|
ملتقى الملل والنحل ملتقى يختص بعرض ما يحمل الآخرين من افكار ومعتقدات مخالفة للاسلام والنهج القويم |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() القدريّة
القدريّون هُم من المُعتزَلة. وقد كان للمعتزلة نحو عشرين مذهبًا، يجمعها أمورٌ عديدة، منها: نَفيها عن اللّه صفاته الأزليّة، وقولها بإنّه ليس له علم ولا قدرة ولا حياة ولا سمع ولا بصر ولا صفة أزليّة. وزادوا على هذا قولهم "إنّ اللّه تعالى لم يكن له في الأزل إسم ولا صفة". ومنها قولهم باستحالة رؤية اللّه بالأبصار، وقالوا إنّه لا يرى نفسه ولا يراه غيره واختلفوا فيه، هل هو راء لغيره أم لا، فأجازه قوم منهم وأباه قوم آخرون. ومنها اتّفاقهم على القول بحدوث كلام اللّه وحدوث أمره ونهيه وخبره. وكلّهم يزعمون أنّ كلام اللّه حادث وأكثرهم يسمّون كلامه مخلوقًا. ومنها قولهم جميعًا بأن اللّه تعالى غير خالقٍ لأعمال النّاس ولا لشيءٍ من أعمال الحيوانات. وقالوا إن النّاس هم الذين يقدّرون أعمالهم وأنه ليس للّه في أعمالهم ولا في أعمال سائر الحيوانات صنع ولا تقدير. ولأجل هذا القول سمّاهم أهل السنّة قدريّة. ومنها اتّفاقهم على دعواهم في الفاسق من أمة الإسلام بالمنزلة بين المنزلتين. ومنها قولهم إنّ كل ما لم يأمر به اللّه تعالى أو ينهى عنه من أعمال العباد لم يشأ اللّه شيئًا منها. وممّا قاله فيهم العلامة أبو منصور عبد القاهر بن طاهر: "وفيهم من يزعم أن المتولّدات أعراض لا فاعل لها. والكعبي مع سائر المعتزلة زعموا أن اللّه تعالى لم يخلق أعمال العباد، وهي أعراض عند من أثبت الأعراض. فبان غلط الكعبي في هذا الفصل على أصحابه. «ومنها دعوى إجماع المعتزلة على أن اللّه خلق ما خلق لا من شيء وكيف يصلح إجماعه على ذلك. والكعبي مع سائر المعتزلة، سوى الصلح، يزعمون أن الحوادث كلّها كانت قبل حدوثها أشياء. والعصريّون منهم يزعمون أن الجواهر والأعراض كانت في حال عدمها جواهر وأعراضًا وأشياءً. والواجب على هذا الفصل أن يكون اللّه خلق الشيء من شيء وإنما يصحّ القول بأنّه خلق الشيء لا من شيء على أصول أصحابنا الصّفاتية الذين أنكروا كون المعدوم شيئًا. «وأما دعوى إجماع المعتزلة على أن العباد يفعلون أفعالهم بالقُدَر التي خلقها اللّه تعالى فيهم فغلط منه عليهم. لأن معمرًا منهم يزعم أن القدرة فعل الجسم القادر بها وليست من فعل اللّه تعالى، والأصمّ ينفي وجود القدرة لأنه ينفي الأعراض كلها. وكذلك دعوى إجماع المعتزلة على أنّ اللّه سبحانه لا يغفر لمُرتكبي الكبائر من توبة منهم، غلط منه عليهم، لأن محمد بن شبيب البصري والصّالحي والخالدي، هؤلاء الثلاثة من شيوخ المعتزلة وهم فقهاء في عقيدة مرتكبي الكبائر قد أجازوا من اللّه تعالى مغفرة ذنوبهم من غير توبة". يتبيّن مما مر أن مذهب القدرية يشمل جميع المعتزلة، وهو القول بأن اللّه لا يخلق أفعال الناس، ولكن الناس إنما يعملون أعمالهم بالقُدَر التي خلقها اللّه فيهم. فهُم أحرار فيما يعملون، أي إن اللّه لم يقض على أحد أن يندفع إلى أي عملٍ من الأعمال، بل وكّله إلى نفسه وعقله يتصرّف في أموره على ما يقتضيه ميله. فإن عمل صالحًا أثيب عليه وإن ساء لقي جزاء ما جنته يداه. |
#2
|
||||
|
||||
![]() الكنيسـة القـبطـية
القبط أو الأقباط هم سكان مصر الأصليون الذين ظلوا عبر التاريخ يحتفظون بلغتهم الوطنية في مختلف لهجاتها. الكنيسة القبطية هي كنيسة مصرية بامتياز تمتد جذورها عبر التاريخ المصري منذ أن دخلتها المسيحية. أما اللغة القبطية فهي تلك التي استعملها الفراعنة وهي فرع من ما يسمى "اللغات الحامية". تنتشر الكنيسة القبطية في مصر وبعض بلدان أفريقيا الشمالية والشرق الأوسط. ولها امتدادات جديدة في أميركا الشمالية حملها إلى هناك المهاجرون الجدد. عدد الأقباط في مصر بضع ملايين مشكلين الطائفة المسيحية الأكثر عددا هناك. يرئس الكنيسة القبطية بابا الإسكندرية ويقيم في القاهرة. ينتخب البابا بواسطة رجال الدين والعامة من ثلاثة مرشحين على الأقل. يعتبر الأقباط القديس مرقص مؤسس كنيستهم، رغم أن العديد من المؤرخين يشككون بهذا الأمر. وهم الآن فرعان: أورثوزكس وكاثوليك. وكانت الكنيسة القبطية، كغيرها من الكنائس المسيحية في القرنين الرابع والخامس، قد واجهت السؤال الذي شرذم المسيحيين آنذاك والذي تمحور حول طبيعة المسيح والذي استلزم أكثر من مجمع مسكوني لحله. وكان المجمع الخلقيدوني هو الذي حسم الموقف في نهاية الأمر ولكنه لم يتمكن بما خرج فيه، من توحيد كلمة المسيحيين وإيمانهم بطبيعة المسيح. فبينما قبلت معظم الكنائس المسيحية مقررات مجمع خلقيدونية رفضتها كنائس أخرى بينها الكنيسة القبطية بفرعها الأورثوذكسي وهو الفرع الأكثر عدداً والأقوى. فقد ظل هؤلاء على إيمانهم بالطبيعة الواحدة. تعود جذور الطقوس الكنسية القبطية إلى الطقوس اليونانية الاسكندرانية ولكنها منذ القرن الرابع استقلت هذه الطقوس واتخذت طابعاً مصرياً بحتاً. وكان هذا التحول قد بدأ في الأديرة. واللغة المستعملة حالياً في الطقوس الدينية القبطية هي العربية واليونانية. هناك 12 ديراً للأقباط في مصر حالياً تضم 600 راهب، بالإضافة إلى ستة أديرة صغيرة تضم 300 راهبة. أكبر هذه الأديرة وأكثرها شهرة دير وادي نطرون. تتراجع اللغة القبطة اليوم أمام اللغة العربية في مصر. وكان العديد من المصريين يتكلمون القبطية ذات الأبجدية اليونانية في وقت من الأوقات. وكانت تتوزع على ثلاث لهجات: صعيدية وبحرية وفيومية. أما اليوم فالعربية هي السائدة في التداول اليومي. يرأس الكنيسة اليوم البابا شنودة الثالث الذي انتخب سنة 1971. وكانت بعض الخلافات قد حدثت بينه وبين السلطات المصرية أثناء رئاسة أنور السادات انتهت بتحديد إقامته سنة 1981 وأعيدت إليه حريته التامة سنة 1985. |
#3
|
||||
|
||||
![]() الجعفريّة
لُقبٌ اشتُهِرَ به، في هذا العصر، الشّيعة الإماميّة الإثنا عشريّة، باعتبار أنّ مذهبهم في الفروع هو مذهب الإمام جعفر بن محمد الصّادق. ونُسِبَ مذهبهم في الفروع إليه، باعتبار أنّ أكثره مأخوذٌ عنه، وإن كان أخذهم عن أئمّة البيت الإثني عشر بالسّواء. لكن لما كانت الرّوايات عنه في فروع الفقه أكثر منها عن غيره بكثيرٍ، لكون عصره في آخر عصر الدولة الأموية، عندما بدأت بالضّعف، وأول عصر الدولة العباسية التّي لم يكن قد بدأ فيها التّعصب الشديد لكونها دولة هاشمية في أوّل نشأتها، فكان للأئمة من أهل البيت يومئذٍ شيء من الحرية وعدم الخوف؛ فأخذوا في نشر مذهبهم وكَثُرَ الرواة عنهم فيه. وهناك فرق أخرى ـ غير الأئمّة الإثني عشريّةـ تُسمّى بالجعفرية، وهي: فرقة المُعتزلة: أتباع جعفر بن بشر الهَمذاني المُتوفّى سنة 236هـ. ومن معتقداتهم أنّ في فساق هذه الأمة مَن هُو شرّ من اليهود والنّصارى والمجوس والزّنادقة. ـ أصحاب جعفر بن حرب الثّقفي، المتوفى سنة 234 هـ وهم فرقة من المعتزلة. ونُسِبَ هؤلاء إلى جعفر قوله: "إن الله تعالى خلق القرآن في اللّوح المحفوظ، ولا يجوز أن يُنقَل، إذ يستحيل أن يكون الشّيء الواحد في مكانين في حالةٍ واحدةٍ. وما نَتْلُوه هو حكاية عن المكتوب الأوّل في اللّوح المحفوظ، وذلك فَعَلنا وخَلَقنا". ـ فرقة جعفرية بائدة من غُلاة الشّيعة، أجهروا القول إن جعفرًا، أي جعفر الصّادق، هو الله وإنّه ليس بالذّي يُرى، ولكنه يُشبه الناس بهذه الصّورة الذّميمة القبيحة للإستئناس. |
#4
|
||||
|
||||
![]() الملكيون
الملكيون فئة من النصارى مركزها الرئيس في سوريا. تضم كنيستهم حوالى مليون ونصف مليون مؤمن يعيش نصفهم في الشرق الأدنى وبخاصة في العراق وسوريا ولبنان. تتبع الكنيسة الملكية البابوية. فهي جزء من الكنيسة الكاثوليكية رغم احتفاظها ببعض خصوصياتها الطقسية الشرقية وبنوع من الاستقلالية. فهي كنيسة شرقية قبلت بقرارات المجمع الخلقيدوني الذي اعترف بطبيعتي المسيح، واحدة إلاهية وأخرى بشرية. وكانوا في سنة 1054 قد انفصل قسم منهم عن سلطة الفاتيكان وتبعوا بطريركية القسطنطينية وأصبحوا يعرفون بالأورثذكس. ولكن عدداً بقي أو عاد إلى سلطة البابا في القرن الثامن عشر. تغلب اليونانية والعربية على لغتهم الطقسية. للملكيين بطريرك واحد يدير شؤونهم، يقيم في دمشق وتتبعه سبع أبرشيات هي: حلب وحمص واللاذقية في سوريا وبيروت وصور في لبنان والبصرى في العراق وعمّان في الأردن، كما تتبعه ست مطرانيات: عكا، بعلبك، بانياس، صيدا، طرابلس وزحلة. ملكيون كلمة سامية تعني ملك وهي إشارة إلى تبؤهم سدة الامبراطورية البيزنطية في القرن الخامس في القسطنطينية عند الانقسام المسيحي الكبير حول طبيعة المسيح. أكثر الملكيين الشرقيين الآن هم أحفاد المهاجرين اليونان الذين جلبوا معهم الطقس اليوناني وعرّبوه. |
#5
|
||||
|
||||
![]() المزدارية
أصحاب عيسى بن صبيح المكنى بابي موسى الملقب بالمرداد. وقد تلمذ لبشر بن المعتمر وأخذ العلم منه وتزهد ويسمى راهب المعتزلة. وإنما انفرد عن أصحابه بمسائل: الأولى منها: قوله في القدر: إن الله تعالى يقدر على أن يكذب ويظلم ولو كذب وظلم كان إلهاً كاذباً وظالماً تعالى الله عن قوله. والثانية قوله في التولد: مثل قول أستاذه وزاد عليه: بأن جوز وقوع فعل واحد من فاعلين على سبيل التولد. والثالثة قوله في القرآن: إن الناس قادرون على فعل القرآن: فصاحة ونظما وبلاغة وهو الذي بالغ في القول بخلق القرآن وكفر من قال بقدمه بأنه قد أثبت قديمين. وكفر أيضاً من لابس السلطان وزعم أنه لا يرث ولا يورث وكفر أيضاً من قال: إن أعمال العباد مخلوقة لله تعالى ومن قال: إنه يرى بالأبصار وغلا في التكفير حتى قال: هم كافرون في قولهم: لا إله إلا الله. وقد سأله إبراهيم بن السندي مرة عن أهل الأرض جميعاً فكفرهم فأقبل عليه إبراهيم وقال: الجنة التي عرضها السموات والأرض لا يدخلها إلا أنت وثلاثة وافقوك! فخزي ولم يحر جواباً. وقد تلمذ له أيضاً: الجعفران وأبو زفر ومحمد بن سويد. وصحب: أبو جعفر محمد ابن عبد الله الإسكافي وعيسى ابن الهيثم: جعفر بن حرب الأشج. وحكى الكعبي عن الجعفرين أنهما قالا: إن الله تعالى خلق القرآن في اللوح المحفوظ ولا يجوز أن ينقل إذ يستحيل أن يكون الشيء الواحد في مكانين في حالة واحدة وما نقرأه فهو حكاية عن المكتوب الأول في اللوح المحفوظ وذلك فعلنا وخلقنا. قال: وهو الذي اختاره من الأقوال المختلفة في القرآن. وقالا في تحسين العقل وتقبيحه: إن العقل يوجب معرفة الله تعالى بجميع أحكامه وصفاته قبل ورود الشرع وعليه أن يعلم أنه قصر ولم يعرفه ولم يشكره: عاقبه عقوبة دائمة فأثبت التخليد واجباً بالعقل. |
#6
|
||||
|
||||
![]() الواصلية
أصحاب أبي حذيفة واصل بن عطاء الغزال الألثغ كان تلميذاً للحسن البصري يقرأ عليه العلوم الأخبار وكانا في أيام عبد الملك بن مروان وهشام بن عبد الملك. وبالمغرب في أيام أبي جعفر المنصور. ويقال لهم: الواصلية. واعتزالهم يدور على أربعة قواعد: القاعدة الأولى: القول بنفي صفات الباري تعالى من العلم والقدرة والإرادة والحياة. وكانت هذه المقالة في بدئها غير ناضجة وكان واصل بن عطاء يشرع فيها على قول ظاهر وهو الاتفاق على استحالة وجود إلهين قديمين أزليين قال: " ومن أثبت معنى وصفة قديمة فقد أثبت إلهين ". وإنما شرعت أصحابه فيها بعد مطالعة كتب الفلاسفة وانتهى نظرهم فيها إلى رد جميع الصفات إلى كونه: عالماً قادراً ثم الحكم بأنهما صفتان ذاتيتان هما: اعتباران للذات القديمة كما قال الجبائي أو حالان كما قال أبو هاشم. وميل أبو الحسين البصري إلى ردهما إلى صفة واحدة وهي العالمية وذلك عين مذهب الفلاسفة . وكان السلف يخالفهم في ذلك إذ وجدوا الصفات مذكورة في الكتاب والسنة. القاعدة الثانية: القول بالقدر: وقد سلكوا في ذلك مسلك معبد الجهني وغيلان الدمشقي. وقرر واصل بن عطاء هذه القاعدة أكثر مما كان يقرر قاعدة الصفات فقال إن الباري تعالى حكيم عادل لا يجوز أن يضاف إليه شر ولا ظلم ولا يجوز أن يريد من العباد خلاف ما يأمرن ويحتم عليهم شيئاً ثم يجازيهم عليه فالعبد هو الفاعل للخير والشر والإيمان والكفر والطاعة والمعصية وهو المجازى على فعله والرب تعالى أقدره على ذلك كله. وأفعال العباد محصورة في: الحركات والسكنات والاعتمادات والنظر والعلم قال: ويستحيل أن يخاطب العبد بالفعل وهو لا يمكنه أن يفعل ولا هو يحس من نفسه الاقتدار والفعل ومن أنكره فقد أنكر الضرورة واستدل بآيات على هذه الكلمات. ورأيت رسالة نسبت إلى الحسن البصري كتبها إلى عبد الملك بن مروان وقد سأله عن القول بالقدر والجبر فأجابه فيها بما يوافق مذهب القدرية واستدل فيها بآيات من الكتاب ودلائل من العقل ولعلها لواصل ابن عطاء فما كان الحسن ممن يخالف السلف في أن القدر خيره وشره من الله تعالى فإن هذه الكلمات كالمجمع عليها عندهم. والعجب! أنه حمل هذا اللفظ الوارد في الخبر على: البلاء والعافية والشدة والرخاء والمرض والشفاء والموت والحياة إلى غير ذلك من أفعال الله تعالى دون: الخير والشر والحسن والقبيح الصادرين من اكتساب العباد. وكذلك أورده جماعة من المعتزلة في المقالة عن أصحابهم. القاعدة الثالثة: القول بالمنزلة بين المنزلتين والسبب فيه أنه دخل واحد على الحسن البصري فقال: يا إمام الدين! لقد ظهرت في زماننا جماعة يكفرون أصحاب الكبائر والكبيرة عندهم كفر يخرج به عن الملة وهم وعيدية الخوارج وجماعة يرجئون أصحاب الكبائر والكبيرة عندهم لا تضر مع الإيمان بل العمل على مذهبهم ليس ركناً من الإيمان ولا يضر مع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة وهم مرجئة الأمة فكيف تحكم لنا في ذلك اعتقاداً فتفكر الحسن في ذلك وقبل أن يجيب قال واصل بن عطاء: أنا لا أقول: صاحب الكبيرة مؤمن مطلقاً ولا كافر مطلقاً بل هو في منزلة بين المنزلتين: لا مؤمن ولا كافر ثم قام واعتزل إلى اسطوانة من اسطوانات المسجد يقرر ما أجاب به على جماعة من أصحاب الحسن فقال الحسن: اعتزل عنا واصل فسمي هو وأصحابه: معتزلة. ووجه تقريره انه قال: إن الإيمان عبارة عن خصال خير إذا اجتمعت سمى المرء مؤمناً وهو اسم مدح والاسم لم يستجمع خصال الخير ولا استحق اسم المدح فلا يسمى مؤمناً وليس هو بكافر مطلقا أيضاً لأن الشهادة وسائر أعمال الخير موجودة فيه لا وجه لإنكارها لكنه إذا خرج من الدنيا على كبيرة من غير توبة فهو من أهل النار خالداً فيها إذ ليس في الآخرة إلا فريقان: فريق في الجنة وفريق في السعير لكنه يخفف عنه العذاب وتكون دركته فوق دركة الكفار. وتابعه على ذلك عمرو بن عبيد بعد أن كان موافقاً له في القدر وإنكار الصفات. القاعدة الرابعة: قوله في الفريقين من أصحاب الجمل وأصحاب صفين: إن أحدهما مخطئ بعينه وكذلك قوله في الخليفة عثمان وقاتليه وخاذليه. قال: إن أحد الفريقين فاسق لا محالة كما أن أحد المتلاعنين فاسق لا محالة لكن لا بعينه وقد عرفت قوله في الفاسق وأقل درجات الفريقين أنه لا تقبل شهادتهما كما لا تقبل شهادة المتلاعنين فلم يجوز قبول شهادة علي وطلحة والزبير على باقة بقل وجوز أن يكون عثمان وعلي على الخطأ. هذا قولهَ! وهو رئيس المعتزلة ومبدأ الطريقة في أعلام الصحابة وأئمة العترة. ووافقه عمرو بن عبيد على مذهبه وزاد عليه في تفسيق أحد الفريقين لا بعينه بأن قال: لو شهد رجلان من أحد الفريقين مثل علي ورجل من عسكره أو طلحة والزبير: لم تقبل شهادتهما وفيه تفسيق الفريقين وكونهما من أهل النار. وكان عمرو بن عبيد من رواة الحديث معروفاً بالزهد. وواصل مشهور بالفضل والأدب الهذيلية أصحاب أبي الهذيل حمدان بن الهذيل العلاف: شيخ المعتزلة ومقدم الطائفة ومقرر الطريقة والمناظر عليها أخذ الاعتزال عن عثمان بن خالد الطويل عن واصل بن عطاء. ويقال: أخذ واصل بن عطاء عن أبي هاشم عبد الله بن محمد الحنفية ويقال: أخذه عن الحسن بن أبي الحسن البصري. وإنما انفرد عن أصحابه بعشر قواعد: الأولى: أن الباري تعالى عالم بعلمه وعلمه بذاته قادر بقدرة وقدرته ذاته حي بحياة وحياته ذاته. وإما اقتبس هذا الرأي من الفلاسفة الذين اعتقدوا: أن ذاته واحدة لا ثرة فيها بوجه وإنما الصفات ليست وراء الذات معاني قائمة بذاته بل هي ذاته وترجع إلى أسلوب أو اللوازم كما سيأتي. والفرق بين قول القائل: عالم بذاته لا بعلم وبين قول القائل: عالم بعلم هو ذاته أن الأول نفى الصفة والثاني إثبات ذات هو بعينه صفة أو إثبات صفة هي بعينها ذات. وإذ أثبت أبو الهذيل هذه الصفات وجوهاً للذات فهي بعينها أقانيم النصارى أو أحوال أبي هاشم. الثانية: أنه أثبت إرادات لا محل لها يكون الباري تعالى مريداً بها. وهو أول من أحدث هذه المقالة وتابعه عليها المتأخرون. الثالثة: قال في كلام الباري تعالى: إن بعضه لا في محل وهو قوله كن وبعضه في محل كالأمر والنهي والخبر والإستخبار. وكأن أمر التكوين عنده غير أمر التكليف. الرابعة: قوله في القدر مثل ما قاله أصحابه إلا أنه قد ري الأولى جبري الآخرة فإن مذهبه في حركات أهل الخلدين في الآخرة: أنها كلها ضرورية لا قدرة للعباد عليها وكلها مخلوقة للباري تعالى إذ كانت مكتسبة للعباد لكانوا مكلفين بها. الخامسة: قوله إن حركات أهل الخلدين تنقطع وإنهم يصيرون إلى سكون دائم خموداً وتجتمع للذات قي ذلك السكون لأهل الجنة وتجتمع الآلام في ذلك السكون لأهل النار. وهذا قريب من مذهب جهم: إذ حكم بفناء الجنة والنار. وإنما التزم أبو الهديل هذا المذهب لأنه لما ألزم في مسألة حدوث العالم: أن الحوادث التي لا أول لها كالحوادث التي لا آخر لها إذ كل واحدة لا تتناهى قال: إني لا أقول بحركات لا تتناهى آخراً كما لا أقول بحركات لا تتناهى أولاً بل يصيرون إلى سكون دائم وكأنه ظن أن ما لزمه في الحركة لا يلزمه في السكون. السادسة: قوله في الاستطاعة: إنها عرض من الأعراض غير السلامة والصحة وفرق بين أفعال القلوب وأفعال الجوارح فقال لا يصح وجود أفعال القلوب منه مع عدم القدرة فالاستطاعة معها في حال الفعل. وجوز ذلك في أفعال الجوارح وقال بتقدمها فيفعل بها في الحال الأولى وإن لم يوجد الفعل إلا في الحالة الثانية قال: فحال يفعل غير حال فعل. ثم ما تولد من فعل العبد فهو فعله غير اللون والطعم والرائحة ما لا يعرف كيفيته. وقال في الإدراك والعلم الحادثين في غيره عند إسماعه وتعليمه: إن الله تعالى يبدعهما فيه وليسا من أفعال العباد. السابعة: قوله في المكلف قبل ورود السمع: إنه يجب عليه أن يعرف الله تعالى بالدليل من غير خاطر وإن قصر في المعرفة استوجب العقوبة أبداً ويعلم أيضاً حسن الحسن وقبح القبيح فيجب عليه الإقدام على الحسن كالصدق والعدل والإعراض عن القبيح كالكذب والجور. وقال أيضاً بطاعات لا يراد بها الله تعالى ولا يقصد بها التقرب إليه كالقصد إلى النظر الأول والنظر الأول فإنه لم يعرف الله بعد والفعل عبادة وقال في المكره: إذا لم يعرف التعريض والتورية فيما أكره عليه فله أن يكذب ويكون وزره موضوعاً عنه. الثامنة: قوله في الآجال والأرزاق: إن الرجل إن لم يقتل مات في ذلك الوقت ولا يجوز أن يزاد في العمر أو ينقص. والأرزاق على وجهين: أحدهما: ما خلق الله تعالى من الأمور المنتفع بها يجوز أن يقال خلقها رزقاً للعباد فعلى هذا من قال: إن أحداً أكل أو انتفع بما لم يخلقه الله رزقاً فقد أخطأ لما فيه: أن في الأجسام ما لم يخلقه الله تعالى. والثاني: ما حكم الله به من هذه الأرزاق للعباد فما أحل منها فهو رزقه وما حرم فليس رزقاً أي ليس مأموراً بتناوله. التاسعة: حكى الكعبي عنه أنه قال: إرادة الله غير المراد فإرادته لما خلق: هي خلقه له وخلقه للشيء عنده غير الشيء بل الخلق عنده قول لا في محل. وقال إنه تعالى لم يزل سميعاً بصيراً بمعنى سيسمع وسيبصر وكذلك لم يزل: غفوراً رحيماً محسناً خالقاً رازقاً معاقباً موالياً معادياً آمراً ناهياً بمعنى أن ذلك سيكون منه. العاشرة: حكى الكعبي عنه أنه قال: الحجة لا تقوم فيما غاب إلا بخبر عشرين فيهم واحد من أهل الجنة أو أكثر ولا تخلو الأرض عن جماعة هم فيها أولياء الله: معصومون لا يكذبون ولا يرتكبون الكبائر فهم الحجة لا التواتر إذ يجوز أن يكذب جماعة ممن لا يحصون عدداً إذا لم يكونوا أولياء الله ول يكن فيهم واحد معصوم. وصحب أبا الهذيل أبو يعقوب الشحام والآدمي وهما على مقالته. وكان سنه مائة سنه توفي في أول خلافة المتوكل سنة خمس وثلاثين ومائتين. |
#7
|
||||
|
||||
![]() المُرجئة
المرجئة فرقةٌ من الفرق الدّينية؛ بدأت تتّحدد ملامحها عندما طُرِحَ السّؤال التالي: ما الحكم على مُرتكب الكبيرة؟ وذلك عقب الفتنة التي صاحبت مقتل الخليفة الثالث "، والتي كان من نتائجها اقتتال المُسلمين. فقالت المرجئة: "أمر مُرتكب الكبيرة إلى الله يوم القيامة، فلا يقضى عليه في الدّنيا". ذَكَرَ الأشعري في مقالاته أنّ المرجئة اثنتا عشرة فرقةٍ، وهي: 1- اليونسيّة وهم أصحاب يونس بن عوف النّميري. يزعمون أنّ الإيمان هو المعرفة بالله والخضوع له وترك الإستكبار عليه والمحبّة له. فمَن اجتمعت فيه هذه الخصال فهو مؤمنٌ. وما سوى ذلك من الطّاعة فليس من الإيمان، ولا يضرّ تركها حقيقة الإيمان ولا يعذّب على ذلك إذا كان الإيمان خالصًا واليقين صادقًا. 2- العُبيديّة وهم أصحاب عُبيد المُكتئب. حُكِيَ أنّه قال: "ما دون الشّرك مغفور لا محالة، وإنّ العبد إذا مات على توحيده لا يضرّه ما اقترف من الآثام واجترح من السّيئات. 3- الغسّانية وهم أتباع غسّان الحرمى المُرجئي. وقد زعموا أن الإيمان إقرار بالله ومحبة لله وتعظيم له، وهو يقبل الزيادة ولا يقبل النّقصان. 4- الثّوبانية وهم أصحاب أبي ثوبان المرجئي. كان يقول: "الإيمان إقرار ومعرفة بالله وبرُسُله وبكلّ شيء يُقدّر وجوده في العقل. فزاد هذا القائل القول بالواجبات العقلية وأخّر العمل عن الإيمان. والثّوبانيّون يزعمون أنّ العُصاة من المسلمين يلحقهم على الصّراط شيء من حرارة جهنّم لكنهم لا يدخلون جهنم أصلاً. 5- التّومنية، وقد تُسمى المعاذية. أصحاب أبي معاذ التومني. يزعمون أنّ الإيمان ما عصم من الكفر، وهو إسم لخصالٍ إذا تركها التارك أو ترك خصلة منها كان كافرًا. 6- الصّالحية، وهم أصحاب صالح بن عمر الصّالحي. يزعمون أنّ الإيمان هو المعرفة بالله على الإطلاق وهو أنّ الله صانعٌ فقط، والكفر هو الجهل به على الإطلاق، وأنّ قول القائل "إنّ الله ثالث ثلاثة" ليس بكفرٍ ولكنّه لا يظهر إلاّ من كافرٍ. 7- المريسيّة. أصحاب بشير المريسي ومرجئة بغداد من أتباعه. يقولون إن الإيمان هو التصديق، لأن الإيمان في اللّغة هو التصديق، وما ليس بتصديقٍ فليس بإيمانٍ. ويزعمون أنّ التصديق يكون بالقلب واللّسان معًا. 8- الشّمرية. أصحاب أبي شمر المرجئي القدري. وحُكِيَ عن أبي شمّر أنّه قال: "إنّ الإيمان هو المعرفة بالله والإقرار به وبما جاء من عند الله ومعرفة العدل". يعني قوله في القدر، ما كان منصوصًا أو مستخرجًا بالعقول ممّا فيه إثبات عدل الله ونفي التّشبيه والتّوحيد، وكلّ ذلك إيمانٌ، والعلم به إيمان والشاك به كافر والشك في الشّاك كافر أبدًا. 9- النّجارية. أتباع الحسين بن محمد النجار. وهؤلاء يوافقون أهل السّنة في بعض أصولهم مثل خلق الأفعال، الإستطاعة، الإرادة وأبواب الوعيد. ويوافقون القدريّة في بعض الأصول مثل نفي الرّؤية ونفي الحياة والقدرة، ويقولون بحدوث الكلام، أي أنّ كلام الله مخلوق وحادث. وقد تفرّع عن هذه الفرقة ثلاثة فِرَقٍ، هي: البرغوتيّة، الزّعفرانية، المُستدركة. 10- الغيلانيّة. هُم أصحاب غيلان الدّمشقي. يزعمون أنّ الإيمان بالله بالنّظر والإستدلال والمحبّة والخضوع والإقرار وبما جاء من عند الله سبحانه وتعالى، وذلك أن المعرفة الأولى عنده اضّطرار أي فطريّة، وأن الإيمان لا يحتمل الزيادة والنّقصان. 11- الشبيبيّة، أصحاب محمد بن شبيب. يزعمون أنّ الإيمان هو الإقرار بالله والمعرفة بأنّه واحد ليس كمثله شيء، والإقرار والمعرفة بأنبياء الله وبرسله وبجميع ما جاءت به من عند الله ممّا نص عليه المسلمون ونقلوه عن الرّسول من الصّلاة والصيام وأشباه ذلك ممّا لا خلاف عليه بينهم ولا تنازع. أمّا ما كان من الدّين نحو اختلاف الناس في الأشياء، فإن الرّاد للحق لا يُكفّر ولا يرد على المُسلمين ما نقلوه عن نبيّهم ونصوا عليه. والخضوع لله هو ترك الإستكبار. 12- الكرامية. أصحاب أبي عبد الله محمد بن كرام. وجملة الكرامية ثلاث فِرَق: حقائقية وطرافية وإسحاقيّة. وتُعَدّ جميعها فريقًا واحدًا إذ لا يكفّر بعضهم بعضًا. فزعموا أنّ المنافقين الذين كانوا على عهد الرسول كانوا مؤمنين على الحقيقة. كانوا يعتقدون أنّ الله تعالى جسم وجوهر ومحلّ للحوادث، ويثبتون له جهة ومكانا. وكان زعيمهم ابن كرام يُسمّى معبوده جسمًا. ومِن بِدَعهم التي قالوا بها إنّهم فرّقوا بين القول والكلام، وقولهم إنّ كلام الله قديم وقوله حادث وليس بمُحدث، وله حروف وأصوات، وإنّما هو قدرته على التّكليم والتّكلم. وقالوا إنّ كلامه ليس بمسموعٍ وقوله مسموع، وقالوا بالواجبات العقلية قبل ورود الشّرع. |
#8
|
||||
|
||||
![]() المعتزلة
المُعتزلة فرقةٌ إسلاميّة نشأت في أواخر العصر الأموي وازدهرت في العصر العباسي. اعتمدت على العقل المجرّد في فهم العقيدة الإسلامية لتأثرّها ببعض الفلسفات القديمة. وقد أُطلقت عليها أسماء مختلفة منها: المُعتزلة والقدرية والعدلية وأهل العدل والتّوحيد والمقصد والوعيديّة. المبادئ والأفكار: جاءت المعتزلة في بدايتها بفكرتين مبتدعتين: - الأولى: القول إنّ الإنسان مختار بشكلٍ مطلقٍ في كلّ ما يفعل؛ فهو يخلق أفعاله بنفسه ولذلك كان التكليف. ومن أبرز مَن قال ذلك "غيلان الدمشقي" الذي أخذ يدعو إلى مقولته هذه في عهد عمر بن عبد العزيز وحتى عهد هشام بن عبد الملك. فكانت نهايته أن قتله هشام بسبب ذلك. - الثّانية: القول إنّ مُرتكب الكبيرة ليس مؤمنًا ولا كافرًا ولكنّه فاسق فهو بمنزلةٍ بين المنزلتين. هذه حاله في الدّنيا. أمّا في الآخرة فهو لا يدخل الجنّة لأنه لم يعمل بعمل أهل الجنة بل هو خالد في النّار. ولا مانع عندهم من تسميته مسلمًا باعتباره يُظهر الإسلام وينطق بالشّهادتين ولكنه لا يُسمّى مؤمنًا. ثمّ حرّر المُعتزلة مذهبهم في خمسة أصولٍ، أهمّها: التّوحيد، العدل، الوعد والوعيد، المنزلة بين المنزلتين، الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر. 1- التّوحيد وخلاصته، برأيهم، هو أنّ الله تعالى مُنزّه عن الشبيه والمماثل (ليس كمثله شيء) ولا ينازعه أحد في سلطانه ولا يجري عليه شيء ممّا يجري على النّاس. وهذا حق. ولكنّهم بنوا عليه أحد نتائج باطلة، منها استحالة رؤية الله تعالى لإقتضاء ذلك نفي الصّفات، وأن الصفات ليست شيئاً غير الذات، وإلاّ تعدَّدَ القدماء في نظرهم. لذلك يُعَدُّون من نفاة الصّفات؛ وبنوا على ذلك أيضًا أنّ القرآن مخلوق لله سبحانه وتعالى لنفيهم عنه سبحانه صفة الكلام. 2- العدل ومعناه برأيهم أنّ الله لا يخلق أفعال العباد ولا يحبّ الفساد، بل إنّ العباد يفعلون ما أمروا به وينهون عما نهوا عنه بالقدرة التي جعلها الله لهم وركّبها فيهم وأنّه لم يأمر إلاّ بما أراد ولم ينه إلاّ عمّا كره. 3- الوعد والوعيد ويعني أن يجازي الله المُحسن إحسانًا ويجازي المُسيء سوءًا ، ولا يغفر لمرتكب الكبيرة إلاّ أن يتوب. 4- المنزلة بين المنزلتين وتعني أن مرتكب الكبيرة في منزلةٍ بين الإيمان والكفر. فليس بمؤمنٍ ولا كافرٍ. وقد قرّر هذا واصل بن عطاء شيخ المعتزلة. 5- الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر. فقد قرّروا وجوب ذلك على المؤمنين نشرًا لدعوة الإسلام وهدايةً للضّالين وإرشادًا للغاوين كلّ بما يستطيع. فذو البيان ببيانه، والعالم بعلمه، وذو السّيف بسيفه وهكذا. ومن حقيقة هذا الأصل أنّهم يقولون بوجوب الخروج على الحاكم إذا خالف وانحرف عن الحق. ومن مبادئ المعتزلة الإعتماد على العقل كليًا في الإستدلال لعقائدهم. وكان من آثار اعتمادهم على العقل في معرفة حقائق الأشياء وإدراك العقائد، أنّهم كانوا يحكمون بحُسن الأشياء وقبحها عقلاً. وبسبب اعتمادهم على العقل أيضًا أوّلوا الصّفات بما يلائم عقولهم الكلية، كصفات الإستواء واليد والعين وكذلك صفات المحبة والرضى والغضب والسخط. ومن المعلوم أنّ المعتزلة تنفي كلّ الصّفات لا أكثرها. وباعتمادهم على العقل أيضًا، طعن كبراؤهم في أكابر الصّحابة وشنعوا عليهم ورموهم بالكذب. فقد زعم واصل بن عطاء أن إحدى الطائفتين يوم الجَمَل فاسقة؛ إمّا طائفة علي بن أبي طالب وعمّار بن ياسر والحسن والحسين وأبي أيوب الأنصاري أو طائفة عائشة والزبير، أوردوا شهادة هؤلاء الصّحابة، فقالوا: لا تقبل شهادتهم. وسبب اختلاف المعتزلة فيما بينهم وتعدّد طوائفهم هو اعتمادهم على العقل فقط، وإعراضهم عن النّصوص الصّحيحة من الكتاب والسنة، ورفضهم الإتباع من دون بحثٍ واستقصاءٍ. وقاعدتهم التي يستندون إليها في ذلك: "كلّ مكلّف مطالب بما يؤدّيه إليه اجتهاده في أصول الدين". فيكفي، وفق مذهبهم، أن يختلف التلميذ مع شيخه في مسألةٍ ليكون هذا التلميذ صاحب فرقةٍ قائمةٍ. وهكذا نجد أن المعتزلة قد حوّلوا الدّين إلى مجموعة من القضايا العقلية والبراهين المنطقية، وذلك لتأثرهم بالفلسفة اليونانية عامّةً وبالمنطق الصّوري (نسبة إلى مدينة صور) الأوسطي خاصّة. فنّد علماء الإسلام آراء المُعتزلة في عصرهم، مثل أحمد بن حنبل الذي اكتوى بنار فِتنَتِهِم المُتعلّقة بخلق القرآن ووقف في وجه هذه الفتنة بحزمٍ. مِن ردودٍ قويّة الحجة، بارعة الأسلوب، رد ابن تيمية في كتابه "درء تعارض العقل والنقل"؛ فقد تتبع آراءهم وأفكارهم واحدة واحدة وردّ عليها وبيّن أنّ صريح العقل لا يكمن أن يكون مخالفًا لصحيح النّقل. وقد ردّ على ذلك عدد كبير من العلماء مؤكّدين: - أن لا يتعارض العقل مع النصوص الصّحيحة. - أن لا يكون استعمال العقل في القضايا الغيبية التي يُعتبر الوحي هو المصدر الصحيح والوحيد لمعرفتها. - أن يُقدَّم النّقل على العقل في الأمور التي لم تتضح حكمتها وهي ما يُعرف بـ"الأمور التّوفيقية". - ولا شك أن احترام الإسلام للعقل وتشجيعه للنظر والفكر واضح. الجذور الفكرية والعقائدية: هناك رواية تُرجِع الفكر المعتزلي في الصّفات إلى أصولٍ يهوديّةٍ فلسفيّةٍ. فالجعد بن درهم أخذ فكره عن أبان بن سمعان وأخذها أبان عن طالوت وأخذها طالوت عن خاله لبيد بن الأعصم اليهودي. وقيل: إنّ مناقشات الجهم بن صفوان مع فرقة السّمنية -وهي فرقة هندية تؤمن بالتّناسخ- قد أدّت إلى تشكيكه في دينه وابتداعه لنفي الصفات. إنّ فكر يوحنا الدمشقي وأقواله تُعدّ موردًا من موارد الفكر الإعتزالي إذ إنّه كان يقول بالأصلح وحريّة الإرادة الإنسانية. ونفي القدر عند المعتزلة الذي ظهر على يد الجهني وغيلان الدمشقي، قيل إنّهما أخذاه عن نصراني يدعى أبو يونس سنسويه. وقد أخذ عمرو بن عبيد صاحب واصل بن عطاء فكرة نفي القدر عن معبد الجهني. تأثّر المعتزلة بفلاسفة اليونان في موضوع الذّات والصفات. فمن ذلك قول أنباد بن قليس الفيلسوف اليوناني: "إنّ الباري تعالى لم يزل هويته فقط وهو العلم المحض وهو الإرادة المحضة وهو الجود والعزة والقدرة والعدل والخير والحق، لا أن هناك قِوَى مُسمّاة بهذه الأسماء بل هي هو، وهو هذه كلّها". وكذلك قول أرسطو طاليس في بعض كتبه: "إنّ الباري علم كلّه، قدر كله، حياة كله، بصر كله". فأخذ العلاف -وهو من شيوخ المعتزله- هذه الأفكار وقال: "إنّ الله عالم بعلم وعلمه ذاته قادر بقدره وقدرته ذاته، حيّ بحياة وحياة ذاته". ثمّ إنّ أحمد بن خابط والفضل الحدثي قد طالعا كتب الفلاسفة ومزجا الفكر الفلسفي مع الفكر النّصراني مع الفكر الهندي، وقالا ما يلي: 1- إنّ المسيح هو الذي يحاسب الخلق في الآخرة. 2- إنّ المسيح تدرّع بالجسد الجسماني وهو الكلمة القديمة المتجسّدة. 3- القول بالتناسخ. 4- حَملا كلّ ما ورد في الخبر عن رؤية الله تعالى على رؤية العقل الأول، هو أوّل مبتدع وهو العقل الفعّال الذي منه تفيض الصّور على الموجودات. يؤكّد العلماء تأثير الفلسفة اليونانية على فكر المعتزلة بما قام به الجاحظ، وهو من مُصنّفي المعتزلة ومفكريهم. فقد طالع كثيرًا من كتب الفلاسفة وتمذهب بمذهبهم حتّى إنه خلط وروّج كثيرًا من مقالاتهم بعبارته البليغة. الفكر الإعتزالي الحديث: يحاول بعض الكُتّاب والمُفكّرين في الوقت الحاضر إحياء فكر المعتزلة من جديد، فألبسوه ثوبًا جديدًا، وأطلقوا عليه أسماء جديدةٍ مثل العقلانية أو التنوير أو التجديد أو التحرر الفكري أو التطور أو المعاصرة أو التيار الديني المستنير أو اليسار الإسلامي. وقد قوّى هذه النزعة التأثر بالفكر الغربي العقلاني المادّي. وحاول مؤيّدو هذه النزعة تفسير النصوص الشّرعية وفق العقل الإنساني. فلجأوا إلى التأويل كما لجأت المعتزلة من قَبل ثم أخذوا يتلمّسون في مصادر الفكر الإسلامي ما يدعم تصوّرهم، فوجدوا في المعتزلة بغيتهم فأنكروا المعجزات الماديّة. أهمّ مبدأٍ معتزليٍّ سار عليه المتأثرون بالفكر المعتزلي الجُدد هو ذاك الذي يزعم أنّ العقل هو الطريق الوحيد للوصول إلى الحقيقة، حتى لو كانت هذه الحقيقة غيبيّة شرعية. أي أنّهم أخضعوا كلّ عقيدةٍ وكل فكرٍ للعقل البشري القاصر. أهمّ وأخطر ما في هذا الفكر الإعتزالي الجديد محاولة تغيير الأحكام الشرعية التي ورد فيها النّص اليقيني من الكتاب والسنة، مثل عقوبة المرتد وفرضية الجهاد والحدود وغير ذلك... فضلاً عن موضوع الحجاب وتعدّد الزوجات والطلاق والإرث، إلخ... |
#9
|
||||
|
||||
![]() النّصيريّة
النّصيريّة حركة باطنية، ظهرت في القرن الثّالث للهجرة. أصحابها يُعَدّون من غُلاة الشّيعة الذين زعموا وجودًا إلهيًا في علي. أهمّ عقائدها: * جعل النّصيرية عليًا إلهًا، وقالوا إنّ ظهوره الرّوحاني بالجسد الجسماني الفاني كظهور جبريل في صورة بعض الأشخاص. * لم يكن ظهور الإله علي في صورة النّاسوت إلاّ إيناسًا لخلقه وعبيده. * يحبّون عبد الرّحمن بن ملجم، قاتل الإمام علي، ويترضّون عنه لزعمهم بأنّه قد خلّص اللاّهوت من النّاسوت، ويُخطّئون من يلعنه. * يعتقد بعضهم أنّ عليًا يسكن السّحاب بعد تخلّصه من الجسد الذي كان يقيّده؛ وإذا مرّ بهم السّحاب، قالوا: "السّلام عليك أبا الحسن". ويقولون إنّ الرّعد صوته والبرق سوطه. * يعتقدون أنّ عليًا خَلَق الأيتام الخمسة، الذين هُم: - المقداد بن الأسود، ويعدّونه رب النّاس وخالقهم والمُوَكّل بالرّعود. - أبو ذر الغفاري، الموكّل بدوران الكواكب والنجوم. - عبد الله بن رواحة، الموكّل بالرّياح وقبض أرواح البشر. - عثمان بن مظعون، الموكّل بالمعدة وحرارة الجسد وأمراض الإنسان. - قنبر بن كادان، الموكّل بنفخ الأرواح في الأجسام. * لهم ليلة يَختلط فيهم الحابل بالنّابل كشأن بعض الفِرَق الباطنيّة. * يعظّمون الخمرة ويحتسونها، فيُعظّمون شجرة العنب لذلك، ويستفظعون قلعها أو قطعها لأنّها هي أصل الخمرة التي يسمونها "النّور". * يُصلّون في اليوم خمس مرّات لكنها صلاة تختلف في عدد الرّكعات ولا تشتمل على سجودٍ وإن كان فيها نوع من ركوعٍ أحيانًا. * لايصلّون الجُمعة ولا يتمسّكون بالطّهارة. * ليس لهم مساجد عامّة، بل يُصلّون في بيوتهم. * لهم قدّاسات شبيهة بقداسات النّصارى، مثل: - قدّاس الطِّيِب لك أخ حبيب. - قداس البخّور في روح ما يدور في محل الفرح والسّرور. - قدّاس الآذان وبالله المُستعان. * لا يعترفون بالحجّ، ويقولون إن الحج إلى مكة، إنّما هو كفر وعبادة أصنام!! * لا يعترفون بالزّكاة الشّرعية المعروفة لدى باقي المُسلمين، وإنّما يدفعون ضريبةً إلى مشايخهم، زاعمين بأن مقدارها خُمس ما يملكون. * الصّيام لديهم هو الإمتناع عن معاشرة النّساء طيلة شهر رمضان. * يبغضون الصّحابة بُغضًا شديدًا، ويلعنون أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين. * يزعمون بأن للعقيدة باطنًا وظاهرًا وأنّهم وحدهم العالمون بباطن الأسرار. ومن ذلك: - الجنابة: هي موالاة الأضّداد والجهل بالعلم الباطني. - الطّهارة: هي معاداة الأضّداد ومعرفة العلم الباطني. - الصّيام: هو حفظ السّر المُتعلّق بثلاثين رجلاً وثلاثين امرأة. - الزّكاة: يُرمَز لها بشخصية سلمان الفارسي. - الجهاد: هو صبّ اللّعنات على الخصوم وفُشاة الأسرار. - الولاية: هي الإخلاص للأسرة النّصيرية وكراهية خصومها. - الشّهادة : هي أن تشير إلى صيغة "ع . م . س"، أيّ: علي، محّمد، سلمان. - القرآن : هو مدخل لتعليم الإخلاص لعلي؛ وقد قام سلمان تحت إسم جبريل بتعليم القرآن لمحمّد. - الصّلاة: عبارة عن خمسة أسماءٍ هي: علي وحسن وحسين ومحسن وفاطمة. * يقول ابن تيميّة عند النّصيرييّن: "هؤلاء القوم المُسَمُّون بالنّصيريّة –هُم وسائر أصناف القرامطة الباطنيّة– أكفر من اليهود والنّصارى، بل وأكفر من كثيرٍ من المُشرِكين، وضررهم أعظم من ضرر الكُفّار المحاربين مثل التتار والفرنج وغيرهم.. وهُم دائمًا مع كلّ عدوٍ للمُسلمين. فهُم مع النّصارى على المُسلمين. ومن أعظم المصائب عندهم انتصار المسلمين على التتار، ثم إنّ التتار ما دخلوا بلاد الإسلام وقتلوا خليفة بغداد وغيره من ملوك المسلمين إلاّ بمُعاونتهم ومؤازرتهم. * الأعياد: لهم أعياد كثيرة تدلّ على مُجمل العقائد التّي تشتمل عليها عقيدتهم. ومن ذلك: - عيد النّيروز: في اليوم الرّابع من نيسان، وهو أوّل أيام سنة الفرس. - عيد الغدير، وعيد الفراش وزيارة يوم عاشوراء في العاشر من المُحرّم، ذكرى استشهاد الحُسين في كربلاء. - يوم المباهلة أو يوم الكساء: في التاسع من ربيع الأوّل، ذكرى دعوة النّبي (ص) لنصارى نجران للمُباهلة. - عيد الأضحى: ويكون لديهم في اليوم الثّاني عشر من شهر ذي الحجّة. - يحتفلون بأعياد النّصارى كعيد الغطّاس، وعيد العُنصرة، وعيد القدّيسة بربارة، وعيد الميلاد، وعيد الصّليب الذي يتّخذونه تاريخًا لبدء الزّراعة وقطف الثّمار وبداية المُعاملات التّجارية وعقود الإيجار والإستئجار. - يحتفلون بيوم "دلام" وهو اليوم التاسع من ربيع الأول، ويقصدون به مقتل عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، فَرَحًا بمقتله وشماتةً به. الجذور الفكريّة والعقائديّة: * استمدّ النّصيريّون مُعتقداتهم من الوثنية القديمة، وقدّسوا الكواكب والنّجوم وجعلوها مسكنًا للإمام علي. * تأثّروا بالأفلاطونيّة الحديثة، ونقلوا عنهم نظريّة الفيض النّوراني على الأشياء. * بَنوا مُعتقداتهم على مذهب الفلاسفة المَجوس. * أخذوا عن النّصرانية، ونقلوا عن الغنوصية النّصرانية، وتمسّكوا بما لديهم من التّثليث والقدّاسات وإباحة الخمور. * نقلوا فكرة التّناسخ والحلول عن المُعتقدات الهنديّة والآسيوية الشّرقية. يستوطن النّصيريون منطقة جبال النّصيريين في اللاّذقية، وقد انتشروا مؤخّرًا في المُدُن السّورية المجاورة لهم. ويوجد عدد كبير منهم أيضًا في غربي الأناضول، ويُعرَفون بإسم "التّختجيّة والحطّابون"، فيما يطلق عليهم شرقي الأناضول إسم "القزل باشيه". ويُعرَفون في أجزاءٍ أخرى من تركيا وألبانيا بإسم البكتاشيّة. وهناك أيضًا عددٌ منهم في فارس وتركستان، ويُعرَفون بإسم "العلي إلهيّة". ويعيش عددٌ منهم في لبنان وفلسطين. |
#10
|
||||
|
||||
![]() اليزيديّة
هُم جماعةٌ من الغُلاة يرجعون إلى أصلٍ مَجوسيّ. ادعّوا الإسلام بعد المجوسيّة واعتقدوا بألوهيّة يزيد بن معاوية، وأضافوا إليه آلهة آخرين عكفوا على عبادتهم. سُمّوا باليزيديّة لأنّهم كانوا يعتقدون بصلاح يزيد اعتقادًا بلغ حدّ التّأليه. نشأت هذه الفرقة في بلادٍ كانت بعيدةً عن التّحضر والمراكز الدّينية والعلميّة. وقد ذكر الباحثون إنّها بدأت انطلاقتها في جبال حلوان، ثمّ في جبال هكار من كردستان. كانت الطّائفة اليزيديّة تدين بالدّيانة المَجوسيّة. وظلّت معتزلةً عن الأقوام الأخرى. إلاّ أنّ انتشار الاسلام جعلهم يتظاهرون أمام الفاتحين بعقائدهم الإسلاميّة. وعلى مرّ التاريخ، خلط أبناؤها من الأجيال الجديدة بين المُعتَقد الأوّل وبين مظاهر المُعتقد الجديد المُقتبَس، فكانوا ضعافًا في كِلاَ المُعتقدين. تولّى قيادة الفرقة رجال حكّموا آراءهم واتّبعوا أهواءهم فأضلّوا النّاس بالبِدَع والخرافات، وتظاهروا بالزّهد والتّعفف وكثرة المُجاهدة، فقصدهم النّاس وتأثّروا بهم حتّى غلب الرّأي اليزيدي في حلوان وسنجار والأطراف الحدودية من العراق وايران وتركية وسوريا. طرحت الفرقة اليزيديّة آراءها في ظلّ ظروفٍ وأجواءٍ هادئةٍ سياسيًا وفكريًا، استغلّتها لصالحها وجذبت النّاس إليها وبالأخصّ سكّان الجبال والرُحّل وأهل القُرى والقصبات، وأغوت خلقًا كثيرًا منهم. واستطاع الشّيخ عدي بن مُسافر الأمويّ بانتحاله شخصيةً، لها طابع القُدسيّة والزّهد والتّسامح، أن يشقّ طريقه في الدّعوة إلى فرقته؛ وروّج لنفسه بنشر الكرامات والسّجايا التّي تناقلها أنصاره وأتباعه حتّى صاروا يُغالون فيه بما لا يُوافق الشّرع، وينقادون لآرائه ومعتقداته. تولّى زعامة الطّائفة اليزيدية بعد عدي بن مسافر رجلٌ من قبيلته، وهو الشّيخ حسن شمس الدّين، المُلقّب بالبصري، حيث أعاد أبناء طائفته إلى معتقدهم القديم، المجوسيّة، وما توارثوه من أجدادهم وأسلافهم. تميّزت الطائفة اليزيدية عن غيرها من الفِرَق بتدوين مُعتقداتها وبرامجها العباديّة والمذهبيّة في كتابين مقدّسين عندهم، هُما: كتاب "الجلوة" وكتاب "مصحف رش". ويُمكننا أن نلخّص مُعتقداتهم بما يلي: ـ اعتقدوا بصلاح يزيد بن معاوية، حتّى قالوا بألوهيته وقدسيته. ـ تكتّموا في إظهار معتقداتهم تكتّمًا شديدًا. ـ قالوا بغلبة قوّة الخير (وهو الله) على قوة الشر (وهو الشّيطان) ، فطُرِدَ الشّيطان من سُلطان الملكوت. ـ تجنّبوا التّـلفـظ بكلمةٍ فيها حرف من حروف كلمة (الشّيطان)، وبصورةٍ خاصّةٍ حرف الشّين منها؛ وإذا قال أحدهم كلمة "الشّيطان" مُتعمّدًا حَلَّ قتله. - يطمسون ما ورد في القرآن من كلماتٍ لا تناسب أذواقهم، كالتّعوّذ واللّعنة والشّيطان، بوضع قطعة شمعٍ عليها. ـ ليس لهم صلاة عامّة، بل هناك طقوس خاصّة بهم، ويتوجّهون إلى مطلع الشّمس عند الشّروق وإلى مغربها عند الغروب فيلثمون الأرض ويعفرون وجوههم بالتّراب ويقرأون بعض الأدعية، وهي خليط من اللّغة العربية والفارسيّة والكرديّة. ـ الصّوم عندهم على قسمين: صوم العامّة، وهو "صوم يزيد" ويقع أيّام الثّلاثاء والأربعاء والخميس، الأوّل من شهر كانون الأوّل؛ وصوم الخاصة، وهو عبارة عن ثمانين يومًا يصومها رجل الدّين. ـ الزُّكاة يدفعونها كلّ سنة إلى شيخهم، وتُسمّى عندهم الرّسوم. ـ يحجّون حجًا خاصًا بهم كلّ عامٍ في مراسم خاصّةٍ إلى مرقد الشيخ عدي بن مسافر؛ والذّي لا يُوفّق لأداء الحج فهو كافر. ـ الشّهادة عندهم بالطّريقة التالية: "أشهد واحد الله، سلطان يزيد حبيب الله". ـ قالوا بتناسخ الأرواح. ـ حرّموا الزّواج بين الطّبقات (أيّ الطبقات المُصنّفة ضمن مُعتقدهم بين فئات الطّائفة)، وجوّزوا الزّواج من ستّ نساءٍ. ـ حَرّموا أكل الخسّ واللّهانة (الملفوف) والقرنبيط وبعض الخُضَر، وحرّموا من اللّحوم لحم الخنزير والسّمك على اختلاف أنواعه ولحم الغزال. ويُحرَّم على الشّيخ وتلامذته أكل لحم الدّيك احترامًا لآلههم (طاووس ملك). ـ حَرّموا حلق الشّارب أو استئصاله بالمقصّ، غير أنّه يُستحبّ تخـفـيفه. أمّا اللّحية فيجوز فيها ذلك. ـ حَرّموا تعلّم القراءة والكتابة مُطلقًا وجوّزوا التّعلم لعائلةٍ واحدةٍ من سلالة الشّيخ حَسَن شمس الدّين، المُلقّب بالبصري. ـ حَرّموا على اليزيدي أن يتغيّب عن بلده أكثر من سنةٍ. فإذا اضطرّ إلى ذلك غير باغٍٍ حُرّمت عليه زوجته. ـ اعتقدوا أنّ الحمّام والمرحاض من ملاجئ الشّيطان، فلا يدخل اليزيديّ مرحاضًا ولا يغتسل في حمّامٍ. ـ حرّموا على اليزيدي النّظر إلى وجه المرأة غير اليزيدية ومداعبة المرأة التّي حرّمتها الشّريعة عليه من جنسه. ـ حرّموا الزّواج وتعمير البيوت في شهر نيسان. ـ حرّموا على اليزيدييّن دخول مساجد المُسلمين ومدارسهم الدّينية التّي يُذكَر فيها إسم الله، لأنّه إذا سمع المُصلّي يتعوّذ من الشّيطان، وُجِبَ عليه أن يقتله فورًا أو ينتحر؛ فإن لم ير سبيلاً إلى ذلك، صام أسبوعًا وقدّم ضحيةً للطّاووس. ـ حرّموا على اليزيديّ البصاق على الأرض وعلى الإنسان والـحيوان لما في ذلك من رمز الإهانة لطاووس (ملك الشّيطان). ـ حرّموا على اليزيدي قصّ أظفاره والإغتسال من الجنابة واستخدام فرسه أو حصانه لحمل الأثقال، وحرّموا عليه الإستنجاء بعد قضاء الحاجة، ولا يجوز له أن يُبوّل وهو واقف أو يلبس سرواله وهو جالس. ـ قالوا: "يؤثِم اليزيدي إذا مدّ رجله أمام جليسه". ـ حَرّموا على الفقراء والكواجك ـ وهم إحدى طبقات المُجتمع اليزيديّ ـ النّوم على السّرير. ـ حرّموا الإشتغال يوم الجمعة. ـ عندهم أعياد خاصّة، هي: عيد رأس السّنة الميلادية وعيد المربعانية والقربان والجماعة وعيد يزيد. ولهم ليلة تسمى السّوداء، حيث تُطفأ الأنوار وتُستحَلّ المحارم وتُستباح الخمور. طبقات الطّائفة اليزيديّة هي: - الأولى: من الرّوحانـيـّين، أحدهما زمنيّ، يرتقي نَسَبه إلى يزيد بن معاوية، وهو مير شيخان، أي أمير الشّيخان؛ والآخر ينتمي إلى سلالة فخر الدّين، ويُلقبونه "بابا شيخ" يعني الشّيخ الكبير. - الثّانية: الفقير، وهو النّاسك المُتعبّد، وله لباس خاص يُسمّونه "خرقة الفقير". - الثّالثة: القوّال، وهو الحادي أيّ مُرتّل الأناشيد الدّينية. - الرابعة: الكواجك، وهم طائفة من العوام، يتميّزون بلباسهم الأبيض ونطاقهم الصّوفيّ الأسود أو الأحمر. وظيفتهم اكتشاف مصير الموتى، إن كان خيرًا أو شرًا، والإتّصال بعالم الغيب لمعرفة الحال والإستقبال. - الخامسة: المُريدون، وهم عوام النّاس من اليزيديّة؛ وقد فُرِضَت عليهم الطّاعة العمياء ودفع الزّكوات. وهولاء يتزاوجون فيما بينهم، ولا يحقُّ لهم مصاهرة الفئات الأخرى. ينتشر اليزيديّون في المناطق الشّمالية الشرقية من الموصل، وعلى الحدود العراقية-السّورية وديار بكر وماردين وجبل الطّور وبالقرب من حلب حول كلس وعينتاب، وفي بعض البلدان الأرمينيّة على الحدود، بين تركيا وروسيا، وحول تفليس وباطوم؛ وينتمي معظمهم إلى الجنس الكردي |
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |