الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله - الصفحة 7 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الاستشراق والتنصير مدى العلاقة بين ظاهرتين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 20 )           »          وسواس بسبب صدمة في الطفولة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          أريد التخلص من الأفكار السلبية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          وهم الخيانة الزوجية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          مشكلة بطء الاستيعاب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          ارتعاش اليدين عند الغضب والتوتر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          قلة التركيز والنسيان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          راقبت أصدقائي واكتشفت شذوذهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          معاناتي مع فقد البصر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          المال والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #61  
قديم 24-06-2020, 12:53 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,632
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله

الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الاول
[كتاب الصلاة]
صـــــ 386 الى صــــــــ402
الحلقة (58)

[اقتداء مستقيم الظهر بالمنحني]

ومن شروط صحة الإمامة أن لا يكون ظهر الإمام منحنياً إلى الركوع، فإن وصل انحناؤه إلى حد الركوع فلا يصح اقتداء الصحيح به؛ ولكن يصح لمثله أن يقتدي به، وهذا متفق عليه بين ثلاثة من الأئمة،
وخالف الشافعية فقالوا: إن إمامته تصح لمثله ولغيره، ولو وصل انحناؤه إلى حد الركوع.
[اتحاد فرض الإمام والمأموم]
ومنها اتحاد فرض الإمام والمأموم فلا تصح صلاة ظهر مثلاً خلف عصر، ولا ظهر أداء، خلف ظهر قضاء، ولا عكسه، ولا ظهر يوم السبت خلف ظهر يوم الأحد، وإن كان كل منهما قضاء، هذا متفق عليه بين المالكية، والحنفية، أما الشافعية، والحنابلة، فانظر مذهبهم تحت الخط (1) ؛ نعم يصح اقتداء المتنفل بالمفترض، وناذر نفل بناذر آخر، والحالف أن يصلي نفلاً بحالف آخر؛ والناذر بالحالف، ولو لم يتحد المنذور أو المحلوف عليه، كأن نذر شخص صلاة ركعتين عقب الزوال، ونذر الآخر صلاة ركعتين مطلقاً، كما يصح اقتداء المسافر بالمقيم في الوقت وخارجه، ويلزم إتمام الصلاة أربعاً، وهذا متفق عليه إلا عند الحنفية، فانظر مذهبهم تحت الخط (2) .
هذا، وللإمامة شروط أخرى مبينة في المذاهب في أسفل الصحيفة (3) .
[الأعذار التي تسقط بها الجماعة]
تسقط الجماعة بعذر من الأعذار الآتية: المطر الشديد، والبرد الشديد؛ والوحل الذي يتأذى به، والمرض، والخوف من ظالم، والخوف من الحبس لدين إن كان معسراً؛ والعمى، إن لم يجد الأعمى قائداً، ولم يهتد بنفسه، وغير ذلك مما تقدم في الأعذار التي تسقط بها الجمعة.
[من له التقدم في الإمامة]
قد ذكرنا من له التقدم على غيره في الإمامة عند كل مذهب تحت الخط (4) .

[مبحث مكروهات الإمامة: إمامه الفاسق والأعمى]
تكره إمامة الفاسق إلا إذا كان إماماً لمثله باتفاق الحنفية، والشافعية، أما الحنابلة، والمالكية، فانظر مذهبيهما تحت الخط (5) ، وكذا تكره إمامة المبتدع إذا كانت بدعته غير مكفرة باتفاق، ويكره تنزيهاً للإمام إطالة الصلاة، إلا إذا كان إمام قوم محصورين، ورضوا بذلك فإنه لا يكره كما تقدم، باتفاق ثلاثة، وخالف الحنفية، فانظر مذهبهم تحت الخط (6) .
[اقتداء المتوضئ بالمتيمم وغير ذلك]

هذا، ويصح اقتداء متوضئ بمتيمم، وغاسل بماسح على خف أو جبيرة بلا كراهة، باتفاق الحنفية والحنابلة، أما الشافعية، والمالكية فانظر مذهبيهما تحت الخط (7) .
وللإمامة مكروهات أخرى مبينة في المذاهب، فانظرها تحت الخط (8) .

[كيف يقف المأموم مع إمامه]
إذا كان مع الإمام رجل واحد أو صبي مميز قام ندباً عن يمين الإمام مع تأخره قليلاً، فتكره مساواته (9) ووقوفه عن يساره أو خلفه، إذا كان معه رجلان قاما خلفه ندباً، وكذلك إذا كان خلفه رجل وصبي، وإن كان معه رجل وامرأة قام الرجل عن يمينه والمرأة خلف الرجل، ومثل الرجل في هذه الصورة الصبي، وإذا اجتمع رجال وصبيان وخناثى وإناث، قدم الرجال ثم الصبيان ثم الخناثى ثم الإناث، وهذه الأحكام متفق عليها بين الأئمة، إلا الحنابلة، فإنهم قالوا: إذا صلى رجل واحد مع إمام واقف عن يسار الإمام ركعة كاملة، بطلت صلاته، وإذا صلى رجل وصبي، فإنه يجب أن يكون الرجل عن يمين الإمام، وللصبي أن يصلي عن يمينه أو يساره لا خلفه.وينبغي للإمام أن يقف وسط القوم، فإن وقف عن يمينهم أو يسارهم فقد أساء بمخالفته السنة؛ وينبغي أن يقف أفضل القوم في الصف الأول حتى يكونوا متأهلين للإمامة عند سبق الحدث ونحوه، والصف الأول أفضل من الثاني، والثاني أفضل من الثالث، وهكذا؛ وينبغي أيضاً لمن يسد الفرج أن يكون أهلاً للوقوف في الصف الذي به الفرجة، فليس للمرأة أن تنتقل من مكانها المشروع لسد فرجة في صف لم يشرع لها الوقوف فيه، أما الصبيان فإنهم في مرتبة الرجال إذا كان الصف ناقصاً، فيندب أن يكملوه إذا لم يوجد من يكمله من الرجال، باتفاق ثلاثة؛ وخالف الحنفية، فانظر مذهبهم تحت الخط (10) .
وينبغي للقوم إذا قاموا إلى الصلاة أن يتراصوا، ويسدوا الفرج، ويسووا بين مناكبهم في الصفوف، فإذا جاء أحد للصلاة، فوجد الإمام راكعاً أو وجد فرجة بعد أن كبر تكبيرة الإحرام ففيما يفعله في هاتين الحالتين تفصيل المذاهب، فانظره تحت الخط (11) .
[إعادة صلاة الجماعة]
إذا صلى الظهر أو المغرب أو العشاء وحده أو في جماعة، ثم وجد جماعة أخرى تصلي ذلك الفرض الذي صلاه. فهل له أن يعيده مع هذه الجماعة؟ في هذا الحكم تفصيل المذاهب، فانظره تحت الخط (12) .
[تكرار الجماعة في المسجد الواحد]
يكره تكرار الجماعة في المسجد الواحد بأن يصلي فيه جماعة بعد أخرى، وفيه تفصيل في المذاهب(13) .
[ما تدرك به الجماعة، والجماعة في البيت]
تدرك الجماعة إذا شارك المأموم إمامه في جزء من صلاته، ولو آخر القعدة الأخيرة قبل السلام، فلو كبر قبل سلام إمامه فقد أدرك الجماعة، ولو لم يقعد معه، وهذا الحكم متفق عليه بين الحنفية، والحنابلة، والشافعية،
إلا أن الشافعية استثنوا من ذلك صلاة الجمعة فقالوا:
إنها لاتدرك إلا بإدراك ركعة كاملة مع الإما، كما تقدم "في الجمعة"، أما المالكية فانظر مذهبهم تحت الخط (14) .هذا، ولا فرق في إدراك فضل الجماعة بين أن تكون في المسجد أو في البيت، ولكنها في المسجد أفضل إلا للنساء.
[إذا فات المقتدي بعض الركعات أو كلها]
من لا يدرك إمامه في جميع صلاته لا يخلو حاله عن أمرين:
أحدهما: أن يفوته ركعة من ركعات الصلاة أو أكثر بسبب عذر أو زحمة ونحوها، بعد الدخول في الصلاة، ثانيهما: أن يفوته شيء من ذلك قبل الدخول فيها مع الإمام، كأن يدرك الإمام في الركعة الثانية أو الثالثة أو الأخيرة، وفي كل هذا تفصيل في المذاهب، فانظره تحت الخط (15) .


(1) الشافعية، والحنابلة قالوا: يصح الاقتداء في كل ما ذكر، إلا أن الحنابلة قالوا: لا يصح ظهر خلف عصر ولا عكسه، ونحو ذلك؛ والشافعية قالوا: يشترط اتحاد صلاة المأموم وصلاة الإمام في الهيئة والنظام، فلا يصح صلاة ظهر مثلاً خلف صلاة جنازة، لاختلاف الهيئة، ولا صلاة صبح مثلاً خلف صلاة كسوف، لأن صلاة الكسوف ذات قيامين وركوعين
(2) الحنفية قالوا: لا يصخ اقتداء ناذر بناذر لم ينذر عين ما نذر الإمام، أما إذا نذر المأموم عين ما نذره الإمام، كأن يقول: نذرت أن أصلي الركعتين اللتين نذرهما فلان، فيصح الاقتداء، وكذا لا يصح اقتداء الناذر بالحالف، أما اقتداء الحالف بالناذر. والحالف بالحالف فصحيح، كذا قالوا: ولا يصح اقتداء المسافر بالمقيم في الرباعية خارج الوقت: لأن المأموم بعد الوقت فرضه الركعتان، فتكون الجلسة الأولى فرضاً بالنسبة له، والإمام فرضه الأربع، لأنه مقيم، فتكون الجلسة الأولى سنة بالسنة له، فيلزم اقتداء مفترض بمتنفل، وهو لا يصح وسيأتي في "صلاة المسافر"
(3) الحنفية: زادوا في شروط صحة الاقتداء أن لا يفصل بين المأموم والإمام صف من النساء، فإن كن ثلاثة فسدت صلاة ثلاثة رجال خلفهن من كل صف إلى آخر الصفوف، وإن كانتا اثنتين فسدت صلاة اثنين من الرجال خلفهما إلى آخر الصفوف، وإن كانت واحدة فسدت صلاة من كانت محاذية له عن يمينها ويسارها ومن كان خلفها، وقد تقدمت شروط فساد الصلاة بمحاذاة المرأة في "مفسدات الصلاة".
الحنابلة: زادوا في شروط الاقتداء أن يقف المأموم إن كان واحداً عن يمين الإمام، فإن وقف عن يساره أو خلفه بطلت إن كان ذكراً أو خنثى، أما المرأة فلا تبطل صلاتها بالوقوف خلفه، لأنه موقفها المشروع، وكذا بالوقوف عن يمين الإمام، نعم تبطل صلاتها بالوقوف عن يساره، وهذا كله فيما إذا صلى المأموم المخالف لموقفه الشرعي ركعة مع الإمام، أما إذا صلى بعض ركعة، ثم عاد إلى موقفه الشرعي، وركع مع الإمام فإن صلاته لا تبطل، وأن يكون الإمام عدلاً، فلا تصح إمامة الفاسق ولو كان بمثله، ولو كان فسقه مستوراً، فلو صلى خلف من يجهل فسقه، ثم علم بذلك بعد فراغ صلاته وجبت عليه إعادتها إلا في صلاة الجمعة والعيدين، فإنهما تصحان خلف الفاسق بلا إعادة إن لم تتيسر صلاتهما خلف عدل، والفاسق هو من اقترف كبيرة أو دوام على صغيرة.
الشافعية: زادوا في شروط صحة الاقتداء موافقة المأموم لإمامه في سنّة تفحش المخالفة فيها، وهي محصورة في ثلاث سنن:
الأولى؛ سجدة التلاوة في صبح يوم الجمعة، فيجب على المقتدي أن يتابع إمامه إذا فعلها، وكذا يجب عليه موافقته في تركها،
الثانية: سجود السهو، فيجب على المأموم متابعة إمامه في فعله فقط، أما إذا تركه الإمام فيسن للمأموم فعله بعد سلام إمامه،
الثالثة: التشهد الأول، فيجب على المأموم أن يتركه إذا تركه إمامه، ولا يجب عليه أن يفعله إذا فعله الإمام، بل يسن له فعله عند ذلك، أما القنوت فلا يجب على المقتدي متابعة إمامه فيه فعلاً ولا تركاً، وأن يكون الإمام في صلاة لا تجب إعادتها، فلا يصح الاقتداء بفاقد الطهورين، لأن صلاته تجب إعادتها.
المالكية: زادوا في شروط صحة الإمامة أن لا يكون الإمام معيداً صلاته لتحصيل فضل الجماعة، فلا يصح اقتداء مفترض بمعيد؛ لأن صلاة المعيد نفل، ولا يصح فرض خلف نفل؛ وأن يكون الإمام عالماً بكيفية الصلاة على الوجه الذي تصح به؛ وعالماً بكيفية شرائطها، كالوضوء والغسل على الوجه الصحيح، وإن لم يميز الأركان من غيرها، وأن يكون الإمام سليماً من الفسق المتعلق بالصلاة، كأن يتهاون في شرائطها أو فرائضها، فلا تصح إمامة من يظن فيه أن يصلي بدون وضوء، أو يترك قراءة الفاتحة، أما إذا كان فسقه غير متعلق بالصلاة، كالزاني وشارب الخمر، فإن إمامته تصح مع الكراهة على الراجح
(4) الحنفية قالوا: الأحق بالإمامة الأعلم بأحكام الصلاة صحة وفساداً، بشرط أن يجتنب الفواحش الظاهرة، ثم الأحسن تلاوة وتجويداً للقراءة، ثم الأورع، ثم الأقدم إسلاماً؛ ثم الأكبر سناً، إن كانا مسلمين أصليين، ثم الأحسن خلقاً، ثم الأحسن وجهاً، ثم الأشرف نسباً، ثم الأنظف ثوباً فإن استووا في ذلك كله أقرع بينهم إن تزاحموا على الإمامة، وإلا قدموا من شاؤوا، فإن اختلفوا ولم يرضوا بالقرعة قدم من اختاره أكثرهم، فإن اختار أكثرهم غير الأحق بها أساؤوا بدون إثم، وهذا كله إذا لم يكن بين القوم سلطان، أو صاحب منزل اجتمعوا فيه، أو صاحب وظيفة، وإلا قدم السلطان، ثم صاحب البيت مطلقاً، ومثله الإمام الراتب في المسجد، وإذا وجد في البيت مالكه ومستأجره؛ فالأحق بها المستأجر.
الشافعية قالوا: يقدم ندباً في الإمامة الوالي بمحل ولايته، ثم الإمام الراتب، ثم الساكن بحق إن كان أهلاً لها، فإن لم يكن فيهم من ذكر قدم الأفقه، فالأقرأ: فالأزهد، فالأورع، فالأقدم هجرة. فالأسن في الإسلام، فالأفضل نسباً، فالأحسن سيرة، فالأنظف ثوباً وبدناً وصنعة، فالأحسن صوتاً،فالأحسن صورة، فالمتزوج، فإن تساووا في كل ما ذكر أقرع بينهم، ويجوز للأحق بالإمامة أن يقدم غيره لها، ما لم يكن تقدمه بالصفة، كالأفقه، فليس له ذلك.
المالكية قالوا: إذا اجتمع جماعة كل واحد منهم صالح للإمامة يندب تقديم السلطان أو نائبه، ولو كان غيرهما أفقه وأفضل، ثم الإمام الراتب في المسجد، ورب المنزل، ويقدم المستأجر له على المالك. فإن كان رب المنزل امرأة كانت هي صاحبة الحق، ويجب عليها أن تنيب عنها، لأن إمامتها لا تصح، ثم الأعلم بأحكام الصلاة؛ ثم الأعلم بفن الحديث رواية وحفظاً، ثم العدل على مجهول الحال، ثم الأعلم بالقراءة، ثم الزائد في العبادة، ثم الأقدم إسلاماً، ثم الأرقى نسباً، ثم الأحسن في الخلق، ثم الأحسن لباساً، وهو لابس الجديد المباح فإن يتساوى أهل رتبة قدم أورعهم، وحرم على عبدهم، فإن استووا في كل شيء أقرع بينهم، إلا إذا رضوا بتقديم أحدهم، فإذا كان تزاحمهم بقصد العلو والكبر سقط حقهم جميعاً.
الحنابلة قالوا: الأحق بالإمامة الأفقه الأجود قراءة، ثم الفقيه الأجود قراءة، ثم الأجود قراءة فقط، وإن لم يكن فقيهاً إذا كان يعلم أحكام الصلاة، ثم الحافظ لما يجب للصلاة الأفقه، ثم الحافظ لما يجب لها الفقيه، ثم الحافظ لما يجب العالم فقد صلاته، ثم قارئ لا يعلم فقه صلاته، فإن استووا في عدم القراءة قدم الأعلم بأحكام الصلاة، فإن استووا في القراءة والفقه قدم أكبرهم سناً، ثم الأشرف نسباً، فالأقدم هجرة بنفسه، والسابق بالإسلام كالسابق بالهجرة، ثم الأتقى، ثم الأورع، فإن استووا فيما تقدم أقرع بينهم، وأحق الناس بالإمامة في البيت صاحبه إن كان صالحاً للإمامة، وفي المسجد الإمام الراتب، ولو عبداً فيهما، وهذا إذا لم يحضر البيت أو المسجد ذو سلطان، وإلا فهو الأحق

(5) الحنابلة قالوا: إمامة الفاسق، ولو لمثله، غير صحيحة إلا في صلاة الجمعة والعيد إذا تعذرت صلاتهما خلف غيره، فتجوز إمامته للضرورة.
المالكية قالوا: إمامة الفاسق مكروهة ولو لمثله
(6) الحنفية قالوا: يكره للإمام تحريماً التطويل في الصلاة إلا إذا كان إمام قوم محصورين، ورضوا بالتطويل، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من أم فليخفف"، والمكروه تحريماً إنما هو الزيادة عن الإتيان بالسنن
(7) الشافعية قالوا: إنما يصح ذلك بشرط أن لا تلزم الإمام إعادة الصلاة التي يصليها، فإذا مسح شخص على جبيرة وكان ذلك المسح غير كاف في صحة الصلاة بدون إعادة فإنه يصح أن يكون إماماً، وغلا فلا.
المالكية قالوا: اقتداء المتوضء بالمتيمم والغاسل بالماسح على خف أو جبيرة مكروه، فهو من مكروهات الإمامة عندهم
(8) الحنفية قالوا: يكره تنزيهاً إمامة الأعمى إلا إذا كان أفضل القوم، ومثله ولد الزنا، وكذا تكره إمامة الجاهل، سواء كان بدوياً أو حضرياً مع وجود العالم، وتكره أيضاً إمامة الأمرد الصبيح الوجه، وإن كان أعلم القوم إن كان يخشى من إمامته الفتنة، وإلا فلا، وتكره إمامة السفيه الذي لا يحسن التصرف، والمفلوج، والأبرص، الذي انتشر برصه، والمجذوم، والمجبوب والأعرج الذي يقوم ببعض قدمه، ومقطوع اليد، ويكره أيضاً إمامة من يؤم الناس بأجر، إلا إذا شرط الواقف له أجراً، فلا تكره إمامته، لأنه يأخذه كصدقة ومعونة، وتكره أيضاً إمامة من خالف مذهب المقتدي في الفروع إن شك في كونه لا يرعى الخلاف فيما يبطل الصلاة أو الوضوء أما إذا لم يشك في ذلك بأن علم أنه يرعى الخلاف، أو لم يعلم من أمره شيئاً، فلا يكره، ويكره أيضاً ارتفاع مكان الإمام عن سائر المقتدين بقدر ذراع فأكثر، فإن كان أقل من ذلك فلا كراهة، كما يكره أيضاً ارتفاع المقتدين عن مكانه بمثل هذا القدر، والكراهة في كلتا الحالتين مقيدة بما إذا لم يكن مع الإمام في موقفه أحد منهم ولو واحداً، فإن كان معه واحد فأكثر فلا كراهة، وتكره إمامة من يكره الناس إذا كان ينفرهم من الصلاة خلفه لنقص فيه، ويكره تحريماً جماعة النساء، ولو في التراويح، إلا في صلاة الجنازة، فإن فعلن تقف المرأة فيه، ويكره تحريماً جماعة النساء، ولو في التراويح، إلا في صلاة الجنازة، فإن فعلن تقف المرأة وسطهن، كما يصلي العراة، ويكره حضورهن الجماعة، ولو الجمعة والعيد والوعظ بالليل، أما بالنهار فجائز إذا أمنت الفتنة، وكذا تكره إمامة الرجل لهن في بيت ليس معهن رجل غيره ولا محرم منه، كزوجه وأخته.
الشافعية قالوا: تكره إمامة من تغلب على الإمامة ولا يستحقها، ومن لا يتحرز عن النجاسة، ومن يحترف حرفة ذيئة كالحجام، ومن يكهه أكثر القوم لأمر مذموم كإكثار الضحك، ومن لا يعرف له أب، وكذا ولد الزنا إلا لمثله؛ وتكره إمامة الأقلف، ولو بالغاً، كما تكره إمامة الصبي، ولو أفقه من البالغ؛ وكذا الفأفاء والوأواء، ولا تكره إمامة الأعمى، وتكره إمامة من كان يلحن لحناً لا يغير المعنى، وتكره أيضاً إمامة من يخالف مذهب المقتدير في الفروع، كالحنفي الذي يعتقد أن التسمية ليست فرضاً، ويكره ارتفاع مكان الإمام عن مكان المأموم وعكسه من غير حاجة، كأن كان وضع المسجد يقتضي ذلك، فإنه لا يكره الارتفاع حينئذ.
الحنابلة قالوا: تكره إمامة الأعمى والأصم والأقلف، ولو بالغاً، ومن كان مقطوع اليدين أو الرجلين أو إحداهما إذا أمكنه القيام، وإلا فلا تصح إمامته إلا لمثله، وتكره إمامة مقطوع الأنف، ومن يصرع أحياناً، وتكره إمامة الفأفاء والتمتام، ومن لا يفصح ببعض الحروف، ومن يحلن لحناً لا يغير المعنى، كأن يجردال الحمد لله، ويكره أيضاً ارتفاع مكان الإمام عن المأموم ذراعاً فأكثر، أما المأموم فلا كراهة في ارتفاع مكانه وتكره إمامة من يكرهه أكثر القوم بحق لخلل في دينه أو فضله، ولا يكره الاقتداء به، وتكره إمامة الرجل للنساء، ولو واحدة، إن كن أجنبيات، ولم يكن معهن رجل.
المالكية قالوا: تكره إمامة البدوي - وهو ساكن البادية - للحضري - ساكن الحاضرة - ولو كان البدوي أكثر قراءة من الحضري، أو أشد إتقاناً للقراءة منه، لما فيه من الجفاء والغلظة، والإمام شافع فينبغي أن يكون ذا لين ورحمة؛ وكذا تكره إمامة من يكرهه بعض الناس لتقصير في دينه غير ذوي الفضل من الناس، وأما من يكرهه أكثر الناس أو ذو الفضل، فتحرم إمامته، ويكره أن يكون الخصي إماماً راتباً، وكذلك من يتكسر في كلامه كالنساء، وولد الزنا.
وأما إمامتهم من غير أن يكونوا مرتبين، فلا تكره، ويكره أن يكون العبد إماماً راتباً: والكراهة في الخصي وما بعده مخصوصة بالفرائض والسنن، وأما النوافل فلا يكره أن يكون واحد من هؤلاء إماماً راتباً فيها، وتكره إمامة الأقلف - وهو الذي لم يختن - ومجهول الحال الذي لا يدري هل هو عدل أو فاسق، ومجهول النسب، وهو الذي لا يعرف أبوه، ويكره اقتداء من بأسفل السفينة بمن في أعلاها، لئلا تدور السفينة، فلا يتمكنون من ضبط أعمال الإمام واقتداء من عل جبل أبي قبيس بمن في المسجد الحرام، وتكره صلاة رجل بين نساء أو امرأة بين رجال، وصلاة الإمام بدون رداء يلقيه على كتفه إن كان في المسجد، وتنفل الإمام بمحرابه، والجلوس به على هيئته وهو في الصلاة، وأما إمامة الأعمى فهو جائزة، ولكن البصير أفضل، وكذلك يجوز علو المأموم على إمامه ما لم يقصد به الكبر، وإلا حرم، وبطلت به الصلاة، ولو كان المأموم بسطح المسجد، وهذا في غير الجمعة، أما صلاة الجمعة على سطح المسجد فباطلة، كما تقدم؛ وأما علو الإمام على مأمومه فهو مكروه، إلا أن يكون العلو بشيء يسير، كالشبر والذراع، أو كان لضرورة، كتعليم الناس كيفية الصلاة فيجوز، ويكره اقتداء البالغ بالصبي في النفل، ويكره اقتداء المسافر بالمقيم وبالعكس، إلا أن الكراهة في الأول آكد

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #62  
قديم 24-06-2020, 12:53 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,632
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله


(9) الحنفية قالوا: لا تكره المساواة
(10) الحنفية قالوا: إذا لم يكن في القوم غير صبي واحد دخل في صف الرجال، فإن تعدد الصبيان جعلوا صفاً وحدهم خلف الرجال، ولا تكمل بهم صفوف الرجال
(11) الحنفية قالوا: إذا جاء الصلاة أحد فوجد الإمام راكعاً، فإن كان في الصف الأخير فرجة فلا يكبر للإحرام خارج الصف، بل يحرم فيه، ولو فاتته الركعة، ويكره له أن يحرم خارج الصف، أما إذا لم يكن في الصف الأخير فرجة، فإن كان في غيره من الصفوف الأخرى فرج لا يكبر خارجها أيضاً، وإن لم يكن بها فرج كبر خلف الصفوف، وله أن يجذب إليه واحداً ممن أمامه في الصف بشرط أن لا يعمل عملاً كثيراً مفسداً للصلاة ليكون له صفاً جديداً، فإن صلى وحده خلف الصفوف كره وأما إذا دخل المقتدي في الصلاة، ثم رأى فرجة في الصفوف التي أمامه مما يلي المحراب، فيندب له أن يمشي لسد هذه الفرجة بمقدار صف واحد، فإذا كان المقتدي المذكور في الصف الثاني، ورأى الفرجة في الصف الأول جاز له الانتقال إليه؛ أما إذا كان في الثالث والفرجة في الأول، فلا يمشي إليها ولا يسدها، فإن فعل ذلك بطلت صلاته، لأنه عمل كثير.
الحنابلة قالوا: إذا جاء إلى الصلاة فوجد الإمام راكعاً. وكان في الصف الأخير فرجة جاز له أن يكبر خارج الصف محافظة على الركعة، وأن يمشي إلى الفرجة فيسدها، وهو راكع، أو بعد رفعه من الركوع إذا لم يسجد الإمام، فإن لم يدخل الصف قبل سجود الإمام، ولم يجد واحداً يكون معه صفاً جديداً بطلت صلاته؛ أما إذا كبر خلف الصف لا لخوف فوات الركعة، ولم يدخل في الصف إلا بعد الرفع من السجود، فإن صلاته تبطل، وإذا أحرم المقتدي ثم وجد فرجة في الصف الذي أمامه ندب له أن يمشي لسدها إن لم يؤد ذلك إلى عمل كثير عرفاً، وإلا بطلت صلاته؛ أما إذا جاء ليصلي مع الجماعة فلم يجد فرجة في الصف، ولا يمكنه أن يقف عن يمين الإمام، فيجب عليه أن ينبه رجلاً من الصف يقف معه خلف الصف بكلام أو بنحنحة، ويكره له أن ينبهه بجذبه، ولو كان عبده، أو ابنه، فإن صلى ركعة كاملة خلف الصف وحده بطلت صلاته.
المالكية قالوا: إذا جاء المأموم فوجد الإمام في الصلاة، فإن ظن أنه يدرك الركعة إذا أخر الدخول معه حتى يصل إلى الصف أخر الإحرام ندباً حتى يصل إليه، وإن ظن أن الركعة تفوته إذا أخر الإحرام حتى يصل إلى الصف ندب له الإحرام إن ظن أنه يدرك الصف قبل رفع الإمام رأسه من الركوع لو مشى إليه بعد الدخول في الصلاة، وإن لم يظن ذلك آخر الإحرام حتى يدخل في الصف، ولو فاتته الركعة إلا إذا كان الإمام في الركعة الأخيرة، فإنه يحرم خارج الصف للمحافظة على إدراك الجماعة، وإذا مشى في الصلاة لسد الفرجة، فإنه يرخص له في المشي مقدار صفين، سوى الذي خرج منه، والذي دخل فيه، فإذا تعددت الفرج مشى للأول من جهة المحراب حيث كانت المسافة لا تزيد على ما ذكر، وإذا مشى وهو جالس أو ساجد أو رافع من الركوع؛ فإن فعل ذلك كره، ولا تبطل على المعتمد، وإذا جاء المأموم ولم يجد في الصف فرجة، فإنه يحرم خارجه، ويكره له أن يجذب أحداً من الصف ليقف معه، ولو جذب أحداً كره له أن يوافقه.
الشافعية قالوا: إذا جاء المأموم فوجد الإمام راكعاً، وفي الصف فرجة ندب له أن يؤخر الدخول معه حتى يصل إلى الصف، ولو فاتته الركعة. وأما إذا دخل في الصلاة، ثم وجد بعد ذلك فرجة في صف من الصفوف جاز له أن يخترق الصفوف حتى يصل إلى الفرجة، بشرط أن لا يمشي ثلاث خطوات متوالية، وبشرط أن يكون مشيه في حال قيامة وغلا بطلت صلاته؛ وإنما يمشي في الصلاة لسد الفرجة إذا كانت موجودة قبل دخوله في الصلاة، أما إذا حدثت الفرجة بعد دخوله في الصلاة، فليس له أن يخترق الصفوف، وأما إذا جاء إلى الصلاة، ولم يجد فرجة في الصف، فإنه يحرم خارجه، وليس له بعد إحرامه أن يجذب في حال قيامه رجلاً من الأحرار يرجو أن يوافقه في القيام معه، بشرط أن يكون الصف المجذوب منه أكثر من اثنين، وإلا فلا يسن الجذب
(12) الشافعية قالوا: تسن إعادة الصلاة في الوقت مطلقاً، سواء صلى الأولى منفرداً أو بجماعة،بشرط أن تكون الصلاة الثانية كلها في جماعة، وأن ينوي إعادة الصلاة المفروضة؛ وأن تقع الثانية في الوقت ولو ركعة فيه على الراجح، وأن يعيدها الإمام مع من يرى جواز إعادتها أو ندبها، وأن تكون الأولى مكتوبة أو نفلاً تسن فيه الجماعة، وأن تعاد مرة واحدة على الراجح، وأن تكون غير صلاة الجنازة؛ وأن تكون الثانية صحيحة، وإن لم تغن عن القضاء، وأن لا ينفرد وقت الإحرام بالصلاة الثانية عن الصف، مع إمكان دخوله فيه، فإن انفرد فلا تصح الإعادة، أما إذا انفرد بعد إحرامه، فإنها تصح، وأن تكون الصلاة الثانية من قيام لقادر، وأن تكون الجماعة مطلوبة في حَق من يعيدها الصلاة في جماعة إذا أقيمت الجماعة، وهو في المسجد، سواء كان وقت الإعادة وقت نهي أو لا، وسواء كان الذي يعيد معه هو الإمام الراتب أو غيره، أما إذا دخل المسجد فوجد الجماعة مقامة، فإن كان الوقت وقت نهي حرمت عليه الإعادة، ولم تصح، سواء قصد بدخوله المسجد تحصيل الجماعة أو لا، أما إذا لم يكن الوقت وقت نهي وقصد المسجد للإعادة، فلا يسن له الإعادة، وإن لم يقصد ذلك كانت الإعادة مسنونة، وهذا كله في غير المغرب، أما المغرب فلا تسن إعادته مطلقاً، ومن أعاد الصلاة ففرضه الأولى، والثانية نافلة، فينويها معادة أو نافلة.
المالكية قالوا: من أدى الصلاة وحده أو صلاها إماماً لصبي يندب له أن يعيدها ما دام الوقت باقياً في جماعة أخرى منعقدة بدونه بأن تكون مركبة من اثنين سواه، ولا يعيدها مع واحد إلا أن يكون إماماً راتباً، فيعيد معه؛ ويستثنى من الصلاة التي تعاد المغرب والعشاء بعد الوتر فتحرم إعادتهما لتحصيل فضل الجماعة، ويستثنى أيضاً من صلى منفرداً بأحد المساجد الثلاثة، وهي: مسجد مكة، والمدينة، وبيت المقدس فلا يندب له إعادتها جماعة خارجها، ويندب إعادتها جماعة فيها، وإذا أعاد المصلي منفرداً صلاته لتحصيل فضل الجماعة تعين أن يكون مأموماً، ولا يصح أن يكون إماماً لمن لم يصل هذه الصلاة، كما تقدم، وينوي المعيد الفرض، مفوضاً الأمر لله تعالى في قبول أي الصلاتين، فإذا نوى النفل بالصلاة المعادةن ثم تبين بطلان الأولى، فلا تجزئه الثانية؛ وأما من أدى الصلاة في جماعة فيكره له صلاتها في جماعة مرة أخرى، إلا إذا كانت الجماعة الأولى خارج المساجد الثلاثة، ثم دخل أحدها فيندب له إعادتها به جماعة لا فرادى.
الحنفية قالوا: إذا صلى منفرداً، ثم أعاد صلاته مع إمام جماعة جاز له ذلك، وكانت صلاته الثانية نفلاً، وإنما تجوز إذا كان إمامه يصلي فرضاً لا نفلاً، لأن صلاة النافلة خلف الفرض غير مكروهة، وإنما المكروه صلاة نفل خلف نفل إذا كانت الجماعة أكثر من ثلاثة، كما تقدم، فإن صلوا جماعة ثم أعادوا الصلاة ثانياً بجماعتهم كره إن كانوا أكثر من ثلاثة. وإلا فلا يكره إذا أعادوها بغير أذان، فإن أعادوها بأذان كرهت مطلقاً، ومتى علم أن الصلاة الثانية تكون نفلاً أعطيت حكم الصلاة النافلة في الأوقات المكروهة، فلا تجوز إعادة صلاة العصر، لأن النفل ممنوع بعد العصر، وإذا شرع في صلاته منفرداً أو كانت الصلاة أداء لا قضاء ولا منذورة ولا نافلة، ثم أقيمت بجماعة فيستحب له أن يقطعها واقفاً بتسليمة واحدة ليدرك فضل الجماعة، وهذا إذا لم يسجد، أما إعادة الصلاة لخلل فيها كترك واجب ونحوه، فسيأتي بيانه في قضاء الفوائت. بعيداً عنه، فلا يكره وإلا كره تحريماً؛ كما لا يكره مطلقاً تكرار الجماعة في مسجد المحلة بلا أذان وإقامة
(13) الحنفية قالوا: لا يكره تكرار الجماعة في مساجد الطرق، وهي ما ليس لها إمام وجماعة معينون، أما مسجد المحلة - وهي ما لها إمام وجماعة ميعنون - فلا يكره تكرار الجماعة فيها أيضاً إن كانت على غير الهيئة الأولى، فلو صليت الأولى في المحراب والثانية صليت بعد ذلك.
الحنابلة قالوا: إذا كان الإمام الراتب يصلي بجماعة فيحرم على غيره أن يصلي بجماعة أخرى وقت صلاته، كما يحرم أن تقوم جماعة قبل صلاة الإمام الراتب، بل لا تصح صلاة جماعة غير الإمام الراتب في كلتا الحالتين، ومحل ذلك إذا كان بغير إذن الإمام الراتب، أما إذا كان بإذنه، فلا تحرم، كما لا تحرم صلاة غيره، إذا تأخر الإمام الراتب لعذر أو ظن عدم حضوره، أو ظن حضوره، ولكن كان الإمام لا يكره أن يصلي غيره في حال غيبته، ففي هذه الأحوال لا تكره إمامة غيره، وأما إمامة غير الراتب بعد إتمام صلاته فجائزة من غير كراهة إلا في المسجد الحرام، والمسجد النبوي، فإن إعادة الجماعة فيهما مكروهة إلا لعذر، كمن نام عن صلاة الإمام الراتب بالحرمين، فله أن يصلي جماعة بعد ذلك بلا كراهة، ويكره للإمام أن يؤم بالناس مرتين في صلاة واحدة بأن ينوي بالثانية فائتة، وبالأولى فرض الوقت مثلاً.
الشافعية قالوا: يكره إقامة الجماعة في مسجد بغير إذن إمامه الراتب مطلقاً قبله أو بعده أو معه إلا إذا كان المسجد مطروقاً أو ليس له إمام راتب، أو له وضاق المسجد عن الجميع أو خيف خروج الوقت، وإلا فلا كراهة.
المالكية قالوا: يكره تكرار الجماعة مرة أخرى بعد صلاة الإمام الراتب في كل مسجد أو موضع جرت العادة باجتماع الناس للصلاة فيه، وله إمام راتب، ولو أذن الإمام في ذلك، وكذلك تكره إقامة الجماعة قبل الإمام الراتب إذا صلى في وقته المعتاد له، وإلا فلا كراهة، وأما إقامة جماعة مع جماعة الإمام الراتب فهي محرمة، والقاعدة عندهم أنه متى أقيمت الصلاة للإمام الراتب فلا يجوز أن تصلي صلاة أخرى فرضاً أو نفلاً، لا جماعة ولا فرادى، ويتعين على من في المسجد الدخول مع الإمام إذا كان لم يصل هذه الصلاة المقامة أو صلاها منفرداً، أما إذا كان قد صلاها جماعة فيتعين عليه الخروج من المسجد لئلا يطعن على الإمام، وإذا كان على من بالمسجد فرض غير الفرض الذي يريد الإمام أن من يصليه، كأن كان عليه الظهر وأقيمت صلاة العصر للراتب فإنه يتابع الإمام في الصورة فقط، وينوي الظهر وهو منفرد فيها، وعليه أن يحافظ على ما يجب على المنفرد، وإذا وجد بمسجد أئمة متعددة مرتبون، فإن صلوا في وقت واحد حرم لما فيه من "التشويش"، وإذا ترتبوا أن يصلي أحدهم، فإذا انتهى صلى الآخر، وهكذا، فهو مكروه على الراجح، وأما المساجد أو الموضع التي ليس لها إمام راتب فلا يكره تكرار الجماعة فيها بأن يصلي جماعة جماعة، ثم يحضر آخرون فيصلون جماعة، وهكذا
(14) المالكية قالوا: تدرك الجماعة، ويحصل فضلها الوارد في الحديث السابق بإدراك ركعة كاملة مع الإمام بأن ينحني المأموم في الركوع قبل أن يرفع الإمام رأسه منه، وإن لم يطمئن في الركوع إلا بعد رفع الإمام، ثم يدرك السجدتين أيضاً مع الإمام، ومتى أدرك الركعة على هذا النحو حصل له الفضل، وثبتت له أحكام الاقتداء، فلا يصح أن يكون إماماً في هذه الصلاة ولا يعيدها في جماعة أخرى؛ ويلزمه أن يسجد لسهو الإمام قبلياً كان أو بعدياً، ويسلم على الإمام، وعلى من على يساره وغير ذلك من أحكام المأموم، أما إذا دخل مع الإمام بعد الرفع من الركوع أو ادرك الركوع معه ولم يتمكن من السجود معه لعذر، كزحمة ونحوها مما تقدم، فلا يحصل له فضل الجماعة، ولا يثبت له أحكام الاقتداء، فيصح أن يكون إماماً في هذه الصلاة، ويستحب أن يعيدها في جماعة أخرى لإدراك فضل الجماعة، ولا يسلم على الإمام، ولا على المأموم الذي على يساره ونحو ذلك، وإنما قالوا: إن الفضل الوارد في الحديث هو الذي يتوقف على إدراك ركعة كاملة، لأن مطلق الأجر لا يتوقف على ذلك، فمن أدرك التشهد فقط مع الإمام لا يحرم من الثواب والأجر، وإن كان لا يحصل له الفضل الوارد في قوله عليه السلام: صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده بسبعة وعشرين درجة، وهذا هو الحديث السابق
(15) الحنفية قالوا: إن الأول يسمى لاحقاً، والثاني يسمى مسبوقاً، فاللاحق هو من دخل الصلاة مع الإمام، ثم فاته كل الركعات أو بعضها لعذر، كزحام؛ والمسبوق هو من سبقه إمامه بكل الركعات أو بعضها، وحكم اللاحق كحكم المؤتم حقيقة فيما فاته، فلا تنقطع تبعيته للإمام، فلا يقرأ في قضاء ما فاته من الركعات، ولا يسجد للسهو فيما يسهو فيه حال قضائه، لأن لا سجود على المأموم فيما يسهو فيه خلف إمامه، ولا يتغير فرضه أربعاً بنية الإقامة إن كان مسافراً، وكيفية قضاء ما فاته أن يقضيه في أثناء صلاة الإمام ثم يتابعه فيما بقي إن أدركه، فإن لم يدركه مضى في صلاته إلى النهاية، ولا يقرأ شيئاً في قيامه حال القضاء، لأنه معتبر خلف الإمام، وإذا كان على الإمام سجود سهو فلا يأتي به اللاحق إلا بعد قضاء ما فاته، وقد يكون اللاحق مسبوقاً بأن يدخل مع الإمام في الركعة الثانية ثم تفوته ركعة أو أكثر وهو خلف الإمام، وفي هذه الحالة يقضي ما سبق به بعد أن يفرغ من قضاء ما فاته بعددخوله مع الإمام، وعليه القراءة في قضاء ما سبق به، فاللاحق إذا كان مسبوقاً عليه أن يقضي ما فاته بعد دخوله في الصلاة بدون قراءة ثم يتابع الإمام فيما بقي من الصلاة ان أدركه فيها ثم يقصي ما سبق به بقراءة، فإن كان على الإمام سجود سهو في هذه الحالة أتى به بعد قضاء ما سبق به فإن قضى ما سبق به قبل أن يقتضي ما فاته صحت صلاته مع الإثم لترك الترتيب المشروع. أما المسبوق له أحكام كثيرة: منها أنه إن أدرك الإمام في ركعة سرية أتى بالثناء بعد تكبيرة الإحرام، وإن أدركه في صلاة ركعة جهرية لا يأتي به على الصحيح مع الإمام، وإنما يأتي به عند قضاء ما فاته وحينئذ يتعوذ، ويبسمل للقراءة كالمنفرد.
فإن أدرك الإمام وهو راكع أو ساجد تحرّى، فإن غلب على ظنه أنه لو أتى بالثناء أدركه في جزء من ركوعه أو سجوده أتى به وإلا فلا، وإن أدركه في القعود لا يأتي بالثناء، بل يكبر ويقعد قدر التشهد، إلا في مواضع:
الأول: إذا خاف المسبوق الماسح زوال مدته إذا انتظر سلام الإمام،
الثاني: إذا خاف خروج الوقت وكان صاحب عذر، لأنه إذا انتظره في هذه الحالة ينتقض وضوءه،
الثالث: إذا خاف في الجمعة دخول وقت العصر إذا انتظر سلام الإمام،
الرابع إذا خاف المسبوق دخول وقت العصر في العيدين أو خاف طلوع الشمس إذا انتظر سلام الإمام، الخامس إذا خاف المسبوق أن يسبقه الحدث؛ السادس: إذا خاف أن يمر الناس بين يديه إذا انتظر سلام الإمام، فهذه المواضع كلها يقوم فيها المسبوق قبل أن يسلم إمامه، ويقضي ما فاته متى كان الإمام قد قعد قدر التشهد؛ أما إذا قام قبل أن يتم الإمام القعود بقدر التشهد، فإن صلاة المسبوق تبطل، وكما أن المسبوق لا تجب عليه متابعة إمامه في سلام عند وجود عذر من هذه الأعذار، فكذلك المدرك لا تجب عليه المتابعة عند وجود ذلك العذر، فإن لم يوجد عذر وجب على المأموم أن يتابع إمامه في السلام إن كان قد أتم التشهد، فإن سلم إمامه، قبل ذلك لا يسلم معه، بل يتم تشهده ثم يسلم، فإذا أتم المأموم، تشهده قبل إمامه، ثم سلم قبله صحت صلاته مع الكراهة إن كانت بغير عذر من تلك الأعذار، والأفضل في المتابعة في السلام أن يسلم المأموم مع إمامه لا قبله ولا بعده، فإن سلم قبله كان الحكم ما تقدم، وإن سلم بعده فقد ترك الأفضل، وكذلك المتابعة في تكبيرة الإحرام، فإن المقارنة فيها أفضل، أما إن كبر قبله فلا تصح صلاته، وإن كبر بعده فقد فاته إدراك وقت فضيلة تكبيرة الإحرام، ومنها أن يقضي أول صلاته بالنسبة للقراءة، وآخرها بالنسبة للتشهد، فلو أدرك
ركعة من المغرب قضى ركعتين، وقرأ في كل واحدة منهما الفاتحة وسورة، لأن الركعتين اللتين يقضيهما هما الأولى والثانية بالنسبة للقراءة، ويقعد على رأس الأولى منهما ويتشهد، لأنها الثانية بالنسبة لها، فيكون قد صلى المغرب في هذه الحالة بثلاث قعدات، ولو أدرك ركعة من العصر مثلاً قضى ركعة يقرأ فيها الفاتحة والسورة ويتشهد، ثم يقضي ركعة أخرى يقرأ فيها الفاتحة والسورة ولا يتشهد، ثم يقوم لقضاء الأخيرة وهو مخير في القراءة فيها وعدمها، والقراءة أفضل، ولو أدرك ركعتين من العصر مثلاً قضى ركعتين يقرأ فيهما الفاتحة والسورة، ويتشهد، فلو ترك القراءة في إحداهما بطلت صلاته، ومنها أنه في حكم المنفرد فيما يقضيه إلا في مواضع أربعة؛ أحدها: أنه لا يجوز له أن يقتدي بمسبوق مثله، ولا أن يقتدي به غيره، فلو اقتدى مسبوق بمسبوق فسدت صلاة المقتدي دون الإمام، ولو اقتدى هو بغيره بطلت صلاته، ثانيها: أنه لو كبر ناوياً لاستثناف صلاة جديدة من أولها وقطع الصلاة الأولى تصح، بخلاف المنفرد، ثالثها: أنه لو سها الإمام إلى سجود التلاوة، فإن صلاته وصلاة المسبوق صحيحة.
المالكية قالوا: المقتدي إن فاتته ركعة أو أكثر قبل الدخول مع الإمام فهو مسبوق، وحكمه أنه يجب عليه أن يقضي بعد سلام الإمام ما فاته من الصلاة، إلا أن يكون بالنسبة للقول قاضياً، وبالنسبة للفعل بانياً، ومعنى كونه قاضياً أن يجعل ما فاته أول صلاته؛ فيأتي به على الهيئة التي فات عليها بالنسبة للقراءة، فيأتي بالفاتحة وسورة أو بالفاتحة فقط سراً أو جهراً على حسب ما فاته، ومعنى كونه بانياً أن يجعل ما أدركه أو صلاته، وما فاته آخر صلاته، لإيضاح ذلك نقول: دخل المأموم مع الإمام في الركعة الرابعة من العشاء وفاتته ثلاث ركعات قبل الدخول؛ فإذا سلم الإمام يقوم المأموم فيأتي بركعة يقرأ فيها بالفاتحة وسورة جهراً، لأنها أولى صلاته بالنسبة للقراءة؛ ثم يجلس على رأسها للتشهد، نها ثانية له بالنسبة للجلوس، ثم يقوم بعد التشهد فيأتي بركعة بالفاتحة وسورة جهراً، لأنها ثانية له بالنسبة للقراءة، ولا يجلس للتشهد على رأسها، لأنها ثالثة له بالنسبة للجلوس، ثم يقوم فيأتي بركعة يقرأ فيها بالفاتحة فقط سراً: لأنها ثالثة له بالنسبة للقراءة ويجلس على رأسها للتشهد، لأنها رابعة له بالنسبة للأفعال ثم يسلم، ومن القول الذي يكون قاضياً فيه القنوت، فإذا دخل مع الإمام في ثانية الصبح يقنت فيها تبعاً مامه، فإذا سلم الإمام قام بركعة القضاء، ولا يقنت فيها، لأنها أولى بالنسبة للقنوت؛ ولا قنوت في أولى الصبح، فالقول الذي يكون قاضياً فيه هو القراءة والقنوت، ثم إذا ترتب على الإمام سجود سهو، فإن كان قبلياً سجده مع الإمام قبل قيامه للقضاء، وإن كان بعيداً أخره حتى يفرغ من قضاء ما عليه، والمسبوق يقوم بالقضاء بتكبير إن أدرك مع الإمام ركعتين أو أدرك أقل من ركعة، وإلا فلا يكبر حال القيام، بل يقوم ساكتاً، وأما إذا فات المأموم شيء من الصلاة بعد
الدخول مع الإمام لعذر، كزحمة أو نعاس لا ينقض الوضوء، فله ثلاث أحوال: الأولى أن يفوته ركوع أو رفع منه، الثانية: أن تفوته سجدة أو السجدتان: الثالثة: أن تفوته ركعة أو أكثر، فالحالة الأولى أنه إذا فات المأموم الركوع أو الرفع منه مع الإمام؛ فإما أن يكون ذلك في الركعة الأولى أو غيره، فإن كانت في الركعة الأولى تبع الإمام فيما هو فيه من الصلاة، وألغى هذه الركعة لعدم انسحاب المأمومية عليه بفوات الركوع مع الإمام.
ولعدم عقد الركعة مع الإمام في حالة فوات الرفع معه بناء على أن عقد الركوع برفع الرأس منه مع الإمام، وعليه أن يقضي ركعة بعد سلام الإمام بدل الركعة التي ألغاها، وإن كان ذلك الفوات في غير الركعة الأولى، فإن ظن أنه لو ركع أو رفع يمكنه أن يسجد مع الإمام ولو سجدة واحدة فعل ما فاته ليدرك الإمام، ثم إن تحقق ظنه فالأمر واضح، وإن تخلف ظنه، كأن كان بمجرد ركوعه رفع الإمام رأسه من السجدة الثانية؛ فإنه يلغي ما فعله، ويتبع الإمام فيما هو فيه، ويقضي ركعة بعد سلامه: وإن لم يظن إدراك شيء من السجود مع الإمام ألغى هذه الركعة؛ وقضى ركعة بعد سلام الإمام، فإن خالف ما أمر به، وأتي بما فاته، فإن أدرك مع الإمام شيئاً من السجود صحت صلاته وحسبت له الركعة، وإلا بطلت لمخالفة ما أمر به مع قضاء ما فاته من طلب إمامه؛ الحالة الثانية: أن يفوته سجدة أو سجدتان، وحكم ذلك أن المأموم إما أن يظن أن يدرك الإمام قبل رفع رأسه من ركوع الركعة التالية أو لا، ففي الحالة الأولى يفعل ما فاته، ويلحق الإمام وتحسب له الركعة، وفي الحالة الثانية يلغي الركعة، ويتبع الإمام فيما هو فيه، ويأتي بركعة بعد سلام الإمام، ولا سجود عليه بعد السلام لزيادة الركعة التي ألغاها، لأن الإمام يحمل مثل ذلك عنه؛ الحالة الثالثة: أن تفوته ركعة أو أكثر بعد الدخول مع الإمام، وحكم ذلك أنه يقضي ما فاته بعد سلام الإمام على نحو ما فاته بالنسبة للقراءة والقنوت، ويكون بانياً في الأفعال على ما تقدم، وقد يفوت المأموم جزء من الصلاة قبل الدخول مع الإمام؛ ثم يفوته ركعة أيضاً أو أكثر بعد الدخول لزحمة ونحوها، مثال ذلك: أن يدخل المأموم مع الإمام في الركعة الثانية الرباعية؛ فيدرك معه الثانية والثالثة، وتفوته الرابعة فقد فاته الآن ركعتان: إحداهما: قبل الدخول مع الإمام،
والثانية بعد الدخول معه، وحكم ذلك أنه يقدم في القضاء الركعة الثانية التي هي رابعة الإمام، فيأتي بها بالفاتحة فقط سراً، ولو كانت الصلاة جهرية لم يجلس عليها،لأنها أخيرة الإمام، ثم يقوم فيأتي بركعة بدل الأول؛ ويقرأ فيها بالفاتحة وسورة لأنها أولى؛ ويجهر إن كانت الصلاة جهرية، ويجلس عليها، لأنها أخيرته هو ثم يسلم.
الحنابلة قالوا: من اقتدى بالإمام من أول الصلاة أو بعد ركعة فأكثر وفاته شيء منها؛ فهو في الحالتين مسبوق، فمن دخل مع إمامه من أول صلاته وتخلف عنه بركن بعذر كغفلة أو نوم لا ينقض الوضوء وجب عليه أن يأتي بما فاته متى زال عذره إذا لم يخش فوت الركعة التالية بعدم إدراك ركوعها مع الإمام، وصارت الركعة معتداً بها، فإن خشي فوت الركعة التالية مع الإمام على صفتها وإن تخلف عن إمامه بركعة فأكثر لعذر من الأعذار السابقة تابعه، وقضى ما تخلف به عن إمامه بعد فراغه على صفته، ومعنى قضاء ما فاته على صفته، أنه لو كان ما فاته الركعة الأولى أتى عند قضائها بما يطلب فعله فيها من استفتاح وتعوذ وقراءة سورة بعد الفاتحة، وإن كانت الثانية قرأ سورة بعد الفاتحة، وإن كانت الثالثة أو الرابعة قرأ الفاتحة فقطن وإن دخل مع إمامه وأدرك ركوع الأولى ثم تخلف عن السجود معه لعذر وزوال عذره بعد رفع إمامه من ركوع الثانية تابع إمامه في سجود الثانية وتمت له بذلك ركعة ملفقة من ركوع الأولى وسجود الثانية، ويقضي ما فاته بعد سلام إمامه على صفته.
كما تقدم وهذا كله إذا كان المقتدي قد دخل مع إمامه من أول صلاته، أما إذا دخل معه بعد ركعة فأكثر فيجب عليه قضاء ما فاته بعد فراغ إمامه من الصلاة؛ ويكون ما يقضيه أول صلاته، وما أداه مع إمامه آخر صلاته، فمن أدرك الإمام في الظهر في الركعة الثالثة وجب عليه قضاء الركعتين بعد فراغ إمامه، فيسفتح ويتعوذ ويقرأ الفاتحة وسورة في أولاهما، ويقرأ الفاتحة وسورة في الثانية لما علمت، ويخير في الجهر إن كانت الصلاة جهرية غير جمعة، فإنه لا يجهر فيها، ويجب على المسبوق أن يقوم للقضاء قبل تسليمة الإمام الثانية، فإن قام فيها بلا عذر ويبيح المفارقة وجب عليه أن يعود ليقوم بعدها، وإلا انقلبت صلاته نفلاً، ووجبت عليه إعادة الفرض الذي صلاه مع الإمام، وإنما يكون ما يقصيه المسبوق أول صلاته فيما عدا التشهد، أما التشهد فإنه إذا أدرك إمامه في ركعة من رباعية، أو من المغرب فإنه يتشهد بعد قضاء ركعة أخرى لئلا يغير هيئة الصلاة، وينبغي للمسبوق أن يتورك في تشهد إمامه الأخير إذا كانت الصلاة مغرباً أو رباعية تبعاً لإمامه، وإذا سلم المسبوق مع إمامه سهواً وجب عليه أن يسجد للسهو في آخر صلاته، وكذا يسجد للسهو إن سها فيما يصليه مع الإمام، وفيما انفرد بقضائه، ولو شارك الإمام في سجوده لسهوه، وإذا سها الإمام ولم يسجد لسهوه وجب على المسبوق سجود السهو بعد قضاء ما فاته، ويعتبر المسبوق مدركاً للجماعة متى أدرك تكبيرة الإحرام قبل سلام الإمام التسليمة الأولى، ولا يكون المسبوق مدركاً للركعة إلا إذا أدرك ركوعها مع الإمام، ولو لم يطمئن معه، وعليه أن يطمئن وحده، ثم يتابعه.
الشافعية قالوا: ينقسم المقتدي إلى قسمين: مسبوق، وموافق؛ فالمسبوق هو الذي لم يدرك مع الإمام زمناً يسع قراءة الفاتحة من قارئ معتدل، ولو أدرك الركعة الأولى؛ والموافق هو الذي أدرك مع الإمام بعد إحرامه وقبل ركوع إمامه زمناً يسع الفاتحة، ولو في آخر ركعة من الصلاة، فالعبرة في السبق وعدمه بإدراك الزمن الذي يسع قراءة الفاتحة بعد إحرامه وقبل ركوع الإمام وعدم إدراكه، ولكل حكم؛ أما المسبوق فله ثلاثة أحوال:
الحالة الأولى: أن يدخل مع الإمام وهو راكع،
الحالة الثانية: أن يدخل مع الإمام وهو قائم، ولكنه بمجرد إحرامه ركع مع الإمام؛
الحالة الثالثة: أن يدخل مع الإمام وهو قائم، ولكنه قريب من الركوع بحيث يتمكن المأموم من قراءة شيء من الفاتحة، وحكم المأموم في الحالتين الأوليين أنه يجب عليه الركوع مع الإمام من قراءة شيء من الفاتحة، وتحسب له الركعة إن اطمأن مع الإمام يقيناً في الركوع، وغلا فلا يعتد بها، ويأتي بركعة بدلها بعد سلام الإمام، وفي الحالة ويندب له ترك دعاء الاستفتاح والتعوذ، فإن اشتغل بشيء منهما وجب عليه أن يستمر قائماً بدون ركوع حتى يقرأ من الفاتحة بقدر الزمن الذي صرفه في دعاء الاستفتاح أو التعوذ؛ ثم إن اطمأن مع الإمام في الركوع يقيناً حسبت له الركعة وإلا فلا، وتصح صلاته ولا تجب عليه نية المفارقة، إلا إذا استمر في القراءة الواجبة عليه حتى هوى الإمام للسجود، فحينئذ تجب عليه نية المفارقة، وإلا بطلت صلاته لتأخره عن إمامه بركنين فعليين بلا عذر، وأما الموافق فقد تقدمت أحكامه في مبحث "المتابعة"، ثم إن كلا من المسبوق والموافق بالمعنى المتقدم قد يكون مسبوقاً، بمعنى أنه فاته بعض ركعات الصلاة مع الإمام، وحكم هذا أن أول صلاة المأموم في هذه الحالة هو ما أدركه مع الإمام، فلو أدرك مع الإما الركعة
الثانية، ثم قام للإتيان بما فاته تحسب له الركعة التي أداها مع الإمام الأولى، وإن كانت ثانية بالنسبة للإمام فيسن له أن يقنت في الركعة التي يأتي بها، لأنها ثانية له، وإن كان قد قنت في الركعة التي أداها مع الإمام متابعة له. وينبغي للمسبوق الذي لم يتحمل عنه الإمام الفاتحة أن يجعل صلاته غير خالية من السورة بعد الفاتحة، فمثلاً إذا أدرك الإمام في ثالثة الظهر ثم فعل ما فاته بعد فراغه يسن له أن يأتي بآية أو سورة بعد الفاتحة فيهما، لئلا تخلو صلاته من سورة





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #63  
قديم 05-07-2020, 03:44 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,632
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله

الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الاول
[كتاب الصلاة]
صـــــ 402 الى صــــــــ417
الحلقة (59)

[الاستخلاف في الصلاة]

[تعريفه - وحكمه مشروعيته]
الاستخلاف في اصطلاح الفقهاء هو أن ينيب إمام الصلاة أو أحد المأمومين رجلاً صالحاً للإمامة ليكمل بهم الصلاة بدل إمامهم لسبب من الأسباب الآتية، مثال ذلك أن يصلي الإمام بجماعة ركعة أو ركعتين أو أقل أو أكثر ثم يعرض له في الصلاة مانع يمنعه من إتمام الصلاة بهم، كمرض فجائي أو سبق حدث أو غير ذلك من الموانع، ففي هذه الحالة يصح أن يختار الإمام رجلاً من المصلين خلفه أو من غيرهم من الموجودين ويوقفه إماماً ليكمل ما بقي من الصلاة بالمأمومين، فإن لم يفعل الإمام ذلك فللمأمومين أن يختاروا واحداً منهم وينيبوه بدل هذا الإمام بدون أن يتكلموا أو يتحولوا عن القبلة، كما ستعرفه،
ولعل قائلاً يقول:
لماذا كل هذا؟ أليس من السهل المعقول أنه إذا عرض مانع يمنع الإمام من المضي في صلاته تبطل، ويأتي غيره من الصالحين للإمامة ويصلي بالجماعة؟
والجواب:
إن الصلاة لها حرمة عظيمة في نظر الشريعة الإسلامية، فمتى شرع الإنسان في الصلاة وقف يناجي ربه خاضعاً خاشعاً، فإنه ينبغي له أن يحتفظ بموقفه هذا حتى يفرغ منه، فإذا سها عن فعل لزمه أن يأتي به ويجبره بالسجود، وإذا عرض للإمام ما يبطل صلاة الجماعة خرج من الصلاة واستخلف غيره ليكملها، والغرض من كل هذا تأدية الصلاة كاملة بعد الشروع فيها، لأنها عمل من الأعمال اللازمة في نظر الشريعة الإسلامية التي لا ينبغي التساهل في أمره على كل حال.
[سبب الاستخلاف]
أما سبب الاستخلاف ففيه تفصيل المذاهب، فانظره تحت الخط (1) .
[حكم الاستخلاف في الصلاة]
اختلفت المذاهب الأربعة في حكم الاستخلاف، فانظر كل مذهب تحت الخط (2) .
[مباحث سجود السهو]

[تعريفه - محله - هل تلزم النية فيه؟]
معنى السجود في اللغة مطلق الخضوع، سواء كان بوضع الجبهة على الأرض أو كان بأمارة أخرى من أمارات الخضوع، كالطاعة، ومعنى السهو في اللغة الترك من غير علم، فإذ قيل سها فلان، فمعناه ترك الفعل من غير علمه، أما إذا قيل سها عن كذا، فمعناه تركه وهو عالم، وبذا تعلم أن اللغة تفرق بين قول سها فلان، وبين قول سها فلان عن كذا، ولا فرق في اللغة بين النسيان وبين السهو، أما الفقهاء فإنهم لا يفرقون بين النسيان وبين السهو أيضاً، بل عندهم السهو والنسيان والشك بمعنى واحد، وإنما يفرقون بين هذه الأشياء وبين الظن؛
فيقولون:
إن الظن هو إدراك الطرف الراجح، فإذا ترجح عند الشخص أنه فعل الفعل كان ظاناً، بخلاف السهو والنسيان والشك، فإنه يستوي عند إدراك الفعل وعدمه، بدون أن يرجح أنه فعل، أو أنه لم يفعل.هذا هو معنى سجود السهو في اللغة، أما معناه في اصطلاح الفقهاء وبيان محله وبيان النية فيه، فانظره تحت الخط (3) .
[سبب سجود السهو]
الأسباب التي يشرع من أجلها سجود السهو مختلفة في المذاهب، فانظرها تحت الخط (4) .
(1) الحنفية قالوا: سبب الاستخلاف هو أن يحدث الإمام في الصلاة بدون اختيار، يخرج منه ريح أو يسيل منه دم أو نحو ذلك من النجاسات التي تخرج من بدن الإنسان وهو يصلي، أما إذا أصابته نجاسة تمنع من الاستمرار في الصلاة، أو كشفت عورته بمقدار ركن من أركان الصلاة ونحو ذلك، فإن صلاته تفسد وتفسد معها صلاة المأمومين فلا يصح الاستخلاف في هذه الحالة، كما لا يصح الاستخلاف إذا ضحك الإمام قهقهة أو جن أو أغمي عليه أو غير ذلك مما يأتي في شروط الاستخلاف، ويجوز الاستخلاف إذا عجز عن قراءة القدر المفروض، أما إذا عجز عن الركوع أو السجود بسبب حصر البول أو الغائط فإنه لا يستخلف إذا أمكنه أن يصلي قاعداً، وعلى المأمومين في هذه الحالة أن يتموا صلاتهم خلفه قياماً، وهذا هو رأي الإمام أبي حنيفة، ولا يصح الاستخلاف إذا خاف حصول ضرر أو ضياع مال، بل يقطع الصلاة، ويبتدئ المقتدون به الصلاة من أولها بحسب ما يتاح لهم.
المالكية قالوا: أسباب الاستخلاف ثلاثة أمور: الأمر الأول: أن يخاف الإمام وهو في صلاته على مال، سواء كان ماله أو مال غيره، وفي هذه الحالة يجب عليه قطع الصلاة لإنقاذ ذلك المال، ويندب له أن يستخلف إماماً غيره، على أنه يشترط لقطع الصلاة بسبب الخوف على المال أن يترتب على ضياعه أو تلفه هلاك صاحبه أو حصول ضرر شديد له، وفي هذه الحالة يجب على الإمام أن يقطع الصلاة مطلقاً، سواء كان المال قليلاً أو كثيراً، وسواء اتسع الوقت لإدراك الصلاة بعد ذلك أو لم يتسع. أما إذا لم يخف ضياعه، ولكنه لم يطمئن لتركه بدون حراسة فإنه في هذه الحالة يصح له أن يقطع الصلاة بشرطين: الشرط الأول: أن يكون الوقت متسعاً بحيث يمكنه أن يؤدي الصلاة التي قطعها قبل خروج الوقت، الشرط الثاني؛ أن يكون المال كثيراً - والمال الكثير هنا هو ما كان له قيمة وشأن عند صاحبه - فإذا فقد شرط من هذين الشرطين في هذه الحالة فإنه لا يصح له قطع الصلاة، ومثل الخوف على المال الخوف على نفس من الهلاك والتلف، فإذا خاف على أعمى الاصطدام بسيارة أو الوقوع في حفرة عميقة يضره الوقوع فيها فإنه في هذه الحالة يجب عليه قطع الصلاة لإنقاذه.
والحاصل أن الخوف على المال أو النفس بالشروط المذكورة يجعل قطع الصلاة فرضاً على الإمام، ويندب له أن يستخلف من يكمل بهم الصلاة، وعرفت أن الحنفية قالوا: إن الخوف على مثل هذا يوجب قطع الصلاة، ولكن لا يجوز له حال الخوف أن يستخلف، بل تبطل صلاته وصلاة من خلفه، وللمأمومين أن يقيموا إمامين يصلي كل إمام بفريق، وإذا أقام الصلاة خليفة عنه وأقام المقتدون إماماً ثانياً، وصلت كل فرقة خلف واحد منهما، فإن الصلاة تصح، ولكن إذا أقام الإمام خليفة حرم على المأمومين أن يقيموا غيره، وإن كانت تصح الصلاة خلف من أقاموه.
هذا كله في غير صلاة الجمعة، أما إذا وقع ذلك وهو يصلي الجمعة إماماً. فإذا لم يستخلف في الجمعة وصلوها فرادى فإنها تبطل لاشتراط الجماعة فيها، وإذا استخلف الإمام واحداً واستخلف المقتدون واحداً فإن الجمعة تصح خلف من استخلفه الإمام، وتبطل خلف غيره، فإن لم يستخلف الإمام أحداً، واستخلف المقتدون اثنين فإن الجمعة تصح لمن سبق منهم، فإن تساويا في السلام بطلت صلاة الجمعة، وعليهم أن يقيموها جمعة ثانياً إن كان الوقت باقياً، وإلا صلوها ظهراً وقد خالف الحنفية في ذلك كله فقالوا: إن لم يستخلف الإمام وصلوها فرادى بطلت صلاتهم، سواء في الجمعة أو في غيرها، وكذلك إذا استخلف الإمام واحداً واستخلف المقتدون واحداً. بطلت الصلاة خلف من استخلفه المقتدون، وإذا لم يستخلف الإمام ولا المقتدون، وتقدم واحد عن المصلين وأتم بهم الصلاة، فإنها تصح.
الشافعية قالوا: سبب الاستخلاف خروج الإمام عن الإمامة بطرو حدث، سواء كان الحدث عمداً أو قهراً عنه، أو تبين له أنه كان محدثاً قبل شروعه في الصلاة، وهذا السبب عندهم ليس ضروراً، بل للإمام أن يستخلف غيره، ولو بدون سبب، وإذا قدم الإمام واحداً وقدم المقتدون واحداً، فإن الصلاة تصح خلف كل منهما، ولكن الأولى بالإمامة من قدمه المقتدون، لا من قدمه الإمام، إلا إذا كان إماماً راتباً، فإن الأولى بالإمامة من قدمه الإمام الراتب، وإذا قدم الإمام الواحد، وتقدم واحد آخر بدون أن يقدمه أحد فإن الصلاة تصح خلف كل منهما، ولكن الأولى بالإمامة من قدمه الإمام، سواء كان راتبا أو غير راتب، ولا يخفى أن الشافعية قد خالفوا الحنفية، والمالكية في هذه الأحكام.
الحنابلة قالوا: سبب الاستخلاف هو أن يحصل للإمام مرض شديد يمنعه من إتمام الصلاة؛ ومنه ما إذا عجز عن ركن قولي، كقراءة الفاتحة؛ أو واجب قولي، كتسبيحات الركوع والسجود، فإن حصل له عذر كهذا فإنه يجوز له أن يستخلف واحداً بدله؛ ولو لم يكن من المقتدين، ليتم بهم الصلاة، وليس من الأعذار عندهم سبق الحدث، فإذا انتقض وضوء الإمام أثناء صلاته بطلت صلاته وصلاة من خلفه؛ ولا يجوز له الاستخلاف، وإذا حصل للإمام عذر يبيح الاستخلاف ولم يستخلف جاز للمقتدين أن يستخلفوا واحداً ليتم بهم الصلاة؛ كما يجوز لهم أن يتموها فرادى بدون إمام، وإذا استخلف القوم واستخلف الإمام واحداً آخر فالصلاة لا تصح إلا خلف من استخلفه الإمام، كما يقول الحنفية

(2) الحنفية قالوا: إن الاستخلاف أفضل، بحيث لو لم يتسخلف الإمام أو المقتدون، ولم يتقدم واحد منهم بدون استخلاف فإن الصلاة تبطل، ويعيدوها من أولها مع مخالفة الأفضل، بشرط أن يكون الوقت متسعاً لأداء الصلاة فيه، أما إذا ضاق الوقت فإن الاستخلاف يكون واجباً، ولا فرق عندهم في ذلك بين الجمعة وغيرها؛ وإذا استخلف الإمام واحداً، واستخلف المقتدون واحداً آخر، فإن الصلاة لا تصح إلا خلف من استخلفه الإمام، وإذا تقدم واحدا من المقتدين بدون استخلاف وأتم بهم الصلاة فإنها تصح، أما إذا يستخلف الإمام أو القوم، أو يتقدم واحد بدون استخلاف وصلوا وحدهم فرادى، فإن صلاتهم تبطل.
الحنابلة قالوا: حكم الاستخلاف الجواز، فيجوز عند حصول سبب من الأسباب المتقدم بيانها أن يستخلف الإمام واحداً من المقتدين به أو من غيرهم ليكمل بهم الصلاة، وإذا استخلف الإمام واحداً واستخلف المقتدون غيره، فإن الصلاة لا تصح إلا خلف من استخلفه الإمام، كما يقول الحنفية، على أنهم قالوا: يجوز للمقتدين أن يتمو صلاتهم فرادى بدون استخلاف خلافاً للحنفية؛ كما هو موضح في مذهبهم، ولذا لم يشترط الحنابلة أن يكون الوقت متسعاً، لأنهم يبيحون للمقتدين أن يكملوا صلاتهم وحدهم بدون إمام في مثل هذه الحالة، وكذا لم يفرقوا بين صلاة الجمعة وغيرها، لأن لهم أن يتموا صلاة الجمعة وحدهم بدون إمام.
المالكية قالوا: حكم الاستخلاف الندب، لأنك قد عرفت في تفصيل مذهبهم أنه يجوز للمقتدين أن يتموا صلاتهم فرادى إذا لم يستخلف الإمام، أو لم يستخلف هم واحداً، بشرط أن لا يكونوا في صلاة الجمعة، أما الجمعة، فتبطل إذا صلوها فرادى، وعليهم إعادتها جمعة إن كان الوقت متسعاً، ولم يستخلفوا، كما تقدم تفصيله في مذهبهم قريباً، على أنهم لم يصرحوا بكون الاستخلاف واجباً في صلاة الجمعة، كما قال الشافعية: بل ظاهر مذهبهم أن حكم الاستخلاف الندب على أي حال، فيكره للإمام والمأمومين أن لا يستخلفوا.
الشافعية قالوا: حكم الاستخلاف الندب، بشرط أن يكون الخليفة صالحاً لإمامة هذه الصلاة، إلا في الجمعة، فإن الاستخلاف فيها واجب في الركعة الأولى، فإذا طرأ عذر على الإمام في الركعة الأولى فإنه يجب عليه أن يستخلف عنه من يتم الصلاة، أما إذا صلى بهم ركعة كاملة ثم طرأ عليه العذر، فإنه يندب له أن يستخلف من يصلي بهم الركعة الثانية، ولهم أن ينووا مفارقة الإمام بعد ذلك، ويصلوا الركعة الثانية فرادى؛ ويشترط لصحة الاستخلاف في الجمعة شرطان:
أحدهما: أن يكون الخليفة مقتدياً بالإمام قبل الاستخلاف، فلا يصح في الجمعة استخلاف من لم يكن مقتدياً به، كما يصح في غيرها؛
ثانيهما: أن يكون الاستخلاف سريعاً، فلو مضى زمن قبل الاستخلاف يسع ركناً قصيراً من أركان الصلاة، كالركوع، فإنه لا يصح الاستخلاف بعد ذلك، ثم إن خليفة الجمعة إن كان قد أدرك الركعة الأولى مع الإمام الأولى، فإن الجمعة تتم له وللمقتدين، أما إذا اقتدى بالإمام في الركعة الثانية فإن الجمعة تتم للمقتدين به فقط، أما هو فلا تتم له الجمعة.
الشافعية قالوا: لا يشترط شيء لصحة الاستخلاف في غير الجمعة، كما تقدم، فيجوز أن يستخلف غير مقتد، وأن يستخلف بعد طول الفصل، ولو خرج الإمام من المسجد، إلا أنهم يحتاجون لنية الإقتداء بالقلب بدون نطق في حالة ما إذا كان الخليفة غير مقتد قبل الإستخلاف، وكانت صلاته مخالفة لصلاة الإمام، كأن كان في الركعة الأولى مثلاً والإمام في الثانية، فإن لم يكن كذلك لا يحتاجون لنية، وكذا فيما إذا طال الفصل بأن مضى زمن يسع ركناً فأكثر، فإنهم يحتاجون لتجديد النية، وعلى الخليفة أن يراعي نظم صلاته بما يفيد أنهم ينتظرونه أو يفارقونه إن كان مسبوقاً، والإنتظار أفضل، وإذا لم يستخلف أحد في غير الجمعة ينوي المقتدين المفارقة ويتمون صلاتهم فرادى وتصح؛ أما الجمعة فمتى أدركوا الركعة الأولى جماعة فإن لهم نية المفارقة، ويتموا فرادى في الثانية إذا بقي العدد إلى آخر الصلاة.
الحنفية قالوا: يشترط لصحة الاستخلاف ثلاثة شروط:
الشرط الأول: أن لا يخرج الإمام من المسجد الذي كان يصلي فيه قبل الاستخلاف، فإن خرج لم يصح الاستخلاف، لا منه ولا من القوم، لأن صلاة الجميع تبطل بخروجه،
الشرط الثاني: أن يكون الخليفة صالحاً للإمامة، فإذا استخلف أمياً أو صبياً بطلت صلاة الجميع. وصورة الاستخلاف أن يتأخر منحنياً واضعاً يده على أنفه، كأنه سال منه دم الرعاف قهراً، وهذا وإن كان خلاف الواقع، ولكن الحكمة فيه واضحة، وهي المحافظة على نظام الصلاة والآداب العامة، الشرط الثالث من شروط الاستخلاف: تحقق شروط البناء على ما أداه من الصلاة، فإذا لم تتحقق هذه الشروط فإن الصلاة تبطل ولا يصح الاستخلاف، وهي أحد عشر شرطا:
الأول: أن يكون الحدث قهرياً
الثاني: أن يكون من بدنه، فلو أصابته نجاسة مانعة لا يجوز له البناء،
الثالث: أن يكون الحدث غير موجب للغسل، كإنزال بالتفكر؛
الرابع: أن لا يكون نادراً، كالقهقهة والإغماء والجنون.
الخامس: أن لا يؤدي الإمام ركناً مع الحدث أو يمشي،
السادس: أن لا يفعل منافياً، كأن يحدث عمداً بعد الحدث القهري،
السابع: أن لا يفعل ما لا احتياج إليه: كأن يذهب إلى ماء بعيد مع وجود القريب،
الثامن: أن لا يتراخى قدر ركن بغير عذر كزحمة،
التاسع: أن لا يتبين أنه كان محدثاً قبل الدخول في الصلاة،
العاشر: أن لا يتذكر فائتة إن كان صاحب ترتيب، الدي عشر: أن لا يتم المؤتم في غير مكانه، فلو سبق المصلي الحدث سواء كان إماماً أو مأموماً ثم ذهب ليتوضأ وجب عليه بعد الوضوء أن يعود ويصلي مع الإمام، أما المنفرد فهو بالخيار إن شاء أتم في مكانه أو غيره.
المالكية قالوا: يشترط لصحة الاستخلاف أن يكون الخليفة قد أدرك مع الإمام جزءاً من الركعة التي حصل فيها العذر قبل تمام رفع الإمام رأسه من الركوع، فلا يصح استخلاف من فاته الركوع مع الإمام إذا حصل له العذر بعده في هذه الركعة، كما لا يصح استخلاف من دخل مع الإمام بعد حصول العذر، وعلى الخليفة أن يراعي نظم صلاة الإمام، فيقرأ من انتهاء قراءة الإمام إن علم الإنتهار، وإلا ابتدأ القراءة، ويجلس في محل الجلوس وهكذا، فإذا كان الخليفة مسبوقاً أتم بالقوم صلاة الإمام حتى لو كان على الإمام سجود قبلي سجده وسجده معه القوم، ثم أشار لهم بالانتظار؛ وقام لقضاء ما فاته، فإذا أتى به وسلم سلموا بسلامه، فإذا سلموا ولم ينتظروه بطلت صلاتهم، وأما إذا كان على الإمام الأول سجود بعدي فيؤخره الخليفة المسبوق حتى يقضي ماعليه، ويسلم بالقوم ثم يسجده بعد ذلك، وإذا كان في المأمومين مسبوق فلا يقوم لقضاء ما عليه حتى يسلم الخليفة، ولو كان الخليفة مسبوقاً انتظره جالساً حتى يقضي ما عليه ويسلم، فإذا سلم قام هو للقضاء، وإن لم ينتظره بطلت صلاته، مثلاً إذا أدرك المقتدي الإمام الأول في الركعة الثانية، ثم استخلف الإمام الثاني في الركعة الثالثة، وكان الخليفة أيضاً مسبوقاً مثل المأموم، فإنه في هذه الحالة يجب على المقتدي أن لا يسلم، بل ينتظر وهو جالس حتى يفرغ الإمام الثاني - وهو الخليفة - من قضاء ما عليه ويسلم، فإذا سلم قام المقتدي المنتظر وقضى ما عليه، وإن لم ينتظره وقام لقضاء ما عليه بطلت صلاته.
هذا ويندب الإمام أن يخرج ممسكاً بأنفه موهما أنه راعف، كما يقول الحنفية.
الحنابلة قالوا: لا يشترط في الخليفة إلا الشروط المطلوبة في الإمام، فلا يشترط أن يكون مقتدياً؛ كي لا يشترط شيء من الشروط التي ذكرها الحنفية، لأن الاستخلاف لا يصح عند الحنابلة إلا عند العجز عن أداء ركن قولي أو فعلي من أركان الصلاة؛ أما من عرض له ناقض ينقض وضوءه فقد بطلت صلاته، ولا يصح له أن يستخلف، على أنهم قالوا: يجب على الخليفة أن يبني على نظم صلاة الإمام لئلا يختلط الأمر على المقتدين، فإذا كان الخليفة مسبوقاً بنى على نظم صلاة الإمام، واستخلف قبل السلام من يسلم بهم، وقام لقضاء ما سبقه به الإمام، فإن لم يفعل، فلهم أن يسلموا لأنفسهم ولهم أن ينتظروه من جلوس حتى يقضي ما فاته، ويسلم بهم
(3) الحنفية قالوا: سجود السهو هو عبارة عن أن يسجد المصلي سجدتين بعد أن يسلم عن يمينه فقط، ثم يتشهد بعد السجدتين، ويسلم بعد التشهد، فإن لم يتشهد يكون تاركاً للواجب، وتصح صلاته، وبعد الفراغ من التشهد لسجود السهو يجب أن يسلم، فإن لم يسلم يكون تاركاً للواجب، ولا يكفيه السلام الأول الذي خرج به من الصلاة، لأن السجود للسهو يرفعه، كما يرفع التشهد الأخير الذي قبل السلام، أما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء فإنه يأتي بهما في التشهد الأخير قبل السلام، ولا يأتي بهما في سجود السهو على المختار، وقيل: يأتي بهما فيه أيضاً احتياطاً، وقولهم: يأتي بسجود السهو بعد أن يسلم عن يمينه فقط، خرج به ما إذا سلم التسليمة الثانية، فإنه إذا سلم التسليمتين فقد سقط سجود السهو عنه على الصحيح، فإن فعل ذلك عمداً فإنه يأثم بترك الواجب، وإن سلم التسليمتين سهواً فقد سقط عنه سجود السهو، ولا إثم عليه، كما لا إعادة لسجود السهو مرة أخرى، لأن نسيان سجود السهو يسقطه، وكذا إذا تكلم بكلام أجنبي عن الصلاة عمداً أو سهواً، فإن فعل ذلك سقط عنه سجود السهو، ولا يجب السجود إذا ترك الواجب عمداً أو ترك ركناً من أركان الصلاة أو نحو ذلك عمداً، لأنه إن ترك الواجب عمداً صحت صلاته مع الإثم، وسقط عنه السجود، وإن ترك الركن عمداً بطلت صلاته، ولا يجبره سجود السهو، فالسجود عند الحنفية لا يكون إلا عند السهو، أما الترك عمداً فلم يشرع لجبره السجود؛ وهل تجب نية لسجود السهو أو لا؟ فقال بعضهم: إن سجود السهو لا تجب له نية، وذلك لأنه قد جيء به لجبر نقص واجب من صلاته، أو لجبر خلل وقع فيها ثم أصلحه، والنية لا تجب لكل جزء من أجزاء الصلاة، فسجود السهو لا تجب له النية؛ وقال بعضهم: بل تجب له النية، لأنه صلاة، ولا تصح صلاة بدون نية، فكما
تجب النية لسجود التلاوة وسجدة الشكر، فكذلك تجب لسجود السهو، لأنها كلها كالصلاة، فكما تجب النية للصلاة تجب لها، وهذا القول الثاني هو الظاهر والاحتياط في العمل بهز
الشافعية قالوا: سجود السهو هو أن يأتي المصلي بسجدتين كسجود الصلاة قبل السلام، وبعد التشهد والصلاة على النبي وآله بنية، وتكون النية بقلبه لا بلسانه، لأنه إن تلفظ بها بطلت صلاته، لأنك قد عرفت أن سجود السهو عندهم لا يكون إلا قبل السلام من الصلاة، فإذا تكلم بطلت صلاته طبعاً، وإذا سجد بدون نية عامداً عالماً بطلت صلاته، وإنما تشترط النية للإمام والمنفرد، أما المأموم فإنه لا يحتاج للنية اكتفاء بنية الاقتداء بإمامه، ولا يلزم عند الشافعية أن يكون ذلك السجود بسبب السهو، بل يكون بترك جزء من الصلاة على الوجه الآتي بيانه في أسباب سجود السهو عمداً أو سهواً، وإنما سمي سجود السهو، لأن الغالب أن الإنسان لا يترك بعض صلاته عمداً، وإذا كان سببه السهو يحسن أن يقول في سجوده: سبحان الذي لا ينام ولا يسهو، أما إذا كان عمداً، فيحسن أن يستغفر الله في سجوده وبهذا تعلم أن الحنفية متفقون مع الشافعية في اشتراط النية لسجود السهو، ومختلفون معهم فيما عدا ذلك، لأن الشافعية يقولون: هو قبل: السلام، والحنفية يقولون: بل هو بعده، والشافعية يقتصرون على السجدتين؛ والحنفية يقولون: لا بد من التشهد والجلوس.
المالكية قالوا: سجود السهو سجدتان يتشهد بعدهما بدون دعاء وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إن كان سجود السهو بعد السلام، فإنه يسجد ويتشهد ويعيد السلام وجوباً، فإن لم يعده فلا تبطل صلاته، وقد عرفت مذهبي الشافعية، والحنفية في ذلك، فأما الشافعية، فإنهم يقولون: إن سجود السهو قبل السلام دائماً، فالسلام بعد السجدتين لا بد منه، وأما الحنفية فإنهم يقولون إن السلام في سجود السهو واجب بحيث لو تركه يصح السجود مع الإثم، ثم إن سجود السهو عند المالكية إذا كان قبل السلام فلا يحتاج إلى نية، لأن نية الصلاة تكفي لكونه بمنزلة جزء من الصلاة عندهم، أما إن كان بعد السلام فإنه يحتاج لنية لكونه خارجاً عن الصلاة، وهم في ذلك متفقون مع الحنفية في أن النية لازمة لسجود السهو بعد السلام، ومختلفون مع الشافعية، كما عرفت في مذهبهم.
هذا، وإذا نسي سجود السهو في صلاة الجمعة بسبب نقص ثم سلم فإنه يتعين عليه أن يسجد بالجامع الذي صلى فيه، وأما إذا كان لزيادة فيها فيسجده في أي جامع كان، لأنه بعد السلام، ولا يجزئ سجوده في غير مسجد تقام فيه الجمعة، ثم إن كان سجود السهو نقصاً فقط أو نقصاً وزيادة، فإن محله يكون قبل السلام، فإذا نقص السورة ناسياً مثلاً، ولم يتذكر حتى انحنى للركوع، فإنه لا يرجع لقراءة السورة، وإلا بطلت صلاته إذا رجع، وإذا لم يرجع فعليه أن ينتظر، حتى يتشهد التشهد الأخير، ويصلي على النبي ويدعو ثم يسجد سجدتين يتشهد فيهما والتشهد فيهما سنة، ولا يصلي على النبي في تشهده، ولا يدعو ثم يسلم، وإن كان سببه الزيادة فقط سجد بعد السلام، وإذا أخره كره، وإذا قدم البعدي حرم إن تعمد التقديم أو التأخير، وغلا فلا كراهة، ولا حرمة، ولا تبطل صلاته فيهما.
الحنابلة قالوا: سجود السهور هو أن يكبر ويسجد سجدتين، وهذا القدر متفق عليه، ويجوز أن يكون قبل السلام وبعده لسبب من الأسباب الآتي بيانها، ثم إن كان السجود بعدياً فإنه يأتي بالتشهد قبل السلام، وإذا كان قبلياً لا يأتي بالتشهد في سجود السهو اكتفاء بالتشهد الذي قبله، كما يقول الشافعية؛ على أن الحنابلة يقولون: الأفضل أن يكون سجود السهو قبل السلام مطلقاً إلا في صورتين:
إحداهما: أن يسجد لنقص ركعة فأكثر في صلاته، فإنه يأتي بالنقص ثم يسجد بعد السلام؛
ثانيتهما: أن يشك الإمام في شيء من صلاته، ثم يبني على غالب ظنه، فإن الأفضل في هذه الحالة أيضاً أن يسجد بعد السلام، ويكفيه لجميع سهوه سجدتان، وإن تعدد موجبه، وإذا اجتمع سجود قبلي وبعدي رجح القبلي
(4) الحنفية قالوا: أسباب سجود السهو أمور:
"السبب الأول": أن يزيد أو ينقص في صلاته ركعة أو أكثر أو نحو ذلك، فإذا تيقن أنه زاد ركعة في الصلاة مثلاً، كأن صلى الظهر أربعاً، ثم قام للركعة الخامسة، وبعد رفعه من الركوع تبين أنها الخامسة، فإن له في هذه الحالة أن يقطع الصلاة بالسلام قبل أن يجلس، وله أن يجلس ثم يسلم، ولكن الأولى أن يجلس ثم يسلم، ويسجد للسهو على كل حال ومثل ذلك ما إذا تيقن أنه نقص ركعة بأن صلى الظهر ثلاث ركعات وجلس، ثم تذكر، فإن عليه أن يقوم لأداء الركعة الرابعة، ثم يتشهد ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، الخ، ثم يسجد للسهو بالكيفية المتقدمة؛ أما إذا شك في صلاته فلم يدر كم صلى فلا يخلو إما أن يكون الشك طارئاً عليه فلم يتعوده، أو يكون الشك عادة له، فإن كان الشك نادراً يطرأ عليه في بعض الأحيان فإنه يجب عليه في هذه الحالة أن يقطع الصلاة، ويأتي بصلاة جديدة، ولا بد أن يقطع الصلاة بفعل مناف لها، فلا يكفي قطعها بمجرد النية، وقد عرفت أن قطعها بلفظ السلام واجب، وله في هذه الحالة أن يجلس ويسلم، فإذا سلم وهو قائم فإنه يصح مع مخالفة الأولى، كما تقدم، أما إذا كان الشك عادة له فإنه لا يقطع الصلاة، ولكن يبني على ما يغلب على ظنه، مثلاً إذا صلى الظهر وشك في الركعة الثالثة هل هي الثالثة أو الرابعة، فإن عليه أن يعمل بما يظنه؛ فإن غلب على ظنه أنه في الرابعة وجب عليه أن يجلس ويتشهد ويصلي على النبي ثم يسلم ويسجد للسهو بالكيفية المتقدمة في تعريفه، وإن غلب على ظنه أنه في الركعة الثالثة فإنه يجب عليه أن يأتي بالركعة الرابعة ويتشهد كذلك، ويصلي على النبي ... الخ، ثم يسلم ويسجد للسهو بعد السلام بالكيفية المتقدمة؛ وعلى هذا القياس.
هذا إذا كان يصلي منفرداً، أما إذا كان إماماً وشك في صلاته وأقره المأمومون على أنه زاد أو نقص في صلاته فإنه يلزمه أن يعيد الصلاة عملاً بقولهم، أما إذا اختلف معهم، فأجمعوا على أنه صلى ثلاث ركعت، وقال هو إنه موقن بأنه صلى أربعاً فإنه لم يعد الصلاة عملاً ببقينه، فإذا انضم واحد من المصلين أو أكثر إلى الإمام أخذ بقول الإمام، وإذا شك الإما وتيقن بعض المصلين بتمام الصلاة وبعضهم بنقصها، فإن الإعادة تجب على من شك فقطن وإذا تيقن الإمام بالنقص لزمهم الإعادة إلا إذا تيقنوا بالتمام، وإذا تيقن واحد من المأمومين بالنقص وشك الإمام والقوم فإن كان في الوقت فالأولى أن يعيدوا احتياطاً، وإلا فلا.
هذا، وإذا أخبره عدل، ولو من غير المأمومين بعد الصلاة، بأنه صلى الظهر ثلاثاً وشك في صدقه وكذبه أعاد الصلاة احتياطاً، أما لو أخبره عدلان فإنه يلزمه الأخذ بقولهما، ولا يعتبر شكه، فإذا كان المخبر غير عدل فإن قوله لا يقبل، وإذا شك في النية أو تكبيرة الإحرام، أو شك وهو في الصلاة في أنه أحدث أو أصابته نجاسة أو نحو ذلك، فإن كان هذا الشك عارضاً له في أول مرة فإن عليه أن يقطع الصلاة ويتأكد مما شك فيه ويعد الصلاة، أما إن اعتاد ذلك الشك فإنه لا يعبأ به، ويمضي في صلاته، أما إذا شك بعد تمام الصلاة فإن شكه لا يضر؛

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #64  
قديم 05-07-2020, 03:45 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,632
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله


"السبب الثاني من أسباب سجود السهو": أن يسهو عن القعود الأخير المفروض ويقوم، وحكم هذه الحالة أنه يعود ويجلس بقدر التشهد ثم يسلم ويسجد للسهو، لأنه أخر القعود المفروض عن محله، فإذا مضى في الصلاة وسجد قبل أن يجلس انقلبت صلاته نفلاً بمجرد رفع رأسه من السجدة ويضم إليها ركعة سادسة، ولو كان في صلاة العصر، ولا يسجد للسهو في هذه الحالة على الأصح، لأنه انقلابه نفلاً يرفع سجود السهو، بخلاف ما لو كان نفلاً من الأصل، فإنه يسجد له، وعلى كل حال فيكون ملزماً بإعادة الفرض الذي انقلب نفلاً،
"السبب الثالث من أسباب سجود السهو" أن يسهو عن القعود الأول، وهو واجب لا فرض، فإذا سها عن القعود الأول من صلاة الفرض بأن لم يجلس في الركعة الثانية، وهم بالقيام، فإن تذكر قبل أن يقوم وجلس ثانياً فإن صلاته تصح ولا سجود عليه أما إن تذكر بعد أن يستوي قائماً فإنه لا يعود للتشهد، ولو عاد فبعضهم يقول: إن صلاته تبطل، وذلك لأن الجلوس للتشهد الأول ليس بفرض والقيام فرض، وقد اشتغل بالنفل، وترك الفرض لما ليس بفرض مبطل للصلاة، ولكن التحقيق أن صلاته بهذا العمل لا تفسد، لأنه في هذه الحالة لم يترك فرض القيام، بل أخره، ونظير ذلك
ما لوسها عن قراءة السورة وركع، فإنه يبطل الركوع ويعود إلى القيام، ويقرأ السورة وتصح صلاته، وعليه سجود السهو لتأخير الركن أو الفرض عن محله.
هذا إذا كان المصلي منفرداً أو إماماً إذا كان مأموماً وقام وجلس إمامه للتشهد فإنه يجب عليه أن يجلس، لأن، هذا الجلوس يفترض عليه بحكم المتابعة لإمامه،
"السبب الرابع": أن يقدم ركناً على ركن، أو يقدم ركناً على واجب، ومثال ما إذا قدم ركناً على ركن هو أن يقدم الركوع على القراءة المفروضة، بأن يكبر تكبيرة الإحرام، ويقرأ الثناء مثلاً، ثم يسهو ويركع قبل أن يقرأ شيئاً، وفي هذه الحالة إذا ذكر فإنه يجب عليه أن يعود، ويقرأ ثم يركع ثانياً، ويسجد للسهو على الوجه المتقدم، فإن لم يذكر فإن الركعة تعتبر ملغاة، وعليه أن يأتي بركعة قبل أن يسلم ثم يسلم ويسجد للسهو، ومثال ما إذا قدم ركناً على واجب فهو كتقديم الركوع على قراءة السورة، وقد عرفت حكمه مما تقدم قريباً، وهو أنه إذا ذكر أثناء الركوع فإنه يرفع من الركوع ويقرأ السورة ثم يركع ثانياً، وإن لم يذكر فإنه يسجد للسهو بعد السلام،
"السبب الخامس من أسباب سجود السهو": أن يترك واجباً من الواجبات الآتية، وهي أحد عشر
"الأول": قراءة الفاتحة، فإن تركها كلها أو أكثرها في ركعة من الأوليين في الفرض وجب سجود السهو، أما لو ترك أقلها فلا يجب، لأن للأكثر حكم الكل، ولا فرق في ذلك بين الإمام والمنفرد، وكذا لو تركها أو أكثرها في أي ركعة من النفل أو الوتر فإنه يجب عليه سجود السهو لوجوب قراءتها في كل الركعات "الثاني": ضم سورة أو ثلاث آيات قصار أو آية طويلة إلى الفاتحة، فإن لم يقرأ شيئاً أو قرأ آية قصيرة وجب عليه سجود السهو، أما إن قرأ آيتين قصيرتين فإنه لا يسجد، لأن للأكثر حكم الكل، فإن نسي قراءة الفاتحة أو قراءة السورة وركع ثم
تذكرها عاد وقرأ ما نسيه، فإن كان ما نسيه هو الفاتحة أعادها وأعاد بعدها قراءة السورة وعليه إعادة الركوع ثم يسجد للسهو، أما إذا نسي قنوت الوتر وخر راكعاً ثم تذكره، فإنه لا يعود لقراءته، وعليه سجود السهو، فإن عاد وقنت لا يرتفض ركوعه وعليه سجود السهو أيضاً، من قرأ الفاتحة مرتين سهواً وجب عليه سجود السهو، لأنه أخر السورة عن موضعها ولو نكس قراءته بأن قرأ في الأولى سورة الضحى، والثانية سورة سبح مثلاً لا يجب عليه سجود السهو، لأن مراعات ترتيب السور من واجبات نظم القرآن لا من واجبات الصلاة، وكذا من آخر الركوع عن آخر السورة بأن سكت قبل أن يركع، فإنه لا يجب عليه سجود السهو، وهذه الصورة كثيرة الوقوع عند الشافعية فيما إذا كان يصلي إماما:
"الثالث": تعيين القراءة في الأوليين من الفرض فلو قرأ في الأخريين أو في الثانية والثالثة فقط وجب عليه سجود السهو، بخلاف النفل والوتر، كما تقدم
"الرابع": رعاية الترتيب في فعل مكرر في ركعة واحدة وهو السجود، فلو سجد سجدة واحدة سهواً، ثم قام إلى الركعة التالية فأداها بسجدتيها، ثم ضم إليها السجدة التي تركها سهواً صحت صلاته ووجب عليه سجود السهو لترك هذا الواجب، وليس عليه إعادة ما قبلها، أما عدم رعاية الترتيب في الأفعال التي لم تتكرر كأن أحرم فركع ورفع ثم قرأ الفاتحة والسورة، فإن الركوع يكون ملغى، وعليه إعادته بعد القراءة، ويسجد للسهو لزيادة الركوع الأول
"الخامس": الطمأنينة في الركوع والسجود، فمن تركها ساهياً وجب عليه سجود السهو على الصحيح
"السادس": القعود الواجب، وهو ما عدا مضى في صلاته وسجد للسهو.
لأنه ترك واجب القعود، وقد تقدم بيان ذلك قريباً "السابع" قراءة التشهد، فلو تركه سهواً سجد للسهو، ولا فرق بين تركه في القعود الأول أو الثاني، وقد عرفت تفصيل حكمها قريباً "الثامن": قنوت الوتر، ويتحقق تركه بالركوع قبل قراءته فمن تركه سجد للسهو "التاسع": تكبيرة القنوت، فمن تركها سهواً سجد للسهو "العاشر": تكبيرة ركوع الركعة الثانية من صلاة العيد، فإنها واجبة بخلاف تكبيرة الأولى، كما تقدم "الحادي عشر": جهر الإمام وإسراره فيما يجب فيه ذلك، فإن ترك ما يجب من ذلك وجب عليه سجود السهون وهذا في غير الأدعية والثناء ونحوها، فإنه لو جهر بشيء منها لم يسجد للسهو، ولا فرق في كل ما تقدم بين أن تكون الصلاة فرضاً أو تطوعاً.
المالكية قالوا: أسباب سجود السهو تنحصر في ثلاثة أشياء:
"السبب الأول": أن ينقص من صلاته سنة، وهذا السبب ينقسم إلى ثلاثة أقسام: أحدها: أن يترك سنة مؤكدة داخلة في الصلاة. كالسورة إذا لم يقرأها في محلها سهواً، فإن وقع منه ذلك، سواء كان ذلك الترك محققاً، أو مشكوكاً فيه، فإنه يعتبر نقصاً ويسجد قبل السلام، ومثل ذلك ما لو شك في كون الحاصل منه نقصاً، أو زيادة، فإنه يعتبره نقصاً، ويسجد قبل السلام، لما عرفت من أن القاعدة عندهم أن النقص يجبر بالسجود قبل السلام، ويشترط لسجود السهو بترك السنة ثلاثة شروط: الشرط الأول: أن تكون مؤكدة، كما ذكر، فإن لم تكن مؤكدة، كما إذا ترك تكبيرة واحدة من تكبيرات الركوع أو السجود، أو ترك مندوباً، كالقنوت في الصبح سهواً، فإنه لا سجود عليه، فإذا سجد للسنة غير المؤكدة قبل السلام بطلت صلاته، لكونه قد زاد فيها ما ليس منها؛ أما إن سجد بعد السلام فإنها لا تبطل، لكونه زاد زيادة خارجة عن الصلاة، فلا تضر؛ الشرط الثاني: أن تكون داخلة في الصلاة، أما إذا ترك سنة من السنن الخارجة عن الصلاة، كالسترة المتقدمة، فإنه لا يسجد لها إذا نسيها؛ الشرط الثالث: أن يتركها سهواً، أما إذا ترك سنة مؤكدة عمداً داخلة في الصلاة، ففي صحة صلاته وبطلانها خلاف؛ ومثل السنة المؤكدة في هذا الحكم، وفي الشروط السنتان غير المؤكدتين الداخلتين في الصلاة، فمن تركهما سهواً فإنه يسجد لهما قبل السلام، ومن تركهما عمداً ففي صلاته خلاف، وأما من ترك من سنتين عمداً فصلاته باطلة على الراجح، فعليه أن يستغفر الله ويعيدها.
وحاصل هذا كله أن ترك السنة المؤكدة والسنتين الخفيفتين يجبر بسجود السهو وإن ترك السنة الخفيفة والمندوب - ويقال له فضيلة - لا يشرع له السجود، فإذا سجد له قبل السلام بطلت صلاته، وإذا سجد له بعد السلام فلا تبطل، أما إذا ترك فرضاً من الفرائض فإنه لا يجبر بسجود السهو، ولا بد من الإتيان به، سواء تركه في الركعة الأخيرة أو غيرها، إلا أنه إذا كان الركن المتروك من الأخيرة فإنه يأتي به إذا تذكره قبل أن يسلم معتقداً كما صلاته، فإن سلم معتقداً ذلك فإن تدارك الركن المتروك وألغى الركعة الناقصة وأتى بركعة بدلها صحت صلاته، وعليه أن يسجد للسهو بعد سلامه لكونه قد زاد ركعة ألغاها، وهذا إن قرب الزمن عرفاً بعد السلام، وغلا بطلت صلاته، وإن كان الركن المتروك من غير الركعة الأخيرة فإنه يأتي به ما لم يعقد ركوع الركعة التي تليها، وعقد الركوع يكون برفع الرأس منه مطمئناً معتدلاً، إلا إذا كان المتروك سهواً هو الركوع، فإن ع قد الركعة التالية يكون بمجرد الانحناء في ركوعها وإن لم يرفع منه، كما تقدم، فإذا ترك سجود الركعة الثانية ثم قام للركعة الثالثة، فإنه يأتي بالسجود المتروك إذا تذكؤ قبل أن يرفع رأسه من ركوع الركعة التي قام لها مطمئناً معتدلاً، فإن لم يتذكر حتى رفع من ركوعها مضى في صلاته وجعل الثالثة ثانية، فيجلس على رأسها، ويأتي بعدها بركعتين ثم يسلم ويسجد قبل سلامه لنقص السورة من الركعة الثانية التي كانت ثالثة قرأ فيها بأم القرآن فقط، ولزيادة الركعة التي ألغاها، وكيفية الإتيان بالنقص أن تارك الركوع يرجع قائماً، ويندب له أن يقرأ شيئاً يصل لحد الركوع ثم يرفع بنيته، وتدرك سجدة واحدة يجلس ليأتي بها من جلوس، وتارك سجدتين يهوي لهما من قيام ثم يأتي بهما، ويستثنى مما تقدم الفاتحة إذا تركها سهواً، ولم يتذكر حتى
ركع، فإنه يمضي في صلاته على المشهور، ويسجد قبل السلام، سواء كان الترك لها في ركعة من الصلاة أو أكثر متى أتى بها، ولو في ركعة واحدة من صلاته، وذلك لأن الفاتحة، وإن كان المعتمد في المذهب هو القول بوجوبها في كل ركعة من ركعات الصلاة، إلا أنه إذا أتى بها في ركعة واحدة منها وتركها في الباقي سهواً، فإن صلاته تصح، ويجبر تركها بالسجود قبل السلام مراعاة للقول بوجوبها في ركعة واحدة، ويندب له إعادة الصلاة احتياطاً في الوقت وخارجه، فإن ترك السجود لترك الفاتحة فإن كان عمداً بطلت الصلاة وإن كان سهواً أتى به إن قرب الزمن عرفاً، وإلا بطلت، كما تبطل إذا ترك الفاتحة عمداً أو تركها سهواً، وتذكر قبل الركوع، ولم يأت بها على القول بعدم وجوبها في كل ركعة لاشتهار القول بوجوبها في الكل.
السبب الثاني: الزيادة، وهي زيادة فعل ليس من جنس أفعال الصلاة، كأكل خفيف سهواً أو كلام خفيف كذلك، أو زيادة ركن فعلي من أركان الصلاة كالركوع والسجود، أو زيادة بعض من الصلاة، كركعة أو ركعتين على ما تقدم في "مبطلات الصلاة"، فأما إذا كانت الزيادة من أقوال الصلاة، فإن لم يكن القول المزيد فريضة، كأن زاد سورة في الركعتين الأخيرتين من الرباعية سهواً، فلا يطلب منه السجود ولا تبطل صلاته إذا سجد بعد السلام؛ لأنها زيادة خارج الصلاة فلا تضر، كما تقدم، وإن كان القول المزيد فريضة، كالفاتحة إذا كررها سهواً، فإنه يسجد لذلك، والزيادة على ما ذكر تقتضي السجود، ولو كانت مشكوكاً فيها، فمن شك في صلاة الظهر مثلاً هل صلى ثلاثاً أو أربعاً، فإنه يبني على اليقين، ويأتي بركعة، ويسجد بعد السلام، لاحتمال أن الركعة التي أتى بها زائدة بركعة وتراً، ويسجد بعد السلام، لاحتمال أنه صلى الشفع ثلاث ركعات، فيكون قد زاد ركعة. ومن الزيادة أن يطيل في محل لا يشرع فيه التطويل، كحال الرفع من الركوع والجلوس بين السجدتين، والتطويل أن يمكث أزبد من الطمأنينة الواجبة والسنة زيادة ظاهرة، أما إذا طول بمحل يشرع فيه التطويل، كالسجود والجلوس الأخير، فلا يعد ذلك زيادة، فلا سجود، ومن الزيادة أيضاً أن يترك الإسرار بالفاتحة، ولو في ركعة، ويأتي بدله بأعلى الجهر، وهو أن يزيد على إسماع نفسه ومن يليه؛ أما إذا ترك الجهر، وأتى بدله بأقل السر، وهو - حركة اللسان - فإنه نقص لا زيادة، فيسجد له قبل السلام إن كان ذلك في الفاتحة فقط، أو فيها وفي السورة فإن كان في السورة فقط، فلا يسجد له إن كان ذلك في ركعة واحدة لأنه سنة خفيفة، بخلاف ما إذا كان في ركعتين، فإنه يسجد له.
هذا، وإذا ترك المنفرد أو الإمام الجلوس للتشهد الأول، فإنه يرجع للإتيان به استناناً ما لم يفارق الأرض بيديه وركبتيه، وإلا فلا يرجع، فلو رجع فلا تبطل صلاته، ولو كان رجوعه بعد قراءة شيء من الفاتحة، أما إذا رجع بعد تمام الفاتحة فتبطل، وعلى المأموم أن يتبع إمامه في الركوع إذا رجع قبل مفارقة الأرض بيديه وركبتيه، أو رجع بعد المفارقة وقبل تتميم الفاتحة، كما يتبعه في عدم الرجوع إذا فارق الأرض بيديه وركبتيه، فإن خالفه في شيء من ذلك عمداً ولم يكن متأولاً أو جهلاً بطلت صلاته.
السبب الثالث من أسباب السجود: نقص وزيادة معاً، والمراد بالنقص هنا نقص سنة، ولو كانت غير مؤكدة، والمراد بالزيادة ما تقدم في السبب الثاني، فإذا ترك الجهر بالسورة وزاد ركعة في الصلاة سهواً فقد اجتمع له نقص وزيادة، فيسجد لذلك قبل السلام ترجيحاً لجانب النقص على الزيادة.
الحنابلة قالوا: أسباب السهو ثلاثة، وهي: الزيادة، والنقص، والشك في بعض صوره إذا وقع شيء من ذلك سهواً، أما إن حصل عمداً فلا يسجد له، بل تبطل به الصلاة إن كان فعلياً، ولا تبطل إن كان قولياً في غير محله، ولا يكون السهو موجباً للسجود إلا إذا كان في غير صلاة جنازة، أو سجدة تلاوة، أو سجود سهو، أو سجود شكر.
فإنه لا يسجد للسهو في ذلك كله، أما الزيادة في الصلاة فمثالها أن يزيد قياماً أو قعوداً، ولو كان القعود قدر جلسة الاستراحة عند من يقول بها، أو أن يقرأ الفاتحة مع التشهد في القعود أو يقرأ التشهد مع الفاتحة في القيام؛ فإنه يسجد للسهو وجوباً في الزيادة الفعلية، وندباً في القولية التي أتى بها في غير محلها، كما ذكر؛ وأما النقص في الصلاة فمثاله أن يترك الركوع أو السجود أو قراءة الفاتحة، أو نحو ذلك سهواً، فيجب عليه إذا تذكر ما تركه قبل الشروع في قراءة الركعة التي تليها أن يأتي به وبما بعده ويسجد للسهو في آخر صلاته، فإن لم يتذكره حتى شرع في قراءة الركعة التالية لغت الركعة وقامت ما بعدها مقامها، وأتى بركعة بدلها، ويسجد للسهو وجوباً، فإن رجع إلى ما فاته بعد الشروع في قراءة التالية عالماً بحرمة الرجوع، فإن صلاته تبطل، أما إذا كان معتقداً جوازه فلا تبطل، وإذا تذكره قبل الشروع في قراءة التالية، ولم يعد إلى ما تركه عمداً، فإن كان عالماً بالحكم بطلت صلاته، وإن كان جاهلاً بالحكم لغت الركعة، وقامت تاليتها مقامها، وأتى بركعة بدلها وسجد للسهو وجوباً: أما إذا لم يتذكر ما فاته إلا بعد سلامه، فيجب عليه أن يأتي بركعة كاملة إن كان ما تركه من غير الركعة الأخيرة، فإن كان منها فيجب عليه أن يأتي به وبما بعده، ثم يسجد للسهو، وهذا إذا لم يطل الفصل، ولم يحدث أو يتكلم، وإلا بطلت صلاته، وجبت إعادتها، وأما الشك في الصلاة الذي يقتضي سجود السهو، فمثاله أن يشك في ترك ركن من أركانها، أو في عدد الركعات، فإنه في هذه الحالة يبني على المتيقن، ويأتي بما شك في فعله؛ ويتم صلاته، ويسجد للسهو وجوباً، ومن أدرك الإمام راكعاً، فشك هل شارك الإمام في الركوع قبل أن يرفع أو لم يدركه لم يعتد بتلك الركعة، ويأتي بها مع ما يقضيه
ويسجد للسهو، أما إذا شك في ترك واجب من واجبات الصلاة؛ كأن شك في ترك تسبيحة من تسبيحات الركوع أو السجود، فإنه لا يسجد للسهو، لأن سجود السهو لا يكون للشك في ترك الواجب، بل يكون لترك الواجب سهواً؛ وإذا أتم الركعات وشك وهو في التشهد في زيادة الركعة الأخيرة لا يسجد للسهو، أما إذا شك في زيادة الركعة الأخيرة قبل التشهد، فإنه يجب عليه سجود السهو. ومثل ذلك ما إذا شك في زيادة سجدة على التفصيل المتقدم. ومما تقدم يعلم أن الشك لا يسجد له في بعض صوره، فمن سجد السهو في حالة لم يشرع لها سجود السهو وجب عليه أن يسجد للسهو لذلك، لأنه زاد في صلاته سجدتين غير مشروعتين، ومن علم أنه سها في صلاته، ولم يعلم هل السجود مشروع لهذا السهو أو لا لم يسجد، لأنه لم يتحقق سببه، والأصل عدمه، ومن سها في صلاته وشك هل سجد لذلك السهو أو لا سجد للسهو سجدتين فقطن وإذا كان المأموم واحداً وشك في ترك ركن أو ركعة، فإنه يجب عليه أن يبني على الأقل، كالمنفرد، ولا يرجع لفعل إمامه، فإذا سلم إمامه لزمه أن يأتي بما شك فيه، ويسجد للسهو، ويسلم، فإن كان مع إمامه غيره من المأمومين، فإنه يجب عليه أن يرجع إلى فعل إمامه، وفعل من معه من المأمومين، وإذا شك شكاً يشرع السجود له، ثم تبين له أن مصيب لم يسجد لذلك الشك، ومن لحن لحناً يغير المعنى سهواً أو جهلاً وجب عليه أن يسجد للسهو، وإذا ترك سنة من سنن الصلاة أبيح له السجود.
الشافعية قالوا: تنحصر أسباب سجود السهو في ستة أمور:
الأول: أن يترك الإمام أو المنفرد سنة مؤكدة، وهي التي يعبر عنها بالأبعاض، وذلك كالتشهد الأول، والقنوت الراتب، وهو غير قنوت النازلة، أما لو ترك سنة غير مؤكدة، وهي التي يعبر عنها بالهيئات، كالسورة ونحوها مما تقدم، فإنه لا يسجد لتركها عمداً أو سهواً، فلو ترك فرضاً، كسجدة أو ركوع، فإن تذكره قبل أن يفعل مثله أتى به فوراً، وإن لم يتذكره إلا بعد فعل مثله قام المثل مقامه، بحيث يعتبر أولاً، ويلغي ما فعله بينهما، فإن ترك الركوع مثلاً ثم تذكره قبل أن يأتي بالركوع الثاني أتى به، ثم يلغى مما فعله أولاً، ويمضي في إتمام صلاته، ويسجد قبل السلام، فإن تذكره بعد الإتيان بالركوع الثاني قام الثاني مقام الأول؛ وهكذا يقوم المتأخر مقام المتقدم، ويلغي مابينهما متى تذكر قبل السلام، وأما إذا تذكره بعد السلام، فإن لم يطل الفصل عرفاً ولم تصبه نجاسة غير معفو عنها، ولم يتكلم أكثر من ست كلمات؛ ولم يأت بفعل كثير مبطل وجب عليه أن يقوم ويركع، ثم يأتي بما يكملهان ويتشهد، ويسجد للسهو، ثم يسلم، ومن ترك سنة مؤكدة كالتشهد الأول المتقدم ذكره، ثم قام، فإن كان إلى القيام أقرب؛ فلا يعود له؛ فإن عاد عامداً عالماً بطلت صلاته، أما إن عاد ساهياً أو جاهلآً، فلا تبطل؛ إلا أنه يسن له السجود؛ ولو ترك القنوت المشروع لغير النازلة؛ ونزل للجلوس حتى بلغ حد الركوع لا يعود له، فإن عاد عالماً عامداً بطلت صلاته، وإلا كان حكمه كما تقدم في التشهد؛ وهذا إن كان غير مأموم، فإن كان مأموماً وترك التشهد والقنوت قصداً فهو مخير بين أن يعود لمتابعة إمامه أو ينتظره حتى يلحقه إمامه فيمضي معه، وإن تركهما سهواً يجب عليه العود مع الإمام، فإن لم يعد بطلت صلاته، إلا إذا نوى المفارقة في الصورتين، فإنه حينئذ يكون منفرداً، فلو ترك الإمام والمقتدي التشهد الأول مثلاً أو القنوت عمداً وكانا إلى القيام أقرب في الأول، وبلغا حد الركوع في الثاني، ثم عاد الإمام فيجب على المأموم أن لا يعود معه، وإنما يفارقه بالنية بقلبه أو ينتظره في القيام أو في السجود، فإن عاد المأموم معه عالماً عامداً بطلت صلاته، وإلا فلا تبطل، وإذا ترك الإمام التشهد الأول وقام، وجب على المأموم أن يقوم معه، فإن عاد الإمام، فلا يعود المأموم معه؛
السبب الثاني: الشك في الزيادة، فلو شك في عدد ما أتى به من الركعات بنى على اليقين، وتمم الصلاة وجوباً، وسجد لاحتمال الزيادة، ولا يرجع الشاك إلى ظنه ولا لإخبار مخبر، إلا إذا بلغ عدد المخبرين التواتر فيرجع لقولهم؛
السبب الثالث: فعل شيء سهواً يبطل عمده فقط، كتطويل الركن القصير بأن يطيل الاعتدال أو الجلوس بين السجدتين، ومثل ذلك الكلام القليل سهواً، ولا يسجد إلا إذا تيقنه، فإن شك فيه فلا يسجد، أما ما لا يبطل عمده ولا سهوه، كالتفات بالعنق، ومشي خطوتين، فلا يسجد لسهوه ولا لعمده، وأما ما يبطل عمده وسهوه ككلام كثير وأكل، فلا يسجد له أصلاً، لبطلان الصلاة؛
السبب الرابع: نقل ركن قولي غير مبطل في غير محله، كأن يعيد قراءة الفاتحة كلها أو بعضها في الجلوس، وكذلك نقل السنة القولية، كالسورة من محلها إلى محل آخر. كأن يأتي بها في الركوع فإنه يسجد له؛ ويستثنى من ذلك إذا قرأ السورة قبل الفاتحة، فلا يسجد لها؛
السبب الخامس: الشك في ترك بعض معين، كأن شك في ترك قنوت: لغير النازلة، أو ترك بعض مبهم، كأن لم يدر هل ترك القنوت أو الصلاة على النبي في القنوت.
وأما إذا شك هل أتى بك الأبعاض أو ترك شيئاً منها؛ فلا يسجد؛
السبب السادس: الاقتداء بمن في صلاته خلل، ولو في اعتقاد المأموم، كالاقتداء بمن ترك القنوت في الصبح، أو بمن يقنت قبل الركوع فإنه يسجد بعد سلام الإمام وقبل سلام نفسه، وكذلك إذا اقتدى بمن يترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول، فإنه يسجد



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #65  
قديم 05-07-2020, 03:45 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,632
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله

الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الاول
[كتاب الصلاة]
صـــــ 417 الى صــــــــ424
الحلقة (60)

[حكم سجود السهو]
في حكم سجود السهو تفصيل المذاهب، فانظره تحت الخط (1) .
[مباحث سجدة التلاوة]

[دليل مشروعيتها]
ورد في الصحيحين أن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن فيقرأ السورة فيها سجدة فيسجد ونسجد معه حتى ما يجد بعضنا موضعاً لمكان جبهته" وقال صلى الله عليه وسلم: "إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول: يا ويله، أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار" رواه مسلم. وقد أجمعت الأمة على أنها مشروعة عند قراءة مواضع مخصوصة من القرآن.[حكمها]أما حكمها، فهو السنية للقارئ والمستمع، بالشروط الآتية، باتفاق ثلاثة من الأئمة، وخالف الحنفية، فانظر مذهبهم تحت الخط (2) .

[شروط سجدة التلاوة]
وأما شروطها فمنها أن يكون السامع قاصداً للسماع، فإن لم يقصد فلا تجب عليه عند المالكية، والحنابلة، أما الشافعية والحنفية فانظر مذهبهم تحت الخط (3) ، ومنها غير ذلك مما هو مفصل تحت الخط (4) .

[أسباب سجود التلاوة]
أسباب سجود التلاوة موضحة في المذاهب: فانظرها تحت الخط (5) .
[صفة سجود التلاوة، أو تعريفها وركنها]
في صفة سجود التلاوة أو تعريفها وركنها تفصيل في المذاهب، فانظره تحت الخط (6) .


(1) الحنفية قالوا: سجود السهو واجب على الصحيح، يأثم المصلي بتركه، ولا تبطل صلاته، وإنما يجب إذا كان الوقت صالحاً للصلاة، فلو طلعت الشمس عقب الفراغ من صلاة الصبح، وكان عليه سجود سهو سقط عنه لعدم صلاحية الوقت للصلاة، وكذا إذا تغيرت الشمس بالحمرة قبل الغروب وهو في صلاة العصر، أو فعل بعد السلام مانعاً من الصلاة وكأن أحدث عمداً، أو تكلم، وكذا إذا خرج من المسجد بعد السلام، ونحو ذلك مما يقطع البناء كما تقدم ففي كل هذه الصور يسقط عنه سجود السهون ولا تجب عليه إعادة الصلاة، إلا إذا كان سقوط السجود بعمل مناف لها عمداً، فتجب عليه الإعادة، وإنما يجب سجود السهو على الإمام والمنفرد، أما المأموم فلا يجب عليه سجود السهو إذا حصل موجبه منه حال اقتدائه بالإمام، أما إذا حصل الموجب من إمامه، فيجب عليه أن يتابعه في السجود إذا سجد الإمام، وكان هو مدركاً أو مسبوقاً كما تقدم، فإن لم يسجد الإمام سقط عن المأموم؛ ولا تجب عليه إعادة الصلاة إلا إذا كان ترك الإمام إياه بعمل مناف للصلاة عمداً، فيجب عليه الإعادة، كما تجب على إمامه، والأولى ترك سجود السهو في الجمعة والعيدين إذا حضر فيها جمع كثير لئلا يشتبه الأمر على المصلين.
الحنابلة قالوا: سجود السهو تارة يكون واجباً، وتارة يكون مسنوناً، وتارة يكون مباحاً وذلك لاختلاف سببه على ما يأتي، وهذا بالنسبة للإمام والمنفرد، أما المأموم فيجب عليه متابعة إمامه في السجود، ولو كان مباحاً، فإن لم يتابعه بطلت صلاته، فإن ترك الإمام أو المنفرد السجود فإن كان مسنوناً أو مباحاً، فلا شيء في تركه، وإن كان واجباً، فإن كان الأفضل فيه أن يكون قبل السلام، كأن كان لترك واجب من واجبات الصلاة سهواً بطلت الصلاة بتركه عمداً، أما إذا تركه سهواً وسلم، فإن تذكره عن قرب عرفاً أتى به وجوباً، ولو تكلم أو انحرف عن القبلة ما لم يحدث أو يخرج من المسجد، وإلا سقط عنه، ولا تجب عليه إعادة الصلاة، كما إذا طال الزمن عرفاً، وإن ترك جهلاً لم تبطل صلاته، وأما إذا كان الأفضل فيه أن يكون بعد السلام - وهو ما إذا كان سببه السلام سهواً قبل إتمام الصلاة - فإن تركه عمداً أثم ولا تبطل صلاته، وإن تركه سهواً وتذكره في زمن قريب عرفاً وجب الإتيان به، وغلا أثم والصلاة صحيحة، وإن طال الزمن عرفاً أو أحدث أو خرج من المسجد سقط عنه، وإن تركه جهلاً، فلا إثم عليه وصحت صلاته، وإذا سها المأموم حال اقتدائه، وكان موافقاً يحمله عنه الإمام فإن كان مسبوقاً طلب منه السجود كالمنفرد، وقد تقدم معنى الموافق وغيره، وإذا ترك الإمام سجود السهو الواجب فعله المأموم وجوباً إذا يئس من فعل الإمام له، إلا إذا كان مسبوقاً فيجب عليه أن يسجد بعد قضاء ما فاته.
المالكية قالوا: سجود السهو سنة للإمام والمنفرد، أما المأموم إذا حصل منه سبب السجود، فإن الإمام يحمله عنه إذا كان ذلك حال الاقتداء، فإن كان على إمامه سجود سهو، فإنه يتابعه فيه، وإن لم يدرك سببه مع الإمام، فإن لم يتابعه بطلت صلاته حيث يكون ترك السجود مبطلاً وغلا فلا، وسيأتي بيان ما يبطل تركه وما لا يبطل، وإذا ترك الإمام أو المنفرد السجود، فإن كان محله بعد السلام سجد في أي وقت كان، ولو في أوقات النهي، وإذا ترك السجود الذي محله قبل السلام، فإن كان سببه نقص ثلاث سنن من سنن الصلاة بطلت صلاته إذا كان الترك عمداً، وإن كان سهواً فإن تذكره قبل أن يطول الزمن عرفاً أتى به وصحت صلاته، بشرط أن يحصل منه مناف للصلاة بعد السلام. كالحدث ونحوه، وغلا بطلت صلاته كما تبطل إذا لم يتذكر حتى طال عليه الزمن عرفاً بعد السلام، وأما إذا كان سبب السجود نقص أقل من ثلاث سنن كتكبيرتين من تكبيرات الصلاة المسنونة، فلا شيء عليه إن تركه عمداً، وإن تركه سهواً وسلم، فإن قرب الزمن أتى به، وإلا تركه وصلاته صحيحة، وإذا ترتب على الإمام سجود سهو طلب من المأموم أن يأتي به، ولو تركه إمامه.
الشافعية قالوا: سجود السهو تارة يكون واجباً، وتارة يكون سنة، فيكون واجباً في حالة واحدة، وهي ما إذا كان المصلي مقتدياً وسجد إمامه للسهو، ففي هذه الحالة يجب عليه أن يسجد تبعاً لإمامه، فإن لم يفعل عمداً بطلت صلاته، ووجب عليه إعادتها إن لم يكن قد نوى المفارقة قبل أن يسجد الإمام، وإذا ترك الإمام سجود السهور، فلا يجب على المأموم أن يسجد، بل يندب ويكون سنة في حَق المنفرد والإمام لسبب من الأسباب الآتية إلا إذا أدى سجود الإمام - لتشويش - على المقتدين به لكثرتهم، فيسن له ترك السجود وإذا ترك المنفرد أو الإمام السجود المسنون، فلا شيء فيه، ولا تبطل الصلاة بتركه، أما المأموم إذا سها حال اقتدائه بإمامه فلا سجود عليه لتحمل الإمام له إذا كان أهلاً للتحمل، كأن لم يتبين أنه محدث، أما إذا سها المأموم حال انفراده عن الإمام، كأن سها في حال قضاء ما فاته معه، فإنه كالمنفرد يسن له السجود حيث وجد سببه
(2) الحنفية قالوا: حكم سجدة التلاوة الوجوب تارة يكون موسعاً وتارة يكون مضيقاً، فيكون موسعاً إن حصل موجبه خارج الصلاة فلا يأثم بتأخير السجود إلى آخر حياته إن مات ولم يسجد، ولكن يكره تأخيره تنزيهاً، ويكون الوجوب مضيقاً إن حصل موجب للسجود في الصلاة بأن تلا آية السجدة وهو يصلي، فإنه يجب عليه في هذه الحالة أن يؤديه فوراً، وقدر الفور بأن لا يكون بين السجدة وبين تلاوة آيتها زمن يسع أكثر من قراءة ثلاث آيات، فإن مضى بينهما زمن يسع ذلك بطول الفور، ثم إن آية السجدة إما أن تكون وسط السورة أو آخرها، فإن كانت وسطها فالأفضل للمصلي أن يسجد لها عقب قراءتها وقبل إتمام السورة ثم يقوم فيختم السورة ويركع، فإن لم يسجد وركع قبل انقطاع الفور السابق ونوى بالركوع السجدة أيضاً فإنه يجزئه كما يجزئ السجود للصلاة قبل انقطاع الفور المذكور ولو لم ينوبه السجدة أيضاً، انقطع الفور فلا تسقط عنه لا بالركوع ولا بسجود الصلاة وعليه قضاءها بسجدة خاصة ما دام في صلاته، فإذا خرج من الصلاة فلا يقضيها لفوات وقتها، إلا إذا كان خروجه بالسلام، ولم يأت بمناف للصلاة بعده فإنه يقضيها عقب السلام أما إن كانت الآية آخر السورة فالأفضل أن يركع وينوي السجدة ضمن الركوع، فإذا سجد لها ولم يركع وعاد إلى القيام فيندب أن يتلو آيات من السورة التي تليها ثم يركع ويتم للصلاة
(3) الحنفية قالوا: لا يشترط القصد، بل يطلب من السامع السجود ولو لم يقصد السماع
(4) الحنفية قالوا: يشترط لها ما يشترط للصلاة إلا التحريمة ونية تعين الوقت، فإنهما لا يشترطان لها، ولا يؤتى بالتحريمة فيها كما سيأتي في صفتها، ويشترط لوجوبها كذلك ما يشترط لوجوب الصلاة من الإسلام والبلوغ والعقل والطهارة من الحيض والنفاس، فلا تجب على كافر وصبي ومجنون، ولا على حائض أو نفساء، لا فرق بين أن يكون أحد هؤلاء قارئاً أو سامعاً، أما من سمع من أحدهم فإنه يجب عليه السجود إن كان أهلاً للوجوب أداء أو قضاء، فيجب على السكران والجنب لأنهما أهل للوجوب قضاء، إلا إذا كان القارئ مجنوناً فإنها لا تجب على من سمع منه، ومثله الصبي الذي لا يميز، لأنه صحة التلاوة يشترط لها التمييز، وكذا إذا سمع آية السجدة من غير آدمي كأن يسمعها من الببغاء أو من آلة حاكية (كالفونوغراف) ، فإن هذا السماع لا يوجب السجود لعدم صحة التلاوة بفقد التمييز.
الحنابلة قالوا: يشترط لها بالنسبة للقارئ والمستمع ما يشترط لصحة الصلاة من طهارة الحدث واجتناب النجاسة واستقبال القبلة والنية وغير ذلك مما تقدم، ويزاد في المستمع شرطاً. الأول: أن يصلح القارئ للإمامة له ولو في صلاة النفل، فلو سمعها من امرأة لا يسن له السجود، وأولى إذا سمعها من غير آدمي كالآلة الحاكية والببغاء، نعم إذا سمعها من أمي أو زمن لا يصلحان لإمامته فإنه يسن أن يسجد للاستماع منهما؛ الثاني: أن يسجد القارئ، فإن لم يسجد فلا يسن للمستمع، ولا يصح السجود أمام القارئ أو عن يساره إذا كان يمينه خالياً، ويكره أن يقرأ الإمام آية سجدة في صلاة سرية، ولا يلزم المأموم متابعته لو سجد لذلك، بخلاف الجهرية، فإنه يلزم متابعته فيها.
المالكية قالوا: يشترط لها في القارئ والمستمع شروط صحة الصلاة من طهارة حدث وخبث واستقبال قبلة وستر عورة وغير ذلك مما تقدم، ويسجدها القارى، ولو كان غير صالح للإمامة؛ كالفاسق والمرأة، ولو قصد بقراءته إسماع الناس حسن صوته، وكذلك يسجدها في الصلاة إذا قرأ آيتها فيها، ولو كانت صلاة فرض، إلا أنه يكره تعمد قراءة آيتها في الفريضة.
هذا إذا كان المصلي إماماً أو منفرداً، أما المأموم فإنه يسجد تبعاً لإمامه، فلو لم يسجد فلا تبطل صلاته، لأنها ليست جزءاً من الصلاة، وإذا قرأها هو دون إمامه فلا يسجد، فلا سجد بطلت صلاته لمخالفة فعله فعل الإمام؛ ويستثنى من الصلاة صلاة الجنازة فلا يسجد فيها، كما أنه إذا قرأ آية السجدة في خطبة جمعة أو غيرها لا يسجد، ولا تبطل صلاة الجنازة ولا الخطبة لو سجد، ويزاد في المستمع شروط ثلاثة: أولاً: أن يكون القارئ صالحاً للإمامة في الفريضة، بأن يكون ذكراً بالغاً عاقلاً مسلماً متوضئاً، فلو كان القارئ مجنوناً أو كافراً أو غير متوضئ فلا يسجد هو ولا المستمع، كما لا يسجد السامع الذي لم يقصد الاستماع، وإن كان القارئ امرأة أو صبياً سجد القارئ دون المستمع؛ ثانياً: أن لا يقصد القارئ إسماع الناس حسن صوته، فإن كان ذلك فلا يسجد المستمع؛ ثالثاً: أن يكون قصد السامع من السماع أن يتعلم من القارئ القراءة أو أحكامها من إظهار وإدغام ومد وقصر وغير ذلك، أو الروايات، كرواية ورش أو غيره، أو يعلم القارئ ذلك، ومتى استكملت شروط السامع فإنه يسجدها، ولو ترك القارئ السجود إلا في الصلاة فيتركها تبعاً للإمام، وإذا كان القارئ غير متوضئ ترك آية السجود ويلاحظها بقلبه محافظة على نظام التلاوة، وكذا إذا كان الوقت ينهي فيه عن سجود التلاوة، وإذا كرر المعلم أو المتعلم آية السجدة فيسن السجود لكل منهما عند قراءتها أول مرة فقط، وإذا جاوز القارئ محل السجود بيسير كآية أو آيتين طلب منه السجود ولا يعيد قراءة محله مرة أخرى وإن جاوره بكثير أعاد آية السجدة وسجد، ولو كان في صلاة فرض، ولكن لا يسجد في الفرض إلا إذا لم ينحن للركوع؛ أما في النفل فإنه يأتي بآية السجدة في الركعة الثانية، ويسجد إن لم يركع، فإن ركع في الثانية فاتت السجدة.
الشافعية قالوا: يشترط لسجود التلاوة شروط:
أولاً: أن تكون القراءة مشروعة، فلو كانت محرمة، كقراءة الجنب، أو مكروهة، كقراءة المصلي في حال الركوع مثلاً، فلا يسن السجود للقارئ ولا للسامع،
ثانياً: أن تكون مقصودة، فلو صدرت من ساه ونحوه، كالطير (والفونوغراف) ، فلا يشرع السجود؛
ثالثاً: أن يكون المقروء كل آية السجدة، فلو قرأ بعضها فلا سجود؛
رابعاً: أن لا تكون قراءة آية السجدة بدلاً من قراءة الفاتحة لعجزه عنها، وغلا فلا سجود،
خامساً: أن لا يطول الفصل بين قراءة الآية والسجود، وأن لا يعرض عنها، فإن طال وأعرض عنها فلا سجود، والطول أن يزيد على مقدار صلاة ركعتين بقراءة متوسطة بين الطول والقصر؛
سادساً: أن تكون قراءة الآية من شخص واحد، فلو قرأ واحد بعض الآية، وكملها شخص آخر فلا سجود؛
سابعاً: يشترط لها ما يشترط للصلاة من طهارة واستقبال وغير ذلك، وهذه الشروط في جملتها عامة للمصلي وغيره، ويزاد في المصلي شرطان آخران:
أولاً: أن لا يقصد بقراءة الآية السجود، فإن قصد ذلك وسجد بطلت صلاته إن سجد عامداً عالماً، ويستثنى من ذلك قراءة سورة "السجدة" في صبح يوم الجمعة، فإنها سنة، ويسن السجود حينئذ، فإن قرأ في صبح يوم الجمعة غير هذه السورة وسجد بطلت صلاته بالسجود إن كان عامداً عالماً، كما تبطل صبح يوم الخميس مثلاً لو قرأ فيها السورة المذكورة وسجد، ويجب على المأموم أن يسجد تبعاً لإمامه حيث كان سجوده مشروعاً، فإن ترك متابعة الإمام عمداً مع العلم بطلت صلاته،
ثانياً: أن يكون هو القارئ؛ فإن كان القارئ غيره وسجد فلا يسجد، فإن سجد بطلت صلاته إذا كان عالماً عامداً، ولا يسجدها مصلي الجنازة بخلاف الخطيب، فيسن له السجود، ويحرم على القوم السجود لما فيه من الإعراض عن الخطبة
(5) الحنفية قالوا: أسباب سجود التلاوة ثلاثة أمور:
الأول: التلاوة؛ فتجب على التالي، ولو لم يسمع نفسه، كأن كان أصم، لا فرق بين أن يكون خارج الصلاة أو فيها، إماماً كان أو منفرداً، أما المأموم فلا تجب عليه بتلاوته، لأنه ممنوع من القراءة خلف إمامه فلا تعتبر تلاوته موجباً لها، وإذا تلا الخطيب يوم الجمعة أو العيدين آية سجدة وجبت عليه وعلى من سمعه، فينزل من فوق المنبر ثم يسجد ويسجد الناس معه، ولكن يكره له أن يأتي بآية السجدة وهو على المنبر؛ أما الإتيان بها وهو في الصلاة، فإنه لا يكره إذا أدى السجدة ضمن الركوع أو السجود؛ بخلاف ما إذا أتى بها وحدها، فإنه يكره لما فيه من التهويش على المصلين،
الثاني: سماع آية سجدة من غيره، والسامع إما أن يكون في الصلاة أو لا، وكذا المسموع منه، فإن كان السامع في الصلاة، وكان منفرداً أو إماماً، فإنه يجب في الصلاة أو لا، وكذا المسموع منه، فإن كان السامع في الصلاة، وكان منفرداً أو إماماً، فإنه يجب عليه فعلها خارج الصلاة، إلا إذا سمعها من مأموم على الصحيح، فإنه لا تجب عليه السجدة، أما إذا كان السامع مأموماً، فإن سمعها من غير إمامه فحكمه كذلك، وإن سمعها من إمامه، فإن كان مدركاً للصلاة وجبت عليه متابعته في سجوده، وإن كان مسبوقاً فإن أدرك الإمام قبل سجوده للتلاوة تابعه أيضاً، وإن أدركه بعد سجود التلاوة في الركعة التي تلا فيها الآية لم يسجد أصلاً، وإن أدركه في الركعة التي بعدها سجد بعد الصلاة؛
الثالث: الاقتداء، فلو تلاها الإمام وجبت على المقتدي وإن لم يسمعها.
الحنابلة قالوا: لها سببان: التلاوة، والاستماع بالشروط المتقدمة، وبشرط أن لا يطول الفصل عرفاً بينها وبين سببها، فإن كان القارئ أو السامع محدثاً ولا يقدر على استعمال الماء تيمم وسجد، أما إذا كان قادراً على استعمال الماء فإن السجود يسقط عنه، لأنه لو توضأ يطول الفصل هذا، ولا يسجد المقتدي للتلاوة إلا متابعة لإمامه:
المالكية قالوا: سببها التلاوة والسماع بشرط أن يقصده، كما تقدم بيانه في شروطها.
الشافعية قالوا: سببها التلاوة والسماع بالشروط المتقدمة

(6) الحنفية قالوا: صفة سجود التلاوة أو تعريفه هو أن يسجد الإنسان سجدة واحدة بين تكبيرتين:
إحداهما: عند وضع بجهته على الأرض للسجود،
وثانيتهما: عند رفع جبهته، ولا يقرأ التشهد ولا يسلم، والتكبيرتان المذكورتان مسنونتان، فلو وضع جبهته على الأرض دون تكبير صحت السجدة مع الكراهة، فلسجود السهو ركن واحد عندهم، وهو وضع الجبهة على الأرض، أو ما يقوم مقامه من الركوع أو السجود، أو من الإيماء للمريض: أو للمسافر الذي يصلي على الدابة في السفر، لأن سجدة التلاوة تؤدي عند الحنفية ضمن الركوع أو السجود أو الإيماء، ويقول في سجوده: سبحان ربي الأعلى، ثلاثاً، أو يقول ما يشاء مما ورد، نحو اللهم اكتب لي بها عندك أجراً، وضع عني بها وزراً، واجعلها لي عندك ذخراً وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود، ويستحب لمن تلاها جالساً أن يقف ويخر لها ساجداً، ومن كرر آية سجدة في مجلس واحد سجد كذلك سجوداً واحداً، فإن اختلف المجلس فإنه يكرر السجود.
الحنابلة قالوا: تعريف سجدة التلاوة هو أن يسجد بدون تكبيرة إحرام، بل بتكبيرتين: إحداهما عند وضع جبهته على الأرض، والثانية.
عند رفعها، ولا يتشهد، إلا أنه يندب له الجلوس إذا لم يكن في الصلاة ليسلم جالساً على أنهم قالوا: إن التكبيرتين ليستا من أركان السجدة بل هما واجبتان؛ فأركان السجدة عندهم ثلاثة: السجود، والرفع منه، والتسليمة الأولى، أما التسليمة الثانية فليست بركن ولا واجب، ويندب أن يدعو في سجوده بالدعاء المتقدم ذكره عند الحنفية.
المالكية قالوا: تعريف سجود التلاوة هو أن يسجد سجدة واحدة بلا تكبيرة إحرام وبلا سلام "بل يكبر للهوي وللرفع استناناً.
وإذا كان قائماً يهوي لها من قيام، سواء كان في صلاة أو غيرها، ولا يطلب منه الجلوس، بل يسجد كما يسجد القائم من ركوع الصلاة المعتادة، لا فرق بين أن يكون في صلاة أو غيرها، وإذا كان راكباً على دابة أو غيرها نزل وسجد على الأرض، إلا إذا كان مسافراً أو كان مقيماً وتوفرت فيه شروط صلاة النفل على الدابة المتقدم ذكرها، ويسجد عليها بالإيماء.
هذا، ويندب أن يدعو في سجوده بالدعاء المتقدم ذكره عند الحنفية.
الشافعية قالوا: سجدة التلاوة، إما أن يفعلها المتلبس بالصلاة أو غيره، فتعريفها بالنسبة لغير المصلي هو أن ينوي بلسانه، ثم يكبر تكبيرة الإحرام، ثم يسجد سجدة واحدة كسجدات الصلاة، ثم يجلس بعد السجدة ثم يسلم، وبهذا تعلم أن أركان سجدة التلاوة لمن لم يكن في الصلاة خمسة، أما إذا كان في الصلاة وقرأ آية فيها سجدة فإنه يسجد، وتتحقق السجدة بأمرين؛
أحدهما: النية ولا بد أن تكون بالقلب، بحيث لو تلفظ بها بطلت صلاته،
ثانيتهما: أن يسجد سجدة واحدة كسجدات الصلاة؛ وإذا كان مأموماً فلا تطلب منه النية بل تكفيه نية إمامه، ويشترط لغير المصلي أن يقارن بين النية وتكبيرة الإحرام، ويسن رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام، ويسن التكبير للهوّي للسجود والرفع منه، والدعاء فيه، والتسليمة الثانية ويسن أن يدعو بالدعاء المتقدم ذكره عند الحنفية.
هذا، ويقوم مقام سجود التلاوة ما يقوم مقام تحية المسجد، فمن لم يرد فعل سجدة التلاوة قرأ: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، أربع مرات، فإن ذلك يجزئه عن سجدة التلاوة، ولو كان متطهراً
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #66  
قديم 05-07-2020, 03:47 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,632
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله

الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الاول
[كتاب الصلاة]
صـــــ 425 الى صــــــــ437
الحلقة (61)

[المواضع التي تطلب فيها سجدة التلاوة]
تطلب في أربعة عشر موضعاً: وهي آخر آية في الأعراف: {إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته، ويسبحونه، وله يسجدون} ،
وآية الرعد:
{ولله يسجد ما في السموات والأرض طوعاً وكرهاً، وظلالهم بالغدوّ والآصال} وآية النحل: {ولله يسجد ما في السموات وما في الأرض من دابة، والملائكة، وهم لا يستكبرون، يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون} ،
وآية الإسراء التي آخرها: {يزيدهم خشوعاً} ،
وآية مريم التي آخرها:
{خرُّوا سجداً وبكياً} ،
وآيتان في سورة الحج:
أولاهما {ويفعل ما يشاء} في آخر الربع {لعلكم تفلحون} ، عند الشافعية، والحنابلة، وخالف، المالكية، والحنفية، فانظر مذهبيهما تحت الخط (1) : وآية الفرقان وهي: {وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن، قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفوراً} ،
وآية النمل وهي:
{أن لا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السموات والأرض، ويعلم ما تخفون وما تعلنون، الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم} ،
وآية سورة السجدة وهي:
{إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجداً} إلى قوله تعالى: {وهم لا يستكبرون} وآية سورة فصلت وهي: {لا تسجدوا للشمس ولا للقمر، واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون} وآية النجم وهي: {أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون وأنتم سامدون فاسجدوا لله واعبدوا} وآية سورة الانشقاق،
وهي قوله تعالى:
{وإذ ثلاثة، وخالف المالكية، فانظر مذهبهم تحت الخط (2) .وأما آية "ص" وهي: {وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعاً وأناب} ، فليست من مواضع سجود التلاوة عند الشافعية، والحنابلة خلافاً للمالكية، والحنفية؛ فانظر مذهبهم تحت الخط (الحنفية، والمالكية قالوا: إنها من مواضع سجود التلاوة،
إلا أن المالكية قالوا:
إن السجود عند قوله تعالى: {وأناب} والحنفية قالوا: الأولى أن يسجد عند قوله تعالى: {وحسن مآب} .
ومن هذا يتضح أن عدد مواضع سجدة التلاوة عند الحنفية أربعة عشر موضعاً بنقص آية أخر الحج، وزيادة أية {ص} .
وعند المالكية أحد عشر موضعاً بنقص آية النجم، والانشقاق، وسورة اقرأ، وزيادة آية ص) ، والسجود يكون عند آخر كل آية من آياتها المتقدمة باتفاق، إلا عند الحنفية في بعض المواضع، فانظر مذهبهم تحت الخط (3) .
[سجدة الشكر]
هي سجدة واحدة كسجود التلاوة عند تجدد نعمة أو اندفاع نقمة، ولا تكون إلا خارج الصلاة، فلو أتي بها في الصلاة بطلت صلاته، ولو نواها ضمن ركوع الصلاة وسجودها لم تجزه، وهي مستحبة، وهذا متفق عليه بين الشافعية، والحنابلة، أما المالكية، والحنفية.
فانظر مذهبهم تحت الخط (4) .

[مباحث قصر الصلاة الرباعية]
[حكمها]
يجوز للمسافر المجتمعة فيه الشروط الآتي بيانها أن يقصر الصلاة الرباعية - الظهر والعصر والعشاء - فيصليها ركعتين فقط، كما يجوز له أن يتم عند الشافعية، والحنابلة؛ أما المالكية،
والحنفية قالوا: إن قصر الصلاة مطلوب من المسافر لا جائز، ولكنهم اختلفوا في حكمه،
فقال الحنفية: إنه واجب، والواجب عندهم أقل من الفرض، ومساو للسنة المؤكدة، وعلى هذا فيكره للمسافر أن يتم الصلاة الرباعية، وإذا أتمها فإن صلاته تكون صحيحة إذا لم يترك الجلوس الأول، لأنه فرض في هذه الحالة، ولكنه يكون مسيئاً بترك الواجب، وهو وإن كان لا يعذب على تركه بالنار، ولكنه يحرم من شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، كما تقدم.هذا هو رأي الحنفية،
أما المالكية فقد قالوا:
إن قصر الصلاة سنة مؤكدة آكد من صلاة الجماعة، وإذا تركه المسافر فلا يؤاخذ على تركه، ولكنه يحرم من ثواب السنة المؤكدة فقط، ولا يحرم من شفاعة النبي، كما يقول الحنفية، فالمالكية، والحنفية متفقون على أنه سنة مؤكدة ولكنهم مختلفون في الجزاء المترتب على تركه.هذا هو ملخص المذاهب في هذا الحكم، ولكن لكل مذهب تفصيل، فانظر تفصيل كل مذهب على حدة تحت الخط (5) .
[دليل حكم قصر الصلاة]
ثبت قصر الصلاة بالكتاب والسنة والإجماع.
قال تعالى:
{وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} ، فهذه الآية قد دلت على أن قصر الصلاة مشروع حال الخوف، وهي وإن لم تدل على أنه مشروع حال الأمن، ولكن الأحاديث الصحيحة والإجماع قد دلت على ذلك، فمن ذلك ما رواه يعلى بن أمية،
قلت لعمر:
ما لنا نقصر وقد أمنا؟ فقال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته، رواه مسلم.
وقال ابن عمر رضي الله عنه:
صحبت النبي صلى الله عليه وسلم، فكان لا يزيد في السفر على ركعتين، وأبو بكر، وعمر، وعثمان كذلك؛ متفق عليه، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم صلى إماماً بأهل مكة بعد الهجرة صلاة رباعية،
فسلم على رأس ركعتين ثم التفت إلى القوم فقال: "أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر".هذا، وقد أجمعت الأمة على مشروعية القصر.
[شروط صحة القصر: مسافة السفر التي يصح فيها القصر]
يشترط لصحة قصر الصلاة شروط:
منها أن يكون السفر مسافة تبلغ ستة عشر فرسخاً ذهاباً فقط، والفرسخ ثلاثة أميال، والميل ستة آلاف ذراع بذراع اليد، وهذه المسافة تساوي ثمانين كيلو ونصف كيلو ومائة وأربعين متراً - مسيرة يوم وليلة بسير الإبل المحملة بالأثقال سيراً معتاداً - وتقدير المسافة بهذا متفق عليه بين الأئمة الثلاثة ما عدا الحنفية، فانظر مذهبهم تحت الخط (6) ، ويقدر الشافعية هذه المسافة بمرحلتين، والمرحلة عندهم ثمانية فراسخ، ولا يضر نقصان المسافة عن المقدار المبين بشيء قليل، كميل أو ميلين باتفاق الحنفية، والحنابلة؛ أما المالكية والشافعيةن فانظر مذهبيهما تحت الخط (7) ، ولا يشترط أن يقطع هذه المسافة في المدة المذكورة - يوم وليلة - فلو قطعها في أقل منها ولو في لحظة صح القصر، كما إذا كان مسافراً بالطائرة ونحوها، وهذا متفق عليه.
[نية السفر]
لا يصح القصر إلا إذا نوى السفر، فنية السفر شرط لصحة القصر باتفاق،
ولكن يشترط لنية السفر أمران:

أحدهما: أن ينوي قطع تلك المسافة بتمامها من أول سفره، فلو خرج هائماً على وجهه لا يدري أين يتوجه لا يقصر، ولو طاف الأرض كلها، لأنه لم يقصد قطع المسافة،وهذا الحكم متفق عليه، وكذلك لا يقصر إذا نوى قطع المسافة، ولكنه نوى الإقامة أثناءها مدة قاطعة لحكم السفر وسيأتي بيانها، وخالف في هذا الحكم الحنفية، فانظر مذهبهم تحت الخط (8) ؛ ثانيهما: الاستقلال بالرأي، فلا تعتبر نية التابع بدون نية متبوعة، كالزوجة مع زوجها، والجندي مع أميره، والخادم مع سيده، فلو نوت الزوجة مسافة القصر دون زوجها لا يصخ لها أن تقصر، وكذلك الجندي والخادم ونحوهما، سواء نوى التابع التخلص من متبوعه عند سنوح الفرصة أو لا، باتفاق؛ وخالف الشافعية، فانظر مذهبهم تحت الخط (9) ، ولا يشترط في نية السفر البلوغ؛ فلو نوى الصبي مسافة القصر قصر الصلاة، إلا عند الحنفية، فانظر مذهبهم تحت الخط (10) .
[حكم قصر الصلاة في السفر المحرم والمكروه]
ومن الشروط أن يكون السفر مباحاً.
فلو كان السفر حراماً كأن سافر لسرقة مال أو لقطع طريق أو نحو ذلك فلا يقصر، وإذا قصر لم تنعقد صلاته؛ باتفاق الشافعية، والحنابلة؛ وخالف الحنفية، والمالكية، فانظر مذهبيهما تحت الخط (11) ، فإن كان السفر مكروهاً ففيه تفصيل المذاهب فانظره تحت الخط (12) .
وأما إذا كان السفر مباحاً، ولكن وقعت فيه المعصية فلا يمنع القصر.
[المكان الذي يبدأ فيه المسافر صلاة القصر]
لا يصح للمسافر أن يقصر الصلاة قبل أن يشرع في سفره ويفارق محل إقامته بمسافة مفصلة في المذاهب، فانظرها تحت الخط (13) .
[اقتداء المسافر بالمقيم]
من شروط القصر أن لا يقتدي المسافر الذي يقصر الصلاة بمقيم أو مسافر يتم الصلاة فإن فعل ذلك وجب عليه الإتمام، سواء اقتدى به في الوقت أو بعد خروج الوقت، باتفاق ثلاثة من الأئمة، وخالف الحنفية، فانظر مذهبهم تحت الخط (14) .ولا فرق في ذلك بين أن يدرك مع الإمام كل الصلاة أو بعضها حتى ولو أدرك التشهد الأخير، فإنه يتم، باتفاق، وخالف المالكية، فانظر مذهبهم تحت الخط (15) ، ولا يكره اقتداء المسافر بالمقيم إلا عند المالكية،
فإنهم يقولون:
يكره، إلا إذا كان الإمام أفضل أو به ميزة.
[نية القصر]
ومنها أن ينوي القصر عند كل صلاة تقصر على التفصيل المتقدم في مبحث "النية" باتفاق الشافعية، والحنابلة؛ وخالف المالكية، والحنفية فانظر مذهبيهما تحت الخط (16) .
[ما يمنع القصر: نية الإقامة]
يمتنع القصر بأمور: منها أن ينوي الإقامة مدة مفصلة في المذاهب (17) .

[ما يبطل به القصر، وبيان الوطن الأصلي وغيره]
يبطل القصر بالعودة إلى المكان الذي يباح له القصر عنده حين ابتدأ سفره، سواء كان ذلك المكان وطناً له أو لا؛ ومثل العودة بالفعل نية العودة، وفي ذلك كله تفصيل في المذاهب فانظره تحت الخط (18) .
(1) المالكية، والحنفية لم يعدوا آية آخر الحج من المواضع التي يطلب فيها سجود التلاوة
(2) المالكية قالوا: إن آية النجم، وآية الانشقاق، وآية اقرأ ليست من المواضع التي يطلب فيها سجود التلاوة
(3) الحنفية قالوا: إن السجود في آية سورة فصلت عند قوله تعالى: {وهم لا يسأمون}
(4) المالكية قالوا: سجدة الشكر مكروهة، وإنما المستحب عند حدوث نعمة أو اندفاع نقمة صلاة ركعتين، كما تقدم.
الحنفية قالوا: سجدة الشكر مستحبة - على المفتى به -، وإذا نواها ضمن ركوع الصلاة أو سجودها أجزأته، ويكره الإتيان بها عقب الصلاة لئلا يتوهم العامة أنها سنة أو واجبة
(5) الحنفية قالوا: قصر الصلاة واجب بالمعنى الذي فصلناه فوق الخط، فإذا أتم الصلاة فقد فعل مكروهاً بترك الواجب، على أن في الإتمام أيضاً تأخيراً للسلام الواجب عن محله، وذلك لأنه يجب على المصلي أن يسلم بعد الفراغ من القعود الأخير، والقعود الأخير في صلاة المسافر هو ما كان في نهاية الصلاة المطلوبة منه، وهي ركعتان، فإذا صلى ركعتين ولم يجلس في الركعة الثانية بطلت صلاته، لأنه هذا الجلوس فرض كالجلوس الأخير، وإذا لم يسلم بعد القعود وقام للركعة الثالثة فقد فعل مكروهاً، لأنه بذلك يكون قد أخر السلام المطلوب منه عن محله.
المالكية قالوا: قصر الصلاة سنة مؤكدة، كما ذكرنا فوق الجدول، فمن تركه وأتم الصلاة فقد حرم من ثواب هذه السنة، وإذا لم يجد المسافر مسافراً مثله ليقتدي به صلى منفرداً صلاة قصر، ويكره له أن يقتدي بإمام مقيم، لأنه لو اقتدى بإمام مقيم لزمه أن يتم الصلاة معه فتفوته سنة القصر المؤكدة.
الشافعية قالوا: يجوز للمسافر مسافة قصر أن يقصر الصلاة، كما يجوز له الإتمام، بلا خلاف،ولكن القصر أفضل من الإتمام، بشرط أن تبلغ مسافة سفره ثلاثة مراحل، وإلا لم يكن القصر أفضل، وذلك لأن أقل مسافة القصر عندهم مرحلتان، وسيأتي قريباً بيان معنى المرحلة عندهم، فإذا كانت مسافة سفره مرحلتين فقط، فإنه يجوز له أن يقصر، كما يجوز له أن يتم، أما إذا كانت ثلاث مراحل فأكثر فإن القصر يكون أفضل، وإنما يكون القصر في هذه الحالة أفضل إذا لم يكن المسافر ملاحاً، والملاح هو القائم بتسيير السفينة ومساعدوه، ويقال لهم: البحارة، فإذا كان هؤلاء مسافرين فإن إتمام الصلاة أفضل لهم، وإن كانت مسافة سفرهم تزيد على ثلاث مراحل.
هذا، وإذا أخر المسافر الصلاة إلى آخر وقتها بحيث لم يبق من الوقت إلا ما يسع صلاة ركعتين فقط، فإنه يجب عليه في هذه الحالة أن يصلي قصراً، ولا يجوز له الإتمام بحال، لأنه في هذه الحالة يمكنه أن يوقع الصلاة كلها في الوقت، كما تقدم في المسح على الخف، فإنه إذا ضاق الوقت كانت المسح فرضاً لإدراك الصلاة في وقتها.
الحنابلة قالوا: القصر جائز، وهو أفضل من الإتمام، فيجوز للمسافر مسافة قصر أن يتم الصلاة الرباعية وأن يقصرها بلا كراهة، وإن كان الأفضل له الإتمام، ويستثنى من ذلك أمور سنذكرها في شروط القصر، ومنها أن يكون المسافر ملاحاً - بحاراً - فإنه إذا كان معه أهله في السفينة فإنه في هذه الحالة لا يجوز له قصر الصلاة لكونه في حكم المقيم، وقد عرفت حكم هذا عند الشافعية، وهو أن إتمام الصلاة أفضل في حقهم فقط، أما الحنفية، والمالكية فلم يفرقوا بين الملاح وغيره في الحكم الذي تقدم بيانه عندهم
(6) الحنفية قالوا: المسافة مقدرة بالزمن، وهو ثلاثة أيام من أقصر أيام السنة، ويكفي أن يسافر في كل يوم منها من الصباح إلى الزوال، والمعتبر السير الوسط، أي سير الإبل، ومشي الأقدام، فلو بكر في اليوم الأول ومشى إلى الزوال، وبلغ المرحلة، ونزل وبات فيها، ثم بكر في اليوم الثاني، وفعل ذلك، ثم فعل ذلك في اليوم الثالث أيضاً فقد قطع مسافة القصر، ولا عبرة بتقديرها بالفراسخ على المعتمد، ولا يصح القصر في أقل من هذه المسافة وبعض الحنفية يقدرها بالفرسخ، ولكنه يقول: إنها أربعة وعشرون فرسخاً، فهي ثلاث مراحل لا مرحلتان

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #67  
قديم 05-07-2020, 03:47 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,632
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله


(7) المالكية قالوا: إن نقصت المسافة عن القدر المبين بثمانية أميال وقصر الصلاة صحت صلاته، ولا إعادة عليه على المشهور، ويستثنى من اشتراط المسافة أهل مكة ومنى ومزدلفة والمحصب إذا خروجوا في موسم الحج للوقوف بعرفة، فإنه يسن لهم القصر في حال ذهابهم وكذا في حال إيابهم إذا بقي عليهم عمل من أعمال الحج التي تؤدي في غير وطنهم، وإلا أتموا.
الشافعية قالوا: يضر نقصان المدة عن القدر المبين، فإذا نقصت ولو بشيء يسير فإن القصر لا يجوز، على أنهم اكتفوا في تقدير المسافة بالظن الراجح، ولم يشترطوا اليقين
(8) الحنفية قالوا: نية إقامة المدة القاطعة لحكم السفر لا تبطل حكم القصر إلا إذا أقام بالفعل، فلو سافر من القاهرة مثلاً ناوياً الإقامة بأسيوط مدة خمسة عشر يوماً فأكثر يجب عليه القصر في طريقه إلى أن يقيم
(9) الشافعية: زادوا حكماً آخر، وذلك أن التابع إذا نوى أنه متى تخلص من التبعية يرجع من سفره كالجندي إذا شطب اسمه، والخادم إذا انفصل من الخدمة. فلا يقصر في هذه الحالة حتى يقطع مسافة القصر وهي المرحلتان، فإن فاتته صلاة حين بلوغه المرحلتين قضاها مقصورة لأنها فائتة سفر
(10) الحنفية قالوا: يشترط فينية السفر أن تكون من بالغ، فلا تصح نية الصبي، فشروط نية السفر عندهم ثلاثة: نية قطع المسافة بتمامها من أول السفر، والاستقلال بالرأي، والبلوغ

(11) الحنفية، والمالكية قالوا: لم يشترطوا ذلك، فيجب القصر على كل مسافر، ولو كان محرماً.
ويأثم بفعل المحرّم عند الحنفية،
أما المالكية فقالوا: إذا كان السفر محرماً فإن القصر يصح الإثم
(12) الحنفية قالوا: يجوز القصر في السفر المكروه أيضاً كغيره.
الشافعية قالوا: يجوز القصر في السفر المكروه.
المالكية قالوا: يكره القصر في السفر المكروه.
الحنابلة قالوا: لا يجوز القصر في السفر المكروه، ولو قصر لا تنعقد صلاته كالسفر المحرم
(13) الشافعية قالوا: لا بد أن يصل إلى محل يعد فيه مسافراً عرفاً، وابتداء السفر لساكن الأبنية يحصل بمجاوزة سور مختص بالمكان الذي سافر منه إذا كان ذلك السور صوب الجهة التي يقصدها المسافر، وإن كان داخله أماكن خربة ومزارع ودور، لأن كل هذا يعد من ضمن المكان الذي سافر منه، ولا عبرة بالخندق والقنطرة مع وجود السور، ومثل السور ما يقيمه أهل القرى من السجور، فإن لم يوجد السور المذكور، وكان هناك قنطرة أو خندق فلا بد من مجاوزته، فإن لم يوجد شيء من ذلك فالعبرة بمجاوزة العمران وإن تخلله خراب، ولا يشترط مجاوزة الخراب الذي في طرف العمران إذا ذهبت أصول حيطانه، ولا مجاوزة المزارع ولا البساتين، ولو بنيت بها قصور أو دور تسكن في بعض فصول السنة، ولا بد من مجاوزة المقابر المتصلة بالقرية التي لا سور لها، وإذا اتصل بالبلد عرفاً قرية أو قريتان مثلاً، فيشترط مجاوزتهما إن لم يكن بينهما سور، وإلا فالشرط مجاوزة السور، فإن لم تكونا متصلتين اكتفي بمجاوزة قرية المسافر عرفاً، أما القصور التي في البساتين المتصلة بالبلد، فإن كانت تضمن في كل السنة فحكمها كالقريتين المذكورتين، وإلا فلا، كما تقدم.
وابتداء السفر لساكن الخيام يكون بمجاورة تلك الخيام ومرافقها، كمطرح الرماد وملعب الصبيان ومرابط الخيل، ولا بد أيضا من مجاوزة المهبط إن كان في ربوة، ومجاوزة المصعد إن كان في منخفض، ولا بد أيضاً من مجاوزة عرض الوادي إن سافر فيعرضه، وهذا إذا لم يخرج المهبط والمصعد والوادي عن الاعتدال، أما لو اتسع شيء منها جداً فيكتفي بمجاوزة الحلة، وهي البيوت التي يجتمع أهلها للسمر، ويستطيعون استعارة لوازمهم بعضهم من بعض، أما المسافر الذي سكن غير الأبنية وغير الخيام، فابتداء سفره يكون بمجاوزة محل رحله ومرافقه.
هذا إذا كان السفر براً، أما لو كان في البحر المتصل ببلدة كالسويس وجدة، فابتداء سفره من أول تحرك السفينة للسفر ولا عبرة بالأسوار، ولو وجدت بالبلدة على المعتمد، وإذا كانت السفينة تجري محاذية للأبنية التي في البلدة، فلا يقصر حتى تجاوز تلك الأبنية.
الحنابلة قالوا: يقصر المسافر إذا فارق بيوت محل إقامته العامرة بما يعد مفارقة عرفاً، سواء كانت داخل السور أو خارجه، وسواء اتصل بها بيوت خربة أو صحراء، أما إذا اتصل بالبيوت الخربة بيوت عامرة، فلا يقصر إلا إذا فارقهما معاً، وكذا لا يقصر إذا اتصل بالخراب بساتين يسكنها أصحابها للرياضة في الصيف مثلاً، إلا إذا جاوز تلك البساتين، أما إذا كان من سكان الخيام أو من سكان القصور أو البساتين، فلا يقصر حتى يفارق خيامه أو المكان الذي نسب إليه البساتين أو القصور عرفاً،وكذا إذا كان من سكان عزب مصنوعة من أعواد الذرة ونحوها، فإنه لا يقصر حتى يفارق محل إقامة قومه.
الحنفية قالوا: من قصد سفر مسافة القصر المتقدم بيانه قصر الصلاة متى جاوز العمران من موضع إقامته، سواء كان مقيماً في المصر أو في غيره، فإذا خرج من المصر لا يقصر إلا إذا جاوز بيوته من الجهة التي خرج منها، وإن كان بإزائه بيوت من جهة أخرى، ويلزم أن يجاوز كل البيوت، ولو كانت متفرقة متى كان أصلها من المصر، فلو انفصلت عن المصر محلة كانت متصلة بها قبل ذلك الانفصال لا يقصر إلا إذا جاوزها، بشرط أن تكون عامرة، أما إذا كانت خربة لا سكان فيها، فلا يلزم مجاوزتها؛ ويشترط أيضاً أن يجاوز ما حول المصر من المساكن، وأن يجاوز القرى المتصلة بذلك. بخلاف القرى المتصلة بالفناء، فلا يشترط مجاوزتها، ولا يشترط أن تغيب البيوت عن بصره، وإذا خرج من الأخبية - الخيام - لا يكون مسافراً إلا إذا جاوزها، سواء كانت متصلة أو متفرقة، أما إذا كان مقيماً على ماء أو محتطب، فإنه يعتبر مسافراً إذا فراق الماء أو المحتطب ما لم يكن المحتطب واسعاً جداً، أو النهر بعيد المنبع أو المصب، وغلا فالعبرة بمجاوزة العمران، ويشترط أيضاً أن يجاوز الفناء المتصل بموضع إقامته، وهو المكان المعد لمصالح السكان، كركض الدواب، ودفن الموتى، وإلقاء التراب، فإن انفصل الفناء عن محل الإقامة بمزرعة أو بفضاء قدر أربعمائة ذراع، فإنه لا يشترط مجاوزته، كما لا يشترط مجاوزة البساتين، لأنها لا تعتبر من العمران. وإن كانت متصلة بالبناء، سواء سكنها أهل البلدة في كل السنة أو بعضها.
المالكية قالوا: المسافر إما أن يكون مسافراً من أبنية أو من خيام - وهو البدوي - أو من محل لا بناء به ولا خيام، كساكن الجبل، فالمسافر من البلد لا يقصر إلا إذا جاوز بنيانها والفضاء الذي حواليها، والبساتين المسكونة بأهلها ولو في بعض العام، بشرط أن تكون متصلة بالبلد حقيقة أو حكماً، بأن كان ساكنوها ينتفعون بأهل البلد، فإن كانت غير مسكونة بالأهل في وقت من العام، فلا تشترط مجاوزتها كالمزارع، وكذا إذا كانت منفصلة عن البلد، ولا ينتفع ساكنوها باهلها، فلا تشترط مجاوزتها، ولا يشترط مجاوزة ثلاثة أميال من سور بلد الجمعة على المعتمد، بل العبرة بمجاوزة البساتين المذكورة فقط، ولو كان مسافراً من بلد تقام فيها الجمعة، ومثل البساتين القريبة المتصلة بالبلد التي سافر منها إذا كان أهلها ينتفعون بأهل البلد، فلا بد من مجاوزتها أيضاً، فالعزب المتجاورة متى كان بين سكانها ارتفاق، فهي كبلد واحد، فلا يقصر المسافر من عربة منها حتى يجاوز الجميع، وأما ساكن الخيام فلا يقصر إذا سافر حتى يجاوز جميع الخيام، التي يجمع سكانها اسم قبيلة ودار واحدة؛ أو اسم الدار فقط، فإن جمعهم اسم القبيلة فقط أو لم يجتمعوا في قبيلة ولا دار، فإن كان بينهما ارتفاق فلا بد من مجاوزة الكل، وإلا كفى أن يجاوز المسافر خيمته فقط، وأما المسافر من محله خال عن الخيام والبناء، فإنه يقصر متى انفصل عن محله
(14) الحنفية قالوا: لا يجوز اقتداء المسافر بالمقيم إلا في الوقت، وعليه الإتمام حينئذ، لأن فرضه يتغير عند ذلك من اثنين لأربع، أما إذا خرج الوقت فلا يجوز له الاقتداء بالمقيم لأنه فرضه بعد خروج الوقت لا يتغير إلى أربع، لأنه استقر في ذمته ركعتين فقط، فلو اقتدى به بطلت صلاته، لأن القعدة الأولى حينئذ في حَق المسافر المقتدي فرض، وهي في حَق إمامه المقيم بالمسافر فيصح مطلقاً في الوقت وبعده، ويصلي معه ركعتين، فإذا سلم قام المأموم وكمل صلاته كالمسبوق بركعتين
(15) المالكية قالوا: إذا لم يدرك المسافر مع الإمام المقيم ركعة كاملة، فلا يجب عليه الإتمام، بل يقصر لأن المأمومية لا تتحقق إلا بإدراك ركعة كاملة مع الإمام

(16) المالكية قالوا: تكفي نية القصر في أول صلاة يقصرها في السفر، ولا يلزم تجديدها فيما بعدها من الصلوات، فهي كنية الصوم أول ليلة من رمضان، فإنها تكفي لباقي الشهر.
الحنفية قالوا: إنه يلزمه نية السفر قبل الصلاة، ومتى نوى السفر كان فرضه ركعتين، وقد علمت أنه لا يلزمه في النية تعيين عدد الركعات، كما تقدم
(17) الحنفية قالوا: يمتنع القصر إذا نوى الإقامة خمسة عشر يوماً متوالية كاملة، فلو نوى الإقامة أقل من ذلك، ولو بساعة لا يكون مقيماً، ولا يصح له قصر الصلاة بشروط أربعة:
الأول: أن يترك السير بالفعل، فلو نوى الإقامة، وهو يسير لا يكون مقيماً، ويجب عليه القصر؛
الثاني: أن يكون الموضع الذي الإقامة فيه صالحاً لها، فلو نوى الإقامة في صحراء ليس فيها سكان أو في جزيرة خربة أو في بحر فإنه يجب عليه القصر؛
الثالث: أن يكون الموضع الذي نوى الإقامة فيه واحداً، فلو نوى الإقامة ببلدتين لم يعين إحداهما لم تصح نيته أيضاً؛
الرابع: أن يكون مستقلاً بالرأي، فلو نوى التابع الإقامة لا تصح نيته، ولا يتم إلا علم نية متبوعة، كما تقدم، ومن نوى السفر مسافة ثلاثة أيام ثم رجع قبل إتمامها وجب عليه إتمام الصلاة بمجرد عزمه على الرجوع، وكذا إذا نوى الإقامة قبل إتمامها، فإنه يجب عليه الإتمام في الموضع الذي وصل إليه، وإن لم يكن صالحاً للإقامة فيه، كما يأتي، ومن نوى الإقامة أقل من خمسة عشر يوماً أو أقام بمحل منتظراً قافلة مثلاً وعلم أنها لا تحضر إلا بعد خمسة عشر يوماً، فإنه يعتبر ناوياً الإقامة، ويجب عليه إتمام الصلاة في هذه الحالة.
الحنابلة قالوا: يمتنع القصر لو نوى المسافر إقامة مطلقة، ولو في مكان غير صالح للإقامة فيه أو نوى الإقامة مدة يجب عليه فيها أكثر من عشرين صلاة، وكذا إذا نوى الإقامة لحاجة يظن أنها لا تنقضي إلا في اربعة أيام، ويوم الدخول، ويوم الخروج يحسبان من المدة، ومن أقام في أثناء سفره لحاجة بلا نية إقامة، ولا يدري متى تنقضي فله القصر، ولو أقام سنين، سواء غلب على ظنه كثرة مدة الإقامة أو قلتها بعد أن يحتمل انقضاؤها في مدة لا ينقطع حكم السفر بها، وإذا رجع إلى المحل الذي سافر منه قبل قطع المسافة، فلا يقصر في عودته.
المالكية قالوا: يقطع حكم السفر ويمنع القصر نية إقامة أربعة أيام بشرطين:
أحدهما: أن تكون تامة لا يحتسب منها يوم الدخول إن دخل بعد طلوع الفجر ولا يوم الخروج إن خرج في أثنائه،
وثانيهما: وجوب عشرين صلاة على الشخص في هذه الإقامة، فلو أقام أربعة أيام تامة، وخرج بعد غروب الشمس من اليوم الرابع، وكان ناوياً ذلك قبل الإقامة، فإنه يقصر حال إقامته لعدم وجوب عشرين صلاة، وكذا إذا دخل عند الزوال، وكان ينوي الارتحال بعد ثلاثة أيام، وبعض الرابع غير يوم الدخول، فإنه يقصر لعدم تمام الأيام الأربعة، ثم إن نية الإقامة إما أن تكون في ابتداء السير، وإما أن تكون في أثنائه، فإن كانت في ابتداء السير، فلا يخلو إما أن تكون المسافة بين محل النية، ومحل الإقامة مسافة قصر أو لا، فإن كانت مسافة قصر قصر الصلاة حتى يدخل محل الإقامة بالفعل، وإلا أتم من المسافة بينهما دون مسافة القصر على المعتمد؛ ولا يشترط في محل الإقامة المنوية أن يكون صالحاً للإقامة فيه، فلو نوى الإقامة المذكورة بمحل لا عمران به، فلا يقصر بمجرد دخوله على ما تقدم، ومثل نية الإقامة أن يعلم بالعادة أن مثله يقيم في جهة أربعة أيام فأكثر فإنه يتم، وإن لم ينو الإقامة، أما إن أراد أن يخالف العادة، ونوى أن لا يقيم فيها الأربعة أيام المعتادة، فإنه لا ينقطع حكم سفره، ويستثنى من نية الإقامة نية العسكر بمحل خوف، فإنها لا تقطع حكم السفر، أما إذا أقام بمحل في أثناء سفره بدون أن ينوي الإقامة به فإن إقامته به لا تمنع القصر ولو أقام مدة طويلة، بخلاف ما إذا أقام بدون نية في محل ينتهي إليه سفره، فإن هذه الإقامة تمنع من القصر، إذا علم أو ظن أنه يخرج منه قبل المدة القاطعة للسفر، ومن رجع بعد الشروع في السفر إلى المحل الذي سافر منه، سواء كان وطناً أو محل إقامة اعتبر
الرجوع في حقه سفراً مستقلاً، فإن كان مسافة قصر قصر وإلا فلا، ولو لم يكن ناوياً الإقامة في ذلك المحل، وسواء كان رجوعه لحاجة نسيها أو لا.
الشافعية قالوا: يمتنع القصر إذا نوى الإقامة أربعة أيام تامة غير يومي الدخول والخروج؛ فإذا نوى أقل من أربعة أيام أو لم ينو شيئاً، فله أن يقصر حتى يقيم أربعة أيام بالفعل.
هذا إذا لم تكن له حاجة في البقاء، أما إذا كانت له حاجة، وجزم بأنها لا تقضي في أربعة أيام، فإن سفره ينتهي بمجرد المكث والاستقرار، سواء نوى الإقامة بعد الوصول له أولا، فإن توقع قضاءها من وقت لآخر بحيث لا يجزم بأنه يقيم أربعة أيام، فله القصر إلى ثمانية عشر يوماً
(18) الحنفية قالوا: إذا عاد المسافر إلى المكان الذي خرج منه، فإن كان ذلك قبل أن يقطع مقدار مسافة القصر بطل سفره، وكذلك يبطل بمجرد نية العودة، وإن لم يعد، ويجب عليه في الحالتين إتمام الصلاة، أما إذا عاد بعد قطع مسافة القصر، فإنه لا يتم إلا إذا عاد بالفعل، فلا يبطل القصر بمجرد نية العودة، ولا بالشروع فيها، ثم إن الوطن عندهم ينقسم إلى قسمين: وطن أصلي، وهو الذي ولد فيه الإنسان، أو له فيه زوج في عصمته، أو قصد أن يرتزق فيه، وإن لم يولد به، ولم يكن له به زوج؛ ووطن إقامة، وهو المكان الصالح للإقامة فيه مدة خمسة عشر يوماً، فأكثر إذا نوى الإقامة، ثم إن الوطن الأصلي لا يبطل إلا بمثله، فإذا ولد شخص بأسيوط مثلاً كانت له وطناً أصلياً، فإن خرج منها إلى القاهرة، وتزوج بها أو مكث فيها بقصد الاستقرار والتعيش كانت له وطناً أصلياً كذلك، فإذا سافر من القاهرة إلى أسيوط التي ولد بها وجب عليه قصر الصلاة فيها ما لم ينو المدة التي تقطع القصر، لأن أسيوط، وإن كانت وطناً أصلياً له، إلا أنه بطل بمثله وهو القاهرة ولا يشترط في بطلان أحدهما بالآخر أن يكون بينهما مسافة القصر، فلو ولد في الواسطي مثلاً ثم انتقل إلى القاهرة قاصداً الاستقرار فيها، أو تزوج فيها ثم سافر إلى أسيوط، ومر في طريقه على الواسطي، أو دخل فيها، فإنه يقصر، لأنها - وإن كانت وطناً أصلياً - إلا أنه بطل بمثله، وهو القاهرة، وإن لم يكن بينهما مسافة القصر: فلا يبطل الوطن الأصلي بوطن الإقامة، فلو سافر من محل ولادته أو بلدة زوجه أو محل ارتزاقه إلى جهة ليست كذلك، وأقام بها خمسة عشر يوماً، ثم عاد إلى المحل الذي خرج منه، فإنه يجب عليه الإتمام وإن لم ينو الإقامة لأن وطن الإقامة لا يبطل الوطن الأصلي؛ أما وطن الإقامة فإنه يبطل بثلاثة أمور: أحدها: الوطن
الأصلي، فإذا أقام شخص بمكة مثلاً خمسة عشر يوماً، ثم سافر منها إلى منى، فتزوج بها، ثم رجع إلى مكة، فإنه يتم الصلاة لبطلان وطن الإقامة، وهو مكة، بالوطن الأصلي، وهو منى، ثانيها: يبطل بمثله، فلو سافر مسافة قصر إلى مكان صالح للإقامة، وأقام به خمسة عشر يوماً ناوياً، ثم ارتحل عنه إلى مكان آخر وأقام به كذلك، ثم عاد إلى المكان الأول وجب عليه قصر الصلاة إن لم ينو الإقامة به خمسة عشر يوماً، لأن وطن الإقامة الأول بطل بوطن الإقامة الثاني، ولا يشترط في بطلان وطن الإقامة به خمسة عشر يوماً، لأن وطن الإقامة الأول بطل بوطن الإقامة الأصلي، ولا يشترط في بطلان وطن الإقامة بمثله أن يكون بينهما مسافة قصر، كما تقدم في الوطن الأصلي، ثالثها: إنشاء السفر من وطن الإقامة فلو أقام المسافر سفر قصر بمكان صالح خمسة عشر يوماً فأكثر، ثم نوى السفر بعد ذلك إلى مكان آخر بطل وطن الإقامة بإنشاء السفر منه، فلو عاد إليه ولو لحاجة لا يتم لبطلان كونه وطن إقامة له بإنشاء السفر منه، أما إنشاء السفر من غ يره، فإنه لا يبطله إلا بشرطين: أحدهما: أن لا يمر المسافر في طريقه على وطن إقامته، فإذا مر عليه لم يبطل كونه وطن إقامة، ثانيهما: أن يكون بين المكان الذي أنشأ منه السفر بين وطن الإقامة مسافة القصر، فلو كان أقل من ذلك لا يبطل كونه وطن إقامة، مثلاً إذا خرج تاجران، أحدهما من أسيوط، والآخر من جرحا، وأقام الأول بالقاهرة خمسة عشر يوماً ناوياً، وأقام الثاني بكفر الزيات كذلك، فصارت القاهرة وطن الإقامة للأول، وكفر الزيات وطن الإقامة للثاني، وبين القاهرة وكفر الزيات مسافة القصر، فإذا قام كل منهما إلى بنها، ففي هذه الحالة يتمان، لأن بين القاهرة وبنها دون مسافة القصر، وكذلك من كفر الزيات إلى بنها، فإذا أقاما ببنها خمسة عشر يوماً بطل
وطن إقامة لهما، فإذا قاما من بنها إلى كفر الزيات بقصد إنشاء السفر من كفر الزيات إلى القاهرة؛ فأقاما بكفر الزيات يوماً، ثم قاما إلى القاهرة، فإنهما يتمان في كفر الزيات، لأن المسافة دون مسافة القصر، وكذلك يتمان في طريقهما إلى القاهرة إذا مرا على بنها، لأنه - وإن كان بين كفر الزيات وبين القاهرة مسافة قصر - إلا أنهما لمرورهما في سفرهما على بنها لم يبطل كونها وطن إقامة لهما، لأن وطن الإقامة لا يبطل بإنشاء السفر من غيره، وهو كفر الزيات ما دام المسافر يمر عليه، وما دامت المسافة بينه وبين المكان الذي أنشأ السفر منه دون مسافة القصر.
المالكية قالوا: إذا سافر من بلدة قاصداً قطع مسافة القصر، ثم رجع إلى تلك البلدة، فتلك البلدة، إما أن تكون بلدته الأصلية، وهي التي نشأ فيها وإليها ينتسب، وإما أن تكون بلدة أخرى ويريد أن يقيم بها دائماً، وإما أن تكون محلاً أقام فيه المدة القاطعة لحكم السفر بنية، فإذا رجع إلى بلدته الأصلية، أو البلدة التي نوى الإقامة فيها على التأبيد، فإنه يتم بمجرد دخولها، ولو لم ينو بها الإقامة القاطعة، إلا إذا خرج منها أولاً رافضاً لسكناها، فإن دخوله فيها لا يمنع القصر إلا إذا نوى إقامة بها قاطعة، أو كان بها زوجة بنى بها، وإذا رجع إلى محل الإقامة فدخوله فيه لا يمنع القصر، إلا إذا نوى إقامة المدة المذكورة.
هذا هو الحكم في حال وجوده بالبلدة التي خرج منها، وأما حال رجوعه وسيره إلى هذه البلدة فينظر للمسافة، فإن كانت مسافة الرجوع مسافة قصرٍ قصر، وإلا فلا، ومتى كانت مسافة الرجوع أقل من مسافة القصر فقد بطل السفر، وأتم الصلاة في حال رجوعه وحال وجوده بالبلدة مطلقاً، ولو كانت غير بلدته الأصلية، وغير محل الإقامة على التأبيد، وأما إذا كانت بلدته الأصلية أو البلدة التي نوى الإقامة فيها على الدوام في أثناء طريقه، ثم دخلها، فإن مجرد دخوله يقطع حكم السفر ومثل ذلك بلدة الزوجة التي بنى بها وكان غير ناشز، فمجرد دخولها يقطع حكم السفر أيضاً، فإن نوى في أثناء سيره دخول ما ذكر نظر إلى المسافة بين محل النية والبلدة المذكورة وهي بلدته الأصلية، أو بلدة الإقامة على الدوام، أو بلدة الزوجة، فإن كانت مسافة قصر قصر في حال سيره إليها، وإلا فلا، واعتمد بعضهم القصر مطلقاً، ومجرد المرور لا يمنع حكم القصر، كما أن دخول بلدة الزوجة التي لم يدخل لها أو كانت ناشزاً لا يمنعه.
الشافعية قالوا: الوطن هو المحل الذي يقيم فيه المرء على الدوام صيفاً وشتاءً، وغيره ما ليس كذلك، فإذا رجع إلى وطنه بعد أن سافر منه انتهى سفره بمجرد وصوله إليه، سواء رجع إليه لحاجة أو لا، وسواء نوى إقامة أربعة أيام به أو لا، ويقصر في حال رجوعه حتى يصل، وإن رجع إلى غير وطنه فإما أن يكون رجوعه لغير حاجة، أو لا، فإن كان رجوعه لغير حاجة فلا ينتهي سفره إلا بنية إقامة المدة القاطعة قبل وصوله، أو نية الإقامة مطلقاً، بشرط أن ينوي وهو ماكث لا سائر، مستقل لا تابع، وحينئذ ينتهي سفره بمجرد الوصول؛ فإن لم ينو الإقامة المذكورة، فلا ينقطع حكم السفر إلا بأحد أمرين: إقامة المدة المذكورة بالفعل أو نيتها بعد الوصول، وإن كان رجوعه لحاجة، فإن جزم بأنها تقضى في أربعة أيام انقطع سفره بمجرد الاستقرار في البلدة والمكث فيها، وإن لم ينو الإقامة، أما إذا علم أنها تقضى فيها، فلا ينقطع سفره وله القصر ما دام في هذه البلدة.
هذا إذا لم يتوقع قضاء الحاجة كل وقت، فإن توقع قضاءها كذلك فله القصر مدة ثمانية عشر يوماً كاملة، ومثل الرجوع إلى الوطن نيته، فينتهي السفر بمجرد النية، بشرط أن ينوي وهو ماكث غير سائر، وأما نية الرجوع إلى غير وطنه، فينتهي سفره بها إذا كان الرجوع لغير حاجة فإن كان الرجوع المنوي لحاجة فلا ينقطع سفره بذلك، ومثل نية الرجوع التردد فيه.
الحنابلة قالوا: إذا رجع لوطنه الذي ابتدأ منه أولاً أو نوى الرجوع إليه، فإن كانت المسافة دون مسافة القصر وجب عليه الإتمام بمجرد ذلك حتى يفارق وطنه ثانياً أو يعدل عن نية الرجوع؛ ولا يلزمه إعادة ما قصره من الصلوات قبل أن يرجع أو ينوي الرجوع، ولا فرق في كل ذلك بين أن يكون رجوعه لحاجة أو للعدول عن السفر بالمرة، وإن كانت المسافة بين وطنه وبين المحل الذي نوى الرجوع فيه قدر مسافة القصر قصر في حال رجوعه؛ لأنه سفر طويل فيقصر فيه، وإذا مر المسافر بوطنه أتم، ولو لم يكن له به حاجة سوى المرور عليه لكونه طريقه، وكذا إذا مر ببلدة تزوج فيها، وإن لم تكن وطناً له، فإنه يتم حتى يفارق تلك البلدة


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #68  
قديم 05-07-2020, 03:49 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,632
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله

الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الاول
[كتاب الصلاة]
صـــــ 438 الى صــــــــ450
الحلقة (62)

مباحث الجمع بين الصلاتين تقديماً وتأخيراً
يتعلق به أمور: أحدها: تعريفه،
ثانيها:
حكمه.
ثالثها: شروطه وأسبابه.
[تعريفه]
هو أن يجمع المصلي بين الظهر والعصر تقديماً في وقت الظهر، بأن يصلي العصر مع الظهر قبل حلول وقت العصر، أو يجمع بينهما تأخيراً، بأن يؤخر الظهر حتى يخرج وقته، ويصليه مع العصر في وقت العصر، ومثل الظهر والعصر، المغرب والعشاء، فيجمع بينهما تقديماً وتأخيراً. أما الصبح فإنه لا يصح فيه الجمع على أي حال، ولا يجوز للمكلف أن يؤخر فرضاً عن وقته أو يقدمه بدون سبب من الأسباب التي سنذكرها، لأنه الله سبحانه قد أمرنا بأداء. الصلاة في أوقاتها المبينة في مبحث "أوقات الصلاة" حيث قال: {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً} ولكن الدين الإسلامي دين يسر فأباح الصلاة في غير أوقاتها عند وجود مشقة دفعاً للحرج.
[حكمه وأسبابه]
أما حكمه فهو الجواز؛ وأما أسبابه وشروطه، فإن فيها تفصيل المذاهب؛ فانظرها تحت الخط (1) .
[مباحث قضاء الفوائت]
يجب أداء الصلاة المفروضة في أوقاتها، فمن أخرها عن وقتها بغير عذر كان آثماً إثماً عظيماً، كما تقدمفي مبحث "أوقات الصلاة"، أما من أخرها لعذر فلا إثم عليه، وتارة يكون العذر مسقطاً للصلاة رأساً، وتارة يكون غير مسقط بحيث يجب على من فاتته صلاة لعذر أن يقتضيها عند زوال العذر،
وإليك بيان الأعذار:
الأعذار التي تسقط بها الصلاة رأساًتسقط الصلاة رأساً عن الحائض والنفساء، فلا يجب عليهما قضاء ما فاتهما أثناء الحيض والنفاس بعد زوالهما، وكذلك تسقط عن المجنون والمغمى عليه، والمرتد إذا رجع إلى الإسلام، فهو كالكافر الأصلي لا يجب عليه قضاء ما فاته من الصلاة، عند المالكية، والحنفية؛ أما الشافعية فقد خالفوا في المرتد،
وقالوا:
إن الصلاة لا تسقط عنه، وأما الحنابلة فقد خالفوا في الإغماء ونحوه، وقد ذكرنا تفصيل كل هذا في المذاهب تحت الخط (2) .
[الأعذار المبيحة لتأخير الصلاة عن وقتها]
وأما الأعذار المبيحة لتأخير الصلاة عن أوقاتها فقطن فقد تقدم بعضها في مبحث "الجمع بين الصلاتين" وبقي منها النوم والنسيان. والغفلة عن دخول الوقت، ولو كان ناشئاً عن تقصير، خلافاً للشافعية، فانظر مذهبهم تحت الخط (3) .
[مباحث قضاء الصلاة الفائتة]
[حكمه]

قضاء الصلاة المفروضة التي فاتت واجب على الفور، سواء فاتت بعذر غير مسقط لها، أو فاتت بغير عذر أصلاً، باتفاق ثلاثة من الأئمة (4) .
ولا يجوز تأخير القضاء إلا لعذر، كالسعي لتحصيل الرزق وتحصيل العلم الواجب عليه وجوباً عينياً، وكالأكل والنوم، ولا يرتفع الإثم بمجرد القضاء، بل لا بد من التوبة، كما لا ترتفع الصلاة بالتوبة، بل لا بد من القضاء لأن من شروط التوبة الإقلاع عن الذنب، والتائب بدون قضاء غير مقلع عن ذنبه، ومما ينافي القضاء فوراً الاشتغال بصلاة النوافل على تفصيل في المذاهب (5) .
[كيف تقضى الفائتة؟]
من فاتته صلاة قضاها على الصفة التي فاتت عليها، فإن كان مسافراً سفر قصر وفاتته صلاة رباعية قضاها ركعتين ولو كان القضاء في الحضر، عند الحنفية، والمالكية؛ وخالف الشافعية، والحنابلة، فانظر مذهبيهما، تحت الخط (6) ، وإن كان مقيماً وفاتته تلك الصلاة قضاها أربعاً، ولو كان القضاء في السفر، وإذا فاتته صلاة سرية، كالظهر مثلاً، فإنه يقرأ في قضائها سراً ولو كان القضاء ليلاً، وإذا فاتته جهرية كالمغرب مثلاً، فإنه يقرأ في قضائها جهراً ولو كان القضاء نهاراً، عند الحنفية، والمالكية؛ وخالف الشافعية، والحنابلة، فانظر مذهبيهما تحت الخط (7) .
[مراعاة الترتيب في قضاء الفوائت]
ينبغي مراعاة الترتيب في قضاء الفوائت بعضها مع بعض، فيقضي الصبح قبل الظهر؛ والظهر قبل قضاء العصر وهكذا؛ كما ينبغي مراعاة الترتيب بين الفوائت والحاضرة، وبين الحاضرتين كالصلاتين المجموعتين في وقت واحد، وفي ذلك تفصيل المذاهب فانظره تحت الخط (8) .
(1) المالكية قالوا: أسباب الجمع هي: السفر، والمرض، والمطر، والطين مع الظلمة في آخر الشهر، ووجود الحاج بعرفة أو مزدلفة:
الأول: السفر، والمراد به مطلق السفر، سواء كان مسافة قصر أو لا، ويشترط أن يكون غير محرم ولا مكروه، فيجوز لمن يسافر سفراً مباحاً أن يجمع بين الظهر والعصر جمع تقديم، بشرطين: أحدهما: أن تزول عليه الشمس حال نزوله بالمكان الذي ينزل فيه المسافر للاستراحة:
ثانيهما: أن ينوي الارتحال قبل دخول وقت العصر والنزول للاستراحة مرة أخرى بعد غروب الشمس، فإن نوى النزول قبل اصفرار الشمس صلى الظهر قبل أن يرتحل، وأخر العصر وجوباً حتى ينزل، لأنه ينزل في وقتها الاختياري، فلا داعي لتقديمها، فإن قدمها مع الظهر صحت مع الإثم وندب إعادتها في وقتها الاختياري بعد نزوله، وإن نوى النزول بعد الاصفرار وقبل الغروب صلى الظهر قبل أن يرتحل وخير في العصر، فإن شاء قدمها، وإن شاء آخرها حتى ينزل، لأنها واقعة في الوقت الضروري على كل حال، لأنه إن قدمها صلاها في وقتها الضروري المقدم لأجل السفر، وإن أخرها صلاها في وقتها الضروري المشروع، وإن دخل وقت الظهر - وهو بزوال الشمس - وكان سائراً؛ فإن نوى النزول وقت اصفرار الشمس أو قبله جاز له تأخير الظهر حتى يجمعها مع العصر، ولا تأخير العصر حتى ينزل، لأنه يؤدي إلى إخراج كل من الصلاتين عن وقتها، وإنما يجمع بينهما جمعاً صورياً، فيوقع في جميع هذا التفصيل، ولكن مع ملاحظة أو أول وقت المغرب، وهو غروب الشمس ينزل منزلة الزوال بالنسبة للظهر، وأن ثلث الليل الأول ينزل منزلة اصفرار الشمس بعد العصر، وأن طلوع الفجر بمثابة غروب الشمس فيما تقدم، فإذا دخل وقت المغرب وهو نازل، فإن نوى الارتحال قبل دخول وقت العشاء والنزول بعد طلوع الفجر جمع العشاء مع المغرب جمع تقديم قبل ارتحاله، وإن نوى النزول قبل الثلث الأول أخر العشاء حتى ينزل، وإن نوى النزول بعد الثلي الأول من الليل صلى المغرب قبل ارتحاله وخير في العشاء، وعلى هذا القياس، والجمع للسفر جائز بمعنى خلاف الأولى، فالأولى تركه، وإنما يجوز إذا كان مسافراً في البر، فإن كان مسافراً في البحر، فلا يجوز له؛ لأن رخصة الجمع إنما ثبتت في سفر البر لا غير،
الثاني: المرض؛ فمن كان مريضاً يشق عليه القيام لكل صلاة أو الوضوء كذلك، كالمبطون يجوز له الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء جمعاً صورياً، بأن يصلي الظهر في آخر وقتها الاختياري، والعصر في أول وقتها الاختياري، ويصلي المغرب قبيل مغيب الشفق، والعشاء في أول مغيبه، وليس هذا جمعاً حقيقياً لوقوع كل صلاة في وقتها، وهو جائز من غير كراهة؛ وتحصل لصاحبه فضيلة أو الوقت بخلاف غير المعذور، فإنه - وإن جاز له هذا الجمع الصوري - ولكن تفوته فضيلة أول الوقت،
وأما الصحيح إذا خاف حصول دوخة تمنعه من أداء الصلاة على وجهها، أو إغماء يمنعه من الصلاة عند دخول وقت الصلاة الثانية كالعصر بالنسبة للظهر؛ والعشاء بالنسبة للمغرب، فإنه يجوز له أن يقدم الصلاة الثانية كالعصر بالنسبة للظهر؛ والعشاء بالنسبة للمغرب، فإنه يجوز له أن يقدم الصلاة الثانية مع الأولى، فإن قدمها، ولم يقع ما خافه أعادها في الوقت، ولو الضروري استحباباً.
الثالث؛ والرابع: المطر والطين مع الظلمة إذا وجد مطر غزير يحمل أواسط الناس على تغطية رؤوسهم أو وحل كبير، وهو ما يحمل أواسط الناس على خلع الحذاء مع الظلمة، جاز جمع العشاء مع المغرب جمع تقديم محافظة على صلاة العشاء في جماعة من غير مشقة، فيذهب إلى المسجد عند وقت المغرب، ويصليهما دفعة واحدة، وهذا الجمع جائز بمعنى خلاف الأولى، وهو خاص بالمسجد، فلا يجوز بالمنازل، وصفة هذا الجمع أن يؤذن للمغرب أولاً بصوت مرتفع كالعادة، ثم يؤخر صلاة المغرب ندباً بعد الأذان بقدر ثلاث ركعات، ثم يصلي المغرب، ثم يؤذن للعشاء ندباً في المسجد لا على المنارة لئلا يظن دخول وقت العشاء المعتاد، ويكون الأذان بصوت منخفض، ثم يصلي العشاء، ولا يفصل بينهما بنفل، وكذا يكره التنفل بين كل صلاتين مجموعتين، فإن تنفل فلا يمتنع الجمع، وكذا لا يتنفل بعد العشاء في جمع المطر ويؤخر صلاة الوتر حتى يغيب الشفق، لأنها تصح إلا بعده، ولا يجوز الجمع للمنفرد في المسجد إلا أن يكون إماماً راتباً له منزل ينصرف إليه، فإنه يجمع وحده ينوي الجمع والإمامة، لأنه منزل منزلة الجماعة، ومن كان معتكفاً بالمسجد جاز له إن انقطع قبل الشروع؛
الخامس: الوجود بعرفة، فيسن للحاج أن يجمع بين الظهر والعصر جمع تقديم بعرفة، سواء كان من أهلها، أو من أهل غيرها من أماكن النسك، كمنى ومزدلفة، أو كان من أهل الآفاق، ويقصر من لم يكن من أهل عرفة للسنة، وإن لم تكن المسافة مسافة قصر؛
السادس: الوجود بمزدلفة، فيسن للحاج بعد أن يدفع من عرفة أن يؤخر المغرب حتى يصل إلى المزدلفة فيصليها مع العشاء مجموعة جمع تأخير، وإنما يسن الجمع لمن وقف مع الإمام بعرفة وإلا صلى كل صلاة في وقتها، ويسن قصر العشاء لغير أهل المزدلفة؛ لأن القاعدة أن الجمع سنة لكل حاج، والقصر خاص بغير أهل المكان الذي
فيه، وهو عرفة ومزدلفة.
الشافعية قالوا: يجوز الجمع بين الصلاتين المذكورتين جمع تقديم أو تأخير للمسافر مسافة القصر المتقدمة بشروط السفر، ويجوز جمعها جمع تقديم فقط بسبب نزول المطر، ويشترط في جميع التقديم ستة شروط:
الأول: الترتيب بأن يبدأ بصاحبة الوقت، فلو كان في وقت الظهر وأراد أن يصلي معه العصر في وقته يلزمه أن يبدأ بالظهر، فلو عكس صحت صلاة الظهر، وهي صاحبة الوقت، وأما التي بدأ بها وهي العصر، فلم تنعقد لا فرضاً ولا نفلاً إن لم يكن عليه فرض من نوعها، وإلا وقعت بدلاً منه، وإن كان ناسياً أو جاهلاً وقعت نفلاً:
الثاني: نية الجمع في الأولى بأن ينوي بقلبه فعل العصر بعد الفراغ من صلاة الظهر، ويشترط في النية أن تكون في الصلاة الأولى ولو مع السلام منها، فلا تكفي قبل التكبير، ولا بعد السلام؛
الثالث: الموالاة بين الصلاتين، بحيث لا يطول الفصل بينهما بما يسع ركعتين بأخف ما يمكن فلا يصلي بينهما النافلة الراتبة، ويجوز الفصل بينهما بالأذان والإقامة والطهارة، فلو صلى الظهر وهو متيمم ثم أراد أن يجمع معه العصر، فلا يضره أن يفصل بالتيمم الثاني للعصر، إذا لا يجوز أن يجمع بين صلاتين بالتيمم، كما تقدم؛
الرابع: دوام السفر إلى أن يشرع في الصلاة الثانية بتكبيرة الإحرام، ولو انقطع سفره بعد ذلك أثناءها، أما إذا انقطع سفره قبل الشروع فيها فلا يصح الجمع لزوال السبب؛
الخامس: بقاء وقت الصلاة الأولى جمعة في مكان تعددت فيه لغير حاجة وشك في السبق والمعية لا يصح جمع العصر معها جمع تقديم.
هذا، والأولى ترك الجمع لأنه مختلف في جوازه في المذاهب، لكن يسن الجمع إذا كان الحاج مسافراً وكان بعرفة أو مزدلفة، فالأفضل للأول جمع العصر مع الظهر تقديماً، وللثاني جمع المغرب مع العشاء تأخيراً، لاتفاق المذاهب على جواز الجمع فيهما.
واعلم أن الجمع قد يكون أيضاً واجباً ومندوباً، فيجب إذا ضاق وقت الأولى عن الطهارة والصلاة أن يجمع تأخيراً، ويندب للحاج المسافر على ما سبق بيانه، كما يندب إذا ترتب على الجمع كمال الصلاة، كأن يصليها جماعة عند الجمع بدل صلاتها منفرداً عند عدمه، ويشترط لجمع الصلاة جمع تأخير في السفر شرطان:
الأول نية التأخير في وقت الأولى ما دام الباقي منه يسع الصلاة تامة أو مقصورة، فإن لم ينو التأخير أو نواه والباقي من الوقت لا يسعها فقد عصى، وكانت قضاء إن لم يدرك منها ركعة في الوقت، وإلا كانت أداء مع الحرمة،
الثاني: دوام السفر إلى تمام الصلاتين، فلو أقام قبل ذلك صارت الصلاة التي نوى تأخيرها قضاء؛ أما الترتيب والموالاة بين الصلاتين في جمع التأخير فهو مسنون، وليس بشرط، ويجوز للمقيم أن يجمع في السفر ولو عصراً مع الجمعة تقديماً في وقت الأولى بسبب المطر، ولو كان المطر قليلاً بحيث يبل أعلى الثوب: أو أسفل النعل، ومثل المطر الثلج والبرد الذائبان، ولكن لا يجمع المقيم هذا الجمع إلا بشروط:
الأول: أن يكون المطر ونحوه موجوداً عند تكبيرة الإحرام فيهما، وعند السلام من الصلاة الأولى حتى تتصل بأول الثانية: ولا يضر القطاع المطر في أثناء الأولى أو الثانية أو بعدهما،
الثاني: الترتيب بين الصلاتين؛
الثالث: الموالاة بينهما؛
الرابع: نية الجمع كما تقدم في "جمع السفر"،
الخامس: أن يصلي الثانية جماعة، ولو عند إحرامها: ولا يشترط وجود الجماعة إلى آخر الصلاة الثانية على الراجح، ولو انفرد قبل تمام ركعتها الأولى،
السادس: أن ينوي الإمام الإمامة والجماعة؛
والسابع: أن يكون الجمع في مصلى بعيد عرفاً بحيث يأتونه بمشقة في طريقهم إليه، ويستثنى من ذلك الإمام الراتب، فله أن يجمع بالمأمومين بهذا السبب وإن لم يتأذ بالمطر، فإذا تخلف شرط من
ذلك، فلا يجوز الجمع للمقيم، وليس من الأسباب التي تبيح للمقيم هذا الجمع الظلمة الشديدة والريح والخوف والوحل والمرض على المشهور، ورجح جواز الجمع تقديماً وتأخيراً للمرض.
الحنفية قالوا: لا يجوز الجمع بين صلاتين في وقت واحد لا في الحضر بأي عذر من الأعذار إلا في حالتين:
الأولى: يجوز جمع الظهر والعصر في وقت الظهر جمع تقديم بشروط أربعة:
الأول: أن يكون ذلك يوم عرفة؛
الثاني: أن يكون محرماً بالحج؛
الثالث: أن يصلي خلف إمام المسلمين أو من ينوب عنه؛
الرابع: أن تبقى صلاة الظهر صحيحة، فإن ظهر فسادها وجبت إعادتها، ولا يجوز له في هذه الحالة أن يجمع معها العصر، بل يجب أن يصلي العصر إذا دخل وقته؛ الثانية: يجوز جمع المغرب والعشاء في وقت العشاء جمع تأخير، بشرطين: الأول: أن يكون ذلك بالمزدلفة؛ الثاني: أن يكون محرماً بالحج، وكل صلاتين جمعتا لا يؤذن لهما إلا أذان واحد، وإن كان لكل منهما إقامة خاصة، قال عبد الله بن مسعود: والذي لا إله غيره ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة قط إلا لوقتها، إلا صلاتين:
جمع بين الظهر والعصر بعفرة، وبين المغرب والعشاء بجمع - أي بالمزدلفة - رواه الشيخان.
الحنابلة قالوا: الجمع المذكور بين الظهر والعصر، أو المغرب والعشاء تقديماً أو تأخيراً مباح وتركه أفضل، وإنما يسن الجمع بين الظهر والعصر تقديماً بعرفة، وبين المغرب والعشاء تأخيراً بالمزدلفة، ويشترط في غباحة الجمع أن يكون المصلي مسافراً سفراً تقصر فيه الصلاة، أو يكون مريضاً تلحقه مشقة بترك الجمع، أو تكون امرأة مرضعة أو مستحاضة، فإنه يجوز لها الجمع دفعاً لمشقة الطهارة عند كل صلاة، ومثل المستحاضة المعذور كمن به سلس بول، وكذا يباح الجمع المذكور للعاجز عن الطهارة بالماء أو التيمم لكل صلاة، وللعاجز عن معرفة الوقت كالأعمى والساكن تحت الأرض وكذا يباح الجمع لمن خاف على نفسه أو ماله أو عرضه، ولمن يخاف ضرراً يلحقه بتركه في معيشته؛ وفي ذلك سعة للعمال الذين يستحيل عليهم ترك أعمالهم.
وهذه الأمور كلها تبيح الجمع بين الظهر والعصر، أو المغرب والعشاء تقديماً وتأخيراً، ويباح الجمع بين المغرب والعشاء خاصة بسبب الثلج والبرد والجليد والوحل والريح الشديدة الباردة والمطر الذي يبل الثوب، ويترتب عليه حصول مشقة، لا فرق في ذلك بين أن يصلي بداره أو بالمسجد، ولو كان طريقه مسقوفاً، والأفضل أن يختار في الجمع ما هو أهون عليه من التقديم أو التأخير، فإن استوى الأمران عنده فجمع التأخير أفضل ويشترط لصحة الجمع تقديماً وتأخيراً أن يراعي الترتيب بين الصلوات، ولا يسقط هنا بالنسيان؛ كما يسقط في قضاء الفوائت الآتي بعد؛ ويشترط لصحة جمع التقدم فقط أربعة شروط:
الأول أن ينوي الجمع عند تكبيرة الإحرام في الصلاة الأولى؛
الثاني: أن لا يفصل بين الصلاتين إلا بقدر الإقامة والوضوء الخفيف، فلو صلى بينهما نافلة راتبة لم يصح الجمع؛
الثالث: وجود العذر المبيح للجمع عند افتتاحهما، وعند سلام الأولى؛
الرابع: أن يستمر العذر إلى فراغ الثانية؛ ويشترط لجمع التأخير فقط شرطان:
الأول: نية الجمع في وقت الصلاة الأولى، إلا إذا ضاق وقتها عن فعلها، فلا يجوز أن يجمعها مع الثانية حينئذ؛
الثاني: بقاء العذر المبيح للجمع من حين نية الجمع وقت الصلاة الأولى إلى دخول وقت الثانية

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #69  
قديم 05-07-2020, 03:49 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,632
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله


(2) الحنفية قالوا: تسقط الصلاة رأساً عن المغمى عليه والمجنون بشرطين:
الأول: أن يستمر الإغماء والجنون أكثر من خمس صلوات، أما إن استمر ذلك خمس صلوات فأقل، ثم أفاق وجب عليه قضاء ما فاته؛
الثاني: أن لا يفيق مدة الجنون أو الإغماء إفاقة منتظمة بأن لا يفيق أصلاً أو يفيق إفاقة متقطعة، فإذا أفاق إفاقة منتظمة في وقت معلوم، كوقت الصبح مثلاً، فإن إفاقته هذه تقطع المدة، ويطالب بالقضاء، ومن استتر عقله بدواء مباح كالبنج إذا استعمله بقصد التداوي لا بقصد السكر، فإنه يجب عليه القضاء على الراجح، وإذا طرأ عذر من الأعذار المسقطة للصلاة في آخر وقتها بحيث لم يبق من الوقت إلا ما يسع التحريمة، فلا يجب قضاء تلك الصلاة بعد زوال العذر، أما إذا زال العذر وقد بقي من الوقت ما يسع التحريمة، فإنه يجب عليه قضاء ذلك الفرض، إلا أن الحائض والنفساء إذا زال عذرهما بانقطاع الحيض والنفاس، فإن كان ذلك الانقطاع لأكثر المدة المحددة لكل منهما وجب عليهما قضاء الفرض إن بقي من الوقت ما يسع التحريمة فقط، كغيرهما، وإن كان الانقطاع لأقل المدة لا يجب عليهما القضاء إلا إذا بقي من الوقت ما يسع الغسل والتحريمة.
المالكية: زادوا على الأعذار المذكورة: السكر بالحلال، كأن شرب لبناً حامضاً وهو يعتقد أنه لا يسكر فسكر منه؛ وأما السكر بحرام فإنه لا يسقط القضاء، ولا ينتفي معه إثم تأخير الصلاة، ثم إن هذه الأعذار لها ثلاث حالات:
الأولى: أن تستغرق جميع وقت الصلاة الاختياري والضروري، كأن يحصل الإغماء مثلاً من زوالالشمس إلى غروبها، وفي هذه الحالة تسقط الصلاة ولا يجب قضاؤها بعد الإقامة،
الثانية: أن يطرأ العذر في أثناء الوقت، فإن طرأ وقد بقي ما يسع الصلاتين - الظهر والعصر مثلاً - ففي هذه الحالة تسقط الصلاتان معاً، وأن طرأ وقد بقي من الوقت ما يسع الصلاة الأخيرة فقط أو جزء منها أقله ركعة كاملة بسجدتيها سقطت الأخيرة وبقيت الأولى في ذمته يجب عليه قضاؤها بعد زوال العذر "ومقدار الزمن الذي يسع الصلاتين، وهو ما يسع خمس ركعات حضراً وثلاثاً سفراً بالنسبة للظهر والعصر، وما يسع أربع ركعات حضراً وسفراً بالنسبة للمغرب والعشاء، لأنه يعتبر للمغرب ثلاث ركعات ولو في السفر نظراً لكونها لا تقصر ويعتبر للعشاء ركعة واحدة، لأن الوقت يدرك بها، أما إن طرأ العذر، وقد بقي من الوقت أقل مما ذكر، فإن الوقت يختص بالصلاة الأخيرة، فيعتبر أن العذر طرأ في وقتها فقطن فتسقط دون الأولى، الثالثة، أن يرتفع العذر في آخر الوقت بعد وجوده، وفي هذه الحالة يسقط عن الشخص ما استغرق العذر، وقد بقي من الوقت بعد وجوده، وفي هذه الحالة يسقط عن الشخص ما استغرق العذر وقته من الصلوات السابقة، أما الصلاة التي ارتفع العذر في آخر وقتها فحكمها أنه إن ارتفع العذر، وقد بقي من الوقت زمن يسع الصلاتين بعد الطهارة وجب عليه قضاؤهما، وإن ارتفع وقد بقي منه ما يسع الصلاة الأخيرة فقط أو ركعة منها، كما تقدم، بعد الطهارة وجب عليه قضاءها وتسقط عنه الأولى لخروج وقتها حال
وجود العذر، لأن الوقت إذا ضاق اختص بالأخيرة.
ويتضح من هذا أن الطهارة تقدر في جانب إدراك الصلاة حين زوال العذر، ولا تعتبر في جانب السقوط عند طروه فمن زال عذره، وقد بقي من الوقت ما يسع ركعة من الصلاة بعد الطهارة وجبت، وإلا فلا، ومن طرأ عذره وقد بقي من الوقت ما يسع إدراك الصلاة ولو بدون الطهارة سقطت عنه الصلاة فلا يقضيها بعد زوال العذر، وكل ما تقدم من الأحكام إنما هو بالنسبة لمشتركي الوقت (الظهر والعصر والمغرب والعشاء) أما الصبح فإن زال العذر وقد بقي من وقتها الضروري ما يسع ركعة بعد الطهارة وجبت وإلا فلا، لأن الوقت لا يدرك إلا بركعة كاملة، كما تقدم، ويلاحظ في هذه الركعة أن يقرأ فيها الفاتحة قراءة معتدلة، وأن يطمئن ويعتدل فيها، ولا يلاحظ الإتيان بالسنن كالسورة، وإن طرأ العذر وقد بقي من وقت الصبح ما يسع ركعة ولو بدون طهارة سقطت وإلا وجب قضاؤها بعد زوال العذر لخروج وقتها قبل طروّه حكماً.
الحنابلة قالوا: إذا طرأ عذر من هذه الأعذار بعد أن مضى من أول الوقت زمن يسع تكبيرة الإحرام وجب قضاء الصلاة بعد زوال العذر، وإن ارتفعت وقد بقي من الوقت ما يسع ذلك وجبت الصلاة التي ارتفع العذر في وقتها والصلاة التي تجمع معها، كالظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، مثلاً إذا استمر الجنون وقتاً كاملاً، فلا يجب قضاء الصلاة؛ أما إذا طرأ بعد أن مضى من أول الوقت ما يسع تكبيرة الإحرام فإن الصلاة يجب قضاؤها، فإذا ارتفع الجنون قبل خروج الوقت بزمن يسع تكبيرة الإحرام وجب قضاء الصلاة التي ارتفع فيها والتي قبلها إن كانت تجمع معها، ومثل المجنون في ذلك الصبي إذا بلغ وقد بقي من الوقت ما يسع تكبيرة الإحرام، وقالوا: من استتر عقله بسكر محرم، أو حلال، أو دواء مباح، أو بمرض غير الجنون؛ فإنه يجب عليه قضاء ما فاته من الصلاة.
الشافعية قالوا: إن استمر الجنون وقتاً كاملاً، فلا يجب على المجنون قضاء الصلاة إن كان جنونه بلا تعد منه، وإلا وجب القضاء، ومثل المجنون في ذلك السكران غير المتعدي والمغمى عليه؛ أما إذا طرأ الجنون ونحوه، كالحيض بعد أن مضى من أول الوقت ما يسع الصلاة وطهرها بأسرع ما يمكن، فإنه يجب قضاء الصلاة، وإذا ارتفع العذر وكان الباقي من الوقت قدر تكبيرة الإحرام فأكثر وجب قضاء تلك الصلاة مع ما قبلها إن كانت تجمع معها، كالظهر مع العصر، بشرط أن يستمر ارتفاع العذر زمناً متصلاً يسع الطهر والصلاتين زيادة على ما يسع الصلاة المؤداة وطهرها.
هذا إذا كان الطهر بالوضوء، فإن كان بالتيمم فيشترط أن يسع قدر طهرين وصلاتين، فإن لم يسع إلا طهراً واحداً وصلاة واحدة لم تجب ما قبلها، وقالوا: إن المرتد لا تسقط عنه الصلاة زمن ردته، فإذا عاد إلى الإسلام وجب عليه قضاء ما فاته منها
(3) الشافعية قالوا: إنما يكون النسيان عذراً رافعاً لإثم التأخير إذا لم يكن ناشئاً عن تقصير، فإذا نسي الصلاة لاشتغاله بلعب (النرد أو المنقلة) أو نحو ذلك فإنه لا يكون معذوراً بذلك النسيان، ويأثم بتأخيرها عن وقتها
(4) الشافعية قالوا: إن كان التأخير بغير عذر وجب القضاء على الفور، وإن كان بعذر وجب على التراخي:
ويستثنى من القسم الأول أمور لا يجب فيها القضاء على الفور: منها تذكر الفائتة وقت خطبة الجمعة، فإنه يجب تأخيرها حتى يصلي الجمعة، ومنها ضيق وقت الحاضرة عن أن يسع الفائتة الت فاتت بغير عذر وركعة من الحاضرة، ففي هذه الحالة يجب عليه تقديم الحاضرة لئلا يخرج وقتها؛ ومنها لو تذكر فائتة بعد شروعه في الصلاة الحاضرة فإنه يتمها، سواء ضاق الوقت أو اتسع
(5) الحنفية قالوا: الاشتغال بصلاة النوافل لا ينافي القضاء فوراً، وإنما الأولى أن يشتغل بقضاء الفوائت ويترك النوافل إلا السنن الرواتب، وصلاة الضحى، وصلاة التسبيح، وتحية المسجد، والأربع قبل الظهر، والست بعد المغرب.
المالكية قالوا: يحرم على من عليه فوائت أن يصلي شيئاً من النوافل إلا فجر يومه والشفع والوتر إلا السنة كصلاة العيد، فإذا صلى نافلة غير هذه كالتراويح كان مأجوراً من جهة كون الصلاة في نفسها طاعة، وآثماً من جهة تأخير القضاء؛ ورخصوا في يسير النوافل كتحية المسجد، والسنن الرواتب.
الشافعية قالوا: يحرم على من عليه فوائت يجب عليه قضاؤها فوراً، وقد تقدم ما يجب فيه الفور - أن يشتغل بصلاة التطوع مطلقاً، سواء كانت راتبة أو غيرها حتى تبرأ ذمته من الفوائت.
الحنابلة قالوا: يحرم على من عليه فوائت أن يصلي النفل المطلق، فلو صلاه لا ينعقد؛ وأما النفل المقيد كالسنن الرواتب والوتر، فيجوز له أن يصليه في هذه الحالة، ولكن الأولى له تركه إن كانت الفوائت كبيرة؛ ويستثنى من ذلك سنة الفجر؛ فإنه يطلب قضاؤها ولو كثرت الفوائت لتأكدها وحث الشارع عليها
(6) الحنابلة، والشافعية قالوا: إن كان مسافراً وفاتته صلاة رباعية قضاها ركعتين إن كان القضاء في السفر؛ أما إن كان في الحضر فيجب قضاؤها أربعاً، لأن الأصل الإتمام، فيجب الرجوع إليه في الحضر
(7) الشافعية قالوا: العبرة بوقت القضاء سراً أو جهراً، فمن صلى الظهر قضاء ليلاً جهر، ومن صلى المغرب قضاء نهاراً أسر.
الحنابلة قالوا: إذا كان القضاء نهاراً فإنه يسر مطلقاً، سواء أكانت الصلاة سرية أم جهرية، وسواء أكان إماماً أو منفرداً؛ وإن كان القضاء ليلاً فإنه يجهر في الجهرية إذا كان إماماً لشبه القضاء الأداء في هذه الحالة، أما إذا كانت سرية فإنه يسر مطلقاً، وكذا إذا كانت جهرية وهو يصلي منفرداً فإنه يسر
(8) الحنفية قالوا: الترتيب بين الفوائت بعضها مع بعض وبين الفائتة والوقتية لازم، فلا يجوز أداء الوقتية قبل قضاء الفائتة، ولا قضاء فائتة الظهر قبل قضاء فائتة الصبح مثلاً، وكذلك الترتيب بين الفرائض والوتر، فلا يجوز أداء الصبح قبل قضاء فائتة الصبح مثلاً، وكذلك الترتيب بين الفرائض والوتر، فلا يجوز أداء الصبح قبل قضاء فائتة الوتر؛ كما لا يجوز أداء الوتر قبل أداء العشاء، وإنما يجب الترتيب إذا لم تبلغ الفوائت ستاً غير الوتر، فلو كانت عليه فوائت أقل من ست صلوات وأراد قضاءها يلزمه أن يقضيها مرتبة، فيصلي الصبح قبل الظهر، والظهر قبل العصر، وهكذا، فلو صلى الظهر قبل الصبح فسدت صلاة الظهر ووجبت عليه إعادتها بعد قضاء فائتة الصبح، وكذا إذا صلى العصر قبل الظهر، وهلم جراً؛ أما إذا بلغت الفوائت ستاً غير الوتر، فإنه يسقط عنه حينئذ الترتيب، كما سنذكره، وكذا لو كان عليه فوائت أقل من ست وأراد قضاءها والخامسة، ومتى خرج وقت الخامسة ولم يقض الفائتة الأولى صحت الصلوات التي صلاها جميعاً وعليه أن يقضي الفائتة فقط، لأنها صارت كالفوائت يسقط بها الترتيب؛ لأن مراعاة الترتيب بين الفائتة والوقتية كما يسقط بكثرة الفوائت يسقط بكثرة المؤدى، أما إذا قضى الفائتة قبل خروج وقت الخامسة انقلبت الصلوات التي صلاها كلها نفلاً ولزمه قضاؤها، فلو فاتته صلاة الصبح ثم صلى الظهر بعدها وهو ذاكر فسدت صلاة الظهر فساداً موقوفاً، فلو صلى العصر قبل قضاء الصبح وقعت صلاة العصر اليوم الأول قبل ذلك فسدت فرضية كل ما صلاه، وانقلب نفلاً ولزمه إعادته، وإلا صح كل ما صلاه ولزمه فقط إعادة الفائتة التي عليه وحدها، ومن تذكر فائتة أو أكثر في أثناء أداء صلاته انقلبت صلاته نفلاً وأتمها ركعتين ثم يقضي ما فاته مراعياً الترتيب بين الفوائت، وبينها وبين
الوقتية، أما إذا تذكر صلاة الصبح وهو يصلي الجمعة، فإن لم يخف فوت وقت الجمعة أتى بصلاة الفائتة ثم صلى الوقتية جمعة أو ظهراً، وإن خاف فوت وقت الجمعة أتمها ثم أتى بالفائتة، ويسقط الترتيب بثلاثة أمور:
الأول: أن تصير الفوائت ستاً، كما ذكر ولا يدخل الوتر في العدد المذكور،
الثاني: ضيق الوقت عن أن يسع الوقتية الفائتة،
الثالث: نسيان الفائتة وقت الأداء، لأن الظهر إنما يجيء من حلول وقتها قبل الوقتية، والفائتة عند نسيانها لم يوجد وقتها لعدم تذكرها، فلا تزاحم الوقتية، وقد قال صلى الله عليه وسلم:
"رفع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه".
المالكية قالوا: يجب ترتيب الفوائت في نفسها، سواء كانت قليلة أو كثيرة بشرطين:
أن يكون متذكراً للسابقة، وأن يكون قادراً على الترتيب، بأن لا يكره على عدمه وهذا الوجوب غير شرطي، فلو خالفه لا تبطل المقدمة على محلها، ولكنه يأثم ولا إعادة عليه للصلاة المقدمة لخروج وقتها بمجرد فعلها: ويجب أيضاً بالشرطين السابقين ترتيب الفوائت اليسيرة مع الصلاة الحاضرة، والفوائت اليسيرة ما كان عددها خمساً فأقل، فيصليها قبل الحاضرة، ولو ضاق وقتها فإن قدم الحاضرة عمداً صحت مع الإثم، ويندب له إعادتها بعد قضاء الفوائت إذا كان وقتها باقياً ولو الوقت الضروري، وقد تقدم بيانه في مبحث "أوقات الصلاة"، أما إن قدمها ناسياً أن عليه فوائت، ولم يتذكر حتى فرغ منها، فإنها تصخ ولا إثم، وأعاد الحاضرة ندباً، كما تقدم، وأما لو تذكر الفوائت اليسيرة في أثناء المحاضرة، فإن كان تذكره قبل تمام ركعة منها بسجدتيها قطعها وجوباً ورجع للفوائت، سواء كان منفرداً أو إماماً، ويقطع مأمومه تبعاً له، فإن كان مأموماً وتذكر في الحاضرة أن عليه فوائت يسيرة فلا تقطع صلاته نظراً لححق الإمام، وندب له أن يعيدها بعد قضاء الفوائت إن كان وقتها باقيا، ولو الضروري؛ وإن كان التذكر بعد تمام ركعة بسجدتيها ضم إليها ركعة أخرى ندباً وجعلها نافلة وسلم ورجع للفوائت، وإن كان التذكر بعد صلاة ركعتين من الثنائية أو الثلاثية أو بعد ثلاث من الرباعية أتمها ثم يصلي الفوائت ثم يعيد الحاضرة ندباً في الوقت إن كان باقياً، وإذا تذكر يسير الفوائت وهو في نفل أتمه مطلقاً، إلا إذا خاف خروج وقت حاضرة لم يكن صلاها ولم يعقد من النفل ركعة، فيقطعه حينئذ؛ وأما إذا كانت الفوائت أكثر من خمس فلا يجب تقديمها على الحاضرة، بل يندب تقديم الحاضرة عليها إن اتسع وقتها، فإن ضاق قدمها وجوباً،
ويجب وجوباً شرطياً ترتيب الحاضرتين المشتركتي الوقت، وهما الظهر والعصر والمغرب والعشاء، سواء كانتا مجموعتين أولا، بأن يصلي الظهر قبل العصر، والمغرب قبل العشاء فإن خالف بطلت المقدمة على محلها، إلا إذا أكره على التقديم، أو كان التقديم نسياناً، فإنها تصح إن لم يتذكر الأولى حتى فرغ من الثانية، وأعادها ندباً بعد أن يصلي الأولى إن كان الوقت باقياً ولو الضروري؛ أما إذا تذكر الأولى في أثناء الثانية، فحكمه حكم من تذكر يسير الفوائت في الصلاة الحاضرة على المعتمد، فيقطع إن عقد ركعة، ويندب له أن يضم إليها أخرى، ويجعلها نفلاً إن عقدها، إلى آخر ما تقدم تفصيله.
الحنابلة قالوا: ترتيب الفوائت في نفسها واجب، سواء كانت قليلة أو كثيرة، فإذا خالف الترتيب، كأن صلى العصر الفائتة قل الظهر الفائتة لم تصح المتقدمة على محلها، كالعصر في المثال السابق إن خالف وهو متذكر للسابقة، فإن كان ناسياً أن عليه الأولى فصلى الثانية ولم يتذكر الأولى حتى فرغ منها صحت الثانية؛ أما إذا تذكر الأولى في أثناء الثانية كانت الثانية باطلة.
وترتيب الفوائت مع الصلاة الحاضرة واجب إلا إذا خاف فوات وقت الحاضرة ولو الاختياري، فيجب تقديمها على الفوائت، وتكون صحيحة، كما تصح إذا قدمها على الفوائت ناسياً أن عليه فوائت ولم يتذكر حتى فرغ من الحاضرة؛ وترتيب الصلاتين الحاضرتين واجب أيضاً بشرط التذكر للأولى على ما تقدم من التفصيل بتمامه، فإذا كان مسافراً، وأراد أن يجمع بين الظهر والعصر في وقت العصر مثلاً وجب عليه أن يقدم الظهر على العصر، فإذا خالف وكان متذكراً للظهر ولو في اثناء العصر بطلت، وإن استمر ناسياً للظهر حتى فرغ من صلاة العصر صحت، ولا يسقط الترتيب بجهل وجوبه، ولا بخوف فوت الجماعة، فمن فاتته صلاة الصبح وصلاة العصر فصلى الظهر قبل الصبح جاهلاً وجوب الترتيب بينهما ثم صلى العصر في وقتها صحت صلاة العصر، لاعتقاده عدم وجوب الترتيب بينهما ثم صلى العصر في وقتها صحت صلاة العصر، لاعتقاده عدم وجوب الترتيب بينهما ثم صلى العصر في وقتها صحت صلاة العصر، لاعتقاده عدم وجوب صلاة عليه حال صلاة العصر، ويجب عليه إعادة الظهر.
الشافعية قالوا: ترتيب الفوائت في نفسها سنة، سواء كانت قليلة أو كثيرة، فلو قدم بعضها على بعض صح المقدم على محله، وخالف الستة، والأولى إعادته، فمن صلى العصر قبل الظهر أو صلى ظهر الخميس القضاء قبل ظهر يوم الأربعاء الذي قبله صح، وترتيب الفوائت مع الحاضرة سنة أيضاً بشرطين:
الأول: أن لا يخشى فوات الحاضرة - وفواتها يكون بعدم إدراك ركعة منها في الوقت؛
الثاني: أن يكون متذكراً للفوائت قبل الشروع في الحاضرة، فإن لم يتذكرها حتى شرع فيها أتمها، ولا يقطعها للفوائت، ولو كان وقتها متسعاً؛ وإذا شرع في الفائتة قبل الحاضرة معتقداً سعة الوقت، فظهر له بعد الشروع فيها أنه لو أتم الفائتة خرج وقت الحاضرة فإما أن يقطعها، وإما أن يقلبها نفلاً، ويسلم ليدرك الحاضرة في الصلاتين، وهو الأفضل، وترتيب الحاضرتين المجموعتين تقديماً واجب، وفي المجموعتين تأخيراً سنة، كما تقدم



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #70  
قديم 05-07-2020, 03:50 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,632
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله

الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الاول
[كتاب الصلاة]
صـــــ 450 الى صــــــــ462
الحلقة (63)

[إذا كان على المكلف فوائت لا يدري عددها]

من عليه فوائت لا يدري عددها يجب عليه أن يقضي حتى يتيقن براءة ذمته، عند الشافعية، والحنابلة؛ وقال المالكية،
والحنفية:
يكفي أن يغلب على ظنه براءة ذمته، ولا يلزم عند القضاء تعيين الزمن، بل يكفي تعيين المنوي كالظهر أو العصر مثلاً، وخالف الحنفية، فانظر مذهبهم تحت الخط (1) .
[هل تقضى الفائتة في وقت النهي عن النافلة؟]
تقضي الفائتة في جميع الأوقات ولو في وقت النهي عن صلاة النافلة، على تفصيل في المذاهب، فانظره تحت الخط (2) .
[مباحث صلاة المريض]
[كيف يصلي]
من كان مريضاً لا يستطيع أن يصلي الصلاة المفروضة قائماً صلى قاعداً، فإذا أمكنه القيام ولكن يلزم من قيامه حدوث مرض آخر أو زيادة مرضه أو تأخر شفائه فله أن يصلي قاعداً أيضاً، وإذا كان مرضه سلس البول مثلاً، وعلم أنه لو صلى قائماً نزل منه البول، وإن صلى قاعداً بقي على طهارته، فإنه يصلي أيضاً قاعداً، وكذلك الصحيح الذي علم بتجربة أو غيرها أنه إذا صلى نائماً أصابه إغماء أو دوار في رأسه، فإنه يصلي من جلوس، ويجب إتمام الصلاة بركوع وسجود في جميع ما تقدم، وإذا عجز عن القيام استقلالاً، ولكنه يقدر عليه مستنداً على حائط أو عصا، أو نحو ذلك تعين عليه القيام مستنداً، ولا يجوز له الجلوس، باتفاق الحنفية، والحنابلة؛ وخالف المالكية، والشافعية، فانظر مذهبيهما تحت الخط (3) .
وإذا قدر على بعض القيام، ولو بقدر تكبيرة الإحرام تعين عليه أن يقوم بالقدر المستطاع، ثم يصلي من جلوس بعد ذلك؛ والصلاة من جلوس تكون بدون استناد إلى شيء حال الجلوس متى قدر، فإن لم يقدر على الجلوس إلا مستنداً تعين عليه الاستناد، ولا يجوز له الاضطجاع، فإن عجز عن الجلوس بحالتيه صلى مضطجعاً أو مستلقياً، على تفصيل في المذاهب، فانظره تحت الخط (4) .
كيف يجلس المصلي قاعداًيندب لمن يصلي قاعداً لعجزه عن القيام أن يكون متربعاً، عند المالكية، والحنابلة؛ وخالف الحنفية، والشافعية، وللجميع تفصيل، فانظره تحت الخط (5) .
[إذا عجز عن الركوع والسجود]
إذا عجز عن الركوع والسجود أو عن أحدهما صلى بالإيماء ما عجز عنه، فإن قدر على القيام والسجود، وعجز عن الركوع فقط، فإنه يجب عليه أن يقوم للإحرام والقراءة، ويومئ للركوع ثم يسجد، وإن قدر على القيام مع العجز عن الركوع والسجود كبر الإحرام وقرأ قائماً، ثم أومأ للركوع من قيام، وللسجود من جلوس، فلو أومأ للسجود من قيام، أو للركوع من جلوس بطلت صلاته إلا عند الحنفية، فانظر مذهبهم تحت الخط (6) ، وإن لم يقدر على القيام أومأ للركوع والسجود من جلوس، ويكون إيماؤه للسجود أخفض من إيمائه للركوع وجوباً، وإن قدر على القيام ولم يقدر على الجلوس، وعجز عن الركوع والسجود أومأ لهما من قيام ولا يسقط القيام متى قدر عليه بالعجز عن السجود، إلا عند الحنفية، فانظر مذهبهم تحت الخط (7) ، ويكون إيماؤه للسجود أخفض من إيمائه للركوع وجوباً، وإن لم يقدر على شيء من أفعال الصلاة إلا بأن يشير إليه بعينه، أو يلاحظ أجزاءها بقلبه وجب عليه ذلك، ولا تسقط ما دام عقله ثابتاً، فإن قدر على اشارة بالعين، فلا بد منها، ولا يكفيه مجردا استحضار الأجزاء بقلبه خلافاً للحنفية فانظر مذهبهم تحت الخط (8) .
ويكره لمن فرضه الإيماء أن يرفع شيئاً يسجد عليه، فلو فعل وسجد عليه يعتبر مومياً في هذه الحالة، فلا يصح أن يقتدي به من هو أقوى حالاً منه، خلاف الشافعيةن فانظر مذهبهم تحت الخط (9) ، وإذا برأ المريض في أثناء الصلاة بنى على ما تقدم منها وأتمها بالحالة التي قدر عليها. باتفاق، وللحنفية تفصيل تحت الخط (10) .
[مباحث الجنائز]
[ما يفعل بالمحتضر]

يسن أن يوجه من حضرته الوفاة إلى القبلة بأن يجعل على جنبه الأيمن ووجه لها إن لم يشق ذلك وإلا وضع على ظهره ورجلاه للقبلة، ولكن ترفع رأسه قليلاً ليصير وجهه لها،
وقال:
المالكية هذا الوضع مندوب لا سنة، ويستحب أن يلقن الشهادة بأن تذكر عنده ليقولها،
لقوله صلى الله عليه وسلم:
"لقنوا موتاكم لا إله إلا الله، فإنه ليس مسلم يقولها عند الموت إلا أنجته من النار" وهذا الحديث رواه أبو حفص بن شاهين في كتاب "الجنائز" عن ابن عمر مرفوعاً،
وروى مسلم عن أبي هريرة:
"لقنوا موتاكم شهادة أن لا إله إلا الله"،
ولا يقال له:
قل، لئلا يقول: لا، فيساء به الظن، ولا يلح عليه متى نطق بها مخافة أن يضجر، إلا إذا تكلم بكلام أجنبي بعد النطق بها، فإنه يعاد له التلقين ليكون النطق بها مخافة أن يضجر، إلا إذا تكلم بكلام أجنبي بعد النطق بها، فإنه يعاد له التلقين ليكون النطق بها آخر كلامه من الدنيا، ويستحب تلقينه أيضاً بعد الفراغ من دفنه وتسوية التراب عليه،
والتلقين هنا هو أن يقول الملقن مخاطباً للميت:
يا فلان ابن فلانة، إن كان يعرفه، وإلا نسبه إلى حواء عليها السلام،
ثم يقول بعد ذلك:
اذكر العهد الذي خرجت عليه من الدنيا، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأن الجنة حق، وأن النار حق، وأن البعث حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من القبور، وأنك رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً، وبالقرآن إماماً، وبالكعبة قبلة وبالمؤمنين إخواناً، وهذا التلقين مستحب عند الشافعية والحنابلة؛ وخالف المالكية، والحنفية فانظر مذهبيهما تحت الخط (11) .
ويندب أن يدخل عليه حال احتضاره أحسن أهله وأصحابه، وكثرة الدعاء له وللحاضرين، ويندب غبعاد الحائض والنفساء والجنب وكل شيء تكرهه الملائكة كآلة اللهو، ويندب أن يوضع عند طيب. ويستحب أن يقرأ عند سورة {يس} لما ورد في الخبر "ما من مريض يقرأ عند {يس} إلا مات ريان، وأدخل قبره ريان، وحشر يوم القيامة ريان"، رواه أبو داود، وهذا الحكم متفق عليه، إلا عند المالكية، فانظر مذهبهم تحت الخط (12) ، على أنه ينبغي للقارئ أن يقرأها سراً كي لا يزعج المحتضر، أما بعد موته فلا يقرأ عنده شيء باتفاق، ويندب للمحتضر أن يحشن ظنه بالله تعالى،
لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله أن يرحمه ويعفو عنه"،
وفي الصحيحين: قال الله تعالى: {أنا عند ظن عبدي بي} . ويندب لمن يكون عند المحتضر أن يحمله على تحسين ظنه بالله تعالى.
ويسن تغميض عينيه،
وأن يقول مغمضة:
بسم الله، وعلى ملة رسول الله، اللهم اغفر له، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، عليه، إلا عند المالكية،
فإنهم يقولون: إن تغميض العينين مندوب لا سنة، وإن الدعاء، وهو بسم الله وعلى ملة رسول الله، الخ، ليس بمطلوب عندهم.
[مبحث ما يفعل بالميت قبل غسله]
إذا مات المحتضر يندب شد لحييه بعصابة عريضة تربط من فوق رأسه وتليين مفاصله برفق، ورفعه عن الأرض، وستره بثوب صوناً له عن الأعين بعد نزع ثيابه التي قبض فيها، إلا عند المالكية، فإن لهم في ذلك تفصيلاً تحت الخط (13) ، ويجب الانتظار بتجهيزه حتى يتحقق موته، وبعد التحقق من الموت ينبغي الإسراع بتجهيزه ودفنه؛ ويستحب إعلام الناس بموته، ولو بالنداء في الأسواق ليشهدوا جنازته من غير إفراط في المدح،
بأن يقول مثلاً:
مات الفقير إلى الله تعالى فلان ابن فلان، فاسعوا في جنازته، وهذا متفق عليه، إلا عند الحنابلة،
فإنهم يقولون:
إن الإعلام مباح، ويكره رفع الصوت به، ووافقهم المالكية على كراهة رفع الصوت به، والمناسب لمذهبيهما أن يكون الإعلام بطريق الإعلانات في الصحف ونحوها مما يفعل في زماننا.
[مبحث غسل الميت - حكمه]
غسل الميت فرض كفاية على الأحياء، إذا قم به البعض سقط عن الباقين، والمفروض غسله مرة واحدة بحيث يعم بها جميع بدنه، أما تكرار غسله وتراً فهو سنة، كما يأتي في مبحث "كيفية الغسل" باتفاق، إلا عند المالكية،
فإنهم قالوا:
تكرار الغسل وتراً مندوب لا سنة.[شروط غسل الميت]ويشترط لفريضة غسل الميت شروط:
الأول: أن يكون مسلماً، فلا يفترض تغسيل الكافر، بل يحرم، باتفاق ثلاثة،
وقال الشافعية:
إنه ليس بحرام، لأنه للنظافة لا للتعبد؛
الثاني:
أن لا يكون سقطاً، فإنه لا يفترض غسل السقط، على تفصيل في المذاهب، فانظره تحت الخط (14) ؛
الثالث:
أن يوجد من جسد الميت مقدار، ولو كان قليلاً، باتفاق الشافعية،والحنابلة؛ وخالف الحنفية، والمالكية، فانظر مذهبيهما تحت الخط (15) ؛
الرابع:
أن لا يكون شهيداً قتل في إعلاء كلمة الله، كما سيأتي في مبحث "الشهيد" لقوله صلى الله عليه وسلم في قتلى أحد: "لا تغسلوهم، فإن كل جرح أو كل دم يفوح مسكاً يوم القيامة، ولم يصل عليهم"، رواه أحمد، ويقوم التيمم مقام غسل الميت عند فقد الماء أو تعذر الغسل، كأن مات حريقاً، ويخشى أن يتقطع بدنه إذا غسل بذلك أو بصب الماء عليه بدون دلك، أما إن كان لا يتقطع بصب الماء فلا ييمم، بل يغسل بصب الماء بدون دلك.
[حكم النظر إلى عورة الميت ولمسها وتغسيل الرجال النساء، وبالعكس]
يجب ستر عورة الميت، فلا يحل للغاسل ولا غيره أن ينظر إليها، وكذلك لا يحل لمسها، فيجب أن يلف الغاسل على يده خرقة ليغسل بها عورته، سواء كانت مخففة أو مغلظة؛ أما باقي بدنه فيصح للغاسل أن يباشر بدون خرقة، وهذا متفق عليه،
إلا أن الحنابلة يقولون:
إنه يندب لف خرقة لغسل باقي البدن،
وفي قول صحيح للحنفية:
إن لمس العورة المخففة من الميت غير محرم، ولكن يطلب سترها وعدم لمسها، ولا يحل للرجال تغسيل النساء، وبالعكس، إلا الزوجين، فيحل لكل منهما أن يغسل الآخر إلا إذا كانت المرأة مطلقة ولو طلاقاً رجعياً، فإنه لا يحل لأحد الزوجين غسل الآخر حينئذ، وهذا الحكم متفق عليه بين المالكية، والشافعية؛ أما الحنفية، والحنابلة، فانظر مذهبيهما تحت الخط (16) ، فإذا ماتت امرأة بين رجال ليس معهم امرأة غيرها أو زوج لها وتعذر إحضار امرأة تغسلها كأن ماتت في طريق سفر منقطع ففي ذلك تفصيل المذاهب، فانظره تحت الخط (17)
فإن كان الميت صغيراً جاز للنساء تغسيله، وإن كانت صغيرة جاز للرجال تغسلها، وفي حد الصغير والصغيرة المذكورين التفصيل المتقدم في مبحث "ستر العورة"؛ وفي تغسيل الخنثى المشكل تفصيل المذاهب، فانظره تحت الخط (18) .
[مندوبات غسل الميت وتكرار الغسلات إلى ثلاث]
تندب في غسل الميت أشياء.
أحدها:
تكرار الغسلات إلى ثلاث. بحيث تعم كل غسلة منها جميع بدن الميت، بالكيفية الآتي بيانها، وإحدى الغسلات الثلاث التي تعم جميع البدن فرض، والغسلتان اللتان بعدها مندوبتان، باتفاق ثلاثة،
وخالف الحنفية فقالوا:
إن الغسلتين. مسنونتين، وقد يوافقهم على ذلك الشافعية، والحنابلة، إذ لا فرق عندهم بين المندوب والمسنون، ومتى غسل الميت ثلاث غسلات عمت كل غسلة منها جميع بدنه، ونظف بدنه بها، فإنه يكره أن يزاد عليها، كما يكره أن ينقص عنها، ولو نظف بأقل من الثلا باتفاق، أما إذا لم ينظف البد بالثلاث المذكورة المستوعبة لجميع البدن، فإنه يندب أن يزاد عليها حتى ينظف البدن بدون عدد معين، ولكن يندب أن تنتهي الزيادة إلى وتر، فإن حصل تنظيف البدن بأربع زيد عليها خامسة، وهكذا؛ وهذا الحكم متفق عليه عند الشافعية، والحنفية، أما المالكية، والحنابلة، فانظر مذهبيهما تحت الخط (19) .
[حكم خلط ماء الغسل بالطيب ونحوه]
ثاني المندوبات:
أن يجعل في ماء السغلة الأخيرة كافور ونحوه من الطيب، إلا أن الكافرو أفضل، أما غير الغسلة الأخيرة فيندب أن يكون بماء فيه ورق نبق ونحوه مما ينظف كالصابون، وإنما يوضع الطيب في ماء غسل الميت إذا لم يكن متلبساً بالإحرام - للحج -، أما المتلبس بالإحرام فإنه لا يوضع في ماء غسله طيب، كما لو كان حياً، وهذا متفق عليه عند الحنابلةن والشافعية، أما المالكية، والحنفية، فانظر مذهبيهما تحت الخط (20) .
[تسخين ماء الغسل]
ثالث المندوبات: أن يغسل بالماء البارد إلا لحاجة، كشدة برد، أو إزالة وسخ، وهذا متفق عليه عند الشافعية، والحنابلة،
أما المالكية فقالوا:
لا فرق بين أن يكون الماء بارداً أو ساخناً؛
وأما الحنفية فقالوا:
الماء الساخن أفضل على كل حال.
[تطييب رأس الميت ولحيته]
رابعها: رأس الميت ولحيته بعد تمام الغسل بطيب، بشرط أن لا يكون الطيب زعفران، وأن يوضع الطيب على الأعضاء التي يسجد عليها، وهي الجبهة والأنف واليدان والركبتان والقدمان، وكذلك يوضع الطيب على عينيه وأذنيه وتحت إبطيه. والأفضل أن يكون الطيب كافوراً، وهذا كله إذا لم يكن متلبساً بالإحرام، وغلا فلا يطيب، وهذا الحكم متفق عليه إلا عند المالكية،
فإنهم قالوا:
وضع الطيب على رأس الميت ولحيته ليس بمندون.
[إطلاق البخور عند الميت، وتجريده من ثيابه عند الغسل]
خامس المندوبات:
إطلاق البخور عند الميت على تفصيل في المذاهب، فانظره تحت الخط (21) .
سادسها: أن يجرد الميت عند غسله من ثيابه ما عدا ساتر العورة، باتفاق ثلاثة، وخالف الشافعية،
فانظر مذهبهم تحت الخط (الشافعية قالوا:
يندب تغسيل الميت في قميص رقيق لا يمنع وصول الماء، فإن أمكن أن يدخل الغاسل يديه في كمه الواسع فذاك، وإن لم يمكن شقه من الجانبين
(1) الحنفية قالوا: لا بد من تعيين الزمن فينوي أول ظهر عليه أدرك وقته ولم يصله وهكذا، أو ينوي آخر ظهر عليه كذلك
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 349.81 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 343.96 كيلو بايت... تم توفير 5.85 كيلو بايت...بمعدل (1.67%)]