|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() حكم إجابة دعوة المبتدع والكافر السؤال قوله: (إذا دعا أحدكم أخاه) ما المقصود بالأخوة هنا؟ وهل تجاب دعوة المبتدع؟ ومن دعي إلى وليمة كافر وهو قريب له أو زميل وفي الوليمة أشياء فيها شرك فهل يأتيها أم يتركها؟ الجواب إذا كان فيها محظور شرعي فلا يأتها سواء كانت لمسلم أو لكافر، فالشيء الذي فيه محظور لا يجوز له أن يحضره ولا يجلس مع أهله، ولكن الكلام فيما إذا كان سليماً. والأخوة هنا هي الأخوة في الإسلام، وإذا كان الداعي مبتدعاً وكان في إجابته فائدة من ناحية استمالته، وكونها سبباً في هدايته؛ فلا بأس بحضور وليمته، وإن كان لا يترتب على ذلك فائدة فالأولى له ألا يذهب. استحباب الوليمة عند النكاح شرح حديث (ما رأيت رسول الله أولم على أحد من نسائه ما أولم عليها) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في استحباب الوليمة عند النكاح. حدثنا مسدد وقتيبة بن سعيد قالا: حدثنا حماد عن ثابت قال: (ذكر تزويج زينب بنت جحش رضي الله عنها عند أنس بن مالك رضي الله عنه فقال: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أولم على أحد من نسائه ما أولم عليها، أولم بشاة) ] . يقول المصنف رحمه الله: [باب في استحباب الوليمة عند النكاح] أي: أن وضع وليمة بمناسبة النكاح لإظهار الفرح والسرور، وشكر الله عز وجل على هذه النعمة والفضل الذي هو حصول الزواج من الأمور المستحبة. أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: [(ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أولم على أحد من نسائه ما أولم على زينب، أولم بشاة)] ، وزينب بنت جحش رضي الله تعالى عنها أولم عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة لكونها حصل تزويجها من الله عز وجل، حيث زوجه إياها من فوق سبع سماوات، وهذا شيء تميزت به عن غيرها، وكانت تفتخر به رضي الله عنها، فتكون هذه الوليمة شكراً لله عز وجل على هذا الزواج، أو أنه حصل اتفاقاً؛ لأنه كان متيسراً في ذلك الوقت فأولم بشاة. فالوليمة مستحبة والرسول صلى الله عليه وسلم أولم باللحم وبغير اللحم كما سيأتي، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لـ عبد الرحمن بن عوف: (أولم ولو بشاة) وهذا الأمر للاستحباب، وليس بواجب على المتزوج أن يعمل وليمة. تراجم رجال إسناد حديث (ما رأيت رسول الله أولم على أحد من نسائه ما أولم عليها أولم بشاة) قوله: [حدثنا مسدد] . مسدد مر ذكره. [وقتيبة بن سعيد] . هو قتيبة بن سعيد بن جميل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا حماد] . هو حماد بن زيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن ثابت] . هو ثابت بن أسلم البناني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ذكر تزويج زينب بنت جحش عند أنس بن مالك] . أنس بن مالك رضي الله عنه هو راوي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو خادمه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا من الأسانيد الرباعية عند أبي داود، وقتيبة بن سعيد ومسدد شيخا أبي داود فلا يقال: إنه خماسي؛ وذلك لأنهما في طبقة واحدة، ووجودهما كوجود الشخص الواحد من حيث الرتبة ومن حيث الدرجة. شرح حديث (أن النبي أولم على صفية بسويق وتمر) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا حامد بن يحيى حدثنا سفيان حدثنا وائل بن داود عن ابنه بكر بن وائل عن الزهري عن أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أو لم على صفية رضي الله عنها بسويق وتمر) ] . أورد المصنف رحمه الله حديث أنس رضي الله عنه [(أن النبي صلى الله عليه وسلم أو لم على صفية بسويق وتمر)] ، وجاء: (أنه أو لم بحيس) فيمكن أن يكونا مجتمعين ولم يولم بلحم، وإنما أو لم بسويق، وكذلك جاء أنه حيس مخلوط بسويق وتمر، وهذا فيه أن الوليمة لا يلزم فيها اللحم، بل يمكن أن تكون بغير لحم على حسب ما يتيسر للإنسان. تراجم رجال إسناد حديث (أن النبي أولم على صفية بسويق وتمر) قوله: [حدثنا حامد بن يحيى] . حامد بن يحيى ثقة، أخرج له أبو داود. [حدثنا سفيان] . هو سفيان بن عيينة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا وائل بن داود] . وائل بن داود ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن. [عن ابنه بكر بن وائل] . بكر بن وائل صدوق، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. وهذا من رواية الأكابر عن الأصاغر، ومنه رواية الآباء عن الأبناء، والمشايخ عن التلاميذ، وهو على خلاف الأصل، والأصل أن الأبناء يأخذون عن الآباء، والتلاميذ يأخذون عن المشايخ، وقد يوجد العكس بأن يكون الشيخ يأخذ عن تلميذه والأب عن ابنه، فيكون من قبيل النوع المعروف عند المحدثين: رواية الأكابر عن الأصاغر، وفائدة معرفته ألا يظن القلب في الإسناد؛ لأن الأصل أن الابن هو الذي يروي عن الأب، والتلميذ هو الذي يروي عن الشيخ. [عن الزهري عن أنس] . الزهري وأنس قد مر ذكرهما. حكم تكرار الوليمة شرح حديث (الوليمة أول يوم حق والثاني معروف واليوم الثالث سمعة ورياءَ) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في كم تستحب الوليمة. حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عفان بن مسلم حدثنا همام حدثنا قتادة عن الحسن عن عبد الله بن عثمان الثقفي عن رجل أعور من ثقيف، كان يقال له معروفاً -أي: يثنى عليه خيراً- إن لم يكن اسمه زهير بن عثمان رضي الله عنه فلا أدري ما اسمه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (الوليمة أول يوم حق، والثاني معروف، واليوم الثالث سمعة ورياء) قال قتادة: وحدثني رجل: أن سعيد بن المسيب دعي أول يوم فأجاب، ودعي اليوم الثاني فأجاب، ودعي اليوم الثالث فلم يجب، وقال: أهل سمعة ورياء] . يقول المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في كم تستحب الوليمة] . يعني: أنها تكون مرة أو أكثر من مرة، والمعروف أنها تكون مرة واحدة، وهل تكون أكثر من ذلك؟ جاء في بعض الأحاديث ما يدل على ذلك. وهذا الحديث الذي معنا فيه شخص لا يحتج به من حيث قبول روايته، والأصل في ولائم الزواج أن يكون فيها التيسير وفيها التخفيف، وألا يكون فيها التكلف، لاسيما مثل ما يحصل في هذا الزمان من كثرة الأطعمة والتكلف فيها، وكونه لا يستفاد منها، فالاقتصاد وعدم التكلف هو الذي ينبغي وهو الذي يليق، وأما تكرار الولائم في مناسبة الزواج، وكذلك فيما يتعلق بالتوسع في الوليمة حتى تزيد عن قدر الحاجة ثم لا يستفاد من ذلك؛ فهذه من الأمور التي لا ينبغي للناس أن يتعاطوها، بل عليهم أن يحذروها، والزواج يراد فيه التسهيل والتيسير، ومن التسهيل والتيسير عدم التكلف في الزواج، وعدم المغالاة في المهور. أورد أبو داود حديث رجل يحتمل أن يكون صحابياً ويحتمل أن يكون غير صحابي. قوله: [عن عبد الله بن عثمان الثقفي عن رجل أعور من ثقيف كان يقال له معروفاً - أي: يثنى عليه خيراً -، إن لم يكن اسمه زهير بن عثمان فلا أدري ما اسمه] . يعني: زهير بن عثمان قيل: إنه صحابي، فإن كان صحابياً فيكون الحديث متصلاً وإن كان غير صحابي فيكون زيادة في التوهين والتضعيف؛ لضعف رجل في أثناء الإسناد هو سببه، حتى وإن كان صحابياً فالضعف حاصل بذاك الضعيف. قوله: [(الوليمة أول يوم حق، والثاني معروف واليوم الثالث سمعة ورياء)] يعني: أنها في اليوم الأول لازمة، واليوم الثاني إحسان وفضل، واليوم الثالث أهلها أهل رياء وسمعة. تراجم رجال إسناد حديث (الوليمة أول يوم حق والثاني معروف واليوم الثالث سمعة ورياء) قوله: [حدثنا محمد بن المثنى] . هو محمد بن المثنى أبو موسى العنزي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة. [حدثنا عفان بن مسلم] . هو عفان بن مسلم الصفار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا همام] . همام بن يحيى العوذي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا قتادة] . هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن الحسن] . هو الحسن بن أبي الحسن البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عبد الله بن عثمان الثقفي] . عبد الله بن عثمان الثقفي مجهول، أخرج له أبو داود والنسائي. والضعف في هذا الشخص الذي هو عبد الله بن عثمان الثقفي، وهو يروي عن رجل من ثقيف، ويحتمل أن يكون هو زهير بن عثمان ويحتمل أن يكون صحابياً وأن يكون غيره، فإن كان صحابياً فلا إشكال، وإن كان غير صحابي فيكون فيه علتان. [إن لم يكن اسمه زهير بن عثمان] زهير بن عثمان صحابي، أخرج له أبو داود والنسائي، له حديث الوليمة. [قال قتادة: وحدثني رجل: أن سعيد بن المسيب دعي أول يوم فأجاب، ودعي اليوم الثاني فأجاب، ودعي اليوم الثالث فلم يجب وقال: أهل سمعة ورياء] . يعني: مثل ما جاء في هذا الحديث، اليوم الأول حق، والثاني معروف، والثالث سمعة ورياء. وسعيد بن المسيب ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة. أثر ابن المسيب أنه دعي اليوم الثالث فلم يجب وتراجم رجال إسناده قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا هشام عن قتادة عن سعيد بن المسيب بهذه القصة قال: فدعي اليوم الثالث فلم يجب وحصب الرسول] . أورد المصنف طريقاً عن سعيد بن المسيب فيه: أنه لم يجب في اليوم الثالث بل حصب الرسول ورماه بالحصباء. قوله: [حدثنا مسلم بن إبراهيم] . هو مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا هشام] . هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن قتادة عن سعيد بن المسيب] . قتادة وسعيد بن المسيب قد مر ذكرهما. وقد ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله في البلوغ أن هذا الحديث له شاهد عند الترمذي عن ابن مسعود، وقال: رجال إسناده رجال الصحيح، لكن لاشك أن عدم التكلف هو الذي ينبغي. الأسئلة حكم إقامة الوليمة مرة في دار الزوج ومرة في دار الزوجة السؤال هل تجوز الوليمة مرة في دار الزوج، ومرة في دار الزوجة؟ الجواب الذي ينبغي أن تكون مرة واحدة في أي مكان، في دار هذا أو في دار هذا. حكم إقامة الوليمة يوم العرس واليوم الرابع واليوم السابع السؤال في بلادنا تكون وليمة النكاح على ثلاث مراحل: يوم العرس واليوم الرابع واليوم السابع فما الحكم؟ الجواب الجواب كما سبق، الذي ينبغي أن تكون مرة واحدة، وأن يترك التكلف. حكم تكرار الوليمة مع اختلاف المدعوين لها السؤال إذا اختلف المدعوون بأن يعمل في اليوم الأول وليمة ثم يدعو أناساً، ويعمل في اليوم الثاني وليمة أخرى ويدعو أناساً آخرين غير الأولين، فهل هذا جائز؟ الجواب كونها تصير مرة واحدة ويجمع الذين يريد أن يدعوهم هو الذي ينبغي. حكم ذكر الرجل بما فيه من العاهة السؤال قوله في الحديث: (عن رجل أعور) هل فيه جواز ذكر الرجل بما فيه من العاهة؟ الجواب إذا كان للتعريف وليس للتعيير فلا بأس، مثل: الأعرج والأعمش. الإطعام عند القدوم من السفر شرح حديث (لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة نحر جزوراً أو بقرة) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الإطعام عند القدوم من السفر. حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن شعبة عن محارب بن دثار عن جابر رضي الله عنه قال: (لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة نحر جزوراً أو بقرة) ] . يقو المصنف رحمه الله تعالى: [باب: الإطعام عند القدوم من السفر] يعني: كون المرء يصنع طعاماً ويدعو الناس إليه عند القدوم من السفر جاءت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك لما جاء في هذا الحديث: (أنه لما قدم المدينة ذبح جزوراً أو بقرة) يعني: على الشك إما هذا وإما هذا، وهذا يدل على جواز مثل ذلك، وأن الإنسان إذا قدم من سفر له أن يذبح شيئاً شكراً لله عز وجل على كونه وصل سالماً، ومن أجل أن يلتقي بالناس ويحصل اللقاء بينه وبينهم ويأكلون من طعامه، ولكن لا يصح أن يتكلف الناس بحيث إنهم كلما حصل سفر فعلوا ذلك؛ لأنه ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يفعل ذلك في كل سفراته، وأنه كلما قدم من سفر فعل ذلك، ولكن هذا الفعل يدل على الجواز وعلى أن ذلك سائغ، لكن لا يقال: إنه مستحب ومن لم يفعل ذلك فقد ترك أمراً مستحباً. قوله: [عن جابر رضي الله عنه قال: (لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة نحر جزوراً أو بقرة) ] . لا أدري متى كان هذه القدوم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قدم المدينة مهاجراً، ثم بعد ذلك كان يخرج مجاهداً أو حاجاً أو معتمراً، ثم يقدم المدينة، وهذه المرة لا ندري هي في أي قدمة قدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم. تراجم رجال إسناد حديث (لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة نحر جزوراً أو بقرة) قوله: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة] . عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي. [حدثنا وكيع] . هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن شعبة] . هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن محارب بن دثار] . محارب بن دثار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن جابر] . هو جابر بن عبد الله وقد مر ذكره.
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() شرح سنن أبي داود (عبد المحسن العباد) كتاب الإمارة شرح سنن أبي داود [424] الحلقة (456) شرح سنن أبي داود [424] جاء شرعنا الحنيف بالحث على إكرام الضيف، بل جعل إكرام الضيف من علامات الإيمان بالله واليوم الآخر، فيجب إكرام الضيف ثلاثة أيام، وما سوى ذلك فإنه فضل؛ فعلى المرء المسلم أن يكون ممن يقوم بهذا العمل العظيم، فيكرم ضيفه ويحسن إليه. ما جاء في الضيافة شرح حديث (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في الضيافة. حدثنا القعنبي عن مالك عن سعيد المقبري عن أبي شريح الكعبي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته يومه وليلته، الضيافة ثلاثة أيام وما بعد ذلك فهو صدقة، ولا يحل له أن يثوي عنده حتى يحرجه) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة: [ باب ما جاء في الضيافة ]، والضيافة هي حق الضيف الذي ينزل بالإنسان ضيفاً عليه، فإن عليه له حقاً وهو أن يكرمه ويتحفه في أول ليلة، بأن يقدم له شيئاً يتحفه به، يعني: ليس مطابقاً لعادته التي كان قد اعتادها، وفي اليومين الباقيين يقدم له طعامه المعتاد من غير أن يتكلف له، وما بعد ذلك يكون صدقة وليس من قبيل الضيافة؛ لأن الضيافة ثلاثة أيام، وفي المرة الأولى يكون فيها شيء من الإتحاف، بأن يكون هناك شيء فيه إظهار الإكرام له، وفي اليومين الآخرين يأتي بما تيسر له كالمعتاد من غير أن يتكلف له، وبعد ذلك يكون صدقة، ولا يحل للإنسان الذي يأتي أن يثقل على من كان ضيفاً عنده بعد ثلاثة أيام؛ لأن ذكر الصدقة يدل على أنه لا ينبغي للإنسان الذي أغناه الله عن الصدقة أن يتعرض لها، ثم أيضاً كونه يبقى عنده في ذلك إحراج له ومشقة عليه، ولا يليق بالمسلم أن يفعل ذلك مع أخيه. أورد أبو داود حديث أبي شريح الكعبي الخزاعي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه) ]. إكرام الضيف من محاسن هذه الشريعة، ومن الأخلاق الكريمة الإحسان إلى الضيف وإكرامه، ولهذا جاء الحث على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: [ (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه) ] وهذا من باب الترغيب. وذكر اليوم الآخر مع الإيمان بالله فيه التنبيه إلى يوم الجزاء والحساب، وفي باب الترغيب يكون حثاً على العمل الصالح، وفي باب الترهيب يكون تحذيراً من العمل السيئ، وهذا حث على العمل الصالح؛ لأنه في باب الترغيب. قوله: (جائزته يومه وليلته) الجائزة هي الإتحاف الذي يتحفه به ويكرمه به ويتكلف له في ذلك اليوم وتلك الليلة، واليومان الباقيان يطعمه من أكله ومن طعامه المعتاد. قوله: (الضيافة ثلاثة أيام) يعني: ثلاثة أيام داخلة مع الأول. تراجم رجال إسناد حديث (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ...) قوله: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن سعيد المقبري ]. هو سعيد بن أبي سعيد المقبري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي شريح الكعبي ]. أبو شريح الكعبي رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. شرح أثر مالك في قوله (جائزته يوم وليلة) وترجمة رجال الإسناد [ قال أبو داود : قرئ على الحارث بن مسكين وأنا شاهد: أخبركم أشهب قال: وسئل مالك عن قول النبي صلى الله عليه وسلم: (جائزته يوم وليلة) قال: يكرمه ويتحفه ويحفظه يوماً وليلة، وثلاثة أيام ضيافة ]. أورد أبو داود الأثر عن مالك الذي فيه معنى الجائزة، وهو أنه يتحفه بشيء غير طعامه المعتاد، وبعد ذلك يقدم له طعامه المعتاد ويشاركه فيه الضيف في حدود ثلاثة أيام مع يوم الجائزة، ومن العلماء من قال: إن يوم الجائزة زائداً على الثلاثة الأيام، ولكن الذي يظهر أن الضيافة هي ثلاثة أيام، المرة الأولى فيها إتحاف، والمرتان الأخريان فيهما إحسان وإكرام، وليس فيهما تكلف، وإنما يضيفه بطعامه المعتاد. [ قال أبو داود : قرئ على الحارث بن مسكين وأنا شاهد ]. الحارث بن مسكين ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي . [ أخبركم أشهب ]. هو أشهب بن عبد العزيز ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي . [ قال: وسئل مالك عن قول النبي صلى الله عليه وسلم: (وجائزته يوم وليلة) ]. مالك تقدم ذكره. شرح حديث (الضيافة ثلاثة أيام فما سوى ذلك فهو صدقة) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل و محمد بن محبوب قالا: حدثنا حماد عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (الضيافة ثلاثة أيام، فما سوى ذلك فهو صدقة) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (الضيافة ثلاثة أيام، وما سوى ذلك فهو صدقة) ] وهذا مطابق لما تقدم، وفيه توضيح بأن الذي مر في الحديث السابق من ذكر الجائزة وذكر الضيافة أنه مجموع الثلاثة، وأن الجائزة داخلة في الثلاثة؛ لأنه قال: [ (الضيافة ثلاثة أيام، وما سوى ذلك فهو صدقة) ] يعني: ما زاد عن الثلاثة الأيام فهو صدقة. تراجم رجال إسناد حديث (الضيافة ثلاثة أيام فما سوى ذلك فهو صدقة) قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. هو موسى بن إسماعيل التبوذكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و محمد بن محبوب ]. محمد بن محبوب ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي . [ حدثنا حماد ]. هو حماد بن سلمة ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عاصم ]. هو عاصم بن أبي النجود بهدلة ، اسم أبيه بهدلة وكنيته أبو النجود وهو صدوق له أوهام، أخرج له أصحاب الكتب الستة، ورواية البخاري عنه مقرونة. [ عن أبي صالح ]. هو ذكوان السمان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة مر ذكره. شرح حديث (ليلة الضيف حق على كل مسلم فمن أصبح بفنائه فهو عليه دين ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد و خلف بن هشام قالا: حدثنا أبو عوانة عن منصور عن عامر عن أبي كريمة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ليلة الضيف حق على كل مسلم، فمن أصبح بفنائه فهو عليه دين، إن شاء اقتضى وإن شاء ترك) ]. أورد أبو داود حديث المقدام بن معد يكرب أبي كريمة رضي الله عنه قال: [ (ليلة الضيف حق على كل مسلم) ]. يعني: كل مسلم ينزل ببابه أو ينزل بفنائه ويستضيفه فهو حق عليه. قوله: (فمن أصبح بفنائه فهو عليه دين إن شاء اقتضى وإن شاء ترك). يعني: الضيف الذي أصبح بفناء إنسان وعند بابه ولم يكرمه فهو عليه دين، إن شاء سعى إلى تحصيل هذا الحق الذي له، وإن شاء ترك هذا الحق الذي له على مضيفه الذي نزل ببابه ولم يكرمه. تراجم رجال إسناد حديث (ليلة الضيف حق على كل مسلم فمن أصبح بفنائه فهو عليه دين ...) قوله: [ حدثنا مسدد و خلف بن هشام ]. مسدد مر ذكره، خلف بن هشام ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود . [ حدثنا أبو عوانة ]. هو الوضاح بن عبد الله اليشكري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن منصور ]. هو منصور بن المعتمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عامر ]. هو عامر بن شراحيل الشعبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي كريمة ]. هو المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه، وحديثه أخرجه البخاري وأصحاب السنن. شرح حديث (أيما رجل أضاف قوماً فأصبح الضيف محروماً فإن نصره حق على كل مسلم...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن شعبة حدثني أبو الجودي عن سعيد بن أبي المهاجر عن أبي المقدام أبي كريمة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أيما رجل أضاف قوماً فأصبح الضيف محروماً، فإن نصره حق على كل مسلم، حتى يأخذ بقرى ليلة من زرعه وماله) ]. أورد أبو داود حديث المقدام بن معد يكرب وهو يدل على ما دل عليه الذي قبله من ناحية أن عليه حقاً وأن هذا دين عليه، لكن فيه زيادة أنه ينصر حتى يأخذ الحق، ولكن في الإسناد من لا يحتج به، لكن كونه عليه حقاً هذا ثابت في الحديث الذي قبل هذا، وأن له أن يقتضي وله أن يترك، وأما مسألة النصر وأنه يعان فهذا ما جاء إلا من هذه الطريق التي فيها ضعف. قوله: [ (أيما رجل أضاف قوماً) ]. يعني: صار ضيفاً عندهم. قوله: [ (فأصبح الضيف محروماً) ]. يعني: لم يكرم. قوله: (فإن نصره حق على كل مسلم، حتى يأخذ بقرى ليلة من زرعه وماله) يعني: كل مسلم غير هذا الذي استضيف ينصرونه حتى يصل إلى أخذ قرى يوم وليلة من زرعه أو ماله. وهذا الذي يأخذ من مال غيره عندما لا يكرمه أحد هو المضطر، وكما هو معلوم أن المضطر له أحكام تخصه، فقد جاء في بعض الأحاديث: (أن من أتى حائطاً فله أن يأكل منه دون أن يتخذ خُبنة) يعني: أنه يأكل شيئاً لبطنه لا لمتاعه، بحيث لا يتزود منه بشيء. تراجم رجال إسناد حديث (أيما رجل أضاف قوماً فأصبح الضيف محروماً فإن نصره حق على كل مسلم ...) قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى ]. هو يحيى بن سعيد القطان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن شعبة ]. مر ذكره. [ حدثني أبو الجودي ]. هو الحارث بن عمير ثقة، أخرج له أبو داود . [ عن سعيد بن أبي المهاجر ]. سعيد بن أبي المهاجر مجهول، أخرج له أبو داود . [ عن المقدام أبي كريمة ]. قد مر ذكره. شرح حديث (إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: (قلنا: يا رسول الله! إنك تبعثنا فننزل بقوم فما يقروننا فما ترى؟ فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا، فإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم) ]. أورد أبو داود حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه وهو مثل الحديث الذي سبق أن مر: (ليلة الضيف حق على كل مسلم، فمن أصبح بفنائه فهو عليه دين، فإن شاء اقتضى وإن شاء ترك). قوله: [ (قلنا: يا رسول الله! إنك تبعثنا فننزل بقوم فما يقروننا فما ترى؟ فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا، فإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم) ]. يعني: إذا لم يضيفوكم فخذوا منهم حق الضيف الذي يستحقه، كل بحسبه ولا يكون هناك توسع. [ قال: أبو داود : وهذه حجة للرجل يأخذ الشيء إذا كان له حقاً ]. يعني: هذا من جنس ما مر في حديث هند زوجة أبي سفيان التي أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تأخذ من مال زوجها ما يكفيها وولدها بالمعروف. فـ أبو داود رحمه الله قد يذكر شيئاً من الفقه، وهذا قليل جداً من فعله وهذا منه. تراجم رجال إسناد حديث (إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا...) قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث ]. هو الليث بن سعد المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يزيد بن أبي حبيب ]. هو يزيد بن أبي حبيب المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي الخير ]. هو مرثد بن عبد الله اليزني المصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عقبة بن عامر ]. هو عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة. الأسئلة حكم مكث الضيف عند من ضافه بعد الثلاثة الأيام السؤال: إذا طلب صاحب البيت من الضيف أن يمكث عنده أكثر من ثلاثة أيام فهل للضيف أن يفعل؟ الجواب: لا بأس، إذا كان طلب منه وبادره بالطلب فله أن يفعل. حكم الضيافة ثلاثة أيام السؤال: ما حكم الضيافة ثلاثة أيام هل هي للوجوب أو للاستحباب؟ الجواب: هي على الوجوب، وهي حق للضيف فلا يطرد الضيف. حكم إكرام الضيف مع وجود الفنادق والمطاعم السؤال: الآن بعد وجود الفنادق والمطاعم، هل لا زال إكرام الضيف على الوجوب؟ الجواب: مع وجود الفنادق والمطاعم وكون الإنسان عنده ما يكفيه، لا شك أن الأولى للإنسان أن يعف نفسه وأن يستغني عن الناس، ولكن من كان محتاجاً إلى ذلك فالأمر لا يزال باقياً على الوجوب. يعني: الإنسان الذي ليس عند شيء وليس عنده قدرة فليس أمامه إلا كونه يستضيف غيره، ولكن من يقدر فالأولى له ألا يستضيف أحداً. حكم أخذ الضيف حقه دون علم من عليه الحق السؤال: هل للضيف أن يأخذ حقه غصباً ولو كان بالخلسة؟ الجواب: نعم، والأحاديث تدل عليه، ولكن كونه يطالبه ويأخذه بالعلانية هو الذي ينبغي، وأما كونه يأخذ من غير أن يدري فهذا من جنس الذي مر في ذاك الحديث الضعيف: (يأخذ من زرعه أو ماله ) ومن جنس اذن النبي عليه الصلاة والسلام لهند أن تأخذ الحق الذي لها من زوجها وهو لا يعلم. معنى حق الضيف الذي ينبغي لهم السؤال: جاء في الحديث: (إذا نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوه، فإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم) أيكون معناه الذي ينبغي لهم كما لو جاءوكم ضيوفاً؟ الجواب: يحتمل هذا، لكن ينبغي للإنسان أن يعامل الناس بمثل ما يحب أن يعاملوه به، والضيف له أن يأخذ ما يناسبه ولا يتجاوز الحد، فلا يأخذ ما يشاء، فإن هذا يصير عدواناً وظلماً، والمقصود أن يأخذ شيئاً لا ظلم فيه. حكم إجابة الدعوة إلى وليمة بمناسبة الوفاة السؤال: إذا دعيت إلى وليمة من أقارب الميت بعد وفاته بيوم أو يومين أو ثلاثة، هل أحضر وأُلبي الدعوة؟ الجواب: الولائم التي تتخذ بمناسبة الوفاة هي من الأمور المحدثة، وعلى الناس أن يتعاونوا على تركها والتخلص منها، وأن ينبه بعضهم بعضاً على عدم فعلها، ولا ينبغي حضور الدعوة التي بمناسبة الوفاة، لاسيما وبعض الناس يفعلون هذا من مال الميت، فيصنعون أطعمة ويعملون سرادقات في بعض البلاد عدة أيام، والناس يتجمعون ويأكلون، وتصير مناسبة الموت مناسبة يفرح بها بعض الأكلة الذين يحبون أن يأكلوا الطعام، فيجدونها فرصة، فهذه من الأمور المحدثة التي على الناس أن يتخلصوا منها وأن يبتعدوا عنها. حكم عدم إجابة الدعوة لغير وليمة العرس السؤال: دعاني زميلي للإفطار في بيته وقلت له: سأفطر في المسجد النبوي؛ لأن هذا أحب إلي، حيث أرى كثرة إفطار الصائمين في رمضان في المسجد، فأزداد إيماناً، فهل في امتناعي من استجابة دعوته شيء؟ الجواب: ليس هناك شيء أبداًَ؛ لأن هذه ليست دعوة وليمة عرس، وكونك ذكرت له سبب الامتناع فهذا شيء جيد. حقيقة السويق السؤال: ما هو السويق؟ الجواب: السويق هو طعام يصنع من الدقيق. معنى قوله (أن يثوي عنده حتى يحرجه) السؤال: ما معنى قوله: (أن يثوي عنده حتى يحرجه) ؟ الجواب: يعني: أن يقيم عنده حتى يضيق عليه ويثقل عليه. حكم إجابة دعوة وليمة العرس إن كان الداعي لها قريب صاحب العرس السؤال: معلوم أن إجابة وليمة العرس واجبة فإذا كان من دعا إليها هو قريب صاحب العرس وليس هو نفس الزوج فهل تجب الإجابة حينئذٍ ؟ الجواب: لا تجب إلا إذا كان مندوباً عن صاحب العرس، أما كونه يدعو إلى عرس غيره وإلى وليمة غيره، فليس هذا مما يلزم. لكن الأقارب لهم حق الدعوة، مثل الأخ يدعو إلى زواج أخيه، وليس بلازم أن تكون الدعوة من الزوج نفسه مباشرة. حكم إجابة من دُعُوا إلى وليمة بصورة جماعية دون تعيين السؤال: ما حكم إذا دعا صاحب الوليمة أشخاصاً غير معينين كأن يقول: أنا أدعو طلبة الفصل؟ الجواب: إذا دعا طلبة الفصل جميعهم فكل واحد منهم مدعو يجب عليه الحضور. وجه تقديم أبي داود كتاب الأشربة على كتاب الأطعمة السؤال: هذا توجيه لتقديم أبي داود رحمه الله كتاب الأشربة على كتاب الأطعمة، وهو أن تقديم الشراب على الطعام لما جرت به العادة من تقديمه للضيوف وعابر السبيل قبل الطعام فهل هذا صحيح؟ الجواب: إن ترتيب أبي داود فيه أشياء من حقها أن تؤخر فقدمت، وأشياء من حقها أن تقدم فأخرت. حكم من دعي إلى وليمة وهو صائم صيام تطوع السؤال: إذا كان الإنسان صائماً صيام تطوع ودعي إلى وليمة عرس فهل يفطر ويجيب الدعوة أو لا يجيب؟ الجواب: يجيب ويدعو، ولكنه إذا رأى من الشخص اهتماماً وحرصاً على أنه إن لم يأكل فسيكون في نفسه شيء فليفطر. جواز إقامة الوليمة في الليل والنهار السؤال: هل من باب مخالفة الكفار أن تكون الوليمة في النهار؟ الجواب: الليل والنهار كله مناسب، وليس للكفار شيء يتميزون به عن المسلمين، لا يقال: إن الكفار لهم الليل والمسلمين لهم النهار، بل إن المسلمين لهم الليل والنهار، وما دام أن هذا الشيء ليس من خصائص الكفار وليس فيه متابعة لهم، فيكون على حسب ما يتيسر سواء بالليل أو النهار، فقد يكون بعض الناس ما يناسبهم النهار؛ بسبب عدم وجود أماكن تقيهم حر الشمس، فيختارون الليل. إذاً: ليس من يفعل هذا يكون مشابهاً لهم، بل الليل والنهار هو للمسلمين، ولكن الشيء غير الطيب هو كون المسلمين يطيلون التأخر حتى يمضي قسم كبير من الليل بسبب هذه الدعوة. حكم من دعي إلى وليمتين في وقت واحد السؤال: إذا دعي الإنسان إلى وليمتين في وقت واحد فهل يقدم الذي دعاه أولاً أم يقدم الذي هو أكثر فضلاً في الدين؟ الجواب: الأول هو الأولى؛ لأنه سبق، ويعتذر للثاني ويقول: لقد سبق أن دعيت إلى وليمة زواج. الصارف للإجابة من الوجوب إلى الاستحباب في غير العرس السؤال: في الحديث: (إذا دعا أحدكم أخاه فليجب عرساً كان أو نحوه) فما هو الصارف من الوجوب إلى الاستحباب في غير العرس؟ الجواب: الذي جاء في الأحاديث المختلفة المتنوعة أن الإجابة الواجبة هي لوليمة العرس، وأما الدعوات الأخرى فالإنسان لو أجاب كل دعوة فقد لا يأكل مع أهله، وقد لا يحصل له ارتياح، فالأمر في غير وليمة العرس فيه سعة. حكم الدعاء الجماعي بعد الأكل السؤال: ما حكم الدعاء الجماعي بعد الأكل؟ الجواب: لا نعلم له أصلاً، وكل يدعو بنفسه، وكون الجالسين كلهم يدعون بصوت واحد هذا ما له أصل. حكم إجابة دعوة الكتابي في مناسبة زواجه السؤال: هل يجيب المسلم دعوة الكتابي بمناسبة زواجه؟ الجواب: لا يجيب، إلا إذا كان هناك مصلحة في دعوته للإسلام، فإذا كان يرى أن مثل هذا يكون سبباً في إسلامه فله ذلك، لكن بشرط ألا يكون في المكان شيء محظور. حكم إجابة دعوة من كل ماله من حرام السؤال: ما حكم إجابة دعوة المسلم الذي علمنا أن كل ماله حرام؟ الجواب: إذا كان معروفاً أن كل ماله حرام وأن دخله حرام فهذا لا يجاب، ولكن أهم شيء أن ينصح وتبذل له النصيحة حتى يسلم من الإثم. حقيقة قول الألباني إن من السنة أن الوليمة تصنع ثلاثة أيام السؤال: الشيخ الألباني رحمه الله ذكر في آداب الزفاف حديثاً في أن الوليمة تصنع ثلاثة أيام، وقال: إن هذا من السنة، فهل هذا صحيح؟ الجواب: لا أدري، لكن إذا صح في هذا شيء فلا بأس، أما إذا لم يصح فيقتصر على مرة واحدة، وحتى لو كان صحيحاً أنه يفعل ثلاث مرات فعدم التكلف هو الذي ينبغي، والرسول صلى الله عليه وسلم جاء عنه أنه أولم مرة واحدة، وجاء عنه شيء يدل على الجواز، لا على أنه يستحب للناس أن يفعلوا هذا الفعل؛ لأن المرة الواحدة فيها تكلف، فكيف بالزيادة على مرة؟! فلا يسلم بما ذكر حتى يوقف على حقيقة الشيء المذكور. وجه قول الألباني عن حديث أبي شريح الكعبي صحيح الإسناد مقطوع السؤال: الشيخ الألباني رحمه الله قال عن حديث أبي شريح الكعبي : صحيح الإسناد مقطوع فما وجهه؟ الجواب: لعله يقصد حديث سعيد بن المسيب، فهذا هو المقطوع، أما حديث أبي شريح فليس مقطوعاً، بل هو مسند مرفوع؛ لأن المقطوع هو الذي انتهى متنه إلى التابعي أو من دونه، وأما ما يضاف إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فلا يقال له: مقطوع، بل يقال له: مرفوع، وما يضاف إلى الصحابي يقال له: موقوف، هذا اصطلاح المحدثين. توجيه الآثار الواردة عن الصحابة وغيرهم في تكرار وتعداد الوليمة السؤال: قال صاحب عون المعبود: أخرج ابن أبي شيبة من طريق حفصة بنت سيرين قالت: لما تزوج أبي دعا الصحابة سبعة أيام، فلما كان يوم الأنصار دعا أبي بن كعب و زيد بن ثابت وغيرهما، فكان أبي صائماً، فلما طعموا دعا أبي )، وأخرجه عبد الرزاق وقال فيه: (ثمانية أيام). وقد ذهب إلى استحباب الدعوة إلى سبعة أيام المالكية كما حكى عنهم ذلك القاضي عياض . وقد أشار البخاري إلى ترجيح هذا المذهب فقال: باب إجابة الوليمة والدعوة لمن أولم سبعة أيام، ولم يوقت النبي صلى الله عليه وسلم يوماً ولا يومين. انتهى، كذا في النيل. قال الحافظ: فقد وجدنا لحديث زهير بن عثمان شواهد، فذكرها، ثم قال: وهذه الأحاديث وإن كان كل منها لا يخلو عن مقال فمجموعها يدل على أن الحديث له أصل. فما توجيه هذه الآثار؟ الجواب: إذا ثبت ذلك فإنه يدل على الجواز، لكن المطلوب في مثل هذه المناسبات عدم التكلف، وإذا ثبت شيء في ذلك فإنما يدل على الجواز فقط.
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() نسخ الضيف يأكل من مال غيره شرح أثر ابن عباس أن الناس تحرجوا من أن يأكلوا من مال غيرهم فنسخ ذلك التحرج قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب نسخ الضيف يأكل من مال غيره. حدثنا أحمد بن محمد المروزي حدثني علي بن الحسين بن واقد عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ [النساء:29]، فكان الرجل يحرج أن يأكل عند أحد من الناس بعد ما نزلت هذه الآية، فنسخ ذلك الآية التي في النور، قال: وَلا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ ... [النور:61]، إلى قوله: ... أَشْتَاتًا [النور:61]، كان الرجل -يعني: الغني- يدعو الرجل من أهله إلى الطعام، قال: إني لأجنح أن آكل منه، والتجنح: الحرج، ويقول: المسكين أحق به مني، فأحل في ذلك أن يأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وأحل طعام أهل الكتاب ]. يقول المصنف رحمه الله تعالى: [ باب نسخ الضيف يأكل من مال غيره ]، هذه الترجمة المقصود منها آية النساء: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ [النساء:29] لما نزلت هذه الآية تحرج الناس أن يأكلوا من أموال غيرهم إلا إذا كان هناك تجارة كما جاء في الاستثناء في هذه الآية، فيكون ذلك حلالاً، فكان الرجل يتحرج أن يأكل من مال غيره، ثم لما نزلت الآية التي في سورة النور: لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ [النور:61] .. الآية فرخص لهم أن يأكلوا، وأن ذلك الاستثناء الذي في قوله: إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً [النساء:29] لا يكون الأصل مقصوراً على ذلك، وإنما يكون سائغاً في تلك الوجوه التي جاءت في آية سورة النور، فيكون الضيف ممن أبيح له أن يأكل من مال غيره؛ لأن ذلك سائغ شرعاً كما في هذه الآية الكريمة، وجاء أيضاً في الأحاديث النبوية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الدلالة على الحث على إكرامه وعلى الإحسان إليه، فهذا هو المقصود من هذه الترجمة. ويقول صاحب عون المعبود: إن في بعض النسخ نسح الضيق. وهذا يعم مسألة الضيف؛ لأن الضيف يكون جزءاً من جزئيات ذلك المعنى، والتحرج إنما كان في الشيء الذي ليس بتجارة، ولكن الضيف هو واحد من جملة ما يدخل تحت ذلك المعنى العام، الذي أبيح أن يأكل الضيف وغير الضيف من مال غيره، ويكون ذلك في غير التجارة، وتكون آية النساء منسوخة أو جاء ما يدل على كون ذلك الأكل سائغاً كما في آية سورة النور. أورد أبو داود الأثر عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في ذلك، وأن الناس تحرجوا من أن يأكلوا من أموال غيرهم، وكان الرجل إذا دعاه رجل من أهل بيته وعنده سعة قال: أطعم مسكيناً أو المسكين أولى مني؛ فنزلت هذه الآية، ورخص لهم أن يأكلوا من كل شيء ذكر اسم الله عليه، وكذلك أيضاً أحل لهم طعام أهل الكتاب كما جاء ذلك في سورة المائدة. قوله: [ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ [النساء:29] فكان الرجل يحرج أن يأكل عند أحد من الناس بعد ما نزلت هذه الآية، فنسخ ذلك الآية التي في النور ]. يعني: نسخ ذلك التحرج الذي فهموه من هذه الآية، وحصل بسبب ما جاء في هذه الآية من أن الحل إنما يكون بالتجارة التي تكون عن تراض منهم، وأن ذلك هو الذي استثني وغيره يبقى على المنع، لكن جاءت آية سورة النور مبينة أنه لا حرج في ذلك، وأن للإنسان أن يأكل من مال غيره، إذا كان بطيب نفس منه، أو كان من أقاربه الذين يأكل في بيوتهم، فإن ذلك لا بأس به. قوله: [ فنسخ ذلك الآية في النور، قال: وَلا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ ... [النور:61] إلى قوله: (( أَشْتَاتًا )) ]. يعني: هذه الآية بينت أن الله أذن لهم أن يأكلوا من بيوتهم وبيوت آبائهم وأمهاتهم إلى آخر الآية، يعني: ذكر أحد عشر صنفاً من الناس، يقول عز وجل: لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا [النور:61]. قوله: [ كان الرجل -يعني: الغني- يدعو الرجل من أهله إلى الطعام، قال: إني لأجنح أن آكل منه، والتجنح: الحرج ويقول: المسكين أحق به مني ]. يعني: الذي عنده سعة إذا دعاه قريبه يكون في نفسه شيء، ويكون عنده حرج من أن يأكل، وأن الأولى منه بالأكل هو الفقير الذي يحتاج إلى الأكل. قوله: [ فأحل في ذلك أن يأكلوا مما ذكر اسم الله عليه، وأحل طعام أهل الكتاب ]. يعني: وأحل لهم أن يأكلوا من شيء ذكر اسم الله عليه ولا حرج عليهم في ذلك، وكذلك أحل لهم أن يأكلوا من طعام أهل الكتاب. تراجم رجال إسناد أثر ابن عباس أن الناس تحرجوا من أن يأكلوا من مال غيرهم فنسخ ذلك التحرج قوله: [ حدثنا أحمد بن محمد المروزي ]. هو أحمد بن محمد بن ثابت المروزي وهو ثقة، أخرج له أبو داود . [ حدثني علي بن الحسين بن واقد ]. علي بن الحسين بن واقد وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد و مسلم في المقدمة وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. أبوه ثقة له أوهام، أخرج حديثه البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن يزيد النحوي ]. هو يزيد بن أبي سعيد وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن. [ عن عكرمة ] هو عكرمة مولى ابن عباس وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. الفرق بين قوله باب نسخ الضيف وبين باب نسخ الضيق ومعناهما قال صاحب عون المعبود: جاء في بعض النسخ باب نسخ الضيق أي: نسخ حرمة الضيافة والمقصود من ذلك ما هو عام يشمل ما يكون فيه تحرج، ويشمل الضيف وغير الضيف، وأما على الترجمة التي معنا فهي خاصة بالضيف، ومعلوم أن الضيق هو مما يدخل تحت ذلك المعنى العام الذي هو التحرج من الأكل في غير تجارة، فإنه يشمل الضيف وغير الضيف، وتكون أعم، ولكن الذي يناسب المقام هو ما يتعلق بالضيف، لكن كلمة الضيق تشمل الضيف وغير الضيف، نعم كل من عنده تحرج، ولهذا جاء بعد ذلك في نفس التوضيح والتفسير والبيان أن الرجل يدعو الرجل من أهل بيته فيقول: الفقير أولى به مني، أو المسكين أولى به مني، فيكون أوسع من كلمة الضيف، وصاحب عون المعبود ذكر أربع نسخ: ثلاثاً فيها الضيف، وواحدة فيها الضيق. طعام المتباريين شرح حديث (نهى عن طعام المتباريين أن يؤكل) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في طعام المتباريين. حدثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء حدثنا أبي حدثنا جرير بن حازم عن الزبير بن خريت قال: سمعت عكرمة يقول: كان ابن عباس رضي الله عنهما يقول: (إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن طعام المتباريين أن يؤكل). قال أبو داود: أكثر من رواه عن جرير لا يذكر فيه ابن عباس، وهارون النحوي ذكر فيه ابن عباس أيضاً، و حماد بن زيد لم يذكر ابن عباس ]. قوله: [ باب في طعام المتباريين ] يعني: في حكمه هل يؤكل أو لا يؤكل؟ والمتباريان هما المتفاخران اللذان يتنافسان، وكل واحد منهما يريد أن يغلب الآخر، ويكون ذلك من قبيل الرياء والسمعة والمراءاة، فكان محظوراً من هذه الناحية، فجاءت السنة بالنهي عن أكل طعامهم؛ لأنه طعام مبني على المغالبة وعلى المنافسة، وليس هذا كرماً ولا إحساناً وإنما مباراة ومجاراة ومغالبة، هذا هو المقصود بالمتباريين. أورد أبو داود الحديث عن ابن عباس [ (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن طعام المتباريين أن يؤكل) ] يعني: نهى أن يؤكل، وذلك لكونه مبنياً على المغالبة وعلى المنافسة، وليس مبنياً على الإحسان والكرم. تراجم رجال إسناد حديث (نهى عن طعام المتباريين أن يؤكل) قوله: [ حدثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء ]. هارون بن زيد بن أبي الزرقاء هو صدوق، أخرج له أبو داود و النسائي . [ حدثنا أبي ]. أبوه ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي . [ حدثنا جرير بن حازم ]. جرير بن حازم وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزبير بن خريت ]. الزبير بن خريت ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . [ قال: سمعت عكرمة يقول: كان ابن عباس ]. عكرمة و ابن عباس قد مر ذكرهما. طريق أخرى لحديث (نهى عن طعام المتباريين أن يؤكل) وترجمة رجال الإسناد [ قال أبو داود : أكثر من رواه عن جرير لا يذكر فيه ابن عباس ]. يعني: أنه مرسل عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ وهارون النحوي ذكر فيه ابن عباس أيضاً ]. يعني: كما جاء في هذا الإسناد، عن زيد بن أبي الزرقاء فهارون النحوي أيضاً يذكر ابن عباس، فيكون الحديث متصلاً مرفوعاً وليس من قبيل المرسل، ولكن أشار أبو داود إلى أن أكثر الرواة رووه مرسلاً، ولكنه متصل بهذا الإسناد، ومتصل أيضاً من طريق هارون النحوي. [ وهارون النحوي ]. هو هارون بن موسى الأسدي النحوي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ وحماد بن زيد لم يذكر ابن عباس ]. حماد بن زيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو لم يذكر ابن عباس مع الذين لم يذكروه. إجابة الدعوة إذا حضرها مكروه شرح حديث (ليس لنبي أن يدخل بيتاً مزوقاً) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب إجابة الدعوة إذا حضرها مكروه. حدثنا موسى بن إسماعيل أخبرنا حماد عن سعيد بن جمهان عن سفينة أبي عبد الرحمن رضي الله عنه: (أن رجلاً أضاف علي بن أبي طالب رضي الله عنه وصنع له طعاماً فقالت فاطمة رضي الله عنها: لو دعونا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكل معنا، فدعوه، فجاء فوضع يده على عضادتي الباب فرأى القرام قد ضرب به في ناحية البيت فرجع، فقالت فاطمة لـ علي : الحقه فانظر ما رجعه، فتبعته فقلت: يا رسول الله! ما ردك؟ فقال: إنه ليس لي أو لنبي أن يدخل بيتاً مزوقاً) ]. قوله: [ باب إجابة الدعوة إذا حضرها مكروه ] يعني: إذا كان فيها شيء مكروه فإنها لا تجاب، اللهم إلا إذا كان الإنسان إذا حضر سيسعى وسيعمل على تغيير هذا المنكر وعلى التخلص منه، فإن هذا يكون وجيهاً ومناسباً، أما إذا كان سيحضر دون أن يكون له تأثير ودون أن يفيد شيئاً في ذلك، فإن عليه ألا يحضر، وإذا علم أنه سيكون هناك مكروه عادة فيقول: إذا كان هناك كذا فأنا لا أحضر، وإن حضر ووجد ذلك الأمر الذي لا يسوغ فإنه ينكر المنكر، وإن حصل من إنكاره إزالته فذاك، وإلا فينبغي له أن يغادر المكان مادام أنه لم يستجب لأمره ونهيه. أورد أبو داود حديث سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ (أن رجلاً أضاف علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، فصنع له طعاماً فقالت فاطمة : لو دعونا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكل معنا، فدعوه، فجاء فوضع يده على عضادتي الباب -أي: جانبي الباب- فرأى القرام قد ضرب به في ناحية البيت فرجع، فقالت فاطمة لعلي رضي الله تعالى عنهما: الحقه فانظر ما رجعه، فتبعته فقلت: يا رسول الله! ما ردك؟ فقال: إنه ليس لي أو لنبي أن يدخل بيتاً مزوقاً) ]. قيل: إن هذا القرام ستر به الجدار، وقيل: إن فيه زركشة وفيه تزويقاً، فالرسول صلى الله عليه وسلم رجع وقال: [ (إنه ليس لي أو لنبي أن يدخل بيتاً مزوقاً) ] فدل على أنه لا يصلح ولا يليق بالإنسان أن يستعمل مثل ذلك، ولاسيما ستر الجدران بالقماش أو بالسجاد أو ما إلى ذلك؛ لأن هذا لا حاجة إليه، وهو من الإسراف، ومن تضييع المال، ومن الشيء الذي فيه مفاخرة، فالجدران ينهى عن سترها. قوله: [ (أضاف) ] الذي يظهر منه أن علياً هو الذي طلب منه أن يكون ضيفاً أو أنه زوده بطعام ورجع به إلى بيته، ففاطمة رضي الله تعالى عنها طلبت منه أن يدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشاركهم في ذلك الطعام. تراجم رجال إسناد حديث (ليس لنبي أن يدخل بيتاً مزوقاً) قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. هو موسى بن إسماعيل التبوذكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا حماد ]. حماد بن سلمة ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ عن سعيد بن جمهان ]. سعيد بن جمهان وهو صدوق له أفراد، أخرج له أصحاب السنن. [ عن سفينة أبي عبد الرحمن ]. سفينة أبو عبد الرحمن مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. الأسئلة عدم اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بالامتناع عن دخول البيت المزوق السؤال: أليس قوله صلى الله عليه وسلم: (إنه ليس لي أو لنبي أن يدخل بيتاً مزوقاً) خاصاً بالنبي صلى الله عليه وسلم؟ الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إنه ليس لي أو لنبي ...) والله تعالى يقول: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21]، فهذا له صلى الله عليه وسلم ولأمته. معنى قوله (مزوقاً) السؤال: ما معنى قوله: (مزوقاً) ؟ الجواب: التزويق: الزركشة. حكم تزويق وتزيين الجدران بالزخارف التي من الجص السؤال: هل يدخل في النهي عن التزويق الزخارف التي من الجص؟ الجواب: لا شك أن ترك ذلك أولى، لكن لا يدخل فيه؛ لأنه شيء في الجدار وشيء تابع للجدار وليس كسوة للجدار. حكم إلصاق الأوراق ذوات الصور المشتملة على الأنهار والجبال والبحار بالجدران السؤال: هل يجوز أن توضع على الجدران أوراق فيها صور لأنهار أو جبال أو بحار فتلصق على الجدار بكامله؟ الجواب: إذا كانوا يضعون مثل هذه الأوراق على الجدران بدلاً عن التلييس، فهذا لا يعتبر من ستره، ثم أيضاً الورق ما له قيمة مثل السجاد ومثل القماش الفاخر الذي فيه مباهاة وفيه إسراف. حكم وضع الستائر على الأبواب والنوافذ السؤال: هل الستائر الموجودة الآن على الأبواب والنوافذ مثل القرام المنهي عنه؟ الجواب: لا، الستائر التي على الأبواب والتي على النوافذ ليست من هذا القبيل، بل هذه مناسبة والحاجة إليها داعية، من جهة أنها تستر إذا فتحت النوافذ، ومع ذلك يدخل الهواء ويدخل النور، وكذلك تحجب الرؤية، فليست مثل كسوة الجدران بالشيء المحظور؛ لأن ستر النوافذ والأبواب لها حاجة، بحيث لو فتح الباب يمنع الساتر من الرؤية، والنافذة كذلك. الأحق بالإجابة إذا اجتمع الداعيان شرح حديث ( إذا اجتمع الداعيان فأجب أقربهما باباً ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب إذا اجتمع داعيان أيهما أحق؟ حدثنا هناد بن السري عن عبد السلام بن حرب عن أبي خالد الدالاني عن أبي العلاء الأودي عن حميد بن عبد الرحمن الحميري عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا اجتمع الداعيان فأجب أقربهما باباً، فإن أقربهما باباً أقربهما جواراً، وإن سبق أحدهما فأجب الذي سبق) ]. يقول المصنف رحمه الله: باب إذا اجتمع داعيان أيهما أحق؟، يعني: إذا جاءا معاً وصارت دعوة كل منهما متوافقة ليس أحدهما متقدماً على الآخر، فإنه يكون التقديم لمن يكون أولى، ولمن يكون له ميزة على غيره، إما لقرابة أو لجوار أو لمنزلة متميزة في علم أو غيره، فيقدم أولاهما إذا كانا متساويين في الدعوة، ولم يكن أحدهما متقدماً على الآخر. وإن كان أحدهما متقدماً فالأولى إجابة من كان سابقاً إلى الدعوة، هذا هو مقتضى ما أورده أبو داود تحت هذه الترجمة، والحديث عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: [ (إذا اجتمع الداعيان فأجب أقربهما باباً، فإن أقربهما باباً أقربهما جواراً) ] ومعلوم أنه قد يكون هناك جار قريب وبابه قريب، وجار ملاصق ولكن بابه من الخلف، ولا يتصل به إلا بعد الدوران حتى يصل إلى الجهة الأخرى، فيكون الأولى المجاور الذي بابه قريباً من بابك بحيث يراك حين تدخل وتراه حين يدخل، ويكون الاتصال بينكما كثيراً، فهذا هو الذي له حق الأولوية، فإن كان أحدهما سابقاً في الدعوة فإنه يقدم السابق. تراجم رجال إسناد حديث ( إذا اجتمعا الداعيان فأجب أقربهما باباً ...) قوله: [ حدثنا هناد بن السري ]. هو هناد بن السري أبو السري ثقة، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عبد السلام بن حرب ]. عبد السلام بن حرب وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي خالد الدالاني ]. هو يزيد بن عبد الرحمن وهو صدوق يخطئ كثيراً، أخرج له أصحاب السنن. [ عن أبي العلاء الأودي ]. هو داود بن عبد الله ثقة، أخرج له أصحاب السنن. [ عن حميد بن عبد الرحمن الحميري ]. حميد بن عبد الرحمن الحميري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ]. هو غير معروف، والمجهول من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حكم المعلوم. والحديث ضعفه الشيخ الألباني ، ولعله من جهة أبي خالد الدالاني هذا، ولكن معناه صحيح، وما دل عليه صحيح، فإن الأقرب من حيث القرابة ومن حيث الجوار أولى من غيره إذا اتفقا، ولكن إن حصل السبق في الدعوة، فإن السابق الذي حصل له الوعد أولى من غيره. الأحق بالتقديم إذا حضرت الصلاة والعشاء شرح حديث (إذا وضع عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة فلا يقوم حتى يفرغ) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب إذا حضرت الصلاة والعشاء. حدثنا أحمد بن حنبل و مسدد المعنى قال أحمد : حدثني يحيى القطان عن عبيد الله حدثني نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إذا وضع عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة فلا يقوم حتى يفرغ) زاد مسدد : (وكان عبد الله إذا وضع عشاؤه أو حضر عشاؤه لم يقم حتى يفرغ، وإن سمع الإقامة، وإن سمع قراءة الإمام) ]. يقول المصنف رحمه الله: باب: إذا حضرت الصلاة والعشاء يعني: حضرت الصلاة وحضر العشاء الذي هو طعام آخر النهار ويؤكل في العشي. فإذا حضرت الصلاة وحضر العشاء، والنفس متعلقة بالعشاء، بحيث لو اشتغل بالصلاة صارت نفسه متعلقة به، فإنه يقدم العشاء وبعد ذلك يأتي بالصلاة، ومن العلماء من قال: ينظر إلى حالته، فإن كان شديد التعلق به وشديد الحاجة إليه، فإن العشاء يكون مقدماً؛ لأن دخوله في الصلاة وهو مشوش لا يجعله يتمكن من الإتيان بصلاته كما ينبغي، وإن كانت نفسه غير متعلقة بالعشاء، والأمر عنده سهل وهين، وسواء أكله الآن أو بعد الآن، فإنه يأتي بالصلاة ثم بعد ذلك يأتي بالعشاء، وهذا جمع بعض أهل العلم بين الأحاديث التي وردت بذلك، ومن أهل العلم من قال: إن العشاء إذا حضر فإنه يقدم على غيره, وتؤخر الصلاة، ولكن التفصيل الذي ذكره الخطابي يبدو أنه هو الأولى. تراجم رجال إسناد حديث (إذا وضع عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة فلا يقوم حتى يفرغ ) قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ]. هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام المحدث الفقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ و مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ المعنى قال أحمد : حدثني يحيى القطان ]. يحيى القطان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبيد الله ]. هو عبيد الله بن عمر العمري المصغر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني نافع ]. هو نافع مولى ابن عمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عمر ]. هو عبد الله بن عمر الصحابي الجليل، صحابي ابن صحابي، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. شرح حديث (لا تؤخر الصلاة لطعام ولا لغيره) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن حاتم بن بزيع حدثنا معلى -يعني ابن منصور - عن محمد بن ميمون عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تؤخر الصلاة لطعام ولا لغيره) ]. أورد أبو داود حديث جابر رضي الله عنه: [ (لا تؤخر الصلاة لطعام ولا غيره) ] يعني: أن الصلاة تقدم على غيرها، وغيرها يؤخر عنها، فالصلاة يؤتى بها في وقتها، ولا تؤخر بسبب الانشغال بغيرها، لكن إذا كانت النفس متعلقة بالصيام لشدة الجوع، بحث لو دخل في الصلاة لكان مشوشاً فيبدأ بالطعام، وإن لم يكن كذلك وليس هناك داع يدعو الإنسان إلى المبادرة إلى الأكل، ونفسه غير متعلقة بالأكل، فإن الصلاة تقدم على غيرها. تراجم رجال إسناد حديث (لا تؤخر الصلاة لطعام ولا لغيره) قوله: [ حدثنا محمد بن حاتم بن بزيع ] . محمد بن حاتم بن بزيع ثقة، أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ حدثنا معلى يعني ابن منصور ] . معلى بن منصور ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن ميمون ]. محمد بن ميمون وهو صدوق له أوهام، أخرج له أبو داود . [ عن جعفر بن محمد ]. هو جعفر بن محمد بن علي بن الحسين الصادق وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. هو محمد بن علي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جابر بن عبد الله ]. هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، وهو صحابي، أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. شرح أثر (إننا سمعنا أنه يبدأ بالعشاء قبل الصلاة فقال ابن عمر ويحك ما كان عشاؤهم ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا علي بن مسلم الطوسي حدثنا أبو بكر الحنفي حدثنا الضحاك بن عثمان عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: كنت مع أبي في زمان ابن الزبير إلى جنب عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فقال عباد بن عبد الله بن الزبير: إننا سمعنا أنه يبدأ بالعشاء قبل الصلاة، فقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: ويحك! ما كان عشاؤهم؟ أتراه كان مثل عشاء أبيك؟! ]. أورد أبو داود أثر عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه قال له عباد بن عبد الله بن الزبير : إننا سمعنا أنه يبدأ بالعشاء قبل الصلاة، فقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: ويحك! ما كان عشاؤهم؟ أتراه كان مثل عشاء أبيك؟ يعني: كان شيئاً قليلاً، وليس هناك أنواع وأصناف كثيرة، بحيث يأخذ له شيئاً من الوقت، وإنما هو شيء قليل، إما شرب شيء من اللبن، أو طعام قليل، فالاشتغال به لا يحتاج إلى وقت كبير. وقوله: [ ويحك ] هذه كلمة يخاطب بها الشخص المشفق عليه، بخلاف ويلك، فإنها تكون بخلاف ذلك. تراجم رجال إسناد أثر (إننا سمعنا أنه يبدأ بالعشاء قبل الصلاة فقال ابن عمر ويحك ما كان عشاؤهم ...) قوله: [ حدثنا علي بن مسلم الطوسي ]. علي بن مسلم الطوسي هو ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي . [ حدثنا أبو بكر الحنفي ]. هو عبد الكبير بن عبد المجيد وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا الضحاك بن عثمان ]. الضحاك بن عثمان وهو صدوق يهم، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن عبد الله بن عبيد بن عمير ]. عبد الله بن عبيد بن عمير وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عبد الله بن عمر ]. عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قد مر ذكره. الأسئلة وجه عدم ذكر الغداء مع العشاء في أحاديث باب إذا حضرت الصلاة والعشاء السؤال: هل يقاس الغداء على العشاء في هذا الحكم، فإن الألفاظ هنا جاءت دائماً في العشاء؟ الجواب: لا؛ لأن الغداء إنما يكون في أول النهار بعد صلاة الفجر، أو بعد طلوع الشمس، وليس في وقت صلاة، ولكن جاء ذكر العشاء؛ لأنه هو الذي يكون في آخر النهار، ويكون قريباً من وقت صلاة المغرب."
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
![]() شرح سنن أبي داود (عبد المحسن العباد) كتاب الإمارة شرح سنن أبي داود [425] الحلقة (457) شرح سنن أبي داود [425] من أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم العظيمة أنه كان يجيب الدعوة إلى الطعام وإن كان شيئاً يسيراً، ويأكل ما قدم إليه، كما أنه عليه الصلاة والسلام لم يعب أو يذم طعاماً قط، وإنما كان إذا اشتهاه أكله، وإن كرهه تركه، فعلى كل مسلم أن يقتدي بنبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الأخلاق العظيمة الجليلة. حكم غسل اليدين عند الطعام شرح حديث : (إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في غسل اليدين عند الطعام. حدثنا مسدد حدثنا إسماعيل حدثنا أيوب عن عبد الله بن أبي مليكة عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج من الخلاء فقدم إليه طعام، فقالوا: ألا نأتيك بوضوء؟ فقال: إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة) ]. يقول المصنف رحمه الله: [ باب في غسل اليدين عند الطعام ]. غسل اليدين عند الطعام يستحب إن كان هناك أمر يقتضيه ويدعو إليه؛ بأن يكون فيهما وسخ، أو فيهما شيء يحتاج إلى تنظيف، وأما إذا لم يكن هناك أمر يدعو إليه، فإنه لا حاجة إليه. أورد أبو داود حديث ابن عباس :[ (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من الخلاء فقدم إليه طعام، فقالوا: ألا نأتيك بوضوء؟ فقال: إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة) ] ثم أكل صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فدل هذا على أن غسل اليدين ليس بلازم، إلا إذا كان هناك حاجة تدعو إليه. تراجم رجال إسناد حديث : (إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة) قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا إسماعيل ]. إسماعيل هو ابن علية ، إسماعيل بن إبراهيم، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أيوب ]. هو أيوب بن أبي تميمة السختياني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن أبي مليكة ]. عبد الله بن أبي مليكة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن عباس ]. ابن عباس مر ذكره. حكم غسل اليد قبل الطعام شرح حديث: (بركة الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في غسل اليد قبل الطعام. حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا قيس عن أبي هاشم عن زاذان عن سلمان رضي الله عنه قال: (قرأت في التوراة: أن بركة الطعام الوضوء قبله، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: بركة الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده). وكان سفيان يكره الوضوء قبل الطعام. قال أبو داود : وهو ضعيف ]. الباب الأول هو [ باب في غسل اليدين عند الطعام ]، وهذا [ باب في غسل اليد قبل الطعام ]، فالترجمتان متقاربتان؛ لأن غسل اليدين عند الطعام وقبل الطعام بمعنى واحد، يعني: كله من أجل الطعام، وكله استعداد للطعام، وفي بعض النسخ ليس فيه هذه الترجمة؛ لأنه لا فرق بينها وبين الترجمة السابقة؛ ولأن (عند الطعام) و(قبل الطعام) بمعنى واحد، ففي الحديث الأول أنه قيل له: (ألا نأتيك بوضوء؟ فقال: إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة) وأكل صلى الله عليه وسلم، وهنا ذكر (قبل الطعام) وهو بمعنى (عند الطعام). أورد أبو داود حديث سلمان الفارسي قال: (قرأت في التوراة) يعني: قبل أن يسلم. قوله: (أن بركة الطعام الوضوء قبله)، يعني: أن تغسل الأيدي قبله، والوضوء هنا ليس هو الوضوء الشرعي، وإنما هو الوضوء اللغوي الذي هو من الوضاءة، وهي النزاهة والنظافة، وكونه ينظف يديه قبل الطعام وبعده. قوله: (فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن بركة الطعام الوضوء قبله والضوء بعده) يعني: كون الإنسان يغسل يديه قبل الطعام وبعده، وهذا غير ثابت، ولكن التغسيل قبله يشرع إذا كان هناك حاجة، وأما إذا لم يكن هناك حاجة فلا داعي له، وأما بعده فإنه إذا كانت الأيدي فيها شيء تحتاج إلى إزالة مثل الدسم أو الزهومة، فهذا ينبغي أن يزال بغسله. وذكر البركة في الطعام بالوضوء قبله هي بمعنى أن الإنسان ينظف يديه قبل الطعام فيأكل وليس فيها شيء مما لا ينبغي، ومما قد يكون فيه مضرة على الإنسان، وكذلك بعده يغسل الإنسان يديه ويقوم بإزالة ذلك، فإنه من أسباب البركة، لكن الحديث كما هو معلوم ضعيف وغير ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم كما قال أبو داود . تراجم رجال إسناد حديث: (بركة الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده) قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا قيس ]. موسى بن إسماعيل مر ذكره، وقيس بن الربيع هو صدوق تغير لما كبر، وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به، أخرج له أبو داود و الترمذي و ابن ماجة ، والحديث ضعيف بسبب قيس هذا. [ عن أبي هاشم ]. هو يحيى بن دينار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن زاذان ]. زاذان وهو صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن. [ عن سلمان ]. هو سلمان الفارسي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. ما جاء في طعام الفجاءة شرح حديث: (أقبل رسول الله وبين أيدينا تمر فدعوناه فأكل معنا) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في طعام الفجاءة. حدثنا أحمد بن أبي مريم حدثنا عمي -يعني سعيد بن الحكم - حدثنا الليث بن سعد أخبرني خالد بن يزيد عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (أقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من شعب من الجبل وقد قضى حاجته، وبين أيدينا تمر على ترس أو حجفة، فدعوناه فأكل معنا وما مس ماء) ]. يقول المصنف رحمه الله: [ باب في طعام الفجاءة ]، الفجاءة هي التي تحصل اتفاقاً من غير دعوة ومن غير قصد، كأن يمر شخص على أناس وهم يأكلون فقالوا له: تفضل، فجاء وأكل معهم، هذا هو طعام الفجاءة، وهو مقابل الطعام الذي فيه دعوة، وأما هذا فجاء اتفاقاً، فقد تكون هذه الدعوة مجاملة أو على استحياء، وليس الإنسان صادقاً فيها أو راغباً فيها، وإنما دعاه على طريق المجاملة، وقد لا يكون راغباً أن يؤكل معه، فمن أجل ذلك أتى المصنف بهذه الترجمة، وفيها تفصيل: إذا كان الإنسان يعلم أن مثل هذا الشخص يسر بأكله معه، كما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرون بمشاركة النبي صلى الله عليه وسلم لهم في الأكل معهم، فهذا لا إشكال فيه، وأما إذا كان الطعام قليلاً وأصحابه بحاجة إليه، وقد يدعون من قابلهم على استحياء، فإجابته قد لا تكون محل رغبة عندهم، ولكنهم قالوا ذلك من باب المجاملة، وإذا عرف منهم ذلك أو رأى أن طعامهم قليل، فإنه يدعو لهم ولا يشاركهم في الأكل. أورد أبو داود رحمه الله حديث عن جابر رضي الله عنه قال: [ (أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من شعب من الجبل) ]. الطريق بين جبلين يقال له: شعب. قوله: [ (وقد قضى حاجته وبين أيدينا تمر على ترس أو حجفة) ] أي: كان معهم طعام على ترس وهو مثل الوعاء. قوله: [ (فدعوناه فأكل معنا وما مس ماء) ]. يعني: دعوه فجاء عليه الصلاة والسلام فأكل معهم ولم يغسل يديه قبل أن يأكل. والحجفة: هي الترس، وفي عون المعبود بتقديم الجيم على الحاء (الجحفة). تراجم رجال إسناد حديث: (أقبل رسول الله وبين أيدينا تمر فدعوناه فأكل معنا) قوله: [ حدثنا أحمد بن أبي مريم ]. هو أحمد بن سعد بن الحكم بن أبي مريم وهو صدوق، أخرج له أبو داود و النسائي . [ حدثنا عمي يعني سعيد بن الحكم ]. هو سعيد بن الحكم بن أبي مريم وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا الليث بن سعد ]. هو الليث بن سعد المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني خالد بن يزيد ]. خالد بن يزيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي الزبير ]. هو محمد بن مسلم بن تدرس المكي صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جابر بن عبد الله ]. جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما مر ذكره. كراهية ذم الطعام شرح حديث: (ما عاب رسول الله طعاماً قط إن اشتهاه أكله وإن كرهه تركه) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في كراهية ذم الطعام. حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن الأعمش عن أبي حازم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (ما عاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم طعاماً قط إن اشتهاه أكله، وإن كرهه تركه) ]. يقول المصنف رحمه الله: [ باب في كراهية ذم الطعام ]. ذم الطعام هو عيبه، بأن يقال إنه مالح، أو فيه كذا وفيه كذا، ويذكر شيئاً فيه عيب الطعام، ويدخل في ذلك عدم الارتياح لصاحبه والإيذاء لصاحبه. ورسول الله صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي هريرة (ما عاب طعاماً قط، إن اشتهاه أكله، وإلا تركه) دون أن يذمه، وهذا من كمال أخلاقه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه؛ وذلك لأنه إذا ذم الطعام فإنه يتأذى بذلك صاحبه إذا سمع أن طعامه يذم، ومن الأخلاق الكريمة التي ينبغي أن يتحلى بها المسلم إذا قدم له طعام إن اشتهاه أكله وإن كرهه تركه، وهذا هو هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من كمال أخلاقه عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم. تراجم رجال إسناد حديث: (ما عاب رسول الله طعاماً قط إن اشتهاه أكله وإن كرهه تركه) قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ]. هو محمد بن كثير العبدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا سفيان ]. هو سفيان الثوري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الأعمش ]. هو سليمان بن مهران الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي حازم ]. هو سلمان الأشجعي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق. الضابط في كراهية ذم الطعام أما إذا كان صاحب البيت يريد أن يعلم أهله فيقول: هذه المرة الملح زائد فليكن في المرة الثانية الملح أخف, فهذا لا بأس به إذا كان من باب الإرشاد حتى لا يتكرر الخطأ. وما سبق عن النبي صلى الله عليه وسلم في قضية الضب الذي قدم بين يديه, معلوم أنه ظهر عليه التأثر؛ لكنه لم يتكلم، وإنما قيل له: (كأنك تكرهه يا رسول الله ؟ فقال: نعم) وقد بين ذلك بقوله: (إنه ليس بأرض قومي وأجدني أعافه) فلا ينافي ما جاء هنا. الاجتماع على الطعام شرح حديث: (اجتمعوا على طعامكم ...) قال المصنف رحمه الله تعالى : [ باب في الاجتماع على الطعام. حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي حدثنا الوليد بن مسلم حدثني وحشي بن حرب عن أبيه عن جده رضي الله عنه: (أن أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قالوا: يا رسول الله إنا نأكل ولا نشبع، قال: فلعلكم تفترقون؟ قالوا: نعم، قال: فاجتمعوا على طعامكم، واذكروا اسم الله عليه يبارك لكم فيه) ]. يقول المصنف رحمه الله: [ باب في الاجتماع على الطعام ]. والاجتماع على الطعام من أسباب البركة، والأكل على سبيل الانفراد وعلى سبيل الاجتماع كل ذلك سائغ، كما جاء في الآية: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأكلوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا [النور:61] فالاجتماع والانفراد في الأكل سائغ، ولكن الاجتماع فيه فائدة، وهي للاجتماع والتلاقي والتآنس بين أهل البيت، وأيضاً فيه زيادة البركة كما جاء في الحديث : (طعام الاثنين كاف للثلاثة، وطعام الثلاثة كاف للأربعة ...) إلى آخر الحديث، يعني: أن الطعام عندما يوضع لعدد معين ثم يأتي زيادة على ذلك العدد فإنه يكون كافياً لهم. أورد أبو داود حديث وحشي بن حرب رضي الله عنه : [ (أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله! إنا نأكل ولا نشبع قال: فلعلكم تفترقون؟ قالوا: نعم، قال : فاجتمعوا على طعامكم، واذكروا اسم الله عليه يبارك لكم فيه) ] يعني: اجتمعوا على الطعام فإنه يكون من أسباب البركة؛ لأنه كما هو معلوم إذا وضع لكل واحد طعام بالتساوي فقد يكون بعضهم يحتاج إلى شيء قليل، وبعضهم يحتاج إلى شيء كثير، فهذا يأكل حقه ويكون بحاجه إلى زيادة، وذلك يترك بعض حقه، فالناس متفاوتون، فإذا كان الطعام بين أيديهم كل يأكل من هذا الطعام الذي بين أيديهم, فمنهم من يأكل قليلاً حسب حاجته، ومنهم من يأكل كثيراً، بخلاف ما لو أنه قسم بينهم ووضع لكل واحد مقدار، فإن بعضهم قد يأكل ويبقى شيء، والثاني قد يأكل ولا يكفيه ذلك الذي قدم له، لكن إذا وضع بين يدي الجميع فكل يأخذ حاجته. تراجم رجال إسناد حديث: (اجتمعوا على طعامكم ...) قوله: [ حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي ]. إبراهيم بن موسى الرازي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا الوليد بن مسلم ]. الوليد بن مسلم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني وحشي بن حرب ]. وحشي بن حرب مستور، ومعناه مجهول الحال، أخرج له أبو داود و ابن ماجة [ عن أبيه ]. وهو حرب بن وحشي وهو مقبول، أخرج له أبو داود و ابن ماجة . [ عن جده ]. هو وحشي بن حرب رضي الله عنه، أخرج له البخاري و أبو داود و ابن ماجة . والحديث في إسناده مستور بمعنى مجهول الحال ومقبول، لكن الحديث له شواهد تدل عليه؛ فلهذا صحح الشيخ الألباني هذا الحديث. [ قال أبو داود : إذا كنت في وليمة، فوضع العشاء، فلا تأكل حتى يأذن لك صاحب الدار]. يعني: أن الإذن للآكلين يكون من صاحب الدار، وهذا من الفقه الذي يذكره أبو داود في سننه، وهو قليل جداً. الأسئلة حقيقة الأمر في قوله صلى الله عليه وسلم: (اجتمعوا على طعامكم) السؤال: قوله: (فاجتمعوا على طعامكم) على ماذا يحمل الأمر ؟ الجواب: الأمر للندب والاستحباب، وليس للوجوب. بيان المراد بالاجتماع على الأكل السؤال: ما المراد بالاجتماع على الأكل؟ هل المراد أن يكون الطعام في سفرة واحدة، أو المراد أن يجتمعوا في المكان الواحد وكل له إناء خاص به يضع به الطعام الذي يشتهيه؟ الجواب: المهم أن يكونوا جميعاً، وأن يكون الطعام لهم جميعاً، وسواء أكلوا من الصحفة أو الوعاء الذي يكون بين أيديهم أو أن كل واحد يغرف لنفسه في صحن خاص على مقدار حاجته كل ذلك لا بأس به؛ لأن هذا كله داخل تحت الاجتماع على الطعام, أما أن يقدم لكل واحد طعام خاص فهذا ليس باجتماع على الطعام؛ لأن هذا يأكل، ويغلق صحنه، وهذا يبقى عنده شيء، وذاك بحاجة إليه، فلا يستطيع أن يقول: أعطني إياه حتى آكله. الحرص على عدم تضييع الأوقات عند الاجتماع على الأكل السؤال: إذا ترتبت مفسدة على الاجتماع، مثل: طلبة العلم إذا اجتمعوا للأكل ضاع الوقت في الطعام، وذلك مشاهد عند كثير منهم، أما إذا أكل كل واحد على انفراده أكل في وقت قصير ثم استغل وقته؟ الجواب: إذا قدم الطعام فعلى طالب العلم أن يأكل ويمشي، ولا يجلس معهم حتى يفرغوا، بل يستأذن ويقوم. حكم تكرار العمرة أكثر من مرة في اليوم الواحد السؤال: هل يجوز للمسلم أن يؤدي أكثر من عمرة لنفسه متتالية، وكل مرة يحسب له عمرة؟ الجواب: العمرة المستحبة هي التي يأتي بها الإنسان من المواقيت، مثلاً: يخرج من المدينة ويذهب إلى مكة ويطوف ويسعى و يقصر ويتحلل من عمرته، ثم إذا تيسر له أن يأتي المدينة مرة أخرى فيأتي بعمرة، فهذا شيء مستحب، وأما قضية الترداد بين التنعيم وبين الكعبة، ويأتي في اليوم الواحد بعدة عمر خمس أو ست أو سبع أو ما إلى ذلك، فهذا ليس معروفاً عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما فعل هذا ولا أصحابه، وإنما أذن لعائشة لظرف خاص لها، فالإنسان ينبغي له أن يأتي بالعمرة المشروعة المستحبة التي فعلها رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكان يفعلها أصحابه، وهو أنهم يأتون مسافرين من أجل أن يأتوا بالعمرة، ولم يكونوا يترددون بين الكعبة والتنعيم، ويأتون في اليوم بعدة عمر؛ لأن هذا ليس من هديه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. حكم الهرولة للمرأة في السعي السؤال: هل يجوز للمرأة أن تهرول في السعي مثل الرجل؟ الجواب: لا، المرأة لا تهرول لا في السعي ولا في غيره. حكم تأدية العمرة عن الحي السؤال: هل يجوز أداء عمرة عن شخص حي؟ الجواب: إذا كان ذلك الحي هرماً كبيراً لا يستطيع السفر ولا الركوب فيمكن أن يعتمر عنه، أو كان مريضاً مرضاً لا يرجى برؤه فيمكن أن يعتمر عنه، وأما إذا لم يكن لا هذا ولا هذا فإنه لا يعتمر عنه وهو حي. وجه كراهية سفيان للوضوء قبل الطعام وبيان قصده السؤال: هل سبب كراهية سفيان للوضوء قبل الطعام بمعنى الوضوء الشرعي؟ الجواب: لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قبل الأكل لم يغسل يديه ولم يتوضأ، وإنما جاء وأكل ولم يفعل شيئاً من ذلك. وجه الإذن المذكور في آية النور بالأكل من بيوت الأقارب والأصدقاء السؤال: الإذن بالأكل من بيوت المذكورين في الآية التي في آخر سورة النور هل هو مطلق وإن لم يأذنوا أم هو متوقف على إذنهم؟ الجواب: كما هو معلوم بالنسبة للأقارب وللآباء وللأمهات لهم أن يأكلوا من الطعام الموجود في بيت قريبهم، ولا حرج عليهم في ذلك، ولو لم يؤذن لهم. وجه عدم ذكر الأبناء في آية النور السؤال: في آية النور لم يذكر بيوت الأبناء فلماذا؟ الجواب: قيل: إن المقصود ببيوتكم بيوت الأبناء، وهذا مثل ما جاء في الحديث: (أنت ومالك لأبيك)، فأكل الأب في بيت ابنه هو من الأكل في بيته. الفرق بين طعام المتباريين وغيره السؤال: طعام المتباريين هل يدخل فيه ما يقع الآن عند الناس كأن يقوم شخص ويخبر بأمر ويقوم الآخر وينفيه، فيقول أحدهما: عليك وليمة، أو عليك حج إن كنت مخطئاً؟ الجواب: هذا ما يصلح، هذا غلط، وهذا ليس من التباري، التباري هو أن كل واحد يريد أن يسبق الآخر في الطعام، وأما هذا فهو شبيه بالقمار؛ لأنه يؤدي إلى أن الواحد يقدم على الشيء وهو كاره له، فهذا ليس من قبيل المتباريين. حكم الذهاب إلى وليمة العرس وفيها ضرب للدفوف عند الرجال السؤال: إذا دعيت إلى وليمة عرس، وأنا متأكد بأن هناك ضرباً للدفوف عند الرجال، وهذا هو الغالب في وليمة العرس، فهل أجيب الدعوة أم لا؟ الجواب: إذا كنت ستنصح وسترشد فافعل وإلا فلا تحضر، فإذا كنت تعرف أن هذا سيوجد فلا تقدم عليه، ولو ذهبتَ وحصل ذلك بعد ذهابك فعليك أن تغادر ذلك المكان."
__________________
|
#5
|
||||
|
||||
![]() شرح سنن أبي داود [426] من الآداب الشرعية التي على المسلم التخلق بها أن يذكر الله عز وجل عند دخوله المنزل وعند خروجه، وأن يسمي الله عز وجل عند أكله وشربه، وأن يأكل بيمينه ويأكل مما يليه، وأن يجتنب الاتكاء عند الأكل. كما أن عليه أن يأمر من له عليه ولاية بهذه الأخلاق والآداب العظيمة. التسمية على الطعام شرح حديث (إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان لا مبيت لكم ولا عشاء) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب التسمية على الطعام. حدثنا يحيى بن خلف حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج أخبرني أبو الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول (إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله قال الشيطان: أدركتم المبيت، فإذا لم يذكر الله عند طعامه قال: أدركتم المبيت والعشاء) ]. يقول المصنف رحمه الله تعالى : [ باب التسمية على الطعام ] أي: ذكر اسم الله عليه، بأن يقول: باسم الله، وقد ذكر بعض أهل العلم أنه يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، وبعضهم قالوا: إنه يقول: باسم الله، وقوله: (سم الله)، يحتمل أن يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، أو باسم الله، لكن جاء في بعض الأحاديث توضيح ذلك وتفسيره بأنه يقول: باسم الله، كما سيأتي في بعض الأحاديث عند أبي داود ، فإن قال: بسم الله الرحمن الرحيم فذلك صحيح، وإن قال: باسم الله فإن ذلك كاف، وهو الذي جاء في بعض الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم كما سيذكره المصنف. أورد أبو داود رحمه الله حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما أن الرجل إذا دخل بيته وذكر اسم الله فإن الشيطان يقول لأصحابه ولأتباعه: لا مبيت لكم، وإذا ذكر اسم الله عند طعامه بأن قال: باسم الله، فإن الشيطان يقول: لا مبيت لكم ولا عشاء، ومعلوم أن ذكر الله هنا المراد به التسمية بأن يقول: باسم الله عند الدخول، وباسم الله عند الأكل. وإذا دخل ولم يذكر اسم الله عند دخوله قال الشيطان: أدركتم المبيت، وإذا لم يسم الله عند طعامه قال: أدركتم المبيت والعشاء. وهذا يدلنا على أن التسمية عند الطعام مطلوبة، وأن الإنسان يسمي الله في أوله، فيقول: باسم الله، أو بسم الله الرحمن الرحيم، وذلك يطرد الشيطان، ولا يجعل الشيطان يشاركه في طعامه، حتى يكون في طعامه البركة والفائدة. تراجم رجال إسناد حديث (إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان لا مبيت لكم ولا عشاء) قوله: [ حدثنا يحيى بن خلف ]. يحيى بن خلف صدوق، أخرج له مسلم و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ حدثنا أبو عاصم ]. هو الضحاك بن مخلد النبيل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن جريج ]. هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني أبو الزبير ]. هو محمد بن مسلم بن تدرس المكي صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جابر بن عبد الله ]. هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما وهو صحابي جليل، أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. شرح حديث (إن الشيطان ليستحل الطعام الذي لم يذكر اسم الله عليه) قول المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن خيثمة عن أبي حذيفة عن حذيفة رضي الله عنه قال: (كنا إذا حضرنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم طعاماً لم يضع أحدنا يده حتى يبدأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإنا حضرنا معه طعاماً فجاء أعرابي كأنما يدفع، فذهب ليضع يده في الطعام، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، ثم جاءت جارية كأنما تدفع، فذهبت لتضع يدها في الطعام، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيدها، وقال: إن الشيطان ليستحل الطعام الذي لم يذكر اسم الله عليه، وإنه جاء بهذا الأعرابي يستحل به فأخذت بيده، وجاء بهذه الجارية يستحل بها فأخذت بيدها، فوالذي نفسي بيده! إن يده لفي يدي مع أيديهما) ]. أورد أبو داود هذا الحديث عن حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنه، وفيه أن الصحابة إذا كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم وحضر الطعام، فإنهم كانوا لا يمدون أيديهم إلا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو الذي يبدأ، وهذا يدلنا على أن البدء في الطعام يكون لأهل الفضل، فهم الذين يبدءون كما كان النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يبدأ، وكانوا لا يبدءون قبله، وإنما يأكلون بعده صلى الله عليه وسلم، وهذا من أدبهم مع النبي عليه الصلاة والسلام، فجاء أعرابي كأنه يدفع ومد يده، فالرسول صلى الله عليه وسلم قبض يده قبل أن يمس الطعام، ثم جاءت جارية صغيرة كأنها تدفع فمدت يدها إلى الطعام فمسك يدها، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: [ (إن الشيطان ليستحل الطعام الذي لم يذكر اسم الله عليه) ] وقد سبق في الحديث أنه إذا لم يسم على الطعام يقول الشيطان لأصحابه: أدركتم العشاء، فهو يستحل الطعام إذا لم يسم الله عليه، فالرسول صلى الله عليه وسلم قبض يد الأعرابي والجارية وقال: [ (فوالذي نفسي بيده! إن يده لفي يدي مع أيديهما) ] أي: أن يد الشيطان مع أيديهما يريد أن يأكل بأكلهما؛ لأنهما لم يسميا الله عز وجل عليه، فبين عليه الصلاة والسلام أن ذكر الله عز وجل يكون في أول الطعام، وأن ذلك يطرد الشيطان، وأن الشيطان يستحل الطعام إذا لم يذكر اسم الله تعالى عليه، وأنه يدفع من يبادر إلى الأكل دون تسمية، ليجد الشيطان السبيل إلى أن يأكل معه، كما جاء في هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وأن يده مع أيديهما في يديه صلى الله عليه وسلم. وهذا من الإيمان بالغيب، وعلى المسلم أن يصدق بكل ما يخبره به النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يكون إيمانه مبنياً على المشاهدة والمعاينة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الشيطان يده مع أيديهما، وأن الشيطان قد حضر وأنه يريد أن يشارك في الطعام، والناس لا يرون الشياطين ولا يرون الجن، والشياطين والجن يرون الناس كما قال الله عز وجل : إنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ و َقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ [الأعراف:27]، فالمؤمن يؤمن بكل ما أخبر الله به ورسوله صلى الله وسلم من أمور الغيب، كحضور الملائكة والناس لا يشاهدونهم، وحضور الشياطين والناس لا يشاهدونهم. إذاً: يجب على المؤمن التصديق والاستسلام والانقياد بكل ما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد أثنى الله على المتقين وجعل من أول صفاتهم أنهم يؤمنون بالغيب، كما قال عز وجل: الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ [البقرة:1-3]. تراجم رجال إسناد حديث (إن الشيطان ليستحل الطعام الذي لم يذكر اسم الله عليه) قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ حدثنا أبو معاوية ] . هو محمد بن خازم الضرير الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الأعمش ]. هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن خيثمة ]. هو خيثمة بن عبد الرحمن وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي حذيفة ]. هو سلمة بن صهيب وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود و الترمذي و النسائي . وهنا كلمة أبي حذيفة تصحفت إلى (ابن حذيفة)؛ لأن كلمة أبي قريبة من ابن، ومن علوم الحديث معرفة من وافقت كنيته اسم أبيه؛ لأنه يحصل التصحيف بين ابن وأبي، فمن لا يعرف يظن أن ابناً مصحفة عن أبي، وأبي مصحفة عن ابن، مثل الأوزاعي أبو عمرو و عبد الرحمن بن عمرو ومثل هناد بن السري و هناد أبو السري ، فإذا جاء هناد بن السري يكون صحيحاً، وإذا جاء هناد أبو السري يكون صحيحاً، والذي لا يعرف يظن أن ابناً تصحفت عن أبي، ويأتي التصحيف بين ابن وأبي كما هنا، وهو ليس ابن حذيفة بن اليمان ، وإنما هو شخص آخر. [ عن حذيفة ]. هو حذيفة بن اليمان رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. تعليم الصغير التسمية عند الأكل في هذا الحديث على أن الصغير غير المكلف يعلّم أن يسمي الله على الأكل، ولهذا الرسول صلى الله عليه وسلم كما سيأتي في حديث عمر بن أبي سلمة قال : (يا غلام! سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك)، فالصبيان يعلمون ويعرفون بالآداب الشرعية عند الطعام وغير ذلك. كذلك الجارية التي أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيديها، هي صغيرة وليست بجاريه كبيرة، وليس فيه دليل على لمس الرجل للمرأة الأجنبية، وإنما هي جارية صغيرة. شرح حديث ( إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى فإن نسي أن يذكر اسم الله تعالى في أوله فليقل باسم الله أوله وآخره) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مؤمل بن هشام حدثنا إسماعيل عن هشام -يعني ابن أبي عبد الله الدستوائي - عن بديل عن عبد الله بن عبيد عن امرأة منهم يقال لها: أم كلثوم عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى، فإن نسي أن يذكر اسم الله تعالى في أوله فليقل: باسم الله أوله وآخره) ]. أورد أبو داود حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى) ] يعني: عند أكله وقبل البدء بالأكل يذكر اسم الله، فيقول: باسم الله، فان نسي فإنه يمكنه التدارك بأن يقول: باسم الله أوله وآخره، وهذا يدلنا على المحافظة على ذكر اسم الله حتى وإن نسي فإنه يمكن التدارك بأن يقول: باسم الله أوله وآخره. تراجم رجال إسناد حديث (إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى فإن نسي أن يذكر اسم الله تعالى في أوله فليقل باسم الله أوله وآخره) قوله: [ حدثنا مؤمل بن هشام ]. مؤمل بن هشام ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و النسائي . [ حدثنا إسماعيل ]. هو إسماعيل بن إبراهيم بن علية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن هشام يعني: ابن أبي عبد الله الدستوائي . هشام بن أبي عبد الله الدستوائي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن بديل ]. هو بديل بن ميسرة وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن عبد الله بن عبيد ]. عبد الله بن عبيد وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن امرأة منهم يقال لها: أم كلثوم ]. أم كلثوم وهي تابعية، والألباني صحح الحديث وقال: هي أم كلثوم الليثية، أخرج لها أبو داود و الترمذي و النسائي في عمل يوم الليلة. [ عن عائشة ]. عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة حديثهم عن النبي صلى الله عليه وسلم. شرح حديث (ما زال الشيطان يأكل معه، فلما ذكر اسم الله استقاء ما في بطنه) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مؤمل بن الفضل الحراني حدثنا عيسى -يعني ابن يونس - حدثنا جابر بن صبح حدثنا المثنى بن عبد الرحمن الخزاعي عن عمه أمية بن مخشي رضي الله عنه وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جالساً ورجل يأكل، فلم يسم حتى لم يبق من طعامه إلا لقمة، فلما رفعها إلى فيه قال: باسم الله أوله وآخره، فضحك النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال: ما زال الشيطان يأكل معه، فلما ذكر اسم الله عز وجل استقاء ما في بطنه) ]. أورد أبو داود حديث أمية بن مخشي رضي الله عنه: أن رجلاً كان يأكل طعاماً فلما لم يبق منه إلا لقمة واحدة سمى الله وقال: باسم الله أوله وآخره، وكان الشيطان يأكل معه فاستقاء الشيطان كل ما كان في بطنه مما أكله قبل ذلك. وهذا الحديث في إسناده رجل مستور أي مجهول الحال وهو المثنى بن عبد الرحمن وأما كونه يقول في أثناء الأكل إذا تذكر: باسم الله أوله وآخره، فإنه دل عليه الذي قبل هذا، وأما ما يتعلق بكون الشيطان قاء ما في بطنه فقد جاء في هذا الحديث، وهذا الحديث فيه هذا الرجل المستور، فهو يعتبر شاهداً للحديث الأول فيما يتعلق بكونه يسمي الله عز وجل إذا نسي في الأول، ويكون موافقاً لذاك ومتفقاً معه. تراجم رجال إسناد حديث (ما زال الشيطان يأكل معه، فلما ذكر اسم الله استقاء ما في بطنه) قوله: [ حدثنا مؤمل بن الفضل الحراني ]. مؤمل بن الفضل الحراني صدوق، أخرج له أبو داود و النسائي . [ حدثنا عيسى يعني ابن يونس ]. هو عيسى ين يونس بن أبي إسحاق ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا جابر بن صبح ]. جابر بن الصبح وهو صدوق، أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا المثنى بن عبد الرحمن الخزاعي ]. المثنى بن عبد الرحمن الخزاعي وهو مستور بمعنى مجهول الحال، أخرج له أبو داود و النسائي . [ عن عمه أمية بن مخشي ]. أمية بن مخشي رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أبو داود و النسائي . [ قال أبو داود : جابر بن صبح جد سليمان بن حرب من قبل أمه]. يعني: جده من جهة أمه، وهذا بيان لهذه القرابة بينه وبين سليمان بن حرب ، و سليمان بن حرب مشهور يروي عنه أبو داود كثيراً، وهو من رجال الكتب الستة، وهو يروي كثيراً عن حماد بن سلمة و حماد بن زيد ، وإذا جاء حماد غير منسوب فالمراد به حماد بن زيد ، ومثل هذا ابن أبي عاصم النبيل أحمد بن عمرو بن أبي عاصم فجده من جهة أبيه أبو عاصم النبيل وجده لأمه موسى بن إسماعيل التبوذكي وهو الذي يأتي ذكره كثيراً في رواية أبي داود ، وابن أبي عاصم هو الإمام المعروف المشهور صاحب كتاب السنة والكتب المتعددة. الأسئلة حكم التسمية على الطعام السؤال: ما حكم التسمية على الطعام؟ الجواب: الذي يظهر أن الأمر بها للوجوب؛ لأنه جاء أن الشيطان يشارك في الأكل، ومعلوم أن الإنسان مطلوب منه أن يبعد الشيطان عن مشاركته، وذلك بالتسمية عند الأكل، فهي تطرد الشيطان. لزوم التسمية عند الدخول إلى المنزل وعند الطعام على كل واحد السؤال: التسمية على الطعام والتسمية عند الدخول إذا قالها واحد من أهل البيت أو من الجالسين هل يكفي؟ الجواب: ما يكفي، كل واحد يسمي إذا دخل، ما يقال: إن واحداً منهم يوكل إليه التسمية والباقين لا يفعلون، بل كل واحد منهم يعود نفسه أن يسمي، حتى إذا أكل وحده فإنه يكون ملتزماً بذلك ولا يكون معتمداً على غيره، ولا يبني على أن غيره يكفي، بل كل واحد يسمي، ولهذا الرسول صلى الله عليه وسلم قال لربيبه عمر بن أبي سلمة : (يا غلام! سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك) . ضرورة التسمية مع السلام عند الدخول إلى المنزل السؤال: هل يكفي عند دخول البيت السلام أو يسلم ويسمي؟ الجواب: لا، بل كما جاء في هذا الحديث يسمي ويسلم. وجه قول الغزالي التسمية لكل لقمة السؤال: ما ذكره الإمام الغزالي من التسمية لكل لقمة هل له أصل من السنة؟ الجواب: التسمية تكون في أول الأكل فقط، أما التسمية لكل لقمة فلا نعلم شيئاً يدل على هذا. حكم التسمية بعد الفراغ من الأكل لمن نسي أن يسمي الله عند الأكل السؤال: إذا ذكر التسمية بعد الفراغ من الأكل هل له أن يقول: باسم الله أوله وآخره؟ الجواب: الذي يبدو أنه لا يقول التسمية بعد الانتهاء من الأكل؛ لأن التسمية تكون عند الأكل، والأكل قد انتهى، لكن يحمد الله. ما جاء في الأكل متكئاً شرح حديث (لا آكل متكئاً) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في الأكل متكئاً. حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن علي بن الأقمر قال: سمعت أبا جحيفة رضي الله عنه قال: قال رسول صلى الله عليه وآله وسلم (لا آكل متكئاً) ]. يقول المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما جاء في الأكل متكئاً]، الاتكاء هو أن يتمايل الإنسان على أحد جانبيه وأحد شقيه، هذا يقال له: اتكاء، ومنه حديث أبي بكرة في قصة شهادة الزور: (وكان متكئاً فجلس) يعني: بدل ما كان متكئاً أو معتمداً على شي جلس، فهذا يفيد بأن الاتكاء يكون بالاعتماد على شيء، قالوا: وليس الاتكاء مقصوراً على التمايل عند الأكل، وإنما يكون أيضاً بالجلوس متربعاً، فهو من الاتكاء؛ لأن ذلك مدعاة لكثرة الأكل والتوسع فيه، وإنما يجلس الإنسان مستوفزاً، أو يجلس على رجله اليسرى وينصب الرجل اليمنى، بحيث لا يكون متكئاً متربعاً. أورد أبو داود حديث أبي جحيفة وهب بن عبد الله السوائي رضي الله تعالى عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال :[ (لا آكل متكئاً) ] وأمته تبع له، وقد قال الله عز وجل: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21] وكما أنه صلى الله عليه وسلم لا يأكل متكئاً، فكذلك على أمته ألا يأكلوا متكئين. تراجم رجال إسناد حديث (لا آكل متكئاً) قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ]. هو محمد بن كثير العبدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا سفيان ] . هو سفيان الثوري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن علي بن الأقمر ]. علي بن الأقمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: سمعت أبا جحيفة ]. هو وهب بن عبد الله السوائي رضي الله عنه وهو صحابي، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. وهذا من الأسانيد العالية عند أبي داود فهو من الرباعيات. شرح حديث (ما رئي رسول الله يأكل متكئاً قط ولا يطأ عقبه رجلان) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن ثابت البناني عن شعيب بن عبد الله بن عمرو عن أبيه رضي الله عنه أنه قال (ما رئي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأكل متكئاً قط ولا يطأ عقبه رجلان) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما رئي متكئاً قط، وهذا يوضح ما تقدم من قوله عن نفسه: (لا آكل متكئاً)، وهنا أخبر عنه أصحابه بأنهم لم يروه أكل متكئاً صلى الله عليه وسلم، ولا وطِئَ عقبه رجلان، بمعنى أنهم يمشون وراءه، وإنما كان يمشي وسطهم أو وراءهم صلى الله عليه وسلم؛ تواضعاً منه عليه الصلاة والسلام. تراجم رجال إسناد حديث (ما رئي رسول الله يأكل متكئاً قط ولا يطأ عقبه رجلان) قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. هو موسى بن إسماعيل التبوذكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد ]. هو حماد بن سلمة بن دينار ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ عن ثابت البناني ]. هو ثابت بن أسلم البناني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن شعيب بن عبد الله بن عمرو ]. هو شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد وفي جزء القراءة وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. أبوه هو عبد الله بن عمرو والمقصود بأبيه جده، وقد صح سماعه من جده عبد الله بن عمرو كما سبق أن عرفنا في رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وأن المقصود بالجد هو عبد الله بن عمرو الذي هو جد شعيب ، وكذلك هو جد عمرو بن شعيب ؛ لأن جد أبيه جده، ويقال للجد: أب؛ لأن الجد هو من جملة الآباء، فقوله: عن أبيه المقصود عن جده. شرح حديث (بعثني النبي فرجعت إليه فوجدته يأكل تمراً وهو مقع) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي أخبرنا وكيع عن مصعب بن سليم قال: سمعت أنساً رضي الله عنه يقول: (بعثني النبي صلى الله عليه وسلم فرجعت إليه فوجدته يأكل تمراً وهو مقع) ]. أورد أبو داود حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه في حاجة فرجع إليه فوجده يأكل تمراً وهو مقع، يعني: أنه جلس على مقعدته وقد نصب قدميه، ولم يكن متربعاً، وإنما كان مقعياً متمكناً من الأرض، وقدماه على الأرض منصوبتان، هذا هو المقصود بالإقعاء هنا. تراجم رجال إسناد حديث (بعثني النبي فرجعت إليه فوجدته يأكل تمراً وهو مقع) قوله: [ حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي ]. إبراهيم بن موسى الرازي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا وكيع ]. هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن مصعب بن سليم ]. مصعب بن سليم صدوق، أخرج له مسلم وأبو داود و الترمذي في الشمائل والنسائي . [ قال: سمعت أنساً ]. هو أنس بن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا الحديث إسناده رباعي، وهو من أعلى الأسانيد عند أبي داود . الأسئلة حقيقة الاتكاء المنهي عنه عند الأكل السؤال: ما هو الإتكاء؟ الجواب: الاتكاء على أحد الجنبين أو التمكن من الجلوس على الأرض، وهو من جملة الاتكاء الذي ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله عند الأكل. صفة التربع المنهي عنه عند الأكل السؤال: بالنسبة للتربع هل يشترط فيه أن يكون على فراش وثير، وإذا كان جالساً على بساط على الأرض فليس بتربع؟ الجواب: التربع هو هذه الجلسة التي يجلسها من يريد أن يستكثر من الطعام، لكن إذا كان على فراش وثير، فإنه يكون متمكناً ولا يحتاج إلى أن يتحرك ويتقلب، ولكن قد يكون متربعاً وإن لم يكن على فراش وثير، بحيث يتقلب ويتوسع في الأكل، فهذه الهيئة مدعاة للتوسع. حكم الاستناد إلى جدار أو كرسي عند الأكل السؤال: هل يعد من الاتكاء الاستناد إلى جدار في حالة الأكل؟ الجواب: الذي يبدو أنه لا يعد من الاتكاء، يعني: كون الإنسان يكون مستنداً على جدار على ظهره، أو مستنداً على الكرسي، لا يعد ذلك من الاتكاء. حكم الاتكاء عند الشرب السؤال: هل النهي عن الاتكاء حال الأكل يشمل الشرب؟ الجواب: الذي يبدو أنه كذلك، فالإنسان لا يشرب وهو متكئ، لا على جنبه ولا وهو متربع؛ لأن الذي يبدو أن الحكم واحد؛ لأنه يشتمل على الإكثار والتوسع، وهو أيضاً جلسة المتكبرين الذين عندهم كبرياء. ما جاء في الأكل من أعلى الصحفة شرح حديث (إذا أكل أحدكم طعاماً فلا يأكل من أعلى الصحفة ولكن ليأكل من أسفلها) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في الأكل من أعلى الصحفة. حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا شعبة عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (إذا أكل أحدكم طعاماً فلا يأكل من أعلى الصحفة، ولكن ليأكل من أسفلها؛ فإن البركة تنزل من أعلاها) ]. يقول المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في الأكل من أعلى الصحفة ] الصحفة هي التي يكون فيها طعام، وغالباً يكون الطعام أعلاها في وسطها، ويكون فيه انسياب لجهة الأطراف، فالإنسان يأكل مما يليه ولا يأكل من وسط الصحفة. أورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: [ (إذا أكل أحدكم طعاماً فلا يأكل من أعلى الصحفة ولكن ليأكل من أسفلها) ] يعني: أنه لا يمد يده إلى وسط الطعام ويأكل منه، وإنما يأكل مما يليه، كما قال عليه الصلاة والسلام لعمر بن أبي سلمة : (يا غلام سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك). قوله: [ (فإن البركة تنزل من أعلاها) ] يعني: الذي هو وسطها، فالإنسان يأكل شيئاً فشيئاً من أطرافها، فإن ذلك من أسباب البركة ومن أسباب النفع، وأما الأكل من الوسط فهو مخالف للأدب؛ لأن كون الإنسان تطيش يده وتتجاوز إلى مكان غير الذي يليه، يجعل الناس يشمئزون وينفرون منه. تراجم رجال إسناد حديث (إذا أكل أحدكم طعاماً فلا يأكل من أعلى الصحفة ولكن ليأكل من أسفلها) قوله: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم ]. هو مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا شعبة ]. هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عطاء بن السائب ]. عطاء بن السائب وهو صدوق اختلط، وشعبة ممن سمع منه قبل الاختلاط فسماعه صحيح، وحديثه أخرجه البخاري وأصحاب السنن. [ عن سعيد بن جبير ]. سعيد بن جبير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. حكم الأكل من وسط الصحفة عند اختلاف الطعام إذا كان الطعام في الصحفة يختلف عما في حواليها، وليس نوعاً واحداً، مثل أن يكون في أعلى الصحفة لحم وفي الجوانب أرز؛ فهو يأكل من الأرز مما يليه ويأخذ من اللحم مما يليه. أما إذا كان الطعام كله نوعاً واحداً، فإنه يأكل مما يليه. وإذا كان الإناء كله لحم، فإنه يأكل مما يليه من اللحم، ووسطه يتركه. شرح حديث (كلوا من حواليها ودعوا ذروتها يبارك فيها) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عمرو بن عثمان الحمصي حدثنا أبي حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن عرق حدثنا عبد الله بن بسر رضي الله عنهما قال: (كان للنبي صلى الله عليه وسلم قصعة يقال لها: الغراء، يحملها أربعة رجال، فلما أضحوا وسجدوا الضحى أتي بتلك القصعة، يعني وقد ثرد فيها، فالتفوا عليها، فلما كثروا جثا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أعرابي: ما هذه الجلسة؟! قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله جعلني عبداً كريماً، ولم يجعلني جباراً عنيداً، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلوا من حواليها ودعوا ذروتها يبارك فيها) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن بسر رضي الله تعالى عنهما، وفيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان له قصعة، وكان يحملها أربعة رجال، وأنه أتي بها فالتف الناس حولها، ولما ازدحموا جثا الرسول صلى الله عليه وسلم على ركبتيه؛ حتى يوسع في المكان، فقال أحد الحاضرين: ما هذه الجلسة؟ يعني: كأنه يريد أنها جلسة لا تليق بالنبي صلى الله عليه وسلم، وأنها جلسة ليست مناسبة في حقه، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (إن الله جعلني عبداً كريماً ولم يجعلني جباراً عنيداً) ] يعني: هذا من تواضعه صلى الله عليه وسلم، حيث يكون على هذه الهيئة، فيجثو على ركبتيه، ويكون معتمداً على ركبتيه؛ لأن هذا يكون أسهل وأخف وأوسع للحاضرين، بحيث لا يضيق المكان عليهم. وقوله: [ (كلوا من حواليها ودعوا ذروتها يبارك فيها) ] هذا مثل حديث ابن عباس المتقدم. قوله: [ (سجدوا الضحى) ] يعني: صلوا الضحى، والصلاة يقال لها: سجود، ويقال للركعة: سجدة، من باب تسمية الشيء باسم بعضه. تراجم رجال إسناد حديث (كلوا من حواليها ودعوا ذروتها يبارك فيها) قوله: [ حدثنا عمرو بن عثمان الحمصي ]. هو عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير الحمصي صدوق، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا أبي ]. هو عثمان بن سعيد الحمصي وهو ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن عرق ]. محمد بن عبد الرحمن بن عرق وهو صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا عبد الله بن بسر ]. عبد الله بن بسر رضي الله تعالى عنهما وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة. ورجال الإسناد عمرو بن عثمان عن أبيه عن محمد بن عبد الرحمن عن عبد الله بن بسر، وهذا إسناد رباعي، وهو من أعلى الأسانيد عند أبي داود . الأسئلة حكم أكل المنفرد من وسط الصحفة أو أعلاها السؤال: إذا كان الشخص يأكل لوحده فهل له أن يأكل من وسط الصحفة أو أعلاها؟ الجواب: الذي ينبغي له أن يأكل مما يليه، ويكون معوداً نفسه على ذلك حتى تكون هيئته باستمرار على هذه الطريقة؛ ولأنه قد يأتي أحد يريد أن يأكل من الطعام فتكون الجهة التي لا تليه لم يمسها أحد، فيأكل منها غيره وهو مطمئن. وجه الجمع بين الأحاديث التي تذكر أن البركة في وسط الطعام وآخر الطعام السؤال: ما هو الجمع بين الأحاديث التي تذكر أن البركة في وسط الطعام وآخر الطعام؟ الشيخ: لا تنافي بينها؛ لأن آخر ما يؤكل من الطعام هو الذي في الوسط، وهو يعتبر آخره. حكم تسمية الأواني السؤال: هل من السنة تسمية الأواني كما ورد أن قصعة النبي صلى الله عليه وسلم تسمى الغراء؟ الجواب: يمكن تسمية الأواني بأسماء، وليس هناك مانع، لكن لا يقال: إن ذلك من السنة. حكم الأكل مما يلي الآخرين إذا تنوع الطعام في الإناء الواحد السؤال: الفاكهة تتنوع في الإناء الواحد فهل له أن يختار من غير الذي يليه؟ الجواب: إذا كانت كل قطعة على حدة، والجهة التي تليه فيها ما في الجهة الثانية، فإنه يأخذ منها، لكن لو كانت كل قطعة مستقلة فله أن يأخذ مما يلي غيره، والذي ينبغي للإنسان المسلم أن يعود نفسه أن يأكل مما يليه ولو كان ذلك فاكهة، أما من يأكل مما يليه حتى ينتهي منه ثم يأكل من أمام الآخرين فهذا لا يليق، لكن لو أنهم وضعوا الفاكهة في صحن واحد وجعلوا كل نوع في جهة، فإن له أن يأخذ من الجهات الأخرى، أما إذا كانت مختلطة فالذي يليه أنواع، كما أن الذي يلي غيره أنواع. ما جاء في الجلوس على مائدة عليها بعض ما يكره شرح حديث (نهى رسول الله عن مطعمين ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في الجلوس على مائدة عليها بعض ما يكره. حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا كثير بن هشام عن جعفر بن برقان عن الزهري عن سالم عن أبيه رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن مطعمين: عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر، وأن يأكل الرجل وهو منبطح على بطنه) ]. [ باب ما جاء في الجلوس على مائدة عليها بعض ما يكره] أي: أنه لا يجلس على مائدة مشتملة على محرم، فلا يحضرها ولا يشارك فيها. أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: [ (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مطعمين: عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر، وأن يأكل الرجل وهو منبطح على بطنه)]. هاتان الهيئتان غير سائغتين، يعني: كون الإنسان يأكل وهو منبطح غير سائغ، وكونه يجلس على مائدة يشرب عليها الخمر غير سائغ، فلا يجوز لا هذا ولا هذا، ومحل الشاهد من الترجمة قوله: [ (نهى عن مطعمين: عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر) ] وأما كون الإنسان يأكل وحده وهو منبطح وليس عنده أحد فهذه الهيئة غير صحيحة، والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عنها وعابها كما جاء في هذا الحديث. تراجم رجال إسناد حديث (نهى رسول الله عن مطعمين ...) قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. مر ذكره. [ حدثنا كثير بن هشام ]. كثير بن هشام ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن. [ عن جعفر بن برقان ]. جعفر بن برقان وهو صدوق يهم في روايته عن الزهري ، وهذا من حديث الزهري ، وجاء في الرواية التي بعدها أنه قال: بلغني عن الزهري ، وهذا يفيد أن هناك واسطة بينهما وأنه لم يسمع منه، وقد أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن. [ عن الزهري ]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سالم ]. هو سالم بن عبد الله بن عمر وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ] هو عبد الله بن عمر وقد مر ذكره. وهذا الحديث فيه جعفر بن برقان المتكلم في روايته عن الزهري ، لكن الحديث له شواهد تدل عليه، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس في مائدة يدار فيها الخمر). [ قال أبو داود : هذا الحديث لم يسمعه جعفر من الزهري وهو منكر ]. لأنه قال: بلغني كما سيأتي الآن . طريق أخرى لحديث ( نهى رسول الله عن مطعمين ...) وتراجم رجال إسنادها قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء حدثنا أبي حدثنا جعفر أنه بلغه عن الزهري بهذا الحديث ]. قوله: [ حدثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء ]. هارون بن زيد بن أبي الزرقاء صدوق، أخرج له أبو داود و النسائي . [ حدثنا أبي ]. أبوه ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي . [ حدثنا جعفر أنه بلغه عن الزهري ]. قد مر ذكرهما. الأسئلة مراد أبي داود من قوله في الترجمة (عليها بعض ما يكره) السؤال: قال في الترجمة: عليها بعض ما يكره، فهل مراد أبي داود من الكراهة التحريم؟ الجواب: نعم، فالخمر محرمة وليست مكروهة. حكم الأكل في المطعم الذي يبيع أصحابه فيه الخمر السؤال: هل يجوز الأكل في مطعم يبيع أصحابه الخمر، ولكن ليس على الطاولة المأكول عليها خمر؟ الجواب: لا ينبغي للمسلم أن يأكل في هذا المطعم الذي يباع فيه الخمر، ولو كان ليس على الطاولة التي عليها طعامه، وإنما عليه أنه يأخذ الطعام ويذهب به إلى مسكنه ويأكله، بدلاً من الجلوس مع هؤلاء الذي يشربون الخمر، وهذا إذا لم يجد غيره، فيأخذ ما أحل الله ويترك ما حرم الله. حكم الأكل حال الانبطاح على البطن السؤال: ذكرتم أن التحسين لحديث: (نهى رسول الله عن مطعمين: عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر ..) لأجل الشواهد للقسم الأول، فهل هناك شاهد للقسم الثاني للحديث وهو: (... وأن يأكل الرجل وهو منبطح على بطنه) ؟ الجواب: ما أذكر، ولكن كما هو معلوم أن هذه الهيئة كريهة وليست مستساغة، يعني: كون الإنسان يأكل وهو منبطح غير مستساغ، اللهم إلا إذا كان هناك حاجة، وقد جاء أن النوم على البطن منهي عنه. حكم الأكل باليمين شرح حديث (إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الأكل باليمين. حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا سفيان عن الزهري أخبرني أبو بكر بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن جده ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه، وإذا شرب فليشرب بيمينه؛ فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله) ]. يقول المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الأكل باليمين ] يعني: على الإنسان عندما يأكل أن يأكل بيمينه ولا يأكل بشماله. أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه، وإذا شرب فليشرب بيمينه؛ فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله) ] يعني: لا يكون المسلم مشابهاً للشيطان، وإنما يكون على هيئة بعيدة عن مشابهة الشيطان. وهذا يدلنا على وجوب الأكل باليمين، وقد جاء فيه أحاديث، ومنها الحديث الذي صح عن النبي عليه الصلاة والسلام أن رجلاً كان يأكل بشماله فقال: (كل بيمينك قال: لا أستطيع، فقال: لا استطعت، ما منعه إلا الكبر، فما رفع يده إلى فيه بعد) أي: أن الرسول دعا عليه؛ لأنه فعل ذلك على سبيل الاستكبار، ولهذا قال: (لا استطعت، ما منعه إلا الكبر، فما رفع يده إلى فيه). والحديث يدل على أن على المسلم أن يأخذ بيمينه ويعطي بيمينه، ويدل على أن الشيطان له يمين وشمال، وعلى أنه يأكل ويشرب. تراجم رجال إسناد حديث (إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه) قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ]. هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام الفقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا سفيان ]. هو سفيان بن عيينة المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري ]. الزهري مر ذكره. [أخبرني أبو بكر بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر ]. أبو بكر بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر وهو ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن جده ابن عمر ]. هو عبد الله بن عمر وقد مر ذكره. شرح حديث (ادن بني فسم الله وكل بيمينك وكل مما يليك) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن سليمان لوين عن سليمان بن بلال عن أبي وجزة عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : (ادن بني فسم الله، وكل بيمينك، وكل مما يلي) ]. أورد أبو داود حديث عمر بن أبي سلمة رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: [ (ادن بني فسم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك) ] يعني: أمره بثلاثة أمور: أن يسمي الله عند الأكل، وأن يكون أكله باليمين، وأن يكون أكله مما يليه، فهذه آداب ثلاثة أرشد إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ربيبه عمر بن أبي سلمة رضي الله تعالى عن الجميع. قوله: [ (ادن يا بني) ] هذا يدل على أن الإنسان له أن يقول لغيره ممن هو دونه: يا بني وإن لم يكن ابنه، وهذا من اللطف ومن الرحمة والشفقة، كما أن الصغير يحترم الكبير ويقول له: يا عم، وإن لم يكن عمه من النسب، كما جاء ذلك في أحاديث، منها: حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه في قصة غزوة بدر، فإنهم لما صفوا قال: كان عن يميني شاب من الأنصار وعن يساري شاب من الأنصار، فغمزني الذي على يميني وقال: يا عم! أتعرف أبا جهل ؟ وعبد الرحمن بن عوف من المهاجرين وهذا الشاب من الأنصار فقال: أتعرف أبا جهل ؟ فقلت: ماذا تريد منه؟ قال: إنه يسب النبي صلى الله عليه وسلم، فلأن رأيته فلن يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا! يعني: إذا رأيته لا أفارقه حتى يموت الأول منا إما أنا وإما هو، فمحل الشاهد أنه قال: يا عم. تراجم رجال إسناد حديث (ادن بني فسم الله وكل بيمينك وكل مما يليك) قوله: [ حدثنا محمد بن سليمان لوين ]. محمد بن سليمان لوين، لوين لقب لـ محمد بن سليمان وهو ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي . [ عن سليمان بن بلال ]. سليمان بن بلال ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي وجزة ]. هو يزيد بن عبيد ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي . [ عن عمر بن أبي سلمة ]. عمر بن أبي سلمة ربيب النبي صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وهذا من أعلى أسانيد أبي داود ؛ لأنه رباعي. الأسئلة حكم الأكل والشرب باليدين السؤال: ما حكم الأكل والشرب باليدين؟ الجواب: إذا كان الشيء يحتاج إلى مسكه باليدين من أجل التمكن، أو لأنه كبير فلا بأس، والمهم أن تكون اليمين موجودة، ولا تكون الشمال وحدها. حال حديث (والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون) ومعناه السؤال: حديث: (والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون) هل هو صحيح أو ليس بصحيح؟ وهل هناك وقت محدد يحتاجه المقيم للصبر على شظف العيش بها؟ الجواب: هذا الحديث ثابت في الصحيحين أو في أحدهما: (والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون) يعني: من صبر على لأوائها وشدتها، بحيث يستمر المسلم في البقاء فيها، ولو حصل له ما حصل من الشدة، فإن ذلك محمود العاقبة. حكم الخروج من المدينة لمن يعمل بها السؤال: هل يأثم من خرج من المدينة النبوية لعدم اتفاقه مع صاحب العمل؟ الجواب: الإنسان له أن يخرج من المدينة، إذا كان خروجه منها فيه مصلحة وفيه فائدة، ولكن لا يخرج رغبة عنها، وإنما يكون خروجه لمصلحته ولفائدته، ولا بأس بذلك."
__________________
|
#6
|
||||
|
||||
![]() شرح سنن أبي داود (عبد المحسن العباد) كتاب الإمارة شرح سنن أبي داود [427] الحلقة (459) شرح سنن أبي داود [427] من الآداب التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم آداب أكل اللحم، وما يحل من اللحم وما يحرم، وجاء عنه أنه كان يعجبه الثريد والدباء والتعرق في أكل اللحم، ونهى عن لحوم الجلالة وألبانها والركوب عليها. ما جاء في أكل اللحم شرح حديث (لا تقطعوا اللحم بالسكين فإنه من صنيع الأعاجم ...) قال المصنف رحمه الله تعالى : [ باب في أكل اللحم. حدثنا سعيد بن منصور حدثنا أبو معشر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (لا تقطعوا اللحم بالسكين؛ فإنه من صنيع الأعاجم، وانهسوه فإنه أهنأ وأمرأ) . قال أبو داود: وليس هو بالقوي . ] يقول المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في أكل اللحم] هذه التراجم التي مرت في كتاب الأطعمة هي من آداب الطعام، وابتداءً من هذا الباب فهو يتعلق بموضوع أصل الكتاب الذي هو كتاب الأطعمة. وبدأ باللحم؛ لأن اللحم له تميزه في الأطعمة؛ ولأن الأطعمة في الغالب إنما يراد بها الذبائح، بخلاف الأشياء التي هي من الحبوب والزروع وما إلى ذلك، فهذه وإن كانت من الأطعمة، إلا أن التي لها أحكاماً تخصها هي الذبائح واللحم. ولهذا جاء في القرآن إحلال طعام أهل الكتاب لنا؛ والمقصود من ذلك الذبائح، فليس المقصود من ذلك الحبوب؛ لأن تلك لا إشكال فيها وهي تحل من كل من جاءت منه، حتى من المجوس ومن عبدة الأوثان؛ لأنه لا تعلق فيها بذكر الله عز وجل، الذي هو مطلوب في الذبائح. أورد أبو داود حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها: [ (لا تقطعوا اللحم بالسكين، فإنه من صنيع الأعاجم، وانهسوه فإنه أهنأ وأمرأ) ] النهس: هو الأخذ والقطع بأطراف الأسنان. والحديث ضعيف؛ لأنه من رواية أبي معشر نجيح المدني وهو ضعيف، وقد جاء الحديث في جواز قطع اللحم بالسكين، كما ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام (أنه كان يحتز اللحم بالسكين) يعني: كان يقطعه بالسكين، ومعلوم أن السكين إذا احتيج إليها لكون اللحم ليس بنضيج، وكونه نيئاً لم يستو تماماً، وكان قطعه باليد فيه صعوبة، فإنه يقطع بالسكين، وكذلك إذا كان حاراً والأيدي يصعب عليها أن تمسه وهو شديد الحرارة، فإنه أيضاً يقطع بالسكين. فالحاصل أن قطعه بالسكين للحاجة إليه لا بأس به، وقد جاءت السنة بذلك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأما هذا الحديث الذي فيه النهي عن قطع اللحم بالسكين، فإنه حديث ضعيف غير ثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام. تراجم رجال إسناد حديث (لا تقطعوا اللحم بالسكين فإنه من صنيع الأعاجم ...) قوله: [ حدثنا سعيد بن منصور ] سعيد بن منصور ثقة ، أخرج له أصحاب الكتب الستة . [ حدثنا أبو معشر ]. هو نجيح المدني وهو ضعيف، أخرج له أصحاب السنن. [ عن هشام بن عروة ] وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة . [ عن أبيه ] هو عروة بن الزبير بن العوام ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. هي أم المؤمنين عائشة خالته رضي الله تعالى عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ قال أبو داود : وليس هو بالقوي ] يعني: الحديث ليس بالقوي، وهو ضعيف. شرح حديث (كنت آكل مع النبي فآخذ اللحم بيدي من العظم...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عيسى حدثنا ابن علية عن عبد الرحمن بن إسحاق عن عبد الرحمن بن معاوية عن عثمان بن أبي سليمان عن صفوان بن أمية رضي الله عنه قال: (كنت آكل مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فآخذ اللحم بيدي من العظم، فقال: أدن العظم من فيك فإنه أهنأ وأمرأ). قال أبو داود عثمان لم يسمع من صفوان، وهو مرسل ]. أورد أبو داود حديث صفوان بن أمية رضي الله عنه قال: [ (كنت آكل مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فآخذ اللحم بيدي من العظم) ] يعني: أنه كان يستخرج اللحم الذي على العظم بيده، ثم يضعه في فمه، فالرسول صلى الله عليه وسلم أرشده إلى أن ينهس أو يأخذ اللحم الذي على العظم بأسنانه، ومعلوم أن هذا فيما إذا كان اللحم الذي على العظم قليل، وكان سيستنفذه ويأكله، وليس معنى ذلك أنه ينهسه ثم يتركه، وإنما يأخذ منه على قدر ما يستفيد منه، ولا يأخذ شيئاً أكثر من حاجته ثم يلقيه فلا يستفاد منه؛ لأنه إذا استعمله بفيه ونهس منه استقذره الناس. قوله: [ (أدن العظم من فيك فإنه أهنأ وأمرأ) ] يعني: قرب العظم من فيك وانهس اللحم الذي عليه، والنهس: هو الأخذ بأطراف الأسنان، بخلاف النهش، فإنه التمكن بالأسنان. قوله: [ (فإنه أهنأ) ] يعني: هنيئاً. قوله: [ (وأمرأ) ] يعني: أنه سائغ محمود العاقبة. تراجم رجال إسناد حديث (كنت آكل مع النبي فآخذ اللحم بيدي من العظم ...) قوله: [ حدثنا محمد بن عيسى ] هو محمد بن عيسى الطباع ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة . [ حدثنا ابن علية ] هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم المشهور بابن علية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الرحمن بن إسحاق ] عبد الرحمن بن إسحاق وهو صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم وأصحاب السنن. [ عن عبد الرحمن بن معاوية ]. عبد الرحمن بن معاوية وهو صدوق سيئ الحفظ، أخرج له أبو داود وابن ماجة. [ عن عثمان بن أبي سليمان ] عثمان بن أبي سليمان ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأبو داود والترمذي في الشمائل، والنسائي وابن ماجة. [ عن صفوان بن أمية ] صفوان بن أمية رضي الله عنه، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن. معنى قول أبي داود (عثمان لم يسمع من صفوان وهو مرسل) [ قال أبو داود : عثمان لم يسمع من صفوان وهو مرسل . ] وقوله هنا: (وهو مرسل)، هذا في المعنى العام للمرسل. فرواية الراوي عمن عاصره ولم يسمع منه هو المرسل الخفي. والمرسل المشهور عند المحدثين: ما قال فيه التابعي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا. وهذا الذي معنا من كون عثمان لم يسمع من صفوان هو من قبيل الانقطاع وعدم الاتصال، والإرسال بهذا المعنى يأتي في جميع طبقات الإسناد، وهذا هو المرسل بالمعنى العام الذي هو الانقطاع، ولهذا قال: يرسل عن فلان، أو أرسل عن فلان، وليس المقصود أنه أضاف الحديث للرسول عليه الصلاة والسلام. وما فيه من كون الرسول صلى الله عليه وسلم أرشد إلى النهس، هذا جاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه كان يعجبه أن ينهس اللحم الذي على العظم، وكان يفعل ذلك صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. شرح حديث (كان أحب العراق إلى رسول الله عراق الشاة) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا أبو داود عن زهير عن أبي إسحاق عن سعد بن عياض عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (كان أحب العُرَاق إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عُرَاقُ الشاة) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن مسعود : [ (كان أحب العراق إلى رسول الله عراق الشاة) ] والعراق قيل: إنه جمع عرق، والعرق: هو العظم الذي عليه بقية لحم. وقد كان عليه الصلاة والسلام يأخذ ذراع الشاة وعليه بعض اللحم فيأكل منه، ومعلوم أن أخذه عليه الصلاة والسلام إنما هو للشيء الذي يحتاج إليه، فالذي ينبغي أن يأخذ الآكل من العظم على قدر حاجته، لا أن يأخذ قطعة كبيرة ويأكل منها قليلاً ثم ينزك ما بقي منها ويلقيه. إذاً: فالحديث الذي مر والذي فيه إرشاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى أنه ينهس من اللحم الذي على العظم، يشهد له حديث ابن مسعود هذا الذي معنا، والذي فيه أنه صلى الله عليه وسلم كان أحب العراق إليه عراق الشاة، أي: العظم الذي عليه بقية اللحم. والعراق هو العظم الذي عليه بقية اللحم، وقد جاء في الحديث: (أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً ، ثم قال عليه الصلاة والسلام: والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقاً سميناً، أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء)، يعني: لو يعلم المنافق أن في المسجد لحماً يوزع أو يؤكل ولو كان ذلك اللحم يسيراً؛ لجاء إلى العشاء من أجل أن يحصل على ذلك اللحم؛ لأنه يريد الدنيا ولا يريد الآخرة. تراجم رجال إسناد حديث (كان أحب العراق إلى رسول الله عراق الشاة) قوله: [ حدثنا هارون بن عبد الله ]. هو هارون بن عبد الله الحمال البغدادي ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا أبو داود ]. هو سليمان بن داود الطيالسي ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن. [ عن زهير ]. هو زهير بن معاوية ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي إسحاق ]. هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعد بن عياض ]. سعد بن عياض صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي . [ عن عبد الله بن مسعود ]. هو عبد الله بن مسعود الهذلي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وسماع زهير من أبي إسحاق فيه نظر، لكن هذا الحديث والحديث الذي قبله كل واحد منهما شاهد للآخر. والمتابعات تكون إذا كان الصحابي واحداً، والشواهد إذا كان الصحابي مختلفاً. إذاً: هذا من الشواهد؛ لأن الاتفاق نسبي، أي أن الاختلاف في أوله، أما الباقي فكله متفق عليه، ومعلوم أن الكلام الذي فيه إنما هو في كونه قال فيه: وهو مرسل. شرح حديث (... كان النبي يعجبه الذراع وسم في الذراع) وتراجم رجال إسناده قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن بشار حدثنا أبو داود بهذا الإسناد قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الذراع قال: وسم في الذراع، وكان يرى أن اليهود هم سموه) ] أورد أبو داود حديث ابن مسعود من طريق أخرى وفيه ذكر الذراع، والذراع هو الذي يكون فوق الأكارع، وهو الذي عليه لحم كثير، بخلاف الكراع فإنه ليس عليه شيء من اللحم. قوله: [ (كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الذراع قال: وسم في الذراع) ] يعني: أن السم وضع له في الذراع؛ لأنها كانت تعجبه، فوضعوه في الشيء الذي يعجبه. قوله: [ (وكان يرى أن اليهود هم سموه) ] يعني: أن اليهود هم الذين سموه . قوله: [ حدثنا محمد بن بشار ] محمد بن بشار الملقب ببندار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة. قوله: [ حدثنا أبو داود بهذا الإسناد ] أبو داود مر ذكره الأسئلة الاقتداء بالرسول بفعل المحبوب إليه طلباً للأجر والثواب السؤال: هل هذا الحب شرعي يسن الاقتداء به، كما في حديث: (كان أحب اللباس إليه القميص) وهل يثاب على هذا الفعل؟ الجواب: لا شك أن ما كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ينبغي أن يكون محبوباً للمسلم، كما جاء عن أنس أنه قال: (فما أحببت الدباء إلا يومئذٍ) أي: لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم يحب الدباء ويحرص عليه، فأحبها أنس وكان يحرص عليها، ولا شك أن المرء يثاب على ذلك، ولكل امرئ ما نوى. حكم النهس من العظم الذي عليه اللحم السؤال: هل يقال إن النهس سنة، وإن كان مستقبحاً في بعض الجهات والأعراف؟ الجواب: ليس هناك خير وأفضل من نبينا محمد عليه الصلاة والسلام الذي كان هذا فعله وهذا إرشاده، فقد نهس بنفسه وأرشد غيره إلى ذلك، ومعلوم أن الخير كل الخير في السير على منواله، ومعلوم أن أخذ اللحم من العظم الذي عليه شيء قليل منه لا بأس به إذا اختص به الآكل، أما لو أن إنساناً أخذ عظماً كثير اللحم ونهس منه قليلاً ثم ترك باقيه، فإن النفوس لا تقبله، وإن رماه في الأرض أتلفه على الناس، لكن يأخذ اللحم الخفيف الذي على العظم، بحيث يستوعبه الإنسان ويستنفده، وقد كان شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز رحمة الله عليه يحرص على أن ينهس من العظم. رواية النهس من صحيح مسلم السؤال: جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رفعت إليه الذراع وكانت تعجبه فنهس منها نهسة) فهل يعتبر هذا شاهداً لما تقدم من ذكر النهس ؟ الجواب: هو نفس القصة هذه، التي حصل فيها السم، فهو عندما نهس من الذراع نهسة تكلم الذراع وأخبره بأنه مسموم . ما جاء في أكل الدباء شرح حديث أنس (... فرأيت رسول الله يتتبع الدباء من حوالي الصحفة ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في أكل الدباء. حدثنا القعنبي عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أنه سمع أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: (إن خياطاً دعا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لطعام صنعه، قال أنس : فذهبت مع رسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى ذلك الطعام، فقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خبزاً مع شعير، ومرقاً فيه دباء وقديد، قال أنس : فرأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتتبع الدباء من حوالي الصحفة، فلم أزل أحب الدباء بعد يومئذٍ) . ] يقول المصنف رحمه الله: [باب في أكل الدباء ] والدباء هو القرع ، وقد مر بنا قريباً الأوعية التي كان ينتبذ بها، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الدباء، وعرفنا فيما مضى أنهم كانوا ينقرون النخل ويستخرجون اللب الذي في وسطه، ثم ينبذون فيه الأنبذة. فالدباء هو القرع، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يحبه، وقد روى أنس بن مالك رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم دعاه خياط لطعام صنعه له، فذهب معه أنس . وذهاب أنس مع النبي صلى الله عليه وسلم إما لكونه كان خادمه، أو لكونه تابعاً للنبي صلى الله عليه وسلم، وصاحب الطعام يعجبه أن يحضر النبي صلى الله عليه وسلم ومن يحضر معه. فقدم لهم خبزاً من شعير ومرقاً فيه دباء وقديد، وكان عليه الصلاة والسلام يتطلب الدباء من جوانب الصحفة، أي: من الجهة التي تليه، فلما رآه أنس يأخذ من اليمين والشمال في الجهة التي تليه من الجوانب علم بأنه يعجبه. وقد جاء عند البخاري وفيه زيادة: (فجعلت ألقيه إلى جانبه) يعني: أن أنساً كان يأخذ الدباء ويلقيه في جانب النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه رأى الرسول صلى الله عليه وسلم يأخذ من جوانب الصحفة، فعلم بأنه يعجبه. قوله: [ (فلم أزل أحب الدباء بعد يومئذ) ] يعني: أنه عندما رأى النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الدباء صار يعجبه هو أيضاً. والقديد هو اللحم الذي قد جعل عليه ملح، ويبس في الشمس وادخر؛ لأنهم كانوا يدخرون اللحوم بهذه الطريقة. والقد هو القطع بالطول حتى يصير مثل الحبل، ثم ينشرونه على الحبال حتى ييبس، وإذا صار يابساً جمعوه في كيس، ثم يستخرجون منه عند الحاجة، فيطبخونه ويأكلونه. تراجم رجال إسناد حديث أنس (... فرأيت رسول الله يتتبع الدباء من حوالي الصحفة ...) قوله: [ حدثنا القعنبي ] هو عبد الله بن مسلمة القعنبي ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة. [ عن مالك ] هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، محدث فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ] إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة هو ابن أخي أنس بن مالك لأمه؛ لأن عبد الله بن أبي طلحة أخو أنس بن مالك لأمه، فأنس عم لإسحاق من جهة الأم؛ لأن أبا طلحة تزوج أم سليم ، وأتت له بأولاد ومنهم عبد الله ، ومن أولاد عبد الله إسحاق . فإذاً أنس هو عمه لأمه، فهو يروي عن عمه لأمه أنس بن مالك رضي الله عنه. وإسحاق ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أنه سمع أنس بن مالك ] أنس بن مالك رضي الله عنه الصحابي الجليل، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا الإسناد من الرباعيات التي هي أعلى الأسانيد عنده أبي داود . الأسئلة عدم الفرق بين القرع والدباء السؤال: هل هناك فرق بين القرع والدباء؟ الجواب: ما أعلم فرقاً بينهما؛ لأن الدباء أنواع وليس نوعاً واحداً، ويقال له: اليقطين، كما في قوله تعالى: وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ [الصافات:146] فاليقطين من فئة الدباء والقرع. وكل نوع من الدباء يقال له قرع، لكنه ليس على هيئة واحدة وعلى شكل واحد. حكم ذهاب المرء مع مدعو إلى الطعام السؤال: يقول أنس (إن خياطاً دعا الرسول صلى الله عليه وسلم لطعام صبغة فذهبت معه) فما حكم الذهاب مع المدعو إلى الطعام؟ الجواب: إذا كان صاحب الطعام يفرح بمجيئه فإنه لا بأس بذلك، وإلا فإنه يستأذن كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض المناسبات، فإنه استأذن لبعض من كان معه ممن لم يُدْعَ. وجه أكل النبي صلى الله عليه وسلم من حوالي الصحفة كما في حديث تتبعه للدباء السؤال: هل فعل النبي صلى الله عليه وسلم فيه دليل على الأكل من جوانب الصحفة، إذا أعجبه شيء منه؟ الجواب: قوله: (من حوالي الصحفة) يعني: الجوانب التي تليه؛ وفعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لأن عددهم قليل، وليس هناك أحد مشارك غير أنس ، ولا ندري هل أكل صاحب الطعام معهما أم لا؟ لكن إذا كان المدعوون قليلين وأخذ من الجوانب التي تليه فلا بأس، وأما إن كانوا كثيرين ومتراصين، فكل يأخذ من جهته ولا يتعدى إلى جهة غيره. ما جاء في أكل الثريد شرح حديث (كان أحب الطعام إلى رسول الله الثريد من الخبز والثريد من الحيس) قال المصنف رحمه الله تعالى: (باب في أكل الثريد. حدثنا محمد بن حسان السمتي حدثنا المبارك بن سعيد عن عمر بن سعيد عن رجل من أهل البصرة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان أحب الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الثريد من الخبز، والثريد من الحيس). قال أبو داود: وهو ضعيف ]. أورد أبو داود هذا الحديث عن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: [ (كان أحب الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الثريد من الخبز، والثريد من الحيس) ]. والثريد هو اللحم مع الخبز، أي: أن الخبز يفت حتى يكون قطعاً صغيرة، ثم يطبخ ويكون معه اللحم، فهذا هو الثريد الذي هو من خير الأطعمة. والحديث الذي أورده أبو داود هنا ضعيف، ولكنه قد جاء ما يدل على تفضيل الثريد على غيره، كما في قوله صلى الله عليه وسلم : (فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام) وهذا يدل على تفضيله وعلى تميزه على غيره. تراجم رجال إسناد حديث (كان أحب الطعام إلى رسول الله الثريد من الخبز والثريد من الحيس) قوله: [ حدثنا محمد بن حسان السمتي ] محمد بن حسان السمتي هو صدوق لين الحديث، وحديثه أخرجه أبو داود . [ حدثنا المبارك بن سعيد ]. هو المبارك بن سعيد بن مسروق الثوري وهو صدوق، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي. [ عن عمر بن سعيد ] عمر بن سعيد وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي. [ عن رجل من أهل البصرة عن عكرمة ] الرجل الذي من أهل البصرة مبهم. وعكرمة مولى ابن عباس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ] هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. ما جاء في كراهية التقذر للطعام شرح حديث (لا يتحلجن في صدرك شيء ضارعت فيه النصرانية) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في كراهية التقذر للطعام. حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا زهير حدثنا سماك بن حرب حدثني قبيصة بن هلب عن أبيه رضي الله عنه قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسأله رجل فقال: إن من الطعام طعاماً أتحرج منه فقال: لا يتحلجنَّ في صدرك شيء ضارعت فيه النصرانية) ] قال المصنف رحمه الله: [ باب في كراهية التقذر للطعام ] يعني: كون المرء يقذر بعض الأطعمة أو يتقذر منها أو يتحرج منها، وهي مما أحل الله، وذلك إذا كانت النفس لا تعافها، أما إذا كانت النفس تعاف ذلك، فقد قال عز وجل: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا [البقرة:286]، فلا يلزم الإنسان يأكل الشيء الذي يكرهه ولا تميل إليه نفسه؛ لأن من الناس من إذا أكل شيئاً لا تريده نفسه يتقيأ؛ لأنه لا يرتاح له، فليس كل طعام تشتهيه النفوس وترغب فيه؛ لأن النفوس متفاوتة، وقد مر بنا وكذلك سيأتي أن الرسول صلى الله عليه وسلم عافت نفسه أكل الضب، وأكله خالد بن الوليد رضي الله عنه بين يديه؛ لكن الذي أورده أبو داود ليس من قبيل أن النفس تعافه، أو لا تقبله. أورد أبو داود حديث هلب الطائي رضي الله عنه قال: [ (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسأله رجل فقال: إن من الطعام طعاماً أتحرج منه) ] يعني: كونه من المباح والحلال. فقال: [ (لا يتحلجن في صدرك شيء ضارعت فيه النصرانية) ] يعني: لا يكون في نفسك ضيق أو حرج منه؛ لأنك إن فعلت ذلك ضارعت فيه النصرانية وشابهتهم وما ثلتهم في تشددهم وفي تعنتهم، وكما قال الله عز وجل: وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا [الحديد:27] . تراجم رجال إسناد حديث (لا يتحلجن في صدرك شيء ضارعت فيه النصرانية) قوله: [ حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي ] عبد الله بن محمد النفيلي ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا زهير حدثنا سماك بن حرب ] سماك بن حرب صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن. [ حدثني قبيصة بن هلب ] وهو مقبول، أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة . [ عن أبيه ]. هلب رضي الله عنه وهو صحابي، أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة . النهي عن أكل الجلالة وألبانها شرح حديث (نهى رسول الله عن أكل الجلالة وألبانها) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب النهي عن أكل الجلالة وألبانها. حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا عبدة عن محمد بن إسحاق عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن أكل الجلالة وألبانها) . ] يقول المصنف رحمه الله: [ باب النهي عن أكل الجلالة وألبانها ] الجلالة هي الدابة مباحة اللحم، وهي التي تأكل العذرة، والعذرة هي النجاسات، فالرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن أكلها وعن ألبانها، ولكنها تحبس وتعلف علفاً طيباً، وإذا طاب لحمها فإنها تؤكل. أورد أبو داود حديث ابن عمر: [ (نهى رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم عن أكل الجلالة وألبانها) ] وذلك لأنها أكلت النجاسة، ويكون فيها هذا القذر، وهذا فيما إذا كان أكثر طعامها ذلك الشيء، وأما إذا كان طعامها طيباً، ولكنه حصل أن أكلت شيئاً قذراً، وهو شيء قليل مغمور في ذلك الطعام الطيب، فإن ذلك لا يؤثر، ولا يقال لها: جلالة. تراجم رجال إسناد حديث (نهى رسول الله عن أكل الجلّالة وألبانها) قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ] عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فأخرج له في عمل اليوم والليلة. [ حدثنا عبدة ] هو عبدة بن سليمان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة . [ عن محمد بن إسحاق ] هو محمد بن إسحاق المدني صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن. [ عن ابن أبي نجيح ] هو عبد الله بن أبي نجيح هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن مجاهد ] هو مجاهد بن جبر المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عمر ] . هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما الصحابي الجليل، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وعنعنة ابن إسحاق لا تضر ؛ لأن الحديث جاء من طرق أخرى. شرح حديث (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لبن الجلالة) وترجمة رجال إسناده قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا ابن المثنى حدثني عبد الملك بن عمرو العقدي أبو عامر حدثنا هشام عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن لبن الجلالة) ] أورد أبو داود حديث ابن عباس: [ (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لبن الجلالة) ]، يعني: أن اللحم واللبن كليهما سواء في النهي. قوله: [ حدثنا ابن المثنى ] هو محمد بن المثنى أبو موسى الزمن ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة. [ حدثني أبو عامر ]. هو عبد الملك بن عمرو العقدي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا هشام ]. هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن قتادة ] هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عكرمة عن ابن عباس ] عكرمة و ابن عباس وقد مر ذكرهما. شرح حديث (نهى رسول الله عن الجلالة في الإبل أن يركب عليها أو يشرب من ألبانها) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن أبي سريج أخبرني عبد الله بن جهم حدثنا عمرو بن أبي قيس عن أيوب السختياني عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن الجلالة في الإبل أن يركب عليها، أو يشرب من ألبانها) ] أورد أبو داود حديث ابن عمر: [ (نهى رسول الله عن الجلالة في الإبل أن يركب عليها، أو يشرب من ألبانها) ] وهذا فيه النهي عن ركوب الجلالة وشرب لبنها، واللحم قد سبق أن مر ما يتعلق به. ووجه النهي عن ركوب الجلالة أن العرق يصيب الإنسان عندما يتصبب من جلدها. ومن العلماء من قال: ليس النهي للتحريم بل هو للكراهة؛ وذلك لكونها أكلت هذه المادة النجسة. فالنهي عن الركوب هو من أجل العرق؛ لأن الحمر الأهلية تركب وهي مع ذلك لا تؤكل. تراجم رجال إسناد حديث (نهى رسول الله عن الجلالة في الإبل أن يركب عليها أو يشرب من ألبانها) قوله: [ حدثنا أحمد بن أبي سريج ] أحمد بن أبي سريج ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي. [ أخبرني عبد الله بن جهم ]. وهو صدوق، أخرج له أبو داود . [ حدثنا عمرو بن أبي قيس ] وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن. [ عن أيوب السختياني ] هو أيوب بن أبي تميمة السختياني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن نافع ] هو نافع مولى ابن عمر وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عمر ] وقد مر ذكره. حقيقة الجلالة ومدة حبسها حتى يطيب لحمها البهائم التي تأكل الأوراق لا تعتبر جلالة؛ لأن الأوراق ليست نجسة، وإنما الجلالة التي تأكل العذرة فقط، أو كان الغالب عليها أكل العذرة، وأما إذا كانت تأكل علفاً وتأكل شيئاً يسيراً من العذرة، فهذا لا يؤثر . أما الدجاج فعذرته طاهرة، فلا يضره أن يأكل منها؛ لأن كل ما يؤكل لحمه فروثه وبوله طاهر، وإنما النجاسة في عذرة الإنسان، وعذرة الدواب التي لا يؤكل لحمها. أما عن مدة حبس الجلالة حتى يطيب لحمها فتترك ثلاثة أيام ثم تؤكل، وقيل: تترك مدة حتى يطمئن إلى طيب لحمها، ويقول الخطابي : فكره ذلك أبو حنيفة وأصحابه، والشافعي و أحمد بن حنبل، وقالوا: لا تؤكل حتى تحبس أياماً، وتعلف علفاً غيرها، فإذا طاب لحمها فلا بأس بأكله. وقد روي في حديث: (أن البقر تعلف أربعين يوماً، ثم يؤكل لحمها ) ، وكان ابن عمر رضي الله عنه يحبس الدجاجة ثلاثاً ثم يذبحها. وقال إسحاق بن رهوايه : لا بأس أن يؤكل لحمها بعد أن يغسل غسلاً جيداً، وكان الحسن البصري لا يرى بأساً بأكل لحوم الجلالة، وكذلك قال مالك بن أنس."
__________________
|
#7
|
||||
|
||||
![]() شرح سنن أبي داود (عبد المحسن العباد) كتاب الإمارة شرح سنن أبي داود [428] الحلقة (460) شرح سنن أبي داود [428] اختلفت آراء العلماء في أكل لحوم الخيل بين مبيح ومحرم والراجح هو ما دلت عليه الأحاديث الصحيحة وهو جواز أكلها، وقد ورد ذلك عن جملة من الصحابة، ولا بأس بأكل لحم الأرنب. أكل لحوم الخيل شرح حديث (نهانا رسول الله يوم خيبر عن لحوم الحمر وأذن لنا في لحوم الخيل) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في أكل لحوم الخيل. حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد عن عمرو بن دينار عن محمد بن علي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (نهانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم خبير عن لحوم الحمر، وأذن لنا في لحوم الخيل) ] يقول المصنف رحمه الله: [ باب في أكل لحوم الخيل ] يعني: أن ذلك سائغ مباح، وقد جاءت الأحاديث في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، وجاءت أحاديث في عدم أكلها، ولكن الصحيح هو الأحاديث التي جاءت في أكلها، فإنها ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنها حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما: [ (نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خبير عن لحوم الحمر، وأذن لنا في لحوم الخيل) ] أي: أن الحمر الأهلية لا يجوز أكل لحمها، وأن الخيل يجوز أكل لحمها، وأنه مباح لا بأس به. ومن العلماء من قال بعدم أكلها؛ لأنه جاء ذكرها في القرآن مقرونةً بالبغال والحمير، قال: وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ [النحل:8] فجمع بينها وبين البغال والحمير، والبغال والحمير يحرم أكلها. لكنه إنما ذكر في الآية الركوب، وأنه يكون لهذه ولهذه، وليس فيها تعرض للحم، وقد جاءت أحاديث صحيحة تدل على حل لحوم الخيل وحرمة لحوم الحمر الأهلية، أما الحمر الوحشية فأكلها حلال. تراجم رجال إسناد حديث (نهانا رسول الله يوم خيبر عن لحوم الحمر وأذن لنا في لحوم الخيل) قوله: [ حدثنا سليمان بن حرب ] سليمان بن حرب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد ] هو حماد بن زيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمرو بن دينار ] هو عمرو بن دينار المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن علي ] هو محمد بن علي بن الحسين الباقر وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جابر بن عبد الله ] جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، وقد مر ذكره. شرح حديث (ذبحنا يوم خيبر الخيل والبغال والحمير فنهانا رسول الله عن البغال والحمير ولم ينهنا عن الخيل) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (ذبحنا يوم خبير الخيل والبغال والحمير، فنهانا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن البغال والحمير، ولم ينهنا عن الخيل) ] أورد أبو داود حديث جابر ؛ أنهم ذبحوا يوم خبير الخيل والبغال والحمير، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن البغال والحمير ولم ينههم عن الخيل، فدل على تحريم البغال والحمير وعلى إباحة الخيل. تراجم رجال إسناد حديث (ذبحنا يوم خيبر الخيل والبغال والحمير فنهانا رسول الله عن البغال والحمير ولم ينهنا عن الخيل) قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ] موسى بن إسماعيل التبوذكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد ]. هو حماد بن سلمة ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن. [عن أبي الزبير ] هو محمد بن مسلم بن تدرس المكي صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جابر بن عبد الله ] جابر رضي الله عنه وقد مر ذكره. وهذا من الرباعيات التي هي أعلى الأسانيد عند أبي داود. شرح حديث (أن رسول الله نهى عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمير) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا سعيد بن شبيب وحيوة بن شريح الحمصي قال حيوة: حدثنا بقية عن ثور بن يزيد عن صالح بن يحيى بن المقدام بن معد يكرب عن أبيه عن جده عن خالد بن الوليد رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمير، زاد حيوة: وكل ذي ناب من السباع). قال أبو داود: وهو قول مالك. قال أبو داود: لا بأس بلحوم الخيل، وليس العمل عليه. قال أبو داود: وهذا منسوخ؛ قد أكل لحوم الخيل جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، منهم: ابن الزبير وفضالة بن عبيد، وأنس بن مالك، وأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهم، وسويد بن غفلة، وعلقمة، وكانت قريش في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تذبحها . ] أورد أبو داود حديث خالد بن الوليد رضي الله عنه: [ (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمير) ] هذا فيه إلحاق الخيل بالبغال والحمير، لكن الحديث ضعيف غير ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد جاء الإذن في لحوم الخيل كما سبق أن مر في الأحاديث الصحيحة، وأما هذا فهو حديث غير صحيح. زاد حيوة : [ (وكل ذي ناب من السباع) ] هذا ثابت، فكل ذي مخلب من الطير وناب من السباع، قد جاء ما يدل على تحريم لحومها، وكذلك الخيل والبغال جاء ما يدل على تحريم لحومها، وإنما الإشكال فيما يتعلق بالخيل، فالأحاديث التي مرت تدل على جواز أكل لحوم الخيل وأنه لا بأس به، وهذا الحديث يدل على عدم الأكل ولكنه حديث ضعيف. [ قال أبو داود: وهو قول مالك ] يعني: تحريمها . [ قال أبو داود: لا بأس بلحوم الخيل، وليس العمل عليه ] يعني: وليس العمل على هذا الحديث الذي فيه النهي عن لحوم الخيل، والصواب أنه لا بأس بلحوم الخيل. [ قال أبو داود: وهذا منسوخ، قد أكل لحوم الخيل جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ] يعني: إذا كان الحديث ثابتاً فقد أكلها جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولحديث: (ذبحنا يوم خيبر الخيل ...) . وقد جاء أكل لحوم الخيل عن عدد من الصحابة، وذكر أربعة من الصحابة واثنين من التابعين، وهم: ابن الزبير، وفضالة بن عبيد، وأنس بن مالك، وأسماء بنت أبي بكر، وسويد بن غفلة ، وعلقمة . تراجم رجال إسناد حديث (أن رسول الله نهى عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمير) قوله: [ حدثنا سعيد بن شبيب ]. وهو صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي . [ وحيوة بن شريح الحمصي ] حيوة بن شريح الحمصي ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجة. [ قال حيوة: حدثنا بقية ] هو بقية بن الوليد وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ، ومسلم وأصحاب السنن، وهو يدلس. [ عن ثور بن يزيد ] ثور بن يزيد ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ عن صالح بن يحيى بن المقدام بن معد يكرب ] وهو لين الحديث، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة. [ عن أبيه ] وهو مستور؛ أي مجهول الحال، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة. [ عن جده ] هو المقدام بن معد يكرب رضي الله تعالى عنه، وهو صحابي، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ عن خالد بن الوليد ] خالد بن الوليد رضي الله عنه صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . ترجمة الصحابة والتابعين الذين ذكروا ممن أكلوا لحوم الخيل قوله: [ منهم: ابن الزبير ] هو عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، وهو أول مولود ولد بعد الهجرة؛ لأنه ولد في قباء أول ما قدموا إلى المدينة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ وفضالة بن عبيد ] فضالة بن عبيد صحابي، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم وأصحاب السنن. [ وأنس بن مالك ] أنس بن مالك: مر ذكره. [ وأسماء بنت أبي بكر ] أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، أخرج لها أصحاب الكتب الستة. [ وسويد بن غفلة ] سويد بن غفلة تابعي مخضرم، وقيل: إنه قدم المدينة في اليوم الذي دفن فيه الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو من المخضرمين، قيل: إنه عاش مائة وثلاثين سنة، وذكر في ترجمته أنه كان يصلي بالناس التراويح في رمضان وعمره مائة وعشرون سنة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ وعلقمة ] هو علقمة بن قيس النخعي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ وكانت قريش في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم تذبحها ] يعني: أن هذا كان موجوداً في الجاهلية، وأقره الإسلام. أكل الأرنب شرح حديث (كنت غلاماً حَزورا فصدت أرنباً فشويتها...) قال المنصف رحمه الله تعالى: [ باب في أكل الأرنب. حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن هشام بن زيد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (كنت غلاماً حزورا وصدت أرنباً فشويتها، فبعث معي أبو طلحة رضي الله عنه بعجزها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأتيته بها فقبلها) ] يقول المصنف رحمه الله أورد أبو داود باباً: في أكل الأرنب. الأرنب هي من الصيد. أورد أبو داود حديث أنس قال: [ (كنت غلاماً حزورا) ]، أي: أنه كان ماهراً حاذقاً، ولهذا صاد هذه الأرنب. فأرسل عجزها أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبلها، والعجز: هو المؤخر الذي فيه الوركان والرجلان. قوله: [ (فشويتها) ] يعني: أنضجت الأرنب عن طريق الشواء. قوله:[ (فبعث معي أبو طلحة رضي الله عنه بعجزها إلى النبي صلى الله عليه وسلم) ] وأبو طلحة هو زوج أم سليم التي هي أم أنس رضي الله عنهم. قوله: [ (فأتيت بها النبي صلى الله عليه وسلم فقبلها) ] أي: فقبل هذه الهدية. تراجم رجال إسناد حديث (كنت غلاماً حزورا فصدت أرنباً فشويتها...) قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن هشام بن زيد ] هشام بن زيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس بن مالك ] أنس بن مالك رضي الله عنه، وقد مر ذكره. وهذا الإسناد رباعي، وهو من أعلى الأسانيد عند أبي داود . شرح حديث (قد جيء بالأرنب إلى رسول الله فلم يأكلها ولم ينه عن أكلها...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا يحيى بن خلف حدثنا روح بن عبادة حدثنا محمد بن خالد قال: سمعت أبي خالد بن الحويرث يقول: (إن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما كان بالصفاح-قال محمد : مكان بمكة- وإن رجلاً جاء بأرنب قد صادها، فقال يا عبد الله بن عمرو! ما تقول؟ قال: قد جيء بها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا جالس فلم يأكلها ولم ينه عن أكلها. وزعم أنها تحيض) ] أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه جاءه رجل قد اصطاد أرنباً فقال له: ما تقول؟ قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بأرنب فلم يأكلها ولم ينه عن أكلها، وزعم أنها تحيض، وهذا فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأكلها ولم ينه عن أكلها، والحديث الذي مر فيه أنه قبلها، أي: الهدية التي أهداها له أبو طلحة ، والحديث الثاني الذي فيه أنه لم يأكلها ولم ينه عنها حديث ضعيف غير ثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام. فالحديث الثابت هو الأول الذي فيه أنه قبلها صلى الله عليه وسلم. تراجم رجال إسناد حديث (قد جيء بالأرنب إلى رسول الله فلم يأكلها ولم ينه عن أكلها...) قوله: [ حدثنا يحيى بن خلف ] يحيى بن خلف صدوق، أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة . [ حدثنا روح بن عبادة ] روح بن عبادة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا محمد بن خالد ] وهو مستور، يعني مجهول الحال، أخرج له أبو داود . [ قال: سمعت أبي خالد بن الحويرث ]. خالد بن الحويرث مقبول، أخرج له أبو داود . [ يقول: إن عبد الله بن عمرو ] هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. في الحديث هذان الشخصان، وهما: محمد بن خالد ، وهو مجهول الحال، وأبوه: مقبول، فالحديث غير ثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام. الأسئلة مدى صحة حيض الأرنب السؤال: قوله: (وزعم أنها تحيض) أي الأرنب كما في حديث ابن عمرو ، فما مدى صحة حيض الأرنب؟ الجواب: لا أدري من قاله، ولعله عبد الله بن عمرو ، لكن ما أدري هل الأرنب تحيض أو لا تحيض؟ عدم ورود شيء في فضل ليلة النصف من شعبان السؤال: هل ورد في فضل ليلة النصف من شعبان فضل خاص؟ الجواب: م يثبت في فضلها شيء يخصها، وشيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز رحمة الله عليه كتب في ذلك مقالاً طبع مع مقالات أخرى بعنوان: (التحذير من البدع) وهي تتعلق بليلة النصف من شعبان، وليلة الإسراء والمعراج، وكذلك المولد، وكذلك الرؤيا التي زعم خادم الحجرة المسمى بالشيخ أحمد أنه رآها. معنى قول أبي داود في حديث خالد بن الوليد (وليس العمل عليه) السؤال: ما مدى صحة الاستدلال بكون الحديث ليس عليه العمل كما قال أبو داود في حديث خالد الذي فيه تحريم الخيل؟ الجواب: إذا كان الحديث ضعيفاً فليس هناك إشكال؛ لأنه مثل ما قال أبو داود هنا: وليس العمل عليه، يعني: هذا الحديث ضعيف، وإنما العمل على الحديث الصحيح الذي فيه جواز أكل لحوم الخيل. حكم تتبع الطعام من حوالي الصحفة السؤال: شرح بعض العلماء قوله: (يتتبع الدباء من حوالي الصحفة) فقال: إن هذا الطعام كان خاصاً له، وله أن يأكل من أي جهة شاء، فما تعليقكم؟ الجواب: لقد كان معه أنس بن مالك يؤاكله، وحتى لو كان الطعام يخص الإنسان وحده، فإنه يأكل من جهته، ويترك الباقي دون أن يمسه. حكم تقذر الطعام السؤال: جاء في الترجمة كراهية تقذر الطعام، فهل هذه الكراهة للتحريم؟ الجواب: الذي يبدو أنه يتفاوت؛ فهناك أشياء تكون واضحة، وأشياء فيها خفاء، فإذا كان المقصود بالتقذر للواضحات أنه يعافها وهي مباحة، فهذا شيء يعذر فيه الإنسان، وأما إذا كان شيئاً مباحاً وشيئاً حلالاً، ثم يتقذره من جهة أنه يذمه ويعيبه، فهذا يختلف عن الشيء الذي فيه خفاء. حكم فتح محلات الإنترنت السؤال: رجل يريد أن يفتح محلاً (للإنترنت) فهل يجوز له ذلك، مع العلم بأن (الإنترنت) يستخدم في الخير والشر؟ الجواب: ما دام يستعمل في الخير والشر فيمكن أن يجيء ناس فيستعملونه في الشر، ويكون من باب التعاون على الإثم والعدوان. حكم الماء النجس الذي تم معالجته بمواد حتى صار مثل الطاهر السؤال: الماء النجس إذا عولج بمواد فأصبح مثل الماء الطاهر من حيث الصفات، فما حكمه؟ الجواب: في هذا الزمان يقولون: إنه يكون طيباً ويكون طاهراً إذا حصل شيء يجعله يتحلل ويتحول إلى شيء آخر، ولكن الشيء المعروف أن أصله نجاسة فإن النفوس لا تقبله. حكم جمع القراء لقراءة القرآن عن الميت بأجرة أو بغير أجرة السؤال: من يجمع القراء لقراءة القرآن عن الميت بأجرة أو بدون أجرة، هل يستفيد الميت من هذا الفعل؟ الجواب: كل ذلك غير مشروع، لا يجمعهم لا بأجرة ولا بغير أجرة؛ لأن هذا عمل غير صحيح، والأعمال التي تصل إلى الأموات ينبغي أن يقتصر فيها على ما ورد في السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك مثل الصدقة عنه، والدعاء له، والحج والعمرة. حكم النبات الذي يسمد بنجاسة أو يسقى بها السؤال: هل يقاس على الجلالة النبات إذا سمد بسماد نجس، أو سقي بماء المجاري مثلاً؟ الجواب: نعم، مياه المجاري كله نجس، لكن كونه يسمد بشيء نجس ثم بعد ذلك يأتيه الماء مرة بعد أخرى حتى يتغير السماد ويذهب، فهو ليس مثل النجاسة التي يسقى بها دائماً وأبداً. حكم الاقتداء بكل ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم السؤال: هل يجوز الاقتداء بكل ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم، كمثل الخاتم والعمامة والإزار، أم هناك تفصيل؟ الجواب: معلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يستعمل الخاتم إلا لما قيل له إن الكفار لا يقبلون الكتاب إلا إذا كان مختوماً؛ فاتخذه، فالذي يحتاج إليه مثل ما احتاج إليه النبي صلى الله عليه وسلم له أن يفعل ذلك. أما مسألة العمامة ومسألة اللباس فالأمر في ذلك واسع، والمهم ألا يخرج الإنسان عن الهيئة التي يكون عليها أهل البلد إذا كانت صحيحة؛ لأنه إذا خالف أهل بلده فقد يساء به الظن."
__________________
|
#8
|
||||
|
||||
![]() شرح سنن أبي داود (عبد المحسن العباد) كتاب الإمارة شرح سنن أبي داود [429] الحلقة (461) شرح سنن أبي داود [429] لقد جاءت الأحاديث في حل أكل لحم الضب، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأكله، وعدم أكله له لا لكونه حراماً، وإنما لأن نفسه تعافه؛ لأنه لم يكن بأرض قومه، وقد أكل على مائدته صلى الله عليه وسلم. حكم أكل الضب شرح حديث (أكل الضب على مائدة رسول الله) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في أكل الضب. حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما : (أن خالته أهدت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سمناً وأضباً وأقطاً، فأكل من السمن ومن الأقط وترك الأضب تقذراً، وأكل على مائدته، ولو كان حراماً ما أكل على مائدة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) . ] يقول المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في أكل الضب ] والضب هو من دواب البر، وجاءت الأحاديث عن النبي عليه الصلاة والسلام في حله، حيث أقر وأذن بأكله صلى الله عليه وسلم، ولم يأكله عليه الصلاة والسلام؛ لأنه لم يكن بأرض قومه، فكان يعافه، ونفسه لا تشتهيه ولا تقبله، لأنه لم يألف ذلك، ولكنه حلال مباح؛ لأن خالد بن الوليد أكله بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، وهو لا يقر على باطل، فلو كان غير حلال لما أذن فيه رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولما أقر على أكله بين يديه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: [ (أن خالته أهدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمناً وأضباً وأقطاً، فأكل من السمن ومن الأقط وترك الأضب تقذراً) ]. يعني: أنه ما قبلته نفسه وما اشتهاه، ومعلوم أن النفوس تتفاوت، فيكون الشيء تكرهه بعض النفوس وتحبه بعض النفوس وتشتهيه، ولهذا الرسول صلى الله عليه وسلم ما أكله، وخالد رضي الله عنه أكله بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: [ (وأكل على مائدته، ولو كان حراماً ما أكل على مائدة رسول الله صلى الله عليه وسلم) ] يعني: لو كان حراماً ما أكل على مائدته؛ لأنه لا يقر على باطل صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، ومن المعلوم أن السنة هي كل قول قاله رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكل فعل فعله رسول الله، وكذلك ما فعل بحضرته وأقره وسكت عليه ولم ينكره، فإن هذا يفيد أنه سائغ وجائز؛ لأنه عليه الصلاة والسلام لا يقر على باطل. تراجم رجال إسناد حديث (أكل الضب على مائدة رسول الله) قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ]. حفص بن عمر ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي. [ حدثنا شعبة ]. هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي بشر ]. هو جعفر بن إياس بن أبي وحشية وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعيد بن جبير ]. سعيد بن جبير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وابن عباس وخالد بن الوليد ابنا خالة؛ لأن عبد الله بن عباس أمه لبابة الكبرى أم الفضل ، وأما خالد فأمه لبابة الصغرى ، وهما ابنا الخالة، وميمونة أم المؤمنين خالة ابن عباس وخالة خالد . شرح حديث أكل خالد للضب ورسول الله ينظر قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف رضي الله عنهما عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن خالد بن الوليد رضي الله عنه (أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيت ميمونة رضي الله عنها، فأتي بضب محنوذ، فأهوى إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيده، فقال بعض النسوة اللاتي في بيت ميمونة : أخبروا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بما يريد أن يأكل منه، فقالوا: هو ضب، فرفع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يده، قال: فقلت: أحرام هو يا رسول الله؟ قال: لا، ولكنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه، قال خالد: فاجتررته فأكلته ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينظر) ]. أورد أبو داود حديث خالد بن الوليد رضي الله عنه، أنه دخل مع الرسول صلى الله عليه وسلم بيت خالته ميمونة أم المؤمنين، وقدم له ضب فأهوى إليه بيده، فبعض النسوة اللاتي في البيت قلن: أخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يريد أن يأكل، فأخبروه بأنه ضب؛ فكف يده عليه الصلاة والسلام، ولما كف يده قال خالد : [ (أحرام هو؟ قال: لا، ولكنه ليس بأرض قومي فأجدني أعافه) ] يعني: ما ألفه وما اعتاده، ولم يكن بأرضه، ونفسه تكرهه وما تميل إليه. قال خالد : [ (فاجتررته فأكلته ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر) ]، فدل هذا على أنه مباح وحلال؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل: إنه حرام، ثم أيضاً كون خالد بن الوليد أكله بين يديه صلى الله عليه وسلم، كل ذلك دال على حله وعلى إباحته، وأنه لا مانع منه. قوله: [ (ولم يكن بأرض قومي) ] يعني: مكة وليس المدينة؛ لأن الضب يوجد بالمدينة. تراجم رجال إسناد حديث أكل خالد للضب ورسول الله ينظر قوله: [ حدثنا القعنبي ]. عبد الله بن مسلمة القعنبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة. [ عن مالك ]. مالك إمام دار الهجرة المحدث الفقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن شهاب ]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي أمامة سهل بن حنيف ]. أبو أمامة سهل بن حنيف اسمه أسعد وله رؤية، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن عباس ]. عبد الله بن عباس مر ذكره . [ عن خالد بن الوليد ]. خالد بن الوليد رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . قوله: [ (فأتي بضب محنوذ) ]. المحنوذ هو المشوي، قال عز وجل: فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ [هود:69] أي: مشوي، كما في قصة إبراهيم مع ضيوفه. شرح حديث (كنا مع رسول الله في جيش فأصبنا ضباباً فشويت منها ضباً فأتيت رسول الله فوضعته بين يديه ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عمرو بن عون أخبرنا خالد عن حصين عن زيد بن وهب عن ثابت بن وديعة رضي الله عنه قال: (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في جيش فأصبنا ضباباً، قال: فشويت منها ضباً، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فوضعته بين يديه قال: فأخذ عوداً فعد به أصابعه، ثم قال: إن أمة من بني إسرائيل مسخت دواباً في الأرض، وإني لا أدري أي الدواب هي، قال: فلم يأكل ولم ينه) ]. أورد أبو داود حديث ثابت بن وديعة رضي الله تعالى عنه: أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جيش، في سفر، فأصابوا ضباباً وصادوها، فشوى ضباً منها، وقدمه للنبي صلى الله عليه وسلم، فالرسول صلى الله عليه وسلم أخذ عوداً وجعل يعد أصابع الضب، فقال: [ (إن أمة من بني إسرائيل مسخت دواباً، ولا أدري من أي الدواب هي، فلم يأكل ولم ينه) ]. أي: لم يأكله ولم ينه عن أكله صلى الله عليه وسلم، ومعلوم أنهم اصطادوها، وصيدهم إياها يدل على أنها مباحة وأنها ليست بحرام، وفي الأحاديث التي مرت عن خالد بن الوليد دلالة على أنها مباحة وأنها ليست بحرام، وأنها أكلت بين يديه صلى الله عليه وسلم، وهو لا يقر على باطل ولا على حرام صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. قوله: [ (إن أمة من بني إسرائيل مسخت دواباً فلا أدري من أي الدواب هي) ] ، هذا القول من النبي صلى الله عليه وسلم كان قبل أن يعلم بأن الذين مسخوا لا يكون لهم نسل، فقد ثبت في صحيح مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله لم يجعل لأمة مسخت نسلاً) ، ومعنى هذا أن الأمة التي تمسخ تموت دون أن تتناسل، وعلى هذا فإن هذه الدواب وهذه الحيوانات لا يقال: إنها نتيجة مسخ سابق، وإنها متناسلة ممن مسخ سابقاً؛ لأنه ثبت في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله لم يجعل لأمة مسخت نسلاً) ، وعلى هذا فقوله هنا: [ (فلا أدري من أي الدواب هي) ] يدل على أنه قاله قبل أن يوحى إليه أن الأمم التي تمسخ تموت وتنقرض دون أن يكون لها نسل. تراجم رجال إسناد حديث (كنا مع رسول الله في جيش فأصبنا ضباباً فشويت منها ضباً فأتيت رسول الله فوضعته بين يديه ...) قوله: [ حدثنا عمرو بن عون ]. هو عمرو بن عون الواسطي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا خالد ]. هو خالد بن عبد الله الواسطي الطحان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن حصين ]. هو حصين بن عبد الرحمن وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن زيد بن وهب ]. زيد بن وهب وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ثابت بن وديعة ]. ثابت بن وديعة رضي الله عنه، وهو صحابي، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة. شرح حديث (أن رسول الله نهى عن أكل لحم الضب) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عوف الطائي أن الحكم بن نافع حدثهم حدثنا ابن عياش عن ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن أبي راشد الحبراني عن عبد الرحمن بن شبل رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن أكل لحم الضب) ]. أورد أبو داود حديث عبد الرحمن بن شبل رضي الله عنه، وفيه: [ (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل لحم الضب) ] وقد عرفنا في الأحاديث السابقة أنه أذن بأكله، وأنه أُكِلَ بين يديه، فيحمل ما جاء من النهي على أنه للتنزيه، وليس للتحريم. تراجم رجال إسناد حديث (أن رسول الله نهى عن أكل لحم الضب) قوله: [ حدثنا محمد بن عوف الطائي ]. هو محمد بن عوف الطائي وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود والنسائي في مسند علي . [ أن الحكم بن نافع ]. الحكم بن نافع هو أبو اليمان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا ابن عياش ]. هو إسماعيل بن عياش وهو صدوق روايته عن الشاميين معتبرة، وهو مخلط في غيرهم، وهذا من روايته عن الشاميين، وحديثه أخرجه البخاري في رفع اليدين وأصحاب السنن. [ عن ضمضم بن زرعة ]. ضمضم بن زرعة وهو صدوق يهم، أخرج له أبو داود وابن ماجة في التفسير. [ عن شريح بن عبيد ]. شريح بن عبيد وهو ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة. [ عن أبي راشد الحبراني ]. أبو راشد الحبراني وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي وابن ماجة. [ عن عبد الرحمن بن شبل ]. عبد الرحمن بن شبل رضي الله عنه، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والنسائي وابن ماجة. والحديث لا يقل عن رتبة الحسن فهو ثابت. حكم أكل لحم الحبارى شرح حديث (أكلت مع رسول الله لحم حبارى) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في أكل لحم الحبارى. حدثنا الفضل بن سهل حدثنا إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدي حدثني بريه بن عمر بن سفينة عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: (أكلت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لحم حبارى) ]. يقول المصنف رحمه الله: [ باب: في أكل لحم الحبارى ] والحبارى نوع من الطيور، وليست من ذوات المخالب، وهي مباحة وحلال، وهذا الحديث الذي ورد فيها ضعيف، ولكنها ليست من قبيل الطيور التي لها مخلب، فهي مباحة وحلال. تراجم رجال إسناد حديث (أكلت مع رسول الله لحم حبارى) قوله: [ حدثنا الفضل بن سهل ]. الفضل بن سهل هو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة. [ حدثنا إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدي ]. إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدي صدوق له مناكير، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي. [ حدثني بريه بن عمر بن سفينة ]. بريه بن عمر بن سفينة بريه لقب، واسمه إبراهيم ، وهو مستور، يعني مجهول الحال، أخرج له أبو داود والترمذي. [ عن أبيه ]. هو عمر بن سفينة وهو صدوق، أخرج له أبو داود والترمذي . [ عن جده ] سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه مسلم وأصحاب السنن. ما جاء في أكل حشرات الأرض شرح حديث (صحبت النبي فلم أسمع لحشرة الأرض تحريماً) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في أكل حشرات الأرض. حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا غالب بن حجرة حدثني ملقام بن تلب عن أبيه رضي الله عنه قال: (صحبت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلم أسمع لحشرة الأرض تحريماً) ]. قوله: [ باب: في أكل حشرات الأرض ] حشرات الأرض هي الدواب التي منها: القنفذ ومنها: الضب، ومنها غير ذلك، ومعلوم أن منها ما جاءت السنة بحله كالضب، ومنها أشياء ممنوعة؛ لما فيها من فساد وضرر مثل ذوات السموم وغيرها، ومنها: ما هو مسكوت عنه، أما الضفدع والسلحفاة فلا أعرف عنهما شيئاً. أورد أبو داود حديث تلب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: [ (صحبت النبي صلى الله عليه وسلم فلم أسمع لحشرة الأرض تحريماً) ] يعني: لم يسمع فيها شيئاً من التحريم، وهذا إخبار عما يعلمه، وهذا لا ينافي أن يكون غيره علم شيئاً وأخبر به؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم يحضرون مجالسه صلى الله عليه وسلم، فيحضره من يحضر، ويغيب عنه من يغيب، ويحصل في أحد المجالس بيان حكم شيء وبيان تحريمه، فيكون الذي لم يحضر لا يعلم شيئاً ولم يسمع شيئاً بالتحريم، ويكون الذي حضر علم بالتحريم، فأخبر الذي لم يحضر عن علمه بأنه لم يسمع، وأما غيره فإنه وقف على ما لم يقف عليه غيره، أو اطلع على ما لم يطلع عليه غيره، ومما يوضح أن الرسول صلى الله عليه وسلم يحصل منه الحديث، فيعلمه واحد من أصحابه ولا يعلمه كثير من الصحابة الحديث الذي فيه: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما ذهب إلى الشام، وفي أثناء الطريق لقيه أبو عبيدة وأمراء الأجناد، فقالوا: إن الطاعون وقع بالشام، وانقسموا إلى قسمين: منهم من يقول: ارجع بالناس ولا تدخل على الطاعون، ومنهم من يقول: ادخل، فعمر رضي الله عنه استشار المهاجرين والأنصار ومسلمة الفتح، فقال: ادعوا لي المهاجرين، فدعوا المهاجرين فسألهم ولم يكن عندهم علم عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، فقال بعضهم: نرى أنك تدخل وأنك جئت لأمر فلا ترجع دونه، وقال بعضهم: معك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تعرضهم للموت فتدخل بهم على الطاعون، فقال: ارتفعوا عني، وادعوا لي الأنصار، فأتي بالأنصار فاستشارهم، وصار جوابهم مثل جواب المهاجرين، منهم من قال: ادخل، ومنهم من قال: ارجع، ثم قال: ادعو لي مشيخة قريش من مسلمة الفتح، فدعوا له، فاتفق رأيهم على أنه يرجع ولم يختلفوا، ولم يكن عند جميعهم نص عن رسول الله عليه الصلاة والسلام وإنما اجتهاد. ثم عمر رضي الله عنه لما أخذ ما عند هؤلاء وهؤلاء وهؤلاء، عزم على أن يرجع، وأداه اجتهاده إلى أنه يرجع، فقال: إني مصبح على ظهر، فقال له أبو عبيدة : تفر من قدر الله يا أمير المؤمنين؟ وكان ممن يرى ألا يرجع، فقال له: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله، وكان عبد الرحمن بن عوف متغيباً في بعض حاجته، فلما جاء وعلم بالذي حصل قال: عندي علم في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول: (إذا وقع الطاعون وأنتم في بلد فلا تخرجوا فراراً منه، وإن وقع في بلد فلا تدخلوا عليه ) فبلغ ذلك عمر فسر؛ لأن اجتهاده وافق ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. الشاهد: أن عبد الرحمن بن عوف هو الذي كان عنده علم بهذه السنة، وكل هؤلاء الحاضرين ما عندهم علم بها. وقوله هنا: [ (صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أسمع لحشرة الأرض تحريماً) هذا على حسب ما علمه، ولكن ذلك لا ينفي ولا يمنع أن يكون غيره علم ما لم يعلم. وقوله: (لم أسمع) لا شك أن هذا من الأدب؛ لأن كون الإنسان يحكم على شيء لم يحط به علماً هذا خطأٌ. تراجم رجال إسناد حديث (صحبت النبي فلم أسمع لحشرة الأرض تحريماً) قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. هو موسى بن إسماعيل التبوذكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا غالب بن حجرة ]. عن غالب حجرة مجهول العين، أخرج له أبو داود . [ حدثني ملقام بن تلب ]. ملقام بن تلب مستور يعني مجهول الحال، أخرج له أبو داود والنسائي . [ عن أبيه ]. هو تلب صحابي، أخرج له أبو داود والنسائي. والحديث كما هو معلوم فيه مجهول العين، ومجهول الحال، فهو غير ثابت. شرح حديث (القنفذ خبيثة من الخبائث) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا إبراهيم بن خالد الكلبي أبو ثور حدثنا سعيد بن منصور حدثنا عبد العزيز بن محمد عن عيسى بن نميلة عن أبيه قال: (كنت عند ابن عمر رضي الله عنهما فسئل عن أكل القنفذ، فتلا: (( قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً ))[الأنعام:145] الآية، قال: قال شيخ عنده: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول: ذكر عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: خبيثة من الخبائث، فقال ابن عمر: إن كان قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذا فهو كما قال، ما لم ندر) ]. أورد أبو داود حديث ابن عمر أنه سئل عن أكل القنفذ، فتلا هذه الآية: قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً [الأنعام:145] يعني: أن القنفذ ليس من الأشياء التي ذكرت، فهو باقٍ على الأصل وعلى الإباحة، ومعلوم أن العلماء اختلفوا هل الأصل في هذه الأشياء الإباحة أو الحظر؟ من العلماء من قال: إن الأصل فيها الحظر، والإباحة تحتاج إلى دليل، ومنهم من قال بالعكس: الأصل هو الإباحة، والحظر هو الذي يحتاج إلى دليل، وهذا الذي جاء عن ابن عمر فيه إشارة إلى أن الأصل هو الإباحة، وأن الحظر هو الذي يحتاج إلى دليل، ولكن الحديث ضعيف. قوله: [ (إنها خبيثة من الخبائث) ]، إذا كانت من الخبائث فهي محرمة؛ لأن الله تعالى ذكر من صفات نبيه في التوراة والإنجيل: أنه يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث، فابن عمر رضي الله عنه عندما سمع هذا الكلام قال: (إن كان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا فهو كما قال) ] يعني: أن قول الرسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يعول عليه ، فإن قال: إنه خبيث من الخبائث فهو كما قال. قوله: [ (ما لم ندر) ] يعني: ما لم ندر الحكم، ويفهم منه أنه ما صدق بهذا الكلام؛ لأنه قال: [ (إن كان قاله فهو كما قال) ] يعني: إن ثبت أنه قاله، فالأمر كما قال، لكن الحديث غير صحيح. تراجم رجال إسناد حديث (القنفذ خبيثة من الخبائث) قوله: [ حدثنا إبراهيم بن خالد الكلبي أبو ثور ] . إبراهيم بن خالد الكلبي هو ثقة، أخرج له أبو داود وابن ماجة . [ حدثنا سعيد بن منصور ]. سعيد بن منصور وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبد العزيز بن محمد ]. هو عبد العزيز بن محمد الدراوردي صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عيسى بن نميلة ]. عيسى بن نميلة هو مجهول، أخرج له أبو داود . [ عن أبيه ]. أبوه نميلة مجهول، أخرج له أبو داود . [ قال: قال شيخ عنده: سمعت أبا هريرة ]. أبو هريرة رضي الله عنه هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً. والشيخ الذي روى عن أبي هريرة يحتمل أن يكون تابعياً ويحتمل أن يكون صحابياً، وإذا كان صحابياً فجهالته لا تؤثر، وإن كان تابعياً فغير الصحابة يحتاج إلى معرفة حاله وجهالته تضر، ولكن نفس الإسناد فيه هذان المجهولان وهما : عيسى بن نميلة ، وأبوه نميلة . حكم ما لم يذكر تحريمه شرح حديث (كان أهل الجاهلية يأكلون أشياء ويتركون أشياء تقذراً فبعث الله نبيه وأنزل كتابه وأحل حلاله وحرم حرامه...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: ما لم يذكر تحريمه. حدثنا محمد بن داود بن صبيح حدثنا الفضل بن دكين حدثنا محمد -يعني ابن شريك المكي - عن عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان أهل الجاهلية يأكلون أشياء ويتركون أشياء تقذراً، فبعث الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، وأنزل كتابه، وأحل حلاله وحرم حرامه، فما أحل فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، وتلا: (( قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا ))[الأنعام:145] إلى آخر الآية) ]. قوله: [ باب ما لم يذكر تحريمه ]. يعني: ما لم ينص على تحريمه، وهذا فيه إشارة إلى أن الأصل هو الإباحة، ولهذا قال: [ ما لم يذكر تحريمه ]، وهذا على أحد القولين في المسألة، وهو أن الأصل في المأكولات وفي الحيوانات الإباحة حتى يأتي التحريم. أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عباس : [ (أن أهل الجاهلية كانوا يأكلون أشياء ويتركون أشياء تقذراً) ] يعني: من دواب الأرض ومن حيوانات الأرض. قوله : [ (فأرسل الله رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم، وأنزل عليه الكتاب، فما أحل فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، وتلا: قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً [الأنعام:145]) ] أي: ما جاء التنصيص على أنه حلال فهو حلال، وما جاء التنصيص على أنه حرام فهو حرام، وما كان مسكوتاً عنه فهو معفو عنه، فللإنسان أن يأكله مادام أنه لم يأت دليل على التحريم، ثم تلا الآية التي فيها بيان ما هو محرم، وفيه إشارة إلى أن الأصل هو الحل وليس التحريم. تراجم رجال إسناد حديث (كان أهل الجاهلية يأكلون أشياء ويتركون أشياء تقذراً فبعث الله نبيه وأنزل كتابه وأحل حلاله وحرم حرامه ...) قوله: [ حدثنا محمد بن داود بن صبيح ]. محمد بن داود بن صبيح ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي . [ حدثنا الفضل بن دكين ]. الفضل بن دكين أبو نعيم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا محمد يعني ابن شريك المكي ]. محمد بن شريك المكي ثقة، أخرج له أبو داود . [ عن عمرو بن دينار ]. هو عمرو بن دينار المكي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي الشعثاء ]. أبو الشعثاء جابر بن زيد وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. ابن عباس قد مر ذكره. حكم أكل الضبع شرح حديث (سألت رسول الله عن الضبع فقال هو صيد ويجعل فيه كبش إذا صاده المحرم) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في أكل الضبع. حدثنا محمد بن عبد الله الخزاعي حدثنا جرير بن حازم عن عبد الله بن عبيد عن عبد الرحمن بن أبي عمار عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الضبع فقال: هو صيد ويجعل فيه كبش إذا صاده المحرم) . يقول المصنف رحمه الله: [ باب في أكل الضبع ] أورد فيه حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الضبع فقال: إنه صيد وفيه كبش للمحرم يعني فيه فدية؛ لأنه من الصيد، ولو كان بخلاف ذلك ما أبيح أكله، ولم يجعل فيه فدية، فلما كان الأمر أن المحرم إذا صاده فيه كبش -لأن الكبش مشابه له- دل على أنه صيد وأنه مباح وليس بحرام. تراجم رجال إسناد حديث (سألت رسول الله عن الضبع فقال هو صيد ويجعل فيه كبش إذا صاده المحرم) قوله: [ حدثنا محمد بن عبد الله الخزاعي ]. هو محمد بن عبد الله بن عثمان الخزاعي وهو ثقة، أخرج له أبو داود و ابن ماجة . [ حدثنا جرير بن حازم ]. جرير بن حازم وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن عبيد ]. هو عبد الله بن عبيد بن عمير وهو ثقة ، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن عبد الرحمن بن أبي عمار ]. عبد الرحمن بن أبي عمار وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن جابر بن عبد الله ]. هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. أقوال أهل العلم في حكم أكل الضبع الأحاديث التي ستأتي في الباب الذي بعد هذا تتعلق بتحريم كل ذي ناب من السباع، فمن العلماء من قال: إن الضبع مستثنى من السباع، ومنهم من قال: ليس من السباع، لكنه ذو ناب كما قاله ابن القيم ، والحديث إنما جاء في تحريم من له الوصفان: كونه من السباع، وكونه له ناب، والضبع لا يوصف أنه من السباع، فلم يجتمع فيه الأمران، وبعض أهل العلم قال: إنه من السباع ولكنه مستثنى بهذا الحديث. أما التفريق بين الضبع الذي يأكل الحشائش والنباتات والضبع الذي يأكل اللحوم ويفترس فلا نعلم فيه وجهاً وما دام أنه يقال له: ضبع فهو مباح."
__________________
|
#9
|
||||
|
||||
![]() شرح سنن أبي داود (عبد المحسن العباد) كتاب الإمارة شرح سنن أبي داود [430] الحلقة (462) شرح سنن أبي داود [430] الأصل في أشياء الإباحة إلا ما ورد الشرع بتحريمه مثل تحريم أكل كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير ولحوم الحمر الأهلية وهناك أشياء اختلف العلماء في حكم أكلها كالقنفذ والضبع. النهي عن أكل السباع شرح حديث (أن رسول الله نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب النهي عن أكل السباع. حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن أكل كل ذي ناب من السبع) ]. يقول المصنف رحمه الله تعالى: [ باب النهي عن أكل السباع ] والسباع هي الحيوانات المفترسة كالأسد والذئب والنمر وغير ذلك. أورد أبو داود عدة أحاديث منها حديث أبي ثعلبة الخشني جرثوم بن ناشر رضي الله عنه: [ (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل كل ذي ناب من السبع) ] يعني: كل ذي ناب من السباع، فإن أكله يكون حراماً، وهذه قاعدة جاءت في هذا الحديث، يعني: كل ذي ناب من السباع فهو حرام. تراجم رجال إسناد حديث (أن رسول الله نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع) قوله: [ حدثنا القعنبي ]. القعنبي مر ذكره . [ عن مالك ]. مر ذكره . [ عن ابن شهاب ]. مر ذكره . [ عن أبي إدريس ]. أبو إدريس الخولاني اسمه عائذ الله، ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو من كبار التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي ثعلبة الخشني ]. أبو ثعلبة الخشني رضي الله عنه وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة. شرح حديث (نهى رسول الله عن أكل كل ذي ناب من السبع وعن كل ذي مخلب من الطير) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن ميمون بن مهران عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن أكل كل ذي ناب من السبع، وعن كل ذي مخلب من الطير) ] أورد أبو داود حديث ابن عباس : [ (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السبع، وعن أكل كل ذي مخلب من الطير) ]، وهذا فيه بيان أن ما كان ذا مخلب من الطيور يفترس به كالصقر والباز وغيرها فإنه يكون حراماً، والجزء الأول جاء في حديث أبي ثعلبة، يعني تحريم أكل كل ذي ناب من السباع، أي: أن الحيوانات المفترسة محرمة سواء كانت من السباع ولها ناب أو من الطيور ولها مخلب، وهذا من جوامع الكلم التي أوتيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا جاء عن بعض الصحابة أنه قال: [ توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يطير يقلب جناحيه في السماء إلا وذكر لنا عنه علماً ]. تراجم رجال إسناد حديث (نهى رسول الله عن أكل كل ذي ناب من السبع وعن كل ذي مخلب من الطير) قوله: [ حدثنا مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا أبو عوانة ]. هو الوضاح بن عبد الله اليشكري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة . [ عن أبي بشر ]. هو جعفر بن إياس مر ذكره. [ عن ميمون بن مهران ]. ميمون بن مهران ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن. [ عن ابن عباس ]. ابن عباس وقد مر ذكره. شرح حديث (ألا لا يِحل ذو ناب من السباع ولا الحمار الأهلي ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن المصفى الحمصي حدثنا محمد بن حرب عن الزبيدي عن مروان بن رؤبة التغلبي عن عبد الرحمن بن أبي عوف عن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (ألا لا يحل ذو ناب من السباع ولا الحمار الأهلي، ولا اللقطة من مال معاهد إلا أن يستغني عنها، وأيما رجل ضاف قوماً فلم يقروه، فإن له أن يعقبهم بمثل قراه) ]. أورد أبو داود حديث المقدام بن معد يكرب رضي الله تعالى عنه قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: [ (ألا لا يحل ذو ناب من السباع ولا الحمار الأهلي) ] وهذا مطابق لما جاء في حديث جابر وحديث جرثوم بن ناشر المتقدمين. قوله: [ (ولا الحمار الأهلي) ] هذا جاء من هذا الطريق ومن طرق أخرى، من ذلك ما جاء في الحديث (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر). قوله: [ (ولا اللقطة من مال معاهد) ] المعاهد هو الذي له عهد من أهل الكتاب من الكفار. قوله: [ (إلا أن يستغني عنها) ] يعني: إلا إذا تركها وزهد فيها. قوله: [ (وأيما رجل ضاف قوماً فلم يقروه فإن له أن يعقبهم بمثل قراه) ] يعني: له أن يأخذ منهم بمثل ما يستحقه، وهذا سبق في باب الضيافة في هذا الكتاب كتاب الأطعمة، كما في بعض الأحاديث الدالة على هذا. تراجم رجال إسناد حديث (ألا لا يحل ذو ناب من السباع ولا الحمار الأهلي...) قوله: [ حدثنا محمد بن المصفى الحمصي ]. محمد بن المصفى الحمصي صدوق له أوهام، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة . [ حدثنا محمد بن حرب ]. محمد بن حرب وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزبيدي ]. هو محمد بن الوليد الزبيدي الحمصي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ عن مروان بن رؤبة التغلبي ]. مروان بن رؤبة التغلبي وهو مقبول، أخرج له أبو داود . [ عن عبد الرحمن بن أبي عوف ]. عبد الرحمن بن أبي عوف وهو ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي . [ عن المقدام بن معد يكرب ]. هو المقدام بن معد يكرب الزبيدي رضي الله عنه، وحديثه أخرجه البخاري وأصحاب السنن. شرح حديث (نهى رسول الله يوم خيبر عن أكل كل ذي ناب من السباع وعن كل ذي مخلب من الطير) وترجمة رجال الإسناد قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن بشار عن ابن أبي عدي عن ابن أبي عروبة عن علي بن الحكم عن ميمون بن مهران عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم خيبر عن أكل كل ذي ناب من السباع، وعن كل ذي مخلب من الطير) ]. أورد أبو داود حديث ابن عباس : [ (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن أكل كل ذي ناب من السباع، وعن كل ذي مخلب من الطير) ] وهو موافق لما تقدم. قوله: [ حدثنا محمد بن بشار ] محمد بن بشار الملقب ببندار البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة. [ عن ابن أبي عدي ]. هو محمد بن إبراهيم ابن أبي عدي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن ابن أبي عروبة]. هو سعيد بن أبي عروبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن علي بن الحكم ]. علي بن الحكم وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ عن ميمون بن مهران عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ]. قد مر ذكر الثلاثة. شرح حديث خالد (... وحرام عليكم حمر الأهلية وخيلها وبغالها وكل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عمرو بن عثمان حدثنا محمد بن حرب حدثني أبو سلمة سليمان بن سليم عن صالح بن يحيى بن المقدام عن جده المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه عن خالد بن الوليد رضي الله عنه قال: (غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خيبر، فأتت اليهود فشكوا أن الناس قد أسرعوا إلى حظائرهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا لا تحل أموال المعاهدين إلا بحقها، وحرام عليكم حمر الأهلية وخيلها وبغالها، وكل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير) ]. أورد أبو داود حديث خالد بن الوليد رضي الله عنه أنه غزا مع الرسول صلى الله عليه وسلم يوم خيبر، وأنهم أسرعوا إلى الحظائر التي لليهود، والحظائر هي الأماكن التي تحاط وتكون فيها البقر والغنم لحفظها ولحمايتها من الانفلات، أو من أن يحصل لها برد أو ما إلى ذلك. قوله: [ (وحرام عليكم حمر الأهلية وخيلها وبغالها) ]. الحمر والبغال وكل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير كل هذه صح وثبت حرمتها، لكن حرمة الخيل غير صحيح؛ لأن الذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث أنها مباحة وأنها حلال، والأحاديث التي فيها تحريمها فيها ضعف، وهذا منها؛ لأن هذا في إسناده صالح بن يحيى بن المقدام وهو ضعيف. تراجم رجال إسناد حديث خالد (... وحرام عليكم حمر الأهلية وخيلها وبغالها وكل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير) قوله: [ حدثنا عمرو بن عثمان ]. هو عمرو بن عثمان الحمصي صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة . [ حدثنا محمد بن حرب حدثني أبو سلمة سليمان بن سليم ]. سليمان بن سليم هو ثقة، أخرج له أصحاب السنن. [ عن صالح بن يحيى بن مقدام ]. صالح بن يحيى بن مقدام وهو لين، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة . [ عن جده المقدام بن معد يكرب عن خالد بن الوليد ]. المقدام وخالد مر ذكرهما. وجه حضور خالد بن الوليد فتح خيبر ذكر شهود خالد بن الوليد غزوة خيبر فيه إشكال؛ لأن من العلماء من قال: إن خالداً رضي الله عنه أسلم عام الفتح، ومنهم من قال: إنه أسلم بين الحديبية والفتح، وهذا هو الذي اختاره ابن حجر ، وخيبر بين الحديبية والفتح، فيكون حضوره خيبر ممكناً، فالفتح كان سنة ثمان، وخيبر كانت في سنة سبع، والحديبية في سنة ست، فيحتمل أنه حضر فتح خيبر. شرح حديث (أن النبي نهى عن أكل الهر وأكل ثمنها) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن حنبل و محمد بن عبد الملك قالا: حدثنا عبد الرزاق عن عمر بن زيد الصنعاني أنه سمع أبا الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الهر)، قال ابن عبد الملك : (عن أكل الهر، وأكل ثمنها) ]. أورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله : [ (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الهر) قال ابن عبد الملك : (نهى عن أكل الهر وأكل ثمنها) ]. يعني: أن شيخي أبي داود الأول قال: [ (نهى عن ثمن الهر) ]، والثاني قال: [ (نهى عن أكل الهر وأكل ثمنها) ] والحديث ضعيف، لكن جاء في صحيح مسلم : (أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ثمن الكلب والهر فزجر عنه) ، وهذا الحديث يدل على هذا الحديث الذي معنا، ومعنى ذلك أنه مثل الكلب لا يجوز أكله، ثم إيراد أبي داود له في باب السباع يشعر بأنه من السباع، ومنهم من قال: إن الهر من ذوات الأنياب، ومعلوم أن الهر يأكل الفأر. تراجم رجال إسناد حديث (أن النبي نهى عن أكل الهر وأكل ثمنها) قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ]. هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام المحدث ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و محمد بن عبد الملك ]. هو محمد بن عبد الملك بن زنجويه وهو ثقة، أخرج له أصحاب السنن. [ حدثنا عبد الرزاق ]. هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمر بن زيد الصنعاني ]. عمر بن زيد الصنعاني وهو ضعيف، أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة . [ أنه سمع أبا الزبير ]. هو محمد بن مسلم بن تدرس المكي صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جابر بن عبد الله ]. قد مر ذكره. الأسئلة وجه صحة قول الشافعية كل ما استحسنته العرب فهو حلال وكل ما استخبثته العرب فهو حرام السؤال: هل هذه القاعدة التي قررها الشافعية: كل ما استحسنته العرب فهو حلال، وكل ما استخبثته العرب فهو حرام، صحيحة أخذاً من آية تحريم الخبائث وتحليل الطيبات؟ الجواب: العرب يتفاوتون وليسوا على حد سواء، فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يأكل الضب وخالد رضي الله عنه أكل الضب وهما من العرب، فبعض النفوس تستحسن شيئاً وتميل إليه وتشتهيه، وبعضها لا تستحسنه ولا تميل إليه وتكرهه. وجه صحة قاعدة كل ما أُمر بقتله مثل الفأرة وما حرم قتله مثل الضفدع فلا يجوز أكله السؤال: ما صحة هذه القاعدة: كل ما أمر بقتله مثل الفأرة وما حرم قتله مثل الضفدع لا يجوز أكله ؟ الجواب: الفأرة أمرها واضح، والضفدع جاء حديث في النهي عن قتله، وهو يفيد تحريمه؛ لأنه لو كان مباحاً لم ينه عن قتله. معنى قوله (وما سكت عنه فهو عفو) السؤال: ما معنى قوله: (وما سكت عنه فهو عفو) ؟ الجواب: معناه: أنه مباح. وجه إثبات صفة السكوت لله في قوله (وما سكت عنه فهو عفو) السؤال: هل في هذا الحديث فيه إثبات صفة السكوت لله وهو قوله: (وما سكت عنه فهو عفو) ؟ الجواب: السكوت معناه: أنه لم يبين أشياء ولم يذكر فيها حكماً، والله تعالى يتكلم متى شاء كيف شاء أنى شاء، لكن هل يوصف بأنه يتصف بالسكوت؟ لا أدري. حكم أكل بيض الضب السؤال: هل يؤكل بيض الضب؟ الجواب: نعم، فإذا جاز أكل الضب جاز أكل بيضه. عدم دلالة قوله تعالى (وجاء بكم من البدو) على كون يعقوب بدوياً السؤال: جاء في سورة يوسف: وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ [يوسف:100] هل يعقوب عليه السلام بدوي؟ الجواب: الأنبياء والرسل كلهم من الحضر ومن أهل القرى، كما قال الله عز وجل في السورة نفسها في آخرها: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى [يوسف:109]، وفي هذه الآية الكريمة بيان أنهم رجال وليسوا نساءً، وأنهم من أهل القرى وليسوا من البادية، وما جاء في سورة يوسف من قوله: وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ [يوسف:100] لا يدل على أنهم من أهل البادية، وإنما يحمل على أنهم حاضرة وذهبوا للبادية فجلسوا فيها مدة وجاءوا منها، كما أن البدوي لو جاء إلى الحاضرة وجلس في الحاضرة مدة ثم رجع إليها لا يقال: إنه حضري، والحضري لو خرج إلى البادية وجلس في البادية مدة ثم رجع لا يقال: إنه بدوي. عدم جهر يوسف بقوله (أنتم شر مكاناً) السؤال: جاء في سورة يوسف: قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ [يوسف:77] هل يوسف عليه السلام بذلك صراحة أم قالها في نفسه؟ الجواب: الذي يبدو أنه قالها في نفسه؛ لأنه لو قال ذلك صراحة وأسمعهم لتبين لهم أنه يوسف ولعرفوه. عدم نبوة إخوة يوسف عليه السلام السؤال: هل إخوة يوسف أنبياء؟ الجواب: ليسوا بأنبياء، وقد ذكر ذلك ابن كثير وغيره، ومعلوم أن الصفات التي ذكرها الله عنهم في القرآن تدل على أنهم ليسوا بأنبياء. عدم نبوه مريم عليها السلام السؤال: هل مريم تعتبر من الأنبياء؟ الجواب: لا، هي صديقة. حكم شرب الدواء المستخرج من الضفادع السؤال: أثبت الطب الحديث أن للضفادع دوراً في صناعة الأدوية، وأن كثيراً من الأدوية فيها شيء من الضفادع، فهل يجوز شرب هذا الدواء؟ الجواب: هي محرمة، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تتداووا بحرام). وجه قول المالكية إن الأمر بالوضوء من أكل لحوم الإبل محمول على الوضوء اللغوي السؤال: تقول المالكية: إن الأمر بالوضوء من أكل لحوم الإبل محمول على الوضوء اللغوي، فهل هذا صحيح؟ الجواب: ليس بصحيح؛ لأن الأصل في كلام الرسول صلى الله عليه وسلم هو المعنى الشرعي؛ لأن قيل له: (أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: لا) ولو كان المقصود به الوضوء الشرعي الذي هو تغسيل اليدين فهم يغسلون أيديهم من لحوم الغنم، ولا يتركون أيديهم بدون تغسيل، فغسل الدسومة والشيء الذي يعلق باليد من آثار الأكل يكون من لحم الغنم ولحم الإبل، ولكن المقصود بالوضوء هو الوضوء الشرعي. حكم سنية ما كان منه صلى الله عليه وسلم قبل البعثة السؤال: هل يدخل في السنة ما كان منه صلى الله عليه وسلم قبل البعثة؟ الجواب: لا؛ لأن التشريع كله كان بعد البعثة، فقد نزل الوحي عليه صلى الله عليه وسلم خلال ثلاث وعشرين سنة، لكن كان صلى الله عليه وسلم قبل البعثة متصفاً بالأخلاق الكريمة، أما التشريع كله فقد كان بعد البعثة. حكم ما هم به صلى الله عليه وسلم ولم يفعله السؤال: ما هم به عليه الصلاة والسلام ولم يفعله هل يدخل في السنة؟ الجواب: همه بالشيء وعدم فعله يدل على تحريمه، وأنه شيء غير سائغ، مثل ما جاء في قوله: (لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم أنطلق إلى أناس لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار) فهو عليه الصلاة والسلام هم بالتحريق ولم يفعل ذلك، فدل على تحريمه. حكم أكل الثعبان وغيره من ذوات السموم السؤال: هل أكل الثعبان محرم، حيث إن في بعض التدريبات العسكرية يعتبر أكل الثعبان من تدريب الجنود؟ الجواب: هذه الحشرات كالعقارب والحيات والثعابين خبيثة لا تؤكل. حكم صيام كفارة القتل الخطأ عن غير المسلم السؤال: حصل من شخص حادث سيارة، وتوفي في الحادث ثلاث نساء: واحدة مسلمة واثنتان مسيحيتان، فهل يصوم عن الثلاث كلهن أم عن المسلمة فقط؟ الجواب: قال الله: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ [النساء:92] فهذه الآية فيها بيان أنه إذا لم يجد رقبة فإنه يتحول إلى الصيام، فهذا الرجل يصوم ستة أشهر، ولكن الأشهر الستة ليس بلازم أن تكون متوالية، فله أن يصوم شهرين ثم يفصل بمدة، ثم بعد ذلك يصوم شهرين وهكذا، لكن الكفارة الواحدة لابد فيها من التتابع، أما الكفارات المتعددة فلا يلزم تتابعها، بل يمكن أن يأتي بكل واحدة على حدة ويفصل بينها بالمدة التي يستجم بها ويستريح. حكم جلود السباع وسؤرها السؤال: هل جلود السباع وسؤرها نجس؟ الجواب: جلود السباع لا يجوز استعمالها؛ لأنه جاء ما يدل على منع ذلك وعلى تحريمه، وسؤرها نجس، وإذا كان الماء قليلاً فإنه يتأثر، وأما إذا كان الماء كثيراً فلا تؤثر فيه النجاسة. جواز الجمع بين الصلاة والسلام لغير النبي من الأنبياء والمرسلين السؤال: هل يجمع لغير النبي صلى الله عليه وسلم من الأنبياء بين الصلاة والسلام؟ الجواب: لا أعلم شيئاً يمنع من أن يصلى ويسلم على الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى غيره من الأنبياء والرسل. حكم ذبح القنفذ ووضع دمه في أنف المصروع السؤال: في بعض البلدان إذا كان الشخص به مرض الصرع فإنهم يذبحون القنفذ ويأخذون الدم الذي يخرج منه حين الذبح، ثم يضعونه في أنف المصروع أو يشربه وهو نافع جداً؟ الجواب: كونهم يذبحون القنفذ ويضعون الدم في أنف المصروع هذا غير صحيح؛ لأن هذا الذبح يمكن أن يكون فيه شيء يتعلق بالتقرب للشياطين. حكم صلاة ركعتين قبل السفر السؤال: هل من السنة صلاة ركعتين قبل السفر؟ الجواب: لا أعلم، لكن ورد أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا قدم من سفر أتى المسجد وصلى فيه ركعتين. معنى تسوية الصفوف والمحاذاة فيها السؤال: هل المعتبر في تسوية الصفوف طرف الرجل أو الكعب؟ الجواب: أن المعتبر هو المحاذاة بالكعاب؛ لأن الأرجل تتفاوت في الطول والقصر، ولأن الرجل الذي رجله قصيرة إذا أراد أن يحاذي من رجله طويلة يكون متقدماً، ولكن المحاذاة تكون بالكعاب. حكم أكل لحوم الحمر الأهلية شرح حديث (نهى رسول الله يوم خيبر عن أن نأكل لحوم الحمر) قال المصنف يرحمه الله تعالى: [ باب في أكل لحوم الحمر الأهلية. حدثنا إبراهيم بن حسن المصيصي حدثنا حجاج عن ابن جريج أخبرني عمرو بن دينار أخبرني رجل عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يوم خيبر عن أن نأكل لحوم الحمر، وأمرنا أن نأكل لحوم الخيل) قال عمرو : فأخبرت هذا الخبر أبا الشعثاء ، فقال: قد كان الحكم الغفاري فينا يقول هذا، وأبى ذلك البحر، يريد ابن عباس رضي الله عنهم ]. يقول المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في أكل لحوم الحمر الأهلية ] لحوم الحمر الأهلية أكلها حرام، وقد حرم ذلك عام خيبر، وجاء فيها أحاديث كثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. أورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم عام خيبر لحوم الحمر الأهلية وأذن في لحوم الخيل، فدل هذا على تحريم لحوم الحمر الأهلية، وعلى إباحة أكل لحوم الخيل. وقد جاءت الأحاديث عن النبي عليه الصلاة والسلام في تحريم لحوم الحمر الأهلية عن عشرين صحابياً ذكرهم ابن القيم رحمه الله في تهذيب السنن. وذكر المصنف رحمه الله طريقاً أخرى فيها أن الحكم الغفاري جاء عنه مثل ما جاء عن جابر رضي الله عنه. وقوله: [ وأبى ذلك البحر، يريد ابن عباس ] قيل: لعل ذلك كان منه قبل أن تبلغه الأحاديث في ذلك عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، والحمر الأهلية حرمت، وجاء في تعليل تحريمها أنها رجس، كما جاء ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الأحاديث. تراجم رجال إسناد حديث (نهى رسول الله يوم خيبر عن أن نأكل لحوم الحمر) قوله: [ حدثنا إبراهيم بن حسن المصيصي ]. إبراهيم بن الحسن المصيصي ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي . [ حدثنا حجاج ]. هو حجاج بن محمد المصيصي الأعور وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن جريج ]. هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني عمرو بن دينار ]. هو عمرو بن دينار المكي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني رجل ]. قد جاء في صحيح البخاري وغيره أنه محمد بن علي بن الحسين المعروف بالباقر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جابر بن عبد الله ]. هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، وهو صحابي جليل ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ قال عمرو : فأخبرت هذا الخبر أبا الشعثاء ]. أبو الشعثاء هو جابر بن زيد وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ فقال: قد كان الحكم الغفاري فينا يقول هذا ]. أي: هذا الذي جاء في هذا الحديث من تحريم الحمر الأهلية جاء عن الحكم ، والحكم الغفاري صحابي، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ وأبى ذلك البحر ]. البحر لقب به ابن عباس ؛ وذلك لسعة علمه رضي الله تعالى عنه، وهو أحد العبادلة الأربعة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. شرح حديث (أطعم أهلك من سمين حمرك) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن أبي زياد حدثنا عبيد الله عن إسرائيل عن منصور عن عبيد أبي الحسن عن عبد الرحمن عن غالب بن أبجر رضي الله عنه قال: (أصابتنا سنة، فلم يكن في مالي شيء أطعم أهلي إلا شيء من حمر، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حرم لحوم الحمر الأهلية، فأتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: يا رسول الله! أصابتنا السنة ولم يكن في مالي ما أطعم أهلي إلا سمان الحمر، وإنك حرمت لحوم الحمر الأهلية، فقال: أطعم أهلك من سمين حمرك، فإنما حرمتها من أجل جوال القرية، يعني الجلالة) ]. قال أبو داود عبد الرحمن هذا هو ابن معقل . قال أبو داود : روى شعبة هذا الحديث عن عبيد أبي الحسن عن عبد الرحمن بن معقل عن عبد الرحمن بن بشر عن ناس من مزينة: أن سيد مزينة أبجر أو ابن أبجر سأل النبي صلى الله عليه وسلم . حدثنا محمد بن سليمان حدثنا أبو نعيم عن مسعر عن ابن عبيد عن ابن معقل عن رجلين من مزينة أحدهما عن الآخر، أحدهما عبد الله بن عمرو بن عويم، والآخر غالب بن الأبجر ، قال مسعر : أرى غالباً الذي أتى النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث ]. أورد أبو داود حديث غالب بن أبجر الذي فيه: أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: إنك حرمت لحوم الخيل، وليس عندي ما أطعم أهلي إلا سمان هذه الحمر، فقال: أطعم أهلك من سمان الحمر فإنما حرمتها من أجل أنها جوال القرية، وال القرية هي الجلالة التي تأكل العذرة، ومعلوم أن المنع من أكل الجلالة هو مؤقت، وقد جاءت الأحاديث في أن الجلالة من الإبل والبقر والغنم تحبس مدة وتطعم علفاً طيباً ثم بعد ذلك تؤكل، فالتحريم للحمر الأهلية ليس من أجل الجوال وإنما من أجل أنها رجس، كما جاء ذلك مبيناً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحديث هذا فيه اضطراب، وهو ضعيف لكونه مضطرباً؛ لأنه جاء من وجوه مختلفة وعلى أوجه مختلفة، وأيضاً هو مخالف للتعليل الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بأنها رجس، أما التعليل بأنها جوال فمعنى ذلك أن الحكم يكون منوطاً بكونها جوالاً، ولكن الصحيح أنها حرمت من أجل أنها رجس، والحديث كما عرفنا لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم . وقوله: (أصابتنا السنة) السنة القحط والجدب. تراجم رجال إسناد حديث (أطعم أهلك من سمين حمرك) قوله: [ حدثنا عبد الله بن أبي زياد ]. عبد الله بن أبي زياد هو صدوق، أخرج له أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ حدثنا عبيد الله ]. هو عبيد الله بن موسى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن إسرائيل ]. هو إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن منصور ]. هو منصور بن المعتمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبيد أبي الحسن ]. هو عبيد بن الحسن أبو الحسن، فكنيته توافق اسم أبيه، وهذا من أنواع علوم الحديث التي هي معرفة من وافقت كنيته اسم ابيه، وفائدة معرفتها ألا يظن التصحيف بين الابن وأبيه، فهو إن جاء عبيد أبي الحسن فهو صحيح، وإن جاء عبيد بن الحسن فهو صحيح، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود وابن ماجة . [ عن عبد الرحمن ]. هو عبد الرحمن بن معقل وهو ثقة، أخرج له أبو داود . [ عن غالب بن أبجر ]. غالب بن أبجر رضي الله عنه وهو صحابي، أخرج له أبو داود . [ قال أبو داود عبد الرحمن هذا هو ابن معقل ]. قال أبو داود : روى شعبة هذا الحديث عن عبيد أبي الحسن عن عبد الرحمن بن معقل عن عبد الرحمن بن بشر عن ناس من مزينة: أن سيد مزينة أبجر أو ابن أبجر سأل النبي صلى الله عليه وسلم ]. [ روى شعبة ]. هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبيد أبي الحسن عن عبد الرحمن بن معقل عن عبد الرحمن بن بشر ]. عبد الرحمن بن بشر هو مقبول، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي . [ عن ناس من مزينة: أن سيد مزينة أبجر أو ابن أبجر سأل النبي صلى الله عليه وسلم ]. وهذا من الاضطراب الذي فيه. [ حدثنا محمد بن سليمان ]. هو محمد بن سليمان الأنباري وهو ثقة، أخرج له أبو داود . [حدثنا أبو نعيم ]. هو أبو نعيم الفضل بن دكين ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن مسعر ]. هو مسعر بن كدام ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عبيد ]. في شيوخ مسعر رجل اسمه ثابت بن عبيد الأنصاري ، لكنه غير مذكور في تلاميذ ابن معقل، وهذا من الاختلاف والاضطراب الذي في هذه الأسانيد. [ عن ابن معقل عن رجلين من مزينة أحدهما عن الآخر، أحدهما عبد الله بن عمرو بن عويم ]. عبد الله بن عمرو بن عويم ما وجدت له ترجمة. [ والآخر غالب بن الأبجر ، قال مسعر : أرى غالباً الذي أتى النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث ]. يعني: أنه هو الصحابي الذي في نهاية الإسناد الذي تقدم. [ عن رجلين من مزينة أحدهما عن الآخر ]. يحتمل أن يكون غالب بن الأبجر هو الذي يروي عن عبد الله بن عمرو بن عويم، ويحتمل أن يكون الذي أتى النبي صلى الله عليه وسلم هو غالب . شرح حديث (نهى رسول الله يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا سهل بن بكار حدثنا وهيب عن ابن طاوس عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية، وعن الجلالة عن ركوبها وأكل لحمها)]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما قال: [ (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية) ] يعني: عن أكلها. قوله: [ (وعن الجلالة: عن ركوبها وأكل لحمها) ]. يعني: وعن الجلالة أكلها وركوبها، وسبق أن مرت الأحاديث فيما يتعلق بالجلالة في النهي عن أكلها وركوبها. تراجم رجال إسناد حديث (نهى رسول الله يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية) قوله: [ حدثنا سهل بن بكار ]. سهل بن بكار هو ثقة ربما وهم، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي . [ حدثنا وهيب ]. هو وهيب بن خالد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن طاوس ]. هو عبد الله بن طاوس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمرو بن شعيب ]. عمرو بن شعيب هو صدوق، أخرج له البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. هو شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو وهو صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وجزء القراءة وأصحاب السنن. [ عن جده ]. هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة."
__________________
|
#10
|
||||
|
||||
![]() شرح سنن أبي داود (عبد المحسن العباد) كتاب الإمارة شرح سنن أبي داود [431] الحلقة (463) شرح سنن أبي داود [431] جاءت الأحاديث الصحيحة بجواز أكل الجراد، وجواز أكل ما تقلص عنه ماء البحر وقت الجزر فمات، فميتة البحر حلال، وميتة البر حرام، لكن يجوز أكلها للمضطر، ولا بأس بالجمع بين لونين من الطعام، وكذلك أكل الجبن، والخل وقد مدحه النبي صلى الله عليه وسلم. حكم أكل الجراد شرح حديث (غزوت مع رسول الله ست أو سبع غزوات فكنا نأكله معه) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في أكل الجراد. حدثنا حفص بن عمر النمري حدثنا شعبة عن أبي يعفور قال: (سمعت ابن أبي أوفى رضي الله عنهما وسألته عن الجراد فقال: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ست أو سبع غزوات فكنا نأكله معه)]. يقول المصنف رحمه الله: [ باب في أكل الجراد ]، والجراد هو من الحيوانات التي تحل ميتتها، كما جاء في الحديث: (أحلت لنا ميتتان ودمان: أما الميتتان فهما السمك، والجراد) والجراد من الحيوانات التي لا دم فيها، وجاءت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في حل أكل الجراد وإباحته، ومنها: حديث عبد الله بن أبي أوفى الذي أورده المصنف هنا أنه قال: [ (غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ست أو سبع غزوات فكنا نأكل الجراد معه) ] صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على إباحته وعلى حله . تراجم رجال إسناد حديث (غزوت مع رسول الله ست أو سبع غزوات فكنا نأكله معه) قوله: [ حدثنا حفص بن عمر النمري ]. حفص بن عمر النمري ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي . [ حدثنا شعبة عن أبي يعفور ]. شعبة مر ذكره، وأبو يعفور هو وقدان وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ سمعت ابن أبي أوفى ]. هو عبد الله بن أبي أوفى وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وهذا من أعلى الأسانيد عند أبي داود ؛ لأنه رباعي. شرح حديث (سئل النبي عن الجراد فقال أكثر جنود الله لا آكله ولا أحرمه) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن الفرج البغدادي حدثنا ابن الزبرقان حدثنا سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي عن سلمان رضي الله عنه قال: (سئل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن الجراد، فقال: أكثر جنود الله، لا آكله، ولا أحرمه) ]. أورد أبو داود هذا الحديث عن سلمان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن الجراد: [ (أكثر جنود الله لا آكله ولا أحرمه) ] ، وقد عرفنا أنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم حله وإباحته، وأن الصحابة أكلوه مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوات كثيرة، كما مر في الحديث السابق خلال ست غزوات أو سبع غزوات وهم يأكلون الجراد معه صلى الله عليه وسلم. قوله: (أكثر جنود الله) يحمل على أنه أكثر جند الله في الأرض؛ لأن الملائكة هم الكثرة الكاثرة الذين لا يعلم عددهم إلا الله سبحانه وتعالى، قال عز وجل: وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ [المدثر:31] فهم خلق كثير، وقد جاء في الأحاديث ما يدل على كثرتهم، كقوله صلى الله عليه وسلم: (أطت السماء وحق لها أن تئط، ما فيها موضع قدم إلا وفيها ملك راكع أو ساجد لله عز وجل)، وكذلك الحديث الذي فيه: (البيت المعمور في السماء السابعة يدخله كل يوم سبعون ألفاً من الملائكة، ومن دخله لا يدخله مرة أخرى) وكل إنسان معه قرين من الجن وقرين من الملائكة. وما ذكر في هذا الحديث أنه لا يحله ولا يحرمه غريب، فقد ثبت عنه أنه حلال وأنه غير محرم، وهذا الحديث فيه اختلاف في رفعه وإرساله كما سيذكره المصنف. تراجم رجال إسناد حديث (سئل النبي عن الجراد فقال أكثر جنود الله لا آكله ولا أحرمه) قوله: [ حدثنا محمد بن الفرج البغدادي ]. محمد بن الفرج البغدادي صدوق، أخرج له الإمام مسلم وأبو داود . [ حدثنا ابن الزبرقان ]. هو محمد بن الزبرقان وهو صدوق ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ حدثنا سليمان التيمي ]. هو سليمان بن طرخان التيمي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي عثمان النهدي ]. هو عبد الرحمن بن مل وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سلمان ]. هو سلمان الفارسي رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ قال أبو داود : رواه المعتمر عن أبيه عن أبي عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر سلمان رضي الله عنه ]. يعني: أنه مرسل، وهذا من رواية المعتمر عن أبيه الذي هو سليمان بن طرخان ، والمعتمر بن سليمان بن طرخان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. طريق أخرى لحديث (سئل النبي عن الجراد فقال أكثر جنود الله لا آكله ولا أحرمه) وترجمة رجال الإسناد قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا نصر بن علي و علي بن عبد الله قالا: حدثنا زكريا بن يحيى بن عمارة عن أبي العوام الجزار عن أبي عثمان النهدي عن سلمان رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل فقال مثله، فقال: أكثر جند الله) قال علي : اسمه فائد يعني: أبا العوام . قال أبو داود : رواه حماد بن سلمة عن أبي العوام عن أبي عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر سلمان ]. أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وفيها ذكر سلمان وعدم ذكره كالطريقتين السابقتين. قوله: [ حدثنا نصر بن علي ]. هو نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ وعلي بن عبد الله ]. هو علي بن عبد الله المديني وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة في التفسير. [ حدثنا زكريا بن يحيى بن عمارة ]. زكريا بن يحيى بن عمارة صدوق يخطئ، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والنسائي وابن ماجة . [ عن أبي العوام الجزار ]. أبو العوام الجزار اسمه فائد وهو مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة . [ عن أبي عثمان النهدي عن سلمان ]. قد مر ذكرهما. [ قال أبو داود : رواه حماد بن سلمة عن أبي العوام ]. حماد بن سلمة ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. حال حديث (سئل النبي عن الجراد فقال أكثر جنود الله لا آكله ولا أحرمه) هذا الحديث ضعيف؛ لأنه جاء مرسلاً ومتصلاً، والذين أرسلوه فيهم المعتمر بن سليمان عن أبيه، وذاك الذي شاركه في الرواية عن سليمان بن طرخان هو محمد بن الزبرقان وهو صدوق يهم، ثم هو مخالف للحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم من حديث ابن أبي أوفى. والجراد ميتتها حلال، وهي أنواع، وكل أنواعها حلال، لكن من الجراد ما هو جيد ومنها ما هو غير جيد، وكله حلال. أما الجواب عن كون الجراد من جند الله وعذب الله بها أقواماً، فكيف يحل لنا أن نأكلها وهي من جنود الله فأولاً الحديث لم يصح، ثم أيضاً كونه من جند الله فجنود الله أمم مختلفة الجراد وغير الجراد، وإنما جاء الإشارة إلى أن الجراد أكثر جند الله، وإلا فجنود الله عز وجل لا يحصيهم إلا الله عز وجل على مختلف أنواعهم وأصنافهم، وكما عرفنا الحديث غير ثابت، وكونه يعذب به بعض الأمم لا ينافي حله، هذا لو ثبت الحديث . حكم أكل الطافي من السمك شرح حديث (ما ألقى البحر أو جزر عنه فكلوه وما مات فيه وطفا فلا تأكلوه) قال المصنف رحمه الله تعالى:[ باب في أكل الطافي من السمك. حدثنا أحمد بن عبدة حدثنا يحيى بن سليم الطائفي حدثنا إسماعيل بن أمية عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ما ألقى البحر أو جزر عنه فكلوه، وما مات فيه وطفا فلا تأكلوه) ]. يقول المصنف رحمه الله: [ باب في أكل الطافي من السمك ] الطافي هو السمك الذي يموت فيطفو على سطح البحر، هذا يقال له: الطافي. أورد أبو داود حديث جابر مرفوعاً: [ (ما ألقى البحر أو جزر عنه فكلوه، وما مات فيه وطفا فلا تأكلوه) ] يعني: ما مات فيه وطفا ولم يلقه البحر ولم يجزر عنه فلا تأكلوه، لكن كما هو معلوم أن كل ذلك حلال؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (أحلت لنا ميتتان ودمان: فأما الميتتان فالسمك والجراد) فعلى أي حالة مات وعلى أي وجه مات فإنه حلال، ولا فرق في ذلك بين أن يلقيه البحر أو يجزر عنه وبين أن يطفو على سطحه ويبقى على ظهره والناس يأخذوه من ظهره، وكل ذلك حلال ومباح ولا بأس به. قوله: (ما ألقى البحر) يعني: قذفه حتى صار على البر وهو حي ثم مات. قوله: (أو جزر عنه) يعني: أن البحر حسر ونقص إلى مكان ظهر فيه السمك وبقي في الأرض اليابسة ثم مات. إذاً: سواء مات في البحر وطفا، أو قذفه البحر على البر ومات في البر، أو جزر عنه ومات في المكان الذي جزر عنه وخلي من الماء؛ كل ذلك حلال، وهذا الحديث الذي فيه تفصيل فيه ضعف. تراجم رجال إسناد حديث (ما ألقى البحر أو جزر عنه فكلوه وما مات فيه وطفا فلا تأكلوه) قوله: [ حدثنا أحمد بن عبدة ]. أحمد بن عبدة ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا يحيى بن سليم الطائفي ]. يحيى بن سليم الطائفي صدوق سيئ الحفظ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا إسماعيل بن أمية ]. إسماعيل بن أمية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي الزبير ]. هو محمد بن مسلم بن تدرس وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جابر بن عبد الله ]. جابر مر ذكره. حال حديث (ما ألقى البحر أو جزر عنه فكلوه وما مات فيه وطفا فلا تأكلوه) وذكر طرقه وترجمة رجال الإسناد هذا الحديث أخرجه ابن ماجة وفيه عنعنة أبي الزبير وهو صدوق سيء الحفظ، ثم أيضاً هو مخالف لما جاء في حديث: (أحلت لنا ميتتان ودمان)، وحديث السرية التي أكلت من العنبر الكبير الذي كان على ساحل البحر، وأن البحر قذف ذلك العنبر الكبير الذي جلسوا عليه شهراً يأكلون منه. [ قال أبو داود : روى هذا الحديث سفيان الثوري وأيوب وحماد عن أبي الزبير ، أوقفوه على جابر ]. هذا يفيد أن هؤلاء الثقات الثلاثة رووه موقوفاً على جابر ولم يضيفوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون من قول جابر . [ وقد أسند هذا الحديث أيضاً من وجه ضعيف عن ابن أبي ذئب عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم ]. يعني: أسند كما في الطريق الأولى. قوله: [ روى هذا الحديث سفيان الثوري ]. هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة . [ و أيوب ]. هو أيوب السختياني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ وحماد ]. هو حماد بن سلمة مر ذكره [ عن أبي الزبير أوقفوه على جابر ] قد مر ذكرهما. [ وقد أسند هذا الحديث أيضاً من وجه ضعيف عن ابن أبي ذئب ]. هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي الزبير عن جابر ]. أبو الزبير وجابر مر ذكرهما. حكم أكل المضطر للميتة شرح حديث الرجل الذي سأل الرسول في أكل ناقة ميتة فقال (هل عندك غنى يغنيك؟ قال لا، قال فكلوها) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في المضطر إلى الميتة. حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة رضي الله عنهما: (أن رجلاً نزل الحرة ومعه أهله وولده، فقال رجل: إن ناقة لي ضلت، فإن وجدتها فأمسكها، فوجدها فلم يجد صاحبها فمرضت، فقالت امرأته: انحرها فأبى، فنفقت، فقالت: اسلخها حتى نقدد شحمها ولحمها ونأكله، فقال: حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتاه فسأله، فقال: هل عندك غنى يغنيك؟ قال: لا، قال: فكلوها، قال: فجاء صاحبها فأخبره الخبر، فقال: هلا كنت نحرتها، قال: استحييت منك) ]. قوله: [ باب في المضطر إلى الميتة ]. أي: أنه يأكل منها على قدر ما يزيل عنه الضرورة والحاجة التي دعته إلى ذلك. أورد أبو داود حديث جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنهما: (أن رجلاً نزل الحرة ومعه أهله وولده) الحرة هي الأرض التي فيها حجارة سوداء، والمدينة حولها حرار. قوله: (فقال رجل: إن ناقة لي ضلت فإن وجدتها فأمسكها، فوجدها فلم يجد صاحبها فمرضت، فقالت امرأته: انحرها، فأبى، فنفقت) يعني: أوصاه إن وجد الناقة أن يبقيها عنده حتى يأتي ويأخذها. قوله: (فنفقت) يعني: ماتت. قوله: (فقالت: اسلخها حتى نقدد شحمها ولحمها ونأكله، فقال: حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتاه فسأله فقال: هل عندك غنى يغنيك؟ قال: لا، قال: فكلوها، قال: فجاء صاحبها فأخبره الخبر فقال: هلا كنت نحرتها، قال: استحييت منك). يعني: أنه يباح له أن يأكل من الميتة عند الضرورة ما يدفع به اضطراره، لا أنه يأكلها كما يأكل غيرها ولا فرق بينها وبين غيرها، ومن العلماء من قال: إن المحتاج له أن يأكل الميتة ويتوسع في الأكل، ولكن الآية جاءت في قصر ذلك على الضرورة، وأن الإنسان يأكل على قدر الضرورة؛ لأن الميتة نجسة وخبيثة فلا يتناول من الخبيث إلا مقدار ما يسد به رمقه ويسد به جوعه، أما أن يتوسع في الأكل ويتفنن فيه ويكثر من الأكل من غير أن يكون هناك ضرورة لذلك فلا. وكذلك ليس للإنسان أن يترك الأكل منها عند الاضطرار حتى يموت، وإذا فعل فهل يقال: إنه قاتل نفسه؟ لا أدري. وإذا أمكنه أن يسأل غيره أو يستدين فذلك أولى من أكل الميتة. تراجم رجال إسناد حديث الرجل الذي سأل الرسول في أكل ناقة ميتة فقال (هل عندك غنى يغنيك؟ قال لا، قال فكلوها) قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. هو موسى بن إسماعيل التبوذكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد ]. هو حماد بن سلمة . مر ذكره. [ عن سماك بن حرب ]. سماك بن حرب صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن جابر بن سمرة ]. جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنهما وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وهذا الإسناد رباعي، وهو من الأسانيد العالية عند أبي داود . شرح حديث (ما يحل لنا من الميتة؟ قال ما طعامكم؟...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا الفضل بن دكين حدثنا عقبة بن وهب بن عقبة العامري قال: سمعت أبي يحدث عن الفجيع العامري رضي الله عنه أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (ما يحل لنا من الميتة؟ قال: ما طعامكم؟ قلنا: نغتبق ونصطبح -قال أبو نعيم : فسره لي عقبة : قدح غدوة، وقدح عشية- قال: ذاك -وأبي- الجوع، فأحل لهم الميتة على هذه الحال). قال أبو داود : الغبوق من آخر النهار، والصبوح من أول النهار ]. أورد أبو داود حديث الفجيع العامري أنه أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: [ (ما يحل لنا من الميتة؟ قال: ما طعامكم؟ قلنا: نغتبق ونصطبح) ] يعني: في الصباح وفي العشي، ثم وصف ذلك بأنه قدح في الغداة، وقدح في العشي من الحليب. فقال: [ (ذاك -وأبي- الجوع) ] يعني: أن هذا الطعام لا يكفي، ثم إنه أباح لهم أن يأكلوا الميتة والحال هذه. هذا الحديث غير صحيح، وفيه أن الحليب لا يجزئ عن الطعام، مع أنه قد مر بنا أنه ليس شيء يجزئ عن الطعام والشراب إلا اللبن، وقد جاء فيه قوله صلى الله عليه وسلم: (اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه)، وقال في غيره: (اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيراً منه) وهذا يدل على أن اللبن يجزئ عن الأكل والشرب، ثم أيضاً كونه يقسم ويقول: [ (وأبي) ] فهو حلف بأبيه، فهذا مما يدل على نكارة المتن. والغبوق هو: شرب الحليب أو اللبن في المساء، والاصطباح هو: شرب اللبن أو الحليب في الصباح. تراجم رجال إسناد حديث: (ما يحل لنا من الميتة؟ قال ما طعامكم؟...) قوله: [ حدثنا هارون بن عبد الله ]. هو هارون بن عبد الله الحمال البغدادي ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا الفضل بن دكين ]. هو الفضل بن دكين أبو نعيم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عقبة بن وهب بن عقبة العامري ]. عقبة بن وهب بن عقبة العامري مقبول، أخرج له أبو داود . [ قال: سمعت أبي ]. هو وهب بن عقبة العامري، وهو مستور، أخرج له أبو داود . [ عن الفجيع العامري ]. الفجيع العامري رضي الله عنه، أخرج حديثه أبو داود . والحديث ضعيف من حيث الإسناد، وأيضاً من حيث المتن فيه نكارة من جهة أن الحليب أو اللبن الذي يستعملونه في الصباح والمساء لا يكفي، وأنهم يأكلون لحم الميتة مع ذلك. حكم الجمع بين لونين من الطعام شرح حديث (وددت أن عندي خبزة بيضاء من برة سمراء ملبقة بسمن ولبن...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الجمع بين لونين من الطعام. حدثنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة أخبرنا الفضل بن موسى عن حسين بن واقد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (وددت أن عندي خبزة بيضاء من برة سمراء ملبقة بسمن ولبن، فقام رجل من القوم فاتخذه فجاء به، فقال: في أي شيء كان هذا؟ قال: في عكة ضب. قال: ارفعه) . قال أبو داود : هذا حديث منكر. قال أبو داود : وأيوب ليس هو السختياني ]. قوله: [ باب في الجمع بين لونين من الطعام ]. الجمع بين لونين من الطعام سائغ وجائز ولا بأس به، ومعلوم أن الثريد كان خير الطعام وأحب الطعام عندهم، وقد قال فيه عليه الصلاة والسلام: (فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام) هو مكون من خبز ولحم، وهما نوعان ولونان، فالجمع بين ذلك لا بأس به. أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمر قال: قال صلى الله عليه وسلم: [ (وددت أن عندي خبزة بيضاء من برة سمراء ملبقة بسمن ولبن) ]. يعني: قد صُبَّ عليها سمن ولبن فصارت لينة سهلة المذاق والأكل، ففعل ذلك أحد الصحابة وأتى به إليه وقال: إن السمن كان في عكة من جلد ضب، فأمره الرسول صلى الله عليه وسلم أن يرفعه. وهذا الحديث غير صحيح من جهة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال هذا المقال: وددت أن يكون كذا وكذا؛ لأن مثل هذا يبعد أن يكون من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يتمنى، مثل هذا التمني ويعلن ذلك لأصحابه، ومعلوم أن أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم يتنافسون على خدمته وعلى تقديم ما يقدرون عليه من تقديمه له صلى الله عليه وسلم، هذا من حيث المتن، وأما من حيث الإسناد ففيه من هو متكلم فيه. تراجم رجال إسناد حديث (وددت أن عندي خبزة بيضاء من برة سمراء ملبقة بسمن ولبن ...) قوله: [ حدثنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة ]. محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة هو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ أخبرنا الفضل بن موسى ]. الفضل بن موسى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن حسين بن واقد ]. حسين بن واقد وهو ثقة له أوهام، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ عن أيوب ]. أيوب هو متروك، أخرج له أبو داود وابن ماجة . [ عن نافع ]. هو نافع مولى ابن عمر وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عمر ]. هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه الصحابي الجليل، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ قال أبو داود: هذا حديث منكر ]. يعني: هو منكر من جهة أن فيه هذا الرجل الذي هو أيوب وهو متروك، أما من جهة متنه فإنه منكر في كون النبي صلى الله عليه وسلم يتمنى هذا ويعلن هذا التمني للصحابة، ويجعل هذا الطعام مكوناً من كذا وكذا وكذا. ومما يدل على جواز الجمع بين لونين الحديث الذي مر بنا قريباً، وهو حديث طعام الخياط الذي فيه دبا وفيه شعير وفيه مرق، يعني: ألوان عدة من الطعام، وكذلك ما مر في الثريد كما في حديث فضل عائشة . حكم أكل الجبن شرح حديث (أتي النبي بجبنة في تبوك فدعا بسكين فسمى وقطع) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب أكل الجبن. حدثنا يحيى بن موسى البلخي حدثنا إبراهيم بن عيينة عن عمرو بن منصور عن الشعبي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (أُتي النبي صلى الله عليه وآله وسلم بجبنة في تبوك فدعا بسكين فسمى وقطع)]. قوله: باب أكل الجبن، أورد فيه المصنف حديث ابن عمر قال: [ (أتي النبي صلى الله عليه وسلم بجبنة في تبوك) ] يعني: أُتي بقطعة من الجبن في غزوة تبوك. قوله: [ (فدعا بسكين فسمى وقطع) ] يعني: ذكر اسم الله عز وجل وقطع الجبن بالسكين، فهذا يدل على أن الجبن من الأطعمة المباحة التي أحلها الله . تراجم رجال إسناد حديث (أتي النبي بجبنة في تبوك فدعا بسكين فسمى وقطع) قوله: [ حدثنا يحيى بن موسى البلخي ]. يحيى بن موسى البلخي هو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي . [ حدثنا إبراهيم بن عيينة ]. إبراهيم بن عيينة هو أخو سفيان بن عيينة، وهو صدوق يهم، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة . [ عن عمرو بن منصور ]. عمرو بن منصور صدوق يهم، أخرج له أبو داود . [ عن الشعبي ]. هو عامر بن شراحيل الشعبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عمر ]. ابن عمر قد مر ذكره. ما جاء في الخل شرح حديث (نعم الإدام الخل) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الخل. حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا معاوية بن هشام حدثنا سفيان عن محارب بن دثار عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (نعم الإدام الخل) ]. يقول المصنف رحمه الله باب: في الخل، وأنه من الأدم، وأورد فيه حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (نعم الإدام الخل)، وهذا مدح له؛ لأنه يسير ومفيد، وهو سهل التناول، ومع ذلك يحصل به استساغة الطعام ويشتهى بأن يغمس فيه أو يستعمل معه. إذاً: هذا مدح من النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الإدام، الذي هو من أيسر الأدم وأسهلها. تراجم رجال إسناد حديث (نعم الإدام الخل) قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ حدثنا معاوية بن هشام ]. معاوية بن هشام صدوق له أوهام، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا سفيان ]. هو سفيان الثوري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محارب بن دثار ]. محارب بن دثار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جابر ]. جابر بن عبد الله مر ذكره. طريق أخرى لحديث (نعم الإدام الخل) وتراجم رجال الإسناد قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو الوليد الطيالسي ومسلم بن إبراهيم قالا: حدثنا المثنى بن سعيد عن طلحة بن نافع عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (نعم الإدام الخل)]. أورد المصنف رحمه الله الحديث من طريق أخرى عن جابر وهو مثل الذي قبله لفظاً ومعنى. قوله: [ حدثنا أبو الوليد الطيالسي ]. هو هشام بن عبد الملك الطيالسي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و مسلم بن إبراهيم ]. مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا المثنى بن سعيد ]. المثنى بن سعيد وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن طلحة بن نافع ]. طلحة بن نافع صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جابر بن عبد الله ]. جابر بن عبد الله قد مر ذكره. وهذا إسناد رباعي، وهو من الأسانيد العالية عند أبي داود ، وأبو الوليد ومسلم في طبقة واحدة؛ لأنهما بمنزلة الشخص الواحد. الأسئلة المقصود بالحمر الأهلية وعلة تحريمها وحكم عرقها ولعابها السؤال: ما المقصود بالحمر الأهلية اليوم؟ وما علة تحريمها؟ وما حكم عرقها ولعابها؟ الجواب: الحمر التي عند الناس الآن هي الحمر الأهلية، أما الحمر الوحشية فلا توجد إلا في البر. أما علة التحريم فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (فإنها رجس) وقد يكون المراد بالرجس النجاسة أو الخبث، فإن كانت بمعنى النجاسة فعرقها ولعابها مما تعم به البلوى وهو معفو عنه. حكم أكل السمك الطافي والفرق بينه وبين غيره السؤال: يرى الإمام أبو حنيفة رحمه الله المنع من أكل السمك الطافي؛ لعلة أن السمك الطافي لا يطفو إلا وقد تحلل من داخله، وانقلبت منفعته إلى مضرة صحية فهل هذا صحيح؟ الجواب: الأصل هو عدم ثبوت ذلك، ودخوله في عموم الأحاديث، ولا فرق بين الطافي وغيره. حكم شرب الخل السؤال: هل يستعمل الخل شراباً ؟ الجواب: لا نعلم شيئاً يمنعه، وهو فيه حموضة، لكنه في الغالب يستعمل إداماً، وهو يجعل الطعام شهياً عندما يضاف إليه. معنى الإدام السؤال: ما معنى الإدام؟ الجواب: الإدام هو الذي يستساغ به الطعام، مثل الخبز يغمس في مرق، أو في خل، أو غير ذلك. حقيقة الخل السؤال: من أين يستخرج الخل؟ وهل الخل المصنَّع الآن له نفس المنفعة؟ الجواب: الخل كما هو معلوم هو هذا الذي فيه الحموضة، والذي يصنع الآن ما أعرف عنه شيئاً. وجه كلام الخطابي على حديث (أتي النبي بجبنة في تبوك) السؤال: يقول الخطابي في التعليق على حديث: (أتي النبي صلى الله عليه وسلم بجبنة في تبوك) إنما جاء به أبو داود من أجل أن الجبن كان يعمله قوم من الكفار لا تحل ذكاتهم، وكانوا يعقدونها بالأنافح، فهل هذا صحيح؟ الجواب: معلوم أن غزوة تبوك كان فيها غزو الروم، والروم هم من النصارى ممن تحل ذبائحهم، والأنافح هي قطعة مما في جوف الحيوان. حكم استعمال جلود السباع بعد دباغتها السؤال: هل يجوز استعمال جلود السباع بعد دباغتها مثل جلد الثعلب؟ الجواب: لا، التي تحل بالدباغ هي ميتة ما يؤكل لحمه، أما ما لا يؤكل لحمه فجلده كميتته."
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |