الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية - الصفحة 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4957 - عددالزوار : 2061838 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4533 - عددالزوار : 1330538 )           »          ابتسامة تدوم مدى الحياة: دليلك للعناية بالأسنان في كل مرحلة عمرية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          كم يحتاج الجسم من البروتين يوميًا؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          أطعمة ممنوعة للمرضع: قللي منها لصحة طفلك! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          مكملات البروبيوتيك: كل ما تحتاج معرفته! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 56 )           »          التخلص من التوتر: دليلك لحياة متوازنة! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 68 )           »          أطعمة مفيدة لمرضى الربو: قائمة بأهمها! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »          كيفية التعامل مع الطفل العنيد: 9 نصائح ذكية! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          كيف يؤثر التدخين على لياقتك البدنية وأدائك الرياضي؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير > هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن
التسجيل التعليمـــات التقويم

هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-11-2020, 09:28 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,695
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية

الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (10)




أ. محمد خير رمضان يوسف






سورة الأنعام
6- ﴿ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آَخَرِينَ ﴾.
أي: أكثَرْنا عليهم أمطارَ السماءِ وينابيعَ الأرضِ استدراجًا وإملاءً لهم، فأهلكناهم بخطاياهم وسيِّئاتهم التي اجترموها، فذهبَ الأوَّلونَ كأمسِ الذاهب، وجعلناهم أحاديث، وأنشأنا مِن بعدهم جيلاً آخرَ لنختبرهم، فعملوا مثلَ أعمالهم، فهلكوا كهلاكهم. فاحذروا أيها المخاطَبون أنْ يصيبَكم مثلُ ما أصابهم، فما أنتم بأعزَّ على اللهِ منهم، والرسولُ الذي كذَّبتموهُ أكرمُ على اللهِ مِن رسولِهم، فأنتم أولَى بالعذابِ ومعاجلةِ العقوبةِ منهم، لولا لطفهُ وإحسانه. (ابن كثير، بشيء من الاختصار).

11- ﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾.
أي: آخرُ أمرهم، وكيف أورثَهم الكفرُ والتكذيبُ الهلاكَ. يُحذِّرُ كفّارَ مكةَ عذابَ الأممِ الخالية. (البغوي).

16- ﴿ مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ ﴾.
﴿ مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ ﴾ العذابُ ﴿ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ ﴾ اللهُ الرحمةَ العظمَى، وهي النجاة. (النسفي).

19- ﴿ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آَلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ ﴾.
﴿ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ﴾: يقولُ تعالَى ذكرهُ لنبيِّهِ محمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم: قلْ يا محمدُ لهؤلاء المشركين الذين يكذبون ويجحدون نبوَّتكَ من قومك: أيُّ شيءٍ أعظمُ شهادةً وأكبر؟ ثم أخبرهم بأن أكبرَ الأشياءِ شهادةً اللهُ، الذي لا يجوزُ أن يقعَ في شهادتهِ ما يجوزُ أن يقعَ في شهادةِ غيرهِ مِن خَلقهِ من السهوِ والخطأ والغلطِ والكذب. ثم قلْ لهم: إن الذي هو أكبرُ الأشياءِ شهادةً شهيدٌ بيني وبينكم، بالمحقِّ منا من المبطل، والرشيدِ منا في فعلهِ وقولهِ من السفيه، وقد رضينا به حكماً بيننا.

﴿ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آَلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ ﴾: يقولُ تعالى ذكرهُ لنبيِّهِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم: قلْ لهؤلاءِ المشركينَ الجاحدينَ نبوَّتك، العادلينَ باللهِ ربًّا غيره: أئنكم أيها المشركونَ تشهدونَ أن مع اللهِ معبوداتٍ غيرهُ من الأوثانِ والأصنام؟

ثم قال لنبيِّهِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم: قلْ يا محمد: لا أشهدُ بما تشهدون أن مع الله آلهةً أخرى، بل أجحدُ ذلكَ وأُنكره. إنما هو معبودٌ واحد، لا شريكَ له فيما يستوجبُ على خلقهِ من العبادة. (الطبري، باختصار الفقرة الأخيرة منه).

20- ﴿ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾.
﴿ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ﴾ بهذا الأمرِ الجليِّ الظاهر، الذي بشَّرتْ به الأنبياء، ونوَّهتْ به في قديمِ الزمانِ وحديثه. (ابن كثير).

21- ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾.
﴿ الظَّالِمُونَ ﴾: الكافرون. (البغوي).

22- ﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ﴾.
﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ﴾: ونَحشرُ الكافرينَ وآلهتَهم جميعًا يومَ القيامة. (الواضح).
﴿ أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ ﴾: أي: آلهتُكم التي جعلتُموها شركاءَ لله. (البيضاوي).

32- ﴿ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾.
﴿ وَلَلدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ ﴾ يقول: ولَلعملُ بطاعتهِ والاستعدادُ للدارِ الآخرةِ بالصالحِ من الأعمالِ التي تبقَى منافعُها لأهلها ويدومُ سرورُ أهلها فيها، خيرٌ من الدارِ التي تَفنَى، فلا يبقَى لعمّالها فيها سرورٌ، ولا يدومُ لهم فيها نعيم.
﴿ للَّذِينَ يَتَّقُونَ ﴾ يقول: للذين يخشونَ اللهَ فيتَّقونَهُ بطاعتهِ، واجتنابِ معاصيهِ، والمسارعةِ إلى رضاه. (الطبري).

33- ﴿ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا ﴾.
وهذا تسليةٌ من الله تعالى ذكرهُ لنبيِّهِ محمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم، وتعزيةٌ له عمّا نالَهُ من المساءة، بتكذيبِ قومهِ إيّاهُ على ما جاءهم به من الحقِّ من عند الله.
يقولُ تعالى ذكره: إنْ يكذِّبْكَ يا محمدُ هؤلاء المشركون من قومك، فيجحدوا نبوَّتك، وينكروا آياتِ الله أنها من عنده، فلا يحزنْكَ ذلك، واصبرْ على تكذيبهم إيّاكَ وما تلقَى منهم من المكروهِ في ذاتِ الله، حتى يأتيَ نصرُ الله، فقد كُذِّبتْ رسلٌ من قبلكَ أرسلتُهم إلى أممهم فنالوهم بمكروه، فصبروا على تكذيب ِقومهم إيّاهم، ولم يُثنِهم ذلك من المضيِّ لأمرِ الله الذي أمرهم به، من دعاءِ قومهم إليه، حتى حكمَ الله بينهم وبينهم. (الطبري).

35- ﴿ وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ ﴾.
﴿ وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ ﴾: عظمَ وشقّ ﴿ إِعْرَاضُهُمْ ﴾ عنكَ وعن الإِيمانِ بما جئتَ به. (البيضاوي).

39- ﴿ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾.
قال الطبري: أخبرَ تعالى أنه المضلُّ مَن يشاءُ إضلالَهُ مِن خلقهِ عن الإيمانِ إلى الكفر، والهادي إلى الصراطِ المستقيمِ منهم، مَن أحبَّ هدايتَهُ فموفِّقُهُ بفضلهِ وطَولهِ للإيمانِ به وتركِ الكفرِ به وبرسلهِ وما جاءتْ به أنبياؤه، وأنه لا يهتدي مِن خلقهِ أحدٌ إلاّ مَن سبقَ له في أمِّ الكتابِ السعادة، ولا يضلُّ منهم أحدٌ إلاّ من سبقَ له فيها الشقاء، وأن بيدهِ الخيرَ كلَّه، وإليه الفضلَ كلَّه، له الخلقُ والأمر.
وفي تفسيرٍ وتوضيحٍ لما سبق، وردَ في (الواضح في التفسير): وهوَ سبحانَهُ المتصرِّفُ في خَلقِه، فمَن وجدَ استعدادَهُ مائلاً إلى الكفرِ والضَّلالِ أضلَّه، ومَن وجدَ فيه خيراً وقابليَّةً لقبولِ الحقِّ والتَّجاوبِ مع الإيمانِ أرشدَهُ إلى الطريقِ الصَّحيح.

40- ﴿ قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾.
أغيرَ الله هناكَ تَدعون لكشفِ ما نزلَ بكم من البلاء، أو إلى غيرهِ من آلهتِكم تفزعون لينجيَكم مما نزل بكم َمن عظيمِ البلاء، ﴿ إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ يقول: إنْ كنتُم محقِّينَ في دعواكم وزعمِكم أنَّ آلهتَكم [التي] تدعُونَها مِن دونِ اللهِ تنفعُ أو تضرّ. (الطبري).

41- ﴿ بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ ﴾.
أي: في وقتِ الضرورةِ لا تَدعونَ أحدًا سواه، وتذهبُ عنكم أصنامُكم وأندادُكم. (ابن كثير).

45- ﴿ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾.
القومُ الذين عتَوا على ربِّهم وكذَّبوا رسلَهُ وخالفوا أمرَهُ عن آخرهم. (الطبري).

46- ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ ﴾.
﴿ إِنْ أَخَذَ ٱللَّهُ سَمْعَكُمْ ﴾ حتى لا تسمعوا شيئاً أصلاً، ﴿ وَأَبْصَـٰرَكُمْ ﴾ حتى لا تُبصروا شيئاً أصلاً، ﴿ وَخَتَمَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ ﴾ حتى لا تفقهوا شيئاً ولا تعرفوا مما تعرفون من أمورِ الدنيا. (البغوي).

48- ﴿ فَمَنْ آَمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾.
فسَّرها في الآية (38) من سورةِ البقرة: ﴿ فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾. قالَ في آخره: ويحتملُ قولهُ تعالى: ﴿ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ﴾ أي فيما بين أيديهم من الدنيا، ﴿ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ على ما فاتهم منها، ويحتملُ أن ﴿ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ﴾ يومَ القيامة، ﴿ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ فيه، ويحتملُ أن يريدَ أنه يُدخلهم الجنة، حيثُ لا خوفٌ ولا حزن.

49- ﴿ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾.
بسببِ خروجهم عن التصديقِ والطاعة. (البيضاوي).

54- ﴿ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾.
﴿ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾... فأنهُ غفورٌ لذنبهِ إذا تابَ وأنابَ وراجعَ بطاعةِ الله، وتركَ العودَ إلى مثله، مع الندمِ على ما فرطَ منه. رحيمٌ بالتائبِ أن يعاقبَهُ على ذنبهِ بعد توبتهِ منه (الطبري).

56- ﴿ قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴾.
وإن فعلتُ ذلك فقد تركتُ محجَّةَ الحقّ، وسلكتُ على غيرِ الهدَى، فصرتُ ضالاًّ مثلكم على غيرِ استقامة (الطبري).

57- ﴿ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ ﴾.
أي: بين الحقِّ والباطل، بما يقضي به بين عبادهِ ويفصلهُ لهم في كتابه. (فتح القدير).

58- ﴿ قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ ﴾.
أي: بحالهم، وبأنهم مستحقُّون للإمهالِ بطريقِ الاستدراج، لتشديدِ العذاب، ولذلك لم يفوِّضِ الأمرَ إليّ، ولم يقضِ بتعجيلِ العذاب. (روح المعاني).

59- ﴿ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ
المرادُ من ظلماتِ الأرض بطونُها، وكنيَ بالظلمةِ عن البطنِ لأنه لا يُدرَكُ فيه كما لا يُدرَكُ في الظلمة. (روح المعاني).

60- ﴿ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾.
بما كنتم تعملون في حياتكم الدنيا، ثم يجازيكم بذلك، إنْ خيراً فخير، وإنْ شرّاً فشرّ. (الطبري).

63- ﴿ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾.
أي: من هذه الظلماتِ التي نحن فيها. (الطبري).

64- ﴿ قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ ﴾.
قلْ لهؤلاء المشركين بربِّهم آلهةً: اللهُ القادرُ على فرَجِكم عند حلولِ الكربِ بكم، ينجِّيكم من عظيمِ النازلِ بكم في البرِّ والبحر، ومِن كلِّ كربٍ سوَى ذلك... (الطبري، باختصار).

65- ﴿ وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ ﴾.
﴿ وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بأْسَ بَعْضٍ ﴾: يقتلُ بعضُكم بيدِ بعض.
﴿ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ ﴾: ليفقهوا ذلك ويعتبروه، فيذكروا ويزدجروا عمّا هم عليه مقيمون مما يسخطهُ الله منهم من عبادةِ الأوثانِ والأصنام، والتكذيبِ بكتابِ الله تعالى ورسولهِ صلَّى الله عليه وسلَّم. (الطبري).

66- ﴿ وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ ﴾.
أي: الذي ليسَ وراءَهُ حقّ. (ابن كثير).

70- ﴿ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ ﴾.
بما كان من كفرهم في الدنيا باللهِ وإنكارهم توحيدَه، وعبادتهم معه آلهةً دونه (الطبري).

72- ﴿ وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾.
وأُمرنا بإقامةِ الصلاة، وذلك أداؤها بحدودها التي فُرضت علينا.
﴿ وَاتَّقُوهُ ﴾ يقول: واتقوا ربَّ العالمين الذي أمرَنا أن نُسلِمَ له، فخافوه، واحذروا سخطَهُ بأداءِ الصلاةِ المفروضةِ عليكم، والإذعانِ له بالطاعة، وإخلاصِ العبادة له.
﴿ وَهُوَ الَّذِي إلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ يقول: وربُّكم ربُّ العالمين هو الذي إليه تُحشَرون، فتُجمَعون يومَ القيامة، فيُجازي كلَّ عاملٍ منكم بعمله، وتوفَّى كلُّ نفسٍ ما كسبت. (الطبري).

73- ﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ﴾.
قالَ في الاسمينِ الجليلين، في الآيةِ (18) مِن السورةِ نفسِها:
﴿ الْحَكِيمُ ﴾ بمعنى المحكم، و ﴿ الْخَبِيرُ ﴾ دالةٌ على مبالغةِ العلم.
وقالَ صاحبُ (روح المعاني): الحكيمُ في كلِّ ما يفعله، الخبيرُ بجميعِ الأمور، الخفيِّةِ والجليَّة.

79- ﴿ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾.
﴿ وَمَا أَنَاْ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ ﴾ بالله شيئاً من خَلقه. (النسفي).

81- ﴿ وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾.
يقول: أنا أحقُّ بالأمنِ من عاقبةِ عبادتي ربِّي مخلصًا له العبادة، حنيفًا له ديني، بريئًا من عبادةِ الأوثانِ والأصنام، أم أنتم الذين تعبدون من دونِ الله أصنامًا لم يجعلِ الله لكم بعبادتكم إيّاها برهانًا ولا حجَّة؟ (الطبري).

82- ﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾.
أوردَ الإمامُ الطبريُّ معناهُ عن أحمدَ بنِ إسحاق: الأمنُ مِن العذاب.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12-11-2020, 09:29 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,695
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية


83- ﴿ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ ﴾.
قال الطبريُّ رحمَهُ الله: يعني تعالى ذكرهُ بقوله: ﴿ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا ﴾ قولَ إبراهيمَ لمخاصميهِ من قومهِ المشركين: ﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ ﴾: أمَنْ يعبدُ ربًّا واحدًا مخلصًا له الدينَ والعبادة، أم من يعبدُ أربابًا كثيرة؟ وإجابتُهم إيّاه بقولهم: بل مَن يعبدُ ربًّا واحدًا أحقُّ بالأمن. وقضاؤهم له على أنفسهم، فكان في ذلك قطعُ عذرهم وانقطاعُ حجَّتهم، واستعلاءَ حجَّةِ إبراهيمَ عليهم. فهي الحجَّةُ التي آتاها الله إبراهيمَ على قومه.

84- ﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ ﴾.
يقول: هدينا جميعَهم لسبيلِ الرشاد، فوفَّقناهم للحقِّ والصوابِ من الأديان. (الطبري).

85- ﴿ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾.
أي: من الكاملينَ في الصلاح، الذي هو عبارةٌ عن الإتيانِ بما ينبغي، والتحرُّز عمّا لا ينبغي (روح المعاني).

88- ﴿ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾.
﴿ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ ﴾ هدايتَهُ ﴿ مِنْ عِبَادِهِ ﴾ وهم المستعدُّونَ لذلك. ﴿ وَلَوْ أَشْرَكُواْ ﴾ أي: أولئك المذكورون، ﴿ لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ أي: لبطلَ وسقطَ عنهم - مع فضلِهم وعلوِّ شأنهم - ثوابُ أعمالهمُ الصالحة، فكيف بمن عداهم وهم هم، وأعمالُهم أعمالُهم؟ (روح المعاني، باختصار).

89- ﴿ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ ﴾.
أي: بمراعاتها. (البيضاوي).

92- ﴿ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ ﴾.
أي: كثيرُ الفائدةِ والنفع، لاشتمالهِ على منافعِ الدارين، وعلومِ الأولينَ والآخِرين. (روح المعاني).

93- ﴿ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ﴾.
أي: اليومَ تهانون غايةَ الإهانة. (ابن كثير).

96- ﴿ فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾.
﴿ وَجَعَلَ ٱلَّيْلَ سَكَناً ﴾ أي: ساجياً مظلماً، لتسكنَ فيه الأشياء.
﴿ ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾ أي: الجميعُ جارٍ بتقديرِ العزيزِ الذي لا يُمانَعُ ولا يُخالَف، العليمِ بكلِّ شيء، فلا يَعزُبُ عن علمهِ مثقالُ ذرَّةٍ في الأرضِ ولا في السماء. وكثيرًا ما إذا ذكرَ اللهُ تعالى خلقَ الليلِ والنهارِ والشمسِ والقمر، يختمُ الكلامَ بالعزَّةِ والعلم... (ابن كثير).

98- ﴿ قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ ﴾.
قالَ في تفسيرها في الآيةِ السابقةِ (97) من السورة: ﴿ فَصَّلْنَا ﴾ معناهُ بيَّنَّا وقسَّمنا، و ﴿ الْآَيَاتِ ﴾: الدلائل.

99- ﴿ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾.
قالَ ابنُ عباس: يصدِّقون أن الذي أخرجَ هذا النباتَ قادرٌ على أن يُحيي الموتَى. وقالَ مقاتل: يصدِّقون بالتوحيد. (زاد المسير).

101- ﴿ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ ﴾.
أي: كيف يكونُ ولدٌ ﴿ وَلَمْ تَكُنْ لَّهُ صَـٰحِبَةٌ ﴾، أي: والولدُ إنما يكونُ متولِّداً بين شيئين متناسبين، والله تعالَى لا يناسبهُ ولا يشابههُ شيءٌ من خلقه؛ لأنه خالقُ كلِّ شيء، فلا صاحبةَ له ولا ولد. (ابن كثير).

104- ﴿ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا ﴾.
﴿ فَمَنْ أَبْصَرَ فلِنَفْسِه ﴾ أي: فمن عرفها وآمنَ بها فلنفسِهِ عَمِلَ، ونفعُه له، ﴿ وَمَنْ عَمِىَ فَعَلَيْهَا ﴾ أي: من عميَ عنها فلم يعرفها ولم يصدِّقها فعليها، أي: فبنفسهِ ضرَّ، ووبالُ العمَى عليه. (البغوي).

105- ﴿ وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾.
قال ابنُ عباس: يريدُ أولياءَهُ الذين هداهم إلى سبيلِ الرشاد. (البغوي).

107- ﴿ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ ﴾.
﴿ وَمَا جَعَلْنَـٰكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً ﴾ أي: رقيباً، ﴿ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ ﴾ أي: قيِّمٍ بما فيه نفعُهم فتجلبهُ إليهم، ليس عليكَ إلا إبلاغُ الرسالة. (فتح القدير).

108- ﴿ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾.
أي: يجازيهم بأعمالهم، إنْ خيراً فخيرٌ، وإنْ شراً فشرٌّ. (ابن كثير).

109- ﴿ قُلْ إِنَّمَا الْآَيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ ﴾.
هذه الآيةُ التي يقترحونها وغيرها. (فتح القدير).
إنَّما المعجِزاتُ والخوارقُ من عندِ الله. (الواضح).

الجزء الثامن
113- ﴿ وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ ﴾.
أي: يحبُّوه ويريدوه. وإنما يستجيبُ لذلكَ مَن لا يؤمنُ بالآخرة. (ابن كثير).

114- ﴿ وَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴾.
﴿ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ ﴾ في أنهم يعلمون ذلك، أو في أنه منزلٌ لجحودِ أكثرهم وكفرهم به، فيكونُ من بابِ التهييج، كقولهِ تعالى: ﴿ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكَينَ ﴾ [سورة الأنعام: 14]، أو خطابُ الرسولِ صلَّى الله عليه وسلَّمَ لخطابِ الأمة. وقيل: الخطابُ لكلِّ أحد، على معنَى أن الأَدَلة لما تعاضدت على صحتهِ فلا ينبغي لأحدٍ أن يمتري فيه. (البيضاوي).

115- ﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾.

﴿ وَهُوَ السَّمِيعُ ﴾ لأقوالِ عباده، ﴿ الْعَلِيمُ ﴾ بحركاتِهم وسكناتِهم، الذي يُجازي كلَّ عاملٍ بعمله. (ابن كثير).

117- ﴿ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾.
إنَّ ربَّكَ هو أعلمُ أيُّ الناسِ مَن يضلُّ عن سبيله، ﴿ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ ﴾، أخبرَ أنه أعلمُ بالفريقين: الضالِّين والمهتدين، فيجازي كلًّا بما يستحقُّه. (البغوي).

119- ﴿ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ ﴾.
المرادُ منه أنه هو العالمُ بما في قلوبهم وضمائرهم، من التعدِّي، وطلبِ نصرةِ الباطل، والسعي في إخفاءِ الحقّ. وإذا كان عالماً بأحوالهم، وكان قادراً على مجازاتهم، فهو تعالى يجازيهم عليها. والمقصودُ من هذه الكلمةِ التهديدُ والتخويف. والله أعلم. (التفسير الكبير للرازي).

122- ﴿ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾.
كذلكَ سوَّلنا لنفوسِ الكافرينَ تحسينَ وتزيينَ ما هم فيه مِن ظلامٍ وعملٍ ضالٍّ وسلوكٍ منحرف؛ ليَذوقوا جزاءَ كفرِهم وعنادِهم ورفضِهم اتِّباعَ الحقّ. (الواضح).

124- ﴿ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ ﴾.
عذابٌ شديدٌ بما كانوا يَكيدون للإسلامِ وأهلهِ بالجدالِ بالباطلِ والزخرفِ مِن القولِ غرورًا لأهلِ دينِ اللهِ وطاعته. (الطبري).

126- ﴿ وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا ﴾.
لا عوجَ فيه، أو عادلاً مطَّرداً. (البيضاوي).

129- ﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾.
بسببِ ما كسبوا من الكفرِ والمعاصي. (النسفي).

130- ﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا ﴾.
﴿ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ ﴾ أي: يقرؤون عليكم، ﴿ آيَـٰتِي ﴾: كتبي، ﴿ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا ﴾ وهو يومُ القيامة. (البغوي).

132- ﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ﴾.
وكلُّ ذلكَ مِن عملِهم - يا محمَّدُ - بعلمٍ مِن ربِّك، يُحصيها ويُثبتها لهم عندهُ ليجازيَهم عليها عندَ لقائهم إيّاهُ ومَعادِهم إليه. (الطبري).

135- ﴿ قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾.
﴿ إِنِّي عَامِلٌ ﴾: إني عاملٌ ما أنا عاملهُ مما أمرني به ربي.
﴿ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾: إنه لا ينجحُ ولا يفوزُ بحاجتهِ عند اللهِ مَن عملَ بخلافِ ما أمرَهُ اللهُ به من العملِ في الدنيا، وذلك معنَى ظلمِ الظالمِ في هذا الموضع. (الطبري).

136- ﴿ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾.
﴿ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ في إيثارِ آلهتهم على الله، وعملهم على ما لم يشرعْ لهم. (النسفي).

137- ﴿ وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ ﴾.
فعلوا ذلك بهم ليَخلطوا عليهم دينَهم فيلتبس، فيضلُّوا ويَهلكوا بفعلهم ما حرَّمَ عليهم الله. (الطبري).

141- ﴿ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾.
بل يبغضُهم، من حيثُ إسرافُهم، ويعذِّبُهم عليه إنْ شاءَ اللهُ جلَّ شأنه. (روح المعاني).
فاللهُ لا يحبُّ مَن تجاوزَ الحدَّ إلى ما هو مضرّ، بنفسهِ أو بالآخَرين. (الواضح).

144- ﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾.
أي: لأجلِ أن يُضِلَّ الناسَ بجهل. (فتح القدير).

151- ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ﴾.
منعٌ لموجبيةِ ما كانوا يفعلون لأجلهِ واحتجاجٌ عليه. (البيضاوي).

152- ﴿ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾.
أي: تتَّعظون، وتنتهون عمّا كنتم فيه قبلَ هذا. (ابن كثير).

153- ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾.
﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ﴾: وهذا الذي وصَّاكم به ربُّكم أيها الناسُ في هاتين الآيتين من قوله: ﴿ قُلْ تَعَالَوْا أتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ﴾ وأمركم بالوفاءِ به، هو صراطه، يعني طريقَهُ ودينَهُ الذي ارتضاهُ لعباده، ﴿ مُسْتَقِيماً ﴾ يعني: قويماً لا اعوجاجَ به عن الحقّ، ﴿ فاتَّبِعُوهُ ﴾ يقول: فاعمَلوا به، واجعلوهُ لأنفسِكم منهاجاً تسلكونَهُ، فاتَّبعوه.
﴿ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾: هذا الذي وصَّاكم به ربُّكم مِن قولهِ لكم: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ ﴾؛ لتتَّقوا اللهَ في أنفسِكم فلا تُهلكوها، وتحذَروا ربَّكم فيها فلا تُسخطوهُ عليها، فيحلَّ بكم نقمتهُ وعذابُه. (الطبري).

154- ﴿ ثُمَّ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ ﴾.
وتبيينًا لكلِّ ما لقومهِ وأتباعهِ إليه الحاجةُ من أمرِ دينهم. (الطبري).

155- ﴿ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾.
قالَ الزجّاج: لتكونوا راجين للرحمة. (زاد المسير).
أي: لتُرحَموا جزاءَ ذلك، وقيل: المرادُ اتقوا على رجاءِ الرحمة، أو اتقوا ليكونَ الغرضُ بالتقوى رحمةَ الله تعالى. (روح المعاني).

157- ﴿ سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آَيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ ﴾.
وسنُجازي إعراضَهم هذا وتكذيبَهم بآياتِ اللهِ بما يناسِبهُ منَ العذابِ الشَّديدِ المؤلم، بسببِ إعراضِهم المستمرّ، وتجاوزهم الحقَّ. (الواضح في التفسير).


159- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾.
يقول: أنا الذي إليَّ أمرُ هؤلاء المشركين الذين فارقوا دينَهم وكانوا شيَعًا، والمبتدعةِ من أمَّتِكَ الذين ضلُّوا عن سبيلك، دونكَ ودونَ كلِّ أحد، إما بالعقوبةِ إنْ أقاموا على ضلالتهم وفُرْقتهم دينَهم فأهلِكهم بها، وإما بالعفوِ عنهم بالتوبةِ عليهم والتفضلِ مني عليهم. ثم أُخبرهم في الآخرةِ عند ورودهم عليَّ يومَ القيامةِ بما كانوا يفعلون، فأجازي كلاًّ منهم بما كانوا في الدنيا يفعلون، المحسنَ منهم بالإحسان، والمسيءَ بالإساءة. (الطبري).

163- ﴿ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾.
لا شريكَ له في عبادتي، أو فيها وفي الإحياءِ والإماتة. (روح المعاني).


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 12-11-2020, 09:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,695
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية

الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (11)




أ. محمد خير رمضان يوسف






سورة الأعراف

2- ﴿ كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾.

قالَ ابنُ عباس: يريدُ مواعظَ للمصدِّقين. (التفسير الكبير).

ثم بيَّنَ الفخرُ الرازيُّ سببَ تقييدِ الذكرَى بالمؤمنين.



3- ﴿قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ.

قليلاً ما تتَّعظون وتعتبرون، فتراجعون الحق. (الطبري).



4- ﴿ وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ ﴾.

ليلاً، قبلَ أن يُصبحوا. (الطبري).



5- ﴿ فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴾.

فلم يكنْ دعوَى أهلِ القريةِ التي أهلكناها إذ جاءَهم بأسُنا وسطوتُنا بياتاً أو هم قائلون، إلا اعترافهم على أنفسهم بأنهم كانوا إلى أنفسهم مسيئين، وبربِّهم آثمين، ولأمرهِ ونهيهِ مخالفين. (الطبري).



10- ﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ﴾.

المرادُ من التمكين: التمليكُ والقدرة. (البغوي).



11- ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ﴾.

أمرَ الملائكةَ بالسجودِ له تعظيماً لشأنِ الله تعالى وجلاله، فسمعوا كلهم وأطاعوا، إلا إبليس... (ابن كثير).



19- ﴿ وَيَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾.

تقدَّمَ تفسيرها في الآيةِ (35) من سورةِ البقرةِ في التفسيرِ الأصل: ﴿ وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾، وقالَ في معنَى ﴿ الظَّالِمِينَ ﴾ هناكَ ما مختصره: والظالمُ في اللغةِ الذي يضعُ الشيءَ [في] غيرِ موضعه. والظلمُ في أحكامِ الشرعِ على مراتب، أعلاها الشرك، ثم ظلمُ المعاصي، وهي مراتب، وهو في هذه الآيةِ يدلُّ على أن قوله: ﴿ وَلَا تَقْرَبَا ﴾ على جهةِ الوجوب، لا على الندب؛ لأن من تركَ المندوبَ لا يسمَّى ظالماً، فاقتضتْ لفظةُ الظلمِ قوةَ النهي.



20- ﴿ فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآَتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ ﴾.

يعني: كراهيةَ أن تكونا من ملَكَيْن من الملائكة يَعلَمانِ الخيرَ والشرّ، ﴿ أَوْ تَكُونَا مِنَ ٱلْخَـٰلِدِينَ ﴾: من الباقين الذين لا يموتون. (البغوي).



21- ﴿ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ ﴾.

أي: حلفَ لهما بالله ﴿ إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّـٰصِحِينَ ﴾ فإني من قَبلِكما ها هنا، وأعلمُ بهذا المكان. أي: حلفَ لهما بالله على ذلك حتى خدعَهما. (ابن كثير، باختصار).



23- ﴿ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾.

لنكوننَّ من الهالكين. (الطبري).



26- ﴿ يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴾.

﴿ سَوْآَتِكُمْ ﴾: عوراتكم. وإنما سمِّيت سوأةً لأنه يسوءُ صاحبَها انكشافُها من جسده.

﴿ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴾: ليذكَّروا، فيعتبروا ويُنيبوا إلى الحقِّ وتركِ الباطل، رحمةً مني بعبادي. (الطبري، باختصار).



27- ﴿ يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآَتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾.

﴿ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآَتِهِمَا ﴾: نزعَ عنهما ما كان ألبسَهما مِن اللباس؛ ليُريَهما سوآتهما بكشفِ عورتهما وإظهارها لأعينهما بعد أن كانت مستترة.

﴿ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾: ... الكفارِ الذين لا يوحِّدون الله، ولا يصدِّقونَ رسُلَه. (الطبري، باختصار).



29- ﴿ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾.

أي: الطاعة، مبتغين بها وجهَهُ خالصاً. (النسفي).



31- ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾.

إن الله لا يحبُّ المتعدِّين حدَّهُ في حلالٍ أو حرام، الغالين فيما أحلَّ أو حرَّم، بإحلالِ الحرام، أو بتحريمِ الحلال، ولكنه يحبُّ أن يحلِّلَ ما أحلّ، ويحرِّمَ ما حرَّم، وذلك العدلُ الذي أمرَ به. (ابن كثير).



36- ﴿ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾.

أي: ماكثونَ فيها مُكثًا مخلَّدًا. (ابن كثير).



38- ﴿ قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا ﴾.

كلما دخلتِ النارَ جماعةٌ مِن أهلِ ملَّة، شتمتِ الجماعةَ الأخرى من أهلِ ملَّتها تبرُّأً منها. (تفسير الطبري).



40- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ﴾.

إن الذين كذَّبوا بحُجَجِنا وأدلَّتِنا، فلم يصدِّقوا بها، ولم يتَّبعوا رسلَنا، وتكبَّروا عن التصديقِ بها، وأنِفوا مِن اتِّباعِها والانقيادِ لها تكبُّرًا... (الطبري).



41- ﴿ لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ﴾.

ومثلَ هذا الجزاءِ نَجزي بهِ الكافرين، الذين أضرُّوا بأنفسِهم عندما كذَّبوا بآياتِنا واستَكبروا عن قبولِها. (الواضح في التفسير).



42- ﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾.

والذين صدَّقوا اللهَ ورسولَه، وأقرُّوا بما جاءَهم به مِن وحي اللهِ وتنزيلهِ وشرائعِ دينه، وعملوا ما أمرَهم اللهُ به، فأطاعوهُ وتجنَّبوا ما نهاهُم عنه... (الطبري).



43- ﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾.

﴿ وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ﴾: وما كنّا لنرشدَ لذلك لولا أنْ أرشدَنا الله له ووفَّقنا بمنِّه وطَوْله.

﴿ أُورِثْتُمُوهَا ﴾: أَورثَكموها الله (الطبري، باختصار).



44- ﴿ وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّاقَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾.

تفسيرُ الآية: ونادَى أصحابُ الجنَّةِ - بعدَ الاستقرارِ فيها- أصحابَ النارِ، تأنيباً لهم وتوبيخاً: لقد وجَدنا ما وعدَنا ربُّنا مِن النَّعيم والكرامةِ حقًّا وصدقاً كما بلَّغنا على ألسنةِ رُسلِه، فهل وجدتُم ما وعدَكم ربُّكمْ منَ العذابِ والهوانِ حقًّا؟

قالوا: نعم، قد وجدناهُ حقًّا كذلك.

فنادَى مُنادٍ بينَهم يُسمِعُ الفريقين: لعنةُ اللهِ على الكافرين.

فيَزدادُ بذلكَ أصحابُ الجنَّةِ سُروراً، وأصحابُ النارِ حُزناً وغمًّا. (الواضح).



45- ﴿ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ﴾.

وهم بـالبعثِ بعدَ الممات، مع صدِّهم عن سبـيـلِ اللهِ وبغيهم إيّاها عِوجًا، ﴿ كَافِرُونَ ﴾، يقول: هم جاحدونَ ذلكَ منكِرون. (الطبري).



47- ﴿ وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾.

يعني: الكافرين في النار. (البغوي).



51- ﴿ فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ﴾.

فاليومَ نتركُهم في العذاب، كما تركوا العملَ في الدنيا للقاءِ اللهِ يومَ القيامة، وكما كانوا بآياتِ الله يجحدون، وهي حُجَجُهُ التي احتجَّ بها عليهم، من الأنبياءِ والرسلِ والكتبِ وغيرِ ذلك.

يجحدون: يكذِّبون، ولا يصدِّقون بشيءٍ من ذلك. (الطبري).



52- ﴿ وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾.

بيَّناهُ ليُهتدَى ويُرحَمَ به قومٌ يصدِّقونَ به، وبما فيه مِن أمرِ اللهِ ونهيه، وأخباره، ووعدهِ ووعيده، فيُنقِذُهم به مِن الضلالةِ إلى الهُدى. (الطبري).



53- ﴿ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ﴾.

فهل لنا مِن أولياءَ ونصراءَ يتوسَّلونَ لنا لنتخلَّصَ مِن هذا العذاب، أو نُرَدُّ إلى الدُّنيا فنؤمنَ ونُطيعَ ونعملَ صالحاً، ولا نكذِّبَ بآياتِ ربِّنا؟ (الواضح).



54- ﴿ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ ﴾.

أي: يذهبُ ظلامُ هذا بضياءِ هذا، وضياءُ هذا بظلامِ هذا، وكلٌّ منهما يطلبُ الآخرَ طلباً حثيثاً، أي: سريعاً، لا يتأخرُ عنه، بل إذا ذهبَ هذا جاءَ هذا، وعكسه. والجميعُ تحت قهرهِ وتسخيرهِ ومشيئته. (ابن كثير، باختصار).



56- ﴿ إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾.

أي: إن رحمتَهُ مُرصَدةٌ للمحسنين، الذين يتَّبعون أوامرَه، ويتركون زواجرَه. (ابن كثير).



57- ﴿ وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾.

﴿ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ ﴾: أي: مِن كلِّ أنواعِها.

﴿ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ فتَعلَمونَ أنَّ مَن قدرَ على ذلكَ فهو قادرٌ على هذا مِن غيرِ شبهة. (روح المعاني).



59- ﴿ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾.

من عذابِ يومِ القيامة، إذا لقيتم الله وأنتم مشركون به. (ابن كثير).



62- ﴿ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾.

أبلِّغُكم ما أمرَني اللهُ بتبليغهِ إليكم. (الواضح).

وجمعَ الرسالاتِ لاختلافِ أوقاتِها، أو تنوُّعِ معاني ما أُرسِلَ عليه السلامُ به.

﴿ وَأَنصَحُ لَكُمْ ﴾ أي: أتحرَّى ما فيه صلاحُكم، بناءً على أن النصحَ تحرِّي ذلك قولاً أو فعلاً. والمعنى هنا: أبلِّغُكم أوامرَ الله تعالى ونواهيه، وأرغِّبُكم في قبولها، وأحذِّرُكم عقابَهُ إن عصيتموه. (روح المعاني، باختصار).



63- ﴿ أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾.

يقول: أو عجبتُم أن جاءكم تذكيرٌ من الله وعظة، يذكِّركم بما أنزلَ ربُّكم على رجلٍ منكم. قيل: معنى قوله: ﴿ على رَجُلٍ منْكُمْ ﴾ مع رجلٍ منكم، ﴿ لِيُنْذِرَكُمْ ﴾، يقول: لينذركم بأسَ الله، ويخوِّفَكم عقابَهُ على كفركم به، ﴿ وَلِتَتَّقُوا ﴾، يقول: وكي تتقوا عقابَ الله وبأسه، بتوحيده، وإخلاصِ الإيمان به، والعملِ بطاعته، ﴿ ولَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ يقول: وليرحمَكم ربُّكم إنِ اتَّقيتمُ اللهَ وخِفتموهُ وحذرتُم بأسَه. (الطبري).



65- ﴿ وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ ﴾.

فأفرِدوا له العبادة، ولا تجعلوا معه إلهًا غيرَه، فإنهُ ليسَ لكم إلهٌ غيره، ﴿ أفلا تَتَّقُونَ ﴾ ربَّكم فتحذرونَهُ وتخافون عقابَهُ بعبادتكم غيره، وهو خالقُكم ورازقُكم دونَ كلِّ ما سواه؟ (الطبري).



66- ﴿ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴾.

ذكرَ المؤلفُ في تفسيرِ الآيةِ (60) من هذه السورة، أن "الملأ": الجماعةُ الشريفة.

وقالَ ابنُ كثيرٍ رحمَهُ الله: الملأُ هم الجمهورُ والسادةُ والقادةُ منهم.



67- ﴿ قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾.

قالَ لهم هودٌ عليه السَّلام: يا قوم، لستُ في جهالةٍ وضلالةٍ كما تزعُمون، ولكنِّي مرسَلٌ إليكم مِن ربِّ العالمين، ورُسلهُ متَّصفونَ بالرُّشدِ والصِّدق، والأمانةِ والنُّصح، والبلاغةِ والبيان. (الواضح).



68- ﴿ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ﴾.

أبلِّغُكم ما أمرَني اللهُ بتبليغهِ إليكم، وأنا أنصحُكم بأمانةٍ وإخلاص، لا أكذِبُ على الله، ولا أكذِبُ عليكم، فلماذا تتَّهمونَني بالجهلِ والسَّفَه؟ (الواضح).



69- ﴿ أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آَلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾.

ذكرَ المؤلفُ في تفسيرها في الآيةِ (63) من السورة، أن الاستفهامَ هنا بمعنى التقريرِ والتوبيخ، وعجبُهم الذي وقعَ إنما كان على جهةِ الاستبعادِ والاستمحال، هذا هو الظاهرُ من قصتهم.

وقالَ ابنُ كثير: أي: لا تعجبوا أنْ بعثَ اللهُ إليكم رسولاً مِن أنفسِكم ليُنذركم أيامَ اللهِ ولقاءَه، بل احمدوا اللهَ على ذاكم.



70- ﴿ قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾.

إنْ كنتَ من أهلِ الصدقِ على ما تقولُ وتَعِد. (الطبري).



71- ﴿ قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ

سمَّيتُموها أصناماً لا تضرُّ ولا تنفعُ أنتم وآباؤكم، ﴿ ما نَزَّلَ اللّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ ﴾، يقول: ما جعلَ الله لكم في عبادتكم إيّاها من حُجَّةٍ تحتجُّون بها، ولا معذرةٍ تعتذرون بها، فانتظروا حُكمَ اللهِ فينا وفيكم، إني معكم من المنتظرينَ حكمَهُ وفصلَ قضائهِ فينا وفيكم. (الطبري، باختصار).



72- ﴿ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ ﴾.

وأهلَكنا الكافرينَ الذينَ كذَّبوا رسولَنا واستكبَروا عن الإيمانِ بآياتِنا، واستأصَلناهم عن آخِرِهم، ولم يؤمنوا كما آمنَ غيرُهم ليَنجوا، بل أصرُّوا على الكفرِ والتَّكذيب. (الواضح).



73- ﴿ وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾.

قالَ في تفسيرها في الآيةِ (59) من السورة، وهي عن قومِ نوح: هذه نذارةٌ من نوحٍ لقومه، دعاهم إلى عبادةِ الله وحدَهُ ورفضِ آلهتهم...



74- ﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آَلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾.

﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ ﴾: واذكرُوا أيها القومُ نعمةَ اللهِ عليكم، إذ جعلَكم تخلفونَ عادًا في الأرضِ بعد هلاكها.

﴿ فَاذْكُرُوا آَلَاءَ اللَّهِ ﴾: فاذكروا نعمةَ الله التي أنعمَها عليكم. (الطبري، باختصار).



77- ﴿ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾.

قالوا: جئنا يا صالحُ بما تعدُنا من عذابِ الله ونقمته - استعجالاً منهم للعذاب - ﴿ إنْ كُنْتَ مِنَ المُرْسَلِينَ ﴾ يقول: إنْ كنتَ للهِ رسولاً إلينا، فإنَّ اللهَ ينصرُ رسلَهُ على أعدائه. فعجَّلَ ذلكَ لهم كما استعجلوه. (الطبري).



79- ﴿ فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ ﴾.

وقالَ لقومهِ ثمود: لقد أبلغتُكم رسالةَ ربِّي، وأدَّيتُ إلـيكم ما أمرني بأدائهِ إلـيكم ربِّي مِن أمرهِ ونهيه، ونصحتُ لكم في أدائي رسالةَ اللهِ إليكم، في تـحذيركم بأسَهُ بإقامتِكم على كفرِكم به وعبـادتِكم الأوثان. (الطبري).



84- ﴿ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ ﴾.

فـانظرْ يا محمَّدُ إلى عاقبةِ هؤلاءِ الذين كذَّبوا اللهَ ورسولَهُ مِن قومِ لوط، فـاجترموا معاصيَ الله، وركبوا الفواحش، واستـحلُّوا ما حرَّمَ اللهُ مِن أدبـارِ الرجال، كيف كانت، وإلى أيِّ شيءٍ صارت، هل كانت إلا البوارَ والهلاك؟ فإنَّ ذلكَ أو نظيرَهُ مِن العقوبة، عاقبةُ مَن كذَّبكَ واستكبرَ عن الإيـمانِ بـاللهِ وتصديقِكَ إنْ لـم يتوبوا، مِن قومِك. (الطبري).



85- ﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾.

قالَ في تفسيرها في الآيةِ (59) من السورة، وهي عن قومِ نوح: هذه نذارةٌ من نوحٍ لقومه، دعاهم إلى عبادةِ الله وحدَهُ ورفضِ آلهتهم...

وقالَ الطبري: قال لهم شعيب: يا قومي اعبدوا اللهَ وحدَهُ لا شريكَ له، ما لكم مِن إلهٍ يستوجبُ علـيكم العبـادةَ غيرُ الإلهِ الذي خـلقَكم، وبـيدهِ نفعُكم وضرُّكم.



﴿ وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ﴾.

ذكرَ أنه تقدَّمَ القولُ في مثلِها في صدرِ السورة، ويعني الآيةَ (45) منها، وهي قولهُ تعالَى: ﴿ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ﴾. وقد بيَّنَ معنَى الكلمةِ الأولى فيها، ولغوياتٍ في الأخرى.

وقالَ البغويُّ رحمَهُ الله: ﴿ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا ﴾: زيغاً، وقيل: تطلبون الاعوجاجَ في الدينِ والعدولَ عن القصد، وذلك أنهم كانوا يجلسون على الطريقِ فيقولون لمن يريدُ الإيمانَ بشعيب: إن شعيبَ كذّابٌ فلا يفتننَّكَ عن دينك. ويتوعَّدون المؤمنين بالقتلِ ويخوِّفونهم.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 12-11-2020, 09:33 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,695
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية

الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (12)




أ. محمد خير رمضان يوسف





سورة الأنفال
3- ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾.
قالَ فيها، في الآيةِ الثالثةِ مِن سورةِ البقرة: معناهُ يُظهرونها ويُثبتونها.

4- ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا﴾.
أي: المتصفون بهذه الصفاتِ هم المؤمنون حقَّ الإيمان. (ابن كثير).

8- ﴿لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ﴾.
... ولو كَرِهَ ذلك الذين أجرموا، فـاكتسبوا الـمآثمَ والأوزارَ من الكفـّار. (الطبري).

13- ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾.
ومَن يخالفْ أمرَ اللهِ وأمرَ رسوله, وفارقَ طاعتَهما، ﴿فَإنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ له. وشدَّةُ عقابهِ له في الدنـيا إحلالهُ به ما كان يحلُّ بأعدائهِ مِن النقم, وفي الآخرةِ الـخـلودُ في نارِ جهنـَّم. (الطبري).

14- ﴿ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ﴾.
فذوقوهُ عاجلاً، واعلـموا أن لكم في الآجلِ والـمعادِ عذابَ النار. (الطبري).

16- ﴿وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾.
وبئسَ الموضعُ الذي يصيرُ إلـيه ذلكَ المصير. (الطبري).

18- ﴿ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ﴾.
يعنـي مكرهم, حتى يذلُّوا وينقادوا للـحقِّ ويهلكوا. (الطبري).

25- ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾.
تـحذيرٌ من اللهِ ووعيدٌ لمن واقعَ الفتنةَ التـي حذَّرَهُ إيّاها بقوله: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً﴾, يقول: اعلـموا أيها المؤمنونَ أنَّ ربَّكم شديدٌ عقابهُ لمن افتُتِنَ بظلـمِ نفسه، وخالفَ أمرَه, فأثمَ به. (الطبري).

26- ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾.
... فاشكروا للهِ نِعَمَه، فإنَّ ربَّكم مُنعِمٌ يحبُّ الشكر، وأهلُ الشكرِ في مزيدٍ مِن اللهِ تعالى. (ابن كثير).

29- ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾.
﴿وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ﴾ يقول: ويمحو عنكم ما سلفَ من ذنوبكم بينكم وبينه، ﴿وَيَغْفِرْ لَكُمْ﴾، يقول: ويغطِّيها فـيسترُها علـيكم, فلا يؤاخذُكم بها. واللهُ الذي يفعلُ ذلكَ بكم, له الفضلُ العظيمُ علـيكم وعلـى غيركم مِن خـلقهِ بفعلهِ ذلك وفعلِ أمثاله, وإنَّ فعلَهُ جزاءٌ منه لعبدهِ علـى طاعتهِ إيّاه؛ لأنه الموفِّقُ عبدَهُ لطاعتهِ التـي اكتسبَها، حتَّـى استـحقَّ مِن ربِّهِ الـجزاءَ الذي وعدَهُ علـيها. (تفسير الطبري).

32- ﴿وَإِذْ قَالُواْ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾.
وقالوا وهم في ظُلمةِ الكفرِ ودوَّامةِ الشِّرك، إصراراً منهم على التَّكذيبِ والجحود، وتمادياً منهم في الغيِّ والضَّلال، وإمعاناً منهم في التهكُّمِ والاستهزاء: اللهمَّ إنْ كانَ هذا الذي جاءَ به محمَّدٌ هو الحقَّ الذي أنزلتَهُ مِن عندِك، فعاقِبْنا بإرسالِ حجارةٍ علينا منَ السَّماء، أو خُذنا بعذابٍ شديدٍ مؤلم! (الواضح).

الجزء العاشر

41- ﴿وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ﴾.
... وذلك يومَ التقَى الجمعان: جمعُ المؤمنين, وجمعُ المشركين. (الطبري).

42- ﴿لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾.
﴿وَإِنَّ ٱللَّهَ لَسَمِيعٌ﴾ لأقوالهم، ﴿عَلِيمٌ﴾ بكفرِ مَن كفرَ وعقابه، وبإيمانِ مَن آمنَ وثوابه. (النسفي).

46- ﴿وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾.
اصبروا مع نبيِّ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّمَ عندَ لقاءِ عدوِّكم, ولا تنهزموا عنه وتتركوه، اصبروا فإني معكم. (الطبري).

47- ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ﴾.
ويمنعونَ الناسَ من دينِ اللهِ والدخولِ في الإسلام، بقتالهم إيّاهم، وتعذيبِهم مَن قدروا عليه من أهلِ الإيمانِ بالله. واللهُ بما يعملونَ مِن الرياءِ والصدِّ عن سبيلِ اللهِ وغيرِ ذلكَ مِن أفعالِهم ﴿مُحِيطٌ﴾، يقول: عالمٌ بجميعِ ذلك, لا يخفَى عليه منه شيء، وذلكَ أنَّ الأشياءَ كلَّها له متجلِّية, لا يعزبُ عنه منها شيء, فهو لهم بها مُعاقِب، وعليها مُعَذِّب. (الطبري).

48- ﴿وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾.
واللهُ شديدٌ في عقابهِ ونَكاله. (الواضح).

50- ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ
ولو اطَّلعتَ أيُّها النبيُّ على الملائكةِ وهم يَقبِضونَ أرواحَ الكفّارِ لرأيتَ أمراً فظيعاً هائلاً، إذْ يَضربونَ وجوهَهم وظهورَهم بسياطٍ مِن نار، ويبشِّرونَهم بعقابٍ أشدَّ يومَ القيامة، عذابِ الحريقِ الذي يُلهِبُ الجسدَ كلَّه. (الواضح).

52- ﴿كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾.
﴿كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ﴾: كذَّبَ بحججِ الله ورسله.
﴿إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾: ﴿إنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ﴾ لا يغلبهُ غالب، ولا يردُّ قضاءَهُ رادّ، ينفذُ أمرَهُ، ويُمضي قضاءَهُ في خلقه، شديدٌ عقابهُ لمن كفرَ بآياتهِ وجحدَ حججه. (الطبري).

54- ﴿كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ﴾.
﴿وأغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ﴾ في اليمّ، ﴿وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ﴾ يقول: كلُّ هؤلاءِ الأممِ التي أهلكناها كانوا فاعلين ما لم يكنْ لهم فعله، مِن تكذيبِهم رسلَ الله، والجحودِ لآياته، فكذلك أهلكنا هؤلاء الذين أهلكناهم ببدر، إذ غيَّروا نعمةَ الله عندهم بالقتلِ بالسيف، وأذللنا بعضهم بالإسارِ والسَّباء. (الطبري).

56- ﴿الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ﴾.
أي: لا يخافون من الله في شيءٍ ارتكبوهُ من الآثام. (ابن كثير).

60- ﴿وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ﴾.
قال البغوي: لا تنقصُ أجوركم.
وقال الآلوسي: لا تُظلمونَ بتركِ الإثابة، أو بنقصِ الثواب.

61- ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾.
﴿وَتَوَكَّلْ على اللَّهِ﴾ يقول: فوِّضْ إلى الله يا محمدُ أمرَكَ واستكفهِ واثقاً به أنه يكفيك.
وقوله: ﴿إنَّهُ هُوَ السَّمِيِعُ العَلِيمُ﴾ يعني بذلك: إنَّ اللهَ الذي تتوكَّلُ عليه سميعٌ لما تقولُ أنتَ ومَن تُسالِمهُ وتُتارِكهُ الحربَ مِن أعداءِ اللهِ وأعدائكَ عندَ عقدِ السِّلمِ بينكَ وبينه, ويشرطُ كلُّ فريقٍ منكم على صاحبهِ من الشروط, والعليمُ بما يُضمرهُ كلُّ فريقٍ منكم للفريقِ الآخرِ مِن الوفاءِ بما عاقدَهُ عليه, ومَن المضمِرُ ذلكَ منكم في قلبه، والمنطوي على خلافهِ لصاحبه. (تفسير الطبري، بشيء من الاختصار).

63- ﴿وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾.
... ولو أنَّكَ أنفقتَ ما في الأرضِ منْ أموالٍ لتوثِّقَ بينهمُ المحبَّة، وتؤلِّفَ بينَ قلوبهم، لمـَا استطعت، لتناهي العداوةِ بينهم، وتمكُّنِ روحِ الانتقامِ فيهم، ولكنَّ اللهَ بلطفهِ ورحمتهِ أوجدَ هذا التآلفَ بينهم، ووطَّدَ روحَ المحبَّةِ والتآخي بينهم، وهو سبحانَهُ قديرٌ على ذلك، عزيزٌ لا يصعبُ عليهِ شيء، حكيمٌ، يدبِّرُ الأمورَ على أحسنِ وجه، وأفضلِ مَقام. (الواضح).

67- ﴿تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾.
... لأنَّ اللهَ عزيزٌ لا يُقهَرُ ولا يُغلَب، وإنه حكيمٌ في تدبيرهِ أمرَ خلقه. (تفسير الطبري).

69- ﴿فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.
إن اللّهَ غفورٌ لذنوبِ أهلِ الإيمانِ من عباده, رحيمٌ بهم أنْ يعاقبَهم بعد توبتِهم منها. (الطبري).

74- ﴿وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا﴾.
لا مريةَ ولا ريبَ في إيمانهم. قيل: حقَّقوا إيمانهم بالهجرةِ والجهادِ وبذلِ المالِ في الدين. (البغوي).

75- ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾.
إنَّ اللهَ عالـمٌ بما يصلحُ عباده، في توريثهِ بعضَهم مِن بعضٍ في القرابةِ والنسبِ دونَ الحلفِ بالعقد, وبغيرِ ذلكَ مِن الأمور ِكلِّها, لا يخفَى عليه شيءٌ منها. (الطبري).

سورة التوبة

3- ﴿فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾.
﴿فَإِن تُبْتُمْ﴾ أي: مما أنتم فيه من الشركِ والضلال، ﴿فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ﴾ أي: استمررتم على ما أنتم عليه، ﴿فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ﴾، بل هو قادرٌ عليكم، وأنتم في قبضته، وتحتَ قهرهِ ومشيئته، ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ أي: في الدنيا بالخزي والنَّكال، وفي الآخرةِ بالمقامعِ والأغلال. (ابن كثير).

5- ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.
فاقتلوهم ﴿حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ يقول: حيث لقيتوهم من الأرضِ في الحرمِ وغيرِ الحرم، في الأشهرِ الحُرمِ وغيرِ الأشهرِ الحُرم. ﴿وَخُذُوهُمْ﴾ يقول: وأسروهم، ﴿وَاحْصُرُوهُمْ﴾ يقول: وامنعوهم من التصرفِ في بلادِ الإسلامِ ودخولِ مكة. ﴿إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ لمن تابَ من عباده، فأنابَ إلى طاعتهِ بعد الذي كان عليه من معصيته، ساترٌ على ذنبه، رحيمٌ به أن يعاقبَهُ على ذنوبهِ السالفةِ قبلَ توبته، بعد التوبة. (الطبري).

8- ﴿كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ﴾.
﴿يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ﴾: يغلبوكم.
﴿يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ﴾: يعطونكم بألسنتِهم من القولِ خلافَ ما يُضمرونَهُ لكم في نفوسِهم من العداوةِ والبغضاء. وتأبَى عليهم قلوبُهم أن يُذعنوا لكم بتصديقِ ما يُبدونَهُ لكم بألسنتِهم، وأكثرهم مخالفونَ عهدكم، ناقضونَ له, كافرونَ بربِّهم، خارجونَ عن طاعته. (الطبري، باختصار).

9- ﴿اشْتَرَوْا بِآَيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.
إن هؤلاءِ المشركين الذين وصفتُ صفاتهم, ساءَ عملُهم الذي كانوا يعملون، من اشترائهم الكفرَ بالإيمان، والضلالةَ بالهُدَى, وصدِّهم عن سبيلِ الله مَن آمنَ باللهِ ورسوله، أو مَن أرادَ أن يؤمن. (الطبري).

11- ﴿وَنُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾.
... لقومٍ يعلمُونَ ما بُيِّنَ لهم، فنشرحها لهم مفصَّلة، دونَ الجهّالِ الذين لا يعقلونَ عن اللهِ بيانَهُ ومُحكَمَ آياتِه. (تفسير الطبري).

12- ﴿فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ﴾.
أي: لكي ينتهوا عن الطعنِ في دينكم، والمظاهرةِ عليكم. وقيل: عن الكفر. (البغوي).

13- ﴿أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ﴾.
﴿نَّكَثُواْ أَيْمَـٰنَهُم﴾ التي حلفوها مع الرسولِ عليه الصلاةُ والسلامُ والمؤمنين على أن لا يعاونوا عليهم، فعاونوا بني بكر على خزاعة. (البيضاوي).

15- ﴿وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾.
﴿وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ﴾: كَرْبَها ووَجْدَها، بمعونةِ قريشٍ بني بكرٍ عليهم. (البغوي).
﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ﴾ أي: بما يصلحُ عباده، ﴿حَكِيمٌ﴾ في أفعالهِ وأقوالهِ الكونيةِ والشرعية، فيفعلُ ما يشاء، ويحكمُ ما يريد، وهو العادلُ الحاكمُ الذي لا يجورُ أبدًا، ولا يضيعُ مثقالَ ذرَّةٍ مِن خيرٍ وشرّ، بل يُجازي عليه في الدنيا والآخرة. (ابن كثير).

16- ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾.
واللهُ ذو خبرةٍ بما تعملون، مِن اتِّخاذِكم مِن دونِ اللهِ ودونِ رسولهِ والمؤمنينَ به أولياءَ وبِطانة، بعدَ ما قد نهاكُم عنه, لا يخفَى ذلكَ عليه ولا غيرهُ مِن أعمالِكم, واللهُ مجازيكم على ذلك، إنْ خيرًا فخيرًا، وإنْ شرًّا فشرًّا. (الطبري).

17- ﴿مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ﴾.
﴿أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ﴾ ... يقول: بطلتْ وذهبتْ أجورُها, لأنها لم تكنْ لله, بل كانت للشيطان. ﴿وفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ﴾ يقول: ماكثونَ فيها أبدًا, لا أحياءً ولا أمواتًا. (الطبري).

18- ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ﴾.
إنَّما يَعْمُرُ مساجدَ الله حقًّا بما يُرضيهِ سبحانَه، مَن آمنَ بهِ واحداً لا شريكَ له، وبيومِ القيامةِ وما فيهِ مِن ثوابٍ وعقاب، وواظبَ على أداءِ الصَّلاةِ كما شرعَها الله، وأعطَى المحتاجينَ منَ المالِ المستحَقِّ عليه، ولم يَخَفْ أحداً إلاّ الله، فلم يَعبُدْ سِواه، ولم يأتَمِرْ بغيرِ أمرِه، فأولئكَ السَّائرونَ في طريقِ الحقّ، الفائزونَ بالجنَّة. (الواضح).

19- ﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾.
أجعلتُم - أيها القومُ - سقايةَ الحاجِّ وعمارةَ المسجدِ الحرامِ كإيمانِ مَن آمنَ باللهِ واليومِ الآخِرِ وجاهدَ في سبيلِ الله؟ لا يستوون هؤلاءِ وأولئك, ولا تعتدلُ أحوالُهما عندَ الله ومنازلُهما؛ لأن اللهَ تعالَى لا يقبلُ بغيرِ الإيمانِ به وباليومِ الآخِرِ عملاً. واللهُ لا يوفِّقُ لصالحِ الأعمالِ مَن كان به كافرًا ولتوحيدهِ جاحدًا. (الطبري).

21- ﴿يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ﴾.
يبشِّرُ هؤلاءِ الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيلِ الله ربُّهم برحمةٍ منه لهم، أنه قد رحمَهم مِن أنْ يعذِّبَهم، وبرضوانٍ منه لهم, بأنه قد رضيَ عنهم بطاعتِهم إيّاه، وأدائهم ما كلَّفهم، وبساتينَ لهم فيها نعيمٌ مقيم، لا يزولُ ولا يَبيد, ثابتٌ دائمٌ أبدًا لهم. (الطبري).

22- ﴿خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾.
ماكثينَ في الجناتِ أبدًا، لا نهايةَ لذلكَ ولا حدّ. إن اللهَ عندَهُ لهؤلاءِ المؤمنينَ الذين نعتَهم جلَّ ثناؤهُ النعتَ الذي ذكرَ في هذه الآية، ثوابٌ على طاعتِهم لربِّهم، وأدائهم ما كلَّفهم مِن الأعمالِ عظيم, وذلكَ النعيمُ الذي وعدَهم أن يعطيَهم في الآخرة. (الطبري، باختصار).

24- ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾.
... إذا كانَ هذا كلُّهُ أحبَّ إليكم ممّا أمرَكمُ اللهُ بهِ ورسولُه، ومنَ الجهادِ في سبيلِ دينهِ وإعلاءِ كلمتِه، فانتَظِروا حتَّى يأتيَ اللهُ بعقوبتهِ ويَنْكُلَ بكم، واللهُ لا يوفِّقُ مَن خرجَ عن طاعتِه، ووالَى المشرِكين، وقدَّمَ هواهُ على دينِه. (الواضح في التفسير).

26- ﴿وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ﴾.
هذا الذي فعلنا بهم مِن القتلِ والسبي ﴿جَزَاءُ الْكَافِرِينَ﴾, يقول: هو ثوابُ أهلِ جحودِ وحدانيَّتهِ ورسالةِ رسوله. (الطبري).

28- ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾.
﴿إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ﴾ أي: بما يُصلِحكم، ﴿حَكِيم﴾ أي: فيما يأمرُ به وينهَى عنه؛ لأنه الكاملُ في أفعالهِ وأقواله، العادلُ في خَلقهِ وأمره، تباركَ وتعالَى. (ابن كثير).

31- ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾.
وقد أُمِرُوا على ألسنةِ الأنبياءِ، وفي الكتبِ المـُنْزَلةِ منَ اللهِ عليهم، ألاّ يَعبدوا إلاّ إلهاً واحداً، ولا يُطيعوا إلاّ أمرَه، فهو الذي يَشرَعُ فيُطاع، وإذا حلَّلَ شيئاً فهو الحلال، وإذا حرَّمَ فهو الحرام، هو اللهُ الواحدُ الأحد، لا ربَّ سواه، فلا يُعبَدُ إلاّ هو. (الواضح).

32- ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾.
ولو كرهَ إتمامَ اللهِ إيّاهُ الكافرون, يعني: جاحديهِ المكذِّبينَ به. (الطبري).

34- ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ﴾.
إن كثيراً من العلماءِ والقرّاءِ من بني إسرائيلَ من اليهودِ والنصارى. (الطبري).

35- ﴿يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ﴾.
لتُكوَى بها جباهُهم التي كانوا يرفعونَها افتخاراً بالمال، ونواحيهمُ التي سَمِنتْ مِن الشِّبع، وظهورُهمُ التي أدارُوها للفقراء؛ إعراضاً عنهم وعن حقوقِهم، ويُقالُ لهم تبكيتاً وتقريعاً: هذه هي نتيجةُ ما كنـزتُم لمنفَعةِ أنفسِكم ولم تُنفِقوها في سبيلِ الله، فذوقوا جزاءَ ذلك، ولِيكونَ أعزُّ الأشياءِ عليكم في الدُّنيا أضرَّها عليكم في الآخرة. (الواضح).

37- ﴿زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾.
واللهُ لا يوفِّقُ لمحاسنِ الأفعالِ وحِلِّها وما للهِ فيه رضًى القومَ الجاحدينَ توحيدَه، والمنكرينَ نبوَّةَ محمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم, ولكنهُ يَخذلهم عن الهُدَى كما خذلَ هؤلاءِ الناسَ عن الأشهرِ الحُرم. (الطبري).
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 12-11-2020, 09:33 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,695
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية



39- ﴿إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾.
يقولُ تعالى ذكرهُ للمؤمنين به من أصحابِ رسوله، متوعِّدَهم على تركِ النفرِ إلى عدوِّهم من الروم: إنْ لم تَنفروا أيها المؤمنون إلى مَن استنفركم رسولُ الله... (الطبري).

40- ﴿وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾.
﴿وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا﴾: وكلمةُ اللهِ في الحقّ، والتوحيد، هي العُليا، لا تَنْزِل، ولا يَعلُو عليها شَيء، فالحقُّ لا يتغيَّر، والصَّحيحُ لا يكونُ باطلاً. (الواضح).
﴿وَاللَّهُ عَزِيزٌ﴾ أي: في انتقامهِ وانتصاره، منيعُ الجناب، لا يُضامُ مَن لاذَ ببابه، واحتمَى بالتمسُّكِ بخطابه، ﴿حَكِيمٌ﴾ في أقوالهِ وأفعاله. (ابن كثير).

41- ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾.
﴿إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ الخيرَ علمتُمْ أنه خير، أو إنْ كنتم تعلمون أنه خير - إذ إخبارُ الله تعالى به صدقٌ - فبادروا إليه. (البيضاوي).

42- ﴿وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾.
وسيحلفُ لكَ يا محمَّدُ - هؤلاءِ المستأذنوكَ في تركِ الخروجِ معكَ، اعتذارًا منهم إليكَ بالباطل, لتقبلَ منهم عذرَهم, وتأذنَ لهم في التخلُّفِ عنكَ - باللهِ كاذبين: لو أطقنا الخروجَ معكم بوجودِ السعةِ والمراكبِ والظهورِ وما لا بدَّ للمسافرِ والغازي منه, وصحةِ البدنِ والقُوى، لخرجنا معكم إلى عدوِّكم. (الطبري).

47- ﴿لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ﴾.
يريدون أن يفتنوكم بإيقاعِ الخلافِ فيما بينكم، أو الرعبِ في قلوبكم. (البيضاوي).

48- ﴿لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ
حتَّى جاءَ نصرُ الله، وغَلَبَ دينُه، وعَلا شرعُه، على رَغمِ أنوفِهم، وهم كارِهونَ لذلك، مُبغِضونَ له. (الواضح).

50- ﴿إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ﴾.
... ويُدبِروا وهم مسرورونَ بما نالكَ من المصيبة. (تفسير البغوي).

51- ﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾.
ناصرنا ومتولي أمورنا. (البيضاوي).

52- ﴿فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ﴾.
... فانتظروا إنّا معكم منتظرونَ ما اللهُ فاعلٌ بنا, وما إليه صائرٌ أمرُ كلِّ فريقٍ منّا ومنكم. (تفسير الطبري).

53- ﴿قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ﴾.
قال الطبري: خارجينَ عن الإيمانِ بربِّكم.
وقال الآلوسي في (روح المعاني): تعليلٌ لردِّ إنفاقهم. والمرادُ بالفسق: العتوُّ والتمرُّد...

54- ﴿وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى﴾.
متثاقلون؛ لأنهم لا يرجون على أدائها ثواباً، ولا يخافون على تركها عقاباً.
فإن قيل: كيف [ذمَّ] الكسلَ في الصلاةِ ولا صلاةَ لهم أصلاً؟
قيل: الذمُّ واقعٌ على الكفرِ الذي يبعثُ على الكسل، فإن الكفرَ مُكسل، والإيمانُ منشط. (البغوي).

63- ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ﴾.
﴿فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ﴾ في الآخرة, ﴿خَالِدًا فِيهَا﴾ يقول: لابثًا فيها, مُقيمًا إلى غيرِ نهاية، ﴿ذلكَ الخِزْيُ العَظِيمُ﴾ يقول: فلبثهُ في نارِ جهنمَ وخلودهُ فيها هو الهوانُ والذلُّ العظيم. (الطبري).

64- ﴿يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ﴾.
﴿تُنَبّئُهُمْ﴾ أي: المنافقين ﴿بِمَا فِي قُلُوبِهِم﴾ من الأسرارِ الخفية، فضلاً عما كانوا يُظهرونَهُ فيما بينهم خاصةً من أقاويلِ الكفرِ والنفاق.
والمرادُ أنها تذيعُ ما كانوا يُخفونَهُ من أسرارهم، فينتشرُ فيما بين الناس، فيسمعونها من أفواهِ الرجالِ مذاعة، فكأنها تخبرهم بها، وإلا فما في قلوبهم معلومٌ لهم، والمحذورُ عندهم إطلاعُ المؤمنين عليه لهم...
﴿قُلِ اسْتَهْزِئُوا﴾ المراد: نافِقَوا، لأنَّ المنافقَ مستَهزِئ. (روح المعاني).
﴿إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ﴾ أي: إن اللهَ سيُنزِلُ على رسولهِ ما يَفضحُكم به، ويبيِّنُ له أمرَكم. (ابن كثير).

65- ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ﴾.
قُلْ لهم أيُّها النبيّ: أبالله، وآياتِ كتابِه، ورسولِه، كنتُم تستَهزِئونَ وتتهكَّمون؟ (الواضح في التفسير).

67- ﴿الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ﴾.
أي: شهادةُ أن لا إله إلا الله، والإقرارُ بما أنزلَ الله تعالى. (روح المعاني).

69- ﴿كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا﴾.
وكانوا أكثرَ منكم قوَّةً وبطشاً، وأكثرَ أموالاً ومتاعاً وذرِّية. (الواضح).

70- ﴿أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾.
وما كانَ اللهُ لِيَظلِمَهم بإهلاكهِ إيّاهم، ولكنَّهم همُ الذين ظلَموا أنفسَهم عندما عرَّضوها للعقاب، بتكذيبِهمُ الرسُل، واستكبارِهم عن قبوِل الحقّ، وردِّهمُ المعجزات، واستهزائهم بآياتِ اللهِ وعبادهِ المؤمنينَ مِن أتباعِ الرسُل. (الواضح).

71- ﴿أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾.
أي: عزيز، مَن أطاعَهُ أعزَّه، فإنَّ العزَّةَ للهِ ولرسولهِ وللمؤمنين، ﴿حَكِيمٌ﴾ في قسمتهِ هذه الصفاتِ لهؤلاء، وتخصيصهِ المنافقين بصفاتِهم المتقدِّمة، فإن له الحكمةَ في جميعِ ما يفعله، تباركَ وتعالى. (ابن كثير).

72- ﴿وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾.
هذه الأشياءُ التي وعدتُ المؤمنين والمؤمناتِ ﴿هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾، يقول: هو الظفرُ العظيمُ والنجاءُ الجسيم، لأنهم ظفروا بكرامةِ الأبد، ونجوا من الهوانِ في السفر، فهو الفوزُ العظيمُ الذي لا شيءَ أعظمُ منه. (الطبري).

73- ﴿وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾.
وبئسَ المكانُ الذي يُصارُ إليه جهنَّمُ. (الطبري).

74- ﴿وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾.
أي: وليسَ لهم أحدٌ يُسعِدهم ولا يُنجِدهم، ولا يحصِّلُ لهم خيرًا، ولا يدفعُ عنهم شرًّا. (ابن كثير).

78- ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾.
أي: يعلمُ كلَّ غيبٍ وشهادة، وكلَّ سرٍّ ونجوى، ويعلمُ ما ظهرَ وما بطن. (ابن كثير).

80- ﴿إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾.
هذا الفعلُ مِن اللهِ بهم, وهو تركُ عفوهِ لهم عن ذنوبهم, مِن أجلِ أنهم جحدوا توحيدَ الله ورسالةَ رسوله. (تفسير الطبري).

81- ﴿فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾.
وكرهَ هؤلاءِ المخلَّفون أن يغزوا الكفارَ بأموالهم وأنفسهم في سبيلِ الله، يعني: في دينِ الله، الذي شرعَهُ لعبادهِ لينصروه؛ ميلاً إلى الدَّعَة والخَفْض, وإيثارًا للراحةِ على التعبِ والمشقَّة, وشُحًّا بالمالِ أنْ يُنفِقوهُ في طاعةِ الله. (الطبري).
83- ﴿إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾.
﴿إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِٱلْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾: تعليلٌ له. وكان إسقاطُهم عن ديوانِ الغزاةِ عقوبةً لهم على تخلفهم. و ﴿أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ هي الخرجةُ إلى غزوةِ تبوك. (البيضاوي).

84- ﴿وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ﴾.
إنهم جحدوا توحيدَ اللهِ ورسالةَ رسوله, وماتوا وهم خارجونَ مِن الإسلام، مفارقونَ أمرَ اللهِ ونهيه. (الطبري).

85- ﴿وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ﴾.
ذكرَ أنه تقدَّمَ تفسيرُ مثلِها، ويعني في الآيةَ (55) من السورةِ نفسِها، فكان ملخصُ ما قال:
﴿فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ﴾ الآية، حقَّرَ هذا اللفظُ شأنَ المنافقين، وعلَّلَ إعطاءَ اللهِ لهم الأموالَ والأولادَ بإرادتهِ تعذيبَهم بها. ﴿وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ﴾، يحتملُ أن يريد: ويموتون على الكفر، ويحتملُ أن يريد: ﴿وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ﴾ من شدَّةِ التعذيبِ الذي ينالهم، ﴿وَهُمْ كَافِرُونَ﴾ جملةٌ في موضعِ الحالِ على التأويلِ الأول.

86- ﴿وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آَمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ﴾.
وإذا أُنزِلَ عليكَ يا محمَّدُ سورةٌ مِن القرآن, بأنْ يُقالَ لهؤلاءِ المنافقين: ﴿آمِنُوا بِاللَّهِ﴾ يقول: صدِّقوا باللهِ، ﴿وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ﴾ يقول: اغزوا المشركينَ معَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم... ﴿اسْتَأْذَنَكَ أُولُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ﴾ يقول: استأذنكَ ذوو الغنَى والمالِ منهم في التخلفِ عنكَ والقعودِ في أهله، ﴿وَقالُوا ذَرْنا﴾ يقول: وقالوا لك: دعنا نكنْ ممن يقعدُ في منزلهِ مع ضعفاءِ الناسِ ومرضاهم، ومَن لا يقدرُ على الخروجِ معكَ في السفر. (الطبري).

88- ﴿لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.
أمّا الرسولُ محمَّدٌ صلَّى الله عليه وسلَّمَ وصحابتهُ المؤمنون معه، فقد أنفقوا ما يقدرون عليهِ من أموالٍ في الجهاد، وبذلوا نفُسَهم في سبيلِ الله... (الواضح).

90- ﴿وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾.
أي: وقعدَ آخرون من الأعرابِ عن المجيءِ للاعتذار. (ابن كثير).

92- ﴿وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ﴾.
... قلتَ لهم: لا أجدُ حمولةً أحملكم عليها ﴿تَوَلَّوْا﴾، يقول: أدبروا عنكَ ﴿وأعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً﴾: يبكونَ مِن حزنٍ على أنهم لا يجدونَ ما ينفقونَ ويتحمَّلونَ به للجهادِ في سبيلِ الله. (الطبري).

الجزء الحادي عشر

93- ﴿إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾.
يقولُ تعالى ذكره: ما السبيلُ بالعقوبةِ على أهلِ العُذر يا محمد، ولكنها على الذين يستأذنوك في التخلف ِخلافك، وتركِ الجهادِ معك، وهم أهلُ غنًى وقوة، وطاقةٍ للجهادِ والغزو، نفاقاً وشكًّا في وعدِ الله ووعيده. ﴿رَضُوا بأنْ يَكُونُوا مَعَ الخَوَالِفِ﴾ يقول: رضوا بأن يجلسوا بعدكَ مع النساء، وهنَّ الخوالفُ خلفَ الرجالِ في البيوت، ويتركوا الغزوَ معك، ﴿وَطَبَعَ اللَّهُ على قُلُوبِهمْ﴾ يقول: وختمَ اللهُ على قلوبهم بما كسبوا من الذنوب، ﴿فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾ سوءَ عاقبتِهم بتخلُّفهم عنكَ وتركِهمُ الجهادَ معك، وما عليهم مِن قبيحِ الثناءِ في الدنيا، وعظيمِ البلاءِ في الآخرة. (الطبري).

94- ﴿وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾.
فيُخبركم بأعمالِكم كلِّها، سيِّئها وحسنِها, فيجازيكم بها، الحسنَ منها بالحسن، والسيىِّءَ منها بالسيىِّء. (الطبري).

96- ﴿يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ﴾.
... فإن رضاكم عنهم غيرُ نافعِهم عندَ الله؛ لأن اللهَ يعلمُ مِن سرائرِ أمرِهم ما لا تعلمون, ومِن خفيِّ اعتقادِهم ما تجهلون, وأنهم على الكفرِ بالله, يعني أنهم الخارجون مِن الإيمانِ إلى الكفرِ بالله، ومن الطاعةِ إلى المعصية. (الطبري).

97- ﴿الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾.
﴿وَٱللَّهُ عَلِيمٌ﴾ بما في قلوبِ خلقه، ﴿حَكِيمٌ﴾ فيما فرضَ من فرائضه. (البغوي).

98- ﴿وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾.
تفسيرُ الآية: ومن الأعرابِ مَن يَعُدُّ ما يَصرِفهُ في سبيلِ اللهِ ويتصدَّقُ بهِ غرامةً وخسارة، ويَنتظرُ بكمُ الحوادثَ والآفات، والمصائبَ والبلايا، لتتبدَّلَ حالُكم إلى الأسوأ، جعلَ اللهُ نوائبَ السُّوءِ عليهم، والله يسمعُ مقالاتِهمُ السيِّئة، ويَعلمُ نيّاتِهمُ الفاسدة، وما يستحقُّونَهُ من عقاب. (الواضح).

99- ﴿سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.
سيُدخلهم اللهُ فيمن رحمَهُ فأدخلَهُ برحمتهِ الجنَّة, إن اللهَ غفورٌ لما اجترموا, رحيمٌ بهم مع توبتِهم وإصلاحِهم أنْ يعذِّبهم. (الطبري).

102- ﴿وَآَخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآَخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.
لعلَّ اللهَ أنْ يتوبَ عليهم. وعسَى مِن اللهِ واجب, وإنما معناه: سيتوبُ الله عليهم, ولكنهُ في كلامِ العربِ على ما وصفت. إنَّ اللهَ ذو صفحٍ وعفوٍ لمن تابَ عن ذنوبه، وساترٌ له عليها، رحيمٌ أنْ يعذِّبَهُ بها. (الطبري).

103- ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾.
وتُنمي بها حسناتهم، وترفعُهم إلى منازلِ المخلصين. (البيضاوي).

104- ﴿وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾.
وهو سبحانَهُ كثيرُ قبولِ التوبةِ مِن عبادهِ المستغفرين التائبين، رؤوفٌ بهم رحيم. (الواضح).

105- ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا﴾.
يقولُ تعالى ذكرهُ لنبيِّهِ محمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم: ﴿وَقُلْ﴾ يا محمدُ لهؤلاء الذين اعترفوا لكَ بذنوبهم من المتخلفين عن الجهادِ معك: ﴿اعْمَلُوا﴾ لله بما يُرضيه، من طاعتهِ وأداءِ فرائضه. (الطبري).

106- ﴿وَآَخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ﴾.
أي: هم تحت عفوِ الله، إن شاءَ فعلَ بهم هذا، وإن شاءَ فعلَ بهم ذاك، ولكنَّ رحمتَهُ تغلبُ غضبه. (ابن كثير).

107- ﴿وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾.
﴿وَلَيَحْلِفَنَّ﴾ أي: الذين بنوه: ﴿إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ ٱلْحُسْنَىٰ﴾ أي: ما أردنا ببنيانهِ إلا خيراً ورفقاً بالناس، قال الله تعالى: ﴿وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَـٰذِبُونَ﴾ أي: فيما قصدوا، وفيما نووا، وإنما بنوهُ ضراراً لمسجدِ قباء، وكفراً بالله، وتفريقاً بين المؤمنين، وإرصاداً لمن حارَب اللهَ ورسولَهُ من قبل. (ابن كثير).

108- ﴿لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ﴾.
﴿أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى﴾: ابتُدىءَ أساسهُ وأصلهُ على تقوَى الله وطاعته. (الطبري).
﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ﴾: واللهُ يحبُّ المتطهِّرينَ بالماء. (ابن كثير).

110- ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾.
﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ﴾ أي: بأعمالِ خَلقه، ﴿حَكِيمٌ﴾ في مجازاتِهم عنها، مِن خيرٍ وشرّ. (ابن كثير).

111- ﴿فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ﴾.
فافرحوا به غايةَ الفرح. (البيضاوي). وهو في (روح المعاني) أطولُ وأوضح.

115- ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
أي: إن اللهَ عليمٌ بجميعِ الأشياء، التي من جملتِها حاجتُهم إلى البيان، فيبيِّنُ لهم. (روح المعاني).

116- ﴿إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾.
إن اللهَ - أيها الناسُ - له سلطانُ السماواتِ والأرضِ ومُلكُهما, وكلُّ مَن دونَهُ مِن الملوكِ فعبيدهُ ومماليكه, بيدهِ حياتُهم وموتُهم, يُحيي مَن يشاءُ منهم ويُميتُ مَن يشاءُ منهم, فلا تجزعوا أيها المؤمنونَ مِن قتالِ مَن كفرَ بي مِن الملوك, ملوكَ الرومِ كانوا، أو ملوكَ فارسٍ والحبشة، أو غيرهم, واغزوهم وجاهدوهم في طاعتي, فإني المعزُّ مَن أشاءُ منهم ومنكم، والمذلُّ مَن أشاء.
وهذا حضٌّ مِن اللهِ جلَّ ثناؤهُ المؤمنينَ على قتالِ كلِّ مَن كفرَ به من المماليك, وإغراءٌ منه لهم بحربهم. (الطبري).

117- ﴿إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾.
إن ربكم بالذين خالطَ قلوبَهم ذلكَ لما نالهم في سفرهم من الشدَّةِ والمشقَّة, رؤوفٌ بهم, رحيمٌ أنْ يهلكهم فينزعَ منهم الإيمانَ بعد ما قد أبلَوا في اللهِ ما أبلَو مع رسولهِ، وصبروا عليه من البأساءِ والضرّاء. (الطبري).

118- ﴿وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾.

وأيقنوا بقلوبهم أن لا شيءَ لهم يلجؤون إليه مما نزلَ بهم من أمرِ الله من البلاءِ بتخلُّفِهم خلافَ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يُنجيهم من كربه، ولا مما يحذرون من عذابِ الله إلا الله. ثم رزقهم الإنابةَ إلى طاعته، والرجوعَ إلى ما يُرضيهِ عنهم، ليُنيبوا إليه، ويرجعوا إلى طاعته، والانتهاءِ إلى أمرهِ ونهيه. ﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ يقول: إن اللهَ هو الوهَّابُ لعبادهِ الإنابةَ إلى طاعته، الموفِّقُ مَن أحبَّ توفيقَهُ منهم لما يُرضيهِ عنه, الرحيمُ بهم أنْ يعاقبَهم بعدَ التوبة, أو يخذلَ مَن أرادَ منهم التوبةَ والإنابةَ ولا يتوبَ عليه. (الطبري).

119- ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾.
يقولُ تعالى ذكرهُ للمؤمنين معرِّفَهم سبيلَ النجاةِ من عقابه، والخلاصِ من أليمِ عذابه: يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله، اتقوا الله وراقبوه، بأداءِ فرائضه، وتجنبِ حدوده، وكونوا في الدنيا من أهلِ ولايةِ الله وطاعته، تكونوا في الآخرةِ مع الصادقين في الجنة... (الطبري).

120- ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾.
... إلا كتبَ اللهُ لهم بذلكَ كلِّهِ ثوابَ عملٍ صالحٍ قد ارتضاه. إن اللهَ لا يَدَعُ محسنًا مِن خَلقهِ أحسنَ في عمله، فأطاعَهُ فيما أمره، وانتهَى عمّا نهاهُ عنه, أن يجازيَهُ على إحسانه، ويثيبَهُ على صالحِ عمله، فلذلكَ كتبَ لمن فعلَ ذلكَ مِن أهلِ المدينةِ ومَن حولَهم مِن الأعرابِ ما ذكرَ في هذه الآيةِ الثوابَ على كلِّ ما فعل، فلم يضيِّعْ له أجرَ فعلهِ ذلك. (الطبري).

121- ﴿وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.
... إلا كُتِبَ لهم أجرُ عملهم ذلك، جزاءً لهم عليه كأحسنِ ما يجزيهم على أحسنِ أعمالهم التي كانوا يعملونها وهم مقيمونَ في منازلهم. (الطبري).
وقالَ في (روح المعاني، باختصار): أي أُثبِتَ لهم، أو كُتِبَ في الصحف، أو اللوح، أحسنُ جزاءِ أعمالهم، على معنَى أنَّ لأعمالهم جزاءً حسنًا وأحسن، وهو سبحانهُ اختارَ لهم أحسنَ جزاء.


125- ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ﴾.
قالَ الطبري: يعني هؤلاءِ المنافقينَ، أنهم هلكوا وهم كافرونَ باللهِ وآياته.
وقالَ في (روح المعاني): أي: استحكمَ ذلك فيهم إلى أنْ يموتوا عليه.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 12-11-2020, 09:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,695
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية

الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (13)




أ. محمد خير رمضان يوسف



(سورة يونس وسورة هود)




سورة يونس
4- ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ ﴾.
ولهم مع ذلكَ عذابٌ موجِع، سِوَى الشرابِ مِن الحميم، ﴿ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ ﴾ باللهِ ورسوله. (الطبري).

9- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴾.
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾: إن الذين صدَّقوا الله ورسوله، وعملوا الصالحات، وذلك العملُ بطاعةِ الله، والانتهاءِ إلى أمره.
﴿ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴾: في بساتينِ النعيمِ الذي نعَّمَ اللهُ به أهلَ طاعتهِ والإيمانِ به. (تفسير الطبري).

12- ﴿ وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ ﴾.
دَعانا في ذِلَّةٍ وخشوع، مضطجِعًا، أو قاعدًا، أو قائمًا، في كلِّ أحوالِه، لنَكشِفَ ما به. فلمّا أزَلنا ما أصابَهُ مِن ضُرّ، فشفَيناه، أو أغنَيناه، أعرض، واستمرَّ على ما كان عليه قبلَ أن يُصاب، وكأنَّهُ ليسَ ذلك الشَّخصَ الذي كان يَلهَجُ بالدُّعاءِ ويُلِحُّ في طلبِ الإجابة. (الواضح).

13- ﴿ وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ ﴾.
ولقد أهلكنا الأممَ التي كذَّبَتْ رسلَ الله من قبلكم أيها المشركون بربِّهم لـمّا أشركوا وخالفوا أمرَ الله ونهيه، وجاءتهم رسلُهم بالآياتِ البيِّناتِ أنها حقّ، فلم تكنْ هذه الأممُ التي أهلكناها ليؤمنوا برسلِهم ويصدِّقوهم إلى ما دعَوهم إليه، مِن توحيدِ اللهِ وإخلاصِ العبادةِ له. وكما أهلكنا هذه القرون من قبلكم أيها المشركون، بظلمهم أنفسَهم، وتكذيبهم رسلَهم، وردِّهم نصيحتهم، كذلك أفعلُ بكم، فأهلككم كما أهلكتهم بتكذيبكم رسولَكم محمدًا صلَّى الله عليه وسلَّم، وظلمِكم أنفسَكم بشركِكم بربِّكم، إن أنتم لم تُنيبوا وتتوبوا إلى الله من شركِكم، فإن من ثوابِ الكافرِ بي على كفرهِ عندي أن أهلكَهُ بسخطي في الدنيا، وأوردَهُ النارَ في الآخرة. (الطبري، باختصار).

15- ﴿ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي ﴾.
أي: ليس هذا إليّ، إنما أنا عبدٌ مأمور، ورسولٌ مبلِّغٌ عن الله. (ابن كثير).

18- ﴿ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾.
﴿ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ ﴾: يعني أنهم كانوا يعبدونَها رجاءَ شفاعتِها عندَ الله.
﴿ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾: تنزيهًا للهِ وعلوًّا عمّا يفعلهُ هؤلاءِ المشركونَ مِن إشراكِهم في عبادةِ ما لا يضرُّ ولا ينفع، وافترائهم عليه الكذب. (الطبري).

19- ﴿ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴾.
﴿ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ﴾ عاجلاً ﴿ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴾، بإهلاكِ المبطل، وإبقاءِ المحقّ. (البيضاوي).

20- ﴿ وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ ﴾.
فانتظروا أيها القومُ قضاءَ الله بيننا، بتعجيلِ عقوبتهِ للمبطلِ منا، وإظهارهِ المحقَّ عليه، إني معكم ممن ينتظرُ ذلك. (الطبري).

21- ﴿ إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ ﴾.
والكاتبون الكرامُ يكتبون عليه جميعَ ما يفعله، ويُحصونَهُ عليه، ثم يعرضون على عالمِ الغيبِ والشهادة، فيجازيهِ على الحقيرِ والجليل، والنقيرِ والقِطْمير. (ابن كثير).

22- ﴿ هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾.
بيَّنَ معنى ألفاظٍ فيها. وهذا تفسيرها:
هو اللهُ الذي يمكِّنُكم منَ السَّير في البَرِّ والبحرِ بما مهَّدَهُ وسخَّرَهُ لكم، حتَّى إذا ركبوا السُّفن، ودفعَتهمُ الريحُ بسرعةٍ مناسبةٍ تُعجِبُهم، وفرحوا بذلكَ واطمأنُّوا، هبَّتْ عليها ريحٌ شديدة، وعلا بهم الموجُ وارتفعَ مِن كلِّ طرَف، وأيقنوا أنَّ الهلاكَ قد أحاطَ بهم وقَرُبَ غرَقُهم، أخلَصوا الدَّعاءَ للهِ وحدَه، ولم يُشرِكوا معهُ في دعائهم أحدًا، لا صنمًا ولا وثنًا، قائلين: يا ربّ، لئن خلَّصتَنا منْ هذا الكَرْب، وأنقَذْتَنا مِن الغرَق، لنكوننَّ منَ الشَّاكرينَ لكَ بالإيمانِ والطَّاعة، ولن نُشرِكَ بكَ شيئاً. (الواضح).

24- ﴿ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا ﴾.
﴿ وَظَنَّ أَهْلُهَآ أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ ﴾ أي: على جذاذِها وقطافِها وحصادِها، أتاها قضاؤنا بإهلاكها، ﴿ لَيْلاً أَوْ نَهَارا ﴾. (البغوي).

25- ﴿ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾.
وهو يَهْدي مَن يشاءُ من خلقهِ فيوفِّقهُ لإصابةِ الطريقِ المستقيم، وهو الإسلام، الذي جعلَهُ جلَّ ثناؤهُ سببًا للوصولِ إلى رضاه، وطريقًا لمن ركبَهُ وسلكَ فيه إلى جنانهِ وكرامته. (الطبري).

26- ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾.
هؤلاءِ الذين وصفتُ صفتَهم، هم أهلُ الجنةِ وسكَّانُها، ومَن هم فيها ماكثونَ أبدًا، لا تبيدُ فيخافوا زوالَ نعيمِهم، ولا هم بمخرَجينَ فتتنغَّصُ عليهم لذَّتُهم. (الطبري).

27- ﴿ وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾.
﴿ وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ﴾: وتَغشاهُم ذلَّةٌ وهوانٌ بعقابِ اللهِ إيّاهم.
﴿ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾: هؤلاءِ الذين وصفتُ لكَ صفتَهم، أهلُ النارِ الذين هم أهلُها، هم فيها ماكثون. (الطبري).

29- ﴿ فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ ﴾.
حسبنا اللهُ شاهدًا بيننا وبينكم أيها المشركون، ما كنّا عن عبادتِكم إيّانا دون الله إلا غافلين، لا نشعرُ به ولا نعلم. (الطبري، باختصار).

30- ﴿ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴾.
أي: ذهبَ عن المشركين ﴿ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ ﴾ أي: ما كانوا يعبدون من دون الله افتراءً عليه. (ابن كثير).

32- ﴿ فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ﴾.
قالَ ابنُ عباس: كيف تصرفُ عقولُكم إِلى عبادةِ مَن لا يرزق، ولا يُحيى ولا يُميت؟ (زاد المسير).

35- ﴿ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾.
﴿ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾ بالباطل، حيثُ تزعمون أنهم أندادُ الله؟ (النسفي).

36- ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ ﴾.
تهديدٌ لهم ووعيدٌ شديد؛ لأنه تعالَى أخبرَ أنه سيُجازيهم على ذلكَ أتمَّ الجزاء. (ابن كثير).

38- ﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾.
بيَّن معنى ﴿ يُفْتَرَى ﴾ في الآيةِ السابقةِ بقوله: يُختلَق ويُنشَأ.
﴿ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ أن محمداً افتراه. (البغوي).

39- ﴿ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ﴾.
فانظرْ كيف أهلكناهم بتكذيبهم رسلَنا ظلماً وعلواً وكفراً، وعناداً وجهلاً؟ فاحذروا أيها المكذِّبون أن يصيبَكم ما أصابهم. (ابن كثير).

40- ﴿ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ ﴾.
بالمعاندين أو المصرِّين. (البيضاوي).

41- ﴿ وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ ﴾.
يقولُ تعالى ذكرهُ لنبيِّهِ محمدٍ صلَّى الله عليه وآلهِ وسلَّم: وإنْ كذَّبكَ يا محمدُ هؤلاء المشركون، وردُّوا عليكَ ما جئتَهم به من عند ربِّك، فقلْ لهم: أيها القوم، ليَ ديني وعملي، ولكم دينُكم وعملُكم، لايضرُّني عملُكم، ولا يضرُّكم عملي، وإنما يُجازَى كلُّ عاملٍ بعمله. ﴿ أنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أعْمَلُ ﴾ لا تؤاخَذونَ بجريرته، ﴿ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ لا أؤاخَذُ بجريرةِ عملِكم. (الطبري).

44- ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾.
إن الله لا يفعلُ بخلقهِ ما لا يستحقُّون منه، لا يعاقبهم إلا بمعصيتهم إيّاه، ولا يعذِّبهم إلا بكفرهم به، ولكنَّ الناسَ هم الذين يظلمون أنفسَهم؛ باجترامهم ما يورثُها غضبَ الله وسخطه.
وإنما هذا إعلامٌ من الله تعالى ذكرهُ لنبيِّهِ محمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّمَ والمؤمنين به، أنه لم يسلبْ هؤلاء الذين أخبرَ جلَّ ثناؤهُ عنهم أنهم لا يؤمنون الإيمانَ ابتداءً منه بغيرِ جُرمٍ سلفَ منهم، وإخبارٌ أنه إنما سلبَهم ذلك باستحقاقٍ منهم سلبهُ لذنوبٍ اكتسبوها، فحقَّ عليهم قولُ ربِّهم: ﴿ وطُبِعَ على قُلوبِهِمْ ﴾ [سورة التوبة: 87]. (الطبري).

45- ﴿ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ﴾.
قد غبنَ الذين جحدوا ثوابَ اللهِ وعقابَهُ وحظوظَهم من الخير، وهلكوا، وما كانوا موفَّقين لإصابةِ الرشدِ ممَّا فعلوا مِن تكذيبِهم بلقاءِ الله؛ لأنه أكسبَهم ذلكَ ما لا قِبَلَ لهم به مِن عذابِ الله. (الطبري).

47- ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾.
لا يعذَّبون بغيرِ ذنب، ولا يُؤاخَذون بغيرِ حجَّة، ولا يُنقَصُ من حسناتهم، ولا يُزاد على سيئاتهم. (البغوي).

52- ﴿ ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ ﴾.
فانظروا هل تُثابون إلاّ بما كنتُم تعملونَ في حياتِكم قبلَ مماتِكم مِن معاصي الله؟ (الطبري).

54- ﴿ وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِوَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾.
ولو أن لكلِّ نفسٍ كفرتْ بالله - وظُلْمُها في هذا الموضع: عبادتُها غيرَ مَن يستحقُّ عبادةً، وتركُها طاعةَ مَن يجبُ عليها طاعته - ﴿ ما فِي الأرْضِ ﴾ من قليلٍ أو كثير، لافتدتْ بذلك كلِّهِ من عذابِ الله إذا عاينته.
﴿ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ ﴾: وقضَى الله يؤمئذٍ بين الأتباعِ والرؤساءِ منهم بالعدل، ﴿ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ مِن جزاءِ أعمالِهم شيئًا، ولكنْ يُجازي المحسنَ بإحسانه، والمسيءُ مِن أهلِ الإيمانِ إمّا أنْ يعاقبَهُ الله، وأمّا أنْ يعفوَ عنه، والكافرُ يخلدُ في النار. فذلكَ قضاءُ اللهِ بينهم بالعدل، وذلكَ لا شكَّ عدلٌ لا ظلم. (الطبري).

55- ﴿ أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾.
ألا إنَّ جميعَ ما وعدَ اللهُ به كائنٌ لا محالة، ثابتٌ واقعٌ كما قالَ به، ومنه البعثُ والجزاء، ولكنَّ أكثرَ النَّاسِ لا يعلمونَ ذلك؛ لغفلتِهم واغترارِهم بظواهرِ الأمور، وسُوءِ استعدادِهم للبحثِ عن الحقِّ أو قبوله. (الواضح).

57- ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾.
﴿ وَهُدًى ﴾ يقول: وهو بيانٌ لحلالِ الله وحرامه، ودليلٌ على طاعتهِ ومعصيته، ﴿ وَرَحْمَةٌ ﴾ يرحمُ بها من شاءَ من خلقه، فيُنقذهُ به من الضلالةِ إلى الهدى، ويُنجيهِ به من الهلاكِ والردَى. وجعلهُ تباركَ وتعالى رحمةً للمؤمنين به دون الكافرين به، لأن من كفرَ به فهو عليه عمى، وفي الآخرةِ جزاؤهُ على الكفرِ به الخلودُ في لَظى. (الطبري).

61- ﴿ وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآَنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ﴾.
ولا تعملونَ أيَّ عملٍ منَ الأعمالِ أيُّها النَّاس، إلاّ كنّا شهودًا عليكم، نطَّلعُ على أحوالِكم، ونَعلَمُ جميعَ أمورِكم.. (الواضح).

66- ﴿ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ﴾.
أخبرَ تعالى أن له ملكَ السماواتِ والأرض، وأن المشركين يعبدون الأصنام، وهي لا تملكُ شيئاً، لا ضراً ولا نفعاً، ولا دليلَ لهم على عبادتها، بل إنما يتبعون في ذلك ظنونَهم وتخرصَهم، وكذبهم وإفكهم. (ابن كثير).

68- ﴿ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾.
أتَقولون على اللهِ قولاً لا تعلمونَ حقيقتَهُ وصحَّته، وتضيفونَ إليه ما لا يجوزُ إضافتهُ إليه جهلاً منكم، بغيرِ حجَّةٍ ولا برهان؟ (الطبري).

69- ﴿ قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ ﴾.
قُلْ يا محمَّدُ لهم: ﴿ إنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الكَذِبَ ﴾ فيقولون عليه الباطل، ويدَّعون له ولدًا، ﴿ لَا يُفْلِحُونَ ﴾. (الطبري).

70- ﴿ مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ ﴾.
إنَّ ما فيهِ المشركونَ اليومَ في الحياةِ الدُّنيا، ما هو إلاّ متاعٌ قليل، ونعيمٌ زائل، وسوفَ تنقضي آجالُهم جميعًا، ثم إلينا مَرجِعُهم يومَ القيامة، لنُذيقَهم العذابَ الأليمَ والشَّقاءَ المؤبَّد، بسببِ كفرِهم المستمرّ، وافترائهم الكذبَ على الله. (الواضح).

73- ﴿ فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ ﴾.
وجعلنا الذين نجَّينا مع نوحٍ في السفينةِ خلائفَ في الأرضِ من قومهِ الذين كذَّبوه، بعد أن أغرقنا الذين كذَّبوا بآياتنا.. (الطبري).

79- ﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ ﴾.
ائتوني بكلِّ مَن يسحَرُ مِن السحَرة، عليمٍ بالسحر. (الطبري).

80- ﴿ فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ ﴾.
قالَ لهم موسَى في ثباتٍ وإيمان: أَلْقُوا الذي عندكم منَ العِصيِّ والحبالِ وما كانَ من أنواعِ السِّحر. (الواضح).

81- ﴿ فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ ﴾.
واللهُ لا يُصلِحُ عملَ المفسدينَ الذينَ يُضلِّلونَ الناس، ولا يؤيِّدُ أعمالَهم ولا يُديمُها، بل يُزيلُها ويُظهِرُ بطلانَها. (الواضح).

82- ﴿ وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ﴾.
ويثَبِّتُ اللهُ الحقَّ ويقوِّيه. (الواضح).

83- ﴿ فَمَا آَمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ ﴾.
أي: يصرفهم عن دينهم. ولم يقل "يفتنوهم"؛ لأنه أخبرَ عن فرعون، وكان قومهُ على مثلِ ما كان عليه فرعون. (البغوي).
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 12-11-2020, 09:37 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,695
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية

الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (14)






أ. محمد خير رمضان يوسف
(سورة يوسف، سورة الرعد، سورة إبراهيم)










سورة يوسف



6- ï´؟ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ï´¾.

أي: أعلمُ حيثُ يجعلُ رسالته. (ابن كثير).



10- ï´؟ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ï´¾.

أي: إن كنتم عازمين مصرِّين على أن تفعلوا به ما يفرِّقُ بينه وبين أبيه، أو إن كنتم فاعلين بمشورتي ورأيي فألقوه... (روح المعاني).



11- ï´؟ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ ï´¾.

قالَ إخوةُ يوسفَ إذ تآمروا بـينهم وأجمعوا على الفرقةِ بينه وبين والدهِ يعقوبَ لوالدهم يعقوب: ï´؟ يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ ï´¾ فتتركهُ معنا إذا نحن خرجنا خارجَ المدينةِ إلى الصحراء، ونـحن لهُ ناصحون، نَحوطهُ ونَكلؤه. (الطبري).



12- ï´؟ أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ï´¾.

يقولون: ونحن نحفظهُ ونحوطهُ مِن أجلك. (ابن كثير).



13- ï´؟ قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ ï´¾.

قالَ أبوهُم يعقوبُ عليهِ السَّلام: إنِّي لأغتمُّ إذا بَعُدَ عنِّي، ويَشُقُّ عليَّ مفارقتُه، وأخشَى أنْ تَغفُلوا عنه، وتنشغِلوا بالرَّعي أو اللَّعب، فيأكُلَهُ الذِّئب.

وكانتْ محبَّتهُ الزائدةُ له وخوفُهُ عليه لِما يتوسَّمُ فيه مِن شمائلِ النبوَّة، ولخُلُقِهِ الطيِّب، وخَلْقِهِ الجميل، عليه السَّلام. (الواضح).



14- ï´؟ قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ ï´¾.

قالوا مجيبين له عنها في الساعةِ الراهنة: ï´؟ لَئِنْ أَكَلَهُ ظ±لذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّآ إِذَا لَّخَـظ°سِرُونَ ï´¾ يقولون: لئنْ عدَا عليه الذئبُ فأكلَهُ من بيننا، ونحن جماعة، إنا إذاً لهالكون عاجزون. (ابن كثير).



15- ï´؟ فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ï´¾.

فلمّا ذهبوا بيوسُفَ مِن عندِ أبيه، استقرَّ رأيهُم على أنْ يَجعلوهُ في أسفلِ البئر. وأعْلَمْنا يوسُفَ - تثبيتًا لهُ وتسليةً - لتَخْلُصَنَّ ممّا أنتَ فيه، ولتُخبِرنَّ إخوتَكَ بما فعلوا بكَ في يومٍ من الأيّام .... (الواضح).



17- ï´؟ قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ ï´¾.

ï´؟ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَـظ°عِنَا ï´¾ أي: ثيابنا وأمتعتنا، ï´؟ فَأَكَلَهُ ظ±لذِّئْبُ ï´¾، وهو الذي كان قد جزعَ منه، وحذرَ عليه. (ابن كثير).



23- ï´؟ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ï´¾.

إنهُ لا يَنجَحُ مَن ظلمَ ففعلَ ما ليسَ له فعلُه، وهذا الذي تدعوني إليه من الفجورِ ظلمٌ وخيانةٌ لسيِّدي الذي ائتـمنَنـي علـى منزله. (الطبري).



24- ï´؟ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ï´¾.

وكما أرَيناهُ برهانًا فصرَفناهُ عمّا كانَ فيه، كذلكَ نَصرِفُ عنهُ الخيانةَ والزِّنا، إنَّهُ مِن عبادِنا المصطفَينَ الأخيار، الذين اخترناهُم لطاعتِنا، وأكرمناهُم بالنبوَّة، وعصمناهُم ممّا يقدَحُ في سلوكِهم وسيرتِهم. (الواضح).



25- ï´؟ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ï´¾.

قالت لزوجها متنصِّلةً وقاذفةً يوسفَ بدائها: ï´؟ مَا جَزَآءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوغ¤ءًا ï´¾ أي: فاحشة، ï´؟ إِلاَ أَن يُسْجَنَ ï´¾ أي: يُحَبس، ï´؟ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ï´¾ أي: يُضرَبَ ضرباً شديداً موجعاً. (ابن كثير).



28- ï´؟ فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ï´¾.

أي: فلمّا تحقَّقَ زوجُها صِدقَ يوسفَ وكذبَها فيما قذفتْهُ ورمتْهُ به، ï´؟ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ ï´¾ أي: إنَّ هذا البُهتَ واللَّطخَ الذي لطختِ عِرضَ هذا الشابِّ به، مِن جملةِ كيدكنّ. (ابن كثير).

ï´؟ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ï´¾: إنَّ مكرَكُنَّ كبير، بالنسبةِ إلى كيدِ الرِّجال. (الواضح).



30- ï´؟قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍï´¾.

أي: خطأ ظاهر. وقيل: معناهُ إنها تركتْ ما يكونُ على أمثالها من العفافِ والستر. (البغوي).



31- ï´؟ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ ï´¾.

ï´؟ إِنْ هَـظ°ذَآ ï´¾ أي: ما هذا ï´؟ إِلاَّ مَلَكٌ ï´¾ من الملائكة، ï´؟ كَرِيمٌ ï´¾ على الله تعالى. (البغوي).



32- ï´؟ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آَمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ ï´¾.

ï´؟ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ ï´¾: وحاولتُ معهُ ليَنالَ منِّي. (الواضح).

ï´؟ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آَمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ ï´¾ تقول: ولئنْ لـم يُطاوِعْنـي علـى ما أدعوهُ إليه من حاجتي إلـيه، لـُيحبَسنَّ في السجن. (الطبري).



34- ï´؟ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ï´¾.

إنهُ هو السميعُ دعاءَ يوسفَ حين دعاهُ بصرفِ كيدِ النسوةِ عنه، ودعاءَ كلِّ داعٍ مِن خَـلقه، العلـيـمُ بـمطلبهِ وحاجتهِ وما يُصلـحه، وبحاجةِ جميعِ خَـلقهِ وما يُصلحهم. (الطبري).



36- ï´؟ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ï´¾.

أخبرنا بتفسيرهِ وتعبيرهِ وما يؤولُ إليه أمرُ هذه الرؤيا. (البغوي).



37- ï´؟ إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ï´¾.

إني برئتُ مِن ملَّةِ مَن لا يصدِّقُ بـاللهِ ويقرُّ بوحدانيته، وهم مع تركِهم الإيمانَ بوحدانيةِ الله، لا يقرُّون بـالمعادِ والبعث، ولا بثواب، ولا عقاب. (الطبري).



38- ï´؟ وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آَبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ï´¾.

واتَّبعتُ دينَ ï´؟ آَبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ï´¾ لا دينَ أهلِ الشرك. ما جازَ لنا أنْ نجعلَ للهِ شريكًا في عبـادتهِ وطاعته، بل الذي علينا إفرادهُ بـالألوهةِ والعبـادة. (يُنظر تفسير الطبري).



40- ï´؟ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ï´¾.

وهو الذي أمرَ ألا تعبدوا أنتم وجميعُ خَلقهِ إلا الله، الذي له الألوهةُ والعبـادة، خالصةً دونَ كلِّ ما سواهُ من الأشياء. (الطبري).



41- ï´؟ يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الْآَخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِï´¾.

يقولُ لهما: ï´؟ يظ°صَاحِبَىِ ظ±لسِّجْنِ أَمَّآ أَحَدُكُمَا فَيَسْقِى رَبَّهُ خَمْرًا ï´¾ وهو الذي رأى أنه يعصرُ خمراً، ولكنه لم يعيِّنه؛ لئلا يحزنَ ذاك، ولهذا أبهمه في قوله: ï´؟ وَأَمَّا ظ±لآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ ظ±لطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ ï´¾ وهو في نفسِ الأمرِ الذي رأى أنه يحملُ فوق رأسهِ خبزاً. (ابن كثير).



46- ï´؟ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ ï´¾.

يقول: كي أرجعَ إلـى الناسِ فأخبرهم. (الطبري).



50- ï´؟ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ ï´¾.

أي: إنَّ اللهَ بصنيعهنَّ عالم. (البغوي).



51- ï´؟ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآَنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ï´¾.

وإن يوسفَ لمن الصادقـين في قوله: ï´؟ هِيَ رَاوَدَتْنـي عَنْ نَفْسِي ï´¾. (الطبري).



الجزء الثالث عشر

53- ï´؟ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ ï´¾.

إن اللهَ ذو صفحٍ عن ذنوبِ مَن تابَ من ذنوبه، بتركهِ عقوبتَهُ عليها وفضيحتَهُ بها، رحيـمٌ به بعدَ توبتهِ أنْ يعذِّبَهُ علـيها. (الطبري).



54- ï´؟ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ ï´¾.

ذو مكانةٍ ومنزلة. (البيضاوي).



56- ï´؟ وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَï´¾.

وبتمكينٍ لائقٍ ومناسب، جعلنا ليوسُفَ العزَّ والسُّلطانَ في أرضِ مصر، يتَّخذُ مَنزِلاً في أيِّ مكانٍ منها، بعد الضِّيقِ والأسْرِ والحَبسِ الذي كانَ فيه. ونُصيبُ بفضلِنا وعطائنا مَن نشاءُ مِن عبادِنا، بعدلِنا وحكمتِنا، ولا نُضِيعُ أجرَ مَن صبرَ على أذَى النَّاس، وأحسنَ في صبرِهِ واحتَسب، حتَّى أتاهُ الفرَج. (الواضح).



59- ï´؟ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ ï´¾.

يعني بنيامين. (البغوي).



63- ï´؟ فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ï´¾.

ï´؟ فَلَمَّا رَجِعُواْ إِلَىظ° أَبِيهِمْ قَالُواْ يَظ°أَبَانَا ï´¾ إنّا قدمنا على خيرِ رجلٍ، أنزلَنا وأكرمَنا كرامةً لو كان رجلاً من أولادِ يعقوبَ ما أكرمنا كرامته، وقالوا: يا أبانا ï´؟ مُنِعَ مِنَّا ظ±لْكَيْلُ ï´¾، قالَ الحسن: معناه: يُمنَعُ منّا الكيلُ إنْ لم تحملْ أخانا معنا، ï´؟ فَأَرْسِلْ مَعَنَآ أَخَانَا ï´¾ بنيامين، ï´؟ نَكْتَلْ ï´¾ نحن وهو الطعام. (البغوي).



65- ï´؟ وَنَحْفَظُ أَخَانَا ï´¾.

ï´؟ وَنَحْفَظُ أَخَانَا ï´¾ في ذهابنا ومجيئنا، فما يصيبهُ شيءٌ مما تخافه. (النسفي).



66- ï´؟ قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آَتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ ï´¾.

ï´؟ قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّىظ° تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِّنَ ظ±للَّهِ ï´¾ أي: تحلفون بالعهودِ والمواثيقِ ï´؟ لَتَأْتُنَّنِى بِهِ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ ï´¾ إلا أن تُغلَبوا كلُّكم ولا تَقدرون على تخليصه. ï´؟ فَلَمَّآ ءَاتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ ï´¾ أكدَهُ عليهم... (ابن كثير).

وقد فسَّرَ ابنُ عطيةَ معنَى ï´؟ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ ï´¾ في الآيةِ التالية.



67- ï´؟ وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ï´¾.

بلِ ادخُلوها متفرِّقين مِن عدَّةِ أبواب، ولا أنفَعُكم ولا أدفَعُ عنكم بهذا الاحترازِ والنُّصحِ شيئًا من قضاءِ اللهِ تعالَى، فإنَّ قدَرَ اللهِ لا يُرَدّ، ولكنَّهُ تدبيرٌ وسبب، فما الحُكمُ المطلَقُ إلاّ لهُ تعالَى، لا يُشارِكُهُ فيهِ أحد، ولا يُمانعهُ منهُ قوَّة، وعليهِ وحدَهُ يَعتمِدُ مَن أرادَ التوكُّلَ عليهِ مِن المؤمنين. (الواضح).



68- ï´؟ وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ ï´¾.

ولـمّا دخلَ ولدُ يعقوبَ ï´؟ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ ï´¾، وذلكَ دخولُهم مصرَ مِن أبوابٍ متفرِّقة. (الطبري).



70- ï´؟ فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ï´¾.

ولـمَّا حمَّلَ يوسفُ إبلَ إخوتهِ ما حمَّلها مِن الميرةِ وقضَى حاجتَهم. (الطبري).



72- ï´؟ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ ï´¾.

ولمن جاءَ بـالصُّواعِ حِمْلُ بعيرٍ من الطعام. (الطبري).



76- ï´؟ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ï´¾.

يعني: إن يوسفَ لم يكنْ يتمكنُ من حبسِ أخيهِ في حكمِ الملكِ لولا ما كِدْنا له بلطفنا حتى وجدَ السبيلَ إلى ذلك، وهو ما أُجرِيَ على ألسنةِ الإِخوة، أن جزاءَ السارقِ الاسترقاق، فحصلَ مرادُ يوسفَ بمشيئةِ الله تعالى. (البغوي).



77- ï´؟ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ ï´¾.

واللهُ عالمٌ بكذبِكم، وإنْ جهلَهُ كثـيرٌ ممَّن حضرَ مِن الناس. (الطبري).



78- ï´؟ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا ï´¾.

أي: في السنِّ أو القدر. ذكروا له حالَهُ استعطافاً له عليه. (البيضاوي).



79- ï´؟ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ ï´¾.

يقول: أستـجيرُ بـالله من أن نأخذَ بريئاً بسقـيـم. (الطبري).



79- ï´؟فَلَمَّا اسْتَيْئَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَï´¾.

تفسيرُ الآية: فلمّا يَئسوا مِن يوسُفَ ولم يتمكَّنوا من تخليصِ بِنيامين، انفرَدوا عن النَّاسِ يتناجَونَ ويتشاورونَ فيما بينهم، ما الذي يفعلونَه، وكيفَ يتصرَّفون؟

قالَ كبيرُهم مذكِّرًا: ألم تعلَموا أنَّ أباكُم قد أخذَ عليكم عهدًا مُوثَّقًا لَتَرُدُّنَّهُ إليه، مع ما تقدَّمَ مِن صنيعِكم بيوسُفَ وكذِبِكم عليه؟ فلن أفارقَ أرضَ مصرَ حتَّى يسمحَ لي أبي بالرُّجوعِ إليه راضيًا عنِّي، أو يَحكُمَ اللهُ لي بما شاء، وهو سبحانَهُ الحَكَمُ العَدْل، الذي لا يَقضي إلاّ بالحقّ. (الواضح).



82- ï´؟ وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ï´¾.

ï´؟ وِإِنَّا لَصَـظ°دِقُونَ ï´¾ فيما أخبرناكَ به من أنه سرق، وأخذوهُ بسرقته. (ابن كثير).



85- ï´؟ قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ ï´¾.

أي: من الميتين. (البغوي).



87- ï´؟ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ï´¾.

إنَّهُ لا يقنطُ مِن فرَجِ اللهِ - ولو أحاطَ بهمُ الكَرْبُ - إلاّ الكافِرون؛ لإنكارِهم سَعَةَ رحمةِ الله، واستبعادِهم عفوَه. (الواضح).



90- ï´؟ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ï´¾.

فإنَّ اللهَ لا يُبطِلُ ثوابَ إحسانه، وجزاءَ طاعتهِ إيّاهُ فـيما أمرَهُ ونهاه. (الطبري).



92- ï´؟ قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ï´¾.

عفـا اللهُ لكم عن ذنبِكم وظُلمِكم، فسترَهُ عليكم، واللهُ أرحمُ الراحمينَ لـمَن تابَ مِن ذنبه، وأنابَ إلى طاعتهِ بـالتوبةِ مِن معصيته. (تفسير الطبري).



98- ï´؟ قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ï´¾.

إن ربِّي هو الساترُ على ذنوبِ التائبين إليهِ مِن ذنوبِهم، الرحيمُ بهم أنْ يعذِّبَهم بعدَ توبتِهم منها. (الطبري).



99- ï´؟ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ ï´¾.

ï´؟ آَمِنِينَ ï´¾ من القحطِ وأصنافِ المكاره. (البيضاوي).



100- ï´؟ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ï´¾.

ï´؟ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ ï´¾ بمصالحِ خَلقه، وغيرِ ذلك، لا يخفَى علـيه مبادي الأمورِ وعواقبها، الحكيمُ في تدبـيره. (الطبري).



105- ï´؟ وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي ظ±لسَّمَظ°وَظ°تِ وَظ±لأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ ï´¾.

وذلكَ كالشمسِ والقمرِ والنجومِ ونحوِ ذلكَ من آياتِ السماوات، وكالجبالِ والبحارِ والنباتِ والأشجار، وغيرِ ذلكَ من آياتِ الأرض. (الطبري).



107- ï´؟ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ï´¾.

ï´؟ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ï´¾ بإتيانها. (النسفي).



109- ï´؟ وَلَدَارُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ ï´¾.

ï´؟ أَفَلَا ï´¾ يستعملون عقولَهم ليعرفوا أنها خير؟ (البيضاوي).



110- ï´؟ حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ï´¾.

ï´؟ اسْتَيْئَسَ ï´¾ ذكرَ في الآيةِ (79) من السورة، أن: يئسَ واستيأسَ بمعنًى واحد.

ï´؟ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ï´¾: المشركين. (البغوي).

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 12-11-2020, 09:38 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,695
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية

الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (15)






أ. محمد خير رمضان يوسف





(سورة الحجر، وسورة النحل)

الجزء الرابع عشر



سورة الحِجر
1-﴿ الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ﴾.
﴿ وقُرْآنٍ ﴾ يقول: وآياتِ قرآن، ﴿ مُبِـينٍ ﴾ يقول: يُبِين مَن تأمَّلَهُ وتدبَّرَهُ رشدَه. (الطبري).

3- ﴿ ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾.
﴿ ذَرْهُمْ ﴾ يا محمد، يعني: الذين كفروا، ﴿ يَأْكُلُواْ ﴾ في الدنيا، ﴿ وَيَتَمَتَّعُواْ ﴾ من لذّاتها، ﴿ وَيُلْهِهِمُ ﴾: يَشغلهم، ﴿ ٱلأَمَلُ ﴾ عن الأخذِ بحظِّهم من الإِيمانِ والطاعة، ﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾ إذا وردوا القيامةَ وذاقوا وبالَ ما صنعوا. وهذا تهديدٌ ووعيد. (البغوي).

5- ﴿ مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ ﴾.
﴿ مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ ﴾ من الأممِ المهلَكةِ وغيرهم أجلَها المكتوبَ في كتابها، أي: لا يجـيءُ هلاكُها قبلَ مجيءِ كتابها، أو لا تمضي أمةٌ قبلَ مضيِّ أجلها، ﴿ وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ ﴾ أي وما يتأخَّرون. (روح المعاني، باختصار).

6- ﴿ وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ ﴾.
المنادَى رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلم. والذِّكر: القرآن.

7- ﴿ لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾.
قالوا: هلّا تأتينا بالملائكةِ شاهدةً لكَ على صدقِ ما تقولُ ﴿ إنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِـينَ ﴾ يعني: إن كنتَ صادقاً في أن الله تعالى بعثكَ إلينا رسولاً وأنزلَ عليكَ كتاباً، فإن الربَّ الذي فعلَ ما تقولُ بكَ لا يتعذَّرُ عليه إرسالُ ملَكٍ من ملائكتهِ معكَ حجَّةً لكَ علينا، وآيةً لكَ على نبوَّتِك، وصدقِ مقالتك. (الطبري).

13- ﴿ لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ ﴾.
﴿ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ﴾ يعني: لا يؤمنون بمحمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّمَ وبالقرآن، ﴿ وَقَدْ خَلَتْ ﴾: مضت، ﴿ سُنَّةُ ٱلأَوَّلِينَ ﴾ أي: وقائعُ الله تعالى بالإِهلاكِ فيمن كذَّبَ الرسلَ من الأممِ الخالية. يخوِّفُ أهلَ مكة. (البغوي).

16- ﴿ وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ ﴾.
﴿ وَزَيَّنَّـٰهَا ﴾ بالأشكالِ والهيئاتِ البهيَّةِ ﴿ لِلنَّـٰظِرِينَ ﴾ المعتبِرين المستدلِّين بها على قدرةِ مبدعِها وتوحيدِ صانعها. (البيضاوي).

18- ﴿ إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ ﴾.
لكنْ قد يسترقُ من الشياطينِ السمعَ مما يحدثُ في السماءِ بعضها، فيتبَعهُ شهابٌ من النارِ ﴿ مُبِينٌ ﴾: يَبِـينُ أثرهُ فـيه، إما بإخبالهِ وإفساده، أو بإحراقه. (الطبري).

22- ﴿ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ ﴾.
والمطرُ في خزائنِنا لا في خزائنِكم، وهي بأيدينا لا بأيديكم.
أو أنَّ مَعناه: ما أنتم بقادرين على حفظِ هذا الكمِّ منَ المياهِ التي يُنزِلُها اللهُ لكم، فيَحفَظُها لكم في العيونِ والآبارِ والأنهار، لتأخذوا منها عندَ الحاجة. (الواضح).

25- ﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ﴾.
وإنَّ ربَّكَ يا محمدُ هو يجمَعُ جميعَ الأوَّلين والآخِرين عندَهُ يومَ القيامة، أهلَ الطاعةِ منهم والمعصية، وكلَّ أحدٍ مِن خَـلقه، المستقدمينَ منهم والمستأخِرين.
﴿ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ﴾: إنَّ ربَّكَ حكيمٌ في تدبيرهِ خـلقَه، في إحيائهم إذا أحياهم، وفي إماتتِهم إذا أماتهم، عليمٌ بعددِهم وأعمالِهم، وبالحيِّ منهم والميِّت، والمستقدمِ منهم والمستأخِر. (تفسير الطبري).

28- ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ
فسَّرَ الكلماتِ الثلاثِ قبلَ آيتينِ منها، فكان ممّا قال:
الصلصال: الطينُ إذا جفّ.
الحمَأ: النتن.
المسنون: الأملسُ السطح.

33- ﴿ قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ ﴾.
فسَّرَ الكلماتِ الثلاثِ في الآيةِ (26) من السورة، فكان ممّا قال:
الصلصال: الطينُ إذا جفّ.
الحمَأ: النتن.
المسنون: الأملسُ السطح.

35- ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ﴾.
وإنَّ غضبَ اللهِ عليك، بإخراجهِ إيّاكَ مِن السماواتِ وطردِكَ عنها.. (الطبري).

36- ﴿ قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾.
سألَ من تمامِ حسدهِ لآدمَ وذريتهِ النظرةَ إلى يومِ القيامة، وهو يومُ البعث. (ابن كثير).

37- ﴿ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ ﴾.
قالَ الله له: فإنكَ ممن أُخِّرَ هلاكُه. (الطبري).

38- ﴿ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ﴾.
إلى يومِ الوقتِ المعلومِ لهلاكِ جميعِ خَلقي، وذلك حين لا يبقَى على الأرضِ من بني آدمَ ديَّار. (الطبري).

45- ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴾.
إنَّ الذين اتَّقَوا اللهَ بطاعتهِ وخافوه، فتـجنَّبوا معاصيه (الطبري)، في بساتينَ وأنهار (البغوي).

46- ﴿ ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آَمِنِينَ ﴾.
﴿ ءَامِنِينَ ﴾ من الخروجِ منها، والآفاتِ فيها. (النسفي).

48- ﴿ لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ ﴾.
وما هم من الجنةِ ونعيـمها وما أعطاهم الله فـيها بمخرَجين، بل ذلك دائمٌ أبداً. (الطبري).

49- ﴿ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾.
أخبِرْ عبادي أيُّها الرسولُ أنَّني أغفِرُ الذنوبَ مهما كَبُرَتْ وكَثُرَت، وأرحمُهم ولا أُعذِّبُهم بها إنْ هم تابُوا وأحسَنوا، فلا يَيأسوا أبدًا. (الواضح).

50- ﴿ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ﴾.
وأنَّ عقابي هو العقابُ المؤلمُ الموجِع، الذي لا يُقَدَّرُ قَدْرُه، فليَلزموا صراطي، وليَبتعِدوا مِن سَخَطي وعقابي.
وهكذا يبقَى العبدُ بينَ الخوفِ والرَّجاء، والرَّهبةِ والرَّغبة، فإنَّهُ أحسنُ لتربيةِ نفسِه. (الواضح).

53- ﴿ قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ ﴾.
أي: غلامٍ في صِغَرِه، عليمٍ في كبره، يعني إسحاق. (البغوي).

56- ﴿ قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ ﴾.
قالَ إبراهيمُ للضيف: ومَن يَيأسُ مِن رحمةِ اللهِ إلاّ القومُ الذين قد أخطأوا سبيلَ الصواب، وتركوا قصدَ السبيل، في تركهم رجاءَ الله، ولا يخيبُ مَن رجاه، فضلُّوا بذلكَ عن دينِ الله. (الطبري).

64- ﴿ وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ﴾.
﴿ وَآتَيْنَـٰكَ بِٱلْحَقِّ ﴾، كقولهِ تعالى: ﴿ مَا نُنَزِّلُ ٱلْمَلَـٰئِكَةَ إِلاَّ بِٱلحَقِّ ﴾ [سورة الحجر: 8]. وقوله: ﴿ وِإِنَّا لَصَـٰدِقُونَ ﴾ تأكيدٌ لخبرِهم إيّاهُ بما أخبروهُ به، مِن نجاتهِ وإهلاكِ قومِه. (ابن كثير).

65- ﴿ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ ﴾.
وامضوا حيثُ يأمركم الله. (الطبري).
قال ابنُ عباس: يعني الشام. (البغوي).

68- ﴿ قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ ﴾.
قالَ لوطٌ لقومه: إن هؤلاءِ الذين جئتُموهم تريدونَ منهم الفاحشةَ ضيفي، وحقٌّ على الرجلِ إكرامُ ضيفه، فلا تفضحونِ أيها القومُ فـي ضيفـي، وأكرموني فـي ترككم التعرُّضَ لهم بـالمكروه. (الطبري).

69- ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ ﴾.
وخافوا اللهَ فيَّ وفي أنفسِكم أنْ يحلَّ بكم عقابه، ولا تُذلُّوني ولا تُهينوني فيهم بالتعرُّضِ لهم بـالمكروه. (الطبري).

75- ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ﴾.
إنَّ في الذي فعلنا بقومِ لوط، مِن إهلاكِهم، و [ما] أحلَلنا بهم مِن العذاب، لَعلاماتٍ ودلالاتٍ للـمتفرِّسينَ الـمعتبرينَ بعلاماتِ الله. (الطبري).

77- ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾.
لمن آمنَ بـاللهِ على انتقامهِ مِن أهلِ الكفرِ به... (الطبري).

78- ﴿ وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ ﴾.
لكافرين. وهم قومُ شعيبٍ عليه السلام. (النسفي).

79- ﴿ فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ ﴾.
﴿ فَٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ ﴾ بالإِهلاك. (البيضاوي).

81- ﴿ وَآَتَيْنَاهُمْ آَيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ ﴾.
فكانوا عن آياتِنا التي آتـيناهم مُعرضين، لا يعتبرونَ بها ولا يتَّعظون. (الطبري).

83- ﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ ﴾.
يعني صيحةَ العذاب. (البغوي).

89- ﴿ وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ ﴾.
﴿ النَّذِيرُ الْمُبِينُ ﴾: البيِّنُ النذارة، نذيرٌ للناسِ مِن عذابٍ أليمٍ أنْ يحلَّ بهم على تكذيبه، كما حلَّ بمن تقدَّمَهم مِن الأممِ المكذِّبةِ لرسلِها، وما أنزلَ اللهُ عليهم مِن العذابِ والانتقام. (ابن كثير).

99- ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾.
دمْ على ما أنت عليه من عبادتهِ سبحانه. (روح المعاني).

سورة النحل
2- ﴿ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ ﴾.
﴿ أَنْ أَنْذِرُوا ﴾ قالَ الزجّاج: والمعنى: أَنذِروا أهلَ الكفرِ والمعاصي ﴿ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ ﴾ أي: مُروهم بتوحيدي. وقال غيره: أَنذروا بأنه لا إِله إِلا أنا، أي: مروهم بالتوحيدِ مع تخويفهم إِنْ لم يُقِرُّوا. (زاد المسير).

3- ﴿ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾.
علا ربُّكم أيها القومُ عن شركِكُم ودعواكم إلهاً دونه، فارتفعَ عن أن يكونَ له مِثْلٌ أو شريكٌ أو ظهير؛ لأنه لا يكونُ إلهاً إلا من يخلقُ ويُنشىءُ بقدرتهِ مثلَ السماواتِ والأرض، ويبتدعُ الأجسامَ فيُحدِثُها من غيرِ شيء، وليس ذلك في قُدرةِ أحدٍ سوى الله الواحدِ القهَّار، الذي لا تنبغي العبـادةُ إلا له، ولا تصلحُ الألوهةُ لشيءٍ سواه. (الطبري).

10- ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ ﴾.
لما ذكرَ تعالى ما أنعمَ به عليهم من الأنعامِ والدوابّ، شرعَ في ذكرِ نعمتهِ عليهم في إنزالِ المطرِ من السماء، وهو العلوّ، مما لهم فيه بُلغةٌ ومتاعٌ لهم ولأنعامهم، فقال: ﴿ لَّكُم مَّنْهُ شَرَابٌ ﴾ أي: جعلهُ عذباً زُلالاً يسوغُ لكم شرابه، ولم يجعلهُ مِلحاً أُجاجاً. (ابن كثير).

12- ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾.
ذكرَ العقلَ لأن الآثارَ العلويةَ أظهرُ دلالةً على القدرةِ الباهرة، وأبينُ شهادةً للكبرياءِ والعظمة. (النسفي).

13- ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ ﴾.
إن اختلافها في الطباعِ والهيئاتِ والمناظرِ ليس إلا بصنعِ صانعٍ حكيم. (البيضاوي).

14- ﴿ وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾.
أي: تعرفون نعمَ الله تعالى فتقومون بحقِّها. (البيضاوي).

17- ﴿ أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾.
أفلا تذكَّرون نِعمَ اللهِ عليكم، وعظيمَ سُلطانهِ وقُدرتهِ على ما شاء، وعجزَ أوثانِكم وضعفَها ومهانتَها، وأنها لا تجلبُ إلى نفسِها نفعًا، ولا تدفعُ عنها ضرًّا، فتعرفوا بذلك خطأَ ما أنتم عليه مقـيمونَ من عبـادتكموها، وإقراركم لها بـالألوهة؟ (الطبري).

20- ﴿ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ ﴾.
وهذه الأصنامُ التي يتَّخذُها المشركونَ آلهة، لا يقدرونَ على خَلقِ شيء، بل هم مخلوقونَ ويُصنَعون، ولا يشعرون بعبادةِ المشركينَ لهم. (الواضح).

24- ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴾.
ذكرَ في تفسيرِ الآيةِ (25) من سورةِ الأنعام، أن معناه: أخبارُ الأولين وقصصُهم وأحاديثُهم التي تسطَّرُ وتُحكَى ولا تحقَّقُ كالتواريخ.

26- ﴿ قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ ﴾.
﴿ قَدْ مَكَرَ ﴾ المكر: صرفُ الغيرِ عمّا يقصدهُ بحيلة، وهو هاهنا على ما قيل: مجازٌ عن مباشرةِ أسبابه، وترتيبِ مقدِّماته؛ لأن ما بعدُ يدلُّ على أنه لم يحصلِ الصرف. (روح المعاني).
﴿ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ ﴾: وأتَى هؤلاء الذين مكروا من قَبْلِ مشركي قريش، عذابُ الله، من حيثُ لا يدرون أنه أتاهم منه. (الطبري).

27- ﴿ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾.
أي: الفضيحةُ والعذابُ محيطٌ اليومَ بمن كفرَ بالله، وأشركَ به ما لا يضرُّهُ وما لا ينفعه. (ابن كثير).
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 12-11-2020, 09:38 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,695
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية


28- ﴿ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾.

تفسيرُ الآية: هؤلاءِ الذينَ تأتي إليهمُ الملائكةُ المكلَّفةُ بقبضِ الأرواح، وهم في ساعةِ الاحتضار، وقد ظلَموا أنفسَهم بكفرِهم وعصيانِهم، يستَسلِمونَ لهم ويُظهِرونَ السَّمعَ والطَّاعة، ويقولونَ وهم في موقفِ ذُلٍّ وإهانة: ما كُنّا نعملُ عملاً سيِّئاً، ولا ارتكبنا خطأ! بلَى أيُّها المشركون، إنَّ اللهَ عليمٌ بما كسبتُم من سوءٍ وضلالٍ وفجور، وسيُجازيكُم على كلِّ ذلك. (الواضح).

30- ﴿ وَلَدَارُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ ﴾.
ولنعمَ دارُ الذين خافوا اللهَ في الدنيا - فاتَّقَوا عقابَهُ بأداءِ فرائضهِ وتجنُّبِ معاصيه - دارُ الآخرة. (الطبري).

31- ﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ ﴾.
لهم جنَّاتٌ مُعَدَّةٌ لإقامةٍ دائمة، يدخلونَها ويسكنونَ فيها فرحينَ مبتهجين، تزيِّنُها الأنهارُ جاريةً بين قصورِها وأشجارِها، ولهم فيها ما يشاؤونَ من أنواعِ المطعوماتِ والمشاربِ والثِّمارِ اللَّذيذة. وبمثلِ ذلكَ الثَّوابِ الكبيرِ يجزي اللهُ به عبادَهُ المؤمنينَ الصَّالحين. (الواضح).

37- ﴿ إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ﴾.
أي: مانعين من العذاب. (البغوي).

38- ﴿ وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾.
أي: فلِجَهلِهم يخالفون الرسل، ويقعون في الكفر. (ابن كثير).

39- ﴿ لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ ﴾.
﴿ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ﴾ أي: للناس، ﴿ ٱلَّذِى يَخْتَلِفُونَ فِيهِ ﴾ أي: من كلِّ شيء، ﴿ لِيَجْزِىَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَيِجْزِى ٱلَّذِينَ أَحْسَنُواْ بِٱلْحُسْنَى ﴾ [سورة النجم: 31]، ﴿ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ ﴾ أي: في أَيمانِهم وأقسامِهم: لا يبعثُ اللهُ مَن يموت؛ ولهذا يُدعَون يومَ القيامةِ إلى نارِ جهنَّمَ دعًّا، وتقولُ لهم الزبانية: ﴿ هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ * أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ * اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [سورة الطور: 14 - 16]. (ابن كثير).

41- ﴿ وَلَأَجْرُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾.
الضميرُ للكفّار، أي: لو علموا أن الله يجمعُ لهؤلاء المهاجرين خيرَ الدارَين لوافقوهم، أو للمهاجرين، أي: لو علموا ذلك لزادوا في اجتهادهم وصبرهم. (البيضاوي).

43- ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾.
يقولُ لمشركي قريش: وإنْ كنتم لا تعلمون أن الذين كنا نرسلُ إلى مَن قبلكم من الأممِ رجالٌ من بني آدم، مثلُ محمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم، وقلتم هم ملائكة، أي ظننتم أن الله كلَّمهم قبلاً، ﴿ فـاسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ ﴾... (الطبري).

44- ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾.
ولـيتذكَّروا فـيه، ويعتبروا به، أي: بما أنزلنا إلـيك. (الطبري).

45- ﴿ أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ ﴾.
بغتةً، من جانبِ السماء، كما فعلَ بقومِ لوط. (البيضاوي).

46- ﴿ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ ﴾.
أي: لا يُعجزون الله على أيِّ حالٍ كانوا عليه. (ابن كثير).

49- ﴿ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ﴾.
أي: غيرَ مستكبرينَ عن عبادته. (ابن كثير).

51- ﴿ وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ﴾.
فإيّايَ فاتَّقوا، وخافوا عقابي بمعصيتِكم إيَّايَ إنْ عصيتُموني وعبدتُم غيري، أو أشركتُم في عبـادتِكم لي شريكًا. (الطبري).

52- ﴿ وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ ﴾.
أي: تخافون، استفهامٌ على طريقِ الإِنكار. (البغوي).

55- ﴿ لِيَكْفُرُوا بِمَا آَتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾.
﴿ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ عاقبةَ أمركم. هذا وعيدٌ لهم. (البغوي).

57- ﴿ وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ ﴾.
﴿ سُبْحَانَهُ ﴾ أي: عن قولهم وإفكهم ﴿ أَلاَ إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ * وَلَدَ ٱللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَـٰذِبُونَ * أَصْطَفَى ٱلْبَنَاتِ عَلَىٰ ٱلْبَنِينَ * مَالَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾ [سورة الصافات:151-154]. وقوله: ﴿ وَلَهُمْ مَّا يَشْتَهُونَ ﴾ أي: يختارون لأنفسهم الذكور، ويأنفون لأنفسهم من البناتِ التي نسبوها إلى الله. تعالى الله عن قولهم علوًّا كبيرًا. (ابن كثير).

60- ﴿ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾.
﴿ الْعَزِيزُ ﴾: المنفردُ بكمالِ القدرةِ على كلِّ شيء، ومِن ذلكَ مؤاخذتُهم بقبائحِهم. وقيل: هو الذي لا يوجدُ له نظير. ﴿ الْحَكِيمُ ﴾: الذي يفعلُ كلَّ ما يفعلُ بمقتضَى الحكمةِ البالغة. (روح المعاني).

61- ﴿ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ﴾.
﴿ ولَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ ﴾ يقول: ولكنْ بحِلمهِ يؤخِّرُ هؤلاء الظلَمةَ فلا يُعاجلُهم بالعقوبة، ﴿ إِلَى أجَلٍ مُسَمًّى ﴾ يقول: إلى وقتهم الذي وُقِّت لهم. ﴿ فإذَا جاءَ أجَلُهُمْ ﴾ يقول: فإذا جاءَ الوقتُ الذي وُقِّت لهلاكِهم، لا يَستأخِرونَ عن الهلاكِ ساعةً فـيُمهَلون، ولا يَستَقدِمونَ له، حتَّى يَستوفُوا آجالَهم. (الطبري).

63- ﴿ تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾.
واللهِ لقد أرسَلنا إلى الأممِ السابقةِ رُسلاً مِن قَبلِك، كما أرسَلناكَ إلى قومِكَ أيُّها النبيّ، فأغواهمُ الشَّيطانُ وزيَّنَ لهم سوءَ معتقدِهم وانحرافَ سلوكِهم، فهو مُلهِمُهم ومُشَجِّعُهم كما يَظهَرُ من أقوالِهم وأعمالِهم، ولهم في الآخرةِ عذابٌ شديدٌ على طاعتِهم له، دونَ طاعةِ رسُلِهم.
(الواضح).

64- ﴿ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾.
﴿ وَهُدًى ﴾: بياناً من الضلالة، يعني بذلك الكتاب، ﴿ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ به، فـيصدِّقون بما فيه، ويُقِرُّون بما تضمَّنَ مِن أمرِ اللهِ ونهيه، ويعملونَ به. (الطبري).

65- ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ﴾.
إن في إحيائنا الأرضَ بعد موتها بما أنزلنا من السماءِ من ماء، لدليلاً واضحاً وحجَّةً قاطعة. عذرَ مَن فكَّرَ فـيه. (الطبري).

67- ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾.
ناسبَ ذكرُ العقلِ هاهنا، فإنه أشرفُ ما في الإنسان؛ ولهذا حرَّمَ اللهُ على هذه الأمَّةِ الأشربةَ المسكرةَ صيانةً لعقولِها. (ابن كثير).

69- ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾.
أي: إنَّ في إلهامِ اللهِ لهذه الدوابِّ الضعيفةِ الخِلقة، إلى السلوكِ في هذه المهامه، والاجتناءِ مِن سائرِ الثمار، ثم جمعِها للشمعِ والعسل، وهو مِن أطيبِ الأشياء، ﴿ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ في عظمةِ خالقِها ومقدِّرِها ومسخِّرِها وميسِّرِها، فيستدلُّون بذلكَ على أنه القادر، الحكيمُ العليم، الكريمُ الرحيم. (ابن كثير).

72- ﴿ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ ﴾.
﴿ أَفَبِٱلْبَـٰطِلِ يُؤْمِنُونَ ﴾ وهم الأندادُ والأصنام، ﴿ وَبِنِعْمَتِ ٱللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ ﴾ أي: يسترون نعمَ الله عليهم، ويضيفونها إلى غيره. (ابن كثير).

74- ﴿ فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾.
أي: إنه يعلمُ ويشهدُ أنه لا إله إلا هو، وأنتم بجهلكم تشركون به غيره. (ابن كثير).

76- ﴿ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾.
يعني: هل يستوي هذا الأبكمُ الكَلُّ علـى مولاهُ الذي لا يأتي بخيرٍ حيثُ توجَّه، ومَن هو ناطقٌ متكلِّم يأمرُ بالحقِّ ويدعو إليه، وهو الله الواحدُ القهّار، الذي يدعو عبـادَهُ إلى توحيدهِ وطاعته؟ يقول: لا يستوي هو تعالَى ذكره، والصنـمُ الذي صفتهُ ما وُصِف.
وقوله: ﴿ وَهُوَ علـى صِراطٍ مُسْتَقِـيـمٍ ﴾ يقول: وهو مع أمرهِ بالعدل، على طريقٍ من الحقِّ في دعائهِ إلى العدلِ وأمرهُ به مستقـيـم، لا يَعْوَجُّ عن الحقِّ ولا يزولُ عنه. (الطبري).

79- ﴿ أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾.
ألا يَنظرُ الناسُ إلى هذهِ الطيورِ المذلَّلات، التي تَطيرُ في الجوّ، كيفَ أنَّ اللهَ أودعَ فيها القدرةَ على الطَّيران، وجعلَ في الجوِّ الهواءَ ليتلاءَمَ مع حركةِ طيرانِها، ولا يَقدِرُ على إبقائهنَّ في السَّماءِ هكذا إلاّ اللهُ تعالَى، خالقُ الطَّيرِ وطيرانِها. وفي ذلكَ دلالةٌ على قدرةِ اللهِ العظيم، لمن يؤمنُ به ويعظِّمُه، وينتفعُ بكلامهِ ويعقِلُه. (الواضح).

82- ﴿ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴾.
فإن أدبرَ هؤلاء المشركون يا محمدُ عما أرسلتُكَ به إليهم من الحقّ، فلم يستجيبوا لك، وأعرضوا عنه، فما عليكَ من لومٍ ولا عذل؛ لأنك قد أدَّيتَ ما عليك في ذلك، إنه ليسَ عليكَ إلاّ بلاغُهم ما أُرسِلتَ به. ويعني بقوله ﴿ الْمُبِينُ ﴾: الذي يَبِينُ لمن سمعَهُ حتى يفهمه. (الطبري).

87- ﴿ وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴾.
﴿ وَضَلَّ عَنْهُم ﴾: وضاعَ عنهم وبطلَ ﴿ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ ﴾ من أن آلهتَهم يَنصرونَهم ويشفعون لهم حين كذَّبوهم وتبرَّؤوا منهم. (البيضاوي).

89- ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾.
﴿ وَهُدىً ﴾ من الضلالة، ﴿ وَرَحْمَةً ﴾ لمنْ صدَّق به، وعملَ بما فـيه، من حدودِ اللهِ وأمرهِ ونهيه، فأحلَّ حلالَه، وحرَّمَ حرامه. وبشارةً لمنْ أطاعَ اللهَ وخضعَ له بـالتوحيد، وأذعنَ له بـالطاعة، يبشِّرهُ بجزيـلِ ثوابهِ فـي الآخرة، وعظيمِ كرامته. (الطبري).

90- ﴿ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾.
﴿ يَعِظُكُمْ ﴾ أي: ينبِّهكم بما يأمرُ وينهَى سبحانهُ أحسنَ تنبيه، ﴿ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾: طلباً لأنْ تتعظوا بذلك وتنتبهوا. (روح المعاني، باختصار).

92- ﴿ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾.
وفي يومِ القيامةِ يَفصِلُ اللهُ بينَ النَّاسِ فيما كانوا يَختلفونَ فيهِ في الدُّنيا، ويُبيِّنُ لهم الحقَّ في ذلك، ويُجازي كُلاًّ بما يَستحقّ. (الواضح في التفسير).
وقالَ الطبري: والذي كانوا فـيه يختلفونَ في الدنـيا، أنَّ المؤمنَ بـالله كان يقرُّ بوحدانـيةِ اللهِ ونبوَّةِ نبـيِّه، ويصدِّقُ بما ابتعثَ به أنبـياءَه، وكان يكذِّب بذلك كلِّهِ الكافرُ، فذلكَ كان اختلافهم في الدنـيا، الذي وعدَ اللهُ تعالـَى ذكرهُ عبـادَهُ أنْ يبـيِّنَهُ لهم عندَ ورودِهم علـيه...

95- ﴿ وَلَا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾.
قال البغوي: ﴿ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ فضلَ ما بين العوَضَين.
وقال صاحبُ (روحِ المعاني): أي: إنْ كنتُم من أهلِ العلمِ والتمييز.

97- ﴿ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾.
وأنْ يجزيَهُ بأحسنِ ما عملَهُ في الدارِ الآخرة. (ابن كثير).

99- ﴿ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾.
وعلى ربِّهم يتوكَّلونَ فـيـما نابَهم مِن مهمَّات أمورِهم. (الطبري).

102- ﴿ قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾.
تثبيتاً للمؤمنـين وتقويةً لإيمانهم، ليزدادوا بتصديقهم لناسخهِ ومنسوخهِ إيماناً لإيمانهم، وهدًى لهم مِن الضلالة، وبُشرَى للمسلـمينَ الذين استسلـموا لأمرِ اللهِ وانقادوا لأمرهِ ونهيه، وما أنزلَهُ في آي كتابه، فأقرُّوا بكلِّ ذلكَ وصدَّقوا به قولاً وعملاً. (الطبري).

103- ﴿ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ﴾.
ذو بيانٍ وفصاحة. (البيضاوي).

104- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ لَا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾.
﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ في الآخرةِ على كفرهم. (النسفي).

106- ﴿ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾.
الكافرُ الصَّريحُ هو مَن فتحَ صدرَهُ للكفر، وقَبِلَهُ طواعيةً واختيارًا، فهؤلاءِ عليهم غضبٌ عظيمٌ وسُخْطٌ منَ الله، ولهم عذابٌ كبيرٌ يومَ القيامة، لعِظَمِ جُرمِهم. (الواضح).

111- ﴿ وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾.
وهم لا يُفعَلُ بهم إلا ما يستحقونه ويستوجبونهُ بما قدَّموهُ من خيرٍ أو شرّ، فلا يُجزَى المحسنُ إلا بالإحسان، ولا المسيءُ إلا بالذي أسلفَ من الإساءة، لا يعاقَبُ محسن، ولا يُبخَسُ جزاءَ إحسانه، ولا يُثابُ مسيءٌ إلا ثوابَ عمله. (الطبري).

112- ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾.
﴿ رَغَدًا ﴾: ذكرَ معناها في الآيةِ (35) من سورةِ البقرةِ بقوله: الرغد: العيشُ الدارُّ الهنيُّ الذي لا عناءَ فيه.
﴿ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾: أي: لا ينقصُ من ثوابِ الخير، ولا يزدادُ على ثوابِ الشرّ، ولا يُظلَمونَ نقيرًا. (ابن كثير).

113- ﴿ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ﴾.
وهم مشركون. وذلكَ أنه قُتِلَ عظماؤهم يومَ بدرٍ بالسيفِ على الشرك. (الطبري).

117- ﴿ مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾.
ثم إلينا مرجعُهم ومَعادُهم، ولهم على كذبهم وافترائهم على الله بما كانوا يفترون، عذابٌ عند مصيرهم إلـيه أليم. (الطبري).

121- ﴿ شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾.
﴿ شَاكِراً لأَنْعُمِهِ ﴾ أي: قائماً بشكرِ نعمِ الله عليه، كقوله تعالى: ﴿ وَإِبْرَٰهِيمَ ٱلَّذِى وَفَّىٰ
[سورة النجم: 37] أي: قامَ بجميعِ ما أمرَهُ الله تعالى به.

وقوله: ﴿ ٱجْتَبَـٰهُ ﴾ أي: اختارَهُ واصطفاه، كقوله: ﴿ وَلَقَدْ ءَاتَيْنَآ إِبْرَٰهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَـٰلِمِينَ ﴾ [سورة الأنبياء: 51]. ثم قال: ﴿ وَهَدَاهُ إِلَىٰ صِرَٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ وهو عبادةُ الله وحدَهُ لا شريكَ له على شرعٍ مرضيّ. (ابن كثير).

123- ﴿ ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾.
مسلمًا، على الدينِ الذي كان عليه إبراهيم، بريئًا من الأوثانِ والأندادِ التي يعبدُها قومُك، كما كان إبراهيمُ تبرَّأ منها. (الطبري).

124- ﴿ إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴾.
إنَّ ربَّكَ يا محمدُ لَيحكمُ بين هؤلاءِ المختلفينَ بينهم، في استحلالِ السبتِ وتحريمه، عندَ مصيرهم إليه يومَ القيامة، فيقضي بينهم في ذلكَ وفي غيره، ممَّا كانوا فيه يختلفونَ في الدنيا بالحقّ، ويفصلُ بالعدلِ بمجازاةِ المصيبِ فيه جزاءه، والمخطئِ فيه منهم ما هو أهله. (الطبري).


127- ﴿ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ ﴾.
﴿ وَلاَ تَكُ فِى ضَيْقٍ ﴾ أي: غمّ، ﴿ مِّمَّا يَمْكُرُونَ ﴾ أي: مما يُجهدون أنفسَهم في عداوتِكَ وإيصالِ الشرِّ إليك، فإن الله كافيكَ وناصرُكَ ومؤيدُكَ ومظهرُكَ ومظفرُكَ بهم. (ابن كثير).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 12-11-2020, 09:40 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,695
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية

الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (16)






أ. محمد خير رمضان يوسف



(سورة الإسراء، سورة الكهف)



الجزء الخامس عشر

سورة الإسراء

2- ﴿ وَآَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا ﴾.
وجعلنا الكتابَ - الذي هو التوراةُ - بيانًا للحقّ، ودليلاً لهم على محجَّةِ الصوابِ فيما افترضَ علـيهم، وأمرَهم به، ونهاهم عنه. (الطبري).

5- ﴿ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا ﴾.
قضاءً كائنًا لا خُلفَ فيه. (تفسير البغوي).

7- ﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ ﴾.
أي: يُهينوكم ويَقهروكم. (ابن كثير).

12- ﴿ وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ ﴾.
أي: علامتين دالَّتَين على وجودنا ووحدانيتنا وقدرتنا. (البغوي).

14- ﴿ اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ﴾.
حسبُكَ اليومَ نفسكَ عليكَ حاسباً يحسبُ عليكَ أعمالك، فيُحصيها عليك، لا نبتغي علـيك شاهداً غيرها، ولا نطلبُ علـيكَ مُحصياً سواها. (الطبري).

15- ﴿ مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ﴾.
منِ اهتدَى إلى الحقِّ وعملَ بهِ فإنَّ عاقبةَ هدايتهِ تعودُ عليهِ بالحُسنَى، وتكلِّلهُ السَّعادَةُ يومَ القيامة، ومَن ضلَّ عن الحقِّ فإنَّ عاقبةَ ضلالهِ تعودُ عليه، ويُخزَى يومَ القيامةِ ويُجازَى بشرِّ ما عَمِل. (الواضح).

17- ﴿ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا ﴾.
وحسبُكَ يا محمَّدُ باللهِ خابرًا بذنوبِ خلقه، فإنه لا يخفَى عليه شيءٌ مِن أفعالِ مشركي قومِك، ولا أفعالِ غيرهم مِن خـلقه، يُبصِرُ ذلكَ كلَّه، فلا يغيبُ عنه منه شيء، ولا يعزبُ عنه مثقالُ ذرَّةٍ في الأرضِ ولا في السماء، ولا أصغرُ مِن ذلكَ ولا أكبر. (الطبري).

18- ﴿ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا ﴾.
يدخلُها ممقوتًا. (النسفي).

21- ﴿ وَلَلْآَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا ﴾.
وفريقُ مُريدِ الآخرةِ أكبرُ في الدارِ الآخرةِ درجاتُ بعضِهم على بعض، لتفاوتِ منازلِهم بأعمالِهم في الجنة، وأكبرُ تفضيلاً بتفضيـلِ اللهِ بعضَهم على بعضٍ مِن هؤلاءِ الفريقِ الآخرينَ في الدنـيا، فـيما بسطنا لهم فـيها. (الطبري).

26- ﴿ وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا ﴾.
قالَ في تعريفهما في الآيةِ (41) مِن سورةِ الأنفال:
المساكين: الذين لا شيءَ لهم. وهو مأخوذٌ من السكونِ وقلَّةِ الحِراك.
ابنُ السبيل: الرجلُ المجتازُ الذي قد احتاجَ في سفر، وسواءٌ كان غنيّاً في بلده، أو فقيراً، فإنه ابن السبيل...

29- ﴿ وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ﴾.
فتصيرَ ملوماً عند الله وعند الناسِ بالإِسرافِ وسوءِ التدبير. (البيضاوي).
الملوم: الذي أتَى بما يلومُ نفسه، أو يلومهُ غيره. (البغوي).

30- ﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ﴾.
إن ربكَ يا محمدُ يبسطُ رزقَهُ لمن يشاءُ من عبـاده، فـيوسِّعُ علـيه.. (الطبري).

31- ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ﴾.
وذلك أن أهلَ الجاهليةِ كانوا يئدون بناتهم خشيةَ الفاقة، فنهوا عنه، وأُخبِروا أن رزقَهم ورزقَ أولادهم على الله تعالى. (البغوي).

33- ﴿ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا ﴾.
بغيرِ حقٍّ يوجبُ قتلَهُ أو يُبيحهُ للقاتل. (روح المعاني).

35- ﴿ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾.
﴿ ٱلْمُسْتَقِيمِ ﴾ أي: الذي لا اعوجاجَ فيه، ولا انحرافَ ولا اضطراب، ﴿ ذٰلِكَ خَيْرٌ ﴾ أي: لكم في معاشِكم ومعادِكم. (ابن كثير).

38- ﴿ كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا ﴾.
كلُّ هذا الذي ذكرنا لكَ من الأمورِ التي عددناها عليكَ كان سيِّئهُ مكروهاً عند ربِّكَ يا محمد، يكرههُ وينهَى عنه ولا يرضاه، فـاتَّقِ مواقعتَهُ والعملَ به. (الطبري).

39- ﴿ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا ﴾.
ولا تجعلْ مع اللهِ شريكًا في عبادتِكَ فتُلقَى في جهنَّمَ ﴿ مَلُومًا ﴾ تلومُكَ نفسُكَ وعارفوك من الناس. (الطبري).


43- ﴿ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا ﴾.
﴿ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ ﴾ أي: هؤلاءِ المشركون المعتدون الظالمون في زعمِهم أنَّ معه آلهةً أخرى. ﴿ عُلُوًّا كَبِيرًا ﴾ أي: تعاليًا كبيرًا، بل هو اللهُ الأحدُ الصمد، الذي لم يلدْ ولم يولَد، ولم يكنْ له كُفُوًا أحد. (ابن كثير).

47- ﴿ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى ﴾.
﴿ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ ﴾ وأنتَ تقرأ القرآنَ ﴿ وَإِذْ هُمْ نَجْوَىٰ ﴾: يتناجون في أمرِكَ. وقيل: ذوو نجوى، فبعضهم يقول: هذا مجنون، وبعضهم يقول: كاهن، وبعضهم يقول: ساحر، وبعضهم يقول: شاعر. (البغوي).

54- ﴿ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ ﴾.
بأنْ يخذلَكم عن الإيمان، فتـموتوا علـى شركِكم، فـيعذِّبكم يومَ القـيامةِ بكفركم به. (الطبري).

55- ﴿ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾.
وربُّكَ يا محمدُ أعلم بمن في السماواتِ والأرضِ وما يُصلحهم، فإنه هو خالقُهم ورازقُهم ومدبِّرهم، وهو أعلمُ بمن هو أهلٌ للتوبةِ والرحمة، ومن هو أهلٌ للعذاب، أهدي للحقِّ من سبقَ له مني الرحمةُ والسعادة، وأُضلُّ من سبقَ له مني الشقاءُ والـخذلان. (الطبري).

57- ﴿ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ﴾.
لا تتمُّ العبادةُ إلا بالخوفِ والرجاء، فبالخوفِ ينكفُّ عن المناهي، وبالرجاءِ يكثرُ من الطاعات.
وقولهُ تعالى: ﴿ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ﴾ أي: ينبغي أن يُحذَرَ منه، ويُخافَ من وقوعهِ وحصوله، عياذاً بالله منه. (ابن كثير).

61- ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ ﴾.
واذكُرْ إذ قُلنا للملائكةِ اسجُدوا لآدمَ سجدةَ تكريمٍ لا سجدةَ عبادة، بعدَ أنْ سوَّينا خَلقَهُ ونفخنا فيه مِن روحِنا. (الواضح).

63- ﴿ قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا ﴾.
فمن تبعكَ منهم، يعني من ذرِّية آدمَ عليه السلام، فأطاعك، فإن جهنمَ جزاؤك وجزاؤهم، يقول: ثوابُكَ على دعائكَ إياهم على معصيتي، وثوابُهم على اتِّباعِهم إياكَ وخلافُهم أمري. (الطبري).

66- ﴿ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾.
أي: إنما فعلَ هذا بكم مِن فضلهِ عليكم، ورحمتهِ بكم. (ابن كثير).

68- ﴿ أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا ﴾.
أي: ناصراً يردُّ ذلك عنكم وينقذُكم منه. (ابن كثير).

69- ﴿ أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى ﴾.
أم أمنتُم أيها القومُ من ربِّكم - وقد كفرتُم به بعد إنعامهِ عليكم النعمةَ التي قد علمتُم - أن يعيدَكم في البحر... (الطبري).

73- ﴿ وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا ﴾.
أي: وَالَوْكَ وصافَوْكَ. (البغوي).

74- ﴿ وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا ﴾.
أي: لولا تثبيتُنا إياكَ على ما أنت عليه من الحقِّ بعصمتِنا لك. (روح المعاني).

75- ﴿ إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا ﴾.
أي: ناصراً يمنعُكَ من عذابِنا. (البغوي).
وقد عصمَ اللهُ رسولَهُ الكريمَ منْ فتنةِ المشركينَ والركونِ إليهم. وهذا درسٌ كبيرٌ للمُسلمينَ بعدمِ التنازلِ لهم عن شيءٍ من أحكامِ دينِهم للكافرين، فهو نظامٌ متكاملٌ لا يَصلُحُ التَّفريطُ بجزءٍ منه. وفرقٌ بينَ العزَّةِ بالإسلامِ والفخرِ به، وبينَ التَّنازلِ عنهُ أو عن بعضِه. (الواضح في التفسير).

77- ﴿ سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا ﴾.
ولا تجدُ لطريقتِنا تبديلاً أو تغييرًا. (الواضح في التفسير).

81- ﴿ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ﴾.
﴿ إِنَّ ٱلْبَـٰطِلَ ﴾ كائناً ما كان، ﴿ كَانَ زَهُوقًا ﴾: مضمحلًّا، غيرَ ثابت، الآنَ أو فيما بعد، أو مطلقاً؛ لكونهِ كأنْ لم يكن. (روح المعاني).

82- ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ﴾.
ويبصرُ به من العمَى للمؤمنين، ورحمةٌ لهم دون الكافرين به، لأن المؤمنـين يعملون بما فـيه من فرائضِ الله، ويحلُّون حلاله، ويحرِّمون حرامه، فيُدخلهم بذلك الجنة، ويُنـجيهم من عذابه، فهو لهم رحمةٌ ونعمةٌ من الله، أنعمَ بها علـيهم، ﴿ وَلا يَزِيدُ الظَّالِـمِينَ إلاَّ خَساراً ﴾ يقول: ولا يزيدُ هذا الذي ننزِّلُ علـيكَ من القرآنِ الكافرين به ﴿ إِلَّا خَسَارًا ﴾. (الطبري).

84- ﴿ قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا ﴾.
﴿ فَرَبُّكُمْ ﴾ الذي برَأكم متخالفين ﴿ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَىٰ سَبِيلاً ﴾: أسدُّ طريقاً وأبينُ منهاجاً. (روح المعاني).

91- ﴿ أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا ﴾.
تشقيقاً. (البغوي).
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 402.98 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 397.09 كيلو بايت... تم توفير 5.89 كيلو بايت...بمعدل (1.46%)]