شرح الحديث الخامس عشر / الأربعين النووية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         وما أدراك ما ناشئة الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          كف الأذى عن المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          انشراح الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          فضل آية الكرسي وتفسيرها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          المسارعة في الخيرات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          أمة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          الصحبة وآدابها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          البلاغة والفصاحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          مختارات من كتاب " الكامل في التاريخ " لابن الأثير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          ماذا لو حضرت الأخلاق؟ وماذا لو غابت ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30-04-2009, 03:54 PM
الصورة الرمزية ام ايمن
ام ايمن ام ايمن غير متصل
مشرفة ملتقى السيرة وعلوم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Apr 2006
مكان الإقامة: العراق / الموصل
الجنس :
المشاركات: 2,056
افتراضي شرح الحديث الخامس عشر / الأربعين النووية

ألحديث الخامس عشر .


ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلا هادي له، واشهد ان لااله الا الله وان محمدا عبده ورسوله بلغ الامانة وادى الرسالة ونصح الامة وجاهد في الله حق جهاده ، اللهم صلى وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين

أما بعد : فإن أحسن الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وإن شر ألامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار





عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهُ: أنَّ رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال : "مَنْ كانَ يُؤمِنُ باللهِ والْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُل خَيْراً أَوْ لِيَصْمُتْ، ومَنْ كانَ يُؤمِنُ باللهِ والْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جارَهُ، ومَنْ كانَ يُؤمِنُ باللهِ والْيوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ". رواه البخاري ومسلم


هذا الحديث أصل في الآداب العامة، اذ ان جميع اداب الخير تتفرع منه, كالقول الحسن ورعاية حق الضيف والجار وهذه من خِصَال الإيمَان, ويدل على أن من صفات المؤمن بالله وباليوم الآخر، الذي يخاف الله ويتقيه، ويخاف ما يحصل له في اليوم الآخر، ويرجو أن يكون ناجيا في اليوم الآخر، أن من صفاته أنه يقول الخير أو يصمت.


ومن صفاته أنه يكرم الجار.


ومن صفاته أنه يكرم الضيف


قال الإمام أبو محمد ابن أبي زيد إمام المالكية بالمغرب في زمنه : جميع آداب الخير تتفرع من أربعة أحاديث: قول النبي صلى الله عليه وسلم ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت ). وقوله صلى الله عليه وسلم : ( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ) . وقوله صلى الله عليه وسلم : للذي اختصر له الوصية : ( لا تغضب ). وقوله : ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ).


"مَنْ كَانَ يُؤمِنُ" هذه جملة شرطية، جوابها: "فَليَقُلْ خَيْرَاً أَو لِيَصْمُتْ" ، والمقصود بهذه الصيغة الحث والإغراء على قول الخير أوالسكوت كأنه قال: إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر فقل الخير أو اسكت.



يدل هذا على انه لا يكمل الايمان, ولا ينفى ذلك اصل الإيمان اى من كان يؤمن إيمانا كاملا تاما بالله واليوم الآخر ، وقد جمع النبى - صلى الله عليه وسلم - بين الإيمان بالله واليوم الآخر ، لماذا ؟ لأن المصدر لهذه الأعمال هو الله - عزوجل - اى ان الله هو الذى امرنا ان نتصف او ان نفعل هذه الأفعال فالله سبحانه وتعالى هو مصدرالتشريع وان مآل هذه الأفعال هو اليوم الآخر.


( فليقل خيرا او ليصمت )


س : ما معنى الصمت ؟


ج : الصمت هو السكوت مع القدرة على النطق ، قال تعالى ( وقولوا قولا سديدا ) ، وقال ايضا ( ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد ) ، وقال صلى الله عليه وسلم " أمسك عليك لسانك.


وقدسأل معاذ النبي - صلى الله عليه وسلم - عن العمل الذي يدخله الجنة ويباعده من النار ، فأخبره النبي - صلى الله عليه وسلم - برأسه وعموده وذروة سنامه ، ثم قال :. أَلا أُخْبِرُكَ بِمِلاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟ قَالَ: بَلَى يَارَسُولَ اللهِ، فَأَخذَ بِلِسَانِ نَفْسِهِ وَقَالَ: كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا ، قَالَ: يَارَسُولَ اللهِ،وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ ؟ - الجملة استفهامية - قَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَامُعَاذُ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّار عَلَى وُجُوهِهِم، أَو قَالَ: "عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلسِنَتِهِمْ" قالالترمذي : حديثحسن صحيح


فدل على أن اللسان خطير ، إذا لم يكن تحركه في خير فإنه علينا لا لنا.


والمسلم مأمور بألا يتكلم إلا بالخير وأحسنه، قال جلَّ شأنه: «وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوًّا مبيناً»


فالكلام قد يكون سببا لإحباط العمل والحرمان من الجنه, فالمسلم عليه ان يفكر قبل ان يتكلم فإن كان خيرا تكلم به وان كان شرا صمت وامسك عنهلأن الإنسان محاسب على ما يتكلم به( ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد )فإذا لم يجد خيرا يقوله أن يختار الصمت؛ ، وقد قال -جل وعلا-: ( لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ).


ومن آداب الكلام ايضا الإمساك عن الكلام المحرم فى كل الأحوال والإمساك عن اللغو كالغيبه والنميمه ,وعدم الأكثارمن الكلام المباح لأنه قد يؤدي إلى الاستئناس بكلام مكروه أو كلام محرم كما هو مجرب في الواقع، فإن الذين يتوسعون في الكلام، ويكثرون منه في غير الثلاثة المذكورة في الآية قد يجرهم ذلك إلى أن يدخلوا في أمور محرمة من غيبة أو نميمة أو بهتان أو مداهنة، أو ما أشبه ذلك مما لا يحل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب وان ابعد الناس من الله القلب القاسى ) رواه الترمذي.


وأن الكلام ثلاثة أقسام: خير، وشر، ولغو.


فالخير: هو المطلوب. والشر: محرم، أي أن يقول الإنسان قولاً شراً سواء كان القول شراً في نفسه أو شراً فيما يترتب عليه.


واللغو: ما ليس فيه خير ولاشرّ فلا يحرم أن يقول الإنسان اللغو، ولكن الأفضل أن يسكت عنه.


ويقال: إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب، وكم كلمة ألقت في قلب صاحبها البلاء، والكلمة بيدك ما لم تخرج من لسانك، فإن خرجت من لسانك لم تملكها.


وإذا دار الأمر بين أن أسكت أو أتكلم فالمختار السكوت،لأن ذلك أسلم.


وقال الإمام الشافعى : إذا اراد الشخص ان يتكلم فعليه ان يفكر قبل كلامه .



وفي ( حلية الأولياء ) أن الإنسان ينبغي له أن لا يخرج من كلامه إلا ما يحتاج إليه ، كما أنه لا ينفق من كسبه إلا ما يحتاج إليه وقال : لو كنتم تشترون الكاغد للحفظة لسكتم عن كثير من الكلام . وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من فقه الرجل قلة كلامه فيما لا يعنيه ) وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( العافية في عشرة أجزاء : تسعة منها في الصمت إلاَّ عن ذكر الله تعالى عز وجل ) .ويقال : من سكت فسلم ، كمن قال فغنم .


ورأى إبراهيم بن أدهم رجلاً يتحدث بكلام لا يعنيه فوقف عليه وقال:يا رجل أهذا كلام ترجو منه الثواب؟ قال:لا فقال ابن أدهم:أفتأمن عليه العقاب؟ قال:لا فقال له:فعليك بذكر الله:ما تصنع بكلام لا ترجو منه ثوابًا ولا تأمن عليه عقابًا.


وقال مالك بن دينار: إذا رأيت قساوة في قلبك ووهنًا في بدنك وحرمانًا في رزقك فاعلم أنك تكلمت فيما لا يعنيك.


وقال لقمان لابنه: يا بني إذا افتخر الناس بحسن كلامهم فافتخر أنت بحسن صمتك… يا بني قد ندمت على الكلام ولم أندم على السكوت.


وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنهتُعرف خساسة المرء بكثرة كلامه فيما لا يعنيه وإخباره عما لا يسأل عنه)… وقيل أن الصمت على أربعة أنواع:


(صمت الجهلاء: وهو صمت الجهل) و(صمت الجبناء: وهو صمت الخوف والهلع) و(صمت الخبثاء: وهو صمت المكر والخديعة) و(صمت الحكماء:وهو صمت الروية والتعقل والأناة)…



روى الإمام أحمد في مسنده: عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "لا يستقيم إيمانُ عبدٍ حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه".


فإذن الإيمان بالله واليوم الآخر يحض على حفظ اللسان، وفي حفظ اللسان الإشارة لحفظ جميع الجوارح الأُخرى لأن حفظ اللسان أشد ذلك، وقد جاء في الحديث الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (من ضمن لي ما بين لَحيَيْهِ وما بين فخذيه ضمنت له الجنة ).




اذن يحثنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - فى هذا الحديث على اعظم خصال الخير وانفع اعمال البر فيبين لنا ان من كمال الإيمان وتمام الإسلام ان يتكلم المسلم فى الشئون التى تعود عليه بالنفع فى دنياه وآخرته ثم تعود على المجتمع بالخير والسعاده والهناء وان يلتزم جانب الصمت فى كل امر من شأنه ان يسبب الفساد او يسبب غضب الله - عزوجل .





وكان علقمة يقول : كم من كلام قد منعنيه حديث بلال بن الحارث.


نفهم من هذا الحديث ان اللسان له اهميه كبرى لما يترتب عليه من اثار خطيره فى الدنيا والأخره فقد يتكلم الإنسان بالكلمه فترفعه الى اعلى عليين والعكس قد تخفضه الى اسفل سافلين فى الدرك الأسفل من النار ويكون هذا فى الدنيا والآخره ،








فما الكلمة التي يرفعه الله بها درجات الى أعلى عليين؟؟



اولا : هى كلمة التوحيد ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) ، قال عنها صلى الله عليه وسلم عندما كان يدعو عمه ابو طالب قل لى كلمة احاج لك بها عند الله يا عم قل لا إله إلا الله ، فهذه الكلمه ترفع المسلم الى اعلى عليين .


ثانيا : قراءة كتاب الله وهذه ترفع درجات العبد فى الجنه فيقال لقارئ القرءان يوم القيامه اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل فى الدنيا فإن منزلتك عند آخر ايه تقراها .


ثالثا : الأذكار ، كثرة ذكر الله والدوام عليه .


رابعا : الدعاء حيث يرفعنا الدعاء الى اعلى عليين .


خامسا : الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر .


سادسا : الدعوة الى الله سبحانه وتعالى .


سابعا : ارشاد الضال والدلاله على الحق .



وما هى الكلمه التى يهوي بها في نار جهنم الى اسفل سافلين ؟



كلمة الشرك ، كلمة النفاق ، او المستهزئ الذى يستهزئ بالله وبآياته ورسوله ، سب الله - عزوجل - او سب رسوله ، شهادة الزور ، السباب والشتام ، قذف المحصنات الغافلات .


وعن عقبه بن عامررضى الله عنه قال قلت يا رسول الله ما النجاة ؟ قال " أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك "


وعن أم حبيبةزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : كل كلام ابن آدم عليه لا له إلاأمرا بمعروف أو نهيا عن منكر ، أو ذكر الله عز وجل، قال الترمذي : حديث حسن .



وقال صلى الله عليه وسلم (إذا أصبح ابن آدم فان الأعضاء كلها تكفر اللسان ـ أي تخضع له ـ فتقول: اتق الله فينا فإنما نحن بك فان استقمت استقمنا وان اعوججت اعوججنا).


وقال ابن مسعود: والذي لا إله غيره، ما على ظهر الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من لسان.


قال يحيى بن معاذ : " القلوب كالقدور تغلي بما فيها، وألسنتها مغارفها "



كما قال احد الشعراء :


احفظ لسانك ايها الإنسان ........... لا يلدغنك انه ثعبان


س : هل الإنسان إذا خطر بباله شئ وتكلم به فى خاطره فقط ولم ينطق به فهل يؤاخذه الله بذلك ؟


ج : قال العلماء ان الإنسان لا يؤاخذ بذلك لأن هذه الخاطره لم يعبر عنها بلسانه او لم يفعلها بجوارحه .


وللكلمه الطيبه اثر فى حياة الانسان كما ان للكلمه الخبيثه اثر ، فالكلمة الخبيثه مثل السباب والشتم والزور تؤثر على حياة الناس فقد يكرهه الناس ويقطعون العلاقه به وهذا من شر الناس وعلى العكس من يتكلم بالكلمه الطيبه إذا قابله الناس سلم وتكلم خيرا أو دعا بالخير أو دل على خير فهذا يحبه الناس .


( ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره )أي جاره في البيت، أوهو الملاصق أو في المتجر أو في الدكان أو المشارك في السوق، أو المقابل .وقد ورد أن الجار أربعون داراً من كل جانب ،وهذا في الوقت الحاضر صعب جداً. وكلما قرب الجار منا كان حقه أعظم .


في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أربعون داراً مساحتهم قليلة، لكن في عهدنا إذا قلنا إن الجار أربعون داراً والبيوت قصور صار فيها صعوبة، ولهذا نقول في زماننا هذا نرجع إلى العرف.


ان من كمال الإيمان وتمام الإسلام وصدق الإحسان إكرام الجار والبر به ، ووصلت العنايه بالجار والحرص على آداء حق الجار فى الإسلام ان الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يقول " ما زال جبريل يوصينى بالجار حتى ظننت انه سيورثه "


رأى طائفة من أهل العلم كأحمد في رواية، وكغيره أن إكرام الجار في هذا الحديث عام يدخل فيه إكرام الجار المسلم، وإكرام الجار الكافر. وقد كان -عليه الصلاة والسلام- ربما طها في بيته بعض اللحم فقال: (أرسلوا لجارنا اليهودي من مرقة هذا اللحم )وهذا في حق الجار الكافر.


وأطلق النبي صلى الله عليه وسلم الإكرام فقال: "فليُكْرِم جَارَهُ" ولم يقل مثلاً بإعطاء الدراهم أو الصدقة أو اللباس أو ما أشبه هذا، وكل شيء يأتي مطلقاً في الشريعة فإنه يرجع فيه إلى العرف. فتارة يكون إكرام الجار بأن نذهب إليه ونسلم عليه ونجلس عنده. وتارة يكون بأن ندعوه إلى البيت ونكرمه. وتارةبأن نهدي إليه الهدايا، فالمسألة راجعة إلى العرف .


وفي المنظومة الفقهية:


وكلُّ ما أتى ولم يحدد بالشرع كالحرز فبالعرف أحدد


فالإكرام إذاً ليس معيناً بل ما عدّه الناس إكراماً، ويختلف من جار إلى آخر، فجارنا الفقير ربما يكون إكرامه برغيف خبز، وجارنا الغني لايكفي هذا في إكرامه.



ومن وسائل الإحسان الى الجار والبر به قال تعالى فى كتابه العزيز ( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ ) الجار ذى القربى اى القريب منك فى الجوار والنسب ، اما الجار الجنب فهو الذى يجاورك قريب منك فى الجوار وبعيد فى النسب ، وقال صلى الله عليه وسلم " والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن " قيل يا رسول الله خاب وخسر من هو ؟ قال " من لا يأمن جاره بوائقه " قيل وما بوائقه؟ قال شره " والمعنى : اى لا يكمل ايمانه وخاب وخسر من لا يأمن جاره شروره .


وايذاء الجار ومن الكبائر التي يعظم إثمها ويشتد عقابها عند الله عز وجل.


وهو محرم في الأسلام وناتج عن خلل في الأيمان ونقص وقد يسبب الهلاك .


وقد قال رجل للرسول - صلى الله عليه وسلم - ان فلانه تذكر من كثرة صلاتها وصدقتها وصيامها غير انها تؤذى جيرانها بلسانها فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - " هى فى النار" ، قال يا رسول الله ان فلانه تذكر بقله صلاتها وصيامها وصدقتها غير انها كانت تتصدق بالأثوار ولا تؤذى جيرانها فقال صلى الله عليه وسلم " هى فى الجنه " ، والأثوار جمع ثور وهى القطعه من الأقط ( بما يتميز من محيض اللبن )


اسباب الإحسان الى الجار والبر به :-


من اسباب الإحسان الى الجار والبر به السلام والتحيه والسؤال عنه وعن احوال الإجتماعيه والماليه ، الهديه سواء كانت طعام او شراب او لباس او مال بما يناسب حاله ، زيارته بين فترة واخرى ، تقديم النصيحه اذا كان مقصر فى حق الله وهذه هى اعظم هديه ، والصبر على ما يأتى من أذى هذا الجار .



وللجار ثلاثة حقوق لأن الجار يكون على ثلاث حالات :-


- الجار اذا كان قريب فى النسب تكون له ثلاثة حقوق :-


1- حق القرابه 2- حق الإسلام 3- حق الجوار


- الجار اذا كان مسلم وليس قريب فى النسب فله حقان :-


1- حق الإسلام 2- حق الجوار


- الجار اذا كان كافر فله حق واحد فقط :-


1- حق الجوار



( ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ) الضيف هو النازل بك، كشخص مسافر نزل بك، فهذا ضيف يجب إكرامه بما يعد إكراماً.


س : كيف يكون اكرام الضيف ؟


ج : يكون بإطعامه وسقيه وايوائه ، وقيل ان اكرام الضيف يكون فى اليوم الأول بمنزله الواجب اما فى اليوم الثانى فإن اكرام الضيف والإحسان اليه بمنزله المستحب والثالث ايضا اما اليوم الرابع فيعتبر صدقه من الصدقات .


هل حق الضيافة واجب على المسلم أم مستحب ؟


ذهب الأمام أحمد رحمه الله إلى أنها واجبة يوماً وليلة، والجمهور على أن الضيافة مستحبة، ومن باب مَكَارِمِ الأخلاق، وليست بواجبة.


قال بعض أهل العلم - رحمهم الله -: إنما تجب الضيافة إذا كان في القرى أي المدن الصغيرة، وأما في الأمصار والمدن الكبيرة فلايجب، لأن هذه فيها مطاعم وفنادق يذهب إليها ولكن القرى الصغيرة يحتاج الإنسان إلى مكان يؤويه.


ومن آداب الضيافه ايضا ان يكون معه مبتسما - كريما - بشوشا وطيب الحديث معه والإثراء والمبادره بإحضار ما تيسر من الطعام ، وفى نفس الوقت على الضبف ألا يثقل على مضيفه ولا يزعجه ولا يشعره ان ما عنده ما يضيفه ، فالمسلم عليه ان يكون كما وصفه الرسول - صلى الله عليه وسلم - كالنخله تنفع بكل ما فيها ابتداء من ثمرتها الى سعفها الى خوصها فأينما حل يكون نافع للآخرين كهذه النخله نافع للناس وللآخرين وايجابى معهم حتى وان اذاه الناس ، فالنخله يرمونها الناس بالحجر ترميهم بالثمر والضيف من هؤلاء الناس الذى على المسلم ان يقدم له الخير.


وقد سئل الأوزاعي رحمه الله : " ما إكرام الضيف ؟ " ، قال : " طلاقة الوجه ، وطيب الكلام " .


وقال الشاعر :


وإني لطلق الوجه للمبتغي القــِرى وإن فنــائي للقــرى لرحيب
أضاحك ضيفي عند إنزال رحلـــه فيخـصب عنـدي والمحل جديب
وما الخصب للأضياف أن يُكثر القِرى ولكنـما وجه الكــريم خصيب





وقد كان الخليل ابراهيم - عليه السلام - يسمى ابا الضيفان بسبب حبه للضيف واكرامه له ويقال انه كان يمشى الميل والميلان يبحث عمن يأكل معه لشدة حرصه على اكرام الضيف وهذه الصفات اذا قام بها المسلم ستزيد الإيمان لأن الإيمان يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصى والسيئات .


فإذا التزم كل منا بهذه الآداب ستستقيم امورالناس وتتوحد الكلمة وتسود الألفه والمحبه والأحترام وتتحقق الألفة بين القلوب وتزول الأحقاد والضغائن وبالتالي ستستقيم امور المجتمع بالكامل ويحصل الأجتماع وتنعدم التفرقه.



فوائد الحديث


1- أن دين الإسلام دين الألفة والتقارب والتعارف بخلاف غيره.



.2- الحث على حفظ اللسان ووجوب السكوت إلا في الخير، لقوله: "مَنْ كَانَ يُؤمِنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ فَليَقُلْ خَيرَاً أو لِيَصمُتْ"


3- رعاية الإسلام للجوار والضيافة، فهذا يدل على كمال الإسلام وأنه متضمن للقيام بحقالله سبحانه وتعالى وبحق الناس.


4- وجوب إكرام الجار لقوله: "مَنْ كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ واليَومِ الآخِرِ فَليُكرِمْ جَارَهُ"


- 5وجوب إكرام الضيف بما يعد إكراماً، وذلك بأن تتلقاه ببشر وسرور،وبشاشة الوجه، وانطلاق الأسارير، والكرم باللسان يعني أن يضاف بألفاظ حسنة.



وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين


والصلاة والسلام على أشرف المرسلين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لااله الا أنت نستغفرك ونتوب اليك
__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 30-04-2009, 04:43 PM
الصورة الرمزية غفساوية
غفساوية غفساوية غير متصل
أستغفر الله
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
مكان الإقامة: بين الأبيض المتوسط والأطلسي
الجنس :
المشاركات: 11,032
افتراضي رد: شرح الحديث الخامس عشر / الأربعين النووية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عمل قيم
جزاك الله خيرا
اختي الكريمة
جعل ما تقدمينه في ميزان حسناتك
جزيت الفردوس
ووفقنا سبحانه لما يحب ويرضاه

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 30-04-2009, 05:35 PM
الصورة الرمزية اخت الاسلام
اخت الاسلام اخت الاسلام غير متصل
مشرفة الملتقى الاسلامي
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
مكان الإقامة: ارض الله
الجنس :
المشاركات: 6,045
الدولة : Morocco
افتراضي رد: شرح الحديث الخامس عشر / الأربعين النووية

غاليتي ام ايمن
بارك الله فيك وجعل ما تقدمينه في ميزان حسناتك
جزاك الله الفردوس غاليتي:


رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 89.55 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 86.95 كيلو بايت... تم توفير 2.60 كيلو بايت...بمعدل (2.91%)]