الجوهر النفيس شرح مصطلح الحديث - الصفحة 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         التذكّر... في لحظة الغفلة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          لماذا نرغب بما مُنعنا عنه؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          عشرة أشفية للحزن في القرآن العظيم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          العمل الصالح .. صاحبك الذي لا يخذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          عزلة مؤقتة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          خواطر بلا صخب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          الممحاة الروحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          حين تُرِبِّت الآيات على القلوب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          العنوان : أفرأيتم الماء الذي تشربون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          رحلتي مع الكمبيوتر من صخر إلى الذكاء الصناعي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 14-02-2020, 03:23 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,434
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الجوهر النفيس شرح مصطلح الحديث


الجوهر النفيس شرح مصطلح الحديث (8)
د. عيد نعيمي آل فيصل






إن الحمدَ لله نحمدُه، ونستعينه، ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا ومن سيِّئات أعمالِنا، مَن يهدِه الله فهو المهتدي، ومَن يُضلِل فلن تجدَ له وليًّا مرشدًا، وصلَّى الله وسلَّم وبارَك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبِه.

ثم أمَّا بعدُ:
فنتكلَّم اليوم -بإذن الله تعالى- عن أقسامِ الحديث المردودِ، وينقسم إلى قسمين:
1- سقْط في السند.

2- وطعْن في الراوي.

سنبدأُ في هذه المحاضرة -إن شاء الله- بالسقط في السند، ونأخذ منه فقط السقطَ الظاهرَ، وهو: معلَّق، ومُعضَل، ومُنقطِع، ومُرسَل.

أولاً: السقط في السند:
أ- السقط الظاهر: هو كاسمه، فهو سقطٌ ظاهرٌ يُدْرِكه الأئمةُ الحُفَّاظ الحاذِقون، كما يدركه غيرُهم ممن له أدنى درايةٍ بعلم مصطلح الحديث.

بمَ يُدرَك السقط الظاهر؟
يُدْرَك السقطُ الظاهرُ بأمرَين:
الأمر الأول: عدمُ التلاقِي بين الراوِي والشيخ؛ أي: إن هذا الراوي لم يَلْقَ الشيخ أصلاً، وعدمُ التلاقِي أو عدمُ الإدراك ينقسِم إلى قسمين:
1- عدمُ إدراك عصر الشيخ أصلاً.

مثال: لو قلتُ: عن الشيخ محمد بن عبدالوهاب، فإما أكون مدلِّسًا، أو مخطأً؛ لأنني لم أُدْرِك عصر الشيخ محمد بن عبدالوهَّاب، فهذا سقط ظاهر جَلِي.

2- إداركُ عصر الشيخ، ولكن لم يلتق مع الشيخ؛ مثال: أحدُهم أدرَك عصر الشيخ الألباني، إلا أنه لم يلتق بالشيخ الألباني، فهذا سقطٌ ظاهرٌ؛ لأنه لم يلتقِ به رغم إدراكِه لعصره.

الأمر الثاني: هو أن الشيخَ والراوي تلاقيَا، إلا أنه لم تَثْبُت لهذا الراوي روايةٌ عن هذا الشيخ.

من الأمثلة العصرية:
نحن التقينا بالشيخ "وحيد عبدالسلام بالي" في ندوة بدرٍ، فلا يصلح أن تقول: إن الشيخ "وحيد بالي" حدَّثني؛ لأنها كانت ندوةً عامَّة، فأنت التقيتَ مع الشيخ ورأيتَه، إلا أنه لم يَثْبُت عنك أنك حدَّثت عنه، فهو لم يَسُقْ لك سندًا كما يفعل الشيخ في إعطاءِ سَنَدٍ في الكتب الستة لبعض الطلبة، فيستطيعون أن يقولوا: حدَّثني الشيخ "وحيد" عن فلان عن فلان، حتى يصل لصاحب الكتاب، ولكن هذا لم يحدث معنا في الندوة العامة، فقد ثبَت لنا اللقاءُ، إلا أنه لم يثبت لنا الرواية.

تعقيبًا على الكلام السابق:
لذلك كان لا بدَّ من معرفة تاريخ الوَفَيات والمواليد، ورحلة الطلبة والشيوخ بالتواريخ.

وكما قال العلماء: كثيرٌ من الرواة ادَّعوا لأنفسهم الروايةَ عن الشيوخ، ففَضَحتهم التواريخ؛ لذلك نبَّهنا على حفظِ أسماءِ العلماء، وتاريخ الوفاة؛ لكي تتعرَّف على السقط الظاهر.

وطالبُ علمِ الحديث لا يكون طالبًا لعلم الحديث، إلا إذا كان العلمُ في ذهنِه ليس عبر الكمبيوتر، فإذا سألت أحدَهم عن مسألةٍ، فيقول: انتظر سآتي بها من الكمبيوتر، فهذا لا يُعَدُّ طالبًا لعلم الحديث، بل أنت هنا مستخدِمٌ جيِّد للكمبيوتر.

فطالب علم الحديث لا بدَّ أن يكون له باعٌ وقَدرٌ معين في حفظ أسماء الرواة، وتاريخ الوفَيات، والمواليد، وأقوال أهل العلم فيهم جرْحًا وتعديلاً.

قد يقول بعضُهم: إن هذا يتعارض مع ما ذكرنا من حفظِ الكتاب أن الراوي ينقل من كتبه.

نقول: إنه أَولَى أن يكون ضبطُه ضبطَ صدرٍ، وضبطَ كتابٍ معًا، بحيث إذا ضاعت الكتب أو احترقت، كما حدث لابن لَهِيعة، احتَرَقت كتبه، فاختلط، فأصبح ضعيفَ الحديث بعد أن كان صحيح الحديث، وإن كان في مسألة ضعفِه من عدمِه -قبل الاحتراق وبعد الاحتراق- خلافٌ، ولكنَّ كثيرًا من أهل العلم قالوا: إنه ضعيف بعد احتراق كتبه، فلو كان حفظُه حفظَ صدرٍ، ما اختلط بعد احتراق الكتب.

أقسام السقط الظاهر:
1- مُعلَّق.
2- مُعضَل.
3- مُنقطِع.
4- مُرسل.

أولاً: المُعلَّق:
تعريف المعلَّق اصطلاحًا:
هو ما حُذِف من مبتدأ إسنادِه، أو من مبدأ إسناده راوٍ، أو راويان، أو ثلاثة على التوالي، أو كل السند.

صور المعلَّق:
1- ما حُذِف كل إسناده، ولم يُضَف القولُ إلى قائلِه:
مثال: قول البخاري: "كانت أمُّ الدرداءِ تَجلِس جلسة الرجل في الصلاة، وكانت فقيهةً"، فمَن الذي قال هذا الكلام؟ لا نعرِف؛ فالبخاري حَذَف كلَّ الإسناد، ولم يُضِف القولَ إلى قائله.

2- أن يُحذَف كلُّ السند مع إضافة القول إلى قائله:
مثال: قول البخاري: "قال النبي -صلي الله عليه وسلم- في صاحب القبر: ((كان لا يَستَتِر من بَولِه)).

وهذا حديثُ ابن عباس، وفيه أن النبي -صلي الله عليه وسلم- مرَّ بإنسانين يعذَّبان في قبرهما، وهو حديثٌ معروفٌ في الفقه في مسألة التنَزُّه من البول، فالبخاري حذَف كلَّ السند ما عدا النبي -صلي الله عليه وسلم- وهو قائل هذا القول.

3- أن يُحذَف كلُّ السند ما عدا الصحابي وقائلَ القولِ -أو الفاعل- وهو النبي -صلي الله عليه وسلم-:
مثال: قول البخاري: "قال أنسٌ: حَصَر النبي عن فَخِذِه".

هذا قول أنس، ولكنه يضاف إلى النبي؛ لأنه فعْلُ النبي، فيعتبر النبي موجودًا أصلاً، فيكون هنا أنس والنبي -صلي الله عليه وسلم- لأن هذا حديثٌ فعلي؛ أي: فعله النبي -صلي الله عليه وسلم-.

4- أن يقوم صاحبُ الكتابِ بحذف جميع السند، عدا التابعي والصحابي وقائل القول، وهو النبي -صلي الله عليه وسلم-:
مثال: قال البخاري: "قال حُميد بن أبي حُميد الطويل، عن أنس، عن النبي -صلي الله عليه وسلم-: ((لا يَبْزُق في القِبلة، أو عن يمينه، ولكن عن يساره أو تحت قدمه)).


1- أن يقوم صاحبُ الكتاب بحذف مَن حدَّثه "شيخه"، ثم يُحِيل القولَ على مَن هو أعلى منه "شيخ شيخه".

نرجع لسند: ((إنما الأعمال بالنيات))، عندما نقول: البخاري سيُسقِط مَنْ حدَّثه، ثم يَرْوِي عن مَن أعلى منه، فماذا يقول البخاري؟ وكيف يكون وصف الحديث معلَّقًا؟
يقول البخاري: قال سفيان، فالسند:
قال البخاري: حدثنا الحُميدي، قال: حدَّثنا سفيانُ...إلخ.

سؤال: إذا قال البخاري في حديث: ((إنما الأعمال بالنيَّات)) -بدلاً من حدَّثنا الحُمَيدي-: قال الحميدي: حدَّثنا سفيانُ، هل هذا من المعلَّقات؟ أي هل حذِفَ منه رواةٌ أم لا؟
ج: لا لم يُحذَف منه رواة، ولكن قلنا هذا؛ لأننا نحفظ السند، ولكن إن كنتَ لا تحفَظ السند وقيل لك: قال البخاري: قال الحميدي: عبدالله بن الزبير، وأنت لا تحفَظ السند، فبناءً على أيِّ شيء قلتَ: إن البخاري لم يُسقِط أحدًا؟
1- أول شيء أن الحُميدي شيخُ البخاري.

2- قولُ البخاري "قال"، بمثابة قوله "عن"، بمثابة قوله "حدَّثنا"؛ لأن البخاري غير مدلِّس، بل هو أبعد الناس عن التدليس.

ونذكر حين تكلَّمنا عن أدوات التحمُّل المباشرة، وغير المباشرة، وقلنا: الأدواتُ المباشِرة لا تحتمِل إلا: الكذب، أو الخطأ، أو التأويل.

وغير المباشرة: "قال، عن، أن"، تَحتَمِل: إما أن يكون الراوي صادقًا إن كان إمامًا غيرَ مدلِّس، أو أنه يُعرِّض -يوهِم أنه سمِع، وهو لم يسمع- إذا كان مدلسًا.

مثال: عندما يقول راوٍ: قال فلان، ولم تعلَموا أنتم أنه شيخُه، فأوَّل شيء تبحثوا فيه هو:
1- أن تنظروا هل هذا الشيخ هو شيخه أم لا؟ فإن ثبت أنه شيخه.

2- تنظروا في أقوال أهل العلم في هذا القائل، هل مدلس أم لا؟


3- فإذا كان مدلسًا، فلا يقبَل حديثُه؛ حتى يصرِّح بالتحديث -أدوات التحمل المباشرة- على تفصيلٍ في هذه المسألة، سوف يأتي في مراتب المدلِّسين.

4- إن كان غير مدلِّس يُقبَل حديثُه؛ لأن "قال"، مثل "عن"، مثل "حدَّثنا"، مثل "سمعت".

فالبخاري عندما يُحدِّث عن شيخه الذي ثَبَت أنه سمِع منه بصيغة "قال"، فليس من صور المعلَّق؛ لأن قول البخاري: "قال" بمثابة قوله: "عن"، بمثابة قوله: "حدَّثنا"؛ لأن البخاري غيرُ مدلَّس، بل هو أبعدُ الناسِ عن التدليس.

لذلك نقول: ليس من صور المعلَّق ما قال فيه البخاري: "قال فلان"، وكان هذا الرجل من شيوخ البخاري؛ لأن قول البخاري: "قال" بمثابة قوله: "عن"، بمثابة قوله: "حدَّثنا"؛ لأن البخاري غير مدلِّس، بل هو أبعد الناس عن التدليس.

مثال ذلك: قول البخاري: قال هشام بن عمَّار: حدَّثنا صدقة بن خالد، حدَّثنا عبدالرحمن بن يزيد بن جابر، حدَّثنا عطية بن قيس الكلابي، حدَّثنا عبدالرحمن بن غُنْم الأشعري، حدَّثنا أبو مالك -أو أبو عامر- الأشعري، قال: "والله ما كَذَبنِي سمعُ رسول الله -صلي الله عليه وسلم- يقول: ((ليَكُونَّن من أمتي أقوامٌ يستَحِلُّون الحِرَ، والحريرَ، والخمرَ، والمعازفَ))،

الحديثُ صريحٌ في تحريمِ المعازِف، فقول النبي -صلي الله عليه وسلم-: ((ليَكُوننَّ من أمتي أقوامٌ يَستَحِلُّون))، فكلمة ((يَستَحِلُّون))؛ تعني: أنها محرَّمة.

فلا التفاتَ إلى زعم أبي محمد ابن حزم الظاهري -رحمه الله- أن الحديث منقطِعٌ فيما بين البخاري وهشام، وجعل حُكمه بانقطاعه جوابًا عن الاحتجاج به على تحريم المعازف:
وأخطأ -رحمه الله- في ذلك من وجوه:
1- أن البخاري لَقِي هشام ابن عمار وسمِع منه، فإذا قال: "قال هشام"، فهي بمثابة قوله: "عن"، بمثابة قوله: "حدَّثنا"؛ لأن البخاري غيرُ مدلِّس، بل هو أبعد الناس عن التدليس.

2- أنه أدخله في صحيحه محتَجًّا به، فالبخاري لم يُدخِل الحديث استئناسًا، بل جعله في معرِض الاحتجاج، فالبخاري يقول لك: المعازِف حرامٌ، والدليل كذا، فهو أدخله في صحيحه محتجًّا به، فبالتالي هو صحيحٌ عنده، والبخاري يُقدَّم على غيره في هذا الباب، فهو أمير المؤمنين في الحديث بلا منازِعٍ.

3- على فرضِ أن الحديث معلَّق، فقد علَّقه البخاري بصيغة الجَزْم.

4- لو أضربنا عن ذلك كلِّه، فقد صحَّ الحديث موصولاً عند غير البخاري، فعند الترمذي، وابن ماجه، وأبي داود: الحديث جاء موصولاً، وجاء مسندًا، والرواة ثقاتٌ، وخالٍ من العلل، والشذوذ؛ فبهذا المسألة انتهت.

حكم الحديث المعلَّق: الحديث المعلَّق حديثٌ ضعيفٌ، لماذا؟
ج: لأنه فقَد شرطًا من شروط الصحة، ألا وهو اتصال السند.

حكم المعلَّقات في البخاري:
أولاًَ: ما كان معلَّقًا في مكان، وأتى مسندًا في مكان آخر في نفس كتاب صحيح البخاري:
فهذا ليس فيه مشكلة، وإنما علَّقه البخاري اختصارًا؛ حتى لا يطولَ الكتاب، فكتاب البخاري يَمِيل إلى الفقه أكثر، والصناعة الحديثية في مسلمٍ أعلى من البخاري، إلا أن كتاب البخاري أكثر صحةً، وأكثر فِقهًا، ولهذا قال السيوطي في ألفيته:


أولُ جامع الحديث والأثَرْ
ابنُ شهابٍ آمِرًا له عُمرْ
وأولُ الجامع للأبواب
جماعةٌ في العصر ذُو اقترابِ
كابن جُريجٍ وهُشيمٍ مَالكِ
ومَعمرٍ ووَلَد المُباركِ
وأولُ الجامع باقتصار
على الصحيح فقَط البخاري
ومسلم من بعده والأولُ
على الصواب في الصحيح أفضلُ
ومَن يُفضِّل مُسلمًا فإنَّما
تَرتيبَه وصُنعَه قد أَحْكَما
وليس في الكُتْب أصَحُّ منهما
بعد القُرَان ولهذا قُدِّما



فكان البخاري يستخدِم الحديثَ في أكثر من خمسةِ أو ستةِ أو سبعةِ أبوابٍ، فكان البخاري يستخدِم بعض الشواهد من الأحاديث، ويقول مثلاً، قال النبي: كذا، وكلمة "قال النبي" هذه تعليقٌ، ولكنه في أول مكان ذكر فيه الحديث أتى بسنده كاملاً، فهذا لا ليس تعليقًا، وإن سمَّيناه تعليقًا؛ لأنه علَّقه من باب الاختصار؛ حتى لا تتكرَّر الأسانيد، ويكبر حجم الكتاب - وكانت الكتب قديمًا تكتب بالمحبرة؛ أي: كبيرة الحجم - ويحمِلوه معهم في الأسفار.

ثانيًا: ما أتى معلَّقًا فقط:
تقريبًا عدة الأحاديث المعلَّقة في كتاب البخاري كما عدَّها الحافظ ابن حجرٍ تقريبًا "159" حديثًا، فهذه المعلَّقات هي التي لم تَرِدْ مسنَدَة في الكتاب نفسه، فما حكم هذه الأحاديث؟
تنقسم إلى قسمين:
1- ما علَّقه البخاري بصيغة الجزم:
كقوله: "قال، حكى، روى، ذكر، عن، أن"، فقد ضَمِن لنا البخاري مَن أسقطهم من الرواة، ثم يبقى النظر فيمَن أُبرِز من الرواة في السند، فمنهم مَن يكون على شرطه، ومنهم مَن ليس على شرطه.

أما ما كان على شرطه، فلا غُبارَ عليه، وأما ما لا يلتحق بشرطه، فقد يكون صحيحًا على شرط غيره، وقد يكون حسنًا صالحًا للحجة، وقد يكون ضعيفًا لا من جهة قدحٍ في رجالِه، بل من جهة انقطاعٍ يسيرٍ في إسنادِه.

2- ما علَّقه البخاري بصيغة التمريض:
اعكسِ الكلامَ السابقَ، واجعله مبنيًّا للمجهول؛ كقوله: حُكِي، رُوِي، ذُكِر، قِيل، يُذْكَر، يُرْوَى، وأي شيء للمجهول، فهذه الصيغة لم يضمَن لنا البخاري مَن أَسقَطهم، ولا مَن أبرزهم، وهذه الصيغة لا يُستَفاد منها الصحة ولا الضَّعف؛ ففيها: ما هو صحيحٌ على شرط الصحيح، وفيها ما هو صحيحٌ ليس على شرطه، وفيها ما هو حسنٌ، وفيها ما هو ضعيفٌ.

قال ابن الصلاح: "ومع ذلك، فإيراده له في أثناء الصحيح مُشعِرٌ بصحَّة أصله إشعارًا يؤنَس به، ويُرْكَن إليه".

وقال الحافظ ابن حجر: "الضعيف الذي لا عاضِدَ له في الكتاب، قليلٌ جدًّا، وحيث وجد ذلك تعقَّبه المصنِّف بالتضعيف، ومثال ذلك: قال البخاري: ويُذكَر عن أبي هريرة رفعه: لا يتطوَّع الإمام في مكانه، ولا يصح"<img alt="">.

سؤال: هل في البخاري أحاديث ضعيفة؟
ج: لا، البخاري ليس به أحاديث ضعيفة على الإجمال، وعلى التفصيل هناك بعضُ الأحاديثِ المنتقَدة من الدارقطني، وصحَّ للدارقطني هذا الانتقاد، وهى أحاديث قليلة جدًّا، وصحَّت عند غير البخاري، والانتقادات غالبها في الأسانيد، أما المتون كلها صحيحة.

قال الناظم:
وليس في الكُتْب أصَحُّ منهما
بعد القُرَانِ ولهذا قُدِّما


س:هل المعلَّقات متَّصِلة السند؟
ج: والمعلَّقات غير متَّصِلة السند، إذًا المعلَّقات ليست من صحيح البخاري؛ لأن كتاب البخاري اسمه "الجامع الصحيح المُسنَد المختَصر من حديث رسول الله -صلي الله عليه وسلم- وسنَنه وأيامه"، والمعلَّقات غير مسنَدة، وإنما ذَكَرها البخاري: إمَّا في الأبواب، فكان يريد أن يستخدم الحديث حتى وإن كان ضعيفًا؛ حتى لا يبوِّب من عنده؛ مثلاً: يقول: باب الأعمال بالنيات، بدلاً من أن يَصيغ صياغةً بأسلوبه، فيستخدم الأحاديث المعلَّّقة كتبويب، وهذا أدبٌ، وكأنه يريد أن يقول لك: هذا الكتاب ما فيه كلمة من عندي، كل ما فيه آثار وأحاديث.

وكذلك كتاب صحيح البخاري ليس له مقدِّمة، فبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم، حدثنا الحميدي عبدالله بن الزبير... إلخ، حديث إنما الأعمال بالنيات، فهذه هى خطبة الكتاب، فلم يأتِ بكلمة خارج الأحاديث والآثار، ولم يُرِدْ أن يقدِّم قولاً على قول النبي -صلي الله عليه وسلم- وهذا من أدبه ووَرعه -رحمه الله- تعالى - فما بال أقوام يقدِّمون أقوالَهم وآراءهم على قول النبي -صلي الله عليه وسلم- وحُكمِه؟! وما بال أقوام يقدِّمون أقوال علمائهم على قول النبي -صلي الله عليه وسلم- – وحُكمِه؟! اللهم إننا نَبرَؤ إليك من التعصُّب.

<img alt=""> لم يصحِّحه البخاري؛ لضَعف إسناده واضطرابه؛ فقد تفرَّد به ليث بن أبي سُليم، وهو ضعيف.







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 14-02-2020, 03:26 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,434
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الجوهر النفيس شرح مصطلح الحديث


الجوهر النفيس شرح مصطلح الحديث (9)
د. عيد نعيمي آل فيصل




إن الحمد لله نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يَهدِه الله فهو المُهتدي، ومَن يُضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وصلى الله وسلَّم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه.

ثم أمَّا بعدُ:
هذه النقطة مهمَّة، وتلحق بالمحاضرة السابقة؛ حتى لا يتجرَّأ أحدٌ على نقدِ أحاديث في البخاري أو مسلم؛ قال الحافظ الذهبي في حديث ((من عادى لي وليًّا، فقد آذَنتُه بالحرب))، فالحديث عند الحافظ الذهبي فيه نوعٌ من أنواع الضعف، فقال الحافظ الذهبي: "والله، لولا جلالةُ الصحيح، لتكلَّمت فيه"، انظر إلى الأدب لولا أن البخاري أدخل هذا الحديث في صحيحه، لقال الحافظ: إن هذا الحديث فيه ضعْفٌ، ولكن حتى وإن كان فيه ضعف، وإن كان ضعفًا يسيرًا، فمجرد تلقِّي الأمة بالقبول لهذا الكتاب، فيدلُّ على أن أغلب أو كل أحاديثه - إن شاء الله صحيحة وخاصة المتون - ومع ذلك فقد يَعتَرِي الأسانيدَ بعضُ الضَّعف، فلا يصح لك كطالب علم أن تقول: إن البخاري فيه أحاديث ضعيفة؛ لأن المعلَّقات ليست من صحيح البخاري؛ حيث إن اسم كتاب البخاري كاملاً: "الجامع الصحيح المسنَد المختَصر من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسُننه وأيامه"، والمعلَّقات ليست مسنَدة، ومع ذلك فأغلبُها صحيحة؛ لأن البخاري أدخلها في صحيحه، ولجلالة هذا الإمام الكبير - رحمه الله - كما أن الحافظ ابن حجر تتبَّع الأسانيد المعلَّقة وأكملها، وسمَّى كتابه "تغليق التعليق".

نُكمِل كلامَنا على باقي أنواع السقط الظاهر، وسنتكلم عن المُعضَل، ثم المنقَطِع، ثم المُرسَل.
ثانيا: المُعضَل:
تعريف الحديث المُعضل: هو ما سَقَط منه راويان أو أكثر على التوالي في أي موضع من مواضع السند.

وعليه فقد يتَّفق المعضَل مع المعلَّق ومع المرسل في بعض الصور:
1- إذا سَقَط من أول السند راويان فأكثر، فهذا معلَّق ومعضَل، والأفضل أن أقول: معلَّق.

2- إذا سَقَط من آخر السند راويان فأكثر، فهذا مرسَل ومعضَل، والأفضل أن أقول مرسَل.

سؤال للتوضيح: اجعل سندَ حديثِ ((إنما الأعمال بالنيات)) معضلاً:
ج: قال البخاري حدثنا الحميدي - ونُسقِط اثنين أو ثلاثة على الترتيب، فمثلاً: بسقط راويين، هما: "سفيان، ويحيى بن سعيد الأنصاري" - ثم الحميدي يقول: عن محمد بن إبراهيم التَّيْمي.

سندٌ لحديث معضل فعلاً - للحفظ -:
روى الإمام مالك في موطَّئه، قال: بَلَغنا عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((للمملوك طعامُه وكِسوَته بالمعروف، ولا يُكلَّف من العمل إلا ما يُطيق))، هذا الحديث بمجرَّد أن تنظر إلى السند تعرِف أن السند فيه انقطاع؛ لأن الإمام مالكًا لم يُدرِك أبا هريرة، فكم راوٍ سقط من هذا الحديث؟
سقط راويان "محمد بن عجلان وأبوه"، ومن أين عرَفنا هذا الكلام؟ من رواية الحاكم، فالحاكم أبو عبدالله - الحاكم النيسابوري توفي سنة 405 - رَوَى عن مالكٍ، قال: عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((للمملوك طعامُه وكِسوَته بالمعروف، ولا يُكلَّف من العمل إلا ما يُطيق)).

إذًا عَلِمنا أن الإمام مالكًا عندما أسقط الحديث أو جعله بلاغًا، أسقط راويَين، هما: محمد بن عجلان وأبوه، ولهذا سُمِّي هذا الحديث حديثًا معضلاً.

حكم الحديث المعضَل:
أشدُّ ضَعفًا من المعلَّق إذا كان التعليق براوٍ واحدٍ فقط.

فانتبه؛ فالتعليق يُمكِن أن يكون أكثر من راوٍ، بل يُمكِن يكون بالسند كلِّه، فإذا كان التعليق براوٍ واحد فقط، فيكون المعضَل أشدَّ منه ضَعفًا.

فحسب مَنْ سقط من السند تستطيع الحكم على الحديث، هل هو أشدُّ ضعفًا، أو أقلُّ ضعفًا؟

وكلما كان الساقط من جهة صاحب الكتاب، كان الضعف أشدَّ، لماذا؟ لخيريَّة القرون الأولى، فكلما تأخَّر الزمان، فالعدالة تَقِلُّ، والحفظ يَقِلُّ.

حكم المعضل: حديثٌ ضعيفٌ، لماذا ضعيف؟
لأنه سَقَط منه راويان أو أكثر، وبالتالي عدالة هؤلاء الرواة غيرُ معلومةٍ لدينا، فيكون مجهولاً؛ لذلك حُكم عليه بالضعف.

ثالثًا: المنقطع:
للعلماء في المنقطع آراء:
1- بعضهم جَعَل المنقطِع عامًّا، بمعنى أن كل انقطاع في السند يسمَّى منقطعًا، فبالتالي: المعلَّق، والمعضَل، والمرسَل، والمدلَّس، والمرسَل الخفي، وكل أنواع السقط في السند يُطلَق عليها منقطِع.

2- وبعض العلماء - كنوع من التدقيق - أرادوا أن يعرِّفوا المنقطع تعريفًا خاصًّا، وهو:
المنقطع هو: ما سَقَط منه راوٍ واحدٌ فقط أثناء السند، ولو تعدَّدت الأماكن.

نَرجِع لسند ((إنما الأعمال بالنيات))، نجعله منقطعًا، نقولُ: قال البخاري: حدَّثنا الحميدي عن يحيي بن سعيد الأنصاري، نُسقِط سفيان.

ولو تعدَّدت الأماكن، قال البخاري: حدَّثنا الحميدي - نُسقِط سفيان - عن يحيى بن سعيد الأنصاري - نُسقِط محمد بن إبراهيم التيمي - عن عَلْقَمة بن وقَّاص الليثي، عن عمر بن الخطاب؛ فهذا منقطِع.

مثال للحفظ:
عن عبدالجبَّار بن وائل بن حُجر، عن أبيه، قال "استُكرِهت امرأةٌ على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فَدَرأ عنها الحدَّ، وأقامه على الذي أصابها، ولم يُذكَر أنه جعل لها مهرًا"، هذا حديثٌ ضعيفٌ؛ لأنه منقطِع؛ لأن عبدالجبَّار بن وائل بن حُجر لم يسمَع من أبيه، فقد وُلِد بعد موت أبيه بستة أشهر، فعبدالجبَّار لا شكَّ أنه سمِع الحديث من واسطة؛ لأنه لم يُدرِك أباه، فلا شكَّ أن هذا حديثٌ منقطِعٌ.

المنقطِع الذي فيه انقطاع براوٍ واحد فقط أقل ضعفًا من المعضَل، أمَّا إذا تعدَّدت الأماكن، اشتدَّ الضَّعف.

إذا جاءك طالبُ علمٍ، يقول لك: هذا حديثٌ منقطِعٌ، وكان الساقط منه راويان على التوالي، فلا تقل: أخطأ؛ لأنه حديثٌ معضَلٌ، لا؛ فالمعضَل يسمَّى منقطعًا أيضًا، فقوله: منقطع، صحيحٌ، وقولُك: معضَلٌ، صحيحٌ، وإنما أنت كنت أكثر منه دقَّة في التعبير بالضعف، فالحديث ضعيف - سواء بقولك، أو قوله - فلا تشنِّع على أخيك؛ لأن له سلفًا في ذلك.

حكم المنقطع:
المنقطع حديثٌ ضعيفٌ.
ولكنه أقلُّ ضعفًا إذا كان براوٍ واحد فقط، وهو من أنواع الضعف المنجَبِر الذي يرتقي للحسن لغيره بتعدُّد الطرق.

أنواع الضعف المُنجبر:
1- بعض أنواع التدليس.
2- الانقطاع.
3- سوء الحفظ.
4- جهالة الحال.

رابعًا: المرسَل:
للحديث المرسَل تعاريفُ: منها ما هو خطأ، ومنها ما هو ناقص، ومنها ما هو صواب.

أمَّا التعريف الأول، وهو الخطأ، فهو قولُ بعضِهم: إن المرسَل هو ما سقط منه الصحابي، وهذا تعريف البيقوني في المنظومة البيقونية؛ حيث قال:
ومُرسلٌ مِنه الصحابِي سَقَطْ

وهذا التعريف خطأ؛ لأنه: لو كان الساقط الصحابي فقط، لكان الحديث صحيحًا؛ إذ إن الصحابة كلهم عُدولٌ.

وأما التعريف الثاني - وهو الناقص - هو قول بعضهم: إن المرسل هو ما قال فيه التابعي: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم.

وهذا التعريف ناقص؛ لأن قول التابعي: قال رسول الله، تكلَّم على السنة القولية فقط، وأهمل الفعلية، والتقريرية، والوصفية، وهذا ناقص.

والتعريف الصواب أن المرسَل هو:
ما أضافه التابعي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من قول، أو فعل، أو تقرير، أو صفة.

وتعديلٌ للتعريف الناقص، فالمرسل هو: ما قال فيه التابعي: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو فُعِل أمام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو قيل: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان كذا وكذا.

حُكم المرسل:
1- بعض الفقهاء يقبلون المرسَل.

2- المحدِّثون يردُّون المرسَل؛ مثل: قول الإمام مسلم في مقدِّمة صحيحه، حيث قال: "والمرسَل في أصل قولنا وقول أهل العلم بالأخبار، ليس بحجَّة، ونقل عبدالرحمن بن أبي حاتم الرازي عن أبيه وعن أبي زرعة الرازي، أنهما قالا: المرسَل ليس بحجَّة، وإنما الحجة في الأحاديث الصحيحة المسنَدة.

3- الشافعي توسَّط بين القولين، قال: لا نَرُدُّ المرسَل مطلقًا، ولا نقبَله مطلقًا، بل نقبَل المرسل بشروط، وهي: اشترط الشافعي لقَبول الحديث المرسَل ثلاثةَ شروطٍ في المُرسِل - أي الراوي - ويعضدهم شرطٌ رابعٌ في الحديث المرسَل:
الشروط التي لابدَّ أن تتحقَّق في المُرسِل - أي الراوي - وهو التابعي حتى أقبلَ حديثه المرسَل:
1- أن يكون المرسِل من كبار التابعين؛ قال الشافعي: لابدَّ أن يكون التابعي تابعيًّا كبيرًا؛ لأن أغلب روايتِه تكون عن الصحابة، فهذا شرط له وجاهتة؛ لأن التابعي الصغير تكون أغلب روايته عن التابعين.

2- إذا سمَّى المُرسِل راويًا في السند، لم يُسمِّ مجهولاً، ولا شخصًا مرغوبًا في الرواية عنه.

3- أن يكون المرسِل إذا شارك أحدًا من الحفَّاظ في سند أو حديث، لم يخالفهم؛ أي: لم يدمِن مخالفة الأئمة.

4- أن يكون للحديث المرسَل شاهدٌ، والشاهد هذا هو:
أن يكون الحفَّاظ المأمونون قد رووا معناه مسندًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم.

أن يوافَقه مرسَل غيره.

أن يوافَقه قولٌ لبعض الصحابة.

أن يُفتِي بمثله أكثرُ أهل العلم.

فعند الشافعي: إذا اجتمعت الشروط الثلاثة الأُوَل مع أي شرط من الشروط الأربعة الخاصة بأن يكون للحديث المرسَل شاهد، يرتقِي الحديث المرسَل إلى الحسن لغيره.

سؤال: لماذا المرسل ضعيف عند المحدِّثين؟
الإجابة: لأنه يُحتَمل أن يكون سَقَط مع الصحابي تابعيٌّ آخر أو أكثر، ونتيجة للجهالة بحال التابعي ضُعِّف الحديث، فضعف الحديث المرسل ليس لسقط الصحابي، ولكن لاحتمال أن يكون سقط تابعيٌّ آخر مع الصحابي؛ فضُعِّف لهذا الاحتمال.

الحديث المرسَل أقلُّ الأحاديث ضعفًا، حتى إن بعض الفقهاء يقبَل الأحاديث المرسلة؛ لأنه يقول: إن الغالب أن الساقط هو الصحابي، حتى وإن كان الساقط معه تابعيًّا؛ فأغلب التابعين ثقاتٌ، فتقبل الأحاديث المرسَلة من أجل ذلك.

ولكنَّ المحدِّثين أطبقوا على ضَعف الحديث المرسل، وهذا نقله الإمام مسلم في مقدِّمة صحيحه؛ حيث قال: والمرسَل في أصل قولنا وقول أهل العلم بالأخبار، ليس بحجة، ونقل عبدالرحمن بن أبي حاتم الرازي عن أبيه وعن أبي زُرْعة الرازي أنهما قالا: المرسَل ليس بحجة، وإنما الحجة في الأحاديث الصحيحة المسنَدة.

مرسَل الصحابي:
هي الأشياء التي أخبر الصحابي بها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قولاً، أو فعلاً، أو تقريرًا، أو وصفًا، ولم يُدرِكها؛ إمَّا لأنه لم يكن موجودًا أثناء الواقعة؛ لصِغَر سنِّه، أو لانشغاله، فهذا أيضًا مرسَل؛ لأن الصحابي لا شكَّ أنه حدَّث به نقلاً عن واسطة؛ لأنه لم يُدرِك الواقعة.

مثل: حديث بَدْءِ الوحي الذي ذَكَرته السيدة عائشة، فالسيدة عائشة - رضي الله عنها - أثناء بدء الوحي لم تكن موجودةً، فعندما تذكر، وتقول: "إن أول ما ابتدئ به النبي - صلى الله عليه وسلم - من الوحي الرؤية الصالحة...إلخ"، فهذا القول مرسَل، ولكن هذا يسمَّى: مرسَل الصحابي.


وأجمع أهل العلم على قَبول مرسَل الصحابي؛ لأن رواية الصحابي في غالبها عن صحابي آخر، فالصحابة كلُّهم عُدولٌ، حتى الصحابة الذين كانت سنُّهم صغيرة عند موت النبي - صلى الله عليه وسلم.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 14-02-2020, 03:29 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,434
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الجوهر النفيس شرح مصطلح الحديث

الجوهر النفيس شرح مصطلح الحديث (10)
د. عيد نعيمي آل فيصل



السقط الخفي



تعريفه:
هو ما يَخفَى على كثيرٍ ممن يشتغل بهذا العلم، بل لا يُدرِكه إلا الأئمة الحذَّاق المطَّلِعون على طرق الحديث وعِلَل الأسانيد؛ نظرًا لخفائه وغموضه، فهو بحاجة إلى تعب وعناءٍ أكثر من سابقه - السقط الجَلي.

وهذا النوع من السقط تحته قسمان:
القسم الأول: المدلَّس.
القسم الثاني: المرسَل الخَفِي

وإليك الكلام على هذين القسمين:
أولاً: المدلَّس:
تعريفه:
لغةً: اسم مفعول مشتق من الدَّلَس - بفتحتين - وهو الظلمة، والدَّلَس: اختلاطُ الظلامِ، ومنه قولهم: أتانا دَلَس الظلام، وخرج في الدَّلَس والغَلَس، والتدليس: كتمانُ عيب السلعة عن المشتري، كالمخادعة.

واصطلاحًا: هو ما أُخفِي عيبُه على وجهٍ يُوهِم أنه لا عيبَ فيه، وسمِّي بهذا الاسم؛ لأن الراوي لما أخفى على الواقف على الحديث وجهُ الصواب، كأنه أظلمَ أمره وغطَّاه، كما تخفَى الأشياء على البصر من الظلمة.

أقسام التدليس:
1- تدليس الإسناد.
2- تدليس التَّسوِية.
3- تدليس القطع.
4- تدليس العطف.
5- تدليس الشيوخ.
6- تدليس البلدان.

1- تدليس الإسناد:
تعريفُه:
هو أن يروي الراوي عن شيخه الذي سمِع منه - قبل ذلك - ما لم يَسمعْه منه؛ أي: هذا الحديث محل البحث، موهمًا أنه سمِعه منه باستخدام أداةٍ من أدوات التحمُّل غير المباشرة، مثل: عن فلان، أو قال فلان، أو أن فلانًا، ولتحرير معنى التدليس، لا بدَّ من معرفة حال الراوي عمَّن يُروى عنه، وهى لا تخلو من أربع صور:
1- السماع.
2- اللقاء.
3- المعاصَرة.
4- عدم المعاصَرة.

فإذا روى الراوي عمن سمع منه - شيخه - ما لم يَسمعْه منه بصيغة موهِمة، فهذا تدليس باتفاق.

وإذا روى عمن لَقِيه - ولم يسمع منه[1] - ما لم يسمعه، أو عمَّن عاصره - ولم يَلْقَه - ما لم يسمعه منه بصيغة موهِمة، فهذا إرسالٌ خَفي.

وإذا روى عمن لم يعاصره بصيغة موهِمة، فقد عدَّه بعضهم تدليسًا، كما في مقدِّمة التمهيد، عدَّه بعضهم إرسالاً خفيًّا[2]، والصواب أنه انقطاع ظاهر.

ويكون التدليس بلفظ محتمِل للسماع: كقال، أو عن؛ ليوهم غيره أنه سمعه منه، ولا يصرِّح بأنه سمع منه هذا الحديث، فلا يقول: سمعتُ، أو حدَّثني، أو أخبرني، ممن لم يسمع منه؛ حتى لا يصير كذَّابًا بذلك، وقد يكون السقط واحدًا، وقد يكون أكثر.

مثالٌ لتدليس الإسناد:
روى الحاكم عن علي بن خَشْرَم، قال: قال لنا ابن عُيَينة، عن الزهري، فقيل له: سمعتَه من الزهري؟ فقال: لا، ولا ممن سمعه من الزهري، حدَّثني عبدالرزَّاق، عن مَعمَر، عن الزهري.

حُكمه:
تدليس الإسناد مكروهٌ جدًّا، ذمَّه أكثر العلماء، وكان شُعبة بن الحجَّاج من أشدهم ذمًّا له، فقد قال فيه أقوالاً؛ منها: "التدليس أخو الكذب"، وقال: "لأن أزني أحبُّ إليَّ من أن أُدلِّس"، وهذا من شُعبة إفراط محمول على المبالغة في الزجر عنه والتنفير منه؛ قال النووي: "وظاهر كلام شُعبة أنه حرامٌ".

2- تدليس التسوية:
وفيه يقوم الراوي المدلِّس بإسقاطِ شيخ شيخه، بشرط أن شيخَه يُدرِك شيخَ شيخِه، المدلِّس يقول: حدَّثني شيخي، حدَّثني أحمد - شيخُ شيخِ المدلِّس - أخبرني محمد، نفترض أن أحمد - شيخَ شيخِ المدلِّس - ضعيفٌ، فيقوم المدلِّس بإسقاطه، بشرطِ أن يكون شيخه أَدرَك محمدًا؛ لأنه لو لم يكن مدركًا له، فسوف يكون سقطًا ظاهرًا، يَعرِفه مَن له أدنى دراية بهذا العلم، إذا المدلِّس أسقط شيخَ شيخِه "أحمد"، وجعل السند: حدَّثني شيخي عن محمد، وبما أن شيخه ثقةٌ غير مدلِّس، فتُقبل عَنعنته عن شيخه "محمد"، فالمدلِّس بفَعْلته سوَّى السند، وجعله ثقةً عن ثقةٍ، فيُقبَل حديثُه على الرغم من ضَعفه؛ بسبب ضَعْف شيخ شيخه "أحمد".

نضرب مثالاً آخر؛ حتى يزداد الفهم، وأيضًا حتى نصل إلى تعريفٍ أشمل وأسهل من السابق:
المدلِّس يقول: حدَّثني شيخي، حدَّثني جمعة - شيخُ شيخِ المدلِّس - أخبرني عبدالسلام - شيخُ شيخِ شيخِ المدلس - أنبأني محمود - شيخُ شيخِ شيخِ شيخِ المدلَّس.

نفترض أن عبدالسلام - شيخَ شيخِ شيخِ المدلِّس - ضعيفٌ، فيقوم المدلِّس بإسقاطه، إذا المدلِّس أسقط شيخَ شيخِ شيخِه - عبدالسلام - بشرط أن يُدرِك جمعةُ - شيخُ شيخِ المدلِّس - محمودًا، وإلا كان انقطاعًا ظاهرًا، ويجعل السند: حدَّثني شيخي، حدَّثني جمعةُ - شيخُ شيخِ المدلِّس - عن محمودٍ - شيخِ شيخِ شيخِ شيخ المدلِّس.

فتلاحظ من خلال الأمثلة السابقة تَكرارَ لفظةِ شيخ؛ مما يجعل صعوبة في الفهم، وكلما أسقط المدلِّس راويًا يبعُد عنه في السند، تَكرَّرت كلمة شيخ أكثر وأكثر؛ ولذلك فهناك تعريف مجمَل وجامع لأي مثال، ألا وهو: إسقاط ضعيف بين ثقتين التقيا، ففي المثالين السابقين المدلِّس أسقط ضعيفًا بين ثقتين التَقيا[3].

مثاله:
روى ابن أبي حاتم عن بقيَّة، قال: حدَّثني أبو وهب الأسدي، قال: عن نافع، عن ابن عمر، قال: "لا تحمدوا إسلام امرئ؛ حتى تعرِفوا عقدة رأيه".

قال أبو حاتم: هذا الحديث له علَّة قلَّ مَن يفهمها، روى هذا الحديث عبيدالله بن عمرو عن إسحاق بن أبي فروة، عن نافع، عن ابن عمرو، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعبيدالله بن عمرو كنيته أبو وهب، وهو أسدي، فكأن بقية بن الوليد كنى عبيدالله بن عمرو، ونسبه إلى بني أسد؛ لكي لا يفطَن له إذا ترك إسحاق بن أبي فروة من الوسط، وبالتالي لا يُهتدى إليه، وكان بقية من أفعل الناس لهذا؛ أي: إن بقية أسقط إسحاق بن أبي فروة من بين عبيدالله بن عمرو ونافع، وعبيدالله بن عمرو أدرَك زمن نافع، كما أن عبيدالله بن عمرو ثقة غير مدلِّس، فتُقبل عنعنته، فيكون بقية بهذا الفعل قد سوَّى السند ثقة عن ثقة.

حُكمه:
تدليس التسوية، هو شرُّ أقسام التدليس؛ لأن الثقة الأول ربما لا يكون معروفًا بالتدليس، ورواه عن ثقة آخر، فيحكم له بالصحة، وفى هذا غَرَر شديد.

3- تدليس القطع:
تعريفه:
هو أن يقول الراوي: حدَّثنا، أو سمعت، ثم يسكت - وينوي القطع - ثم يقول: فلان موهِمًا أنه سمع منه، وليس كذلك.

مثاله:
ذكر ابن سعد عن عمر بن علي المقدمي أنه كان يقول: سمعتُ، ثم يسكت، ثم يقول: هشام بن عُرْوَة، وهو لم يسمعه[4].

4- تدليس العطف:
تعريفه:
هو أن يروي المحدِّث عن شيخين من شيوخه، ويكون قد سمِع من أحدهما دون الآخر، فيصرِّح عن الأول، ويعطف الثاني عليه، فيوهِم أنه حدَّث عنه بالسماع أيضًا، وإنما حدَّث بالسماع عن الأول، ونوى القطع، فقال: وفلان، أي حدَّث فلان.

مثاله:
ذكر الحاكم أن جماعةً من أصحاب هشيم، اجتمعوا يومًا على ألا يأخذوا منه التدليس، ففطِن لذلك، فكان يقول في كل حديث يذكره: حدَّثنا حصينٌ، ومغيرة عن إبراهيم، فلما فرغ قال لهم: هل دلَّست عليكم اليوم؟ فقالوا: لا، فقال: لم أسمع من مغيرة حرفًا مما ذكرته، إنما قلتُ: حدَّثني حصين، ومغيرة غير مسموع لي؛ أي: أنه أضمر في الكلام محذوفًا كما فسَّره بعبارته.

5- تدليس الشيوخ:
تعريفه:
هو أن يروي المحدِّث عن شيخ حديثًا سمعه منه، فيسمِّيه، أو يكنِّيه، أو يَنسِبه أو يَصِفه بما لا يُعرَف به؛ كيلا يُعرَف. ممن اشتَهر عنه هذا النوع من التدليس: عطيَّة العوفي؛ حيث كان يصف شيخه محمد بن بشر بن سعيد الكلبي بأوصافٍ لا يَنعرِف بها؛ وذلك لأنه محمد بن بشر بن سعيد الكلبي ضعيفٌ، فكان يقولُ: حدَّثنا أبو سعيد، ومرة: حماد بن السائب...إلخ.

مثاله:
روى ابن أبي حاتم عن بقيَّة، قال: حدَّثني أبو وهب الأسدي، قال: عن نافع، عن ابن عمر، قال: " لا تحمدوا إسلام امرئ؛ حتى تعرفوا عقدة رأيه ".

فعبيد الله بن عمرو كنيته أبو وهب، وهو أسدى فكأن بقية بن الوليد كنَّى عبيدالله بن عمرو، ونسبه إلى بني أسد؛ لكيلا يُفطَن له.

مثال آخر:
روى الخطيب البغدادي عن شيخه الحسن بن محمد الخلال قولَ سعيد بن المسيب: إني كنتُ لأرحل الأيام والليالي في طلب الحديث، وسمَّاه يعني الخطيب الحسن بن أبي طالب.

حكمه:
تدليس الشيوخ مكروهٌ، إلا أنه أخفُّ من تدليس الإسناد؛ لأن المدلِّس لم يسقِط أحدًا، وإنما الكراهة بسبب تضييع المروي عنه، وتوعير طريق معرفته على السامع، إلا إذا كان مَن يأخذ عنه غير ثقة فيَحرُم؛ لأنه غشٌّ للأمة، وكذبٌ صُراح، أمَّا إذا كان امتحانًا للطلاب أو تفننًا في العبارة، بحيث لا يَخفَى على أهل الفن، فهو جائز، وهذا ما يستعمله الخطيب البغدادي في مصنفاته.

6- تدليس البلدان:
يُلحَق بتدليسِ الشيوخ تدليسُ البلدان، كما إذا قال الراوي: حدَّثني فلان بالأندلس، فأراد موضعًا بالقرافة، أو قال: بزُقَاق حلب، وأراد موضعًا بالقاهرة، أو حدَّثني فلانٌ بما وراء النهر، وأراد نهرَ دِجْلَة، أو قال: بالرقة، وأراد بستانًا على شاطئ دِجْلَة، والأمثلة على هذا كثيرة.


وحكم هذا النوع:
الكراهةُ؛ لأنه يدخل في باب "التشبُّع بما لم يُعْطَ"، وإيهام الرحلة في طلب الحديث، إلا أن تكون هناك قرينة تدلُّ على عدم إرادة التكثير، فلا كراهة.

الأغراض الحاملة على التدليس:
1- ضَعفُ الشيخِ المدلَّس عنه، أو كونه غيرَ ثقة.

2- الأَنَفة من الروايات عمَّن حدَّثه؛ لكونه أصغر من الراوي عنه، أو لأن وفاته تأخَّرت، وشارك المحدِّث عنه في السماع منه جماعة دونه.

3- إيهام علوِّ الإسناد.

4- كثرة الرواية عنه، فلا يجب الإكثار من ذكر اسمه على صورة واحدة إيهامًا لكثرة الشيوخ.

5- فواتُ شيءٍ من الحديث عن شيخٍ سمع منه الكثير.

6- الخوف من عدم أخد الحديث وانتشاره مع الاحتياج إليه.

7- التفنُّن في العبارة، وتَقدَّم قريبًا أن الخطيب البغدادي يستعمله في مصنَّفاته.

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 14-02-2020, 03:30 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,434
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الجوهر النفيس شرح مصطلح الحديث

الجوهر النفيس شرح مصطلح الحديث (10)
د. عيد نعيمي آل فيصل


حُكم رواية المدلِّس:

اختلف العلماء في حكم رواية مَن عُرِف بالتدليس على أقوال، أهمُّها:
القول الأول: يرى جماعة من الفقهاء وأصحاب الحديث أن خبر المدلِّس غير مقبول مطلقًا؛ لأنه يتضمَّن الإيهام لما لا أصل له، وترك تسمية مَن لعله غير مرضٍ ولا ثقة، وطلب توهُّم عُلو الإسناد، وإن لم يكن الأمر كذلك.

القول الثاني: وقال جمع كثير من أهل العلم:
خبر المدلِّس مقبولٌ، فلم يجعلوه بمثابة الكذَّاب، ولم يروا التدليس ناقضًا لعدالته، وزعموا أن نهاية أمره أن يكون التدليس ضربًا من الإرسال.

القول الثالث: وقال آخرون بالتفصيل:
إن كان المدلِّس يروي بلفظ السماع أو التحديث، فهو مقبولٌ محتَجٌّ به، وإن روى بلفظٍ محتمِل كالعنعنة فلا يُقبل، وبه يقول الإمام الشافعي، وابن الصلاح، والنووي، وابن حجر وغيرهم.

القول الرابع: وقال آخرون بالتفصيل أيضًا:
وهو ما يسمَّى بمراتب المدلِّسين، وهو القول الراجح؛ لأن قبول رواية المدلِّس مطلقًا غير معقول؛ لأن التدليس جرح، وردُّه مطلقًا غير ممكن؛ لوجود المدلِّسين في كثير من رُواة الصحيحين.

فعليه لا بدَّ من التفصيل الآتي:
مراتب المدلسين:
المرتبة الأولى:
الرواة الذين تدليسُهم نادرٌ جدًّا؛ أي: قليل جدًّا؛ مثل: "يحيى بن سعيد الأنصاري"، هذا تُقبَل عنعنته مطلقًا؛ لأن النادر لا حكم له، فمثلاً: راوٍ روى ألف حديث مُعَنعَن، ودلَّس في أربعة أحاديث فقط، فلا يُرَدُّ حديثُه المُعنعَن لمجرد أنه دلَّس في أربعة أحاديث.

سؤال: الأصح أن نقول يُقبَل تدليسُه أم تقبَل عنعنته؟
ج: نقول تقبل عنعنته، ولا يَصِح أن نقول يقبل تدليسُه؛ لأن بهذا نكون عَلِمنا أنه دلَّس هذا الحديث، والتدليس لا يقبل، ولكن نقبل العنعنة التي فيها احتمال التدليس، وبما أن هذا الراوي نادرُ التدليس، فيكون الغالب على الظن أنه لم يدلِّس.

المرتبة الثانية:
الرواة الذين لا يدلِّسون إلا عن ثقة، فعنعنتهم مقبولة؛ مثل: سفيان بن عيينة، فتدليسُه مقبول؛ لأنه لا يدلِّس إلا عن ثقة؛ مثال: قال لنا ابن عيينة عن الزهري، قيل له: أسمعته عن الزهري؟ قال: لا، ولا ممن سمعه من الزهري.

حدَّثنا عبدالرزاق، عن مَعمَر، عن الزهري؛ أي: أسقط جيلين في الحفظ، وهذا لا يَضر؛ لأن عبدالرزاق بن همام الصنعاني إمام أهل اليمن، وشيخ الإمام أحمد، ومَعمَر بن راشد شيخ عبدالرزاق وإمامه.

المرتبة الثالثة:
مَن كان تدليسُه بجوارِ تحديثِه قليلاً؛ أي: إنه إمامٌ مُكْثِر، وعندما نَقِيس تدليسَه بجوار ما رَوَى قليل، فهذا تُحمل عنعنته على الاتصال إلى أن يأتي دليل يدل على الانقطاع - أي: التدليس - مثل: قتادة بن دعامة السدوسي، وسليمان بن مهران الأعمش، وأبي إسحاق السَّبِيعي؛ فهؤلاء الثلاثة من الأمة الكبار الحُفَّاظ، إلا أنهم موصوفون بالتدليس، إلا أن تدليسهم بجوار تحديثهم قليل؛ لذلك تُحمَل عنعنتهم على الاتصال إلى أن تأتي قرينة تدل على الانقطاع.

المرتبة الرابعة:
مَن كان تدليسه بجوار تحديثه كثيرٌ، فهذا حديثُه يُحمل على الانقطاع، إلى أن تأتي قرينة تدل على الاتصال؛ أي: نَغلِّب فيه جانب السقط، مثل: محمد بن إسحاق بن يَسَار، وعبدالملك بن عبدالعزيز بن جُريج، وصف العلماء تدليسَهم بأنه تدليسٌ فاحشٌ[5].

المرتبة الخامسة:
مَن وُصِف بنوعِ ضعفٍ بجوار التدليس، بالإضافة إلى تدليسه، فهو ضعيف، فهذا حديثه مردود، مثل: أبي جنابة الكلبي، وابن لَهِيعة، وأبي سعيد البقَّال، هؤلاء كانوا مدلسين وبهم ضَعف.

تنبيهات:
عندما يأتي حديثٌ به راوٍ مثل الأعمش، فترجِع لكتاب "تقريب التهذيب"؛ لابن حجر، وتجد فيه أن الأعمش إمامٌ، ثقةٌ، حافظٌ، مكثِرٌ، إلا أنه مدلِّس، فتقول أنت: الحديث فيه الأعمش، وقد عنعنه، وهذا سوء علمٍ؛ لأنك لم تتعامل معه بمراتب المدلِّسين، فعندما تنظر في مراتب المدلسين، تجد أن الأعمش تُقبَل عنعنته إذا لم يأت دليلٌ يدلُّ على أنه دلَّس هذا الحديث، فإذا لم يكن معك دليل على الانقطاع، فلا تُضعِّف الحديث، فيجب تعامُل الرواةِ بميزانِ مراتب المدلِّسين، وعلى طالب علم الحديث أن يعرِفها جيدًا.

مراتب المدلِّسين، فيها خلافٌ بين العلماء: فبعضهم عدَّ الأعمش سليمان بن مهران، وأبا إسحاق السَّبِيعي، وقَتادة بن دعامة السدوسي، من فاحشي التدليس؛ أي: في المرتبة الرابعة، فمثلاً: شُعبة قال: "كفيتكم تدليس ثلاثة: قتادة، الأعمش، أبي إسحاق السَّبِيعي"، فيعتبرهم شعبة في المرتبة الرابعة، والراجح أنهم في المرتبة الثالثة، فعلم المصطلح ليس سهلاً، وتحتاج سنين لتحقِّق مثل هذه المسألة، كما أن علم مصطلح الحديث يحتاج ممارسةً وحِسًّا عاليًا مع القواعد الأساسية للتحديث؛ لكي تستطيع أن تتذوَّق الألفاظ النبوية.

هناك نقطة لا بدَّ من التنبيه عليها:
قد يكون هناك مدلِّس من المرتبة الرابعة، والذي يمكن تسمية تدليسه "فاحشًا"؛ أي: كثير التدليس، فبمجرد أن نسمعَ اسمه في السند، نحكم عليه بالانقطاع، لكن قد يكون له خصيصة في عالم معيَّن أو شيخ معيَّن، ففي هذه الحالة تُحمل عنعنته على الاتصال؛ مثل: "ابن جريج في عطاء"، فابن جريج من الحفَّاظ، لكنه مدلِّس، وتدليسه فاحشٌ - المرتبة الرابعة - لكنه إذا عنعن عن عطاء، فتُحمَل على الاتصال، فهو من أوثقِ الناس في عطاء، فلماذا يدلِّس عنه وكل أحاديث عطاء أو جُلُّها عنده؟ فما الذي يحمِل ابنَ جريج أن يدخِل بينه وبين عطاء راويًا، ثم يُسقطه؟ ما الذي سيجعله يدلِّس؟ لا شيء؛ لأن من أسباب التدليس أنك لم تسمع الحديث من شيخك مباشرة، وإنما سمعته عن طريق قرين لك ضعيف، أو عن شيخ وتُسقطه، لكنه كل أحاديث عطاء عنده، فعندما يقول: عن = حدَّثنا؛ حيث انتفت علة التدليس، وهذه النقاط هامة جدًّا؛ لأنه عندما يُدَرَّس المصطلح في المرحلة الأولى، يُدَرَّس لهم أن رواية المدلِّس لا بدَّ أن يصرِّح فيها بالتحديث، فإذا لم يصرِّح بالتحديث، نحكُم على السند بالانقطاع، ويتم التعبير عن ذلك بعبارة: رواه فلانٌ، وهو مدلِّس، وقد عنعن، وهذا حكم خاطئ؛ لأن الراوي المدلِّس لا بدَّ وأن يوضع على ميزان مراتب المدلِّسين، وبعد ذلك ننظر، هل له خصيصة في هذا الشيخ أم لا؟ قال الشيخ الألباني: "إذا قال ابن جريج: قال عطاء، فهي مثل قوله: حدَّثنا عطاء؛ لأنه من أوثق الناس في عطاء"، فانظر إلى هذا العمق في العلم، فلا يكون طلبك للعلم شبرًا، أو في قشور؛ حتى لا تتكلم في شيء لا تُحسنه.

والطالب عندما يَدرس هذا الجزء من المصطلح؛ أي: المرحلة الأولى، ثم ينتقل بعد ذلك إلى التخريج ودراسة الأسانيد، وهو يرى أنه أخذ كفايته من القدر النظري، فيأتي راوٍ مثل قتادة بن دعامة السدوسي، أو الحسن البصري، فيقول هذا الشبر: رواه الحسن، هو مدلِّس، وقد عنعن، وهذا سوء فهمٍ وسوء أدب، وأحكي لكم قصةً طريفة:

أثناء شرحي لدرس مصطلح الحديث، وأنا أتحدث عن هذه النقطة، وكان يوجد بعض الأخوة ممن درسوا المصطلح "قشور المصطلح"، وبدؤوا في التخريج ودراسة الأسانيد، ولم يحضروا لي قبل ذلك، فعندما تحدَّثت عن مسألة قتادة بن دعامة السدوسي والحسن البصري، وأن تدليسَهم يُمَر؛ لأن تدليسَهم من قَبِيل الإرسال الخَفي الذي يكفي فيه ثبوت السماع في أي حديث، فيحكم على باقي الأحاديث المعنعنة بالاتصال، فقال أحد الأخوة: دعك منه؛ إنه مدلِّس، تخيَّل هذه البذاءة، فهو درس أن المدلِّس لا بدَّ أن يصرِّح بالتحديث، والحسن البصري مدلِّس كما هو موجود في كتب أهل العلم، لكن لأنه لم يَدرس مراتب المدلِّسين، ويَفهم ما هو تدليس الحسن البصري، فتطاوَل على الإمام، فالطالب متخيِّل أنه طالما فكَّ رموز الاصطلاح، ودرس جميع الأبواب، فقد ظنَّ أنه يستطيع أن يدخل في خضمِّ المعركة مع الكبار، لكن هذا ظن خاطئ.

إذًا عندما يأتي راوٍ مدلِّس، وترجع لكتب أهل العلم، فتجدُهم يقولون: إن فلانًا مدلِّس، ليس معنى ذلك أن تُرَدَّ العنعنة، لا، بل لا بدَّ أن تبحث عن هذا الرجل في أي مرتبة هو؟ ثم بعد أن تضعه في مرتبته الصحيحة، تنظر عمَّن روى؟ لو كان شيخه الملاصق الذي اختص به، تُقبل، ولو كان غير ذلك، نعامله حسب ميزان مراتب المدلِّسين.

الأئمة المتقدِّمون أطلقوا على التدليس تدليسًا، وأطلقوا على الإرسال الخفي تدليسًا؛ أي: إنه في لفظ الأئمة المتقدِّمين يُطلِقون على التدليس "تدليسًا"؛ أي: لفظه، ويطلقون أيضًا على الإرسال الخفي "تدليسًا"، والدليل: تعريف ابن الصلاح - وتَبِعه الحافظ العراقي - للتدليس، قالوا: هو أن يَروِي المحدِّث عمن لَقِيه ما لم يسمَع منه موهِمًا أنه سمع منه، أو عن مَن عاصره ولم يَلْقَه موهِمًا أنه قد لَقِيه، "وهذا سميناه إرسالاً خفيًّا"؛ كذا قال ابن الصلاح، وتبعه الحافظ العراقي، فإذًا ابن الصلاح والحافظ العراقي يقولان: إن التدليس اسمه تدليسٌ، والإرسال الخفي اسمه تدليس أيضًا، ولكن يُفرِّقون في الحكم، فالمدلِّس يضعونه في ميزان مراتب المدلِّسين، أما التدليس الذي يقصدون به المرسل الخفي، فيكفي في حديث واحد أن يقول: حدَّثنا، أو يقول عنه إمام من أئمة الجرح والتعديل: إن هذا الراوي سمع من فلان؛ يعني: أن هذا الراوي ثبت له المشيخة، فحينئذٍ كل الأحاديث المعنعنة له عن هذا الشيخ تُقبل.

من أين جاء الخطأ؟ وما هي المشكلة التي أريد عرضها:
إن المتقدِّمين - وكما ذكرنا مثل: العراقي وابن الصلاح - يسمُّون التدليس تدليسًا، والإرسال الخفي تدليسًا، فيأتي طالب العلم المبتدئ، ويجد الأئمة يطلِقون على الحسن البصري أنه مدلِّس، وهم يقصدون أنه يرسل إرسال خفيًّا، فيقول هذا الطالب لا بدَّ وأن يصرِّح الحسن البصري بالتحديث؛ لأنه مدلِّس، مع أنه يكفي في رواية الحسن البصري أن يقول: حدَّثنا، ولو في حديث واحد، فتُقبل جميع العنعنات، فأُتُوا من سوء الفَهم، وعدم التعمُّق في العلم.

العلماء يقولون عن الحسن البصري أنه مدلِّس، وهو كلام حقيقي، ولكنهم يقصدون الإرسال الخفي، وهي رواية الراوي عن مَن عاصره ولم يسمع منه، فإذا ثبت لهذا الراوي السماع - ولو في حديث واحد - تُقبل جميع العنعنات، ونحن فقط نضرب مثالاً بالحسن البصري، لكن هناك كثيرًا من العلماء كانوا يُرسِلون إرسالاً خفيَّا، وتعامَل معهم طلبة العلم على أنهم مدلِّسون، لمجرد أنهم قرؤوا في كتب الجرح والتعديل أن هؤلاء الأئمة مدلِّسون، ولا يَدرِي هؤلاء الأغمار أن كلمة التدليس هنا يقصد بها الإرسال الخفي.

سؤال: من أين لنا أن نعلَم هل هو تدليس، أم إرسال خفي، طالما أن اللفظ واحد؟
ج: من تعامُل الأئمة الكبار مع الراوي، فعندما تأتي روايةٌ للحسن البصري يروي عن جابر بن سَمُرة بالعنعنة، ثم يأتي الدارقطني ويمرِّرها، فلا تأتِ أنت، وتقول: "وهذا الحديث فيه الحسن البصري، وهو مدلِّس، وقد عنعن"، الدارقطني مرَّرها، ثم أنت تتعقَّب الدارقطني، فيا لسوء الأدب! هذه مسألة خطيرة جدًّا، عندما تجد مَن هم يَطلبون علم الحديث، يقولون للناس: دعك من الحسن؛ فإنه مدلس! فهذا فَهِم التدليس من حيث إنه تدليس الإسناد الذي يجب أن يُصرِّح الراوي فيه بالتحديث، والحسن البصري مدلِّس! لكنه لو فَهِم الكلام، وعَرَف أن الحسن البصري هذا الذي يقول عليه: إنه مدلِّس، إنما هو يُرسل إرسالاً خفيًّا، وأنه لو ثبَت له السماع في رواية واحدة، تُقبَل كل عنعنته - ما كان تطاوَل على الإمام.

عندما تأتي روايةٌ عن الحسن البصري عن حصين بن المنذر، والعلماء قالوا: إن الحسن البصري سمِع من حصين بن المنذر هنا؛ أي: عنعنة من الحسن البصري مقبولة، هذا لمن ثبَت له السماع منهم؛ مثل: حصين بن المنذر، وجابر بن سَمُرة، وغيرهم من الصحابة، فإذًا تكون عنعنة الحسن البصري عن حصين بن المنذر، وعن جابر بن سمرة مقبولة.

لو بعض أهل العلم ضعَّف أحاديث للحسن البصري عن حصين بن المنذر، أو عن جابر؛ لأنه كان بينه وبينه واسطة - تدليس الإسناد - نقول: وما الضير في ذلك؟ فإن بعض الأئمة الكبار الذين هم غير مدلِّسين، كانوا في بعض الأحيان يدلِّسون، فهل معنى ذلك أن أقولَ عنهم إنهم مدلِّسون؟ [6].

مثال:
بعض الأئمة في بعض الروايات أسقطوا بعض الرواة، ورووا عن الشيخ الأعلى، "وهو ما نسميه تدليس إسناد"، فلما تعقَّبهم الدارقطني مثلاً، قال: "هذا الراوي ثقةٌ حافظٌ، وقد دلَّس هذا الإسناد"، هل معنى ذلك أن هذا الراوي الذي دلَّس هذا الإسناد صار مدلِّسًا؟ لا؛ لأن القاعدة العامة لا تؤخذ من مجرَّد مرة أو مرتين أو ثلاثة.

ومنها عندما تأتيني بحديثٍ للحسن البصري عن جابر، وقد أسقط واسطة بينه وبين جابر، "وهو ما نسميه تدليس إسناد"، هذا لا ينقض القاعدة العامَّة: إن مرويَّات الحسن البصري المعنعنة عن جابر غير المحتفة بقرينة تدل على التدليس - أنها متَّصلة، أما إذا أتيتَ بقرينةٍ تدلُّ على أن الحسن البصري دلَّس، فبها ونِعْمَت، فنحن لا نُجامِل في هذا أحدًا، لكن لا آخذ قاعدة عامة من مجرَّد الحكم على حديثٍ واحدٍ.

هذه المسألة من كبار مسائل علم الحديث، بل عدَّها بعض أهل العلم المعاصرين من المسائل التي خالف فيها المتأخِّرون الأئمة المتقدِّمين، وهناك كتاب يسمَّى "منهج المتقدِّمين في التدليس"، هذا الكتاب يردُّ على مثل هذه المسائل ووصفه بالمتقدِّمين؛ لأن المتأخِّرين خالفوا في هذه المسألة، واشترطوا في مثل: الحسن، وقتادة بن دعامة، وأبي إسحاق السَّبِيعي، والأعمش، ويحيى بن أبي كثير، وغيرهم من الأئمة الكبار، اشترطوا أن يصرِّحوا بالتحديث، مع أنهم يَكفِيهم فقط أن يَثْبُت لهم السماع في حديثٍ واحدٍ.

الأئمة المتقدِّمون الذين كانوا في عصر الرواية لا يجوز لك أن تخالِفهم في أحكامهم على الحديث؛ مثل: البخاري، ومسلم، وأحمد، وأبي زرعة، وأبي حاتم، وشُعبة، وسفيان بن عُيَينة، والثوري، وعبدالرزاق، والدارقطني، وبخاصة إذا اجتمعوا؛ لأن اجتماعهم حجَّة.

علماء الحديث قالوا: معرِفتنا بعللِ الحديث كهانةٌ عند الجاهل.

سؤال: إذا أخذنا مصطلحات أهل العلم المتقدِّمين، ثم طبَّقناها على الحديث، فوجدنا حكمهم على الحديث خطأً، فهل يجوز مخالفتُهم في هذا الحكم على هذا الحديث؟
ج: هذا لا نجدُه أبدًا، وخاصة إذا اجتمعوا، فالذي حَدَث أنك طبَّقت مصطلحاتهم بفَهْمك أنت، فالمصطلحات تُفهَم، ولكن إذا وضعت قيدًا آخر، وهو أنك طبَّقت مصطلحاتهم بفَهْمهم هم، ثم وجدت الحديث خطأً، فهذا لا تجده أبدًا في علم الحديث، وخاصة إذا اجتمعوا؛ فاجتماع علماء مصطلح الحديث على شيء يكون حجة.

مثال:
البخاري، ومسلم، والنسائي، والدارقطني وعلي بن المَدِيني، هؤلاء الخمسة قالوا على حديث: إنه منكر، وبحثتَ، فلم تجد أحدًا حكَم على الحديث غيرهم، فأخذت مصطلحاتهم وطبَّقتها، فوجدت الحديث صحيح، فلا يجوز لك أن تخالِف؛ لأن فهمك هو الخطأ، فليس مجرَّد أن يروي الحديث ثقة عن ثقة عن ثقة، يكون الحديث صحيحًا، لا، فأين أخطاء الثقات؟ وأين الضَّعف البشري؟...إلخ.

مثال آخر:
قول ابن القيم عندما عاب العلماء على الإمام مسلم إخراجَه أحاديث لرواة ضعفاء في الصحيح، فالإمام مسلم أخرج: لسُوَيد بن سعيد، وأسباط بن نصر، وقَطَن بن نُسَير، وأحمد بن عيسى، قال ابن القيم لفَهمه مصطلحات الأئمة، قال: "لا عيبَ على مسلم أن يخرِج للضعفاء ما صحَّ من حديثِهم، كما أنه لا عيب عليه أن يترَك من أحاديث الثقات ما أخطؤوا فيه".

فالقواعد سليمة، ولكن الخطأ يكون في فهمِها، وكيفية تطبيقها، فلا يستطيع أحدٌ أن يَصِل إلى ما وصل إليه العلماء في عصر الرواية وهذا مقطوع به، وهذا ليس تعصُّبًا لهم، لا، بل هو حقُّهم؛ لأن هؤلاء القوم اختارهم الله لنُصرة هذا الدين، فحباهم الله هذا الفَهم، وأَوصَلوا إلينا السنة، وهذا من حفظ الدين، ومن فضل الله علينا أن الإمام شعبة يحفظ مليون حديث، والإمام أحمد ابن حنبل كذلك وغيرهم، فهل تتخيَّل هذا؟ يعني: كم مجلدًا؟ ومثلاً علل الدارقطني 14 مجلدًا، أملاه من حفظه، وكان يسأله البرقاني تلميذه، فيُجيبه، ويسوق له الأسانيد، ويقول: رواه فلانٌ عن فلان، وخالفه فلان، فرواه عن فلان عن فلان، ووافقه فلان، فرواه عن فلان عن فلان، وهكذا، وعلق الشيخ أبو إسحاق، وقال: "عندما قرأتُ في علل الدارقطني، فحَصَل لي دُوَار، وكأني في برج وأنظر إلى الأرض، ومَن يقول هذا؟ يقوله الشيخ أبو إسحاق الحويني.


[1] أي: إنه التقى به، ولم يثبت له السماع منه؛ أي: إنه ليس شيخًا لهذا الراوي، مثل رواية الأعمش عن أنس بن مالك، فالأعمش التقى بأنس ورآه يخطب الجمعة، ولكن العلماء مُطبِقون على أنه لم يسمع من أنس أحاديث، وإنما التقى به فقط.

[2] يمثِّل كثيرٌ ممن كتب في علوم الحديث لهذا، بما رواه ابن ماجه من رواية عمر بن عبدالعزيز عن عقبة بن عامر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((رَحِم الله حارس الحرس))، وعندي أن التمثيل بهذا الحديث على الإرسال الخفي فيه نظر؛ لعدم المعاصَرة المقتضية لخفاء الإرسال، بل فيه انقطاع ظاهر؛ لأن عمر بن عبدالعزيز لم يعاصِر عقبة بن عامر.

[3] تدليس التسوية: هو أن يروي المدلِّس حديثًا عن ضعيف أو أكثر بين ثقتين، لقِي أحدهما الآخر، فيسقط الضعيف الذي في السند، ويجعل الإسناد الثقة عن الثقة الثاني بلفظ محتمل، فيستوي الإسناد كله ثقات بحسب الظاهر لمن لم يخبر هذا الشأن، وقد سماه القدماء تجويدًا، فيقولون: جوَّده فلان.

[4] بعض أهل العلم شكَّك في صحة الرواية التي نقلها بن سعد، والتي حكى فيها أن عمر بن علي المقدمي فيه هذا النوع من التدليس، وقالوا: إنه لم يثبت عنه طالما أن القصة ضعيفة، لكن صح هذا النوع من التدليس عن عمر بن عبيد الطنافسي، ذكره ابن عدي في الكامل.

[5] في المرتبتين الثالثة والرابعة، لا بدَّ أن تبحث، فليس فيهما قطع جازم؛ أي: لا بدَّ لك كطالب علمٍ أن تبحث في القرائن التي سوف ترجِّح لك أحد الأمرين، إذًا ما الفرق بين المرتبتين، طالما أننا سوف نبحث؟ فلماذا لا نضعهم في مرتبة واحدة، ونبحث عن القرائن التي ترجِّح أحد الوجهين؟
نقول: الصواب أن نفرِّق بين المرتبتين، والأمر يتضح جليًّا إذا بحثتَ ولم تجد قرينة ترجح أحد الوجهين:
ففي حالة المرتبة الثالثة: سوف تحمل حديثه على الصواب؛ أي: الاتصال.
وفي حالة المرتبة الرابعة: سوق تحمل حديثه على الخطأ؛ أي: الانقطاع.
فمثلاً: إذا أتاك سند به راوٍ ثقة، مُكثِر، مدلس من المرتبة الثالثة، وبحثت عن قرينة تدل على الانقطاع أو الاتصال، فلم تجد، ففي هذه الحالة تحمل العنعنة على الاتصال، ويكون الحديث صحيحًا.
أما في الحالة الرابعة، وبحثت عن قرينة، ولم تجد، ففي هذه الحالة سوف تحمل العنعنة على الانقطاع، وسوف تُضعِّف الحديث، إذًا التفريق بين الأمرين مهم جدًّا.

[6] ومن ذلك أيضًا: أن أبا حاتم الرازي أعلَّ حديثًا بتدليس الليث بن سعد فيه، فقال: "ولم يذكر أيضًا الليث في هذا الحديث خبرًا، ويحتمل أن يكون سمعه من غير ثقة ودلَّسه، والليث بن سعد لم يَحكُم عليه أحدٌ أنه مدلِّس".







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 14-02-2020, 03:32 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,434
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الجوهر النفيس شرح مصطلح الحديث


الجوهر النفيس شرح مصطلح الحديث (11)
د. عيد نعيمي آل فيصل


المرسل الخفي


تعريفه:
هو أن يَروِي الراوي عمَّن لَقِيه ولم يسمع منه، موهِمًا أنه سمِعه منه، أو عمن عاصره ولم يَلقَه، موهِمًا أنه قد لَقِيه وسمعه منه، سمِّي هذا النوع من الحديث مرسلاً؛ لأن الراوي أرسله؛ أي: أطلقه، ولم يقيِّده بشيخه الحقيقي، وسمِّي خفيًّا؛ لكونه يَخفَى على كثير من أهل الحديث لكونِ كلٍّ من المحدِّث وشيخه قد جمعهما عصر واحد.
أوجه الاتفاق
التدليس
الإرسال الخفي
الخفاء
السقط خفي

السقط خفي
السماع
إيهامُ سماع ما لم يسمع
إيهامُ سماع ما لم يسمع
أدوات التحمل
غير المباشرة
غير المباشرة


أوجه الاختلاف
التدليس
الإرسال الخفي
إيهام السماع
عن شيخه الذي سمِع منه قبل ذلك إلا أن الحديث موضع الدراسة لم يسمعه منه،
عن شيخٍ عاصره ولم يلقه، أو لقِيه ولم يسمَع منه؛ أي: لم تَثْبُت له المشيخة.
الحكم
عنعنته مردودة حتى يبين السماع من شيخه في كل رواياته، هذا على الإجمال، أما على التفصيل، فحسب مراتب المدلِّسين السابقة الذكر.

عنعنته مردودة حتى يتبيَّن له السماع من هذا الشيخ، ولو لمرة واحدة، فإذا تبيَّن سماعه من هذا الشيخ ولو لمرة، قُبِلت عنعنته في كل أحاديثه؛ لأن العلة في رد حديثه هي عدم ثبوت التلمذة على يد هذا الشيخ، فإذا تبيَّن سماعه من هذا الشيخ ولو لمرة، يكون بذلك ثَبَت له التلمذة، وأصبح هذا الشيخ شيخه، وزالت العلة التي من أجلها ردَدنا عنعنته.


الفرق بين الإرسال الخفي والإرسال الظاهر:
• الإرسال الظاهر: هو ما رَفَعه التابعيُّ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - كما تقدَّم.
• الإرسال الخفي: فهو الانقطاع في أي موضع من السند بين راويين متعاصرين، لم يَلتقيا أو التقيا ولم يقع بينهما سماع.
مثاله الإرسال الخفي: روى العوَّام بن حوشب عن عبدالله بن أبى أوْفى - رضي الله عنه - قال: "كان إذا قال بلالٌ: قد قامت الصلاة، نهض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكبَّر"، فقد روي عن الإمام أحمد: أن العوام أدرك ابن أبي أوفى، ولكن لم يَلقه.
مثال آخر: كل روايات الأعمش عن أنس بن مالك، فالأعمش التقى بأنس ورآه يخطب الجمعة، ولكن العلماء مُطبِقون على أنه لم يسمَع من أنس، وإنما التقى به فقط، وكذلك رواية الحسن البصري عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - فالحسن البصري رأي عثمان بن عفان يخطب الجمعة، إلا أنه لم تثبت له الرواية عنه.
ما يُعرَف به الإرسال الخفي:
يُعرَف خفي الإرسال بأمور:
أحدها: أن ينص بعض الأئمة على عدم اللقاء بين الراوي وشيخه, أو يعرف ذلك بوجه صحيح.
الثاني: أن ينص إمام على عدم سماع المحدِّث عن ذلك الشيخ مطلقًا، كأحاديث أبي عبيدة بن عبدالله بن مسعود عن أبيه، وكقول النسائي: الحسن لم يسمع من أبي هريرة شيئًا.
الثالث: أن ينص إمام أو يخبِر الراوي عن نفسه - في بعض طرق الحديث - أنه لم يسمع من ذلك الشيخ.
المسلك الثاني من مسالك الضعف، وهو الطعن في الراوي:
والمراد بالطعن هنا: جرح الراوي باللسان، والتكلم فيه من ناحية عدالته ودينه، ومن ناحية ضبْطه وحِفظه وتيقُّظه.
تنبيه:
• الكلام في الرواة ليس من الغِيبة المحرَّمة، بل هو أمرٌ جائزٌ بإجماع أهل العلم، وقد أوجبه بعضهم للحاجة إليه، قال الحسن بن علي الإسكافي: "سألتُ أحمد بن حنبل عن معنى الغيبة؟ فقال: إذا لم تُرِد عيبَ الرجل، قلت: فالرجل يقول: فلانٌ لم يسمع، وفلان يخطئ؟ قال: لو ترَك الناس هذا، لم يعرَف الصحيح من غيره.
• والكلام في الرجال قديمٌ قدِمَ الحديث نفسه، فقد تكلَّم الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيهم، من ذلك قوله: ((بِئسَ أخو العَشيرة))، كما تكلَّم فيهم كثير من الصحابة والتابعين، لكنه بقلة؛ لقلة الضَّعف في أهل تلك الأزمان، فلا يكاد يوجد في القرن الأول - الذي انقرض فيه الصحابة وكبار التابعين - ضعيفٌ إلا الواحد بعد الواحد، ثم ازداد بعد ذلك وانتشر، حتى أصبح علمًا مستقلاًّ صنِّفت فيه المصنفات العظيمة.
• كل هذا لا يعني إطلاق عِنان اللسان بجرح الرجال من غير حاجة، فإن ذلك إنما جُوِّز للضرورة الشرعية؛ ولهذا حَكَم العلماء بأنه لا يجوز الجرح بما فوق الحاجة؛ قال السخاوي: لا يجوز التجريح بشيئين إذا حصل بواحد.
• ولهذا تجنَّب العلماء الكلام في كثير من المتأخِّرين الذين لا يترتَّب على معرفتهم صحة حديث أو ضَعْفه؛ لذلك نجد الذهبي في مقدمة الميزان يقول: لا أُورِد مَن قد تُكلِّم فيه من المتأخِّرين، إلا مَن قد تبيَّن ضَعفه واتَّضح أمره من الرواة؛ إذ العمدة في زماننا ليس على الرواة، بل على المحدِّثين والمقيِّدين، والذين عُرِفت عدالتهم وصدقهم في ضبْط أسماء السامعين، والحد الفاصل بين المتقدِّم والمتأخِّر هو رأس سنة ثلاثمائة.
• إذا علم أنه ليس كلُّ شخصٍ ينبغي أن يعرض على ميزان الجرح والتعديل، فكذلك ليس كل شخص مؤهلاً لأن يجرح ويعدل، بل لا بدَّ من توافر شروط اشترطها العلماء في الناقد للرجال: كالعلم، والتقوى، والورع، والصدق، وتجنُّب التعصُّب، ومعرفة أسباب الجرح والتزكية.
• قال الحافظ ابن حجر: "ينبغي ألاَّ يقبل الجرحُ والتعديل إلا من عدلٍ متيقِّظ، وقال أيضًا: إن صدر الجرح من غير عارف بالأسباب، لم يُعتبر به، وقال الشيخ اللكنوي: لا بدَّ للمزكِّي أن يكون عدلاً عارفًا بأسباب الجرح والتعديل، وأن يكون منصفًا ناصحًا، لا أن يكون متعصِّبًا ومعجبًا بنفسه؛ فإنه لا اعتداد بقول المتعصِّب.
• إذا عُلِم هذا كلُّه، فينبغي أن يعلَم أنه ليس كل جرح مقبولاً؛ إذ لا بدَّ أن يكون الجرح مفسَّرًا مبيَّنًا سببُه؛ وذلك لأن الناس مختلفون في أسباب الجرح، فيُطلِق أحدُهم الجرح بناءً على ما اعتقده جرحًا وليس من أسباب الجرح، فيُطلِق أحدهم الجرح بناءً على ما اعتقده جرحًا، وليس بجرح في نفس الأمر؛ نقل هذا الخطيب البغدادي عن الأئمة من حفَّاظ الحديث ونقَّاده؛ كالبخاري، وأبي داود، وصوَّبه الخطيب، واختاره ابن الصلاح والنووي.
• لكن اختار جمع أهل العلم أنه لا يجب ذكر السبب إذا كان الجارِح أو المعدِّل عالمًا بأسباب الجرح والتعديل، ومن هؤلاء: الحافظ ابن كثير، والعراقي، والبلقيني، والسخاوي.
• أما الحافظ ابن حجر، فقد اختار تفصيلاً حسنًا وهو: إن كان مَن جرح مجملاً، فقد وثَّقه أحد من أئمة هذا الشأن لم يقبل الجرح فيه من أحد كائنًا من كان إلا مُفسرًا؛ لأنه قد ثبَت له رتبة الثقة، فلا يُزَحزَح عنها إلا بأمر جَلِي، وإن خلا عن التعديل قبل الجرح فيه غير مفسَّر، إذا صدر من عارف؛ لأنه إذا لم يعدل - فهو في حيِّز المجهول، وإعمال قول الجارح فيه أولى من إهماله.
ويستثنى من ذلك: ما يكون الحامِل عليه التعصُّب المذهبي، أو كان الجارح أوثق من المجروح، كما يستثنى من ذلك: تجريح الأقران، وهذا التفصيل هو الذي تميل إليه النفس.
• إذا تقرَّر هذا، فالطعن في الراوي من ناحيتين:
الأولى: من حيث عدم عدالته.
الثانية: من حيث عدم ضبْطه.
أولاً: الطعن في العدالة:
أوجه الطعن المتعلِّقة بالعدالة خمسة:
1- الكذب.
2- التهمة بالكذب.
3- الفسق.
4- الجهالة.
5- البدعة.
1- الكذب:
والمقصود به هنا الكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يختَلِق حديثًا ويضعه من عنده على النبي - صلى الله عليه وسلم - يكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - وحديث الكاذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - يسمَّى "الحديث الموضوع"، والكذب في الاصطلاح: هو الإخبار عن الشيء على خلاف الواقع؛ سواء كان عمدًا، أو سهوًا، والسهو: يسمَّى خطأً، ولكن أيضًا يطلق عليه كذبًا، والقول المخالف للواقع يسمَّى كذبًا ولو كان سهوًا، والنبي - صلى الله عليه وسلم - حذَّر من الكذب عليه أشد التحذير؛ حيث إنه قال: ((مَن كَذَب عليَّ متعمدًا، فليتبوأ مقعده من النار)).
حُكم الكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم:
تشدَّد بعض أهل العلم في الحكم على مَن كذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - وقالوا: إنه كفر، وهذا قول أبي المعالي الجويني، نقله عن أبيه - الجويني - ولكن هذا القول فيه نوع من الشدَّة، ولكن الكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - كبيرة من الكبائر.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 152.80 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 149.25 كيلو بايت... تم توفير 3.55 كيلو بايت...بمعدل (2.32%)]