صحيح البخاري، كتاب البيوع، باب: ذكر القين والحداد (3/ 60)، رقم الحديث: (2091). [24] بدائع الصنائع للكاساني (4/ 176). [25] أخرجه ابن ماجه، كتاب الرهون، باب: الرجل يستقي كل دلو بتمرة (ج4/ 94)، رقم: (2446)، وضعَّف إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (2/ 53). [26] المغني لابن قدامة (5/ 554).
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |