شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله - الصفحة 55 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         5 زيوت طبيعية تساعدك في إزالة رائحة اللحوم من اليدين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 84 )           »          حلول وخطوات فعالة للتخلص من رائحة الأضحية فى المنزل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 67 )           »          أفضل طريقة لتنظيف الممبار فى منزلك بخطوات سريعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 61 )           »          5 تريكات عشان تستمتع بمكسرات العيد طازة ولذيذة.. من الشراء للتخزين والتقديم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 95 )           »          خطبة عيد الأضحى: العيد وثمار الأمة الواحدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 86 )           »          خطبة العيد فرح وعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 66 )           »          كتاب مداخل إعجاز القرآن للأستاذ محمود محمد شاكر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 25 - عددالزوار : 1497 )           »          الآلئ والدرر السعدية من كلام فضيلة الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 64 )           »          المرأة والأسرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 68 - عددالزوار : 9989 )           »          تحت العشرين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 68 - عددالزوار : 11782 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #541  
قديم 24-05-2022, 01:09 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,535
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الجنائز

(326)

- باب النياحة على الميت



ورد النهي عن النياحة على الميت، وهي رفع الصوت، أما البكاء فجائز، وجاءت الأحاديث أن من نيح عليه وهو راض بذلك فإنه يعذب ببكاء أهله عليه.

النياحة على الميت



شرح حديث قيس بن عاصم: (لا تنوحوا علي فإن رسول الله لم ينح عليه)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [النياحة على الميت.أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا خالد حدثنا شعبة عن قتادة عن مطرف عن حكيم بن قيس أن قيس بن عاصم رضي الله تعالى عنه قال: (لا تنوحوا علي فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينح عليه، مختصر)].
يقول النسائي رحمه الله: النياحة على الميت.
أي أنها غير سائغة وغير جائزة، وقد جاءت الأحاديث في تحريمها ومنعها، وبيان أن في ذلك خطورة، وقد عرفنا من قبل أن البكاء الذي ليس معه رفع صوت، وليس معه نياحة لا بأس به، وقد فعله الرسول صلى الله عليه وسلم لما مات ابنه إبراهيم، وكذلك لما ماتت ابنة لإحدى بناته، وكذلك فعل بين يديه كما جاء عن جابر رضي الله عنه أنه بكى عندما توفي أبوه في سبيل الله عز وجل، فالبكاء الذي ليس معه صوت هذا جاءت به السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو الذي فيه حزن القلب، ودمع العين كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لما مات ابنه إبراهيم: (إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون).
وأما النياحة التي فيها رفع صوت وفيها إظهار التفجع على الميت، فهذا ورد فيه أحاديث تدل على منعه، بل ورد ما يدل على اللعن لمن هي الصالقة؛ وهي: التي ترفع صوتها عند المصيبة: (لعن الله الصالقة، والحالقة، والشاقة) كما سيأتي في الأحاديث، والنياحة من الكبائر، وأما البكاء فإنه سائغ وجائز للأدلة التي عرفناها من قبل.
وقد أورد النسائي في هذه الترجمة عدة أحاديث أولها: حديث قيس بن عاصم التميمي رضي الله تعالى عنه، أنه قال: [لا تنوحوا عليّ فإن النبي عليه الصلاة والسلام لم ينح عليه] فهو ينهى عن النياحة، ويخبر بأن النبي عليه الصلاة والسلام وهو خير البشر وهو سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام ما نيح عليه؛ لأن أصحابه رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم يعلمون ما جاء عنه من النهي عن النياحة والتحذير منها، وهذا يدلنا على منع النياحة، ويدلنا على فضل هذا الرجل الذي نهى أن يناح عليه، وقد عرفنا من قبل أن ما جاء في بعض الأحاديث: (إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه) أن المقصود من ذلك: إذا كان برغبة منه، وبوصية منه، وكونه يعجبه ذلك ويسره، ويريده من الناس أن ينوح عليه، فهذا هو الذي يعذب؛ لأنه متسبب وهم يفعلون ذلك تحقيقاً لرغبته، فهو يأثم ويعاقب على ذلك ويعذب في قبره؛ لأنه متسبب في ذلك.
أما قيس بن عاصم رضي الله عنه فإنه ينهى أن يناح عليه حتى لا يحصل العذاب للذين ينوحون، والذين يحصل منهم المخالفة لما جاء عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في ذلك.

تراجم رجال إسناد حديث: (لا تنوحوا علي فإن رسول الله لم ينح عليه)

قوله:
[أخبرنا محمد بن عبد الأعلى].
هو البصري، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأبو داود في القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.

[حدثنا خالد].
هو خالد بن الحارث البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[حدثنا شعبة].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

[عن قتادة].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[عن مطرف].
هو مطرف بن عبد الله بن الشخير البصري، وهو ثقة أيضاً، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[عن حكيم بن قيس].
هو حكيم بن قيس بن عاصم المنقري قيل: إنه ولد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وعده بعض من ألف في الصحابة، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد، والنسائي.

[عن أبيه].
هو قيس بن عاصم بن سنان المنقري التميمي وهو صحابي، مشهور بالحلم، ومعروف بالفضل، وهو الذي رثاه أحد الشعراء بأبيات منها البيت المشهور الذي يعتبر بمثابة حكمة، ومثلاً يضرب في عظم منزلة الرجل، وعلو شأنه، وهو قول الشاعر يرثيه لما مات يقول:
وما كان قيس هلكه هلك واحد ولكنه بنيان قوم تهدما
فهو يصف هذا المصاب، وأن موت هذا الرجل ليس موت رجل واحد، ولكنه بمثابة البنيان للناس الذي تهدم، ومعناه: أن شأنه كبير، ومنزلته عالية رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وقد قال عنه الحافظ أنه صحابي مشهور بالحلم، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.


شرح حديث: (أن رسول الله أخذ على النساء حين بايعهن أن لا ينحن ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن ثابت عن أنس رضي الله تعالى عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ على النساء حين بايعهن أن لا ينحن، فقلن: يا رسول الله! إن نساء أسعدننا في الجاهلية أفنسعدهن؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا إسعاد في الإسلام)].هنا أورد النسائي حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه وأرضاه، أن النبي عليه الصلاة والسلام لما بايع النساء كان من جملة ما بايعهن عليه [أن لا ينحن]، أي: أن لا تحصل منهن النياحة، وقد خصت النساء بذلك؛ لأنهن اللاتي يغلب عليهن الجزع، ويختلفن عن الرجال في ذلك؛ فالرجال أكثر منهن صبراً، وأشد منهن قوة على الصبر، بخلاف النساء فإن عندهن ضعف، ولهذا جاءت السنة في نهي النساء عن زيارة القبور؛ لأنه يحصل منهن عدم الصبر، وقد يحصل منهن عند تذكر الميت، وعند رؤية القبر ما يعود عليهن بالمضرة، وجاء في بعض الأحاديث التنصيص على النساء في لعن من حصل منهن ذلك: (لعن الله الصالقة، والحالقة، والشاقة) مع أن الرجال كذلك وجد منهم، لكن لما كان الغالب أن مثل هذه الأمور تحصل من النساء لضعفهن، وقلة صبرهن، وعدم قدرتهن على ما يقدر عليه الرجال جاء تخصيصهن في بعض الأمور؛ مثل كونهن عند البيعة أن لا ينحن، مع أن الرجال ما كان معروف أنه يؤخذ عليهم هذا عند البيعة؛ لأن الرجال عندهم قوة وعندهم صبر بخلاف النساء لا يصبرن كما يصبر الرجال، فأخذ عليهن أن لا ينحن، فلما أخذ عليهن أن لا ينحن قال بعضهن: [إن نساء أسعدننا]، معناه: أنه حصل مصيبة وجئن ونحن معنا، يعني: تضامناً معنا ومشاركةً لنا في المصاب، وإظهار الحزن على المصاب، وكان عندهم في الجاهلية أن الواحدة إذا عملت هذا مع الأخرى ترد عليها ذلك إذا حصل لها مصيبة، يعني: واحدة جاءت عند واحدة لما مات لها ميت، وناحت معها تلك التي أتي إليها وشوركت في النياحة، فإذا مات شخص للتي جاءت إليها جاءت ترد عليها ذلك الذي فعلته من قبل، فقالت: إن النساء أسعدننا أفلا نسعدهن؟ معناه: أنه حصل منهن أن نحن معنا وبكين معنا أفلا نرد عليهن ذلك الذي فعلنه معنا بأن ننوح عليهن ونقضي ما حصل منهن لنا، بأن نكافئهن عليه بمثله، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: [لا إسعاد في الإسلام] معناه: هذا الإسعاد الذي هو النياحة؛ الذي كان يفعل في الجاهلية قد انتهى في الإسلام فلا يفعل، فقد دل على منع ذلك، وأن النياحة لا تجوز.

تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله أخذ على النساء حين بايعهن أن لا ينحن ...)

قوله:
[أخبرنا إسحاق].
هو ابن إبراهيم بن مخلد المروزي المشهور بـابن راهويه، وهو ثقة، ثبت، مجتهد، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهو محدث، فقيه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه فإنه لم يخرج له شيئاً.

[حدثنا عبد الرزاق].
هو ابن همام الصنعاني اليماني، وهو ثقة، حافظ، مصنف له كتاب المصنف في الحديث من الكتب المشتملة على الآثار الكثيرة عن الصحابة وغير الصحابة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[حدثنا معمر].
هو معمر بن راشد الأزدي البصري نزيل اليمن روى عنه عبد الرزاق، وأكثر الرواية عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن ثابت].

هو ثابت بن أسلم البناني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس].

هو أنس بن مالك صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخادمه الذي خدمه عشر سنوات منذ قدم المدينة إلى أن توفى الله نبيه محمد عليه الصلاة والسلام، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد، وجابر، وأنس، وأم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عن هؤلاء السبعة وعن الصحابة أجمعين.

شرح حديث: (الميت يعذب في قبره بالنياحة عليه)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى حدثنا شعبة حدثنا قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه عن عمر رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الميت يعذب في قبره بالنياحة عليه)].أورد النسائي حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: [الميت يعذب في قبره بالنياحة عليه] وهذا يدلنا على تحريم النياحة، وأن من فعلها فإنه آثم، ومن فعلت في حقه، وقد رضي بذلك وعرف منه الرضا بذلك، والرغبة بذلك، والمحبة في ذلك، أو الوصية بذلك، فإنه يأثم، ويصله العذاب في قبره لتسببه، أما إذا كان لا يرغب، ويكره، ويمنع من ذلك، مثل ما حصل من قيس بن عاصم رضي الله عنه، حيث قال: (لا تنوحوا عليّ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينح عليه)، فهذا لو نيح عليه لا يناله شيء بسبب فعل النائحين؛ لأنه لم يرض ذلك، وكما جاء في القرآن قوله تعالى (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى )[فاطر:18].

تراجم رجال إسناد حديث: (الميت يعذب في قبره بالنياحة عليه)

قوله:
[أخبرنا عمرو بن علي].
هو الفلاس، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[حدثنا يحيى].

هو يحيى بن سعيد القطان، وهو ثقة، ثبت، ناقد، متكلم في الرجال جرحاً وتعديلاً، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة].

قد مر ذكره.
[عن قتادة].

هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد بن المسيب].

ثقة، فقيه، أحد الفقهاء السبعة في المدينة في عصر التابعين باتفاق؛ لأن السبعة ستة متفق على عدهم، وواحد مختلف فيه، وهو من السبعة الذين اتفق على عدهم في الفقهاء السبعة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر].

هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، وهو صحابي جليل، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وهم: عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد أشرت إليهم آنفاً.
[عن عمر].

رضي الله عنه هو: عمر بن الخطاب أمير المؤمنين، الخليفة الثاني من الخلفاء الراشدين، الهادين، المهديين، وصاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (الميت يعذب بنياحة أهله عليه ...) من طريق ثانية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إبراهيم بن يعقوب حدثنا سعيد بن سليمان أخبرنا هشيم أخبرنا منصور هو ابن زاذان عن الحسن عن عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه قال: (الميت يعذب بنياحة أهله عليه فقال له رجل: أرأيت رجلاً مات بخراسان وناح أهله عليه هاهنا، أكان يعذب بنياحة أهله؟ قال: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذبت أنت)].هنا أورد النسائي حديث عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه، الذي فيه أنه قال: [الميت يعذب بنياحة أهله عليه فقال له رجل: أرأيت رجلاً مات بخراسان وناح أهله عليه هاهنا، أكان يعذب بنياحة أهله؟ قال: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذبت أنت]، يعني: صدق رسول الله فيما قال أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه، أو بنياحة أهله عليه، وكذبت أنت في كونك تستغرب هذا أو تستبعد هذا، وتقول: أكان يصل لو كان أحد نيح عليه، وهو في مكان، وأهله في مكان؟ فقال: [صدق رسول الله وكذبت أنت].
قوله: [عن عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه قال: الميت يعذب بنياحة].
هنا ما ذكره مرفوعاً، ولكنه في آخره قال: [صدق رسول الله]، وهذا يفيد الرفع، وقد سبق أن مر بنا الحديث نفسه، وأن عمران بن حصين لما بلغه الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الميت يعذب ببكاء أهله عليه) قال: قد قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مرفوع، وهنا قوله في آخره: (صدق رسول الله) يفيد بأنه مرفوع.
والحديث تكلم فيه الألباني وقال: إنه ضعيف الإسناد، وقال: إن المرفوع قد تقدم، وقد حكم له بالصحة من قبل، ولعل ما ذكره الشيخ الألباني حول هذه القصة وما جرى نحوها، وأما من حيث الحديث وثبوت الحديث فإنه ثبت من طرق كثيرة عن عمران وغير عمران، وقد جاء من طريق أخرى غير هذه الطريق في حديث عمران بن حصين رضي الله عنه أنه لما ذكر محمد بن سيرين قال: قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهنا من طريق الحسن بن أبي الحسن فلا أدري هل كلام الألباني فيه حول رواية الحسن، أو أنه جاء من طريق الحسن وهو معروف بالتدليس، أما من حيث المتن فهو ثابت من غير طريق الحسن، وثابت عن جماعة من الصحابة غير عمران بن حصين، وثابت عن عمران بن حصين من طريق أخرى، وثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير طريق عمران بن حصين.

تراجم رجال إسناد حديث: (الميت يعذب بنياحة أهله عليه ...) من طريق ثانية

الملقي:
[أخبرنا إبراهيم بن يعقوب].
هو الجوزجاني، وهو ثقة، حافظ، أخرج له أبو داود، والترمذي، والنسائي.
[حدثنا سعيد بن سليمان].

هو سعيد بن سليمان الضبي البزار لقبه: سعدوية، وهو ثقة، حافظ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا هشيم].

هو هشيم بن بشير الواسطي، وهو ثقة، ثبت، كثير التدليس، والإرسال الخفي، وقد عرفنا أن التدليس هو: رواية الراوي عن شيخه ما لم يسمعه منه بلفظ موهم للسماع كعن أو قال، أما التدليس الخفي فهو: أن يروي عن شخص عاصره ولم يعرف أنه لقيه، فروايته عنه من قبيل المرسل الخفي، وقيل له: مرسل خفي؛ لأنه لو كان ما أدرك زمن المروي عنه وروى عنه يصير مرسلاً واضحاً، لكن لما كان مدركاً لزمانه، ومعاصراً له وروى عنه بلفظ موهم للسماع فإن هذا يقال له: مرسل خفي؛ لأن فيه خفاء، وفرق بينه وبين التدليس؛ التدليس يختص بمن روى عمن عرف لقاؤه إياه، أما إن عاصره ولم يعرف أنه لقيه فهو المرسل الخفي، وحديث هشيم بن بشير الواسطي أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن منصور هو ابن زاذان].

ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الحسن].

هو الحسن بن أبي الحسن البصري، وهو ثقة، فقيه، يرسل، ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عمران بن حصين].

هو عمران بن حصين أبو نجيد صحابي مشهور، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه ...) من طريق ثالثة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن آدم عن عبدة عن هشام عن أبيه عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه، فذكر ذلك لـعائشة فقالت: وَهِلَ، إنما مر النبي صلى الله عليه وسلم على قبر فقال: إن صاحب القبر ليعذب، وإن أهله يبكون عليه، ثم قرأت وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام:164])].أورد النسائي حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما وهو: أنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: [إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه، فذكر ذلك لـعائشة فقالت: وَهِلَ]، يعني: أنه حصل منه خطأ، وقالت: [إن النبي صلى الله عليه وسلم مر في قبر، وهو يعذب] يعني: صاحبه، فقال: [إنه ليعذب وإن أهله لينوحون عليه]، وتريد عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أطلعه الله على عذاب ذلك الشخص الذي كان يعذب في الوقت الذي كان أهله ينوحون عليه، وهذا لا يدل على أنه يعذب بسبب النياحة، وإنما يخبر أنه هو نفسه في عذاب، وأهله حزينون عليه؛ لأنهم فقدوه ولأنه فارقهم، فتريد عائشة من وراء هذا أنه لا يعذب بسبب البكاء عليه، وإنما يعذب لأمر آخر، ولكن الحال والواقع أنه مع كونه يعذب وأن أهله يبكون عليه، ثم جاءت بالآية وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ [الأنعام:164] وتريد من وراء هذا أنه كيف يعذب الإنسان بفعل غيره، وبذنب غيره، وهو لم يكن متسبباً في ذلك، لكن كما هو معلوم: الحديث جاء من طرق عديدة وهو صحيح، ولكنه محمول على شيء آخر غير كون الإنسان يعذب بذنب غيره، فهو محمول إذا كان متسبباً، وكونه راغباً وراضياً، وأوصى بذلك، ولا يختلف عما جاء في الآية.
إذاً: ما جاء في الحديث فهو محمول على ما إذا كان متسبباً، فإنه يعذب بتسببه في كون أهله ينوحون عليه تحقيقاً لرغبته في ذلك، وأما الآية فتكون محمولة على ما إذا كان غير متسبب لذلك.
وعلى هذا فإن عائشة رضي الله عنها فهمت أنه لما حصلت تلك القصة التي تعلمها، وابن عمر روى ذلك الحديث وغيره روى ذلك الحديث ظنت أنه على هذا النحو الذي علمته، ولكن الحديث ثابت كما سبق.

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #542  
قديم 24-05-2022, 01:10 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,535
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث: (إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه ...) من طريق ثالثة

قوله:
[أخبرنا محمد بن آدم].
هو محمد بن آدم الجهني، وهو صدوق، أخرج له أبو داود، والنسائي.

[عن عبدة].

هو عبدة بن سليمان البصري، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن هشام].

هو هشام بن عروة بن الزبير بن العوام، وهو ثقة، ربما دلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[عن أبيه].

هو عروة بن الزبير بن العوام، وهو ثقة، فقيه، من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر].

رضي الله تعالى عنهما وقد مر ذكره.
[عائشة].

هي أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق التي أنزل الله براءتها في آيات تتلى في سورة النور، وقد روت الأحاديث الكثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا سيما فيما يتعلق في أمور البيت، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد مر ذكرهم.


شرح حديث: (إن الميت ليعذب ببكاء الحي عليه ...) من طريق رابعة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة عن مالك بن أنس عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن عمرة أنها أخبرته أنها سمعت عائشة رضي الله تعالى عنها وذكر لها: أن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما يقول: (إن الميت ليعذب ببكاء الحي عليه، قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: يغفر الله لـأبي عبد الرحمن أما إنه لم يكذب، ولكن نسي أو أخطأ، إنما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على يهودية يبكى عليها فقال: إنهم ليبكون عليها وإنها لتعذب)].هنا أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها، وهذا يبين الحديث السابق، وأن الذي يبكى عليه هنا يهودية، وأن أهلها يبكون عليها وهي تعذب في قبرها، فلما بلغها حديث عبد الله بن عمر : (أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه قالت: يغفر الله لـأبي عبد الرحمن أخطأ أو نسي، إنما مر النبي صلى الله عليه وسلم بيهودية، وهي تعذب في قبرها وقال: إنها لتعذب وأهلها ليبكون عليها) يعني: أهلها حزينون عليها، وهي كافرة، يعني: تعذب في قبرها كما يعذب الكفار في قبورهم كما قال الله عز وجل: النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ [غافر:46]، فالكفار يعذبون في قبورهم وكذلك من شاء الله تعذيبه من أصحاب الكبائر، فإنه يعذب في قبره مثل ما جاء في حديث صاحبي القبرين اللذين يعذبان أحدهما: في النميمة، والثاني: في كونه لا يستبرئ من البول.
فـعائشة رضي الله عنها وأرضاها تروي هذا الحديث وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك، لكن الذي جاء عن عمر، وعن عمران بن حصين، وعن ابن عمر، وعن غيرهم أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه، وذلك محمول على ما إذا رضي به، ورغب به، وأوصى به.

تراجم رجال إسناد حديث: (إن الميت ليعذب ببكاء الحي عليه..) من طريق رابعة

قوله:
[أخبرنا قتيبة].
هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مالك بن أنس].

إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن أبي بكر].

هو عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم المدني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].

هو أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وهو أيضاً ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن عمرة].

هي عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية، وهي ثقة، أخرج حديثها أصحاب الكتب الستة، وقد أكثرت من الرواية عن عائشة.
[عن عائشة].

قد مر ذكرها.


شرح حديث: (إن الله عز وجل يزيد الكافر عذاباً ببعض بكاء أهله عليه) من طريق خامسة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبد الجبار بن العلاء بن عبد الجبار عن سفيان قصه لنا عمرو بن دينار سمعت ابن أبي مليكة يقول: قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله عز وجل يزيد الكافر عذاباً ببعض بكاء أهله عليه)].أورد النسائي حديث ابن عباس عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قال: [إن الله يزيد الكافر عذاباً ببكاء أهله عليه] والكافر معذب، وأهل للعذاب بكفره، ولكن هذا كما جاء عن عائشة أنه يزاد في عذابه ببكاء أهله عليه، ومن المعلوم أن الكافر إذا عذب في النار، فهو عذاب والعياذ بالله، ولو كان عذابه من أخف أهل النار عذاباً فإنه يعتبر نفسه أشد أهل النار عذاباً والعياذ بالله، كما جاء في حق أبي طالب أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما شفع له، وخفف له العذاب، فصار في ضحضاح من نار، عليه نعلان من نار يغلي منهما دماغه، وإذا زيد في عذابه وحصل الزيادة في العذاب فهذا عذاب فوق عذاب، والعياذ بالله.
تراجم رجال إسناد حديث: (إن الله عز وجل يزيد الكافر عذاباً ببعض بكاء أهله عليه) من طريق خامسة

قوله:
[أخبرنا عبد الجبار بن العلاء بن عبد الجبار].
هو عبد الجبار بن العلاء بن عبد الجبار البصري، وهو لا بأس به، أخرج حديثه مسلم، والترمذي، والنسائي، ولا بأس به معناها صدوق.
[عن سفيان].

هو سفيان بن عيينة الهلالي المكي، وهو ثقة، حجة، إمام، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[قصه لنا عمرو بن دينار].

هو عمرو بن دينار المكي، وهو ثقة، ثبت أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[سمعت ابن أبي مليكة].

هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة المدني، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[قال ابن عباس].

هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

[عن عائشة].

عائشة قد مر ذكرها.


شرح حديث: (إن الميت ليعذب ببعض بكاء أهله عليه...) من طريق سادسة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سليمان بن منصور البلخي حدثنا عبد الجبار بن الورد سمعت ابن أبي مليكة يقول: (لما هلكت أم أبان حضرت مع الناس، فجلست بين عبد الله بن عمر، وابن عباس، فبكين النساء، فقال ابن عمر: ألا تنهى هؤلاء عن البكاء، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الميت ليعذب ببعض بكاء أهله عليه، فقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: قد كان عمر رضي الله تعالى عنه، يقول بعض ذلك: خرجت مع عمر حتى إذا كنا بالبيداء رأى ركباً تحت شجرة فقال: انظر من الركب، فذهبت فإذا صهيب وأهله، فرجعت إليه فقلت: يا أمير المؤمنين! هذا صهيب وأهله، فقال: عليّ بـصهيب، فلما دخلنا المدينة أصيب عمر، فجلس صهيب يبكي عنده يقول: وا أخياه وا أخياه، فقال عمر رضي الله تعالى عنه: يا صهيب! لا تبك، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الميت ليعذب ببعض بكاء أهله عليه، قال: فذكرت ذلك لـعائشة فقالت: أما والله ما تحدثون هذا الحديث عن كاذبين مكذبين، ولكن السمع يخطئ، وإن لكم في القرآن لما يشفيكم أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [النجم:38]، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه)].أورد النسائي حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن عائشة وكذلك عن عمر رضي الله تعالى عنه، وأن ابن عباس رضي الله عنه قال: كان عمر يقول: بعض ذلك، ثم ذكر قصة صهيب، وأنه لما وصلوا المدينة أصيب عمر لما طعنه المجوسي تلك الطعنة، فجعل صهيب يبكي ويقول: وا أخياه، ثم قال عمر: لا تبك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الميت ليعذب ببعض بكاء أهله عليه.
قوله: [إن الميت ليعذب ببعض بكاء أهله عليه] هذا يرويه عبد الله بن عباس عن عمر رضي الله تعالى عنه وكان يقوله لـصهيب لما بكى، ثم قال: [فذكرت ذلك لـعائشة]، يعني: ما قاله عمر، فقالت: [إنكم لا تحدثون عن كاذبين ومكذبين، ولكن السمع يخطئ، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: إن الكافر يزاد عذاباً].
قوله: [وإن لكم في القرآن لما يشفيكم أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [النجم:38]، وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه] وهذا هو الذي مر في الإسناد الذي قبل هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قال: (إن الله عز وجل يزيد الكافر عذاباً ببعض بكاء أهله عليه) لكن كما عرفنا من قبل ما جاء عن عائشة لا يعارض ما جاء عن الصحابة الآخرين، وما قالته عائشة: [وإن لكم في القرآن لما يشفيكم] لا يعارض ما جاء عن الصحابة الآخرين رافعين ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الذين يعذبون إذا كانوا مسلمين متسببين في ذلك، أما إذا كانوا غير متسببين فإنه لا يضرهم وزر غيرهم، وإنما الوزر إثمه على من حصل منه.


تراجم رجال إسناد حديث: (إن الميت ليعذب ببعض بكاء أهله عليه...) من طريق سادسة

قوله:
[أخبرنا سليمان بن منصور البلخي].
هو لا بأس به، أخرج له النسائي وحده.
[حدثنا عبد الجبار بن الورد].

صدوق يهم، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن ابن أبي مليكة].

قد مر ذكره.
[عن عبد الله بن عمر وابن عباس وعمر وعائشة].

قد مر ذكر هؤلاء جميعاً.


الأسئلة



حكم سماع القرآن للجنب والحائض


السؤال: فضيلة الشيخ! هل يصح سماع القرآن الكريم من الراديو أو المسجل إذا كان الشخص جنباً أو المرأة كذلك إذا كانت حائضاً؟الجواب: نعم يصح، كون الإنسان يسمع القرآن من القارئ وهو جنب ليس عليه بأس، ولا مانع من كونه يسمع القرآن سواء من الراديو، أو من المسجل، أو من قارئ يقرأ بنفسه بدون تسجيل، وإنما المحذور فيما إذا كان جنباً؛ لأن جنابته بيده يستطيع أن يغتسل في أي وقت شاء، ويبادر، ويقرأ القرآن، لكن كونه يسمع وهو على جنابة ما فيه بأس ولا إشكال في ذلك.

حكم الجمع والقصر في الصلاة للمريض

السؤال: فضيلة الشيخ! هل يجوز للمريض أن يصلي الصلاة خارج وقتها مع الجمع والقصر؟الجواب: المريض له أن يجمع بين الصلاتين وليس له أن يقصر، وإنما له الجمع إذا احتاج إلى ذلك، فيجمع بين الصلاتين بأن يقدم صلاة أو يؤخر صلاة، وأما كونه يقصر فلا، ما فيه قصر للمريض، وإنما يأتي بصلاته تامة دون قصر.
وليس للإنسان أن يؤخر الصلوات عن أوقاتها إلا الصلاتين يجمع بعضهما إلى بعض، مثل: الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، أما كونه يجمع خمس صلوات، ويصليها في وقت واحد لا أبداً، يصلي على حسب حاله كل صلاة في وقتها.

توجيه لمن يغلب عليه النوم أثناء صلاة الفجر


السؤال: من يغلب عليه النوم، وحاول أن يقوم ولم يستطع، فهل يجوز له أن يجمع في الصلاة في غير وقتها؟الجواب: الإنسان النائم أو الذي يحصل له النوم، عليه أن يعمل الوسائل التي تجعله يتنبه؛ بأن يجعل عنده الساعة المنبهه أو يوصي أحد يوقظه في وقت الصلاة، وليس له أن يتساهل في أمر الصلاة، ثم يصلي إذا استيقظ، ثم عليه أن يأخذ بالأسباب التي تجعله يستيقظ؛ وهو أن ينام مبكراً، ولا يضيع الليل كله في السهر، وشغل وقته فيما ينفع أو فيما يضر، ثم ينام عن صلاة الفجر، فعليه أن يأخذ بالأسباب؛ لأن من الأسباب كون الإنسان يأخذ حاجته من النوم قبل أن يأتي وقت الصلاة، أما كونه يضيع الوقت، ثم إذا جاء وقت الصلاة إذا النوم غالب عليه، هذا قد تسبب في تفويت الصلاة على نفسه، ثم أيضاً الإنسان يعرف من نفسه أنه لو كان عنده موعد طائرة، أو موعد مهم، أو شيء يتعلق بعمل يحسب حسابه ويتنبه في ذلك الوقت، وعلى الإنسان أن يكون اهتمامه بالصلاة أعظم من اهتمامه في أمور الدنيا أو الأمور الدنيوية التي يحسب لها حساب ويحرص عليها.

حكم استقبال الكعبة أثناء الطواف


السؤال: فضيلة الشيخ! مشى خطوات أثناء الطواف في الكعبة، وجسمه متجه بالكامل إلى جهة الكعبة، هل يصح طوافه؟الجواب: إذا كان حصل بسبب زحام فهو معذور، وأما كونه يستقبل الكعبة أو يستدبرها وهو يطوف، وهو قادر على ذلك، فهذا لا يصح طوافه؛ لأن الواجب أن تكون الكعبة عن يساره ماشياً، وليست عن يساره مستدبراً إياها، ولا عن يساره مستقبلاً إياها.

حكم الوصال في رمضان

السؤال: فضيلة الشيخ! هل الوصال في رمضان جائز؟الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الوصال، لكنه لما روجع في ذلك قال: (أيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر) معناه: ما يواصل بين يومين، لا يأكل بينهما شيئاً، وإنما من أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر، وترك الوصال أولى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه، ولكنه رخص فيه إلى السحر.

حكم استعمال القطرة والحبوب والكحل للصائم


السؤال: يا شيخ! استعمال القطرة والحبوب والكحل هل يفطر؟الجواب: القطرة في العين ما تؤثر، والكحل لا يؤثر في العين، أما الحبوب إذا بلعه فإنه يفطر، أو أكل أي شيء، فإنه يفطر بذلك.

كيفية الجمع بين حديثي عائشة وابن عمر في النهي عن النياحة


السؤال: فضيلة الشيخ! حفظكم الله، كيف نجمع بين حديث عائشة وإنكارها على ابن عمر، وروايتها رضي الله تعالى عنها أن الله عز وجل يزيد الكافر عذاباً بعد بكاء أهله عليه؟الجواب: ما فيه إشكال، لأن الكافر معذب وهو في عذاب، لكن المسلم أو المؤمن كونه يعذب بسبب عمل غيره هذا هو الذي فيه إشكال، وبعد أن يتبين المعنى يتضح فإنه لا إشكال فيه، وأن ذلك محمول على ما إذا كان متسبباً.

مدى صحة حديث أبي هريرة: (من قرأ حم الدخان في ليلة أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك)


السؤال: فضيلة الشيخ، حفظكم الله، حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قرأ حم الدخان في ليلة أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك) رواه الترمذي، والنسائي، ما مدى صحة هذا الحديث؟الجواب: لا أعرف عنه شيئاً.

مدى صحة حديث: (من قرأ سورة الواقعة لم تصبه فاقة)

السؤال: حديث: (من قرأ سورة الواقعة لم تصبه فاقة) ما صحة الحديث هذا؟الجواب: ما أعرف عنه شيئاً، لكن الأحاديث في فضائل السور أكثرها وأغلبها غير صحيح، وإنما الذي ثبت في الفضائل أشياء محدودة بخلاف سائر السور؛ لأن بعض الوضاعين وضع لكل سورة حديثاً في فضلها، فما أعرف شيئاً عن الحديث هذا.

يتبع



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #543  
قديم 24-05-2022, 01:10 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,535
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

المقصود بالأمرين والأبيضين والخافقين

السؤال: ما هو الأمران والأبيضان والخافقان؟الجواب: لا أدري، ولكن هناك كتاب اسمه: جنى الجنتين في تمييز نوعي المثنين، فهو يتعلق بالمثنيات، ويرجع إليه في معرفة مثل هذه الأمور.


حكم الصلاة على النبي في صلاة النافلة والفريضة


السؤال: فضيلة الشيخ! حفظكم الله، ما مدى صحة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في سجود الصلاة المكتوبة أو النافلة؟الجواب: بالنسبة للنوافل يمكن أن يصلي عليه عندما يأتي ذكره صلى الله عليه وسلم، مثل ما يسأل الإنسان عند آية الرحمة، ويستعيذ عند آية العذاب، وأما بالنسبة للفرائض لا يفعل شيئاً من ذلك فيها، ولو فعله في السجود كدعاء ما فيه بأس، لكن الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم تشرع في التشهد، ويكثر الدعاء في السجود؛ لأن الرسول يقول: (أكثروا فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم).

الواجب على من نام قبل الصلاة ثم لم يتوضأ

السؤال: حفظك الله يا شيخ! تذكرت أني نمت بعد صلاة العصر تقريباً بخمس دقائق أو عشر دقائق، وذكرت في نصف صلاة المغرب، أو أثناء صلاة المغرب فهل يجوز إتمام صلاتي أو أقطعها؟الجواب: لا أبداً، إذا كان الإنسان قد نام مضطجعاً فقد انتقض وضوءه أو جالساً متمكناً بمعنى: أنه مستند واستغرق في النوم، فإنه ينتقض وضوءه وعليه أن يتوضأ، أما إذا كان نومه خفقان بأن يكون جالس، ثم يخفق رأسه، فيتنبه، فإن هذا لا ينتقض وضوءه؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم كانوا يفعلون ذلك، لكن كون الإنسان نام مضجعاً أو مستنداً، يعني: جالساً وهو مستند، فإن هذا قد انتقض وضوءه عليه، وإذا تنبه وهو في صلاة المغرب فإن عليه أن يقطع الصلاة ويذهب ويتوضأ، ويصلي العصر ثم يصلي المغرب.

حكم الاستقراض من البنك بنية المساعدة

السؤال: فضيلة الشيخ! يوجد في بلادنا بنك يقرض أموالاً بقصد المساعدة على البناء، ولكن يشترط عند التسديد زيادة على المال المقترض؟الجواب: هذا هو الربا، ولا يجوز الاستقراض بهذه الطريقة.

حكم الجهاد في البوسنة والهرسك

السؤال: حكم الجهاد في البوسنة والهرسك؟الجواب: المسلمون في البوسنة والهرسك في الحقيقة أوذوا، واعتدى عليهم أعداؤهم، وإذا ذهب أحد لمساعدتهم ونصرتهم فهو على قدر نيته، يرجى له الخير إذا كان قصده مساعدة المسلمين على أعدائهم، الذين ألحقوا بهم أنواعاً عظيمة من الأذى والعذاب.

تحقيق القول في مسالة أين الله

السؤال: فضيلة الشيخ، يريد من فضيلتكم تحقيق القول في مسألة أين الله، والرد على المخالف لأهل السنة؟الجواب: أين الله، (سأل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم الجارية -التي كان يريد أن يتعرف على إيمانها- فأشارت إلى السماء، فقال: من أنا؟ فقالت: أنت رسول الله -وأشارت إلى السماء وإليه أنه رسول الله- فقال: أعتقها، فإنها مؤمنة)، فالذي سأل عن ذلك هو أعلم الناس بالله، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا سئل عنه كما سأل عنه الرسول صلى الله عليه وسلم وأجيب كما أجابت الجارية، فإن ذلك حق، لكن ما هي السماء؟ وما المراد بكون الله في السماء؟ هل هو في السماء المبنية؟ أبداً، الله تعالى منزه ولا يحويه شيء مخلوق، والسماوات مخلوقة، وهي صغيرة أمام عظمة الله عز وجل وجلاله، ولكن المقصود بالسماء هو: العلو، والله تعالى فوق العرش، وهو في العلو، فهذا هو معنى الحديث، وهذا هو الذي يقتضيه الحديث، والسؤال عنه جاء في الحديث الصحيح الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما دام جاء ذلك عن رسول الله فليس لأحد كلام مع كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، لكن لا يجوز أن يتصور التشبيه أبداً، بل يثبت لله عز وجل ما ثبت عنه على ما يليق به، ومعنى الله في السماء أي: فوق العرش في السماء؛ لأن السماء هي كل ما علا، فكل ما علا هو سماء، وفوق العرش سماء علو، والله تعالى فوق العرش سبحانه وتعالى، فهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة في ذلك.

مدى صحة حديث ابن عباس في الكرسي موضع القدمين لله عز وجل

السؤال: فضيلة الشيخ، حديث ابن عباس في تفسير الكرسي هل هو صحيح، والحديث رواه الثوري عن عمار الدهني عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال: الكرسي موضع القدمين، أما العرش فلا يقدر قدره إلا الله، وبارك الله فيكم؟الجواب: الحديث هذا فيما أذكر أنه ثابت، وهو موضع القدمين، وهو الذي يستدل به العلماء على إثبات القدمين لله عز وجل على ما يليق بكماله وجلاله يعني: من حيث التسمية.


إذا تعود الشخص على صيام يوم بعينه ثم نسيه

السؤال: يا شيخ! حفظكم الله، رجل تعود أن يصوم يوماً معيناً، ونسي هذا اليوم، ثم ذكر بعد صلاة الصبح فكيف يعمل؟الجواب: إذا تعود أن يصوم يوماً معيناً، مثلاً: الإثنين أو الخميس، إذا كان ما أكل فليصم؛ لأنه يجوز في صيام النفل أن ينوي الإنسان من أثناء النهار إذا لم يأكل شيئاً بعد طلوع الفجر، أما إذا أكل فإنه لا مجال للصيام.

كيفية صلاة الجالس

السؤال: فضيلة الشيخ! حفظكم الله، كيف يصلي الجالس هل يصلي متربعاً أو مفترشاً؟الجواب: سبق أن مر بنا الحديث الذي ورد في ذلك، وذكرت أن للعلماء فيه ثلاثة أقوال؛ منهم من قال: إنه يصلي متربعاً، ومنهم من قال: إنه يصلي متوركاً، ومنهم من قال: إنه يصلي مفترشاً، والحديث الذي سبق أن مر بنا في ذكر التربع.

إثبات سماع عكرمة من ابن عباس

السؤال: حفظك الله يا شيخ! هل ثبت سماع عكرمة من ابن عباس بدون خلاف أهل العلم في ذلك؟الجواب: ما أدري، فهو مولى ابن عباس وهو مشهور بالرواية عنه، ولا أدري هل أحد خالف في سماعه ما أعلم، والحافظ ابن حجر ترجم له ترجمة واسعة في مقدمة الفتح، وقد حصر ما قيل فيه من أقوال، وأجاب عنها وردها، أما قضية هل هناك خلاف أو أحد خالف في سماعه ما عندي علم هل أحد قال بذلك، أما السماع عنه والرواية عنه فهي مشهورة.

حكم نسيان النية في رمضان

السؤال: حفظك الله يا شيخ! إذا نسي نية الصوم من رمضان ثم صام فما الحكم؟الجواب: معلوم أن الإنسان عند دخول الشهر ينوي أنه صائم رمضان، وهذه النية تكون بتحقق دخول شهر رمضان، وإذا لم يبلغه خبر دخول الشهر إلا بعد طلوع الفجر فإنه غير مدرك لصيام ذلك اليوم، ولو كان نوى أن غداً من رمضان فأنا صائم فإن ذلك لا ينفعه ولو لم يأكل شيئاً؛ لأنه لا بد أن يكون عنده علم بدخول الشهر قبل طلوع الفجر، فيكون ناوياً قبل بدء الصيام أو عند بدء الصيام، هذا بالنسبة للأول، أما بالنسبة لسائر الأيام فالمؤمن ينوي أنه صائم الشهر، وتلك نية كافية لجميع الشهر، ولو أن الإنسان نام بعد العصر وما استيقظ إلا من الضحى من بكرة فهو على صيامه، ما يقال: إنه ما استيقظ في الليل حتى ينوي؛ لأن نيته من أول يوم وكونه صائم شهر رمضان هذه موجودة، ولا يلزم أن تكون النية في كل ليلة، نعم هو ناوي في كل ليلة، لكن يمكن أن يكون الإنسان يأتي الليل وهو غير مستيقظ بأن ينام في نهار ثم يأتي الليل وينتهي الليل ويأتي النهار من الغد وهو غير مستيقظ، لو كان ما تصح إلا بالنية من الليل في كل ليلة، فمعناه: أن هذا الشخص ما حصل له نية، لكن إذا نوى الإنسان من أول الشهر فتلك النية سارية على جميع أيام الشهر، ولكن الذي لا ينفع هو في أول يوم؛ لأنه لا بد أن يكون عنده علم بأن الشهر دخل قبل بدء الصيام في ذلك اليوم الأول.

حكم التقنع والتلثم للبرد في الصلاة

السؤال: فضيلة الشيخ! هل يجوز التقنع للبرد أو غيره في الصلاة؟الجواب: مسالة التقنع يعني: كون الإنسان يجعل الشيء على رأسه لا بأس بذلك، المهم أن وجهه يبدو للصلاة، ويديه تبدو، ويسجد عليها، وأما كونه يجعل شيئاً على رأسه أو على كتفه الأمر في ذلك واسع.
وأما التلثم فالإنسان ليس له أن يغطي وجهه، بل يكشفه ولا يغطيه، إلا إذا كان هناك أمر لا بد منه لتغطية وجهه فلا بأس بذلك، وأما من خوف البرد وما إلى ذلك كما هو معلوم لا يستدعي الأمر التلثم، وليس بضرورة.


حكم الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام في الصلاة

السؤال: إذا كان الرجل في الصلاة وذكر النبي صلى الله عليه وسلم، فهل يصلي عليه وهو في الصلاة؟الجواب: بالنسبة للصلاة المفروضة ليس للإنسان أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم فيها، ولا أن يأتي بالاستعاذة وغير ذلك؛ لأنه ما ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام، وأما بالنسبة للنافلة فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يستعيذ عند آية العذاب، ويسأل عند آية الرحمة، ومثل ذلك الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم إذا جاء ذكره في مثل قوله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ )[الأحزاب:56].

حكم أخذ المال من السلطان من دون مسألة

السؤال: الحديث الذي معناه: (ما جاءك من مال السلطان من غير إشراف ولا مسألة، فخذه وتموله). يقول: على هذا هل يجوز طلب المساعدة من السلطان أو المسئول عند حدوث الفاقة؟
الجواب: الحديث صحيح وأن الإنسان لا يسأل، وإذا أعطي شيء فإنه يأخذه، فإذا كان مضطراً إلى ذلك فله أن يسأل.

الفرق بين قولهم رواه مسلم في المقدمة ورواه مسلم في صحيحه

السؤال: ما الفرق بين قوله: رواه مسلم في صحيحه ورواه مسلم في المقدمة؟الجواب: المقدمة كما هو معلوم: مقدمة الصحيح التي هي أحاديث قليلة أوردها مسلم في مقدمته، والصحيح هو ما يبدأ من كتاب الإيمان، إذا قال: ورواه مسلم في صحيحه يعني: أنه في كتاب الإيمان، ولهذا يقولون عن الحديث رواه في المقدمة، ويقولون عن الشخص يرمزون له مسلم في المقدمة، أو مسلم في الصحيح، وكأن الرواية في المقدمة ليست مثل ما جاء عن الصحيح نفسه، وأن العلماء يميزون بينها لا من حيث العزو للحديث ولا من حيث الرجل الذي خرج له في المقدمة، ولم يخرج له في نفس الصحيح، فيرمز له بـ(م ق).


حكم من كان عليه صيام ودخل عليه رمضان الثاني

السؤال: فضيلة الشيخ! امرأة أفطرت في رمضان نصف شهر بسبب النفاس، وعندما جاء رمضان الآخر لم تصم في الفترة الماضية وذلك بسبب مرضها، فماذا تفعل؟ وكيف تقضي؟الجواب: إذا كان المرض مستمراً معها وجاء رمضان الثاني وهي مريضة فهي معذورة، وأما إذا كانت قادرة على القضاء ولكنها لم تقض فإنها تقضي بعد رمضان الآخر، ولكنها تطعم عن كل يوم مسكيناً مع القضاء.

حكم عمل المرأة إذا اشترطت قبل الزواج وأثناء العقد

السؤال: رجل يقول: إن زوجته جاءها خطاب من عمل أو كذا، وهي مصممة على القبول فماذا يعمل؟الجواب: على كل إذا كان هناك شرط بأنها تعمل، فالمؤمنون على شروطهم، إذا كان فيه موافقة أو شرط عند العقد بأنها تعمل العمل الذي هو سائغ، والعمل الذي يجوز لها أن تعمله شرعاً، أما العمل الذي لا يجوز لها أن تعمله فله أن يمنعها ولو حصل اتفاق على أصل العمل؛ لأنه ليس أي عمل تعمله، ولكن إذا حصل عند العقد اشترط أنها تدرس فعليه أن يفي بالشرط، وأما إذا كان ليس هناك شرط، فله أن يمنعها.

النية في صيام رمضان بدخول شهر رمضان

السؤال: حفظك الله يا شيخ! في معظم الأحيان تتأخر رؤيا شهر رمضان إلى الساعة الثانية عشرة ليلاً، فإذا انتظر الإنسان الرؤيا ثم غلبه النوم فما الحكم؟الجواب: إذا بات ولم يعلم بدخول الشهر إلا بعد ما دخل اليوم فإنه يعتبر غير صائم، ولكنه يجب عليه أنه يمسك ذلك اليوم ويقضيه؛ لأن النية ما وجدت من أول النهار الذي هو طلوع الفجر، لم يكن عنده علم بحيث ينوي الصيام من أول وقت الصيام.

القول الراجح في حكم قراءة الفاتحة خلف الإمام في الجهرية

السؤال: فضيلة الشيخ! حفظكم الله، ما هو القول الراجح في القراءة للفاتحة خلف الإمام في الصلاة الجهرية أتقرأ مع الإمام أو تقرأ آية آية بعد انتهاء الإمام أو بعد انتهاء القراءة؟الجواب: الذي يظهر إذا كان هناك سكتات للإمام بعد الفاتحة فإنه يقرأ فيها، وإن لم يكن هناك فليقرأ والإمام يقرأ السورة وهذه مستثناة.

حكم زوج الرجل من امرأة خاله

السؤال: شاب أراد أن يتزوج امرأة خاله بعد أن توفي فما حكم هذا؟الجواب: ما فيه بأس، امرأة خالك أجنبية.
وكذلك امرأة عمه أجنبية، فامرأة خاله أجنبية، وامرأة عمه أجنبية، إذا لم يكن هناك قرابة أخرى غير هذه القرابة، يعني: بين هذا الشخص وبينهن مانعة، أما إذا كان ما فيه إلا كونها امرأة عم أو امرأة خال، فتلك أجنبيات منه له أن يتزوجهن.


رأي الشيخ العباد في كتاب الأسماء والصفات للبيهقي

السؤال: فضيلة الشيخ! ما رأيكم في كتاب الأسماء والصفات للإمام البيهقي؟الجواب: كتاب الأسماء والصفات للإمام البيهقي -كما هو معلوم-: اشتمل على أحاديث كثيرة، والإمام البيهقي رحمه الله عنده سلامة في كثير من النواحي، وعنده خطأ في بعض النواحي في العقيدة، وهو من الكتب التي فيها الرواية بالأسانيد، وإذا عرف الإسناد وعرف رجاله، وثبوته، وصحته، فالحديث يكون ثابتاً من تلك الطريق إذا صح الإسناد، وأما كلام البيهقي إذا تكلم فأحياناً يكون كلاماً حسناً، وأحياناً يكون كلامه فيه خلل؛ فهو عنده حق وباطل.

كيفية الصلاة قبل الجمعة وبعدها من النوافل

السؤال: فيما يتعلق بصلاة الراتبة ثنتي عشرة ركعة، كيف يكون ذلك في يوم الجمعة وليس هناك راتبة قبلها؟الجواب: ليس هناك راتبة قبل الجمعة، ولكن الإنسان إذا دخل المسجد يصلي ما شاء الله أن يصلي، ثم يجلس ولا يقوم إلا للصلاة؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم كانوا يفعلون ذلك، وليس هناك عدد معين قبل الجمعة، أما بعد الجمعة فجاء فيه ركعتان أو أربع؛ ركعتان لمن صلى في البيت وأربع لمن صلى في المسجد، وقد مرت بنا تلك الأحاديث.
وعلى كلٍ الإنسان -كما هو معلوم-: إذا دخل المسجد في يوم الجمعة وصلى أكثر من أربع ركعات فقد وجدت الأربع وزيادة، وإن اقتصر على أربع ركعات فهو قد حافظ على الرواتب.


صحة حديث: (الضعيف أمير الركب)

السؤال: فضيلة الشيخ، حديث: (الضعيف أمير الركب) هل هو صحيح؟الجواب: لا أدري.


مدى تساهل أحمد المصري في التوثيق

السؤال: هل أحمد بن صالح المصري متساهل في التوثيق؟الجواب: لا أدري.

حال القاسم بن عبد الرحمن


السؤال: في بعض طبعات التقريب في القاسم بن عبد الرحمن صدوق يرسل كثيراً؟الجواب: يرسل كثيراً نعم هو كذلك، وهذا موجود في النسخة المصرية أنه صدوق ويرسل كثيراً.
وفي بعض النسخ يغرب كثيراً، وهذا لا أدري، هذا الذي في نسخة التقريب المصرية يرسل كثيراً، ولعلها هي الصواب؛ لأنه من المتقدمين، وقضية ذكر الإرسال هو الذي يغلب على المتقدمين، وإن كان غيرهم يذكر الإرسال الذي هو الإرسال الخفي، أو الإرسال عمن لم يلقه، وليس الإرسال المشهور عند المحدثين الذي هو قول التابعي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، فهو إرسال عمن لم يلقه، أو من لم يدركه بالمعنى الأعم.

حكم السكنى في بلاد الكفار

السؤال: سائل ينقل عبارة من فتاوى شيخ الإسلام من الجزء الرابع صفحة (114) يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: كما يجوز السكنى في ديارهم، يقصد الكفار، فهل يرى شيخ الإسلام جواز السكنى في ديار المشركين مطلقاً؟ مع العلم أن فيه أحاديث تمنع من ذلك.الجواب: أنا لا أدري كلام شيخ الإسلام، لكن السكنى في بلاد الكفار إذا كان هي بلد الإنسان ويستطيع أن يقيم فيها شعائر دينه فإنه يقيم، وفي إقامته مصلحة له ولغيره إذا دعا إلى الله عز وجل، وأدى ما عليه، وسعى في الدعوة إلى الله، وفي هداية الناس إلى الخير، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم) كما قال ذلك لـعلي بن أبي طالب رضي الله عنه عام خيبر، وإذا كان أنه لا يستطيع أن يقيم شعائر دينه، وأنه لا يمكن من ذلك، فعليه أن يهاجر إلى بلد يستطيع أن يقيم شعائر دينه، هذا في الإقامة المستمرة، وأما الإقامة المؤقتة والإنسان يذهب للتجارة أو ما إلى ذلك فهذه سائغة.

حكم من تجاوز الميقات إلى ميقات آخر ليحرم منه

السؤال: ما حكم من غير ميقات بلده إلى ميقات آخر؛ كأن يمر على ميقات بلده ولا يحرم، ويأتي إلى المدينة ويحرم من ميقات أهل المدينة؟الجواب: ما فيه بأس، كون الإنسان يتجاوز الميقات ولكنه لم يحرم، ثم يخرج إلى المدينة مثل ذلك: الذين يأتون بالطائرة من المغرب إلى جدة، وإذا نزلوا جدة جاءوا إلى المدينة، وأحرموا من ميقات المدينة ما فيه بأس أبداً؛ لأن ليس فيه تغيير، فكونه يريد أن يأتي إلى المدينة قبل أن يذهب إلى مكة يحرم من ميقات المدينة.
مثل ذلك: إنسان جاء من الجنوب يريد يأتي إلى المدينة أولاً، ثم يحرم منها ما فيه بأس؛ لأن دخول مكة غير محرم وهو ما أراد حجاً وعمرة ما عليه شيء؛ لأنه دخلها ماراً وفي نيته أنه إذا جاء المدينة يحرم منها، هذا ما فيه بأس ولو دخل مكة نفسها غير محرم.
فإذا كان نيته أنه يتجاوز الميقات غير محرم، وأنه يروح إلى جدة ويقضي حاجته، ثم يخرج إلى الجحفة ويحرم منها ما فيه بأس.

ما معنى قول ابن عمر حين صلب عبد الله بن الزبير فقال لأمه: لأمة أنت شرها أمة خير

السؤال: ما معنى قول ابن عمر حين صلب عبد الله بن الزبير فقال لأمه: لأمة أنت شرها أمة خير؟الجواب: أنا ما أذكر، فعبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنه له كلام جيد وهو في الصحيح الحديث، لكن بهذا اللفظ ما أدري، فكونه وصف بهذا الوصف معناه: أنها بخير، ما دام أنت الذي يقال أنك شرها وأنت من أنت فهي أمة خير، ما أدري هل اللفظ هذا هو موجود في الصحيح، وكان الحجاج قد جاء إلى أمه وتكلم معها وأجابته بجواب في غاية القوة، وفي غاية الحسن قالت عبارة جميلة في حق عبد الله وفي حقه هو، يعني: سيئة في حقه وجميلة في حق عبد الله بن الزبير ما أتذكرها.

مدى احتياج من قيلت فيه: لين إلى الاعتضاد

السؤال: حفظك الله يا شيخ! الصدوق الذي فيه لين هل يحتاج لمن يعضده؟الجواب: الذي يبدو أنه ما يحتاج، إذا كان فيه لين معناه: توهين يسير.
وهي أقل من درجة مقبول، إذا قيل: لين، أو قيل: فيه لين، وفيه لين أهون من لين.

حكم من أدى الفرائض دون النوافل ثم مات

السؤال: فضيلة الشيخ! من لم يفعل شيئاً من النوافل لا صيام ولا غيره، ثم مات مع تأديته الفرائض فما حكمه؟الجواب: على كل يرجى له الخير، ما دام أنه أدى الواجبات فهو على خير، ولكنه قصر كثيراً، ومن المعلوم: أن النوافل هي كالسياج للفرائض، والذي يتهاون في النوافل يتهاون في الفرائض، وإذا كان ترك تلك رغبة على السنة فهو آثم، وأما إذا كان كسلاً فهذا أدى ما عليه، فهو على خير إن شاء الله.

حكم القطرة في العين والأنف للصائم

السؤال: فضيلة الشيخ! القطرة في العين والأنف هل تفطر وكذلك الحجامة؟الجواب: القطرة في العين ما تفطر، لكن بالسنبة للأنف كما هو معلوم من المنافذ، فإذا وصل إلى حلقه وابتلع شيئاً من ذلك فهو مثلما لو أدخله من فمه الصعوط والوجور، الصعوط: ما يوضع في الأنف، والوجور: ما يوضع في الفم، وأما الحجامة فهي تفطر؛ لقوله: (أفطر الحاجم والمحجوم)، والحاجم إذا كان بالطريقة القديمة التي فيها مص المحاجم، وأما إذا كان بدون مص فيفطر المحجوم دون الحاجم.


ماهية الأراضين السبع

السؤال: هل الأراضين سبع وكيف كنهها ومن يسكنها؟
الجواب: الأراضين سبع، كما جاء في الحديث: (من ظلم شبراً من الأرض طوقه من سبع أراضين) جاء في هذا الحديث نفسه طوقه من سبع أراضين، هذا يدل على أنها متلاصقة، وأنه متصل بعضها ببعض؛ لأنه لو كانت كل طبقة لها سكان، إذا ظلم الإنسان يكون عليه الطبقة التي ظلمها، وأما الطبقات التي تحت فهي تبع السكان الذين يكونون تحت تلك الطبقة، لكن قوله: (طوقه من سبع أراضين) معناه: كله يحمله على كتفه، وعلى رقبته يوم القيامة لأنه ظلم، فالعلماء استنبطوا من هذا الحديث أنها متلاصقة، وأنها متصلة بعضها ببعض، وأنها ليست كالسماوات كل سماء مستقلة، وفيه فضاء بينهما وفيه سكان لكل سماء، وإنما تلك الأراضين متلاصقة، وجاء في حديث ضعيف أنه قال: كل أرض فيها آدم كآدم، وموسى كموسى، وما إلى ذلك، ولكن غير صحيح، لكن الصحيح الذي جاء في الحديث هذا الحديث الذي ورد في الصحيحين (من ظلم شبراً..).






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #544  
قديم 24-05-2022, 01:12 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,535
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الجنائز

(327)

- (باب الرخصة في البكاء على الميت) إلى (باب شق الجيوب)

رخص الشرع في البكاء على الميت لكن دون دعوى الجاهلية أو السلق أو ضرب الخدود، أو حلق الرءوس وشق الجيوب؛ لأن كل ذلك منهيٌ عنه لما فيه من التسخط وعدم الرضا بأقدار الله.

الرخصة في البكاء على الميت


شرح حديث: (... دعهن يا عمر فإن العين دامعة والقلب مصاب والعهد قريب)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الرخصة في البكاء على الميتأخبرنا علي بن حجر حدثنا إسماعيل هو ابن جعفر عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو بن عطاء أن سلمة بن الأزرق قال: سمعت أبا هريرة رضي الله تعالى عنه، قال: (مات ميت من آل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاجتمع النساء يبكين عليه، فقام عمر ينهاهن ويطردهن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعهن يا عمر! فإن العين دامعة، والقلب مصاب، والعهد قريب)].
يقول النسائي رحمه الله: الرخصة في البكاء على الميت.
لما ذكر في الباب السابق النياحة وما ورد من الأحاديث في تحريمها والمنع منها، ذكر هذه الترجمة وهي: الرخصة في البكاء، وسبق أن مر أيضاً قبل النياحة في البكاء على الميت، وأورد فيه أحاديث دالة على الجواز، ولكنه أعاد هذه الترجمة بهذا اللفظ: الرخصة في البكاء على الميت، وأورد فيها حديثاً عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه مات ميت من آل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم، فاجتمع النساء، فجعلن يبكين، فنهاهن عمر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (دعهن، فإن العين باكية، والقلب مصاب، والعهد قريب) المقصود منه: دعهن فإن العين دامعة، يعني: دعهن يبكين، وأنه يتركهن دون منع، ولعل ذلك كما هو واضح من نص الحديث أنه مجرد بكاء، وليس نياحة، ولا صياح، وإنما هو دمع عين، وحزن قلب، وهذا فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفعل بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث قد مضت من حديث جابر رضي الله عنه وغيره، وأن البكاء على الميت سائغ حيث لا يكون فيه رفع صوت بالمصيبة، وإنما دمع عين، وحزن قلب، فإنه والحالة هذه سائغ فلا بأس به.
وقال هنا: [(فإن العين دامعة، والقلب مصاب)]، يعني: أنه حصلت مصيبة حزن القلب لها، [(والعهد قريب)] يعني: العهد بالوفاة قريب، وهذا وقت شدة المصيبة. ولهذا من يملك نفسه عند الصدمة الأولى هذا هو الذي يحصل منه الصبر، الصدمة الأولى وهي: عندما يفاجأ الإنسان بالمصيبة، هذا هو الذي يكون عنده الثبات والصبر، أو الجزع، أما إذا طال العهد ومضى وقت، فإنه يحصل السلوان، وتخف المصيبة في القلب، ولكن عند الموت وعند حلول المصيبة هذا هو الذي يكون فيه شدة الخطب، وهو الذي يتميز فيه من يكون صابراً ممن يكون غير صابر، ولهذا قال: [(والعهد قريب)].


تراجم رجال إسناد حديث: (... دعهن يا عمر فإن العين دامعة والقلب مصاب والعهد قريب)


قوله:

[أخبرنا علي بن حجر].

هو علي بن حجر بن إياس السعدي المروزي، هو ثقة، حافظ، أخرج له البخاري ومسلم والترمذي والنسائي.
[عن إسماعيل].
هو ابن جعفر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن عمرو بن حلحلة].
هو محمد بن عمرو بن حلحلة، وهو ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
[عن محمد بن عمرو].
هو محمد بن عمرو بن عطاء، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أن سلمة بن الأزرق].
مقبول، أخرج له النسائي وابن ماجه.
[سمعت أبا هريرة].
رضي الله تعالى عنه هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام، بل هو أكثر هؤلاء السبعة حديثاً رضي الله تعالى عنه وعن الصحابة أجمعين، وهذا الحديث مما ضعفه الألباني، ولا أدري وجه تضعيفه، والحديث كما هو معلوم: معناه دلت عليه أحاديث سبقت ومرت، ذكرها النسائي، وأشياء لم يذكرها النسائي، وهي صحيحة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك بكاؤه هو على ابنه إبراهيم، وقوله: (إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون) فالبكاء ثابت، ودمع العين جاءت السنة بالدلالة عليه، فمعناه وما اقتضاه الحديث وما دل عليه الحديث هو ثابت في أحاديث أخرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.


دعوى الجاهلية


شرح حديث: (ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [دعوى الجاهلية أخبرنا علي بن خشرم حدثنا عيسى عن الأعمش (ح) وأخبرنا الحسن بن إسماعيل حدثنا ابن إدريس عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعاء الجاهلية) واللفظ لـعلي، وقال الحسن: بدعوى].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: دعوى الجاهلية أي: الدعاء بدعوى الجاهلية، والجاهلية هي: ما كان قبل عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان عندهم أمور اعتادوها، وقد جاء الإسلام بتحريمها والمنع منها، ومن ذلك ما كانوا يفعلونه من رفع الصوت بذكر الشخص ومآثره، وندبته، وما إلى ذلك من الأشياء التي كانوا يفعلونها، فهذه من دعوى الجاهلية، وقد جاء الإسلام بمنعها، كما جاء بمنع أمور أخرى تحصل عند المصيبة، مثل: شق الجيوب، وحلق الرءوس، ورفع الصوت، فإن هذه أمور جاءت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنعها وتحريمها، بل وبكونها من الكبائر؛ لأنه ورد اللعن فيها.
وهنا أورد النسائي حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: [(ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعاء الجاهلية)] قال: وهذا اللفظ لـعلي، وقال الحسن: بدعوى.
أي: الحسن بن إسماعيل قال: دعوى، معناه: أن الشيخين اللذين روى الحديث النسائي عنهما اختلفا في هذه الكلمة؛ فشيخه الأول وهو: علي بن خشرم أتى بالتعبير (بدعاء)، وشيخه الثاني في الإسناد الثاني: الحسن بن إسماعيل أتى (بدعوى)، وهما بمعنى واحد، وقد عقد الترجمة على لفظ الحسن بن إسماعيل وهي: دعوى الجاهلية، وهذا هو المشهور في الروايات: دعوى الجاهلية، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: [(ليس منا من ضرب الخدود)] يعني: تأثراً عند المصيبة وما يحصل من تمزيق الثياب وشقها وتخريقها إظهاراً للحزن؛ فإن هذه من الأمور المحرمة، وكذلك الدعاء بدعوى الجاهلية وهي: رفع الصوت أو فعل ما كان يفعله الجاهلية من ذكر الأشخاص عند موتهم، وبيان محاسنهم، وإظهار التفجع عليهم، والإتيان بأمور كان أهل الجاهلية يعتادونها، فنهى عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: [(ليس منا)].
وقوله: [(ليس منا)]، يعني: ليس ممن هو على هدينا، وعلى طريقتنا، وعلى سنتنا، وليس معنى ذلك أنه ليس من المسلمين؛ لأنه من حصل منه ذلك لا يكون كافراً، ولكنه مرتكب كبيرة من كبائر الذنوب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كما أنه هنا قال: [(ليس منا)] فقد لعن من فعل تلك الأمور كما في أحاديث جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[(ليس منا)] ليس المقصود أنه ليس من المسلمين وأنه يكون كافراً، والنفي هذا إنما هو لكمال الإيمان، وليس لأصل الإيمان، ولمن يكون على المنهج والطريقة.
والسنة التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم هي ترك هذه الأمور، والابتعاد عن هذه الأمور التي هي من أمور وأعمال الجاهلية.

تراجم رجال إسناد حديث: (ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ...)

قوله: [أخبرنا علي بن خشرم].هو المروزي، وهو ثقة، أخرج له مسلم والترمذي والنسائي.
وعلي بن خشرم هذا من المعمرين، ذكر في ترجمته أنه قال عن نفسه: (صمت ثمانية وثمانين رمضاناً) يعني: مضى عليه ثمان وثمانون سنة، وهو يصوم شهر رمضان، معناه: أنه معمر؛ لأنه ما دام أنه ثمانية وثمانون عاماً من عمره وهو يصوم معناه أنه عمّر.
[حدثنا عيسى].
هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الأعمش].
هو الأعمش سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، والأعمش لقب اشتهر به سليمان بن مهران الكاهلي، ومعرفة ألقاب المحدثين نوع من أنواع علوم الحديث، وفائدة معرفة هذا النوع أن لا يظن الشخص الواحد شخصين فيما إذا ذكر باسمه مرة، وبلقبه أخرى، فإن من لا يعرف يظن أن الأعمش شخص وأن سليمان بن مهران شخص آخر.
[(ح) وأخبرنا الحسن بن إسماعيل].
ثم قال (ح) وأخبرنا الحسن بن إسماعيل، والحاء هذه تدل على التحويل، أي: التحول من إسناد إلى إسناد؛ يعني: يذكر إسنادين ثم يلتقي الإسنادان عند شخص واحد، ثم يتحدان إلى نهاية الإسناد، فهذه الحاء تدل على التحويل؛ لأن الذي يكون بعدها ليس شيخاً للذي قبلها، وإنما هو رجوع إلى الإتيان بإسناد من جديد.
والحسن بن إسماعيل المصيصي ثقة، أخرج له النسائي وحده.
[حدثنا ابن إدريس].
هو عبد الله بن إدريس الأودي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الأعمش].
وقد مر ذكره، وهو ملتقى الإسنادين الأول والثاني.
[عن عبد الله بن مرة].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مسروق].
هو مسروق الأجدع، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله].
هو عبد الله بن مسعود الهذلي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من علماء الصحابة ومن كبارهم، وكانت وفاته سنة (32هـ) وبعض العلماء يعده من العبادلة الأربعة، ولكن الصحيح أنه ليس منهم؛ لأن العبادلة هم من الصغار كلهم، وهم: عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص، فهؤلاء الأربعة في زمن واحد، وقد أدركهم من لم يدرك كبار الصحابة، فعده -أي: ابن مسعود- بعضهم في العبادلة الأربعة، ولكن المشهور والصحيح أنه ليس منهم؛ لأن العبادلة الأربعة هم من الصغار وكانوا في سن متقارب، وقد أدركهم من لم يدرك ابن مسعود ومن كان في طبقة ابن مسعود من كبار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.


السلق


شرح حديث: (... ليس منا من حلق ولا خرق ولا سلق)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [السلق أخبرنا عمرو بن علي حدثنا سليمان بن حرب حدثنا شعبة عن عوف عن خالد الأحدب عن صفوان بن محرز قال: أغمي على أبي موسى رضي الله تعالى عنه فبكوا عليه، فقال: أبرأ إليكم كما برئ إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من حلق، ولا خرق، ولا سلق].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: السلق، والمراد بالسلق هنا: رفع الصوت عند المصيبة، يعني: سلقه بلسانه، معناه أنه تكلم عليه، ورفع صوته عليه، فالسلق هو رفع الصوت، ومثله الصلق، ولهذا يقال: السالقة والصالقة، والمراد بها: التي ترفع صوتها عند المصيبة، السالقة والصالقة هما بمعنى واحد يأتيان بالسين والصاد، والمراد بها من ترفع صوتها عند المصيبة.
وقد أورد النسائي حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، أنه أغمي عليه فأفاق، وإذا به يسمع رفع صوت، فجاء في بعض الروايات أن امرأته صاحت فقال: [أبرأ إليكم كما برئ إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم]، فالرسول صلى الله عليه وسلم برئ من الصالقة والحالقة والشاقة ونحن نبرأ مما برئ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني: أننا ننكر هذا ونعيبه، ولا نرضاه، وننكر على من يحصل منه ذلك؛ لأن الواجب هو اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم والسير على منهاجه، وهو قد منع من ذلك، فنحن نكره هذا ونمنعه، وننكر على من يحصل منه.
كان أغمي عليه رضي الله تعالى عنه، ولما أفاق وسمع الصياح بادر إلى ذكر سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا يدلنا على ما كان عليه أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام ورضي الله عنهم وأرضاهم من بيان السنن ولو كانوا في حالة شديدة من المصيبة ومن المرض؛ فإنه كان في مرض شديد، ولكن ذلك ما منعه من أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وأن ينبه على ما شاهده وعاينه أو سمع به من أمر منكر.
ومثل هذا الصنيع الذي صنعه أبو موسى رضي الله عنه حصل أيضاً من عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وأرضاه كما في صحيح البخاري؛ أنه لما طعنه المجوسي وهو يصلي بالناس الصبح، ونال الشهادة بهذه الطعنة، وبقي أياماً يغمى عليه ويفيق، وكان يأتيه الناس يعودونه ويزورونه، فجاء إليه شاب فأثنى عليه خيراً، وقال: هنيئاً لك يا أمير المؤمنين! صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسنت صحبته، ثم صحبت أبا بكر فأحسنت صحبته، ثم وليت فعدلت، وعملت كذا، وكذا، وكذا، ويذكر شيئاً، فقال رضي الله عنه: (وددت أن يكون ذلك كفافاً لا عليّ ولا لي)، وهذا من تواضعه، وهذا شأن أهل الكمال عندهم الأعمال العظيمة، ومع ذلك يحتقرون أنفسهم، ويهضمون أنفسهم، ويقول عمر رضي الله عنه هذه المقالة وهو يعلم بأنه من أهل الجنة، وقد شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة، ولكن الأمر كما قال الله عز وجل: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ )[المؤمنون:60]، فهم مع إحسانهم، ومع قيامهم بما يرضي الله عز وجل، وفعلهم الأفعال المجيدة والعظيمة، كان الواحد منهم يهضم نفسه، ويتواضع لله، ومن تواضع لله رفعه الله عز وجل، ثم ولى الغلام، ولما ذهب وإذا ثوبه يمس الأرض، يعني: ثوبه نازل، فقال: ردوا عليّ الغلام، فلما رجع إليه قال: يا ابن أخي! ارفع ثوبك فإنه أتقى لربك، وأنقى لثوبك، يعني: في هذه الشدة يغمى عليه ويفيق، ومع ذلك لما رأى هذا الثوب الذي قد نزل من هذا الرجل الذي أثنى عليه ومدحه وأرشده إلى السنة، وأن الإنسان لا يسبل ولا ينزل ثيابه، وإنما يرفعها عن الكعبين كما جاءت بذلك السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.
وقد أرشده إلى فائدة دنيوية وفائدة أخروية؛ فائدة دنيوية وهي: سلامة الثوب، ونظافته، والإبقاء عليه، قال: فإنه أنقى لثوبك؛ لأنه إذا نزل كان عرضة للأوساخ، وأتقى لربك، وهذه فائدة دنيوية وأخروية؛ لأن تقوى الله عز وجل فيها كل خير في الدنيا والآخرة، فيها ما يعود على الإنسان في الخير في الدنيا والآخرة.
فالحاصل: أن شأن أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام ورضي الله عنهم وأرضاهم أنهم كانوا من أسبق الناس إلى كل خير، وأحرص الناس على كل خير، وكانوا دعاة إلى الله على بصيرة، وكانوا يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر؛ وكون الواحد منهم يكون في شدة فلا يمنعه ذلك من أن يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر. ثم بعض الناس إذا سمع في مثل الكلام على الإسبال أو ما إلى ذلك يستهين بهذا الأمر ويقول: مثل هذه الأمور لا يصلح أنه يشتغل بها، وعليه أن يشتغل في الأمور الكبيرة، وهذه لا يصلح أن يشتغل بها، ويقولون: إن الدين لباب وقشور، وهذه من القشور، فيعتنى باللباب وتترك القشور، فهذا كلام باطل؛ فالدين كله لباب وليس فيه شيء يستهان به، لا شك أن بعضه أهم من بعض، لكن ليس معنى ذلك أنه يترك الأمر الذي هو دون غيره، وإذا وجد الأمران الكبير والذي هو دونه فطبعاً ينبه على ما هو أكبر قبل أن ينبه على ما هو أصغر، فيبدأ بالأهم فالأهم، لكن لا يجوز أن يقال: إن في الدين لباباً وقشوراً، وأن هناك قشور هي من الدين؛ فهذا كلام من أبطل الباطل، وكلام في غاية السوء، بل الدين كله خير وكله لباب، نعم.. يمكن أن يقال: هناك أمور بعضها أهم من بعض، ويبدأ بالأهم فالأهم، هذا كلام صحيح، وإذا وجد أمران خطيران فالتنبيه على الأخطر أعظم من أن يشتغل بالذي هو دونه ويترك؛ إذا كان الإنسان الذي فيه هذا الأمر عنده أمران أحدهما أخطر من الثاني فلا شك أنه ينبه على ما هو الأخطر قبل أن ينبه على ما هو دونه.
الحاصل: أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هم خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد الرسل الكرام، هم خير هذه الأمة التي هي خير الأمم، وهذا هو شأنهم، وهذه طريقتهم وهذا منهجهم؛ دعاة إلى الخير لا تأخذهم في الله لومة لائم رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.


تراجم رجال إسناد حديث: (... ليس منا من حلق ولا خرق ولا سلق)


قوله:
[أخبرنا عمرو بن علي].
هو الفلاس، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[حدثنا سليمان بن حرب].
هو سليمان بن حرب البصري، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عوف].
هو عوف بن أبي جميلة الأعرابي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن خالد الأحدب].
هو خالد بن محرز المازني، ثقة، عابد، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود.
[أبي موسى].
هو عبد الله بن قيس الأشعري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مشهور بكنيته ونسبته، رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #545  
قديم 24-05-2022, 01:12 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,535
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

ضرب الخدود


‏ حديث: (ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ...) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ضرب الخدودأخبرنا محمد بن بشار حدثنا يحيى حدثنا سفيان حدثني زبيد عن إبراهيم عن مسروق عن عبد الله رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية)].
أورد النسائي حديث ابن مسعود رضي الله عنه من طريق أخرى: (ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية) وهو مثل ما تقدم.
قوله:
[محمد بن بشار].
هو الملقب: بندار البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[حدثنا يحيى].
هو ابن سعيد القطان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سفيان].
هو ابن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة، ثبت، حجة، إمام، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثني زبيد].
هو زبيد بن الحارث اليامي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن إبراهيم].
هو إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو الذي اشتهر عنه الكلمة المشهورة التي يذكرها الفقهاء في كتبهم: (ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه)، يعنون بذلك: الذباب، والجراد، وغير ذلك مما ليس فيه دم، يقولون: ما لا نفس سائلة، يعني: لا دم؛ لأن النفس يطلق على الدم يقال له: نفس، قال ابن القيم في زاد المعاد: أول من عرف عنه أنه عبر بهذه العبارة إبراهيم النخعي، وعنه تلقاها الفقهاء ومن بعده.
[عن مسروق].
وقد مر ذكره.
[عن عبد الله].
وقد مر ذكره.


الحلق


شرح حديث: (... أنا بريء ممن حلق وخرق وسلق) من طريق ثانية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [الحلقأخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيم حدثنا جعفر بن عون أخبرنا أبو عميس عن أبي صخرة عن عبد الرحمن بن يزيد وأبي بردة قالا: (لما ثقل أبو موسى رضي الله تعالى عنه أقبلت امرأته تصيح، قالا: فأفاق فقال: ألم أخبرك أني بريء ممن برئ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالا: وكان يحدثها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أنا بريء ممن حلق وخرق وسلق)].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الحلق، فهو حلق الرؤوس -أي: حلق الشعر- عند المصيبة، هذا هو المقصود بالحلق، وأورد النسائي حديث أبي موسى رضي الله عنه أنه ثقل وأغمي عليه، ولما أفاق وإذا امرأته تصيح، فقال: ألم أخبرك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بريء ممن حلق وخرق وسلق، يعني: حلق رأسه، وخرق ثوبه، ورفع صوته، وخرق يعني: رفع صوته، يعني: أنه حدثها وأخبرها بهذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل، ولما أفاق وإذا هي تصيح، وكان حدثها من قبل فأنكر عليها، وقال: ألم أخبرك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك.
وقوله: [وكان يحدثها أن الرسول صلى الله عليه وسلم].
يعني: وكان يحدثها من قبل أن النبي صلى الله عليه وسلم برئ ممن حلق وخرق وسلق.

تراجم رجال إسناد حديث: (... أنا بريء ممن حلق وخرق وسلق) من طريق ثانية

قوله:

[أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيم].

هو الكوفي، وهو ثقة، أخرج له البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه.
[حدثنا جعفر بن عون].
هو جعفر بن عون بن جعفر، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا أبي عميس].
هو عتبة بن عبد الله المسعودي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي صخرة].
هو أبو صخرة جامع بن شداد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الرحمن بن يزيد].
هو عبد الرحمن بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وأبي بردة].
هو ابن أبي موسى، مشهور بكنيته، وقيل: إن اسمه عامر، وقيل غير ذلك، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي موسى].
وقد مر ذكره.


شق الجيوب


حديث: (ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ...) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [شق الجيوبأخبرنا إسحاق بن منصور حدثنا عبد الرحمن حدثنا سفيان عن زبيد عن إبراهيم عن مسروق عن عبد الله رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية)].
أورد النسائي حديث ابن مسعود وهو مثل ما تقدم، إلا أنه أورده هنا بهذه الترجمة وهي: شق الجيوب.
قوله:
[أخبرنا إسحاق بن منصور].
هو الكوسج المروزي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود.
[حدثنا عبد الرحمن].
هو عبد الرحمن بن مهدي البصري، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سفيان].
هو سفيان الثوري، وقد مر ذكره.
[عن زبيد].
زبيد، وقد مر ذكره أيضاً.

[عن إبراهيم عن مسروق عن عبد الله].

وقد مر ذكرهم.

حديث: (ليس منا من سلق وحلق وخرق) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن المثنى أخبرنا محمد حدثنا شعبة عن منصور عن إبراهيم عن يزيد بن أوس عن أبي موسى رضي الله تعالى عنه أنه أغمي عليه فبكت أم ولد له، فلما أفاق قال لها: أما بلغك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فسألناها فقالت: قال: (ليس منا من سلق وحلق وخرق)].أورد النسائي حديث أبي موسى رضي الله عنه، وهو مثل ما تقدم إلا أنه هنا أورده باب شق الجيوب، وتقدم الحديث من طريق أخرى.
قوله:
[أخبرنا محمد بن المثنى].
هو الملقب الزمن، وكنيته: أبي موسى العنزي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[أخبرنا محمد].
هو ابن جعفر الملقب غندر البصري، وإذا جاء محمد يروي عن شعبة ويروي عنه محمد بن المثنى أو محمد بن بشار فالمراد به: محمد بن جعفر الملقب غندر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة].
وقد مر ذكره.
[عن منصور].
هو منصور بن المعتمر الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن إبراهيم].
هو النخعي، وقد مر ذكره.
[عن يزيد بن أوس].
مقبول، أخرج له أبو داود، والنسائي.
[عن أبي موسى].
وقد مر ذكره.

حديث: (ليس منا من حلق وسلق وخرق) من طريق رابعة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبدة بن عبد الله حدثنا يحيى بن آدم حدثنا إسرائيل عن منصور عن إبراهيم عن يزيد بن أوس عن أم عبد الله امرأة أبي موسى عن أبي موسى رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من حلق وسلق وخرق)].أورد النسائي أيضاً حديث أبي موسى رضي الله عنه من طريق أخرى وهو مثل ما تقدم.
قوله:
[عبدة بن عبد الله].
هو عبدة بن عبد الله الصفار، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا يحيى بن آدم].
هو يحيى بن آدم الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا إسرائيل].
هو إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن منصور عن إبراهيم عن يزيد بن أوس].
وقد مر ذكرهم.
[عن أم عبد الله امرأة أبي موسى].
هي أم عبد الله بنت أبي دومة صحابية، أخرج حديثها مسلم وأبو داود والنسائي.

شرح حديث: (إن رسول الله لعن من حلق أو سلق أو خرق) من طريق خامسة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا هناد عن أبي معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن سهم بن منجاب عن القرثع قال: لما ثقل أبو موسى صاحت امرأته، فقال: (أما علمت ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: بلى، ثم سكتت، فقيل لها بعد ذلك: أي شيء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من حلق أو سلق أو خرق)].أورد النسائي هذا الحديث من طريق أخرى وفيه ذكر اللعن، وهو من الأدلة الدالة على أن تلك الأعمال من الكبائر.
قوله:

[أخبرنا هناد].

هو هناد بن السري أبو السري، وهو ثقة، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي معاوية].
هو محمد بن خازم بن الضرير الكوفي، وهو ثقة، مدلس، وذكر عنه التدليس في التقريب، أما نسختنا الشامية ليس فيها ذكر التدليس، وهو أحفظ الناس لحديث الأعمش، وقد يهم في حديث غيره، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وفي اعتباري أن فيه التدليس.
[عن الأعمش].
وقد مر ذكره.
[عن إبراهيم].
وقد مر ذكره.
[عن سهم بن منجاب].
ثقة، أخرج له مسلم، وأبو داود، والترمذي في الشمائل، والنسائي، وابن ماجه.
[عن القرثع].
هو القرثع الضبي الكوفي، وهو صدوق، أخرج له أبو داود، والترمذي في الشمائل، والنسائي، وابن ماجه.
[عن أبي موسى].
وقد مر ذكره.


الأسئلة


صحة حديث: (إن الطواف في البيت صلاة ...)

السؤال: فضيلة الشيخ حفظكم الله! ما صحة قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الطواف في البيت صلاة إلا أن الله تعالى أحل فيه النطق، فمن نطق فلا ينطق إلا بخير)؟

الجواب: الحديث فيما أذكر صحيح، لكن ما أدري ما درجته، وهو الذي يستدل به العلماء على اشتراط الطهارة في الصلاة.

حكم الصلاة خلف الإمام المسبل إزاره

السؤال: يا شيخ حفظكم الله! وجدت جماعة يصلون والإمام مسبل، هل أصلي معهم أو أصلي وحدي؟

الجواب: لا، صل معهم، وإذا فرغ الإمام انصحه.

دليل وجوب تغطية الوجه للنساء

السؤال: حفظكم الله! ما الدليل على وجوب تغطية الوجه للنساء؟

الجواب: الدليل على ذلك الآيات والأحاديث، يعني: الآيات التي فيها ذكر الحجاب، وكذلك الأحاديث التي وردت في ذلك عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد ألفت في ذلك رسائل للشيخ ابن باز، ولـابن عثيمين، وكذلك الشيخ صالح البليهي له كتاب مطول في هذا، وغيرهم من أهل العلم.

حكم الدعاء بعد الفريضة ومسح الوجه بعد الفراغ من الدعاء

السؤال: فضيلة الشيخ! ما حكم الدعاء بعد الفريضة؟ وما حكم مسح الوجه بعد الدعاء؟

الجواب: الدعاء بعد الفريضة إذا أتى الإنسان بالذكر المشروع ودعا بذلك فهو سائغ، وأما مسح الوجه باليدين بعد الدعاء فهذا لم يثبت، أي: غير ثابت، وإنما إذا رفعت الأيدي فإنها تنزل بدون مسح للوجه.

كيفية تطهير نجاسة المسجد

السؤال: حفظكم الله يا شيخ! إذا كانت هناك نجاسة في أرض المسجد، فهل يكفي مسحها أو يجب صب الماء عليها؟

الجواب: إذا كانت النجاسة في تراب يصب عليها حتى تكاثر، وأما إذا كانت -مثلاً- في بلاط أو ما إلى ذلك فلا يصب عليها حتى تتكاثر، وإنما يصب عليها وتمسح، ثم يصب عليها وتمسح؛ لأنها ما تروح، وليست مثل التراب الذي يروح في الأرض، يعني: يصب عليها شيئاً فشيئاً وتمسح، ولا يحتاج إلى صب ماء؛ لأنه إذا كثر الماء ساح، وذهبت النجاسة إلى أماكن متعددة واتسعت، بخلاف الأرض الترابية؛ إذا صب عليها الماء أخذته الأرض.

حكم استعمال الفيديو والتلفاز

السؤال: يا شيخ حفظكم الله! ما حكم إنسان عنده مزرعة ويوجد فيها عمال، فأحضر أحدهم جهاز التلفاز والفيديو، وقد نصحهم ولم ينتصحوا، وهو ليس راض عنهم فهل يأثم بذلك؟
الجواب: على كل هو له أن يمنعهم من الشيء الذي هو منكر، فإذا كانوا يستعملون ذلك في أمور سيئة وخبيثة لا يجوز له إقرارهم على ذلك؛ لأن من الناس من يستعمل الفيديو في أمور من أخبث ما يكون، ومن أسوأ ما يكون والعياذ بالله.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #546  
قديم 24-05-2022, 01:14 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,535
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الجنائز

(328)

- (باب الأمر بالاحتساب والصبر عند نزول المصيبة) إلى (باب ثواب من احتسب ثلاثة من صلبه)

بيّن الشرع فضل الاحتساب والصبر عند المصائب وخاصة عند الموت، ورتب الأجر العظيم لمن صبر واحتسب، وبيّن ثواب من فقد ثلاثة من أولاده واحتسب ذلك عند الله تعالى.

الأمر بالاحتساب والصبر عند نزول المصيبة


شرح حديث: (... إن لله ما أخذ وله ما أعطى ... فلتصبر ولتحتسب ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [الأمر بالاحتساب والصبر عند نزول المصيبة. أخبرنا سويد بن نصر حدثنا عبد الله عن عاصم بن سليمان عن أبي عثمان حدثني أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنه قال: (أرسلت بنت النبي صلى الله عليه وسلم إليه أن ابناً لي قبض فأتنا، فأرسل يقرأ السلام، ويقول: إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عند الله بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب، فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتينها، فقام ومعه سعد بن عبادة ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وزيد بن ثابت ورجال، فرفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبي ونفسه تقعقع ففاضت عيناه، فقال سعد: يا رسول الله! ما هذا؟ قال: هذا رحمة يجعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء)].
يقول النسائي رحمه الله: باب الأمر بالاحتساب، والصبر عند المصيبة.
المراد بالاحتساب هو: كون الإنسان يريد بما يعمله وجه الله عز وجل، فهو عندما تحل به مصيبة يصبر ويرجو ثواب صبره على مصيبته عند الله عز وجل، وهذا من جنس قوله عليه الصلاة والسلام: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) يعني: أنه يحتسب الأجر عند الله عز وجل، ويرجو الثواب من المولى سبحانه وتعالى، فهذا هو المراد بالاحتساب.
والصبر عند المصيبة يعني: أنه عندما تحصل له مصيبة يحصل منه الرضاء والصبر، وعدم الإتيان بشيء لا يسوغ مثل الأمور التي لعن عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي: كون الإنسان عند المصيبة يحصل منه رفع الصوت، أو شق الثياب، أو حلق الشعر، وما إلى ذلك من الأمور التي كانت تفعل في الجاهلية عند حصول المصائب، فيصبر الإنسان، ويبتعد عن الأمور المحرمة، ويقول ما ورد: إنا لله وإنا إليه راجعون، وما ورد في ذلك عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، هذا هو المقصود من هذه الترجمة، الأمر بالاحتساب والصبر عند المصيبة.
ومن المعلوم أن الإنسان إذا حلت به مصيبة إن صبر فهو على خير، وإن لم يصبر فهو على شر؛ لأنه لا يستفيد من عدم صبره إلا المضرة، وذلك أنه قد يحصل منه أمور تعود عليه بالمضرة، مثل ما أشرت إليه آنفاً من الأشياء التي جاء عن الرسول عليه الصلاة والسلام اللعن عليها: (لعن الله الصالقة، والحالقة، والشاقة) وهذا بسبب عدم الرضا، وعدم الصبر والاحتساب، فيترتب على ذلك المضرة.
وإذاً: فالصبر خير للإنسان، وقد جاء عن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام، أن المسلم شأنه كله له خير، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، إن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن) فأي مصيبة وأي مضرة تحصل للإنسان ويصبر، فإن الله تعالى يأجره عليها، وإذا لم يحصل منه الصبر، بل حصل منه التسخط، أو حصل منه فعل أمور محرمة كالصلق، والسلق، والحلق، وما إلى ذلك من الأمور التي جاء التحذير منها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه يحصل الضرر ولا يحصل فائدة من وراء ذلك.
ثم أورد النسائي تحت هذه الترجمة حديث أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنهما أنه قال: إن بنتاً للرسول عليه الصلاة والسلام أرسلت تخبره بأن ابناً لها قبض وتطلب منه أن يأتي، والمراد بقوله (قبض) أي: أنه على وشك الموت في حالة نزع الروح؛ فالرسول عليه الصلاة والسلام أمر الذي جاء إليه وأخبره بأن يخبرها بأن تصبر وتحتسب، ويخبرها أن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، وهذه الجمل الثلاث هي من خير ما يعزى به، ومن خير ما يتذكره الإنسان عند المصيبة، فالله تعالى هو الذي أعطى هذا الولد، أو أعطى هذه النعمة، وهو الذي أخذها، وكل شيء كتب له أجل ينتهي عنده، وكل ذلك مكتوب ومقدر، فإذا أتى الإنسان بمثل هذه الألفاظ التي جاءت عن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام، فإن فيه ترويضاً وتذكيراً للنفس وتهويناً للمصيبة؛ لأن الأمر كله من الله وإلى الله، وأن كل شيء قد له أجل محتوم لا يتقدمه ولا يتأخر عنده، وأنه ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، (إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى)، فهذا من خير ما يتذكره الإنسان عند المصيبة.
ومن خير ما يتذكر عند المصيبة، تذكر وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن البقاء لو كان لأحدٍ لكان أحق الناس به رسول الله عليه الصلاة والسلام، الذي كله خير وبركة، ونفعه عميم عظيم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
فالله عز وجل يقول: وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِينْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ [الأنبياء:34]، ما جعل الخلد لأحد، فعلى الإنسان أن يتذكر عند وفاة قريبه أو من يعز عليه فقده أن الموت باب مفتوح لكل أحد، وأن في تذكر وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام العزاء عن كل مصيبة؛ لأن هذه أعظم مصيبة حصلت للمسلمين.
فالصبر والاحتساب فيه الخير، وعدم الصبر والاحتساب فيه المضرة، ولا يحصل الإنسان فائدة من تسخطه، بل يحصل المضرة.
ثم إنها أرسلت إليه تقسم عليه أن يأتي، فأتى ومعه جماعة من أصحابه من الأنصار، منهم: معاذ بن جبل، وسعد بن عبادة، وأبي بن كعب ورجال آخرون ذهبوا إليها فناولته الصبي، ووضعه في حجره ونفسه تقعقع، يعني: أنها حشرج الصدر عند خروج الروح، هذا هو وصف ذلك الصبي، وهذه حال ذلك الصبي، ففاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبكاء، وهذا يدلنا على أن البكاء عند المصيبة لا مانع منه، الذي هو دمع العين، وحزن القلب، ولكن الممنوع والمحرم والذي لا يسوغ، هو رفع الصوت بالمصيبة، وشق الثياب وحلق الرءوس، وما إلى ذلك، فهذا هو الذي لا يسوغ ولا يجوز، أما مجرد البكاء فالرسول صلى الله عليه وسلم قد بكى كما في هذه الحال، وبكى لما مات ابنه إبراهيم وقال: (إن العين لتدمع، والقلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون) فهنا فاضت عينا رسول الله عليه الصلاة والسلام في البكاء يعني: دمعت عيناه، لكن ليس هناك صوت، والممنوع هو حصول الصوت، والذي لعن عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: (لعن الله الصالقة) أي: الرافعة لصوتها عند المصيبة، فالرسول صلى الله عليه وسلم بكى، فدل على جواز البكاء، وعلى أنه لا إثم فيه ولا مضرة على صاحبه؛ لأنه دمع عين وحزن قلب، أما إذا تجاوز ذلك إلى صياح وصراخ ورفع صوت، فإن هذا هو النياحة، وهذا هو الذي لعن عليه رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
والأحاديث التي وردت في التحذير غالباً ما جاءت في حق النساء: (لعن الله الصالقة، والحالقة، والشاقة) ومن المعلوم أن الرجال مثل النساء، لكن ذكر الحكم مع النساء؛ لأنهن اللاتي يغلب عليهن مثل ذلك، لما عندهن من عدم الصبر؛ ولهذا لم يشرع للنساء زيارة القبور، ولم يشرع لهن اتباع الجنائز والذهاب للمقابر؛ لقلة صبرهن وما يحصل منهن، أو ما يخشى عليهن من الضرر، وكذلك جاءت الأحاديث التي فيها التحذير بذكر النساء، وبلفظ النائحة، والصالقة، والحالقة، والشاقة، والحكم عام للرجال والنساء، لكن خصت النساء لأنهن اللاتي عندهن الضعف، وعدم التحمل الذي يحصل من الرجال.
فالرسول عليه الصلاة والسلام لما فاضت عيناه بالبكاء قال له سعد: ما هذا يا رسول الله! يعني: كونه حصل هذا البكاء وقد علموا منه النهي عن البكاء على الميت، أي: البكاء الذي يكون فيه نياحة، قال: (إنها رحمة يجعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء) يعني: هذا الذي حصل من كونه بكى لما حصل لهذا الغلام من الشدة، ولما حصل له من هذا الضرر، ومن هذا الذي حصل له، والتألم الذي حصل له قال: [(إنها رحمة يجعلها الله في قلوب عباده)] يعني: كون العين تدمع، والقلب يحزن، [(وإنما يرحم الله من عباده الرحماء)] وهذا يدل على أن الجزاء من جنس العمل، ولهذا جاء في الحديث: (الراحمون يرحمهم الرحمن) وهنا مثله (إنما يرحم الله من عباده الرحماء) فمن رحم رحم، وقد جاء أحاديث كثيرة فيها الجزاء من جنس العمل (من نفس عن مسلمٍ كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة)، (ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة) ومن يستر على الناس يستر الله عليه في الدنيا والآخرة، (ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة) فالجزاء من جنس العمل كثيراً ما يأتي بنصوص الكتاب والسنة، وهنا: (وإنما يرحم الله من عباده الرحماء) هو من هذا القبيل.
والمقصود من إيراد الحديث هو قوله عليه الصلاة والسلام: [(فلتصبر ولتحتسب، وإن لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى )] والترجمة: الأمر بالاحتساب، والصبر عند المصيبة، (فلتصبر ولتحتسب) يعني: تصبر على مصابها، وتحتسب الأجر والثواب عند الله سبحانه وتعالى، وهذه البنت قيل أنها: زينب ابنة الرسول عليه الصلاة والسلام وهذا هو الأظهر، وابنها لـأبي العاص بن الربيع الذي هو زوجها، زوج زينب بنت رسول الله عليه الصلاة والسلام.

تراجم رجال إسناد حديث: (... إن لله ما أخذ وله ما أعطى ... فلتصبر ولتحتسب ...)

قوله:
[أخبرنا سويد بن نصر]
.سويد بن نصر، هو: المروزي وهو ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي، وهو راوية عبد الله بن المبارك، وهو يروي عنه هنا، وكثير من الأحاديث التي تأتي عند النسائي لـسويد بن نصر شيخه هي من طريق عبد الله بن المبارك، وعبد الله بن المبارك مروزي أيضاً، ووصفه الحافظ ابن حجر بصفات عظيمة قال عنه في التقريب: إنه ثقة، جواد، مجاهد، عابد، وذكر جملة من صفاته، وقال: جمعت فيه خصال الخير، فهو جمع بين الحفظ والضبط للحديث، وبين العبادة والجهاد في سبيل الله عز وجل، فاجتمعت فيه خصال كثيرة من خصال الخير، ولهذا لما عدد الحافظ ابن حجر في التقريب بعض صفاته قال في ختامها: جمعت فيه خصال الخير، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عاصم بن سليمان].
هو عاصم بن سليمان الأحول البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي عثمان].
أبو عثمان النهدي هو: عبد الرحمن بن مل أو مَل، أو مِل مثلث الميم، يقال الميم بالتثليث أنها مثلثة؛ لأنه قال: مُل، أو مَل، أو مِل، كلها صحيحة، وكلها صواب، وليس في شيء منها خطأ، وهو النهدي مشهور بكنيته أبي عثمان، وهو ثقة ثبت عابد، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثني أسامة بن زيد].
هو: أسامة بن زيد بن حارثة حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن حبه، وهو صحابي مشهور، وصحابي جليل، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث: (الصبر عند الصدمة الأولى)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن علي حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن ثابت سمعت أنساً رضي الله تعالى عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الصبر عند الصدمة الأولى) ].أورد النسائي حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: [(الصبر عند الصدمة الأولى)] الصبر إنما يوفق الإنسان للظفر به عندما تفاجئه المصيبة وعندما يفجؤه خبر، هذا هو الذي يختلف فيه الناس، ويفترق فيه الناس إلى موفق للأخذ بالحق وبالصبر والاحتساب، وإلى من يحصل منه التسخط، والأفعال المنكرة التي لعن عليها رسول الله عليه الصلاة والسلام، مثل لعن: الصالقة، والحالقة، والشاقة.
الصبر على الحقيقة: إنما يكون عند الصدمة الأولى، وهي مفاجأة الإنسان بحصول المصيبة، وبوقوفه عليها أو بإخباره عنها، فهذه هي الصدمة الأولى التي يفاجأ فيها بالخبر، فهو إن وفق صبر واحتسب، وإن كان بخلاف ذلك حصل منه الأمور المحرمة، والأمور المنكرة التي حذر منها رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
(إنما الصبر عند الصدمة الأولى) فهو ذكر الصبر، والاحتساب ومحله إنما يكون عند الصدمة الأولى، ومن المعلوم أنه إذا مضى وقت على المصيبة فلا بد من السلوان.

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #547  
قديم 24-05-2022, 01:14 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,535
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث: (الصبر عند الصدمة الأولى)

قوله:
[أخبرنا عمرو بن علي].
هو الفلاس، وهو ثقة ناقد، متكلم في الرجال جرحاً وتعديلاً، وهو مشهور باسمه ومشهور بلقبه الفلاس، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة رووا عنه مباشرة وبدون واسطة، ومثله في ذلك: محمد بن بشار الملقب: بندار، ومحمد بن المثنى الملقب: الزمن كنيته: أبو موسى، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، وجماعة ممن تتلمذ عليهم أصحاب الكتب الستة، وروى عنهم فسمع منهم أصحاب الكتب الستة مباشرة وبدون واسطة.
[حدثنا محمد بن جعفر].
هو غندر البصري مشهور بلقبه، ويأتي ذكره باسمه ونسبه، وكثيراً ما يأتي ذكره باسمه دون أن ينسب ودون أن يلقب، فيقال: محمد، وإذا جاء محمد يروي عن شعبة وهو غير منسوب فالمراد به: محمد بن جعفر الملقب غندر وهو كثير ما يأتي، وقد مر بنا في سنن النسائي أسانيد عديدة فيها محمد غير منسوب يروي عن شعبة والمراد به هذا، وهنا جاء مسمىً ومنسوباً محمد بن جعفر البصري الملقب: غندر وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، والذي وصف بها عدد قليل من المحدثين منهم: سفيان الثوري، ومنهم البخاري، ومنهم الدارقطني، ومنهم إسحاق بن راهويه، وعدد قليل من المحدثين وصفوا بهذا الوصف الرفيع ولقبوا بهذا اللقب العالي الذي هو لقب: أمير المؤمنين في الحديث، وحديث شعبة بن الحجاج أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن ثابت].
هو ثابت بن أسلم البناني البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس].
هو ابن مالك صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام وخادمه، خدمه عشر سنوات منذ قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة إلى أن توفاه الله، وظفر بسماع الشيء الكثير من حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام بسبب ملازمته للنبي عليه الصلاة والسلام، وصحبته إياه، وخدمته له، رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام من أصحابه الكرام، وهم: أبو هريرة وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وأبو سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأنس بن مالك، وأم المؤمنين عائشة ستة رجال وامرأة واحدة هؤلاء عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهؤلاء السبعة جمعهم السيوطي في الألفية بقوله:
والمكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر
وأنس والبحر كالخدري وجابر وزوجة النبي
ولم يرو أحد من الصحابة مثل ما روى هؤلاء السبعة بكثرة الحديث عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث: (ما يسرك أن لا تأتي باباً من أبواب الجنة إلا وجدته عنده ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى حدثنا شعبة حدثنا أبو إياس وهو معاوية بن قرة عن أبيه: (أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ابن له فقال له: أتحبه؟ فقال: أحبك الله كما أحبه، فمات ففقده، فسأل عنه فقال: ما يسرك أن لا تأتي باباً من أبواب الجنة إلا وجدته عنده يسعى يفتح لك)].ثم أورد النسائي حديث قرة بن إياس المزني رضي الله تعالى عنه، أن رجلاً كان له ابن، وكان يحبه، ويأتي به إلى النبي عليه الصلاة والسلام، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: [(أتحبه؟ فقال: أحبك الله كما أحبه)] يعني: أنه يحبه حباً شديداً، ويرجو من الله أن يحب النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يزيد في محبته كما يحبه هو، وهذا يدل على شدة حبه له أي: لهذا الغلام، ولهذا الصبي، ففقده النبي صلى الله عليه وسلم وسأل عنه، فأخبر أنه قد مات، فلقيه وعزاه به، وقال له هذه المقالة: [(ما يسرك أن لا تأتي باباً من أبواب الجنة إلا وهو أمامك يريد أن يفتحه لك)]،
معناه: أنه إذا صبر على هذه المصيبة فإن الله يأجره على ذلك، ويكون أيضاً ممن يشفع له، وممن يستفيد منه حيث يكون سبباً من أسباب دخوله الجنة، ويفتح له أبواب الجنة لكونه صبر واحتسب، وهذا هو المقصود من إيراد الحديث تحت الترجمة؛ لأن هذا نتيجة الصبر والاحتساب، والحديث سيأتي مطولاً عند النسائي في آخر كتاب الجنائز، وهو أطول من هذا، هنا ذكر هذا الحديث مختصراً.

تراجم رجال إسناد حديث: (ما يسرك أن لا تأتي باباً من أبواب الجنة إلا وجدته عنده ...)

قوله:
[أخبرنا عمرو بن علي].
عمرو بن علي الفلاس، وقد تقدم.
[حدثنا يحيى].
هو ابن سعيد القطان، وهو محدث، ناقد، ثقة، ثبت، متكلم في الرجال جرحاً وتعديلاً، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
يحيى بن سعيد القطان، هو وعبد الرحمن بن مهدي ذكر الذهبي في كتابه من يعتمد قوله في الجرح والتعديل، وفيه بيان تمكنهما في هذا الفن، وهو: التكلم في الرجال، وبيان أحوال الرجال، وقال كلمة في حقهما: أنهما إذا جرحا شخصاً فهو لا يكاد يندمل جرحه، معناه: أنهما يصيبان وأنهما لا يخطئان إذا جرحا شخصاً وتكلما فيه ويقل أن يندمل جرحه، بمعنى: أنهما يصيبان الهدف، ويصيبان في جرحهما وفي كلامهما، ويحيى بن سعيد القطان، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة].
هو شعبة بن الحجاج، وقد مر ذكره.
[حدثنا أبي إياس وهو: معاوية بن قرة].
هو معاوية بن قرة بن إياس المزني أبو إياس البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود.
[عن أبيه].
هو قرة بن إياس المزني، صحابي نزيل البصرة، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن الأربعة.


ثواب من صبر واحتسب


‏ شرح حديث: (إن الله لا يرضى لعبده المؤمن إذا ذهب بصفيه من أهل الدنيا فصبر واحتسب وقال ما أمر به بثواب دون الجنة)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ثواب من صبر واحتسب. أخبرنا سويد بن نصر حدثنا عبد الله أخبرنا عمر بن سعيد بن أبي حسين: أن عمرو بن شعيب كتب إلى عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين يعزيه بابن له هلك، وذكر في كتابه أنه سمع أباه يحدث عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا يرضى لعبده المؤمن إذا ذهب بصفيه من أهل الأرض فصبر واحتسب وقال ما أمر به بثواب دون الجنة)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: ثواب من صبر واحتسب، ثم ذكر الأمر بالصبر والاحتساب عند المصيبة، وذكر الثواب عليهما، في بعض الأحاديث التي مرت، والحديث الأخير الذي فيه أنه يفتح له باب الجنة، أو أنه أمامه، فإن هذا فيه بيان الثواب على الصبر، والاحتساب.
وأورد النسائي حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: [(إن الله لا يرضى لعبده المؤمن إذا ذهب بصفيه من أهل الدنيا)].
قوله: (بصفيه) يعني: حبيبه، ويعز عليه فقده.
(فصبر واحتسب وقال: ما أمر به).
معناه: لا بد من الصبر، والاحتساب، وقال ما أمر به: إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي، واخلفني خيراً منها، يقول ما ورد وما جاء عن الله، وعن رسوله عليه الصلاة والسلام في ذلك، (لا يرضى له بثواب دون الجنة) معناه: أن ثوابه على ذلك الجنة، وأن الله تعالى يدخله الجنة على صبره واحتسابه، ثم كونه يقول ما ورد عند المصيبة هذا مما يهون عليه المصيبة؛ لأنه يذكره بالصبر والاحتساب ووعد الله عز وجل، وثواب الله عز وجل وما أعد الله عز وجل لمن قال تلك المقالة عند المصيبة.

تراجم رجال إسناد حديث: (إن الله لا يرضى لعبده المؤمن إذا ذهب بصفيه من أهل الدنيا فصبر واحتسب وقال ما أمر به بثواب دون الجنة)

قوله:
[أخبرنا سويد بن نصر حدثنا عبد الله بن المبارك].
وقد مر ذكرهما.
[أخبرنا عمر بن سعيد بن أبي حسين].
هو عمر بن سعيد بن أبي حسين المكي، وهو ثقة، لعل هذا هو الذي أخرج له البخاري، ومسلم، وأبو داود في المراسيل، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، يعني: أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود فإنه خرج له في كتاب المراسيل.
عن عمرو بن شعيب أنه كتب إلى عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين يعزيه بابن له هلك، وقال في كتابه الذي كتب إليه يعزيه به: أنه سمع أباه يحدث عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص، وهذا الحديث فيه بيان أن الجد المراد به: ليس جد عمرو وإنما هو: جد أبيه شعيب؛ لأن عمرو يروي عن أبيه، وأبوه يروي عن جده، أي: جد الأب وليس جد الابن، وهذه المسألة بعض العلماء قال: إن الضمير يرجع إلى عمرو، وعلى هذا يكون المقصود: أنه روى عن محمد جد عمرو، ومحمد ليس له سماع من رسول الله عليه الصلاة والسلام، فهو يعتبر من قبيل المرسل ومن قبيل المنقطع إذا كان المقصود هو محمد الذي هو والد شعيب، لكن المشهور والمعروف عند العلماء أن المراد بالجد هو: عبد الله بن عمرو بن العاص وهو جد أبيه، وليس المقصود جده الذي هو عمرو، وإنما عمرو بن شعيب يروي عن أبيه شعيب، وشعيب يروي عن جده عبد الله بن عمرو، وليس المقصود أن عمراً يروي عن جده محمد فيكون منقطعاً، ولهذا الحافظ في التقريب قال: صح سماعه من جده عبد الله بن عمرو الذي هو شعيب،
يعني: صح سماعه من جده عبد الله بن عمرو، وهذا الإسناد يبين لنا أن الضمير في جده يرجع إلى شعيب؛ لأن فيه التصريح؛ ولأنه قال: أنه سمع أباه يعني: شعيب يحدث عن جده، يعني: أبوه يحدث عن جده عبد الله بن عمرو، ونص على عبد الله بن عمرو فيكون متصلاً، وهذه النسخة التي نسخة رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده سبق أن مر بنا بعض الأحاديث منها، وعرفنا أنها إذا صح الإسناد إلى عمرو بن شعيب، فالحديث لا يقل عن درجة الحسن، أما إذا كان فيه كلام من دون عمرو بن شعيب، فيكون الحكم على حسب أحوال الأشخاص المتكلم فيهم دون عمرو، أما إذا صح الإسناد إلى عمرو، فهو يعتبر من قبيل الحسن، وعمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص صدوق، أخرج له البخاري في جزء القراءة، وأصحاب السنن الأربعة.
شعيب الذي هو أبوه أيضاً صدوق، أخرج له البخاري في جزء القراءة، لكن الغالب أنه إذا كان الرواية عنه في الأدب المفرد لا يذكر غيرها؛ وليس ذلك أنه إذا روى عنه في الأدب المفرد أنه ما روى عنه في شيء آخر من الكتب الأخرى، لا، وإنما يذكر أهمها، فهو روى عنه في جزء القراءة وروى عنه في الأدب المفرد، وروى عنه أصحاب السنن الأربعة.
[عن عبد الله بن عمرو بن العاص].
وهو صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام وهو صحابي جليل، وهو ممن يكتب الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وقد جاء ذلك عن أبي هريرة، وأنه كان يكتب أي: عبد الله بن عمرو، فهو قد روى كثيراً عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولكنه دون السبعة الذين مر ذكرهم آنفاً، والذين عرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعبد الله بن عمرو بن العاص صحابي ابن صحابي وهو من العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام الذين هم من صغار الصحابة،
وهم: عبد الله بن عمرو هذا وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عباس، وقيل العبادلة الأربعة؛ لأنهم في سن متقارب، وهم من صغار الصحابة، وأدركهم من لم يلق كبار الصحابة المتقدمين مثل: أبي موسى، ومثل: عبد الله بن مسعود، وغيرهم ممن يسمى عبد الله؛ لأن الذين يسمون بعبد الله من أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام كثيرون، ولكن لقب العبادلة الأربعة صار علماً على هؤلاء الأربعة الذين هم من صغار الصحابة.


ثواب من احتسب ثلاثة من صلبه


شرح حديث: (من احتسب ثلاثة من صلبه دخل الجنة...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن عمرو بن السرح حدثنا ابن وهب حدثني عمرو حدثني بكير بن عبد الله عن عمران بن نافع عن حفص بن عبيد الله عن أنس رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من احتسب ثلاثة من صلبه دخل الجنة، فقامت امرأة فقالت: أو اثنان؟ قال: أو اثنان، قالت المرأة: يا ليتني قلت واحداً)].أورد النسائي هذه الترجمة وهي: من احتسب ثلاثة من صلبه، يعني أنه فقدهم، واحتسب أجرهم، وثوابهم عند الله عز وجل، وثوابه الجنة كما جاء في هذا الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: [(من احتسب ثلاثة من صلبه دخل الجنة)].
المقصود بصلبه: أنهم من نسله، يعني: سواء كانوا أولاده مباشرة أو أولاد أولاده؛ لأن هؤلاء كلهم من صلبه، وأما أولاد البنات، فهم أولاد أناس آخرين، ويكونون من قبائل أخرى متعددة، فذكر الصلب معناه: أنهم الذين ينتسبون إليه، فيقال: فلان ابن فلان ابن فلان، وأما أولاد البنات فينسبون إلى آبائهم ويكونون من قبائل أخرى، لكن من صلب الإنسان هو الذي ينسب إليه، وفي مقدمتهم أولاده الذين ولدهم مباشرة، [فقالت امرأة: واثنان؟ فقال: واثنان، ثم إنها قالت، تمنت أن تكون قالت: وواحدة، أنها قالت: وواحدة].

تراجم رجال إسناد حديث: (من احتسب ثلاثة من صلبه دخل الجنة...)

قوله:
[أخبرنا أحمد بن عمرو بن السرح].
وهو أبو الطاهر المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن ابن وهب].
هو عبد الله بن وهب المصري، وهو ثقة فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو].
هو عمرو بن الحارث المصري، وهو ثقة فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن بكير بن عبد الله].
هو بكير بن عبد الله بن الأشج المصري أيضاً، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عمران بن نافع].
هو المدني، وهو مقبول، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن حفص].
هو حفص بن عبيد الله بن أنس بن مالك، وهو صدوق، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود.
[عن أنس].
هو ابن مالك يعني: يروي عن جده أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد مر ذكره.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #548  
قديم 24-05-2022, 01:15 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,535
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الجنائز

(329)

- باب من يتوفى له ثلاثة - باب من قدم ثلاثة

إن من رحمة الله تعالى بعباده المؤمنين الصابرين على ما أصابهم من فقد أولادهم -لا سيما إذا بلغوا ثلاثة لم يبلغوا الحلم- أن عوضهم الله تعالى بصبرهم الفوز بالجنة والنجاة من النار إلا تحلة القسم.

من يتوفى له ثلاثة


‏ شرح حديث: (ما من مسلم يتوفى له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [من يتوفى له ثلاثة. أخبرنا يوسف بن حماد ، حدثنا عبد الوارث ، عن عبد العزيز ، عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يتوفى له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم)].
يقول النسائي رحمه الله: باب من يتوفى له ثلاثة من الولد.
أي: بيان ما ورد فيه، وبيان الفضل الذي يحصل له بذلك بسبب رحمته إياهم، أي: الأولاد الذين يتوفاهم الله عز وجل ويفقدهم والدهم، وقد أورد النسائي فيه عدة أحاديث أولها حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (ما من مسلم يتوفى له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحلم إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم)، فهذا الحديث يدل على فضل من حصل له ذلك، وصبر، واحتسب، وأحسن إليهم، ثم توفاهم الله عز وجل قبل بلوغهم الحلم، وهو سن البلوغ، أي: أنهم صغار لم يبلغوا سن التكليف فإذا أحسن إليهم، ورباهم، ونشأهم، ثم توفاهم الله عز وجل في أول حياتهم، وصبر واحتسب، فإن الله عز وجل يدخله الجنة بفضل رحمته إياهم، وقوله عليه الصلاة والسلام: [ما من مسلم يتوفى له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحلم] أي: أنهم لم يصلوا إلى سن البلوغ، ولم يبلغوا إلى سن التكليف الذي هو لزوم العبادة والتحنث وهو: التعبد، وبلوغ الحلم يعني: بلوغ السن الذي يكون الإنسان به مكلفاً بالعبادة.
قوله: [إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم]، يعني: هؤلاء الثلاثة من الولد الذين ماتوا في صغرهم، وقد نشأهم وأحسن إليهم ورحمهم، فإن الله تعالى يثيبه على ذلك بأن يدخله الجنة بفضل رحمته إياهم.

تراجم رجال إسناد حديث: (ما من مسلم يتوفى له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة ...)

قوله:
[أخبرنا يوسف بن حماد].
هو يوسف بن حماد المعني، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[عن عبد الوارث].
هو عبد الوارث بن سعيد العنبري، وهو ثقة ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد العزيز].
هو ابن صهيب البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة أيضاً.
[عن أنس بن مالك].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا الإسناد من أعلى الأسانيد عند النسائي؛ لأنه رباعي، وأعلى الأسانيد عند النسائي الرباعيات فإن بين النسائي فيه وبين رسول الله عليه الصلاة والسلام أربعة أشخاص هم: يوسف بن حماد، وعبد الوارث بن سعيد، وعبد العزيز بن صهيب، وأنس بن مالك هؤلاء هم إسناد هذا الحديث، وهو من أعلى الأسانيد عند النسائي؛ إذ ليس عنده شيء من الثلاثيات، ومثله في ذلك مسلم، وأبو داود، فإن أعلى ما عندهم الرباعيات، وليس عندهم شيء من الثلاثيات، أما الثلاثة الباقون من الستة، وهم البخاري، والترمذي، وابن ماجه فعندهم أحاديث ثلاثيات، فـالبخاري عنده اثنان وعشرون حديثاً ثلاثياً، وهو أعلى ما يكون عنده، والترمذي عنده حديث واحد ثلاثي، وأما ابن ماجه فعنده خمسة أحاديث ثلاثية وهي بإسناد واحد، وهو ضعيف، يعني: ذلك الإسناد الواحد الذي ورد فيه الخمسة الأحاديث الثلاثية هو إسناد ضعيف، وأما مسلم، وأبو داود، والنسائي فأعلى ما يكون عندهم الرباعيات، وهذا الإسناد الذي هو معنا من تلك الأسانيد العالية التي هي أعلى ما يكون عند النسائي رحمه الله.

شرح حديث: (ما من مسلمين يموت بينهما ثلاثة أولاد لم يبلغوا الحنث إلا غفر الله لهما ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود، حدثنا بشر بن المفضل، عن يونس، عن الحسن، عن صعصعة بن معاوية قال: لقيت أبا ذر رضي الله عنه قلت: حدثني، قال: نعم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلمين يموت بينهما ثلاثة أولاد لم يبلغوا الحنث إلا غفر الله لهما بفضل رحمته إياهم)].أورد النسائي رحمه الله حديث أبي ذر رضي الله عنه وهو بمعنى حديث أنس بن مالك المتقدم: (ما من مسلم يموت بينهما ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخلهم الله الجنة بفضل رحمته إياهم) وهذا فيه بيان أن هذا الفضل إنما هو للأب والأم، والأحاديث الماضية أيضاً تدل على دخول الإناث في ذلك؛ لأن كلاً منهما والد، وكلاً منهما له ذلك الأجر والثواب، وهذا الحديث فيه التفصيل والتوضيح، بحيث أن ذكر المسلم الذي يموت له ثلاثة من الولد ليس المقصود به الوالد فقط الذي هو الأب، بل المقصود به الأب والأم؛ لأن كلاً منهما والد، فإذا فقد الأب أو الأم ثلاثة من أولادهما لم يبلغوا الحلم، فإن الله عز وجل يثيبه على ذلك بأن يدخله الجنة بفضل رحمته إياهم، أي: رحمة الأب والأم إياهم، أي: الثلاثة من الأولاد، والحديث دال على ما دل عليه الذي قبله وفيه التوضيح والبيان بأن الحكم ليس مقصوراً على الآباء فقط، بل هو يشمل الآباء والأمهات.

تراجم رجال إسناد حديث: (ما من مسلمين يموت بينهما ثلاثة أولاد لم يبلغوا الحنث إلا غفر الله لهما ...)

قوله:
[أخبرنا إسماعيل بن مسعود].
هو البصري وكنيته أبو مسعود، وهو ممن وافقت كنيته اسم أبيه، وهو نوع من أنواع علوم الحديث وهو معرفة من وافقت كنيته اسم أبيه، وقالوا: معرفة هذا النوع ألا يظن التصحيف فيما لو ذكر بالكنية بدل النسبة، فقد يظن أنه تصحيف من (ابن) إلى (أبو)، إذا قيل: إسماعيل بن مسعود فمن يعرف أنه إسماعيل بن مسعود ولا يعرف أنه إسماعيل أبو مسعود إذا رآه إسماعيل أبو مسعود يظن أن (أبو) صحفت إلى (ابن) أو (ابن) صحفت إلى (أبو) ولا تصحيف في ذلك؛ لأنه إن قيل: إسماعيل بن مسعود فهو صحيح فأبوه هو مسعود، وإن قيل: إسماعيل أبو مسعود فهو أيضاً صحيح؛ لأنه إسماعيل أبو مسعود، كنيته أبو مسعود، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا بشر بن المفضل].
هو ابن المفضل البصري، وهو ثقة أيضاً، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن يونس].
هو يونس بن عبيد، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن الحسن].
هو الحسن بن أبي الحسن البصري، وهو ثقة، فقيه، مشهور، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن صعصعة بن معاوية].
هو عم الأحنف بن قيس المشهور، وقيل: إن له صحبة، وقيل: بل هو تابعي، ثقة، فهو مختلف في صحبته، فهو إن كان صحابياً فهو لا يحتاج إلى أن يسأل عن حاله؛ لأن الصحابة عدول، وإن كان تابعياً أو على القول بأنه تابعي فهو ثقة، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد، والنسائي، وابن ماجه.
[... لقيت أبا ذر].
هو جندب بن جنادة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله تعالى عن أبي ذر وعن الصحابة أجمعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار إلا تحلة القسم)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة بن سعيد عن مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار إلا تحلة القسم)].أورد النسائي رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار إلا تحلة القسم) قوله: [لأحد من المسلمين] يشمل الأب والأم؛ لأنه مطلق، [لأحد من المسلمين] يعني: سواء أباً أو أماً كما جاء ذلك بيناً في حديث أبي ذر الذي قبل هذا حيث يكون فيه التنصيص على المسلمين الأبوين الأب والأم، وهنا قال: (لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار) معناه أنه يكون من أهل الجنة ولا يكون من أهل النار، ولا تمسه النار إلا تحلة القسم.
قوله: [إلا تحلة القسم] قيل: أن المقصود منها الإشارة إلى ما جاء في قول الله عز وجل: (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا )[مريم:71]، فإنه قيل: أن هذا هو المراد بتحلة القسم، وقيل: أن هذا قسم، ومن العلماء من يقول أنه لا قسم في الآية، وأن المقصود بقوله: [إلا تحلة القسم]، أي: كناية عن الشيء القليل، معناه: إلا تحلة القسم، إلا شيئاً قليلاً أو شيئاً يسيراً لا يحصل معه ضرر على من دخل النار، وفسر ذلك بأنه مرور على الصراط؛ لأن الجنة من يذهب إليها يمر في طريقه على النار؛ لأن النار في الطريق إلى الجنة، والصراط منصوب على متن جهنم، والناس يمرون على الصراط، وهم يتجاوزونه بأعمالهم، وما عندهم من الأعمال، فمنهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر كالريح ومنهم من يمر كأجاود الخيل، ومنهم من يزحف، على حسب أعمالهم.
وعلى هذا فإن الإنسان إذا مر في سماء النار وعلى الصراط الذي هو منصوب فوقها، فإن هذا يكون نصيبه من النار، وهذا هو المقصود بقوله: [إلا تحلة القسم] أي: إلا شيئاً يسيراً يعني: يمر على النار فلا يضره شيء ولا يحس بشيء؛ لأنه مر بسرعة أو حصل له المكث على الصراط، وأصابه شيء منها وهو شيء يسير.
وممن قال بهذا القول الذي هو أن المراد بتحلة القسم أنه الشيء القليل، وأنه ليس هناك قسم، ولا يراد به قسم، وإنما يراد به الشيء القليل، أي: الذي مثل ما يتحلل به المقسم من قسمه، وأنه شيء قليل، ممن قال بذلك الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله، في كتابه أضواء البيان عند تفسيره، لآية في سورة مريم، وقال: إن التحقيق أنه لا قسم في الآية، وأن المقصود بتحلة القسم الشيء اليسير، وذكر أن هذا أسلوب من أساليب اللغة العربية، وذكر بعض الشواهد الشعرية على ذلك التي فيها إطلاق التحلة على الشيء اليسير الذي لا قسم فيه، ولم يتقدمه قسم يحصل التحلل منه.
وعلى هذا سواء كان المراد به أن في الآية قسماً فالمراد به: المرور على الصراط وهو شيء يسير، أو أنه لا قسم في الآية والمراد بتحلة القسم الشيء اليسير، وهو أسلوب من أساليب اللغة العربية كما قال شيخنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمة الله عليه في كتابه أضواء البيان عند تفسيره لآية في سورة مريم كما أشرت إلى ذلك.

تراجم رجال إسناد حديث: (لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار إلا تحلة القسم)

قوله:
[أخبرنا قتيبة بن سعيد].
هو ابن جميل بن طريف البغلاني وبغلان قرية من قرى بلخ، وهو ثقة ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن مالك].
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه، الإمام المشهور، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو أحد أفراد السلسلة الذهبية عند البخاري التي هي مالك عن نافع عن ابن عمر، أي: الذين هم في القمة عند الإمام البخاري.
[عن ابن شهاب].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري ينسب إلى جده شهاب فيقال: ابن شهاب، وينسب إلى جده زهرة بن كلاب الذي هو أخو قصي بن كلاب، فـزهرة بن كلاب، وقصي بن كلاب أخوان فينتهي نسبهما عند نسب الرسول عليه الصلاة والسلام بـكلاب، وزهرة أخو قصي، فيقال له الزهري نسبة إلى جده زهرة بن كلاب، وهو ثقة، فقيه، إمام مشهور مكثر من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو الذي كلفه الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه بجمع السنة وتدوينها، ولهذا يقول السيوطي في الألفية:
أول جامع الحديث والأثر ابن شهاب آمر له عمر
والمقصود بالأولية: الأولية بتكليف من السلطان الوالي، وإلا فإن جمع السنة وكتابتها كان معروفاً من قبل في زمن الصحابة، كان من الصحابة من يكتب، ويكتب السنن عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومنهم: عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، كما جاء ذلك عن أبي هريرة مثل الذي يذكر أنه كان يكتب أي: عبد الله بن عمرو، وهو لا يكتب.
فإذاً: الأولية هنا المقصود بها: الأولية التي حصلت بتكليف من الوالي، وليس بجهود شخصية وبأعمال فردية، فإن هذا موجود من قبل، هذا العمل الذي قام به الزهري بتكليف من الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليهما.
[عن سعيد].
هو سعيد بن المسيب بن حزن تابعي، مشهور، فقيه، محدث، وقيل: إنه خير التابعين كما سبق أن مر بنا، قيل: إن خير التابعين هو سعيد بن المسيب، وقيل: أويس القرني، ولا شك أن أويس القرني هو خير التابعين؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام نص على ذلك، وأخبر عن أمر مغيب مستقبلاً، وقال: إن خير التابعين رجل يقال له: أويس حدث به الرسول صلى الله عليه وسلم وأخبر عن حاله، وأنه يأتي من أمداد أهل اليمن، يأتي مع أمداد أهل اليمن، ومنهم من قال سعيد بن المسيب؛ لأنه اشتهر بالفقه والحديث، واشتهر بالعلم، ولا شك أن خيرية أويس من حيث نص الرسول عليه الصلاة والسلام عليه واضح، وأما هذا، فأفضليته وخيريته عندما قال بأنه خير التابعين من حيث ما أثر عنه من العلم، والفقه، والحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.
وسعيد بن المسيب أحد الفقهاء السبعة في المدينة المعروفين في عصر التابعين؛ لأن مدينة الرسول عليه الصلاة والسلام اشتهر فيها بعصر التابعين سبعة من الفقهاء، أطلق عليهم لقب الفقهاء السبعة، ولهذا يأتي ذكرهم بهذا اللقب، ويكتفى به عن سرد أسمائهم، فإذا كانت هناك مسألة قال بها الفقهاء السبعة قالوا فيها قال بها الفقهاء السبعة، وهو لقب أطلق عليهم، وهم: عبيد الله بن عبد الله بن مسعود، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد، وسليمان بن يسار، وخارجة بن زيد، وسعيد بن المسيب، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، هؤلاء الستة الذين هم قبل أبي بكر هؤلاء متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، وأما السابع ففيه خلاف على ثلاثة أقوال: قيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف،
وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، هذه ثلاثة أقوال في السابع، وستة لا خلاف فيهم، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه (إعلام الموقعين) في أوله أعلام الفقهاء في زمن الصحابة، وفي زمن التابعين في مختلف البلاد، ولما جاء عند ذكر المدينة وذكر فقهاء الصحابة، ثم ذكر فقهاء التابعين، ذكر أن من فقهاء التابعين هؤلاء الفقهاء السبعة، وجعل السابع منهم أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام على هذا القول الذي هو أحد الأقوال، وذكر بيتين من الشعر يشتمل ثانيهما على هؤلاء السبعة، وهذان البيتان هما قول الشاعر:
إذا قيل من في العلم سبعة أبحرٍ روايتهم ليست عن العلم خارجة
فقل هم عبيد الله عروة قاسم سعيد أبو بكر سليمان خارجة
فالبيت الثاني يشمل هؤلاء الفقهاء السبعة، ولكن السابع فيهم أبو بكر بن عبد الرحمن على أحد الأقوال في الثلاثة في السابع منهم.
[عن أبي هريرة].
أبو هريرة رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام وهو عبد الرحمن بن صخر الدوسي وهو أحد الصحابة السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام، بل هو أكثر السبعة حديثاً على الإطلاق، وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وأنس، وابن عباس، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأبو سعيد الخدري، وأم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنهم أجمعين ستة رجال وامرأة واحدة، وأبو هريرة رضي الله عنه هو أكثر السبعة.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #549  
قديم 24-05-2022, 01:16 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,535
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله


شرح حديث: (ما من مسلمين يموت بينهما ثلاثة أولاد لم يبلغوا الحنث إلا أدخلهما الله ... الجنة)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن علية وعبد الرحمن بن محمد، قالا: حدثنا إسحاق وهو الأزرق، عن عوف، عن محمد، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من مسلمين يموت بينهما ثلاثة أولاد لم يبلغوا الحنث إلا أدخلهما الله بفضل رحمته إياهم الجنة، قال: يقال لهم: ادخلوا الجنة، فيقولون: حتى يدخل آباؤنا، فيقال: ادخلوا الجنة أنتم وآباؤكم)].أورد النسائي رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله عنه هذا وهو بمعنى الحديث المتقدم الذي قبل هذا، وهو الذي فيه التنصيص أو الجمع بين ذكر الأبوين الأب والأم، وأنه: (ما من مسلمين يموت بينهما ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخلهم الله الجنة، يقال للأبناء: ادخلوا الجنة، فيقولون: حتى يدخل آباؤنا، فيقال: ادخلوا أنتم وآباؤكم)، وهذا مثل ما تقدم في الحديث الذي مر في الرجل الذي فقد ولده، وكان يحبه حباً شديداً، فقال: أما يسرك ألا تأتي باباً من أبواب الجنة إلا وهو أمامك يريد أن يفتحه لك، فهذا الذي في هذا الحديث مثل ذلك الذي قبله، وهو أنهم يكونون سبباً في دخولهم الجنة، وأنهم يدخلون الجنة بسببهم، وأنهم إذا قيل لهم: ادخلوا الجنة، قالوا: حتى يدخل آباؤنا، فيقال لهم: ادخلوا الجنة أنتم وآباؤكم.

تراجم رجال إسناد حديث: (ما من مسلمين يموت بينهما ثلاثة أولاد لم يبلغوا الحنث إلا أدخلهما الله ... الجنة)

قوله:
[أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم].
هو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم المشهور أبوه بـابن علية، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده، وأبوه محدث مشهور وروى عنه أصحاب الكتب الستة، ويأتي ذكره كثيراً في أسانيد الكتب الستة وغيرها، وهو مشهور بـابن علية، يعني: يأتي أحياناً مختصراً على نسبته فيقال: ابن علية، وهذا ابنه محمد بن إسماعيل، ولـإسماعيل بن علية ولد اسمه إبراهيم، ولكنه من المبتدعة قال عنه الذهبي في الميزان: إنه جهمي هالك، هذا إبراهيم بن إسماعيل، وأما أخوه هذا فهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده، وإبراهيم هو الذي يذكر أو ينسب إليه في بعض المسائل الفقهية مسائل شاذة، وقال: قال فيها ابن علية، فالمراد به إبراهيم، ليس إسماعيل الذي هو الأب، وإنما يراد به الابن المبتدع الجهمي الذي قال عنه الذهبي في الميزان: جهمي هالك هو الذي يأتي ذكره في المسائل الشاذة في مسائل الفقه.
ومن المسائل الشاذة التي جاء ذكره فيها مسألة الإجارة، يقول: إن الإجارة لا تجوز، وأنها حرام ولا يستغني أحد عن الإجارة، فهو شذوذ، وقد ذكر ابن رشد في بداية المجتهد قال: وخالف فيها الأصم وابن علية، وهما من المبتدعة الأصم أبو بكر بن كيسان الأصم وليس أبو العباس الأصم شيخ الحاكم فإن ذاك ثقة، ولكن عندما يأتي ذكر الأصم في المسائل الخلافية الشاذة التي فيها الشذوذ فالمراد به أبو بكر بن كيسان الأصم المعتزلي، وأما ابن علية فهو إبراهيم بن إسماعيل بن علية الجهمي، فهذان الاثنان يأتي ذكرهما في المسائل الشاذة، الأصم وهو أبو بكر بن كيسان، وابن علية الذي هو إبراهيم بن إسماعيل.
[و عبد الرحمن بن محمد].
هو عبد الرحمن بن محمد بن سلام، وهو لا بأس به، وحديثه أخرجه أبو داود، والنسائي، وكلمة (لا بأس به) في اصطلاح الحافظ ابن حجر تعادل صدوق، فهي مثل صدوق يعني: حديثه من قبيل الحسن.
[عن إسحاق].
هو إسحاق بن يوسف الأزرق مشهور بلقبه الأزرق، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عوف].
هو عوف بن أبي جميلة الأعرابي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، ويقال له: الأعرابي لفصاحته وحسن نطقه.
[عن محمد].
هو محمد بن سيرين البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
رضي الله عنه قد مر ذكره.
من قدم ثلاثة


شرح حديث: (... يا رسول الله أخاف عليه وقد قدمت ثلاثة فقال رسول الله: لقد احتظرت بحظار شديد من النار)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [من قدم ثلاثة. أخبرنا إسحاق، أخبرنا جرير، حدثني طلق بن معاوية، وحفص بن غياث، حدثني جدي طلق بن معاوية، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة قال: (جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بابن لها يشتكي، فقالت: يا رسول الله! أخاف عليه وقد قدمت ثلاثة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد احتظرت بحظار شديد من النار)].
أورد النسائي رحمه الله هذه الترجمة وهي: باب من قدم ثلاثة، وهو مثل الذي قبله، وهو يؤدي ما يؤديه الذي قبله من حيث أن من قدم ثلاثة من الولد لا تمسه النار، أو أنه يدخل الجنة بفضل رحمته إياهم، قال: [احتظرت بحظار من النار]، يعني: وقاية، جعلت بينها وبين النار وقاية، يكون به سلامتها من النار، [احتظرت بحظار]، الحظار هو: الذي يكون وقاية، ولهذا يقال الحظيرة التي تكون في داخلها الدواب، وتمنعها من الشرود والذهاب والانفلات، فهي كالسور، أو كالجدار، أو كالحائل الذي يكون بينها وبين النار، احتظرت بحظار من النار، وهو مثل الذي قبله، ولكنه خالف في الترجمة، هنا قال: من يتوفى له ثلاثة من الولد، وهنا قال: من قدم ثلاثة من الولد، ولعل الفرق هو من أجل اللفظ الذي ورد في الحديث؛ لأن الذي مر في الأحاديث الماضية ذكر التوفي وهنا ذكر فيه التقديم؛ لأن المرأة قالت: إنها قدمت ثلاثة من الولد، يعني: أنهم ماتوا، فهو مثل الذي قبله من حيث المعنى، ومن حيث المؤدى، ولكن النسائي لعله فرق بين الترجمتين، وإن كان مؤدى الأحاديث فيهما واحد، لعل ذلك من أجل ما ورد في هذا من لفظ التقديم، وما ورد في ذلك من لفظ التوفي.
قوله: [جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بابن لها يشتكي فقالت: يا رسول الله، أخاف عليه، وقد قدمت ثلاثة].
يعني: مات ثلاثة وتخاف أنه يلحق بهم، فقال عليه الصلاة والسلام: [لقد احتظرت بحظار شديد من النار] معناه: أنها اتخذت وقاية أو قدمت وقاية فهو من جنس ما تقدم [لم تمسه النار إلا تحلة القسم]، ومن جنس: (إلا أدخلهم الله الجنة بفضل رحمته إياهم)، فالمؤدى واحد، ولكن التفريق لعله من أجل ذكر التقديم في الحديث وذكر التوفي في الأحاديث السابقة.

تراجم رجال إسناد حديث: (... يا رسول الله أخاف عليه وقد قدمت ثلاثة فقال رسول الله: لقد احتظرت بحظار شديد من النار)

قوله:

[أخبرنا إسحاق].

هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد المشهور بـابن راهوية الحنظلي، وهو ثقة، ثبت، فقيه، مجتهد، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[أخبرنا جرير].
هو جرير بن عبد الحميد البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثني طلق بن معاوية].
هو طلق بن معاوية النخعي الكوفي، وهو تابعي، كبير، مخضرم، مقبول، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، والنسائي.
[و حفص بن غياث].
يعني: أن إسحاق بن راهويه يروي عن حفص بن غياث ويروي عن جرير، قوله: حفص معطوف على جرير، فجرير يروي عن طلق بن معاوية وحفص يروي عن طلق، فـجرير شيخ لـإسحاق، وحفص شيخ لـإسحاق، يعني: أنه لما ذكر الإسناد الأول الذي فيه إسحاق عن جرير عن طلق بن معاوية، أتى بالإسناد الثاني الذي هو حفص يروي عنه إسحاق، وحفص يروي عن جده طلق، فلعل التفريق بينهما من أجل أن هذا نص على جده، فذكر ذاك أولاً، وذكر الرواية عن طلق في الإسناد الأول، ثم ذكر الإسناد الثاني، وذكر اللفظ الذي قاله حفص بن غياث في روايته عن جده طلق بن معاوية، وإسحاق بن راهويه يروي عن جرير بن عبد الحميد ويروي عن حفص بن غياث.
فهنا ما ذكر علامة التحويل في الإسناد، لأنّ المقصود به يعني: بدون تحويل؛ والسبب في هذا أنه ذكر جرير عن طلق، ثم ذكر حفص عن جده طلق، وطلق جاء مرتين، مرة في الإسناد الأول ومرة في الإسناد الثاني، مرة جرير عن طلق ومرة حفص عن طلق، وحفص معطوف على جرير أي: أن إسحاق قال: حدثنا جرير وحدثنا حفص، يعني: حدثنا جرير عن طلق، وحدثنا حفص عن طلق، ولعل التفريق بينهما من جهة أن في الإسناد الثاني الذي هو الطريقة الثانية أن حفصاً ذكر جده وقال: حدثني جدي طلق بن معاوية.
وحفص بن غياث ثقة، خرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي زرعة].
هو أبو زرعة بن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
رضي الله عنه، وقد مر ذكره في الأسانيد السابقة.
الأسئلة


تفسير معنى استواء الله تعالى على عرشه

السؤال: يقول: فضيلة الشيخ! حفظكم الله، قال الله تعالى: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )[طه:5] فسرها السلف بالعلو، والصعود، والارتفاع، والاستقرار، وذكر الشيخ ابن عثيمين حفظه الله في عقيدة أهل السنة والجماعة أن الصعود والارتفاع عائدان إلى العلو، فهل نستطيع أن نفسر الاستواء كذلك بالطلوع وله معنى العلو، أو أننا لا نخرج عن أقوال السلف؟

الجواب: ما يؤتى بألفاظ غير الألفاظ التي وردت عن السلف، يقتصر على ما ورد عن السلف في ذلك، فالذي ورد عنهم هذه العبارات الأربع، وهذه ذكرها ابن القيم في النونية، وذكرها جماعة من أهل العلم نقلاً عن ابن القيم، وذكرها الشيخ الهراس في شرحه للواسطية يعني: نقلاً عن ابن القيم، فهذه عبارات السلف الأربع هي التي يقتصر عليها، ولا يؤتى بعبارات أخرى غير ما ورد عن السلف.

درجة صحة تفسير ابن أبي طلحة عن ابن عباس

السؤال: فضيلة الشيخ، هل تفسير علي بن أبي طلحة عن ابن عباس يحتج به؟ علماً بأن السيوطي قال في الإتقان في الجزء الثاني صفحة خمس أنها من أصح الطرق عن ابن عباس، وأنها عليه اعتمد البخاري في صحيحه، لكن المزي في تهذيب الكمال قال: إن ابن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس شيئاً.


الجواب: والله ما أذكر شيئاً في هذا، لكن أذكر أن فيها كلاماً ما أتذكره، وأظن أنني ذكرت في الفوائد المنتقاة فيما يتعلق بالتفسير شيئاً عن روايات علي بن أبي طلحة.
مداخلة: إن كانت هذه الطريق ضعيفة فما هي الطرق الصحيحة أو المقبولة عند ابن عباس؟
الشيخ: والله ما أستطيع أجيب على هذا السؤال الآن، ولا أعرف، لكن طريق مجاهد بن جبر هذه معروفة أنها من أصح، فهو أخذ عنه التفسير وهو ثقة، لكن الطرق المتعددة ما أتذكرها الآن.

حكم الصلاة تجاه قبر النبي عليه الصلاة والسلام

السؤال: ما حكم الصلاة تجاه قبر النبي صلى الله عليه وسلم؟

الجواب: قصد القبر بالصلاة إليه مخالف لما جاءت به السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في قوله: (لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها)، والحديث صحيح ثابت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، فمن يأتي ويتعمد أن يصلي إلى القبر، فإنه واقع في هذه المخالفة لهذا الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام فقوله: (لا تصلوا إلى القبور) يعني: لا تستقبلوها فتجعلوها قبلة لكم، وقد ذكر البخاري في صحيحه أثراً عن عمر ما أدري من هو الشخص الذي كان يصلي، وكان إلى قبر فصاح به: القبر.. القبر، ثم حوله إلى جهة ليس فيها قبر، طبعاً الصلاة أمام القبر وقصد القبر بالصلاة عليه، أو بكونه يصير في القبلة هي هذه المخالفة الواضحة، أما من يصف وهو لا يدري، أو يصف من مكان بعيد ولا يدري هل القبر أمامه أو ليس أمامه، هذا ليس عليه شيء، بل هو معذور، ولكن من يأتي ويتعمد ويعرف أن القبر أمامه، ثم يريد أن يصلي وراءه فإن هذا داخل تحت هذا الحديث الذي قال فيه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: (لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها).

فيمن نزلت هذه الآية: (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا)؟

السؤال: قوله تعالى: (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا )[الحجرات:6] هل هذه الآية نزلت في صحابي، وإن كان كذلك فهل يطعن في عدالته؟

الجواب: كما هو معلوم الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم من حصل منهم خطأ، فعقيدة أهل السنة معروفة أن أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام عدول، وأن من حصل منهم خطأ، فهم قد حصل لهم من السوابق وحصل لهم من الأعمال، وحصل له من الحسنات التي تمحو السيئات ما يكون بدلاً من ذلك، وهذا ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه، في آخر كتاب العقيدة الواسطية، فإنه تكلم في بيان عقيدة أهل السنة والجماعة، فالصحابة كلامهم من أبدع الكلام، ومن أحسن الكلام، وأن من جاء عن الصحابة منه شيء عيب عليه، فإنه يعتذر عنه بتلك الأشياء التي أشرت إلى شيء منها، فالفسق أو الخطأ إذا حصل من الصحابة فهم كما هو معلوم غير معصومين رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، ولكن من حصل منه خطأ أو حصل منه زلل، فإن له من الحسنات المكفرة، والحسنات الماحية، وله من صحبة الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، وله من الفضل على ذلك ما يكفر ما حصل منه خطأ إن حصل.

مدى عموم أحاديث ثواب من مات له ثلاثة أولاد بين الذكور والإناث

السؤال: هل المقصود فضيلة الشيخ المذكورين في الأحاديث السابقة الذكور فقط أم يشمل الإناث والذكور؟

الجواب: لا، يشمل الذكور والإناث؛ لأن ذكر الولد يطلق على الذكر والأنثى، ولهذا يقول الله عز وجل: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ )[النساء:11] فكلمة الأولاد تشمل الرجال والنساء، تشمل الذكور والإناث وليست خاصة بالأبناء، بل تشمل البنات؛ لأن ذكر الولد عند إطلاقه يشمل الجميع.

مدى جواز إزالة الشارب النابت للمرأة

السؤال: فضيلة الشيخ، هل يجوز للمرأة أن تأخذ من شاربها؟

الجواب: إذا طلع لها شارب فلها أن تزيله، وتتخلص منه، أو تقصه وتنتفه، وكذلك شعر الوجه ما عدا شعر الحواجب.

مكان اعتداد المرأة عن زوجها

السؤال: فضيلة الشيخ، المتوفى عنها زوجها هل تعتد في بيت زوجها أو في البيت الذي يبلغها فيه وفاة زوجها؟

الجواب: لا، تعتد في بيت زوجها؛ لأنه قد يبلغها وهي عند الجيران أو عند أناس أجانب زارتهم، فكيف تعتد عندهم، وإنما تعتد في بيت زوجها.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #550  
قديم 24-05-2022, 01:17 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,535
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الجنائز

(330)

- باب النعي - باب غسل الميت بالماء والسدر

بين الشرع الحكيم جواز النعي للميت؛ فقد نعى النبي صلى الله عليه وسلم النجاشي عندما مات، وفي هذا صدق نبوته صلى الله عليه وسلم فقد أخبر بذلك وهو في المدينة والنجاشي في الحبشة.

النعي


شرح حديث: (أن رسول الله نعى زيداً وجعفراً قبل أن يجيء خبرهم فنعاهم وعيناه تذرفان)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب النعي. أخبرنا إسحاق حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن حميد بن هلال عن أنس رضي الله تعالى عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى زيداً وجعفراً قبل أن يجيء خبرهم فنعاهم وعيناه تذرفان)].
يقول النسائي رحمه الله: باب النعي.
والمراد بالنعي هو: الإخبار بوفاة الميت، وهو ينقسم إلى قسمين: قسم سائغ وهو: ما كان من قبيل الإخبار عنه، وقسم غير سائغ وهو الذي كان يفعله أهل الجاهلية، من ذكر المفاخر وما إلى ذلك، وإعلان ذلك على وجه مخصوص، فهو غير سائغ، وأما الإخبار بموته فإن هذا جاء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وقد جاء في ذكره أحاديث منها حديث أنس بن مالك رضي الله عنه وأرضاه هذا الذي فيه أن النبي عليه الصلاة والسلام نعى جعفراً وزيداً، جعفر بن أبي طالب، وزيد بن حارثة ومعهم أيضاً عبد الله بن رواحة، لكن الحديث هنا مختصر ليس فيه إلا ذكر أميرين، وهما جعفر بن أبي طالب، وزيد بن حارثة والثالث عبد الله بن رواحة رضي الله تعالى عن الجميع، وكان ذلك في غزوة مؤتة ويقال لها: غزوة الأمراء؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام عينهم واحداً بعد واحد، فلان، ثم فلان، ثم فلان، ثم إن هؤلاء قتلوا واستشهدوا في سبيل الله رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام بما حصل لهم قبل أن يجيء خبرهم، وهذا مما أطلعه الله عز وجل عليه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
والحديث طويل وفيه أن خالد بن الوليد رضي الله عنه، تولى هذه المهمة بعد ما قتل الثلاثة الأمراء أمير بعد أمير، فحصل الانتصار، وحصل الخير الكثير بسبب ذلك، والمقصود من إيراد الحديث هنا هو ذكر النعي، وهو الإخبار بموت هؤلاء قبل أن يجيء خبرهم، وعندما أخبر بخبرهم واستشهادهم ووفاتهم كانت عيناه تذرفان صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وقد مر بنا أن البكاء على الميت الذي هو دمع العين، وحزن القلب لا بأس به، وقد جاءت به السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في أحاديث عديدة، منها: هذا الحديث، ومنها: الحديث الذي مر بنا قريباً الذي فيه قول سعد بن عبادة لما بكى رسول الله عليه الصلاة والسلام لابنته الذي نفسه تقعقع، قال له زيد: (ما هذا يا رسول الله، قال: إنها رحمة يجعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء)، وكذلك الحديث الذي فيه موت إبراهيم، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (إن القلب يحزن والعين تدمع، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون)، فالبكاء من غير نياحة ومن غير صوت لا بأس به، وإنما المحذور الذي يكون معه رفع صوت، ويكون معه شق الجيوب، وحلق الرءوس، ورفع الصوت بالمصيبة الذي لعن عليه رسول الله عليه الصلاة والسلام، قوله: (لعن الله الصالقة، والحالقة، والشاقة) والصالقة هي: التي ترفع صوتها عند المصيبة.

تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله نعى زيداً وجعفراً قبل أن يجيء خبرهم فنعاهم وعيناه تذرفان)

قوله:
[أخبرنا إسحاق].
هو ابن إبراهيم بن مخلد المشهور بـابن راهويه الحنظلي، وهو ثقة، ثبت، إمام، مجتهد، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهو محدث، فقيه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه فإنه لم يخرج له شيئاً.
[عن سليمان بن حرب].
هو سليمان بن حرب البصري وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حماد بن زيد].
هو حماد بن زيد بن درهم البصري وهو ثقة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أيوب].
هو أيوب بن أبي تميمة السختياني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن حميد بن هلال].
هو حميد بن هلال البصري، وهو ثقة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس].
هو أنس بن مالك رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخادمه الذي خدمه عشر سنوات منذ قدم رسول الله عليه الصلاة والسلام المدينة إلى أن توفاه الله، وحمل الحديث الكثير عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحفظ عنه الشيء الكثير من حديثه عليه الصلاة والسلام، وهو أحد السبعة الذين عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأنس، وأبو سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عن الجميع، فهؤلاء سبعة تميزوا على غيرهم بكثرة الحديث عنه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه ورضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين.

شرح حديث: (أن رسول الله نعى لهم النجاشي... وقال: استغفروا لأخيكم)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أبو داود حدثنا يعقوب حدثنا أبي عن صالح عن ابن شهاب حدثني أبو سلمة وابن المسيب أن أبا هريرة رضي الله تعالى عنه أخبرهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى لهم النجاشي صاحب الحبشة اليوم الذي مات فيه وقال: استغفروا لأخيكم)].أورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام نعى لهم النجاشي في اليوم الذي مات فيه وقال: استغفروا لأخيكم، يعني: نعاهم وأخبرهم بوفاته، قد أطلعه الله على ذلك صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وأخبرهم بوفاته وقال: استغفروا لأخيكم، والمقصود من ذلك: النعي الذي هو الإخبار بالموت، فقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أصحابه بموت النجاشي ملك الحبشة الذي آوى المهاجرين من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام عندما آذاهم الكفار بمكة، وهاجروا إلى أرض الحبشة، فكان عوناً لهم وقام بالإحسان إليهم، ولم يمكن كفار قريش من الوصول إليهم، وقد أرسلوا إليه من يطلب منه تركهم، وتخلية سبيلهم، وإرسالهم، ولكنه أبى أن يخرجهم من بلاده، بل أبقاهم وأحسن إليهم، فأخبر النبي عليه الصلاة والسلام بوفاته في اليوم الذي مات فيه، وصلى عليه أيضاً صلاة الغائب كما جاء ذلك في بعض الروايات أنه صلى عليه، وأنه كبر عليه أربعاً، وقال عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث: (استغفروا لأخيكم).

تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله نعى لهم النجاشي... وقال: استغفروا لأخيكم)

قوله:
[أخبرنا أبو داود].
هو سليمان بن سيف الحراني، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده، وقد ذكر المزي في تحفة الأشراف أن أبا داود هذا هو الحراني.
[حدثنا يعقوب].
هو يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
هو إبراهيم بن سعد، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن صالح بن كيسان].
هو المدني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن شهاب].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن زهرة بن كلاب ينتهي نسبه إلى زهرة بن كلاب أخو قصي بن كلاب وهو إمام مشهور، ومحدث فقيه، ومكثر من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثني أبو سلمة وابن المسيب].
أبو سلمة هو ابن عبد الرحمن بن عوف المدني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الفقهاء السبعة على أحد الأقوال الثلاثة في السابع.
وسعيد بن المسيب بن حزن المدني، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الفقهاء السبعة باتفاق؛ لأن الفقهاء السبعة ستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، ومنهم: سعيد بن المسيب، وخارجة بن زيد بن ثابت، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وعروة بن الزبير بن العوام، وسليمان بن يسار وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، هؤلاء ستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، أما أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الذي معه في الإسناد، فإنه أحد الفقهاء السبعة على أحد الأقوال الثلاثة في السابع، والقول الثاني أنه أبو بكر بن عبد الرحمن بن عوف، والقول الثالث أن السابع هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.
[عن أبي هريرة].
رضي الله عنه، وهو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عنه صلى الله عليه وسلم، بل هو أكثر السبعة حديثاً على الإطلاق رضي الله تعالى عنه وأرضاه.

شرح حديث عبد الله بن عمرو في نعي الميت واتباع النساء للجنازة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبيد الله بن فضالة بن إبراهيم حدثنا عبد الله هو ابن يزيد المقرئ (ح) وأخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ حدثنا أبي قال سعيد: حدثني ربيعة بن سيف المعافري عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما قال: (بينما نحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ بصر بامرأة لا تظن أنه عرفها، فلما توسط الطريق وقف حتى انتهت إليه، فإذا فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: ما أخرجك من بيتك يا فاطمة ؟ قالت: أتيت أهل هذا الميت فترحمت إليهم، وعزيتهم بميتهم، قال: لعلك بلغت معهم الكدى، قالت: معاذ الله أن أكون بلغتها، وقد سمعتك تذكر في ذلك ما تذكر، فقال لها: لو بلغتها معهم ما رأيت الجنة حتى يراها جد أبيك) قال أبو عبد الرحمن: ربيعة ضعيف].أورد النسائي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يسير في طريق مع أصحابه فرأى امرأة، فلما توسط الطريق وقف وقال لها: ما الذي أخرجك من بيتك يا فاطمة؟ فقالت: إنها ذهبت إلى جماعة، وعزتهم بميتهم، وترحمت عليه، فقال لها: لعلك بلغت معهم الكدى؟ فقالت: لا، معاذ الله أن تفعل وقد علمت منه ما قال في ذلك، وقال: لو بلغت معهم ما دخلت الجنة حتى يدخلها جد أبيك، والمراد به عبد المطلب الذي هو جد الرسول صلى الله عليه وسلم.
والحديث يدل على عدم اتباع النساء للجنائز، ويدل على تحريمه وعلى منعه، وأن فيه وعيداً شديداً، ولكن الحديث ضعيف، تكلم فيه النسائي أولاً الذي روى الحديث قال في ربيعة بن سيف أنه ضعيف، وقال عنه الحافظ في التقريب: صدوق له مناكير، وهذا من مناكيره.
وقد اشتمل المتن على أمور منكرة، ومنها ما جاء في آخره: (ما دخلت الجنة حتى يدخلها جد أبيك)، فإن الكافر لا سبيل إلى دخوله الجنة، وأما المسلم فإنه ولا بد أن يدخلها إذا مات على التوحيد وغير مشرك بالله عز وجل، فإنه ولا بد أن يئول أمره إلى الجنة، وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة في أصحاب الكبائر، أنهم إن تجاوز الله عنهم، أو تجاوز عمن تجاوز عنهم يدخل الجنة ولا يعذب، وإن شاء أن يعذب فإنه يدخل النار ويعذب فيها، ولكنه لا يدوم عذابه أبد الآباد كما يدوم عذاب الكفار، بل لا بد وأن يأتي يوم يخرج من النار، ويدخل الجنة.
فهذا مما اشتمل عليه الحديث من الأمور المنكرة، وهو كونه قال: (لا تدخليها حتى يدخلها جد أبيك)، ومعلوم أن عبد المطلب جد الرسول صلى الله عليه وسلم كان على الكفر، وأبو طالب عم الرسول صلى الله عليه وسلم لما جاء ولقنه الشهادة، وعرض عليه التوحيد في نهاية أمره، وكان عنده بعض الجلساء فقالا له: أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فكان آخر ما قال: هو على ملة عبد المطلب، أي: على الكفر وعلى عبادة الأوثان، وأبى أن يقول: لا إله إلا الله، فهذا مما يدخل في المناكير التي جاءت عنه في هذه الرواية.
والحديث ضعفه أيضاً الألباني في كتابه ضعيف سنن النسائي، وفيه كما ذكرت هذا الأمر المنكر الذي اشتمل عليه وهو: لا تدخلي الجنة حتى يدخلها جد أبيك، ومعلوم أن أهل الكبائر لا يخلدون في النار كما يخلد الكفار، بل لابد وأن يخرجوا منها ويدخلوا الجنة، وقد جاءت في ذلك الأحاديث المتواترة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في إخراج أهل الكبائر من النار، وإدخالهم الجنة بشفاعة الشافعين، وبعفو أرحم الراحمين سبحانه وتعالى.

تراجم رجال إسناد حديث عبد الله بن عمرو في نعي الميت واتباع النساء للجنازة

قوله:

[أخبرنا عبيد الله بن فضالة بن إبراهيم].

هو عبيد الله بن فضالة بن إبراهيم النسائي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.

[حدثنا عبد الله بن يزيد].

هو عبد الله بن يزيد المقرئ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
وقوله: (وهو ابن يزيد المقرئ) هذه عبارة يؤتى بها لبيان الشخص المهمل، وذلك أن عبيد الله بن فضالة بن إبراهيم ما زاد في ذكر شيخه على قوله عبد الله، فأتى من دون عبيد الله وهو النسائي أو من دون النسائي بزيادة تبين الشخص، ولكنه أتي بهذا اللفظ حتى يعرف بأن هذا ليس من كلام التلميذ، بل هو من كلام من قبله؛ لأن التلميذ لا يحتاج أن يقول: عبد الله هو ابن فلان، وإنما ينسبه كما يريد، يذكر نسبه أو يختصر نسبه أو يطول نسبه، يتصرف كيف يشاء في ذكر شيخه بالتطويل أو بالاختصار، أما من دون التلميذ فإنه عندما يريد أن يوضح من هو هذا الشخص المهمل، فإنه يأتي بكلمة هو، أو يأتي بكلمة يعني، يعني ابن فلان، هو ابن فلان أو يعني ابن فلان.
[ح وأخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد].
ح وأخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، (ح) هذه تدل على التحول من إسناد إلى إسناد، والذي بعد الحاء هو شيخ للنسائي معناها: أن النسائي بعد ما مشى في الإسناد رجع بإسناد آخر، ثم يلتقي الإسنادان الأول والآخر.
محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي، وابن ماجه.
[عن أبيه].
وأبوه هو الذي روى عنه عبيد الله بن فضالة بن إبراهيم وهو عبد الله بن يزيد المقرئ ذاك روى عنه، وهذا روى عن أبيه؛ لأن ذاك سماه وهذا قال: حدثني أبي، فمن أجل ذلك فصل الإسنادين، وذكر التحويل بعد الإسناد الأول، وأتى بعدها بالإسناد الثاني الذي فيه الابن يروي عن أبيه وهو: محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ يروي عن أبيه عبد الله بن يزيد المقرئ.
[قال سعيد].
هو ابن أبي أيوب المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثني ربيعة بن سيف المعافري].
قال عنه النسائي: إنه ضعيف بعد أن ذكر هذا الحديث، وقال عنه الحافظ في التقريب: إنه صدوق له مناكير، وهذا من جملة الأمور المنكرة لا سيما وفيه اللفظة التي أشرت إليها، وهي قوله: لا تدخل الجنة حتى يدخلها جد أبيك، أخرج له أبو داود، والترمذي، والنسائي.
[عن أبي عبد الرحمن الحبلي].
هو عبد الله بن يزيد المعافري وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عبد الله بن عمرو].
هو عبد الله بن عمرو بن العاص صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، صحابي ابن صحابي، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام الذين اشتهروا بهذا اللقب، وهم من صغار الصحابة، وكانوا في سن متقارب وأدركهم من لم يدرك كبار الصحابة ممن يسمى عبد الله مثل عبد الله بن مسعود، وأبي موسى الأشعري عبد الله بن قيس، وغيرهم من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد اشتهروا عند العلماء بهذا اللقب وهو العبادلة الأربعة من الصحابة عبد الله بن عمرو هذا وعبد الله بن عمر بن الخطاب وعبد الله بن الزبير بن العوام وعبد الله بن العباس بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين.
ومما يذكر في عبد الله بن عمرو بن العاص أنه ولد وسن أبيه في الثالثة عشرة من عمره؛ لأن أباه عمرو بن العاص رضي الله عنه تزوج وهو صغير، وولد له ابنه عبد الله وعمره ثلاث عشرة سنة، احتلم مبكراً، وتزوج مبكراً، وولد له في سن مبكر، ولهذا يقولون: إن بين عبد الله بن عمرو وبين أبيه ثلاث عشرة سنة.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 331.36 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 325.51 كيلو بايت... تم توفير 5.84 كيلو بايت...بمعدل (1.76%)]